المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٧

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الثالث عشرالكلام في الأخبار

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة الخبر وحده

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أن الخبر لا يخلو عن كونه صدقا، أو كذبا

- ‌الفصل الأول"في الخبر الذي يقطع بصدقه

- ‌القسم الأولفي التواتر

- ‌المسألة الأولىفي معنى التواتر لغة واصطلاحا:

- ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

- ‌المسألة الرابعةاستدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين

- ‌المسألة الخامسةفي شروط الخبر المتواتر

- ‌المسألة السادسةقد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا

- ‌المسألة السابعةلا يعتبر في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد

- ‌المسألة الثامنةلا يشترط فيهم أن يكونوا مختلفي الأديان، والأنساب، والأوطان

- ‌المسألة التاسعةلا يشترط أن يكون فيهم معصوم خلافا للشيعة ولابن الراوندي

- ‌المسألة العاشرةلا يشترط في السامعين أن لا يكونوا على اعتقاد نفي موجب الخبر لشبهة، أو تقليد

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أنه هل يجب اطراد حصول العلم بالنسبة إلى سائر الأشخاص بإخبار عدد التواتر الذي حصل العلم بخبرهم عن واقعة بالنسبة إلى شخص أم لا

- ‌المسألة الثانية عشرةفي التواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني من هذا الفصل

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا

- ‌المسألة الثانيةإذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون

- ‌المسألة الثالثةإذا أخبر واحد بين يدي الرسول عليه السلام، وسكت الرسول عليه السلام عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا

- ‌المسألة الرابعةاجماع الأمة على موجب خبر لا يدل على القطع بصدقه

- ‌المسألة الخامسةقال بعض الشيعة:بقاء النقل، مع توافر الدواعي على إبطاله يدل على صحته قطعا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في أن شطر الأمة إذا قبل الحديث وعمل بمقتضاه، أو احتج به في مسألة علمية، والشطر الآخر اشتغل بتأويله هل يدل ذلك على صحته على وجه القطع

- ‌الفصل / (69/أ) الثانيمن كتاب الأخبار

- ‌المسألة الأولىالخبر الذي يكون على خلاف ما علم وجوده بالضرورة

- ‌المسألة الثانيةالواحد إذا انفرد بنقل ما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله؛ إما لتعلق الدين به: كأصول الشرع، أو لغرابته: كسقوط المؤذن من المنارة بمشهد الجمع العظيم والجم الغفير، أولهما جميعا: كالمعجزات، ولم ينقله الباقون فهو أيضا مما يقطع بكذبه عند الج

- ‌المسألة الثالثةالخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب

- ‌المسألة الرابعةفي أن الأخبار المروية عنه عليه السلام بالآحاد قد وقع فيها ما يقطع بكذبه

- ‌الفصل الثالثفي الخبر الذي لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌القسم الأول

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة خبر الواحد:

- ‌المسألة/ الثانية: (73/أ)خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم عند جماهير العلماء خلافا لبعض أصحاب الحديث

- ‌المسألة الثالثةذهب الأكثرون في أنه يجوز ورود التعبد بخبر الواحد عقلا، خلافا لجماعة من المتكلمين

- ‌المسألة / (76/أ) الرابعةالقائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا اختلفوا في ورود التعبد به

- ‌القسم الثانيفي شرائط وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌الصنف الأول"في الشرائط المتفق عليها

- ‌المسألة الأولىيشترط أن يكون الراوي مكلفا

- ‌المسألة الثانيةإذا كان صبيا عند التحمل، بالغا عند الرواية، متصفا بالشرائط المعتبرة في غيره عند الرواية فإنها تقبل

- ‌المسألة الثالثةيشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا

- ‌المسألة الرابعةيشترط أن يكون الراوي عدلا

- ‌المسألة الخامسةالفاسق الذي ترد روايته وفاقا إنما هو الفاسق الذي يعلم فسقه، فأما الذي لا يعلم فسقه: فإن كان فسقه مظنونا قبلت روايته

- ‌المسألة السادسةيشترط أن يكون الراوي ضابطا لما سمعه، فرواية المغفل الذي لا يضبط حالة السماع، والذي يضبط فيها لكن يغلب عليه السهو والنسيان بعدها، والذي يتساوى فيه احتمال الذكر والسهو والنسيان غير مقبولة

- ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

- ‌خاتمة لهذا الصنف

- ‌المسألة الأولى"اختلفوا في اعتبار العدد في المزكى والجارح على ثلاثة أقوال:

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أنه هل يشترط ذكر سبب الجرح والتعديل في قبولهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةفي أن الجرح هل يقدم على التعديل أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي مراتب التعديل

- ‌المسألة الخامسةترك الحكم بشهادته، وترك العمل بروايته ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق، وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته

- ‌المسألة السادسةفي تعديل الصحابة

- ‌الصنف الثاني

- ‌المسألة الأولىمذهب الأكثرين أنه لا يشترط العدد في الراوي بل يقبل خبر الواحد العدل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الراوي أن يكون معروف النسب

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط/ كون الراوي فقيها

- ‌المسألة الرابعةالراوي إذا عرف منه التساهل في حديث الرسول فلا خلاف في أنه لا تقبل روايته

- ‌المسألة الخامسةلا يشترط أن يكون عالما بالعربية، وبمعنى الخبر

- ‌المسألة السادسةليس من شرط الراوي أن يكون مكثرا لسماع الحديث، ومكثرا للرواية ومشهورا بمجالسة المحدثين ومخالطتهم

- ‌المسألة السابعةراوي الأصل إذا لم يقبل الحديث وأنكر الرواية [عنه] هل يقدح ذلك في رواية الفرع أم لا

- ‌القسم الثالث"فيما اختلف فيه في رد خبر الواحد

- ‌المسألة الأولىاعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا

- ‌المسألة الثانيةإذا روي عن الرسول عليه السلام: أنه فعل فعلا يخالف موجب خبر الواحد:فإن لم يكن لفظ الخبر متناولا له عليه السلام، ولا قامت الدلالة على أن حكمه وحكمنا فيه سواء لم يكن بينهما تناف فلا يرد به الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةإذا انفرد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة، هل يوجب ذلك رد الزيادة [أم لا]

- ‌المسألة الخامسةإذا وجد خبر الواحد مخصصا أو مقيدا لعموم الكتاب، أو السنة المتواترة أو إطلاقه، ولم يعلم مقارنته له ولا تراخيه عنه هل يقبل أم لا

- ‌المسألة السادسةالراوي إذا خالف ظاهر الحديث لم يقدح ذلك في وجوب الأخذ بظاهر الحديث عندنا وعند كثير من العلماء، وهو اختيار الكرخي

- ‌المسألة السابعةإذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله

- ‌المسألة الثامنةيجوز للراوي أن ينقل الخبر بالمعنى

- ‌المسألة التاسعةالراوي إذا أراد نقل بعض الخبر وترك البعض الآخر، هل يجوز له ذلك أم لا

- ‌المسألة العاشرةالمرسل هل هو مقبول أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرةفي التدليس

- ‌القسم الرابع"في مسند الراوي وكيفية روايته

- ‌النوع الرابع عشرالكلام في القياس

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى القياس بحسب اللغة، وبحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةفي تعريف الأصل والفرع

- ‌المسألة الثالثةاعلم أنا إذا علمنا أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا، وعلمنا حصول ذلك الوصف مع جميع ما يعتبر في اقتضائه لذلك الحكم في صورة النزاع علمنا حصول مثل ذلك الحكم في صورة النزاع، فهذا النوع من القياس مما لا نزاع فيه بين العقلاء بل الكل أطبقوا

- ‌الباب الأولفي بيان أن القياس حجة في الشرعيات

- ‌المسألة الثانيةفي إثبات جواز التعبد به عقلً

- ‌المسألة الثالثةفي أنه لا يجب وقوع التعبد بالقياس عقلًا

- ‌المسالة الرابعةفي أن التعبد بالقياس واقع سمعًا

- ‌المسألة الرابعةالنص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس

- ‌المسألة الخامسةالمسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنصوص عليه

- ‌الباب الثانيفي الركن الأول من أركان القياس وهو الأصل

- ‌المسألة الأولىفي شرائط الأصل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز القياس عليه

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع على أن حكمه معلل

- ‌الباب الثالثفي الركن الثاني وهو الحكم

- ‌المسألة الأولىفي شرطه

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أن النفي الأصلي هل يعرف بالقياس أم لا

- ‌المسألة الثالثةذهب أصحابنا إلى أن القياس يجري في أسباب الأحكام كما يجري في الأحكام خلافًا للحنفية

- ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الخامسةذهب أصحابنا إلى أنه يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس خلافًا للحنفية والجبائي من المعتزلة

- ‌المسألة السادسةالأمور العادية والخلقية: كأقل الحيض وأكثره، وأقل مدة الحمل وأكثره لا يجوز إثباته بالقياس

- ‌المسألة السابعةيجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص

- ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

الفصل: ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

‌المسألة الرابعة

ذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

-.

لنا: ما تقدم من أدلة القياس، فإنه يدل على جواز القياس في الأحكام الشرعية مطلقًا من غير فصل بين باب وباب، فالتخصيص بباب دون باب خلاف لإطلاق تلك الأدلة فكان باطلًا.

ويخص المسألة ما روى أن الصحابة اجتهدوا في حد شارب الخمر فقال على - رضى الله عنه -: "أراه ثمانين، إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى وحد المفتري ثمانون" ولا شك في أنه قياس؛ إذ ليس هو من قبيل الاجتهاد في النص، والبراءة الأصلية، ولا هو إجماع فهو إذن قياس، ثم إن أحدًا منهم لم ينكر عليه في أنه كيف يثبت الحد بالقياس بل ارتضوه وعملوا به فكان ذلك إجماعًا منهم على جواز القياس في الحدود.

ص: 3220

فإن قيل: تدعى أن تلك الأدلة تدل على جريان القياس في الأحكام الشرعية مطلقًا سواء وجدت أركان القياس وشرائطه أو لم توجد، أو تدعى أن دلالتها عليه إنما هي عند حصول الأركان والشرائط، والأول ظاهر ولا يقوله عاقل، والثاني مسلم، لكن لا نسلم إمكان حصولها فيما نحن فيه.

سلمناه لكن لا نسلم حصولها فيما نحن فيه؛ وهذا لأن الحدود والكفارات، والتقديرات أمور مقدرة لا يهتدى العقل إلى تعقل المعنى الموجب لتقديرها فلا تعقل فيها العلة، وحينئذ لا يمكن أن يجرى القياس فيها.

وأما الرخص فهي منح من الله تعالى فلا يتعدى بها عن مواردها، وحينئذ يمتنع أن يقاس عليها، ثم ما ذكرتم معارض بوجهين:

أحدهما: أن القياس لا يفيد القطع بل يفيد الظن، فيحتمل أن يكون الأمر على خلاف ما اقتضاه وذلك شبهة وهى مسقطة للحد بعد ثبوت سببه للحديث، والإجماع فكيف يجوز إثبات سببه بالشبهة؟

وثانيهما: أن مدار القياس على الجمع بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات، على ما تبين ذلك من قبل، وشرعية الكفارات والحدود على خلاف هذا، فإن القاف بالزنا يوجد الحد، والقذف بالكفر مع أنه أعظم جريمة من الزنا لا يوجبه، والسرقة توجب القطع، ومكاتبة الكفار بما يطلع على عورات المسلمين مع أنها أعظم جريمة من السرقة لا توجبه، والقتل يوجب الكفارة، والكفر مع أنه أعظم جريمة منه لا يوجبها، والظهار لكونه منكرًا من القول وزورًا يوجب الكفارة، والشهادة بالزور في حقوق الله تعالى او في حقوق العباد مع حصول ما ذكر من العلة فيها لا يوجبها فيمتنع جريان القياس فيها.

ص: 3221

الجواب

عن الأول هو: أنا ندعى جريان القياس فيها عند حصول الأركان والشرائط.

قوله: إمكان حصول ذلك فيها ممنوع.

قلنا: الدليل عليه هو: أن صريح العقل حاكم بأنه لا متناع في أن يشرع الشارع الحد أو الكفارة في صورة لأمر مناسب، ثم أنه يوجد ذلك المناسب في صورة اخرى، فليس وضع الحد والكفارة منافيًا لهذا المعنى حتى يمتنع لأجله.

قوله: هب أنه ممكن لكنه غير حاصل.

قلنا: الجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أنه حينئذ ارتفع النزاع الأصولي؛ فإنا لا نجوز القياس في شيء من الأحكام الشرعية بدون حصول الشرائط والأركان بل عند حصولهما، فإن جوزتم فيها القياس عند حصول شرائطه وأركانه فحينئذ حصل الوفاق، فإما ادعاؤكم بعد هذا أنه غير حاصل فيها، فذلك إنما ثبت بعد البحث والاستقراء أن عن كل واحدة من مسائلها، فإن وجدت العلة صح القياس فيها، وإلا فلا كغيرها من المسائل، فلا فرق حينئذ بين مسائل هذا الباب وبين غيره من هذا الوجه فيجب التسوية بينها وبين غيرها في جريان القياس.

وثانيهما: أن نبين [معنى] مناسب في الصور التي ورد النص فيها بوجوب الكفارة أو الحد ولا معنى لعلة الحكم إلا المعنى المخيل الذى يغلب

ص: 3222

على الظن أنه ما شرع الحكم إلا لأجله، ثم نبين وجوده في صورة النزاع فيلزم ثبوت وجوب الكفارة أو الحد في صورة النزاع كما في سائر الأحكام.

مثاله: أن نقول: الحد إنما وجب في شرب الخمر لكونه مزيلًا للعقل الذى هو مناط التكليف، ووازع الإنسان عن فعل القبائح والمناهي والتسبب إلى إزالة هذا الأمر الشريف مناسب للزجر والمناسبة مع الاقتران يفيد ظن العلية، فيلزم أن يكون هذا هو العلة في وجوب الحد، ثم أن هذا المعنى حاصل في شرب النبيذ فوجب أن يجب فيه الحد أيضًا.

وعند هذا ظهر أن حصول أركان القياس وشرائطه في هذا الباب كما هو في سائر الأبواب فلا معنى للتفرقة بينهما ومنع حصولهما فيما نحن فيه.

قوله: الرخص منح من الله فلا يقاس عليها.

قلنا: شرعية الشرائع بأسرها منح من الله تعالى فكان ينبغي أن لا يجري القياس في شيء من أحكامها.

وعن المعارضة الأولى: النقض بخبر الواحد فإنه لا يفيد القطع ويحتمل أن يكون الأمر على خلافه مع أنه يجوز إثبات الحدود والكفارات/ (162/ 1) به عندكم أيضًا، والنقض بالقصاص أيضًا، فإنه يجوز إثباته بالقياس عندكم مع أنه يدرأ بالشبهات.

سلمنا سلامته عن النقض لكن وجوب العمل بالقياس لما كان معلومًا بالقاطع لم يحتمل أن يكون ذلك خطأ.

ص: 3223

وعن الثانية ما تقدم في جواب شبهة النظام

ثم [أعلم] أن الشافعي- رضى الله عنه- ذكر مناقضتهم في هذا الباب فقال: "أما الحدود فقد كثرت أقيستهم فيها حتى تعدوها إلى الاستحسان، فإنهم زعموا في شهود الزوايا أن المشهود عليه يجب رجمه إن كان محصنًا وإلا فالجلد استحسانًا مع أنه خلاف العقل- فلأن يعمل بما يوافق العقل كان أولى.

واعلم ان هذا يصير نقضًا عليهم لو فسروا الاستحسان بالقياس أو يقولون أنه وإن كان مغايرًا له لكنه أضعف منه، فأما إذا لم يفسروا به ولا يثبتونه مدركًا أضعف من القياس فلا يتم.

وأما في " الكفارات" فقد قاسوا الإفطار بالأكل والشرب، على الإفطار بالوقاع، وقاسوا قتل الصيد ناسيًا على قتله عمدًا مع تقيد النص به في قوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم} وهذا نقض عليهم بحسب ما هو الواقع في نفس الأمر فإن الحق [أن] هذا النوع من الإلحاق أعنى به ما يكون بإلغاء الفارق قياس في نفس الأمر وإن لم

ص: 3224

يعتقده القوم ذلك [ولا يسمونه به] بل يسمونه استدلالًا؛ لأنه لا معنى للقياس إلا إلحاق المسكوت بالمنطوق به لعلة شاملة لهما سواء علمت العلة أو ظنت بالمناسبة أو بالدوران أو إلغاء الغير بطريق السبر والتقسيم وليس لهم أن يقولوا: إن القياس فيما ذكرتم من الصورتين يقيني ونحن إنما نمنع من جريان القياس فيما نحن فيه، فأما اليقيني فإنه جار في جميع الأحكام؛ لأن من المعلوم أن القياس فيهما ليس يقينيًا، فإن لخصوصية كونه إفطارًا بالجماع، وكونه قتلًا متعمدًا مناسبة ظاهرة لإيجاب الكفارة والجزاء من حيث إن الامتناع عن الجماع عند هيجان شهوته أشق على النفس من الامتناع عن الأكل والشرب عند اشتهائهما، فربما لا تنزجر النفس عنه بمجرد وازع الدين فيحتاج معه إلى كفارة وازعة بخلاف الأكل والشرب، فإنه لكون الاصطبار عنهما لا يشق على النفس تلك المشقة اكتفى فيهما بمجرد وازع الدين، ومن حيث إن الجناية مع التعمد أعظم جريمة من الجناية خطأ بدليل حصول الإثم في الأولى دون الثانية، فلا يلزم من وجوب البدل والجزاء في أعظم الجنايتين وجوبه في أصغرهما ومع ظهور هذا الفارق المناسب كيف يمكن ادعاء أن هذا القياس يقيني.

وأما المقدرات، فهو كتقدير النصاب والزكاة والمواقيت في الصلاة فقد قاسوا فيها أيضًا كما في تقديراتهم في "الدلو والبئر" فإن ذلك ليس عن

ص: 3225

نص ولا إجماع ولا عن أثر فيكون عن قياس ولو صح في البعض منها أثر كما يزعمه القوم فلا شك في أن ذلك لم يصح في جميع مسائلها فيكون القول بذلك في البعض الآخر بالقياس.

وأما المعدول عن القياس، فقد قاسوا فيه أيضًا، فإن الوضوء بنبيذ التمر ورد على خلاف القياس، ولهذا لم يلحقوا نبيذ الزبيب به مع إيماء اللفظ إلى العلة الموجودة فيه وهو قوله عليه السلام:(ثمرة طيبة وماء طيب)

ص: 3226

وقد ألحقوا به الغسل.

وكون القهقهة حدثًا في الصلاة أيضًا على خلاف قياس الأحداث ولهذا لم يقيسوا عليه صلاة الجنازة ثم أنهم ألحقوا النفل بالفرائض وليس ذلك إلا بطريق القياس.

وأما الرخص، فقد قاسوا فيها أيضًا، فإن الاقتصار على الأحجار في الاستنجاء من أظهر الرخص، ثم أنهم حكموا بذلك في كل النجاسات نادرة كانت، أو معتادة، وانتهوا فيها إلى نفى إيجاب استعمال الأحجار وجعلوه أصلًا لغير ذلك المحل حتى قالوا: يعفى بقدره من النجاسة في أي عضو كان.

وأما إثباتهم الرخصة في سفر المعصية، فليس ذلك من قبيل القياس حتى يرد عليهم أن يقال: أنهم قاسوا في الرخص وأثبتوا به الرخصة حيث يقتضى القياس نفيها؛ فإن القياس يقتضى أن لا يترخص العاصي بسفره من حيث إن

ص: 3227

القصر والفطر في السفر إعانة، والمعصية لا تناسب الإعانة، بل هو من قبل الاستدلال بإطلاق النصوص المثبتة لتلك الرخص.

ص: 3228