الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوابه: أنه إن عنى بقوله: "كل خبر محتف بالقرائن" كل خبر من أنواع الأخبار المحتف بالقرائن من كل نوع من أنواع القرائن، فالملازمة ممنوعة، والقياس على الخبر المتواتر غير مفيد؛ لأنه إن عنى بالخبر المتواتر ما يرويه أهل التواتر فالحكم فيه ممنوع، إذ ليس كل خبر يرويه أهل التواتر يفيد العلم، وإن عنى به ما يفيد العلم فليس هو على وزان ما نحن فيه.
وسادسها: أن الخبر المحتف بالقرائن لو أفاد العلم فلو فرض خبر آخر مضاد له محتف بالقرائن فإن أفاد لزم اجتماع الضدين، وإن أفاد أحدهما دون الآخر لزم الترجيح من غير مرجح.
وجوابه: أنه فرض محال، فإنه مهما أفاد خبر محتف بالقرائن العلم استحال أن يوجد خبر آخر محتف بالقرائن التي تفيد العلم مضاد له كما سبق في التواتر.
المسألة الثانية
إذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون
.
احتج الأولون بأن سكوت الجماعة عن التكذيب لو لم يكن دليلا على الصدق لكان سكوتهم عنه لا يخلو إما أن يكون مع علمهم بكذبه، أو لا مع علمهم بكذبه والقسمان باطلان، فبطل أن لا يكون دليلا على الصدق.
أما بطلان القسم الأول، فلأن الداعي إلى التكذيب حاصل؛ لأن من سمع كذبا ظاهرا، وبهتا صريحا، وأراد الصبر عن تكذيبه فإنه يجد من نفسه مشقة على ذلك الصبر، لا سيما حيث يكون السكوت مغلبا لظن الصدق، وجاريا مجرى الشهادة عليه، والمانع منه زائل؛ لأن ذلك المانع إما رغبة أو رهبة، والجمع العظيم لا يعمهم من الرغبة والرهبة ما يحملهم على كتمان ما يعلمونه، لا من غير السلطان وهو ظاهر ولا منه لما سبق في الاستدلال على صدق خبر التواتر، وبتقدير أن يتصور ذلك منه لكن ليس النزاع محصورا في خبره بل لا فرق عند الخصم بين خبره وخبر غيره في أنه لا يفيد، فإذا ثبت ذلك بالنسبة إلى خبر غيره وجب أن يثبت بالنسبة إلى خبره؛ إذ لا قائل بالفصل بل بالطريق الأولى؛ لأن احتراز الأكابر عن الكذب أولى لما أنه يزرى بهم، ولأننا نفرض الكلام فيما ليس المانع من التكذيب موجودا، أو إذا كان الداعي إلى التكذيب حاصلا والمانع منه زائلا وجب أن يحصل التكذيب وإلا لزم تخلف المسبب عن السبب التام وهو ممتنع.
وأما بطلان القسم الثاني؛ فلأنه يمتنع عادة، أن لا يطلع واحد منهم على كذبه. وإذا بطل القسمان وجب أن يكون دليلا على الصدق.
أجاب الآخرون عنه: بأن مقصودهم من هذا الكلام إن كان إثبات غلبة الظن بصدقه فهو حق، وإن كان المقصود منه القطع فهو باطل؛ لأنه لا امتناع في أن لا يكون لهم اطلاع على تلك القضية، ولا نسلم أن العادة تحيل هذا بالنسبة إلى كل جمع، وكل قضية؛ وهذا لأنه لا امتناع في أن يغفل سكان أحد شقي المدينة عما وقع في شق الآخر من الأمور التي لا يحتفل به فكيف الجمع العظيم الحاضرون في مجلس واحد.
سلمنا امتناع ذهول الكل، لكن العادة لا توجب علم الكل فلعل البعض منهم نحو الواحد والاثنين يعلم ذلك، وسكوت مثل هذا البعض عن