المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٧

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الثالث عشرالكلام في الأخبار

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة الخبر وحده

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أن الخبر لا يخلو عن كونه صدقا، أو كذبا

- ‌الفصل الأول"في الخبر الذي يقطع بصدقه

- ‌القسم الأولفي التواتر

- ‌المسألة الأولىفي معنى التواتر لغة واصطلاحا:

- ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

- ‌المسألة الرابعةاستدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين

- ‌المسألة الخامسةفي شروط الخبر المتواتر

- ‌المسألة السادسةقد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا

- ‌المسألة السابعةلا يعتبر في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد

- ‌المسألة الثامنةلا يشترط فيهم أن يكونوا مختلفي الأديان، والأنساب، والأوطان

- ‌المسألة التاسعةلا يشترط أن يكون فيهم معصوم خلافا للشيعة ولابن الراوندي

- ‌المسألة العاشرةلا يشترط في السامعين أن لا يكونوا على اعتقاد نفي موجب الخبر لشبهة، أو تقليد

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أنه هل يجب اطراد حصول العلم بالنسبة إلى سائر الأشخاص بإخبار عدد التواتر الذي حصل العلم بخبرهم عن واقعة بالنسبة إلى شخص أم لا

- ‌المسألة الثانية عشرةفي التواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني من هذا الفصل

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا

- ‌المسألة الثانيةإذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون

- ‌المسألة الثالثةإذا أخبر واحد بين يدي الرسول عليه السلام، وسكت الرسول عليه السلام عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا

- ‌المسألة الرابعةاجماع الأمة على موجب خبر لا يدل على القطع بصدقه

- ‌المسألة الخامسةقال بعض الشيعة:بقاء النقل، مع توافر الدواعي على إبطاله يدل على صحته قطعا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في أن شطر الأمة إذا قبل الحديث وعمل بمقتضاه، أو احتج به في مسألة علمية، والشطر الآخر اشتغل بتأويله هل يدل ذلك على صحته على وجه القطع

- ‌الفصل / (69/أ) الثانيمن كتاب الأخبار

- ‌المسألة الأولىالخبر الذي يكون على خلاف ما علم وجوده بالضرورة

- ‌المسألة الثانيةالواحد إذا انفرد بنقل ما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله؛ إما لتعلق الدين به: كأصول الشرع، أو لغرابته: كسقوط المؤذن من المنارة بمشهد الجمع العظيم والجم الغفير، أولهما جميعا: كالمعجزات، ولم ينقله الباقون فهو أيضا مما يقطع بكذبه عند الج

- ‌المسألة الثالثةالخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب

- ‌المسألة الرابعةفي أن الأخبار المروية عنه عليه السلام بالآحاد قد وقع فيها ما يقطع بكذبه

- ‌الفصل الثالثفي الخبر الذي لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌القسم الأول

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة خبر الواحد:

- ‌المسألة/ الثانية: (73/أ)خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم عند جماهير العلماء خلافا لبعض أصحاب الحديث

- ‌المسألة الثالثةذهب الأكثرون في أنه يجوز ورود التعبد بخبر الواحد عقلا، خلافا لجماعة من المتكلمين

- ‌المسألة / (76/أ) الرابعةالقائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا اختلفوا في ورود التعبد به

- ‌القسم الثانيفي شرائط وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌الصنف الأول"في الشرائط المتفق عليها

- ‌المسألة الأولىيشترط أن يكون الراوي مكلفا

- ‌المسألة الثانيةإذا كان صبيا عند التحمل، بالغا عند الرواية، متصفا بالشرائط المعتبرة في غيره عند الرواية فإنها تقبل

- ‌المسألة الثالثةيشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا

- ‌المسألة الرابعةيشترط أن يكون الراوي عدلا

- ‌المسألة الخامسةالفاسق الذي ترد روايته وفاقا إنما هو الفاسق الذي يعلم فسقه، فأما الذي لا يعلم فسقه: فإن كان فسقه مظنونا قبلت روايته

- ‌المسألة السادسةيشترط أن يكون الراوي ضابطا لما سمعه، فرواية المغفل الذي لا يضبط حالة السماع، والذي يضبط فيها لكن يغلب عليه السهو والنسيان بعدها، والذي يتساوى فيه احتمال الذكر والسهو والنسيان غير مقبولة

- ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

- ‌خاتمة لهذا الصنف

- ‌المسألة الأولى"اختلفوا في اعتبار العدد في المزكى والجارح على ثلاثة أقوال:

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أنه هل يشترط ذكر سبب الجرح والتعديل في قبولهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةفي أن الجرح هل يقدم على التعديل أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي مراتب التعديل

- ‌المسألة الخامسةترك الحكم بشهادته، وترك العمل بروايته ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق، وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته

- ‌المسألة السادسةفي تعديل الصحابة

- ‌الصنف الثاني

- ‌المسألة الأولىمذهب الأكثرين أنه لا يشترط العدد في الراوي بل يقبل خبر الواحد العدل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الراوي أن يكون معروف النسب

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط/ كون الراوي فقيها

- ‌المسألة الرابعةالراوي إذا عرف منه التساهل في حديث الرسول فلا خلاف في أنه لا تقبل روايته

- ‌المسألة الخامسةلا يشترط أن يكون عالما بالعربية، وبمعنى الخبر

- ‌المسألة السادسةليس من شرط الراوي أن يكون مكثرا لسماع الحديث، ومكثرا للرواية ومشهورا بمجالسة المحدثين ومخالطتهم

- ‌المسألة السابعةراوي الأصل إذا لم يقبل الحديث وأنكر الرواية [عنه] هل يقدح ذلك في رواية الفرع أم لا

- ‌القسم الثالث"فيما اختلف فيه في رد خبر الواحد

- ‌المسألة الأولىاعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا

- ‌المسألة الثانيةإذا روي عن الرسول عليه السلام: أنه فعل فعلا يخالف موجب خبر الواحد:فإن لم يكن لفظ الخبر متناولا له عليه السلام، ولا قامت الدلالة على أن حكمه وحكمنا فيه سواء لم يكن بينهما تناف فلا يرد به الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةإذا انفرد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة، هل يوجب ذلك رد الزيادة [أم لا]

- ‌المسألة الخامسةإذا وجد خبر الواحد مخصصا أو مقيدا لعموم الكتاب، أو السنة المتواترة أو إطلاقه، ولم يعلم مقارنته له ولا تراخيه عنه هل يقبل أم لا

- ‌المسألة السادسةالراوي إذا خالف ظاهر الحديث لم يقدح ذلك في وجوب الأخذ بظاهر الحديث عندنا وعند كثير من العلماء، وهو اختيار الكرخي

- ‌المسألة السابعةإذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله

- ‌المسألة الثامنةيجوز للراوي أن ينقل الخبر بالمعنى

- ‌المسألة التاسعةالراوي إذا أراد نقل بعض الخبر وترك البعض الآخر، هل يجوز له ذلك أم لا

- ‌المسألة العاشرةالمرسل هل هو مقبول أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرةفي التدليس

- ‌القسم الرابع"في مسند الراوي وكيفية روايته

- ‌النوع الرابع عشرالكلام في القياس

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى القياس بحسب اللغة، وبحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةفي تعريف الأصل والفرع

- ‌المسألة الثالثةاعلم أنا إذا علمنا أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا، وعلمنا حصول ذلك الوصف مع جميع ما يعتبر في اقتضائه لذلك الحكم في صورة النزاع علمنا حصول مثل ذلك الحكم في صورة النزاع، فهذا النوع من القياس مما لا نزاع فيه بين العقلاء بل الكل أطبقوا

- ‌الباب الأولفي بيان أن القياس حجة في الشرعيات

- ‌المسألة الثانيةفي إثبات جواز التعبد به عقلً

- ‌المسألة الثالثةفي أنه لا يجب وقوع التعبد بالقياس عقلًا

- ‌المسالة الرابعةفي أن التعبد بالقياس واقع سمعًا

- ‌المسألة الرابعةالنص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس

- ‌المسألة الخامسةالمسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنصوص عليه

- ‌الباب الثانيفي الركن الأول من أركان القياس وهو الأصل

- ‌المسألة الأولىفي شرائط الأصل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز القياس عليه

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع على أن حكمه معلل

- ‌الباب الثالثفي الركن الثاني وهو الحكم

- ‌المسألة الأولىفي شرطه

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أن النفي الأصلي هل يعرف بالقياس أم لا

- ‌المسألة الثالثةذهب أصحابنا إلى أن القياس يجري في أسباب الأحكام كما يجري في الأحكام خلافًا للحنفية

- ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الخامسةذهب أصحابنا إلى أنه يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس خلافًا للحنفية والجبائي من المعتزلة

- ‌المسألة السادسةالأمور العادية والخلقية: كأقل الحيض وأكثره، وأقل مدة الحمل وأكثره لا يجوز إثباته بالقياس

- ‌المسألة السابعةيجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص

- ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

الفصل: ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

‌المسألة الثامنة

قد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

، لإجماع القائلين بالقياس على أنه ليس بمباح متساوي الفعل والترك، والواجب إما واجب على العين، أو على الكفاية.

ولا شك أنه ليس بواجب على العين على كل المكلفين بل على بعضهم وهو من نزل به الواقعة من المجتهدين ولم يجد فيها نصًا ولا إجماعًا، فإنه يتعين عليه الاجتهاد [إذ لا يجوز له ان يقلد الغير، أو نزلت بمكلف ولم يوجد هناك مجتهد إلا واحد فإنه يتعين عليه الاجتهاد].

وأما وجوبه على الكفاية فهو بالنسبة إلى المجتهدين عند نزول الواقعة بشخص دون غيرهم من سائر المكلفين، فإنه لو ترك الكل لأثموا دون غيرهم من المكلفين.

وأما ندبيته فهو أيضًا بالنسبة إليهم لكن قبل نزول الواقعة [ليكون حاضر الجواب عند نزول الواقعة].

وهل يصف بكونه دينًا لله تعالى؟

اختلفوا فيه:

فوصفه به بعضهم كالقاضي عبد الجبار.

ص: 3233

وأنكره بعضهم كأبي الهذيل.

وفصل بعضهم كالجبائي بين ما إذا كان واجبًا، وبين ما إذا كان ندبًا فوصفه بذلك فيما إذا كان واجبًا دون ما إذا كان ندبًا.

والحق: أنه إن عنى بكونه دينًا لله أن اعتقاد التعبد به معتبر في تحقق الدين كما في الأركان الخمسة، وكما في النصوص حتى يكفر منكروه، فإن ما يكون شأنه ذلك يوصف بكونه دينًا كما في قوله تعالى:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله} إلى قوله: {وذلك دين القيمة} فالقياس ليس بدين؛ إذ لا يكفر منكروه، وإن عنى به ما يكون مشروعًا في الدين فإن غير المشروع يقال: إنه ليس من الدين كما في قوله عليه السلام: (من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد عليه) فالقياس يوصف بكونه دينًا مطلقًا.

ص: 3234

خاتمة

ذهب الأكثرون إلى صحة القياس في العقليات، وأنكره الغلاة من الحشوية والظاهرية، ومنكروا النظر.

ومنه نوع يسمى إلحاق الغائب بالشاهد، وبناء الغائب على الشاهد وما يجرى مجراهما.

واتفق القائلون به على أنه لا بد فيه من جامع عقلي، وإلا لكان الجمع تحكمًا محضًا فكان باطلًا، وهو كقياس أهل البدع والضلال نحو

ص: 3235

المشبهة فإنهم قالوا: فاعل فوجب أن يكون على شكل وصورة كما في الشاهد.

ونحو الدهرية فإنهم قالوا: لا نعقل في الشاهد موجودًا ليس/ (164 / أ) في الجهة ولا في الحيز، ولا في داخل العالم ولا في خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا يناسب موجودًا ألبتة فوجب أن يكون في الغائب كذلك، فهذان القياسان وأمثالهما من أقيستهم خالية عن الجامع ثم حصروا الجامع في العلة، والحقيقة والشرط، والدليل.

أما الجمع بالعلة: فكقول أصحابنا: كون العالم عالمًا في الشاهد معلل بالعلم فوجب أن [يكون] في الغائب كذلك.

واعترض عليه بانه غير مطابق؛ لأن هذا جمع بالمعلول لا بالعلة فإنه جمع فيه بين الشاهد والغائب بكونه عالمًا، وهو معلول العلم لا علته.

والمثال المطابق له أن يقال على رأى أصحابنا: أن كون الشيء يصح أن يكون مرئيًا في الشاهد معلل بالوجود فكذا في الغائب.

وأما الجمع بالحقيقة فكقول أصحابنا: حقيقة العالم في الشاهد من له العلم فوجب أن يكون في الغائب كذلك.

ص: 3236

[وأما الجمع بالشرط فهو أيضًا كقولهم: العلم في الشاهد مشروط بالحياة، فوجب أن يكون في الغائب كذلك].

واعترض عليه: بأن هذا جمع بالمشروط لا بالشرط، فإن كونه عالماً وهو الذي وقع به الجمع مشروط لا شرط.

والمثال المطابق لذلك كقول المعتزلة: شرط صحة كون الشيء مرئيًا في الشاهد أن يكون مقابلًا وفي حكم المقابل، فوجب أن يكون في الغائب كذلك.

وأما الجمع بالدليل فهو كقول أصحابنا والمعتزلة ملي الفلاسفة: الإتقان والتخصيص يدلان على العلم والإرادة في الشاهد فكذا في الغائب.

ثم المحققون على أن هذا القياس ظني غير مفيد للقطع في الأكثر.

وقال إمام الحرمين: "إنه باطل، واستدل عليه بأن الإلحاق إن لم يكن بجامع كان تحكمًا محضًا كما ذكر فكان باطلًا، وإن كان لجامع فلا شك أن الجمع بالعلة والحقيقة أقوى من الجمع بالأخرين وهما باطلان؛ لأن الجمع بهما مبني على القول بالحال وهو باطل".

وقال الإمام: "الجمع بالعلة أقوى من الكل وهو غير مفيد للقطع؛ لأن إفادته للقطع متوقف على حصول القطع لنا بأن الحكم في الأصل ثبت لعلة كذا، وأن تلك العلة بتمامها حاصلة في صورة كذا لأنهما مقدمتا القياس،

ص: 3237

فإذا لم يكونا قطعيتين استحال حصول القطع بالنتيجة، وعند حصول القطع بهاتين المقدمتين يحصل القطع بالنتيجة؛ لأن المعنى من حصول العلة بتمامها أن لك ما لا بد منه في ثبوت الحكم بتلك العلة حاصل فلو لم يحصل القطع بثبوت الحكم في تلك الصورة لكان ذلك لاحتمال تخلف الحكم عنها في تلك الصورة لكن ذلك باطل؛ لأن ذلك يقتضي ترجيح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو ممتنع؛ لأن استلزام تلك العلة للحكم في الأصل دون الفرع مع أنه لم يختلف حالهما في الصورتين لا بحسب انضمام شيء إليه، ولا بحسب زوال شيء عنه ترجيح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح لكن حصول القطع بهاتين المقدمتين أمر صعب؛ لأنا وإن بينا أن الحاصل في الفرع مثل الحاصل في الاصل لكن المثلان لابد وأن يتغايرا بالتعين والهوية وإلا فهذا غير ذاك، وذاك غير [هذا] فيكون كل واحد منهما غير الأخر فالاثنان واحد هذا خلف، وإذا حصل التغاير بالتعين والهوية فلعل ذلك التعين في أحد الجانبين جزء العلة أو شرط العلة، وفي الجانب الآخر يكون مانعًا من العلية ومع هذا الاحتمال لا يحصل القطع بحصول تمام العلة في الفرع على التفسير المذكور، نعم لو قامت الدلالة القاطعة على أن ما به الامتياز لا مدخل له في اقتضاء العلة للحكم حصل القطع بثبوت الحكم لكن لا يكاد يوجد ذلك في العقليات الحقيقية التي لا تختلف باختلاف تفسير اللفظ، نحو قول القائل: العالم في الشاهد من له العلم فكذا في الغائب؛ لأنا لا نعني بالعالم إلا من له العلم، ومعلوم أن هذا لا يختلف موجبه بحسب الواجب والممكن.

ثم القائلون به ذكروا في تعيين العلة طرقًا:

ص: 3238

أولها وهو أقواها: الدوران الذهني، وإن لم يكن خارجيًا كقولهم: متى عرفنا كون التكليف تكليفًا بالمحال عرفنا قبحه وإن لم نعرف شيئًا آخر، ومتى لم نعرف ذلك لم نعرف قبحه وإن عرفنا سائر صفاته، فإذن العلم بالقبح دائر مع العلم بكونه تكليفًا بالمحال في الذهن، فهذا الدوران الذهني يفيد الجزم بأن المؤثر في القبح ليس إلا تعيين كونه تكليفًا بالمحال لا غير.

وهو ضعيف؛ لأنا لا نسلم أنه لما لزم من العلم به العلم بقبحه ومن عدم العلم به وإن علمنا سائر صفاته عدم العلم بقبحه لزم أن يكون المؤثر في القبح إنما هو كونه تكليفًا بالمحال وما الدليل عليه فإنه ليس العلم به بديهيًا لحصول التفاوت بينه وبين سائر البديهيات بل يكون نظريًا وحينئذ يحتاج إلى الدليل.

سلمنا قيام الدلالة عليه لكن المقدمة الأولى منقوضة بالإضافات [فإنا متى علمنا كون الشخص أبا علمنا كون شخص آخر ابنًا له] ومتى علمنا كون الشخص ابنًا علمنا كون شخص آخر ابًا له مع أنه يستحيل أن يكون احدهما/ (165/ أ) علة للآخر فإن المضافين معًا والعلة يجب أن تكون قبل المعلول، والمقدمة الثانية مقيدة بقيد يتعذر حصول القطع به، لأنه لا يمكن القطع بها إلا إذا عرفنا سائر صفاته فإن بتقدير أن يكون بعض صفاته غير معلوم لنا لم يكن القطع معه بأن العلم بسائر صفاته [فإن بتقدير أن يكون بعض صفاته] غير كونه تكليفًا بالمحال لم يستلزم العلم بقبحه لجواز أن يكون العلم بذلك البعض يستلزم العلم بقبحه لكن لا يمكننا القطع بذلك لجواز أن يكون له صفات لا نعرفها.

سلمنا ذلك لكن لا نسلم أن ذلك يدل على عدم علية تلك الصفات وما

ص: 3239

الدليل عليه.

فإن قلت: لأن العلم بالعلة علة العلم بالمعلول فكل شيء لا يستلزم العلم به بشيء آخر لا يكون ذلك الشيء علة له.

قلت: في هذا نظر عرف في موضعه.

وثانيها: الدوران الخارجي وقد عرفت فيما تقدم انه لا يفيد إلا الظن.

وثالثها: التقسيم المنتشر، فإذا قيل لهم لم لا يجوز أن تكون العلة أمرًا آخر غير ما ذكرتم؟

قالوا: اجتهدنا في طلبه وبالغنا في فحصه فما وجدناه، وعدم الوجدان بعد البحث الشديد والفحص البليغ يدل على عدم الوجود كالمبصر إذا طلب شيئًا في الدار ونظر إلى جميع جوانبها في النهار فلم يجده فإنه يقطع بعدم وجوده فيها.

وهذا ضعيف جدًا؛ أما أولًا: فلأن عدم الوحدان لا يدل على العدم إذ رب موجود ما وجدناه بعد البحث والاستقصاء التام.

والقياس على الصورة المذكورة قياس من غير جامع وبتقدير تحققه فهو إثبات للقياس بالقياس وهو باطل، وبتقدير صحته فالفرق ظاهر جدًا وهو أن جوانب الدار محصورة مضبوطة فإذا طلب فيها مع الإمعان فلم يجده فربما يقطع بعدم الوجود بخلاف نظر العقل فإنه في غير محصور ومضبوط فلا يحصل له القطع بعدم الوجود.

فإن قلت: فالمسألة المنظور فيها أيضًا محصورة مضبوطة؟

قلت: ما لها من الصفات الصالحة للعلية غير محصورة ولا مضبوطة فلم يفد ضبط أصل المسألة.

ص: 3240