الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمَاعَتِهَا) أَيْ الْحَاضِرَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا (بَلْ يُصَلِّي) الْفَائِتَةَ نَدْبًا أَوَّلًا (مُنْفَرِدًا) ، أَوْ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، وَالْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فَاسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا أَمَّا النَّقْلُ، فَالنُّقُولُ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْبَحْثُ؛ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا كَمَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لِلِاشْتِغَالِ بِالْفَائِتَةِ (وَتُقْطَعُ) وُجُوبًا (فَائِتَةٌ) شَرَعَ فِيهَا (لِحَاضِرَةٍ ضَاقَ وَقْتُهَا) لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً (لَا حَاضِرَةٌ) أَيْ لَا يَقْطَعُهَا (لِفَائِتَةٍ بَلْ يُتِمُّهَا) ، وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، ثُمَّ (يُصَلِّي الْفَائِتَةَ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ) بَعْدَهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّسَعَ) أَيْ وَقْتُهَا.
(وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ فَوَائِتَهُ لَا تَنْقُصُ عَنْ عَشْرٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ) لِيَبْرَأَ يَقِينًا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَرَفَ نَوْعَهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ كُلُّ عِشْرِينَ مِنْ نَوْعٍ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ الْخَمْسُ.
(وَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ) أَصْلِ (الصَّلَاةِ، أَوْ صَلَاتِهِ) الَّتِي شَرَعَ فِيهَا (أَوْ الْوُضُوءِ فَرْضًا، أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْوَاجِبَةَ (وَنُقِلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ) مِنْ الْعَامَّةِ (فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ) بَلْ صَحَّحَهُ فِي مَجْمُوعِهِ (وَلَوْ اعْتَقَدَ) عَامِّيٌّ، أَوْ غَيْرُهُ (أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ أَدَّى سُنَّةً بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا)
الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ لُغَةً إلْزَامُ الشَّيْءِ، وَالْتِزَامُهُ لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَالْمَانِعُ لُغَةً الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ كَالْكَلَامِ فِيهَا عَمْدًا وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ مُعْتَبَرًا كَالشَّرْطِ أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِيهِ فَقَالَ (وَهِيَ) أَيْ شُرُوطُهَا مَا عَدَا تَمْيِيزَ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا عَلَى مَا مَرَّ (ثَمَانِيَةٌ) الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي (الِاسْتِقْبَالُ، وَالْوَقْتُ) وَتَقَدَّمَا.
(وَ) الثَّالِثُ (طَهَارَةُ الْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ، وَالْأَكْبَرِ (فَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِغَيْرِ) أَيْ بِحَدَثٍ غَيْرِ الْحَدَثِ (الدَّائِمِ وَإِنْ سَبَقَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» وَخَبَرِ «إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَوْلُهُ (بِلَا اخْتِيَارٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ وَلَوْ قَالَ وَلَوْ بِلَا اخْتِيَارٍ بِأَنْ سَبَقَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ أَمَّا الْحَدَثُ الدَّائِمُ فَلَا يَضُرُّ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ فِي الْحَيْضِ (كَمَنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ، أَوْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ، أَوْ أَبْعَدَتْ الرِّيحُ ثَوْبَهُ) وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ (بِلَا تَقْصِيرٍ، فَإِنْ نَحَّى النَّجَاسَةَ) وَلَوْ رَطْبَةً بِأَنْ نَحَّى مَحَلَّهَا (أَوْ رَدَّ الثَّوْبَ) عَلَى عَوْرَتِهِ (فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ) وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ (وَإِنْ نَحَّاهَا بِكُمِّهِ) ، أَوْ غَيْرِهِ كَيَدِهِ (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَاقَاهَا قَصْدًا (أَوْ بِعُودٍ فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا.
(وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْدَثَ) فِي صَلَاتِهِ (أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ فُصِدَ) مَثَلًا بِمَعْنَى اُفْتُصِدَ (فَنَزَلَ الدَّمُ) أَيْ خَرَجَ (وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ، أَوْ مُغْتَفَرٌ. الشَّرْطُ
[الشَّرْط الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ]
(الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ) الْمُتَّصِلِ بِبَدَنِهِ، أَوْ مَحْمُولِهِ أَوْ مُلَاقِيهِمَا فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى فَائِتَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ لَمْ يَعْصِ بِتَأْخِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) وَبِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ فَرِعَايَتُهُ أَوْلَى مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّكْمِلَاتِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِرَةُ غَيْرَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِهَا جَزْمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ) قَالَ الْقَفَّالُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ، أَوْ الرُّكُوعَ مَثَلًا فَرْضٌ وَقَالَ أَنَا أَفْعَلُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا، ثُمَّ أَفْعَلُهُ ثَانِيًا فَرْضًا فَفَعَلَهُ أَوَّلًا بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]
[شُرُوط الصَّلَاة ثَمَانِيَة الْأَوَّل وَالثَّانِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة وَالْوَقْت]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ)(قَوْلُهُ: لَا الْعَلَامَةُ إلَخْ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ مُخَفَّفُ الشَّرَطِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاطٌ وَجَمْعُ الشَّرْطِ بِالسُّكُونِ شُرُوطٌ وَيُقَالُ لَهُ شَرِيطَةٌ وَجَمْعُهُ شَرَائِطُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ إلَخْ) قَدْ أَنْكَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْغَزَالِيِّ تَسْمِيَتَهَا شُرُوطًا فِي كَلَامِهِ عَلَى النَّجَاسَاتِ فَقَالَ عَدَّ تَرْكَ الْكَلَامِ مِنْ الشُّرُوطِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ، وَالشَّرْطُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالنِّسْيَانِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ غَلِطَ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الشَّرَائِطِ وَإِنَّمَا هِيَ مَنَاهٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَمَّ الْغَزَالِيُّ وَالْفُورَانِيُّ إلَى الشُّرُوطِ تَرْكَ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكَ الْكَلَامِ وَتَرْكَ الْأَكْلِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشُرُوطٍ إنَّمَا هِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تُسَمَّى شُرُوطًا لَا فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَلَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ أَطْلَقُوا فِي مَوَاضِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الشَّرْطِ كَانَ مَجَازًا لِمُشَارَكَتِهَا الشَّرْطَ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اخْتِلَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الشَّرْط الثَّالِث طَهَارَةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ]
(قَوْلُهُ: وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ إلَخْ) فَلَوْ صَلَّى بِدُونِهَا نَاسِيًا أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ إلَّا الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا وَفِي إثَابَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ جُنُبًا نَظَرٌ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ خ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ لَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لِانْتِفَاءِ التَّلَاعُبِ وَانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطَّيْرِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الْخِلَافِ، وَعَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَيَّدَ فِي
أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» ثَبُتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ وَهُوَ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ تَضَمُّخٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا.
(فَإِنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ) مِنْ النَّجَاسَةِ (وَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَجَبَ قَطْعُ مَوْضِعِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ) بِالْقَطْعِ (أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ لَوْ اكْتَرَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ، وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ وُجُوبَ الْقَطْعِ بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالطَّاهِرِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِذَلِكَ (وَإِنْ جَهِلَ مَكَانَهَا فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، أَوْ الثَّوْبِ غَسَلَ الْجَمِيعَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ بِلَا غَسْلٍ (أَوْ) فِي (مَا يَرَاهُ مِنْ بَدَنِهِ) أَوْ ثَوْبِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ فَقَطْ (إنْ عَلِمَ) النَّجَاسَةَ (بِرُؤْيَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَ الطَّهَارَةِ يَحْصُلُ بِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيَجُوزُ عَطْفُ مَا يَرَاهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ أَوْ غَسَلَ مَا يَرَاهُ عَلَى إلَى آخِرِهِ (وَمَنْ مَسَّ) بِشَيْءٍ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا جَهِلَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا (رَطْبًا لَمْ يَنْجُسْ) لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ دُونَ الطَّهَارَةِ (وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ) الْمَذْكُورَ (نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ (وَإِنْ غَسَلَ نِصْفَهُ، أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ) كُلُّهُ (، ثُمَّ) غَسَلَ (النِّصْفَ الثَّانِيَ بِمَا) أَيْ مَعَ مَا (جَاوَرَهُ) مِنْ الْأَوَّلِ (طَهُرَ) كُلُّهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (دُونَ الْمُجَاوِرِ) لَهُ (فَالْمُنْتَصَفُ) بِفَتْحِ الصَّادِ (نَجِسٌ مِنْ) الثَّوْبِ (النَّجِسِ) كُلُّهُ (مُجْتَنَبٌ مِنْ) الثَّوْبِ (الْمُتَنَجِّسِ) بَعْضُهُ الَّذِي جُهِلَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مَعْكُوسٌ (وَإِنْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ كَالْبِسَاطِ، وَالْبَيْتِ) الصَّغِيرَيْنِ (وَأَشْكَلَ) مَحَلُّهَا مِنْهُ (وَجَبَ غَسْلُهُ) فَلَا يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ (أَوْ) فِي مَوْضِعٍ (وَاسِعٍ كَالصَّحْرَاءِ اجْتَهَدَ) أَيْ نَدْبًا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَسَكَتُوا عَنْ ضَبْطِ الْوَاسِعِ، وَالضَّيِّقِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنْ بَلَغَتْ بِقَاعُ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ فَوَاسِعٌ وَإِلَّا فَضَيِّقٌ وَيُقَدِّرُ كُلَّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّيَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ ضَبْطُهُمَا بِالْعُرْفِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَإِذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسِعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَوْضِعٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْأَوَانِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
(وَلَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ كُمَّيْ الْقَمِيصِ، أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ) مَثَلًا (وَأَشْكَلَ) النَّجَسُ مِنْهُمَا (فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ) فِيهِمَا (وَصَلَّى) بَعْدَ غَسْلِهِ (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ، أَوْ بَدَنٌ وَاحِدٌ تُيُقِّنَ نَجَاسَتُهُ فَيُسْتَصْحَبُ الْيَقِينُ كَمَا لَوْ خَفِيَ مَحَلُّهَا فِيهِ وَلَمْ يَنْحَصِرْ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ (إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي) ، ثُمَّ غَسَلَ النَّجِسَ مِنْهُمَا بِالتَّحَرِّي فَإِنَّ صَلَاتَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَصِحُّ كَمَا فِي الثَّوْبَيْنِ (وَإِنْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (ثَوْبَانِ فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ فَلَهُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَلَوْ جَمَعَهُمَا عَلَيْهِ) بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْكُمَّيْنِ قَبْلَ الْفَصْلِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَتَأْثِيرُهُ فِي إجْزَاءِ الْوَاحِدِ ضَعِيفٌ (وَلَوْ تَحَيَّرَ) فِي اجْتِهَادِهِ فِيهِمَا (اجْتَنَبَهُمَا) وُجُوبًا كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا وَلَا يَكْفِي أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً (فَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا وَلَا مَاءَ) يَغْسِلُهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا بِهِ (صَلَّى عُرْيَانًا) لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ فِي ثَوْبٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمَطْلَبِ الْعَفْوَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّاشِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْوَجْهُ أَنْ يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الثَّوْبِ لَا أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَاَلَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الشِّرَاءَ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَفِي الْأُجْرَةِ بِخُرُوجِ الْمَالِيَّةِ كَمَا فِي الْقَطْعِ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ يُبْطِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّوَابِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْجَبَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَأُجْرَةَ الْغَسْلِ فَقَدْ أَوْجَبَ غَرَامَتَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي أَوْجَبَ غَرَامَةً وَاحِدَةً فَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْلَى بِالْوُجُوبِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُوَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ تَقْدِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قُدِّرَ وُجُودُهُ لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ قَطْعُ الثَّوْبِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَجُوزُ قَطْعُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَلَا يُقَدَّرُ وُجُودُهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ التُّرَابِ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِزِيَادَةٍ تُسَاوِي قِيمَةَ الْمَاءِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُ الْمَاءِ لَعَكَرَ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ وُجُوبُ شِرَاءِ التُّرَابِ فَفَسَدَ مَا ذَكَرَهُ ت (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ) الْأَصَحُّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالرَّدُّ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْإِنَاءِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) ، فَإِنْ غَسَلَهُ بِهِ فِي جَفْنَةٍ لَمْ يَطْهُرْ إلَّا بِغَسْلِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ بَعْضَهُ فِيهَا وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ لَاقَى الْمَاءُ جُزْءًا مِمَّا لَمْ يُغْسَلْ وَهُوَ نَجَسٌ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ الْمَوْضُوعُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَالْقَوْلُ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَهُورٌ حَتَّى لَوْ أَدَارَهُ عَلَى جَوَانِبِهِ طَهُرَتْ س.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي، ثُمَّ غَسَلَ إلَخْ) وَلَوْ غَسَلَ كُمًّا بِاجْتِهَادٍ وَفَصَلَهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيمَا لَمْ يَغْسِلْهُ حَجًّا.