الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ أَبْدَلَ بِهِ) أَيْ بِحَرْفٍ حَرْفًا آخَرَ (كَظَاءٍ بِضَادٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ) لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ وَكَإِبْدَالِ ذَالِ الَّذِينَ الْمُعْجَمَةِ بِالْمُهْمَلَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ لَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا تَنْطِقُ بِهَا الْعَرَبُ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَخَرَجَ بِتَخْفِيفِ الْمُشَدَّدِ عَكْسُهُ. فَيَجُوزُ وَإِنْ أَسَاءَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ الْمُقْتَصَرِ فِيهِ عَلَى الْمُتَقَابِلَيْنِ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ كَمَا اسْتَعْمَلَهَا الْأَصْلُ لَا عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ حَقٌّ إلَّا أَنْ يُضَمَّنَ الْإِبْدَالُ مَعْنَى التَّبَدُّلِ.
(وَإِنْ لَحَنَ) فِيهَا (فَغَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت، أَوْ كَسْرِهَا) وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (فَإِنْ تَعَمَّدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَبَدَلُ الْفَاتِحَةِ كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ لَمْ يَضُرَّ، لَكِنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَدَّ الْقَاضِي مِنْ اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى الْهَمْدُ لِلَّهِ بِالْهَاءِ وَأَقَرَّهُ فِي الْكِفَايَةِ، لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ كَجٍّ مِنْ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ (وَلِغَيْرِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ) مِنْ الْقِرَاءَةِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا (حُكْمُ اللَّحْنِ) فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى وَتَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَقِرَاءَتُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَتَصِحُّ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغْيِيرُ مَعْنَى وَلَا زِيَادَةُ حَرْفٍ وَلَا نُقْصَانُهُ فَفِيهَا زِيَادَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحْدَاثِ تَحْرِيمُ الْقِرَاءَةِ بِهَا مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ وَتَقَدَّمَ فِي الْأَحْدَاثِ بَيَانُ الشَّاذَّةِ مَعَ زِيَادَةٍ.
(وَيَجِبُ تَرْتِيبُ الْفَاتِحَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ، وَالْإِعْجَازِ (فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ) ، وَإِنْ غَيَّرَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ بِالْوُضُوءِ، وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّوَرِ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ (أَوْ) تَرَكَهُ (سَاهِيًا وَلَمْ يَطُلْ) غَيْرُ الْمُرَتِّبِ (بَنَى) ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ (وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ) إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ كَالسَّلَامِ (فَإِنْ أَخَلَّ) تَرَكَ تَرْتِيبَهُ (بِمَعْنَاهُ لَمْ يُجْزِهِ وَبَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (إنْ تَعَمَّدَ) ذَلِكَ وَعَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ
(فُرُوعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (تَجِبُ مُوَالَاةُ الْفَاتِحَةِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا التَّشَهُّدُ (وَلَا تَضُرُّ نِيَّةُ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ) بِلَا سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا، وَكَمَا لَوْ نَوَى التَّعَدِّيَ فِي الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ نَقْلٍ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ نِيَّةُ قَطْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِيهَا تَجِبُ إدَامَتُهَا حُكْمًا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَلَا تَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لَا تُؤَثِّرُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَمَا رُدَّ عَلَيْهِ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِلْمُتَأَمِّلِ (فَإِنْ سَكَتَ يَسِيرًا مَعَ نِيَّةِ قَطْعِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (أَوْ طَوِيلًا)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَأَحَادِيثُ الْجَهْرِ بِهَا كَثِيرَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعِشْرِينَ صَحَابِيًّا كَأَبِي بِكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهم (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْدَلَ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ قَصَدَ الْقَادِرُ إحَالَةَ الْمَعْنَى مَعَ مَعْرِفَتِهِ الصَّوَابَ فَفَاسِقٌ، وَإِنْ فَعَلَهُ عِنَادًا كَفَرَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا، وَإِنْ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِحَالَةِ الْمَعْنَى، فَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا، أَوْ نِسْيَانًا فَكَمَنْ تَرَكَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَعَادَ قِرَاءَةَ مَا أَحَالَ مَعْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الصَّوَابُ فَصَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ جَائِزَةٌ وَهُوَ أُمِّيٌّ. اهـ.
ت (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ إلَخْ) نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ الْفَرَّاءِ أَبْدَلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْته وَسَوَّيْته حَلْقَةً وَأَبْدَلْت الْحَلْقَةَ بِالْخَاتَمِ إذَا أَذَبْتهَا وَجَعَلْتهَا خَاتَمًا وَإِذًا لَا تَصْوِيبَ، وَاللُّغَوِيُّونَ يَقُولُونَ الْإِبْدَالُ الْإِزَالَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إبْدَالَ الضَّادِ بِالظَّاءِ وَفِي شِعْرِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ فِي وَصْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَأَلْهَمَنِي هُدَايَ اللَّهُ عَنْهُ
…
وَأَبْدَلَ طَالِعَيْ نَحْسِي بِسَعْدِي
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ ت.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ اللَّحْنِ الْمُبْطِلِ لِلْمَعْنَى كَالْمُسْتَقِينَ، وَلَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ إبْدَالُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمِيمُ. اهـ.
وَقَدْ أَسْقَطَ الْقَارِئُ فِي مَسْأَلَتِنَا حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْحَاءُ وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ بَدَلَ الْيَاءِ مِنْ الْعَالَمِينَ كَانَ مُضِرًّا، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْدَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَرْفَ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ بَلْ هُوَ حَرْفُ إعْرَابٍ يَنُوبُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُهُ بِاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ تَغْيِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَتَغْيِيرُ الْحَرْفِ النَّائِبِ عَنْ الْحَرَكَةِ أَوْلَى وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ) وَالتَّحْقِيقِ، وَالْفَتَاوَى، وَالتِّبْيَانِ غ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ بِالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ش.
[فُرُوعٌ مُوَالَاةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ]
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي)، وَكَذَا التَّشَهُّدُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُمَا يَحْتَاجَانِ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الشَّامِلَةُ لَهُمَا وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ تَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ عِبَادَةً بِدُونِ نِيَّةٍ وَظَهَرَ بِهَذَا غَلَطُ مَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ خِلَافَ مُرَادِهِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ حُكْمًا فَاسِدًا وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ لَا تُؤَثِّرُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيَجْتَنِبْ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
عَمْدًا بِحَيْثُ (يَزِيدُ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ (اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ) لِإِشْعَارِ الطُّولِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِاقْتِرَانِ الْفِعْلِ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي.
فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ وَلَمْ يُطِلْ السُّكُوتَ لَمْ يَضُرَّ كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَمَا ضَبَطَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الطُّولَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ضَبْطِ الْأَصْلِ لَهُ بِمَا أَشْعَرَ بِقَطْعِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا أَوْ لِعَائِقٍ لِيُفِيدَانِ السُّكُوتَ لِلْإِعْيَاءِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ مَا لَوْ نَسِيَ آيَةً فَسَكَتَ طَوِيلًا لِتَذَكُّرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) يَسْتَأْنِفُهَا (إنْ أَتَى فِي أَثْنَائِهَا بِذِكْرٍ وَإِنْ قَلَّ، أَوْ آيَةٍ أُخْرَى) مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ (عَامِدًا) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَلِتَغْيِيرِ النَّظْمِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى وَابْنُ سُرَيْجٍ اسْتَأْنَفَ وَالْمُتَوَلِّي إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ، أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَصْحَبَ بَنَى وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي التِّلَاوَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَلَا يَقْطَعُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ شَيْءٌ (مُسْتَحَبٌّ فِيهَا) ، وَإِنْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ اسْتِئْنَافَهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ (كَالتَّأْمِينِ) لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ (وَالْفَتْحُ) أَيْ الرَّدُّ (عَلَى الْإِمَامِ) إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ إذَا سَكَتَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ التِّلَاوَةَ (وَالسُّجُودُ لِتِلَاوَتِهِ) أَيْ تِلَاوَةِ إمَامِهِ (وَسُؤَالُ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْعَذَابِ بِقِرَاءَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِقِرَاءَةِ (آيَتِهِمَا) الْكَائِنَةِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ إمَامِهِ وَسَأُبَيِّنُ كَيْفِيَّتَهُمَا قُبَيْلَ الرُّكْنِ الْخَامِسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِمَا أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ، وَالْمُنْفَرِدِ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ الْجَهْرُ بِهِمَا لِيُنَبِّهَ الْإِمَامَ عَلَى قِيَاسِ التَّأْمِينِ.
(فَإِنْ عَطَسَ) فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ (فَحَمِدَ) اللَّهَ (اسْتَأْنَفَ) الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْدُ عِنْدَ الْعُطَاسِ مَنْدُوبًا فِي الصَّلَاةِ كَخَارِجَهَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ السَّابِقِ بِمَنْدُوبٍ مُخْتَصٍّ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا فَلَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(وَنِسْيَانُ مُوَالَاةِ الْفَاتِحَةِ لَا) نِسْيَانُ (الْفَاتِحَةِ عُذْرٌ) كَتَرْكِهِ الْمُوَالَاةَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ طَوَّلَ رُكْنًا قَصِيرًا نَاسِيًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسْيَانِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ صِفَةٌ وَالْقِرَاءَةَ أَصْلٌ وَاسْتُشْكِلَ بِنِسْيَانِ التَّرْتِيبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَالَاةِ أَسْهَلُ مِنْ التَّرْتِيبِ بِدَلِيلِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ نَاسِيًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْمُقَدَّمِ مِنْ سُجُودٍ عَلَى رُكُوعٍ مَثَلًا.
(وَإِنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا) فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ (بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً (أَوْ) شَكَّ فِي ذَلِكَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (أَوْ) شَكَّ (هَلْ قَرَأَهَا) ، أَوْ لَا (اسْتَأْنَفَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ شَكَّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ.
(وَيَجِبُ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ قِرَاءَتِهَا (التَّوَصُّلُ إلَى تَعَلُّمِهَا) الْأَوْلَى إلَى قِرَاءَتِهَا بِتَعَلُّمٍ، أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى بِشِرَاءِ مُصْحَفٍ، أَوْ اسْتِعَارَتِهِ، أَوْ سِرَاجٍ فِي ظُلْمَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ) التَّوَصُّلَ إلَى ذَلِكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِلَا قِرَاءَةٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ ظَرْفٌ لِأَعَادَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُصْحَفٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ أَيْ بِلَا أُجْرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْوُضُوءِ وَمَعَ غَيْرِهِ ثَوْبٌ، أَوْ مَاءٌ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ (وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ) التَّوَصُّلُ إلَى الْقِرَاءَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ بَلَادَتِهِ، أَوْ عَدَمِ مُعَلِّمٍ، أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ
(قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ سَبْعَ آيَاتٍ فَأَكْثَرَ) مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهَا فَلَا يُجْزِئُ دُونَ عَدَدِ آيِهَا، وَإِنْ طَالَ لِرِعَايَتِهِ فِيهَا وَلَا دُونَ حُرُوفِهَا كَالْآيِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ لِعُسْرِ رِعَايَةِ السَّاعَاتِ وَلَا التَّرْجَمَةُ؛ لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ تَفَرَّقَتْ) أَيْ الْآيَاتُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِهِ الْمُتَوَالِيَةَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا إنَّمَا تُجْزِئُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا كَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَذَكُّرُهَا مِنْ مَصَالِحِهَا لَمْ يَضُرَّ السُّكُوتُ الطَّوِيلُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ) ، وَالْأَقْرَبُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ مَا اخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ إلَخْ) نَقَلَ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَارْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْ وَسَطِهَا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ اسْتَأْنَفَ) مَنْ عَطَسَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَتَمَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُجْزِهِ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ حِينَئِذٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاوِيًا الشُّكْرَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً) ؛ وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي حُرُوفِهَا يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ) قِيَاسُ التَّشَهُّدِ الْتِحَاقُهُ بِالْفَاتِحَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مَالِكُهُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَّا بِهِ فِعْلُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا مَالِكِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِلْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَيْنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ لِلطَّهَارَةِ إذَا وَجَدَ مَاءً لِغَائِبٍ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ؛ لِأَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ: قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) أَغْرَبَ الْجِيلِيُّ كَعَادَاتِهِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ، وَالِاسْتِعَانَةِ مِثْلَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ وَجْهَانِ اهـ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ) كَمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَجَمِيَّ لَيْسَ بِقُرْآنٍ.
وَاعْتَرَضَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ جَوَازُ كَوْنِهَا مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُوَرٍ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ كَمَا فَصَّلَهُ غَيْرُهُمْ. قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَالرَّافِعِيُّ لَا سِيَّمَا أَنَّ الْمَعَانِيَ الْحَاصِلَةَ مِنْ اتِّصَالِ الْآيَاتِ تَفُوتُ فَقَدْ لَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُتَفَرِّقَةَ قُرْآنٌ ثُمَّ إنَّمَا تُجْزِئُ الْمُتَفَرِّقَةُ (إنْ أَفَادَتْ مَعْنًى مَنْظُومًا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُفِدْهُ كَثَمَّ نَظَرٌ كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ (وَلَوْ عَجَزَ) عَنْ السَّبْعِ (أَتَى بِقَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (ذِكْرًا كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَنَحْوِهِ) لِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ، ثُمَّ كَبِّرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَهَلِّلْهُ وَكَبِّرْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يُرَاعِي عَدَدَ أَنْوَاعِهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ لِيَكُونَ كُلُّ نَوْعٍ مَكَانَ آيَةٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ تَشْبِيهًا لِمَقَاطِعِ الْأَنْوَاعِ بِغَايَاتِ الْآيِ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ، لَكِنْ قَوْلُ الْإِمَامِ أَقْرَبُ لِلْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ فَإِنَّهُ كَالنَّصِّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ (وَفِي الدُّعَاءِ الْمَحْضِ تَرَدُّدٌ) لِلْجُوَيْنِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ قَالَ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَزِّئُ غَيْرُ الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءُ لَيْسَ بِذِكْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي» وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا قَدَرَ عَلَى الذِّكْرِ وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ الدُّعَاءُ الْمَحْضُ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْفَاتِحَةُ نَفْسُهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالدُّعَاءُ الْأُخْرَوِيُّ كَافٍ كَمَا مَرَّ.
(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَتِهِمَا (فَسُكُوتًا) يَسْكُتُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فِي مَحَلِّهَا، فَالْوَاجِبُ الْإِتْيَانُ بِمَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَهُوَ مَقْصُودٌ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِثْلُهُ التَّشَهُّدُ، وَالْقُنُوتُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْبَدَلِ (قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ) بِهِ (غَيْرُهَا فَلَوْ أَتَى بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ) ، أَوْ التَّعَوُّذِ (وَلَمْ يَقْصِدْهُ اُعْتُدَّ بِهِ بَدَلًا) لِعَدَمِ الصَّارِفِ.
(وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ) فَقَطْ وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرِ بَدَلًا (أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ) الْآخَرِ (مَوْضِعَهُ) فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا وَالْبَدَلِ حَتَّى يُقَدِّمَ بَدَلَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي (أَوْ) عَرَفَ مَعَ الذِّكْرِ (آيَةً مِنْ غَيْرِهَا) وَلَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهَا (أَتَى بِهَا، ثُمَّ بِالذِّكْرِ) تَقْدِيمًا لِلْجِنْسِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ فِي هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا بِالْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِهَا فِيهِمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَعْضَ آيَةٍ وَإِلَّا، فَالْآيَةُ، وَالْآيَتَانِ بَلْ، وَالثَّلَاثُ الْمُتَفَرِّقَةُ لَا إعْجَازَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا زَعَمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ مُعْظَمَ آيَةِ الدَّيْنِ، أَوْ آيَةَ {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ الْقِصَارِ (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ) أَيْ بَدَلَ بَعْضِهَا الْآخَرِ (كَرَّرَهُ) أَيْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْأَرْغِيَانِيُّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ إنَّمَا يُتَخَيَّلُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ ذَلِكَ أَمَّا مَعَ مَعْرِفَتِهِ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً مُنْتَظِمَةَ الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ ت (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ) أَيْ التَّنْقِيحِ ج (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْجُنُبِ فَكَذَلِكَ يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا هَاهُنَا وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحْفَظُ أَوَائِلَ السُّوَرِ خَاصَّةً كَ " الم " وَ " الر " وَ " المر " وَ " طس " لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ بِقِرَاءَتِهَا وَهِيَ قُرْآنٌ مُتَوَاتِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَخْ) سَكَتَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْكَبِيرِ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَنِعْمَ مَا فَعَلَ وَإِطْلَاقُ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْإِمَامِ وَكَانَ قَضِيَّةُ الْوَفَاءِ أَنْ يَقُولَ مَا سَبَقَ عَنْ الْجِيلِيِّ فِي الْبَدَلِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ شَاذٌّ لَا جَرَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ لَوْ كَرَّرَ ذِكْرًا وَاحِدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَرَّقَ بَيْنَ الذِّكْرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَلَّ أَنْ يُخَالِفَ التَّهْذِيبَ فَإِنَّهُ لَخَصَّ الْكَافِيَ مِنْهُ وَضَمَّ إلَيْهِ أَشْيَاءَ حَسَنَةً ت (قَوْلُهُ:، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) ، وَالتَّنْقِيحِ ت (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الذِّكْرِ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ قُلْت لَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الدُّعَاءِ مَقَامَ الثَّنَاءِ، وَالِاخْتِيَارُ تَعَيُّنُ مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ ر
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ فَسُكُوتًا) هَلْ يُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِيَامِ قَدْرَ سُورَةٍ؟ لَا نَقْلَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِهِ د قَدْ قَالُوا إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ يَقُومُ بِقَدْرِهِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَقْعُدُ بِقَدْرِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ يُنْدَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَوْضِعَهُ) وَلَا يَكْفِيه أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ، وَقَدْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا قُلْت الْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ ش (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) وَالدَّمِيرِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ كَرَّرَهُ) وَيُلْحِقُ بِهِ مَا يُحْسِنُهُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ إذْ هُوَ الْمَيْسُورُ قَوْلُهُ وَلَوْ صَحَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ د مِنْهُ.