المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٧

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الثالث عشرالكلام في الأخبار

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة الخبر وحده

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أن الخبر لا يخلو عن كونه صدقا، أو كذبا

- ‌الفصل الأول"في الخبر الذي يقطع بصدقه

- ‌القسم الأولفي التواتر

- ‌المسألة الأولىفي معنى التواتر لغة واصطلاحا:

- ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

- ‌المسألة الرابعةاستدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين

- ‌المسألة الخامسةفي شروط الخبر المتواتر

- ‌المسألة السادسةقد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا

- ‌المسألة السابعةلا يعتبر في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد

- ‌المسألة الثامنةلا يشترط فيهم أن يكونوا مختلفي الأديان، والأنساب، والأوطان

- ‌المسألة التاسعةلا يشترط أن يكون فيهم معصوم خلافا للشيعة ولابن الراوندي

- ‌المسألة العاشرةلا يشترط في السامعين أن لا يكونوا على اعتقاد نفي موجب الخبر لشبهة، أو تقليد

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أنه هل يجب اطراد حصول العلم بالنسبة إلى سائر الأشخاص بإخبار عدد التواتر الذي حصل العلم بخبرهم عن واقعة بالنسبة إلى شخص أم لا

- ‌المسألة الثانية عشرةفي التواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني من هذا الفصل

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا

- ‌المسألة الثانيةإذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون

- ‌المسألة الثالثةإذا أخبر واحد بين يدي الرسول عليه السلام، وسكت الرسول عليه السلام عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا

- ‌المسألة الرابعةاجماع الأمة على موجب خبر لا يدل على القطع بصدقه

- ‌المسألة الخامسةقال بعض الشيعة:بقاء النقل، مع توافر الدواعي على إبطاله يدل على صحته قطعا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في أن شطر الأمة إذا قبل الحديث وعمل بمقتضاه، أو احتج به في مسألة علمية، والشطر الآخر اشتغل بتأويله هل يدل ذلك على صحته على وجه القطع

- ‌الفصل / (69/أ) الثانيمن كتاب الأخبار

- ‌المسألة الأولىالخبر الذي يكون على خلاف ما علم وجوده بالضرورة

- ‌المسألة الثانيةالواحد إذا انفرد بنقل ما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله؛ إما لتعلق الدين به: كأصول الشرع، أو لغرابته: كسقوط المؤذن من المنارة بمشهد الجمع العظيم والجم الغفير، أولهما جميعا: كالمعجزات، ولم ينقله الباقون فهو أيضا مما يقطع بكذبه عند الج

- ‌المسألة الثالثةالخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب

- ‌المسألة الرابعةفي أن الأخبار المروية عنه عليه السلام بالآحاد قد وقع فيها ما يقطع بكذبه

- ‌الفصل الثالثفي الخبر الذي لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌القسم الأول

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة خبر الواحد:

- ‌المسألة/ الثانية: (73/أ)خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم عند جماهير العلماء خلافا لبعض أصحاب الحديث

- ‌المسألة الثالثةذهب الأكثرون في أنه يجوز ورود التعبد بخبر الواحد عقلا، خلافا لجماعة من المتكلمين

- ‌المسألة / (76/أ) الرابعةالقائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا اختلفوا في ورود التعبد به

- ‌القسم الثانيفي شرائط وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌الصنف الأول"في الشرائط المتفق عليها

- ‌المسألة الأولىيشترط أن يكون الراوي مكلفا

- ‌المسألة الثانيةإذا كان صبيا عند التحمل، بالغا عند الرواية، متصفا بالشرائط المعتبرة في غيره عند الرواية فإنها تقبل

- ‌المسألة الثالثةيشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا

- ‌المسألة الرابعةيشترط أن يكون الراوي عدلا

- ‌المسألة الخامسةالفاسق الذي ترد روايته وفاقا إنما هو الفاسق الذي يعلم فسقه، فأما الذي لا يعلم فسقه: فإن كان فسقه مظنونا قبلت روايته

- ‌المسألة السادسةيشترط أن يكون الراوي ضابطا لما سمعه، فرواية المغفل الذي لا يضبط حالة السماع، والذي يضبط فيها لكن يغلب عليه السهو والنسيان بعدها، والذي يتساوى فيه احتمال الذكر والسهو والنسيان غير مقبولة

- ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

- ‌خاتمة لهذا الصنف

- ‌المسألة الأولى"اختلفوا في اعتبار العدد في المزكى والجارح على ثلاثة أقوال:

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أنه هل يشترط ذكر سبب الجرح والتعديل في قبولهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةفي أن الجرح هل يقدم على التعديل أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي مراتب التعديل

- ‌المسألة الخامسةترك الحكم بشهادته، وترك العمل بروايته ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق، وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته

- ‌المسألة السادسةفي تعديل الصحابة

- ‌الصنف الثاني

- ‌المسألة الأولىمذهب الأكثرين أنه لا يشترط العدد في الراوي بل يقبل خبر الواحد العدل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الراوي أن يكون معروف النسب

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط/ كون الراوي فقيها

- ‌المسألة الرابعةالراوي إذا عرف منه التساهل في حديث الرسول فلا خلاف في أنه لا تقبل روايته

- ‌المسألة الخامسةلا يشترط أن يكون عالما بالعربية، وبمعنى الخبر

- ‌المسألة السادسةليس من شرط الراوي أن يكون مكثرا لسماع الحديث، ومكثرا للرواية ومشهورا بمجالسة المحدثين ومخالطتهم

- ‌المسألة السابعةراوي الأصل إذا لم يقبل الحديث وأنكر الرواية [عنه] هل يقدح ذلك في رواية الفرع أم لا

- ‌القسم الثالث"فيما اختلف فيه في رد خبر الواحد

- ‌المسألة الأولىاعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا

- ‌المسألة الثانيةإذا روي عن الرسول عليه السلام: أنه فعل فعلا يخالف موجب خبر الواحد:فإن لم يكن لفظ الخبر متناولا له عليه السلام، ولا قامت الدلالة على أن حكمه وحكمنا فيه سواء لم يكن بينهما تناف فلا يرد به الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةإذا انفرد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة، هل يوجب ذلك رد الزيادة [أم لا]

- ‌المسألة الخامسةإذا وجد خبر الواحد مخصصا أو مقيدا لعموم الكتاب، أو السنة المتواترة أو إطلاقه، ولم يعلم مقارنته له ولا تراخيه عنه هل يقبل أم لا

- ‌المسألة السادسةالراوي إذا خالف ظاهر الحديث لم يقدح ذلك في وجوب الأخذ بظاهر الحديث عندنا وعند كثير من العلماء، وهو اختيار الكرخي

- ‌المسألة السابعةإذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله

- ‌المسألة الثامنةيجوز للراوي أن ينقل الخبر بالمعنى

- ‌المسألة التاسعةالراوي إذا أراد نقل بعض الخبر وترك البعض الآخر، هل يجوز له ذلك أم لا

- ‌المسألة العاشرةالمرسل هل هو مقبول أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرةفي التدليس

- ‌القسم الرابع"في مسند الراوي وكيفية روايته

- ‌النوع الرابع عشرالكلام في القياس

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى القياس بحسب اللغة، وبحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةفي تعريف الأصل والفرع

- ‌المسألة الثالثةاعلم أنا إذا علمنا أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا، وعلمنا حصول ذلك الوصف مع جميع ما يعتبر في اقتضائه لذلك الحكم في صورة النزاع علمنا حصول مثل ذلك الحكم في صورة النزاع، فهذا النوع من القياس مما لا نزاع فيه بين العقلاء بل الكل أطبقوا

- ‌الباب الأولفي بيان أن القياس حجة في الشرعيات

- ‌المسألة الثانيةفي إثبات جواز التعبد به عقلً

- ‌المسألة الثالثةفي أنه لا يجب وقوع التعبد بالقياس عقلًا

- ‌المسالة الرابعةفي أن التعبد بالقياس واقع سمعًا

- ‌المسألة الرابعةالنص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس

- ‌المسألة الخامسةالمسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنصوص عليه

- ‌الباب الثانيفي الركن الأول من أركان القياس وهو الأصل

- ‌المسألة الأولىفي شرائط الأصل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز القياس عليه

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع على أن حكمه معلل

- ‌الباب الثالثفي الركن الثاني وهو الحكم

- ‌المسألة الأولىفي شرطه

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أن النفي الأصلي هل يعرف بالقياس أم لا

- ‌المسألة الثالثةذهب أصحابنا إلى أن القياس يجري في أسباب الأحكام كما يجري في الأحكام خلافًا للحنفية

- ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الخامسةذهب أصحابنا إلى أنه يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس خلافًا للحنفية والجبائي من المعتزلة

- ‌المسألة السادسةالأمور العادية والخلقية: كأقل الحيض وأكثره، وأقل مدة الحمل وأكثره لا يجوز إثباته بالقياس

- ‌المسألة السابعةيجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص

- ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

الفصل: ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

‌المسألة الثانية

الأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

.

ومنهم من فصل بين التواتر الذي يكون عن الأمور الموجودة حال تواترها كالإخبار عن البلدان النائية والحوادث الموجودة في زماننا، وبين التواتر عن الأمور الماضية المنقضية كالإخبار عن القرون السالفة فقال بإفادة النوع الأول، دون الثاني.

لنا: أنا نجد أنفسنا جازمة مطمئنة بوجود البلاد النائية، والأشخاص الماضية من السلوك والعلماء والحكماء كوجود بختنصر، ووجود الشافعي.

ص: 2716

وأبي حنيفة - رحمهما الله - ووجود بقراط، وسقراط جزما خاليا عن التردد والتشكك، كجزمنا بالمشاهدات، فيكون المنكر له كالمنكر للمشاهدات، فلا تباحث ولا تناظر إلا ما يناظر به منكر المشاهد من الحرق بالنار وما يجري مجراه.

فإن قلت: تدعون جزم الأنفس وطمأنينتها بالمتوترات بالنسبة إلى من يعتقد أن التواتر يفيد العلم اليقيني، أو بالنسبة إلى الكل سواء اعتقد ذلك أو لم يعتقد؟

والأول مسلم، لكنه لا يفيد؛ لأن وجد أن الخصم من نفسه حكم ما يعتقد سببيته له لا يكون حجة على خصمه / (54/أ)، ولأنه معارض بمثله أبدا. والثاني ممنوع؛ وهذا فإنا لا نجد من أنفسنا وعند هذا نقول ليس الاستدلال بوجدان البعض على كونه ضروريا أولى من الاستدلال بعدم وجدان البعض الآخر على عدم كونه ضروريا، بل هذا أولى، لأنه لا يجوز أن يختلف العقلاء في الضروريات بعد الاشتراك في إثباتها.

ص: 2717

سلمنا ذلك لكن لا نسلم أن الجزم به كالجزم بالمشاهد، وهذا لأن القائلين بأنه يفيد العلم اختلفوا في أنه ضروري، أو نظري: ولو كان الجزم فيه كالجزم في المشاهد لما وقع هذا الاختلاف كما في المشاهد.

سلمنا دلالة على ما ذكرتم على ما ذكرتم لكنه معارض بوجوه:

أحدها: أنه لو أفاد العلم، فأما أن يفيد العلم الضروري أو النظري، والقسمان باطلان فبطل أن يفيد العلم، أما الملازمة فبينة، إذ لا يخلو العلم عن هذين النوعين، لأنه إن احتاج في حصوله إلى وسط يستلزمه فهو النظري، وإلا فهو الضروري، ومعلوم أنه لا واسطة بين النفي والإثبات.

وأما بطلان اللازم فسيعرف من أدلة الفريقين الذين اختلفوا في أن العلم الحاصل عقيب التواتر نظري أو ضروري.

[وثانيها: أنا إذا عرضنا على عقولنا أن الواحد نصف الاثنين] وعرضنا على عقولنا وجود جالينوس وجدنا [الجزم] الأول أقوى وأكمل من الجزم الثاني، وذلك يدل على تطرق احتمال في نقيضه وهو قادح في يقينيته.

ص: 2718

وثالثها: أن جزمنا بالمتواترات ليس أقوى من جزمنا بأن ما نشاهده اليوم من الأولاد والعبيد والزوجات هم الذين شاهدناهم بالأمس، ثم إنه ليس بيقيني، لاحتمال أن يوجد أشخاص مساوية لأولئك في الشكل والصورة من كل الوجوه: إما للقادر المختار على ما هو مذهب المليين، أو للأشكال الفلكية الغريبة على ما هو رأي من ينكر القادر المختار، فثبت أن هذا الجزم ليس بيقيني، وإذا لم يكن هذا الجزم يقينيا فما هو مثله أو أضعف منه يجب أن لا يكون يقينيا أيضا أو ضروري. أولى أن لا يكون يقينيا.

ورابعها: أن خبر كل واحد منهم لا يفيد العلم بل يحتمل أن يكون كاذبا فكذا خبر الكل، لأن كل واحد من الزنج لما كان أسوك كان الكل أيضا كذلك.

وخامسها: لو جاز أن يخبر جماعة بما يفيد العلم، فلو أخبر جماعة أخرى مثلهم بنقيضه، فإن لم يفد العلم قولهم مع أنهم مثل الأولين لزم الترجيح من غير مرجح، وإن أفاد قولهم العلم كقول الأولين لزم اجتماع النقيضين.

وسادسها: أنا نرى جمعا كثيرا متفرقين في شرق البلاد وغربها كاليهود، والنصارى، والمجوس، ينقلون أمروا على وجه التواتر يقطع ببطلانها، فلو كان خبر التواتر مفيدا للعلم لاستحال القطع ببطلانها بل وجب القطع بصحتها.

لا يقال: إن ذلك لفقد شرط التواتر فيها نحو استواء الطرفين والواسطة؛ فإن اليهود لم يوجد فيهم استواء الواسطة، والنصارى لم يوجد فيهم استواء الطرفين؛ فإنهم كانوا قليلين في الابتداء وكذا المجوس؛ لأنا نقول: القوم يدعون صحة التواتر فيها، كادعاء غيرهم في أخبارهم المتواترة؛ لأن

ص: 2719

الطريق إلى تصحيح التواتر للفرق ليس إلا أن أهل التواتر في كل زمان يخبرون عن الذين ينقلون منهم الخبر أنهم متصفون بصفات أهل التواتر، وأن كل ما ظهر بعد خفاء، وقوي بعد ضعف فلا بد وأن يشتهر فيما بين الناس حدوثه ووقت حدوثه كسائر المذاهب المحدثة فلو كان ذلك الخبر كذبا موضوعا لاشتهر وضعه، ووقت وضعه ولما لم يظهر شيء من ذلك علمنا صحته، والقوم يدعون صحة تواترهم في تلك الأمور بهذين الطريقتين وتطرق الطعن والكذب إلى أحدهما يوجب تطرقه إلى الآخر.

وما يقال: من أن اليهود قد قلوا في زمان بختنصر إلى أن لم يبق منهم عدد التواتر فضعيف؛ لأن فناء الأمم المتفرقة في شرق البلاد وغربها إلى هذا الحد بعيد جدا، ولأن شرع موسى عليه السلام كان منقولا بالتواتر إلى زمان عيسى عليه السلام ولهذا كان الناس مكلفين به، فلو لم يبق عددهم إلى عدد التواتر لما كان الأمر كذلك، وكذلك ما يقال في النصارى: أنهم كانوا قليلين في ابتداء الأمر لأن الناس أجمعوا على أن الناس كانوا مكلفين بشرع عيسى عليه السلام إلى زمان محمد عليه السلام فلو لم يكن شرعه منقولا ابتداء لما قام به الحجة فيما لا يقبل فيه غير المفيد لليقين كأصول الديانات، ولما كان الناس مخاطبين بأصوله وفروعه إلى زمان نبينا عليه السلام علمنا فساد ما ذكروه.

وسابعها: لو حصل العلم عقيب التواتر المستجمع لشرائطه، فإما أن يكون الحصول بصفة الإمكان أو بصفة الوجوب، القسمان باطلان فبطل القول بالحصول وإنما قلنا: أنه لا يجوز أن يحصل بصفة الإمكان لوجهين:

ص: 2720

أحدهما: أن ترجح حصوله حيث حصل على لا حصوله حينئذ ترجح لأحد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو محال.

وثانيهما: أنه حينئذ لا يمكن القطع بأن التواتر يفيد العلم لا محالة بل يجري حصوله عقيبه مجرى الأمور الاتفاقية، وما يكون كذلك امتنع الحكم عليه بكونه مفيدا، وإنما قلنا: إنه لا يجوز أن يحصل بصفة الوجوب؛ لأن المستلزم له حينئذ إما: قول كل واحد منهم أو قول المجموع، والأول باطل.

أما أولا: فبالاتفاق، لأن قول الواحد لا يفيد العلم عند الخصم أيضا من الأفراد المتعاقبة لزم ما تقدم من المحذور وزيادة وهي قيام الصفة الموجودة.

وأما ثانيا: فلأنا نعلم بالضرورة أن قول الواحد الغير المعصوم الذي لم تحتف به قرينة لا يفيد العلم.

وأما ثالثا: فلأن تلك الإخبارات إن وجدت دفعة واحدة لزم اجتماع المؤثرات الكبيرة على الأثر الواحد / (55/أ) وهو ممتنع، وإن وجدت على التعاقب لزم نقض العلة العقلية وهو محال؛ لأنه إذا حصل العلم بالسابق استحال حصول ذلك العلم بعينه باللاحق لاستحالة إيجاد الموجود، واستحال أيضا وجود مثله به؛ لاستحالة الجمع بين المثلين، وحينئذ يلزم أن يبقى اللاحق خاليا عن الاستلزام وهو المطلوب، والثاني أيضا باطل؛ أما أولا: فلأنه إن اشترط في ذلك حصول تلك الإخبارات دفعة واحدة لزم خلاف الإجماع؛ لأن كل من يقول الخبر المتواتر يفيد العلم لا يفرق بين أن يوجد دفعة واحدة أو على التعاقب بل الغالب فيه التعاقب، فالقول بأنه يفيد العلم ويشترط في إفادته العلم حصوله دفعة واحدة قول لم يقل به أحد، وإن لم يشترط فيه ذلك لزم جواز إسناد الأثر الوجودي إلى المعدوم؛ إذ ليس للمجموع وجود عند حصول الأثر على تقدير حصوله على وجه التعاقب لكن ذلك محال.

وأما ثانيا: فلأن المستلزمية نقيض اللا مستلزمية التي هي عدمية فكانت

ص: 2721

ثبوتية فالموصوف بها إن كان المجموع الموجود دفعة واحدة لزم قيام الصفة الواحدة بالأشياء الكثيرة وهو محال، وإن كان الموصوف بها المجموع الحاصل من الأفراد المتعاقبة لزم ما تقدم من المحصول وزيادة وهي قيام الصفة الموجودة بالمعدوم.

وأما ثالثا: فلأنه إن لم يحصل عند الاجتماع أمر زائد على حالة الإنفراد وجب أن لا يفيد كما كان في حالة الانفراد وإن حصل فالمقتضى له ليس هو كل واحد من تلك الأفراد وإلا لوجب حصوله حالة الانفراد وحينئذ يلزم حصول العلم بخبر كل واحد منهم وهو ممتنع بل المجموع والكلام فيه كالكلام في الأول فيلزم إما التسلسل، أو ينتهى إلى أن يكون المستلزم لذلك كل واحد من تلك الأفراد وهما ممتنعان.

فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المستلزم لذلك الهيئة الاجتماعية وما ذكرتم من الدليل لا يلتفت إليه بالنسبة إليها لو سلم تأتيه بالنسبة إليها لأنها معلومة الحصول [بالضرورة] لكل واحد فلا يلتفت إليه؟

قلت: فالهيئة الاجتماعية المستلزمة له إن كانت هي الهيئة الاجتماعية الخارجية وجب أن لا يحصل العلم بما يحصل من التواتر على التعاقب؛ ضرورة عدم حصولها في الخارج؛ لأن الهيئة الاجتماعية الخارجية تستدعي تحقق الأجزاء بأسرها في الخارج، وإن كانت هي الهيئة الاجتماعية الذهنية فهي أيضا باطلة؛ لأنها أمر عدمي والأمر العدمي لا يسلتزم الأمر الوجودي.

وثامنها: أنه لو حصل العلم بخبر التواتر فالمستلزم له ليس آحاد الحروف وهو ظاهر جدا، ولا مجموعها؛ لأنه لا وجود للمجموع في الخارج ومستلزم الأمر الوجودي يجب أن يكون وجوديا، ولا الحرف الأخير بشرط

ص: 2722

أن يكون مسبوقا بعيره من الحروف المعتبرة في الإفادة؛ لأن المسبوقية عدمية فيستحيل أن يكون جزء العلة أو شرطها، ولا هو بشرط وجود سائر الحروف [قبله؛ لأنه لا وجود لسائر الحروف عند وجود الحرف الأخير والشرط] يجب أن يكون مقارنا للمشروط.

وتاسعها: أنه لو كان أعلم الضروري حاصلا من الخبر المتواتر لما خالفناكم مع كثرتنا وتفرقنا في الأطراف والنواحي مع إنصافنا حتى لا يتوهم التواطؤ على الإنكار وحتى لا يحمل ذلك على المكابرة والعناد.

الجواب: عما ذكرتم من جهة الإجمال والتفصيل:

أما من جهة الإجمال فهو أن ما ذكرتم تشكيك في الضروريات فلا يستحق الجواب.

أما من جهة الإجمال فهو أن ما ذكرتم تشكيك في الضروريات فلا يستحق الجواب.

وأما من جهة التفصيل فالجواب عن الأول: أنا ندعي ذلك بالنسبة إلى كل واحد من العقلاء سواء اعتقد ذلك أو لم يعتقده بدليل أن [من] لم يمارس شيئا من العلوم ولم يعرف قواعدها فإنه إذا سمع الخبر المتواتر اضطر إلى العلم بمدلوله، ولم يجد إلى التشكك فيه سبيلا، ولذلك لم يجد العامي من نفسه شكا بين وجود دمشق إلى شاهدها وبين بغداد التي ما شاهدها ولكن سمع بالتواتر وجودها.

وأما أنكم لم تجدوا ذلك من أنفسكم [فلو صح هذا منكم فإنما هو بناء على ما تعتقدون في أنفسكم] من عدم إفادته العلم، وفرق بين عدم اعتقاد

ص: 2723

إفادته العلم، وبين اعتقاد عدم إفادته العلم، ونحن إنما ادعينا ذلك بالنسبة إلى الأولين دون الآخرين.

وعن الثاني ما تقدم من أن العاقل الذي لم يعتقد شيئا من الآراء والمذاهب فإنه لا يجد من نفسه تفاوتا بين ما شاهده، وبين ما سمع وجوده بالتواتر كما تقدم تمثيله في العامي، وأما كون ضرورته مختلفا فيها فذلك لا يدل على أن الجزم به ليس كالجزم في المشاهدات؛ لجواز أن يكون أصل الشيء معلوما بالضرورة بحيث يكون الجزم به مساويا لضروريات أخر ولا يكون وصفه كذلك.

وكون ذلك العلم ضروريا أو نظريا كيفية من كيفيات ذلك العلم فجاز أن يكون الجزم به دونه.

وعن الثالث: إنا نختار أنه يفيد العلم الضروري، وسنجيب عن أدلة القائلين بأنه نظري.

وعن الرابع: أنا لو سلمنا أنه أقوى، فإنما كان أقوى، لأنه بديهي والعلوم البديهية لا تقبل احتمالا ما لا بحسب العادة، ولا بحسب العقل، بخلاف العلوم العادية فإنه وإن لم تحتمل احتمالا ما بحسب العادة، لكنها تحتمل بحسب العقل، والعلم الحاصل عقيب التواتر إنما هو بحسب العادة فإن الله تعالى أجرى عادته بخلقه عقيبه وبه خرج الجواب عن / (56/أ).

الخامس: فإن احتماله النقيض بحسب العقل لا يقدح في يقينيته العادة فحينئذ يمنع أنه ليس بيقيني فما هو مثله يكون أيضا كذلك.

وعن السادس: أن حكم المجموع المركب من الأفراد قد يكون مخالفا لحكم تلك الأفراد والعلم بذلك ضروري بعد الاستقراء.

ص: 2724

وعن السابع: أنه فرض محال، فإنه مهما حصل في شيء يحصل التواتر بشرائطه فيه، وحينئذ يستحيل حصوله في نقيضه عندنا وحينئذ لا يمتنع أن يكون فرضه مستلزما لما ذكروه من المحال فإن المحال جاز أن يستلزم المحال.

وعن الثامن: أن ذلك لفقد شرط صحة التواتر، وأما دعواهم صحة التواتر فيها كما فيما ينقلونه عن موسى عليه السلام أنه قال:"تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض" فبهت صريح؛ فإن اليهود الذين كانوا في زمن الرسول عليه السلام مع شدة حرصهم على الطعن في نبوته لم يذكروا ذلك مع تشبثهم بمطاعن لا أصل لها، ولو كان ذلك منقولا بالتواتر عن موسى عليه السلام لكان ذلك من أعظم المطاعن لهم وكيف لا؟ وقد نقل أنه وضع ذلك ابن الراوندي وعلمهم بأن يدعو التواتر فيه، ثم هذا يشكل على الخصم أيضا؛ لأنه وإن نازعنا في أن التواتر يفيد العلم لكنه لا ينازع في أنه يفيد الظن الغالب بل يساعد عليه، وما يدعون التواتر فيه ليس هو مظنون الصحة؛ بل هو مقطوع البطلان، فما هو جوابه بالنسبة إلى الظن فهو جوابنا بالنسبة إلى العلم وليس ذلك إلا أنه لم يوجد شروط صحة

ص: 2725

التواتر فيها.

وعن التاسع: أن نقول لم لا يجوز أن يحصل بصفة الإمكان؟

قوله في الوجه الأول: "لزم ترجيح احد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو محال".

قلنا: العلم الحاصل عقيب التواتر إنما هو بخلق الله تعالى عندنا فجاز أن يخلقه عقيب تواتر دون تواتر، ولا نسلم امتناع ترجيح أحد الجائزين على الآخر بالنسبة إلى القادر المختار.

قوله في الوجه الثاني: أن حصوله عقيبة حينئذ يجري مجرى الأمور الاتفاقية.

قلنا: لا نسلم بل يجري مجرى ترتب المسبب على السبب الأثيري.

سلمنا فساد هذا القسم فلم لا يجوز أن يكون بصفة الوجوب؟

قوله: "والمستلزم له أن كان قول المجموع لزم كذا وكذا".

قلنا: إنما يلزم ما ذكرتم من المحذور أن لو كانت الإخبارات مستلزمة للعمل بذواتها، لكن ذلك باطل بل بخلق الله تعالى العلم عقيب تلك الإخبارات، ومعلوم أن على هذا التقدير لا يلزم ما ذكرتم من المحذور وبه خرج الجواب عن العاشر أيضا.

وعن الحادي عشر: أن مخالفتكم فيه لو كان يمنع من كونه ضروريا لكانت مخالفة السوفسطائية المنكرين للمحسوسات تمنع أيضا أن يكون العلم

ص: 2726