الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
[1]
قالت: وما ذاك؟ قال: «قد زوّجك أمير المؤمنين من الداعى الأوحد المظفر عمدة الخلافة، أمير الأمراء أبى حمير سبأ بن أحمد/ (110) بن المظفّر الصّليحى على ما حضر من المال، وهو مائة ألف دينار عينا، وخمسون ألفا من التحف والألطاف والطيب والكساء» ، فقالت: أما كتاب مولانا صلوات الله عليه، وأمره فأقول فيه: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[2]
ولا أقول فى أمر مولانا يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ
[3]
وأجابت إلى العقد، فأقبل سبأ فى جموع عظيمة إلى ذى جبلة، فتلقتهم من الضّيافات والعطايا الواسعة للناس، والنفقات على العساكر بما بهر سبأ، وصغّر قدر نفسه عنده، وأقام هو ومن معه على ذلك شهرا، ثم استأذنها فى الدخول عليها، فأذنت له، فقيل: إنه اجتمع بها ساعة واحدة، وقيل بعثت إليه بجارية تشبهها، وأصبح سائرا، فلم يجتمعا بعد ذلك، ومات سبأ، فأقامت الحرة للذبّ عن ملكها، والقيام بأمرها.
المفضّل بن أبى البركات بن الوليد الحميرى
وهو تربيتها، فعظم شأنه وعلت كلمته، وغزا تهامة مرارا، وكان إليه ولاية التّعكر [4] وبه ذخائر بنى الصليحى وأموالهم، وكان يتولاه من قبله رجل من الفقهاء فطلع إليه جماعة من الفقهاء السّنّية من المخلاف، فحسنوا له الخلاف، فخالف على المفضل، واستولى على الحصن وما فيه من الذخائر، فجاء المفضل، وحصره أشد حصار، فقال بعض الفقهاء: والله لا بت حتى أقتل المفضل، فعمد إلى حظايا المفضل اللواتى يميل إليهن،/ (111) فألبسهن فاخر الحلى والحلل، وأطلعهن أسطح القصور، فضربن بالدفوف والمعازف بحيث يراهن المفضل وجميع عسكره، وكان المفضل أشد الناس غيرة، فمات
[1] سورة الأحزاب آية 36.
[2]
سورة النمل آية 27، 28.
[3]
سورة النمل الآية 32.
[4]
فى مراصد الاطلاع 1/265 ضبطه بضم الكاف وقال: قلعة حصينة باليمن فى مخلاف جعفر مطلة على ذى جبلة ليس فى اليمن قلعة أحصن منها. وفى ابن المجاور (صفة بلاد اليمن) والواسعى (تاريخ اليمن) ضبطت بفتح الكاف.
من ليلته كمدا وقيل: امتص خاتما فأصبح/ ميتا والخاتم فى فمه، فعند ذلك طلعت الحرة من ذى جبلة، فخيمت بالرّبادى، وكاتبت الفقهاء ولا طفتهم، وكتبت لهم خطها بما اقترحوه من أمان وأموال، وتسلمت الحصن فولته أحد مواليها.
وقدم على أثر ذلك على بن أحمد [1] المعروف بابن نجيب الدولة رسولا من قبل الخليفة بمصر إلى الحرة، وكان عاقلا حسن التدبير فقام بأمر الحرة، وغزا أهل الأطراف، فاستقر أمره، واشتدت شوكته، واستخدم أربعمائة فارس من همدان وغيرهم من عرب اليمن، فقوى بهم، وغزا ملوك زبيد، ولم تزل أموره مستقيمة حتى بلغ الحرة عنه أنه قال: إنها قد خرفت ولا تصلح لتدبير الملك، فتنكرت له، وأغرت به ملوك اليمن، وكانوا تحت طاعتها كعمران اليامى، وعمرو الجنبى، وكل منهما يسير فى ألف فارس، فحصروه حتى جهد، فلما اشتد به الحصار فرقت الحرة عشرة آلاف دينار مصرية، وأشاعت فى الناس أنها من ابن نجيب الدولة، فطلبت العساكر من ملوكها الأموال والأرزاق، فغالطوهم فارتحلوا، وتفرق الناس، فقيل لابن نجيب الدولة: هذا من تدبير التى قلت إنها قد خرفت، فركب إليها إلى ذى جبلة، فاعتذر إليها.
ثم قدم رسول/ (112) من الديار المصرية، فلم يحتفل به ابن نجيب الدولة، فشق عليه ذلك، والتحق به أعداء ابن نجيب الدولة، فقال لهم: اكتبوا على يدى كتابا «أنه دعاكم إلى البيعة لنزار [2] ، واضربوا سكة نزار، وأنا أوصلها إلى الخليفة الآمر [3] بأحكام الله» ففعلوا ذلك وفعل، فبعث الآمر أميرا، فقبض عليه، وسيره إلى مصر، فأرسلت الحرة إلى مصر رسولا، فشفع فيه، فلما توسطوا البحر غرّقهم الموكّلون بهم بمواطأة ذلك الأمير، وانتقلت الدعوة إلى آل زريع.
[1] فى ابن المجاور (صفة بلاد اليمن ص 122)«على بن إبراهيم بن نجيب الدولة» .
[2]
أبو منصور نزار بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم، أخو المستعلى، وعم الآمر بأحكام الله بن المستعلى، وانظر المصدر السابق ص 146.
[3]
فى «ك» الحاكم بأمر الله، وهو خطأ من الناسخ، لأن الحاكم مات سنة 411 هـ أما الآمر فهو المعاصر لهذا التاريخ، لأنه قتل سنة 524 وما أثبتناه من «أ» 112 وانظر زامباور (معجم الأنساب 1/145) ..