الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
في شروط الخبر المتواتر
، وهي شروط ترجع إلى المخبرين، وإلى السامعين وكل واحد منها إما متفق عليه، وإما مختلف فيه:
فأما ما يرجع إلى المخبرين وهو متفق عليه فأمور:
أحدها: أن يكونوا عالمين بما أخبروا به غير مجازفين به ولا ظانين.
وثانيها: أن يكون ذلك العلم ضروريا مستفادا من الحس؛ لأن ما لا يكون كذلك يجوز دخول الغلظ والالتباس فيه لا جرم لا يحصل العلم به.
وقال إمام الحرمين: "لا وجه لاشتراط الحس بل يكفي فيه العلم الضروري، فقد يخبرون عن ما علموه بالقرائن، وإليه ميل الإمام، إذ لم يشترط في ذلك سوى أنهم يعلمونه على سبيل الاضطرار".
وما ذكره راجع إلى الحس أيضا؛ لأن القرائن التي تفيد العلم الضروري مستندة إلى الحس؛ ضرورة أنها لا تخلو عن أن تكون حالية، أو مقالية، وهما محسوستان.
وأما القرائن العقلية فهي نظرية لا محالة؛ إذ لا يتصور التواتر فيما علم بالقرائن البديهية والنظرية وهي لا تفيد إلا علماً نظرياً.
وثالثها: أن يكونوا بالغين في الكثرة إلى حد يمتنع معه تواطؤهم على الكذب.
وهذه الأمور الثلاثة لا بد منها سواء أخبر المخبرون عن مشاهدة، أو لا عن مشاهدة بل عن سماع من آخرين.
فأما إذا حصلت الوسائط فيعتبر شرط رابع وهو: استواء الطرفين والواسطة فيما ذكرنا من الأمور الثلاثة.
وأما ما يرج إلى السامعين وهو متفق عليه فهو أن السامع غير عالم بما أخبر به اضطرارا؛ لأن تحصيل الحاصل محال، وكذا تحصيل تقويته محال؛ لأن العلم الضروري يستحيل أن يصير أقوى مما كان.
ثم الطريق إلى العلم بتكامل هذه الشروط إنما هو حصول العلم بالمخبر عنه، فإن حصل العلم به علم وجود هذه الشرائط، وإن لم يحصل علم اختلالها وهذا على رأي الجماهير.
فأما من يقول: أن العلم الحاصل عقيب التواتر نظري فلا يتجه هذا، بل يجب أن يكون العلم بحصول هذه الشرائط حاصلا عنده أولا حتى يحصل العلم بالمخبر عنه؛ ضرورة أنه مستفاد منها، وهذا أيضا يضعف القول بأنه نظري، ضرورة تعذر العلم بهذه الشرائط أولا في الأمور التي كثرت الوسائط فيها، فإن الواحد منا يعلم بوجود الوقائع المتقدمة / (60/أ) من غير أن يسمع ممن سمع منه إن سمع من جميع لا يمكن تواطؤهم على الكذب، وأنه سمع من الآخرين شأنهم ما ذكرناه إلى أن ينتهي إلى الذين شاهدوا ذلك