المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٧

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الثالث عشرالكلام في الأخبار

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة الخبر وحده

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أن الخبر لا يخلو عن كونه صدقا، أو كذبا

- ‌الفصل الأول"في الخبر الذي يقطع بصدقه

- ‌القسم الأولفي التواتر

- ‌المسألة الأولىفي معنى التواتر لغة واصطلاحا:

- ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

- ‌المسألة الرابعةاستدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين

- ‌المسألة الخامسةفي شروط الخبر المتواتر

- ‌المسألة السادسةقد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا

- ‌المسألة السابعةلا يعتبر في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد

- ‌المسألة الثامنةلا يشترط فيهم أن يكونوا مختلفي الأديان، والأنساب، والأوطان

- ‌المسألة التاسعةلا يشترط أن يكون فيهم معصوم خلافا للشيعة ولابن الراوندي

- ‌المسألة العاشرةلا يشترط في السامعين أن لا يكونوا على اعتقاد نفي موجب الخبر لشبهة، أو تقليد

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أنه هل يجب اطراد حصول العلم بالنسبة إلى سائر الأشخاص بإخبار عدد التواتر الذي حصل العلم بخبرهم عن واقعة بالنسبة إلى شخص أم لا

- ‌المسألة الثانية عشرةفي التواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني من هذا الفصل

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا

- ‌المسألة الثانيةإذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون

- ‌المسألة الثالثةإذا أخبر واحد بين يدي الرسول عليه السلام، وسكت الرسول عليه السلام عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا

- ‌المسألة الرابعةاجماع الأمة على موجب خبر لا يدل على القطع بصدقه

- ‌المسألة الخامسةقال بعض الشيعة:بقاء النقل، مع توافر الدواعي على إبطاله يدل على صحته قطعا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في أن شطر الأمة إذا قبل الحديث وعمل بمقتضاه، أو احتج به في مسألة علمية، والشطر الآخر اشتغل بتأويله هل يدل ذلك على صحته على وجه القطع

- ‌الفصل / (69/أ) الثانيمن كتاب الأخبار

- ‌المسألة الأولىالخبر الذي يكون على خلاف ما علم وجوده بالضرورة

- ‌المسألة الثانيةالواحد إذا انفرد بنقل ما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله؛ إما لتعلق الدين به: كأصول الشرع، أو لغرابته: كسقوط المؤذن من المنارة بمشهد الجمع العظيم والجم الغفير، أولهما جميعا: كالمعجزات، ولم ينقله الباقون فهو أيضا مما يقطع بكذبه عند الج

- ‌المسألة الثالثةالخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب

- ‌المسألة الرابعةفي أن الأخبار المروية عنه عليه السلام بالآحاد قد وقع فيها ما يقطع بكذبه

- ‌الفصل الثالثفي الخبر الذي لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌القسم الأول

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة خبر الواحد:

- ‌المسألة/ الثانية: (73/أ)خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم عند جماهير العلماء خلافا لبعض أصحاب الحديث

- ‌المسألة الثالثةذهب الأكثرون في أنه يجوز ورود التعبد بخبر الواحد عقلا، خلافا لجماعة من المتكلمين

- ‌المسألة / (76/أ) الرابعةالقائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا اختلفوا في ورود التعبد به

- ‌القسم الثانيفي شرائط وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌الصنف الأول"في الشرائط المتفق عليها

- ‌المسألة الأولىيشترط أن يكون الراوي مكلفا

- ‌المسألة الثانيةإذا كان صبيا عند التحمل، بالغا عند الرواية، متصفا بالشرائط المعتبرة في غيره عند الرواية فإنها تقبل

- ‌المسألة الثالثةيشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا

- ‌المسألة الرابعةيشترط أن يكون الراوي عدلا

- ‌المسألة الخامسةالفاسق الذي ترد روايته وفاقا إنما هو الفاسق الذي يعلم فسقه، فأما الذي لا يعلم فسقه: فإن كان فسقه مظنونا قبلت روايته

- ‌المسألة السادسةيشترط أن يكون الراوي ضابطا لما سمعه، فرواية المغفل الذي لا يضبط حالة السماع، والذي يضبط فيها لكن يغلب عليه السهو والنسيان بعدها، والذي يتساوى فيه احتمال الذكر والسهو والنسيان غير مقبولة

- ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

- ‌خاتمة لهذا الصنف

- ‌المسألة الأولى"اختلفوا في اعتبار العدد في المزكى والجارح على ثلاثة أقوال:

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أنه هل يشترط ذكر سبب الجرح والتعديل في قبولهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةفي أن الجرح هل يقدم على التعديل أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي مراتب التعديل

- ‌المسألة الخامسةترك الحكم بشهادته، وترك العمل بروايته ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق، وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته

- ‌المسألة السادسةفي تعديل الصحابة

- ‌الصنف الثاني

- ‌المسألة الأولىمذهب الأكثرين أنه لا يشترط العدد في الراوي بل يقبل خبر الواحد العدل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الراوي أن يكون معروف النسب

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط/ كون الراوي فقيها

- ‌المسألة الرابعةالراوي إذا عرف منه التساهل في حديث الرسول فلا خلاف في أنه لا تقبل روايته

- ‌المسألة الخامسةلا يشترط أن يكون عالما بالعربية، وبمعنى الخبر

- ‌المسألة السادسةليس من شرط الراوي أن يكون مكثرا لسماع الحديث، ومكثرا للرواية ومشهورا بمجالسة المحدثين ومخالطتهم

- ‌المسألة السابعةراوي الأصل إذا لم يقبل الحديث وأنكر الرواية [عنه] هل يقدح ذلك في رواية الفرع أم لا

- ‌القسم الثالث"فيما اختلف فيه في رد خبر الواحد

- ‌المسألة الأولىاعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا

- ‌المسألة الثانيةإذا روي عن الرسول عليه السلام: أنه فعل فعلا يخالف موجب خبر الواحد:فإن لم يكن لفظ الخبر متناولا له عليه السلام، ولا قامت الدلالة على أن حكمه وحكمنا فيه سواء لم يكن بينهما تناف فلا يرد به الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةإذا انفرد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة، هل يوجب ذلك رد الزيادة [أم لا]

- ‌المسألة الخامسةإذا وجد خبر الواحد مخصصا أو مقيدا لعموم الكتاب، أو السنة المتواترة أو إطلاقه، ولم يعلم مقارنته له ولا تراخيه عنه هل يقبل أم لا

- ‌المسألة السادسةالراوي إذا خالف ظاهر الحديث لم يقدح ذلك في وجوب الأخذ بظاهر الحديث عندنا وعند كثير من العلماء، وهو اختيار الكرخي

- ‌المسألة السابعةإذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله

- ‌المسألة الثامنةيجوز للراوي أن ينقل الخبر بالمعنى

- ‌المسألة التاسعةالراوي إذا أراد نقل بعض الخبر وترك البعض الآخر، هل يجوز له ذلك أم لا

- ‌المسألة العاشرةالمرسل هل هو مقبول أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرةفي التدليس

- ‌القسم الرابع"في مسند الراوي وكيفية روايته

- ‌النوع الرابع عشرالكلام في القياس

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى القياس بحسب اللغة، وبحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةفي تعريف الأصل والفرع

- ‌المسألة الثالثةاعلم أنا إذا علمنا أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا، وعلمنا حصول ذلك الوصف مع جميع ما يعتبر في اقتضائه لذلك الحكم في صورة النزاع علمنا حصول مثل ذلك الحكم في صورة النزاع، فهذا النوع من القياس مما لا نزاع فيه بين العقلاء بل الكل أطبقوا

- ‌الباب الأولفي بيان أن القياس حجة في الشرعيات

- ‌المسألة الثانيةفي إثبات جواز التعبد به عقلً

- ‌المسألة الثالثةفي أنه لا يجب وقوع التعبد بالقياس عقلًا

- ‌المسالة الرابعةفي أن التعبد بالقياس واقع سمعًا

- ‌المسألة الرابعةالنص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس

- ‌المسألة الخامسةالمسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنصوص عليه

- ‌الباب الثانيفي الركن الأول من أركان القياس وهو الأصل

- ‌المسألة الأولىفي شرائط الأصل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز القياس عليه

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع على أن حكمه معلل

- ‌الباب الثالثفي الركن الثاني وهو الحكم

- ‌المسألة الأولىفي شرطه

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أن النفي الأصلي هل يعرف بالقياس أم لا

- ‌المسألة الثالثةذهب أصحابنا إلى أن القياس يجري في أسباب الأحكام كما يجري في الأحكام خلافًا للحنفية

- ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الخامسةذهب أصحابنا إلى أنه يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس خلافًا للحنفية والجبائي من المعتزلة

- ‌المسألة السادسةالأمور العادية والخلقية: كأقل الحيض وأكثره، وأقل مدة الحمل وأكثره لا يجوز إثباته بالقياس

- ‌المسألة السابعةيجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص

- ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

الفصل: ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

‌المسألة السابعة

لا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

، وهو مذهب الأكثرين من الفقهاء والأصوليين.

وقال أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه: يكفي في قبول الرواية الإسلام، والسلامة عن الفسق ظاهرا.

احتج أصحابنا بوجوه:

أحدها: أن الدليل ينفي جواز العمل بخبر الواحد لقوله تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} ، خالفناه في حق من اختبرناه بقوة الظن،

ص: 2886

فيبقى فيما عداه على الأصل.

وهو ضعيف لما تقدم.

وثانيها: أنه مجهول الحال فلا تقبل روايته؛ دفعا لاحتمال مفسدة الكذب كالشهادة في العقوبات.

وهو أيضا ضعيف؛ لأن احتمال الكذب غير مانع من القبول وإلا لما قبلت رواية من اختبرت عدالته؛ ضرورة أن احتمال الكذب فيه أيضا.

وأما القياس على الشهادة في العقوبات لو سلم الحكم فيها فغير صحيح؛ لأن الشهادة يحتاط فيها ما لا يحتاط في الرواية لا سيما في العقوبات، والاختلاف في الحكم دليل على الاختلاف في الحكمة، ومع الاختلاف في الحكمة لا يصح القياس.

وثالثها: أن قول المفتي إنما يقبل لو عرف بالاختبار بلوغه رتبة الاجتهاد، فكذا الراوي إنما تقبل روايته لو عرف بالاختبار عدالته.

والجامع: أن الاجتهاد شرط قبول الفتوى، والعدالة شرط قبول الرواية.

وهو ضعيف أيضا؛ لأن الاجتهاد إنما يعتبر في المفتي؛ لأنه لا طريق إلى الإصابة في الفتوى إلا به، ولا طريق إلى حصوله إلا بالاختبار؛ إذ ليس له سبب ظاهر ليستدل بحصوله على حصوله، بخلاف العدالة في الرواية فإنها إنا تعتبر بظن الصدق، وظن الصدق حاصل بالإسلام والسلامة عن الفسق ظاهرا، إذ الإسلام سبب ظاهر للمنع من الإقدام على الكذب فيستدل بحصوله على الامتناع من الكذب فيحصل ظن الصدق.

ورابعها: أجمعنا على أنه لما كان الصبا والرق والكفر، وكونه محدودا في القذف مانعا من الشهادة: لا جرم اعتبر في قبول الشهادة العلم بعدم هذه الأشياء ظاهرا فكذا الأمر في العدالة.

والجامع: الاحتراز عن المفسدة المحتملة.

ص: 2887

وهو أيضاً ضعيف؛ لأن العلم الظاهري بالعدالة بمعنى الإسلام والسلامة عن الفسق ظاهرا حاصل، واشتراط العدالة بمعنى آخر ممنوع.

سلمنا وجوب معرفة العدالة عن خبره في الشهادة فلم يجب في الرواية، وقياس الرواية على الشهادة غير صحيح لما تقدم ودعوى الإجماع على عدم الفصل بينهما ممنوع.

وخامسها: إجماع الصحابة على رد رواية المجهول.

رد عمر رضي الله عنه خبر فاطمة بنت قيس وقال: "كيف نقبل قول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت". ولو كان اختبر حالها لما قال ذلك.

ورد علي رضي الله عنه خبر الأشجعي في المفوضة لما كان مجهول الحال واشتهر ذلك فيما بينهم ولم ينكره أحد فكان إجماعا.

وهو أيضا ضعيف؛ لأنا لا نسلم أن الرد في تنك الصورتين لجهالة حال الراوي بل للتهمة، ولهذا قال:"لا ندري أصدقت أم كذبت"، إذ لا يقال مثل هذا إلا فيما لا يغلب على الظن صدقه، ومن ظهر إسلامه مع السلامة عن الفسق ظاهرا فإنه يغلب على الظن صدقه، وكذا الكلام في الأشجعي، ولهذا وصفه بما يدل على التهمة.

والمعتمد في ذلك أن نقول: عدم الفسق في الراوي شرط لقبول روايته للآية، أو لأن كل ما يكون وجوده منافيا للشيء، كان عدمه شرطا له، فكل موضع لا يقطع بعدمه وجب أن لا يقبل؛ لأن الجهل بالشرط - يوجب الجهل

ص: 2888

بالمشروط، ترك العمل به فيمن عرف حاله بالاختبار لقوة الظن فوجب أن / (91/أ) يبقى فيما عداه على الأصل.

واحتج الخصم بوجوه:

أحدها: قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية.

ووجه الاستدلال به: هو أنه تعالى علق الأمر بالتبين بالفسق، والمعلق عدم عند عدم المعلق عليه، فينتفي وجوب التبيين عند عدم العلم بالفسق، وعند ذلك إما يجب القبول وهو المطلوب، أو يجب صريح الرد وهو باطل؛ أما أولا: فبالاجماع.

وأما ثانيا: فلأن مستور الحال لا يكون أسوأ حالا من الفاسق، فإذا وجب التثبت والتبيين في خبره فلو وجب صريح الرد في خبر المستور لزم أن يكون أسوأ حالا منه وهو باطل قطعا.

وجوابه: أن الأمر بالتبيين غير معلق بمجيء من يعلم فسقه حتى يلزم انتفاؤه عند عدم العلم به بل هو معلق بمجيء الفاسق، فعلى هذا إنما ينتفي وجوب التبيين بطريق مفهوم الشرط عند عدم الفسق، وهو إنما يتحقق بالعلم بعدمه الذي لا سبيل إليه إلا بالاختبار والبحث عن حاله، لا بعدم العلم به، وفرق بين العلم بعدم الشيء وبين عدم العلم به.

فالحاصل في مستور الحال إنما هو عدم العلم بفسقه، لا العلم بعدم فسقه فليس في الآية دلالة بطريق المفهوم على قبول روايته بل فيها دلالة على عدم قبول روايته على الوجه الذي قررناه.

ص: 2889

وثانيها: أن الأصل عدم الفسق فكذا الظاهر، فإن الظاهر من حال المسلم الانتهاء عن المعاصي لا سيما عن الكبائر فوجب أن تقبل روايته لقوله عليه السلام:"أحكم بالظاهر" و "نحن نحكم بالظاهر".

وجوابه: أنا لا نسلم أن الظاهر ما ذكرتم، إن كان الأصل ما ذكرتم بل الظاهر خلافه.

ودليله: الاستقراء فلاا يبقى حينئذ تعويل على الأصل [فإنا لا نسلم ترجيح الأصل على الظاهر

سلمنا تطابق الأصل] والظاهر، لكن إنما يعتبر ذلك إذا لم ين في النص إشارة إلى اعتبار ما يخالف حكمهما، فأما إذا كان فيه ذلك فلا، وهنا كذلك؛ لأنه اعتبر عدم الفسق في القبول بطريق المفهوم، واعتباره منافيا لاعتبار الأصل والظاهر.

سلمنا اعتباره مطلقا لكن خص منه الشهادة في العقوبات وشهادة الواحد مع اليمين على رأي الخصم وشهادة الواحد، فيلزم من تخصيصه ثمة تخصيصه ها هنا، والجامع: دفع مفسدة الكذب المحتمل.

سلمنا لكنه معارض بالأدلة الدالة على نفي اتباع الظنون، وعدم العلم وعند ذلك لا بد من تأويل أحد النصين، وليس تأويل تلك النصوص وإجراء ما ذكرتم من السنة على ظاهره أولى من العكس، وعليكم الترجيح لأنكم المستدلون، ثم إنه معنا؛ لأن تلك النصوص متواترة المتن، وما ذكرتم ليس كذلك فكان تأويله أولى وأحرى.

وثالثها: أنه عليه السلام قبل شهادة الأعرابي على رؤية الهلال، مع

ص: 2890

أنه لم يعلم منه سوى الإسلام، إذ لم يظهر سوى الإسلام، فالظاهر أنه لم يعلم منه سوى ذلك، فإذا جاز ذلك في الشهادة فالرواية أولى.

وجوابه: أنا لا نسلم أنه عليه السلام لم يعلم منه سوى الإسلام، ولا نسلم أنه لم يظهر منه سوى الإسلام.

ورابعها: إجماع الصحابة فإنهم قبلوا أخبار العبيد والنسوان، والأعراب المجاهيل من غير نكير فيما بينهم؛ لما ظهر من إسلامهم، ولم يظهر منهم فسق.

وجوابه: أنا لا نسلم أنهم قبلوا روايتهم من غير أن يعلموا منهم سوى الإسلام؛ فإن هذا نفس المسألة.

وخامسها: أنا أجمعنا على قبول خبر المسلم في كون اللحم لحم المذكى، وفي كون الماء في الحمام طاهرا، وفي كون الجارة المبيعة رقيقة له وهي غير

ص: 2891

مزوجة، ولا معتدة، وفي كونه على الطهارة إذا أم بالناس، وفي غيرها من الصور فكذا ها هنا.

والجامع: ظهور الظن الناشئ من الإسلام مع عدم الفسق.

وجوابه: الفرق: وبيانه من حيث الإجمال والتفصيل.

أما من حيث الإجمال: فلأن الأخبار في تلك الصور مقبولة مع الفسق بل ومع الكفر، وذلك يدل على افتراقهما في الحكمة؛ لأن الاختلاف في الحكم يدل على الاحتلاف في الحكمة، ومعه لا يصح القياس.

وأما من حيث التفصيل، فلأن منصب الرواية عن الرسول عليه السلام أعلى رتبة من الأخبار في تلك الصور، لكونه يثبت شرعا عاما في حق كل المكلفين، بخلاف الإخبار في تلك الصور فإنه لا يثبت الحكم إلا في تلك الصورة الجزئية، فلا يلزم من قبول الأخبار في تلك الصور قبول الأخبار عن الرسول عليه السلام.

وسادسها: أن الكافر إذا أسلم وروى عقيب إسلامه من غير مهلة فإنه يقبل، فكذا ما نحن فيه بل أولى؛ لأن طول مدته في الإسلام يوجب رسوخ أصول الإسلام وفروعه في قلبه فيكون احتمال الكذب أبعد.

وجوابه: منع الحكم؛ وهذا لأنه يحتمل أن يكون كذوبا قبله فهو باق في طبعه بعد الإسلام، فلا يقبل إلا بعد الخبرة البحث عن حاله.

سلمناه لكن الفرق ظاهر، وبيانه من وجهين:

أحدهما: أن احتمال الفسق في مستور الحال أكثر من احتمال الفسق فيما إذا روى عقيب إسلامه؛ لأن كل فسق يحتمل في هذه الصورة فهو يحتمل في مستور الحال من غير عكس؛ لأن احتمال الفسق المتقدم الذي ترد به الرواية غير متصور فيما إذا روى عقيب الإسلام.

وثانيهما: أن في ابتداء الإسلام تكون العزيمة مصممة مؤكدة على

ص: 2892

الإتيان بالمأمورات، والانتهاء عن المنهيات، بخلاف الدوام؛ فإن فيه تفتر العزيمة، ويتطرق الملال الكلال على ما دل عليه الاستقراء في / (92/أ) حق كل من دخل ابتداء في أمر محبوب والتزمه، فإن شدة اهتمامه به إذ ذاك أكثر، فلا يلزم من قبول روايته عقيب إسلامه لقوة الظن بصدقه بسبب عدم الفسق قبول رايته في دوامه مع عدم ذلك الظن القوي.

ص: 2893