الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ النِّفَاسِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطُّهْرِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ (وَغَالِبُهُ) أَيْ الْحَيْضِ (سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَبَاقِي الشَّهْرِ غَالِبُ الطُّهْرِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَيَطْهُرْنَ مِيقَاتُ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ» أَيْ الْتَزِمِي الْحَيْضَ وَأَحْكَامَهُ فِيمَا أَعْلَمَكِ اللَّهُ مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَالْمُرَادُ غَالِبُهُنَّ لِاسْتِحَالَةِ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَادَةً
(وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ لَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمْرِهَا إلَّا مَرَّةً وَقَدْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا (وَلَوْ اسْتَمَرَّتْ عَادَةٌ) لِامْرَأَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (تُخَالِفُ الْأَقَلَّ) مِنْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (وَالْأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ الْأَكْثَرَ مِنْ الْحَيْضِ (لَمْ تُعْتَبَرْ) تِلْكَ الْعَادَةُ لِأَنَّ بَحْثَ الْأَوَّلِينَ أَتَمُّ وَإِحَالَةَ مَا وَقَعَ عَلَى عِلَّةٍ أَقْرَبَ مِنْ خَرْقِ مَا مَضَتْ عَلَيْهِ الْعُصُورُ
[فَصْلٌ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْحَيْضِ وَبِالنِّفَاسِ]
(فَصْلٌ يَحْرُمُ) عَلَى الْمَرْأَةِ (بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (وَبِالنِّفَاسِ مَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا (مَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ) وَعَدَمِ صِحَّتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَلَيْسَ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» (وَتَقْضِيهِ) وُجُوبًا (لَا الصَّلَاةَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَتَشُقُّ بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يُبْنَ عَلَى أَنْ تُؤَخَّرَ وَلَوْ بِعُذْرٍ ثُمَّ تُقْضَى، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَخَّرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ثُمَّ يُقْضَى وَهَلْ يَحْرُمُ قَضَاؤُهَا أَوْ يُكْرَهُ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فَنَقَلَ فِيهَا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيِّ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها نَهَتْ السَّائِلَةَ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَمَرَ بِفِعْلِهِ وَعَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيِّ وَالْعِجْلِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيُسَنُّ لَهُمَا الْقَضَاءُ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ نَهْيُ عَائِشَةَ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مُنْتَقِضٌ بِقَضَاءِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّوْمِ (بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حَالَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ وَالْمَنْعُ وَالْوُجُوبُ لَا يَجْتَمِعَانِ
(وَيَحْرُمُ) عَلَى زَوْجِهَا (الطَّلَاقُ) فِي ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ وَتَحْرِيمُ الطَّلَاقِ أَيْ وَمَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ
(وَكَذَا) يَحْرُمُ (وَطْءٌ) فِي فَرْجِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ (وَمَا) أَيْ وَاسْتِمْتَاعٌ (بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) أَيْ بِمَا بَيْنَهُمَا لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحَرُمَ لِأَنَّ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فَقَطْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ بِجَعْلِهِ مُخَصِّصًا لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَوْجَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ الْأَحْوَطِ لِخَبَرِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحَمْيِ يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ بِوَطْءٍ فَجَائِزٌ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَسَكَتُوا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ مَسَّهَا لِلذَّكَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ تَمَتُّعَاتِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجُلِ دَمٌ حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فَمَسُّهَا لِذَكَرِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِكَفِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا وَبِأَنَّهَا إذَا لَمَسَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا فَقَدْ اسْتَمْتَعَ هُوَ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَبِأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ فِي نَظْمِ الْقِيَاسِ أَنْ يَقُولَ كُلُّ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ نَمْنَعُهَا أَنْ تَلْمِسَهُ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْمِسَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ سَائِرَ بَدَنِهَا إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ لَمْسِهِ بِمَا بَيْنَهُمَا وَفِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى.
(تَنْبِيهٌ) لَفْظُ الِاسْتِمْتَاعِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ يَشْمَلُ النَّظَرَ وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ وَعَبَّرَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَمُقْتَضَاهُ تَحْرِيمُ اللَّمْسِ بِلَا شَهْوَةٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ مَنُوطٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَلَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ (وَوَطْؤُهَا فِي الْفَرْجِ) عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا (كَبِيرَةٌ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَالرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ) هَلْ تُثَابُ عَلَى هَذَا التَّرْكِ لِكَوْنِهَا مُكَلَّفَةً بِهِ كَمَا يُثَابُ الْمَرِيضُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَشُغِلَ عَنْهَا بِمَرَضِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ لَا فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تُثَابُ لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُ لَوْ كَانَ سَالِمًا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْوِيَ أَنَّهَا تَفْعَلُ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُهَا (قَوْلُهُ وَلَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) تَرْكُ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ قَضَائِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّرْكِ وَمَتْرُوكُهُ لَا يَجِبُ فِعْلُهُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُكْرَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ يُكْرَهُ ع وَهُوَ الْمَعْرُوفُ ح
(قَوْلُهُ فِي الْمَحِيضِ) الْمَحِيضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَيْضُ وَقِيلَ زَمَانُهُ وَقِيلَ مَكَانُهُ (قَوْلُهُ لَا النِّكَاحِ) يُشْبِهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُضَاجَعَةُ وَالْقُبْلَةُ وَنَحْوُهُمَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رَدِّ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَيُعَضِّدُهُ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجُلِ دَمٌ إلَخْ) غَلَطٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ (قَوْلُهُ وَفِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ حُكْمِهَا لَهُ جَوَازًا وَعَدَمَهُ وَأَمَّا التَّفْرِيعُ فِي الِاعْتِرَاضِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ لَهُ وَمَسْكُوتٌ عَنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ) قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِجِوَارِ نَظَرِهِ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْحَائِضِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ
كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ (لَا جَاهِلًا) وَلَا نَاسِيًا وَلَا مُكْرَهًا فَلَا يَحْرُمُ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَهُوَ حَسَنٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَاطِئِ عَمْدًا) أَيْ مُتَعَمِّدًا (عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ وَالْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ مُخْتَارًا (فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَقُوَّتِهِ التَّصَدُّقُ وَيُجْزِئُ) وَلَوْ (عَلَى فَقِيرٍ) وَاحِدٍ (بِمِثْقَالٍ إسْلَامِيٍّ) مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ (وَفِي آخِرِهِ) أَيْ الدَّمِ (وَضَعْفِهِ بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ مِثْقَالٍ كَذَلِكَ لِخَبَرِ «إذَا وَقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ وَكَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ الْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَى الطُّهْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِلْأَذَى فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كَوَطْءِ الْمَجُوسِيَّةِ وَاللِّوَاطِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا وَإِنْ حَرُمَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَوَّلِ وَقُوَّتِهِ وَفِي الثَّانِي وَضَعْفِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِمِثْقَالٍ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَدُّقِ، وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ عَلَى فَقِيرٍ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَالْفَقِيرُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ كَعَكْسِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ الدِّينَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ قَدْرُهُ (فَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ) وَلَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا وَإِنْ أَمْكَنَ (فَكَذَّبَهَا لَمْ يَحْرُمْ) وَطْؤُهَا لِأَنَّهَا رُبَّمَا عَانَدَتْهُ وَمَنَعَتْ حَقَّهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَثْبُتْ سَبَبُهُ (بِخِلَافِ مَنْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا) فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَذَّبَهَا (لِتَقْصِيرِهِ) فِي تَعْلِيقِهِ بِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا فَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ حُرْمَةُ وَطْئِهَا وَظَاهِرُ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ حِلُّهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِلشَّكِّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ شَكَّ هَلْ حَاضَتْ الْمَجْنُونَةُ أَوْ الْعَاقِلَةُ أَوْ لَا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْحَيْضِ وَادَّعَى انْقِطَاعَهُ وَادَّعَتْ بَقَاءَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْكَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِلَا خِلَافٍ لِلْأَصْلِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَخْبَرَتْهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا
(وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَ) لَا اسْتِعْمَالُ (مَا مَسَّتْهُ) مِنْ عَجِينٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ (وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِبَاقِيهَا) أَيْ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ وَكَذَا بِمَا بَيْنَهُمَا بِحَائِلٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ (وَلَوْ تَلَطَّخَ) ذَلِكَ (دَمًا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا» وَتَعْبِيرُهُ بِبَاقِيهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ لِشُمُولِهِ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ
(وَيُكْرَهُ لَهَا عُبُورُ الْمَسْجِدِ) إنْ لَمْ تَخْشَ تَلْوِيثَهُ بِالدَّمِ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَمَحَلُّهَا إذَا عَبَرَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (فَإِنْ خَشِيَتْ هِيَ أَوْ ذُو نَجَاسَةٍ) كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ مَذْيٌ أَوْ اسْتِحَاضَةٌ (تَلْوِيثَهُ حَرُمَ) عُبُورُهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ تَلْوِيثِهِ بِالنَّجَسِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُهُ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ عُبُورُهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ
(وَلَا تَصِحُّ طَهَارَتُهَا) بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ بَلْ وَتَحْرُمُ لِتَلَاعُبِهَا (فَإِنْ اغْتَسَلَتْ لِمَا لَا يُفْتَقَرُ إلَى الطَّهَارَةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ (حَصَلَتْ السُّنَّةُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَكَانَتْ نُفَسَاءَ بِالِاغْتِسَالِ لِلْإِحْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَحْكَامٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي مَحَالِّهَا وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا بَعْضَهَا
(وَيَرْتَفِعُ بِانْقِطَاعِهِ تَحْرِيمُ الصَّوْمِ) وَالطَّهَارَةِ (وَالطَّلَاقِ وَسُقُوطِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَ مَا عَدَا الطَّلَاقَ لِلْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَتَحْرِيمَ الطَّلَاقِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ وَبَقَاءُ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَالْجَنَابَةِ وَيَرْتَفِعُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ طَهَارَتِهَا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ (لَا الْبَاقِي) مِنْ تَمَتُّعٍ وَغَيْرِهِ كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ (حَتَّى تَغْتَسِلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الدَّمِ وَقُوَّتِهِ إلَخْ) أَبْدَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَعْنَى لَطِيفًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَقَالَ إنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِهِ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْجِمَاعِ فَلَا يَعْذُرُ وَفِي آخِرِهِ قَدْ بَعُدَ عَهْدُهُ فَخَفَّتْ (قَوْلُهُ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ) كَتَارِكِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عُدْوَانًا (قَوْلُهُ وَفِي آخِرِهِ إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَمَّا إذَا وَطِئَ فِي وَسَطِهِ وَقَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الرِّيَاضِ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ النَّاقِلِ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ غَيْرُ وَاضِحٍ لِأَنَّ لَنَا وَجْهَيْنِ فِي الْمُرَادِ بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ يَقُولُ الْمُرَادُ بِإِقْبَالِهِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ إقْبَالَهُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ وَإِدْبَارَهُ مَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاسِطَةٌ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ زَمَنَ الْقُوَّةِ مُسْتَمِرٌّ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي النَّقْصِ فَيَدْخُلُ زَمَنُ الضَّعْفِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَمَا دَامَ مَوْجُودًا فَهُوَ زَمَنُ قُوَّتِهِ فَإِذَا انْقَطَعَ فَهُوَ زَمَنُ ضَعْفِهِ.
(قَوْلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْبَالِ الدَّمِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُهُ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ الَّذِي هُوَ آخِرُهُ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ إقْبَالُ الدَّمِ شَامِلٌ لِلدَّمِ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُرَادُ بِإِقْبَالِ الدَّمِ زَمَنُ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ وَبِإِدْبَارِهِ ضَعْفُهُ وَقُرْبُهُ مِنْ الِانْقِطَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ حِلُّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَيْ بِيَمِينِهَا
(قَوْلُهُ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِبَاقِيهَا إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ بَاشَرَهَا لَوَطِئَ لِمَا عَرَفَهُ مِنْ عَادَتِهِ وَقُوَّةِ شَبَقِهِ وَقِلَّةِ تَقْوَاهُ وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِمَّنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ) فَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالسُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْمُخْتَارُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْأُمِّ وَالسُّرَّةُ فَوْقَ الْإِزَارِ
(قَوْلُهُ لَا الْبَاقِي مِنْ تَمَتُّعٍ وَغَيْرِهِ إلَخْ) يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّمَتُّعِ