الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: أن يكون ذلك بطريق التفسير للفظه فها هنا لا نعرف خلافا أن تفسيره أولى، ولا يتجه فيه خلاف.
وثانيهما: أن يكون ذلك بطريق النظر والاجتهاد منه، فها هنا يحتمل أن يقال: أنه يجب اتباعه؛ لأن الظاهر من حال الرسول أن لا ينطق باللفظ المحتمل لمعنيين أو أكثر لتعريف الأحكام، وبيان الشريعة، إلا وقد ضم إليه ما بين المقصود منه من القرائن الحالية، أو المقالية، والظاهر من حال الراوي فهمه وابتاعه.
ويحتمل أن يقال: أنه لا يجب اتباعه؛ لأنه يجوز أن يكون قد ذهب إليه لاجتهاده ونظره، وهو ليس بحجة على غيره من المجتهدين وهذا إذا انقدح لحمله على ذلك المحمل وجه الاجتهاد والنظر، فأما إذا لم ينقدح ذلك وجب اتباعه لا محالة كما في صورة التفسير.
المسألة السابعة
إذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله
؛ لأنه لا يمتنع أن يكون الرسول عليه السلام قاله واقتصر به على آحاد الناس، بناء على الدليل القاطع.
وإن لم يكن في الأدلة القاطعة ما يدل عليه وجب رده، سواء اقتضى مع العلم عملا، أو لا يقتضيه؛ لأنه لما كان التكليف فيه بالعلم، مع أنه ليس له صلاحية إفادة العلم: كان ذلك تكليفا بما لا يطاق، لكن لا يقطع بكذبه؛ لاحتمال أن يقال: إنه عليه السلام قصد بذلك إيجاب العلم على من شافهه، دون غيره، وهو جائز غير ممتنع.
فأما إذا اقتضى العمل فهو مقبول عندنا، سواء كان مما تعم به البلوى، أو لم تعم.
خلافاً للحنفية فيما تعم به البلوى.
ولهذا لم يقبلوا خبر نقض الوضوء بمس الذكر، وخبر رفع اليدين في الرفع من الركوع، وخبر الجهر بالتسمية.
ونقل الترجيح في الأذان والإفراد في الإقامة؛ لأن هذه الأمور مما تعم به البلوى.
لنا: ما تقدم من الأدلة في أن خبر الواحد حجة؛ فإن تلك الأدلة تدل على حجية خبر الواحد من غير فصل بين ما تعم به البلوى، وبين ما لا تعم به البلوى حتى ما سبق من الإجماع؛ لأن من جملة الأخبار التي نقلنا أنهم قبلوها آحادا خبر المخابرة، والتقاء الختانين، وخبر توريث المرأة من دية زوجها، وخبر توريث الجدة السدس وكل ذلك مما تعم به البلوى.
وأيضا فإنهم ناقضوا هذا الأصل حيث قبلوا / (105/أ) أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى كخبر القيء.
والرعاف والقهقهة في الصلاة ووجوب الوتر، ووجوب الغسل من
غسل الميت وخبر غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، ونحو ذلك من أخبار الآحاد التي في شروط البياعات، والأنكحة، مع أن كل ذلك مما تعم به البلوى.
احتجوا بوجوه:
أحدها: بإجماع الصحابة فإنهم روا أخبار الآحاد فيما تعم بهالبلوى:
رد أبو بكر رضي الله عنه خبر المغيرة في توريث الجدة، ورد عمر خبر أبي موسى في الاستئذان ولم ينكر عليه الباقون فكان إجماعا.
وجوابه: ما تقدم.
وثانيها: أنه لو كان صحيحا: لنقل نقلا متواترا، أو مشهورا على ما زعموا أن المشهور أحد أقسام المتواتر فيقبل فيما تعم به البلوى؛ لأن الحاجة ماسة إلى معرفة حكمه، وذلك يقتضي أن يكون الرسول أشاعه وبلغه إلى أهل التواتر. وأوجب نقله على جهة التواتر مخافة أن لا يصل إلى من كلف به فلا يتمكن من العمل به، ومن جهة النقلة أيضا الدواعي متوفرة على نقله؛ لمسيس حاجة عموم الناس إليه ولا يجاب الرسول عليه السلام ذلك عليهم وما شأنه ذلك يجب أن يتواتر نقله، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه ليس بصحيح.
وبهذا الطريق عرفنا أنه عليه السلام لم ينص على إمامة علي رضي الله عنه وأنه عليه السلام ما أوجب صوم شهر شوال وأن القرآن لم يعارض.
وجوابه: أنا لا نسلم أن مسيس الحاجة إليه، ومخافة عدم الوصول إليهم يقتضي أن يكون الرسول أشاعه وبلغه إلى أهل التواتر؛ وهذا لأنه إنما يقتضي ذلك أن لو لم تندفع حاجتهم بنقل الآحاد كما في التكاليف العملية، وأن لو كانوا مكلفين به على جميع الأحوال، فإما على تقدير اندفاع الحاجة به بنقل الآحاد، وعلى تقدير كونهم مكلفين به بشرط بلوغه إليهم كما هو فيما لا تعم به البلوى، فلا نسلم أنه حينئذ يقتضي ذلك.
وعند هذا نقول: إن نقل الآحاد فيه إنما يكون غير كاف؛ لكونه يدل على كذبه؛ إذ لو كان صدقا لوجب أن يتواتر نقله فيكون نقل الآحاد غير كاف فيه يتوقف على وجوب تواتره، فالاستدلال بوجوب تواتره على أن نقل الآحاد غير كاف فيه دور وهو ممتنع.