المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [ - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٧

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الثالث عشرالكلام في الأخبار

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة الخبر وحده

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أن الخبر لا يخلو عن كونه صدقا، أو كذبا

- ‌الفصل الأول"في الخبر الذي يقطع بصدقه

- ‌القسم الأولفي التواتر

- ‌المسألة الأولىفي معنى التواتر لغة واصطلاحا:

- ‌المسألة الثانيةالأكثرون على أن الخبر المتواتر بفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية والبراهمة

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

- ‌المسألة الرابعةاستدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين

- ‌المسألة الخامسةفي شروط الخبر المتواتر

- ‌المسألة السادسةقد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا

- ‌المسألة السابعةلا يعتبر في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد

- ‌المسألة الثامنةلا يشترط فيهم أن يكونوا مختلفي الأديان، والأنساب، والأوطان

- ‌المسألة التاسعةلا يشترط أن يكون فيهم معصوم خلافا للشيعة ولابن الراوندي

- ‌المسألة العاشرةلا يشترط في السامعين أن لا يكونوا على اعتقاد نفي موجب الخبر لشبهة، أو تقليد

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أنه هل يجب اطراد حصول العلم بالنسبة إلى سائر الأشخاص بإخبار عدد التواتر الذي حصل العلم بخبرهم عن واقعة بالنسبة إلى شخص أم لا

- ‌المسألة الثانية عشرةفي التواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني من هذا الفصل

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا

- ‌المسألة الثانيةإذا أخبر واحد بحضرة جماعة كثيرة عن شيء محسوس بحيث لا يخفى عن مثلهم، وسكتوا عن تكذيبه كان ذلك دليلا على صدقه عند قوم، وخالف فيه آخرون

- ‌المسألة الثالثةإذا أخبر واحد بين يدي الرسول عليه السلام، وسكت الرسول عليه السلام عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا

- ‌المسألة الرابعةاجماع الأمة على موجب خبر لا يدل على القطع بصدقه

- ‌المسألة الخامسةقال بعض الشيعة:بقاء النقل، مع توافر الدواعي على إبطاله يدل على صحته قطعا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في أن شطر الأمة إذا قبل الحديث وعمل بمقتضاه، أو احتج به في مسألة علمية، والشطر الآخر اشتغل بتأويله هل يدل ذلك على صحته على وجه القطع

- ‌الفصل / (69/أ) الثانيمن كتاب الأخبار

- ‌المسألة الأولىالخبر الذي يكون على خلاف ما علم وجوده بالضرورة

- ‌المسألة الثانيةالواحد إذا انفرد بنقل ما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله؛ إما لتعلق الدين به: كأصول الشرع، أو لغرابته: كسقوط المؤذن من المنارة بمشهد الجمع العظيم والجم الغفير، أولهما جميعا: كالمعجزات، ولم ينقله الباقون فهو أيضا مما يقطع بكذبه عند الج

- ‌المسألة الثالثةالخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب

- ‌المسألة الرابعةفي أن الأخبار المروية عنه عليه السلام بالآحاد قد وقع فيها ما يقطع بكذبه

- ‌الفصل الثالثفي الخبر الذي لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌القسم الأول

- ‌المسألة الأولىفي حقيقة خبر الواحد:

- ‌المسألة/ الثانية: (73/أ)خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم عند جماهير العلماء خلافا لبعض أصحاب الحديث

- ‌المسألة الثالثةذهب الأكثرون في أنه يجوز ورود التعبد بخبر الواحد عقلا، خلافا لجماعة من المتكلمين

- ‌المسألة / (76/أ) الرابعةالقائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلا اختلفوا في ورود التعبد به

- ‌القسم الثانيفي شرائط وجوب العمل بخبر الواحد

- ‌الصنف الأول"في الشرائط المتفق عليها

- ‌المسألة الأولىيشترط أن يكون الراوي مكلفا

- ‌المسألة الثانيةإذا كان صبيا عند التحمل، بالغا عند الرواية، متصفا بالشرائط المعتبرة في غيره عند الرواية فإنها تقبل

- ‌المسألة الثالثةيشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا

- ‌المسألة الرابعةيشترط أن يكون الراوي عدلا

- ‌المسألة الخامسةالفاسق الذي ترد روايته وفاقا إنما هو الفاسق الذي يعلم فسقه، فأما الذي لا يعلم فسقه: فإن كان فسقه مظنونا قبلت روايته

- ‌المسألة السادسةيشترط أن يكون الراوي ضابطا لما سمعه، فرواية المغفل الذي لا يضبط حالة السماع، والذي يضبط فيها لكن يغلب عليه السهو والنسيان بعدها، والذي يتساوى فيه احتمال الذكر والسهو والنسيان غير مقبولة

- ‌المسألة السابعةلا يقبل عندنا رواية من لم يعرف منه سوى الإسلام وعدم الفسق ظاهرا بل لا بد من خبرة باطنة بحاله، ومعرفة استقامة سيرته ودينه، أو تزكية من عرفت عدالته بالخبرة له

- ‌خاتمة لهذا الصنف

- ‌المسألة الأولى"اختلفوا في اعتبار العدد في المزكى والجارح على ثلاثة أقوال:

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أنه هل يشترط ذكر سبب الجرح والتعديل في قبولهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةفي أن الجرح هل يقدم على التعديل أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي مراتب التعديل

- ‌المسألة الخامسةترك الحكم بشهادته، وترك العمل بروايته ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق، وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته

- ‌المسألة السادسةفي تعديل الصحابة

- ‌الصنف الثاني

- ‌المسألة الأولىمذهب الأكثرين أنه لا يشترط العدد في الراوي بل يقبل خبر الواحد العدل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الراوي أن يكون معروف النسب

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط/ كون الراوي فقيها

- ‌المسألة الرابعةالراوي إذا عرف منه التساهل في حديث الرسول فلا خلاف في أنه لا تقبل روايته

- ‌المسألة الخامسةلا يشترط أن يكون عالما بالعربية، وبمعنى الخبر

- ‌المسألة السادسةليس من شرط الراوي أن يكون مكثرا لسماع الحديث، ومكثرا للرواية ومشهورا بمجالسة المحدثين ومخالطتهم

- ‌المسألة السابعةراوي الأصل إذا لم يقبل الحديث وأنكر الرواية [عنه] هل يقدح ذلك في رواية الفرع أم لا

- ‌القسم الثالث"فيما اختلف فيه في رد خبر الواحد

- ‌المسألة الأولىاعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا

- ‌المسألة الثانيةإذا روي عن الرسول عليه السلام: أنه فعل فعلا يخالف موجب خبر الواحد:فإن لم يكن لفظ الخبر متناولا له عليه السلام، ولا قامت الدلالة على أن حكمه وحكمنا فيه سواء لم يكن بينهما تناف فلا يرد به الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةإذا انفرد الثقة بزيادة في الحديث عن جماعة النقلة، هل يوجب ذلك رد الزيادة [أم لا]

- ‌المسألة الخامسةإذا وجد خبر الواحد مخصصا أو مقيدا لعموم الكتاب، أو السنة المتواترة أو إطلاقه، ولم يعلم مقارنته له ولا تراخيه عنه هل يقبل أم لا

- ‌المسألة السادسةالراوي إذا خالف ظاهر الحديث لم يقدح ذلك في وجوب الأخذ بظاهر الحديث عندنا وعند كثير من العلماء، وهو اختيار الكرخي

- ‌المسألة السابعةإذا اقتضى خبر الواحد علما، وكان في الأدلة القاطعة ما يدل عليه لم يرد بل يجب قبوله

- ‌المسألة الثامنةيجوز للراوي أن ينقل الخبر بالمعنى

- ‌المسألة التاسعةالراوي إذا أراد نقل بعض الخبر وترك البعض الآخر، هل يجوز له ذلك أم لا

- ‌المسألة العاشرةالمرسل هل هو مقبول أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرةفي التدليس

- ‌القسم الرابع"في مسند الراوي وكيفية روايته

- ‌النوع الرابع عشرالكلام في القياس

- ‌ المقدمة

- ‌المسألة الأولىفي تحقيق معنى القياس بحسب اللغة، وبحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثانيةفي تعريف الأصل والفرع

- ‌المسألة الثالثةاعلم أنا إذا علمنا أن الحكم في محل الوفاق معلل بكذا، وعلمنا حصول ذلك الوصف مع جميع ما يعتبر في اقتضائه لذلك الحكم في صورة النزاع علمنا حصول مثل ذلك الحكم في صورة النزاع، فهذا النوع من القياس مما لا نزاع فيه بين العقلاء بل الكل أطبقوا

- ‌الباب الأولفي بيان أن القياس حجة في الشرعيات

- ‌المسألة الثانيةفي إثبات جواز التعبد به عقلً

- ‌المسألة الثالثةفي أنه لا يجب وقوع التعبد بالقياس عقلًا

- ‌المسالة الرابعةفي أن التعبد بالقياس واقع سمعًا

- ‌المسألة الرابعةالنص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس

- ‌المسألة الخامسةالمسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنصوص عليه

- ‌الباب الثانيفي الركن الأول من أركان القياس وهو الأصل

- ‌المسألة الأولىفي شرائط الأصل

- ‌المسألة الثانيةلا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز القياس عليه

- ‌المسألة الثالثةلا يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع على أن حكمه معلل

- ‌الباب الثالثفي الركن الثاني وهو الحكم

- ‌المسألة الأولىفي شرطه

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في أن النفي الأصلي هل يعرف بالقياس أم لا

- ‌المسألة الثالثةذهب أصحابنا إلى أن القياس يجري في أسباب الأحكام كما يجري في الأحكام خلافًا للحنفية

- ‌المسألة الرابعةذهب أصحابنا وأكثر الأثمة إلى: أنه يجوز إثبات الحدود/ (161/ أ) والكفارات، والرخص، والتقديرات بالأقيسة خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه - رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الخامسةذهب أصحابنا إلى أنه يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس خلافًا للحنفية والجبائي من المعتزلة

- ‌المسألة السادسةالأمور العادية والخلقية: كأقل الحيض وأكثره، وأقل مدة الحمل وأكثره لا يجوز إثباته بالقياس

- ‌المسألة السابعةيجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص

- ‌المسألة الثامنةقد عرفت مما سبق من أدلة القياس أن القياس مأمور به، فهو إذن إما واجب، أو مندوب

الفصل: ‌المسألة الثالثةالقائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

بالمحسوسات ضروريا ولا جواب لكم [عنه] إلا أن مخالفة الشرذمة القليلة لا يقدح في الضروريات فهو بعينه جوابنا بالنسبة إلى المتواترات.

وأما إنصافكم فبتقدير صحته لا يمنع من خطئكم، بل إنما يمنع من العناد والمكابرة ولسنا نحمل خلافكم عليه إن صح ما ادعيتم من إنصافكم.

‌المسألة الثالثة

القائلون بأن التواتر يفيد العلم، اختلفوا في أن ذلك العلم ضروري أو نظري [

فذهب الجمهور من الفقهاء والمتكلمين من الفريقين إلى أنه ضروري وهو الحق].

وذهب الكعبي، وأبو الحسين البصري من المعتزلة، والدقاق منا إلى أنه نظري، وهو قول إمام الحرمين، لأنه جعل العلم الحاصل عقيبه من باب العلم المستند إلى القرائن.

ص: 2727

وقال الغزالي رحمه الله:"إن عنى بالضروري ما يكون حاصلا من غير توسط مقدمتين كقولنا الموجود لا يكون معدوما، والقديم لا يكون محدثا فهو غير ضروري؛ لأنه لا بد في حصوله من مقدمتين.

إحداهما: أن هؤلاء المخبرين مع كثرتهم واختلاف أحوالهم، لا يجمعهم على الكذب جامع ولا يتفقون إلا على الصدق.

وثانيهما: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة لكن غاية ما في الباب أنه لا يفقتر إلى ترتيب المقدمتين بلفظ منظوم، ولا إلى الشعور بتوسطهما وإفضائهما إليه.

وإن عنى به ما يكون حاصلا من غير تشكل الواسطة المفضية إليه وإن كانت الواسطة حاضرة في الذهن فهو ضروري.

وذهب المرتضى من الشيعة إلى التوقف.

حجة الجماهير من وجوه: أحدها: أنه لو كان العلم الحاصل عقيب التواتر نظريا - لما حصل لمن لا يكون من أهل النظر: كالصبيان، والبله، والعوام، ولما حصل لهم ذلك علمنا أنه ليس بنظري.

واعترض عليه: بأنا لا نسلم أنه حاصل لمن ليس له أهلية النظر؛ وهذا لأن النظر في ذلك ليس إلا ترتيب العلوم بأحوال المخبرين وهو سهل حاصل للعوام والصبيان المميزين الذين يحصل لهم العلم بالمتوترات؛ ولذلك فإنهم يستنتجون علوما كثيرة من تركيب علوم قد حصل في عقولهم من البديهيات، والمحسوسات، والعرفيات المشهورات، وإنما هم ليسوا أهلا للنظر الذي مقدماته نظرية خفية.

فأما النظر الذي ليس كذلك فلا نسلم أنهم ليسوا أهلا.

ص: 2728

وجوابه: أنك ستعرف أن النظر في ذلك ليس بسهل، وأن مقدماته ليست بديهية ولا بمحسوسة، بل هو غامض يحتاج في تحصيله إلى مقدمات كثيرة نظرية خفية.

وثانيها: أن العلم النظري يتشكك فيه الإنسان إذا شك بشبهة، [والعلم بخبر التواتر لا يتشكك فيه الإنسان وإن شكك بشبهة] فلا يكون نظريا.

واعترض عليه بأن القابل للتشكيك / (57/أ) إنما هو العلم النظري المستفاد من المقدمات النظرية، فأما العلم النظري المستفاد من المقدمات الضرورية فلا نسلم أنه قابل للتشكيك.

وجوابه: أنا سنبين أن المقدمات التي يتوقف عليها العلم الحاصل بخبر التواتر على رأي القائلين بأنه نظري ليست بضرورية.

سلمناه لكنه يقتضي أن لا يكون شيء من العلوم النظرية لا يقبل التشكيك، ضرورة أن كل واحد منها مستفاد مما لا يقبل التشكيك؛ فإن المرتبة الأولى من مراتبها التي استفيدت من المقدمات الضرورية [لا تقبل التشكيك؛ لأنها مستفادة من المقدمات الضرورية] والمرتبة الثانية منها مستفادة من الذي لا يقبل التشكيك على الوجه الذي لا يقبل التشكيك؛ ضرورة أنه الوجه الذي استفيدت المرتبة الأولى به، والمستفاد من الذي لا يقبل التشكيك على الوجه الذي لا يقبل التشكيك. [لا يقبل التشكيك].

ص: 2729

وثالثها: أن كل واحد يعلم بالضرورة أن علمه بوجود مكة وبغداد أقوى وأجلى من علمه بالمقدمات التي يستفاد منها هذا العلم على رأي القائلين بأنه نظري، وبناء القول الجلي على الضعيف غير معقول.

ورابعها: لو كان نظريا لوجب أن لا يحصل عند الإضراب عن تحصيله والاعتراض عن النظر في مقدماته، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه ضروري.

واعترض عليه بما سبق، وهو ها هنا أضعف؛ لأن النظري الذي يستفاد من المقدمات الضرورية لا بد فيه من توجيه الذهن إلى وجه استنتاجه عنها؛ لأن وجه الاستنتاج غير حاصل بالضرورة.

وخامسها: لو كان نظريا لما اتفق العقلاء عليه؛ لأنه كما يستحيل اختلاف العقلاء في الضروريات يستحيل اتفاقهم في النظريات عادة ولما اتفق العقلاء عيه سوى شذوذ من الناس إما عنادا، وإما خطأ كما في المحسوسات علمنا أنه ليس بنظري.

واحتج القائلون بأنه نظري بوجوه:

أحدها: وهو ما ذكره أبو الحسين البصري وهو: أن الاستدلال عبارة عن ترتيب علوم أو ظنون يتوصل بها إلى علوم أو ظنون أخر فكل اعتقاد توقف وجوده على ترتيب اعتقادات أخر، فهو استدلالي، والعلم الواقع بخبر التواتر هذا سبيله؛ لأنا لا نعلم وجود ما أخبرنا أهل التواتر عنه إلا إذا علمنا

ص: 2730

أنه لا داعي للمخبرين إلى الكذب، وأنهم لا يخبرون عن ظن وتخمين بل عن أمر محسوس لا لبس فيه، وأنه متى كان ذلك - استحال أن يكون الخبر كذبا، وإذا بطل يكون كذبا: تعين أن يكون صدقا فكان العلم بما أخبر به أهل التواتر نظريا.

وجوابه: أنا لا نسلم أنه يتوقف على ما ذكرتم من الاستدلال؛ وهذا لأن العلم به حاصل للصبيان والبله مع أنهم لا يقدرون على ترتيب ما ذكرتم من المقدمات على الوجه الذي ذكرتموه، بل قل لا يحصل لهم الشعور بتلك المقدمات أصلا حالة العلم به، ولا بما به تصح تلك المقدمات فلو كان حصوله يتوقف على ما ذكرتم لاستحال حصوله لهم.

فإن قلت: إنها حاصلة لهم على الترتيب وإن لم يشعروا بذلك.

قلت: ما يكون حاصلا ولا يكون مشعورا به يكون بحيث لو نبه عليه لحصل الشعور به، ومن المعلوم أن الصبيان والبله لو نبهوا على تلك المقدمات، وعلى ما به تصح تلك المقدمات، وعلى ترتيبها لما حصل لهم [الشعور] بجمع ذلك، فلا يجوز أن يكون مستفادا منه.

ولا يظن أنه لا يعتبر الشعور بما تصح به تلك المقدمات، فإن عند التنبيه على ما يقدح في تلك المقدمات مع عدم الشعور بما يزيل ذلك لم تبق تلك المقدمات يقينية، فلو كان العلم الحاصل بالتواتر مستفادا منها وجب أن لا يبقى ذلك العلم إذ ذاك يقينيا ولما بقي يقينيا غير مشكك فيه علمنا أنه غير مستفاد منها، نعم ربما يتعرضون لكثرة المخبرين وعدم كذبهم عندما يسألون عن كمية

ص: 2731

العلم بما أخبروا به لكن ذلك لا يدل على ما ذكرتم؛ لجواز أن يكون ذلك إشارة إلى ما أجرى الله تعالى عادته من خلق العلم عقيب إخبار الخلق الكثير الذي لا يمكن تواطؤهم على الكذب عادة.

وثانيها: لو كان العلم الحاصل عقيب خبر التواتر ضرورة - لكنا مضطرين إليه، بحيث لا يمكننا الخلو عنه؛ ضرورة أنه على مضادة العلم النظري الذي يمكن الخلو عنه، ولو كان كذلك لعلمنا بالضرورة كوننا عالمين به على سبيل الاضطرار كما في سائر العلوم الضرورية، ولو كان كذلك لزم أن يكون العلم بكون ذلك العلم ضروريا كما في سائر اللضروريات، فكان يجب أن لا يكون مختلفا فيه بين العقلاء، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه غير ضروري.

وجوابه: منع الملازمة الثانية؛ وهذا لأن العلم بكون ذلك العلم ضروريا كيفية من كيفيات ذلك العلم، ولا يعد في أن يكون أصل الشيء معلوما بالضرورة دون وصفه، وأما القياس على سائر الضروريات فقياس تمثيلي خال عن الجامع المناسب فضلا عن اليقيني؛ فإن كونه ضروريا وصف طردي ولا يعارض بمثله بأن يقال: لو كان نظريا لكان العلم به نظريا كما في سائر النظريات، لأنه لا يمكن نفي اللازم، إذ الخصم يمنعه وليس له لازم يستدل بنفيه على نفيه بخلاف نفي ضرورته، فإن الخصم ربما يساعد على أن العلم يكون ذلك العلم ضروريا ليس بضروري، فإن لم يساعد عليه فإن من لوازم كونه / (58/أ) ضروريا أن يكون متفقا عليه بين العقلاء، فيستدل بنفيه على نفي ضرورته وليس من لوازم كونه نظريا أن يكون متفقا عليه بين العقلاء حتى يمكن الاستدلال بنفيه على نفي كونه نظريا، ولو قيل: لو كان نظريا لعلم بالضرورة كونه نظريا كان أشد منه، لكنه غير لازم، لجواز أن يكون نظريا شبيها بالضرورة كالذي نحن فيه

ص: 2732

[على أنا نمنع أنه لا يعلم بالضرورة كونه نظريا] على رأي الخصم.

وثالثها: وهو مختار الكعبي وهو: أنه لو جاز أن يعلم ما غاب عن الحس بالضرورة لجاز أن يعلم المحسوس بالاستدلال، وبطلان اللازم [يدل] على بطلان الملزوم.

وجوابه: منع الملازمة؛ فإنه لم يذكر عليها دليلا، وليست هي ضرورية حتى يسلم، ولئن قال: تسوية بين المتقابلين منعنا مطلق مطلوبيتها، ولو سلم لكن فيما فيه التقابل لا مطلقا، فلم قلتم وقوع التقابل بينهما من هذا الوجه؟

ورابعها: أنه لو كان ضروريا لما كان مختلفا فيه بين العقلاء كما في الضروريات.

وجوابه: ما سبق في المسألة المتقدمة.

وخامسها: أن خبر التواتر لا يزيد في القوة على خبر الله تعالى ورسوله [بل هو إما مماثل لهما أو أدنى منهما، والعلم الحاصل عقيب خبر الله ورسوله] ليس علما ضروريا بالاتفاق فكذا ما هو مثله، أو أدنى منه.

وجوابه: أنه إن عنى بقوله: ليس أقوى منه: أن كل واحد منهما لا

ص: 2733