الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْتِيبُ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ (فَإِنْ نَكَسَ) وَفِي نُسْخَةٍ عَكَسَ لَمْ يَصِحَّ لِذَلِكَ وَ (بَنَى عَلَى الْمُنْتَظِمِ) مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِ أَتَى بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ (وَ) تَجِبُ (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ
(وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ سُكُوتٍ وَكَلَامٍ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ كَلَامٍ (وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ) لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِي الْأَخِيرَيْنِ) دُونَ الْأَوَّلَيْنِ (فَإِذَا كَثُرَ شَيْءٌ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ بَنَى غَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ (بَطَلَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ صُدُورَهُ مِنْ شَخْصَيْنِ يُورِثُ اللُّبْسَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْبِنَاءِ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ
(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ) اللَّهَ (فِي نَفْسِهِ إذَا عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ (وَ) أَنْ (يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ) إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (وَ) أَنْ يُؤَخِّرَ (التَّشْمِيتَ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ إذَا عَطَسَ غَيْرُهُ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى (إلَى الْفَرَاغِ) مِنْ الْأَذَانِ فَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ رَدَّ أَوْ شَمَّتَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَصْلَحَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ وَجَبَ إنْذَارُهُ
(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ
(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ مَضْمُونَهُ وَلَا الصَّلَاةَ الَّتِي هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا فَإِتْيَانُهُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي (عَاقِلًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ (ذَكَرًا) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِهِ لِلرِّجَالِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ أَذَّنَ كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا) بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَالْعِيسَوِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ تُنْسَبُ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَخَالَفَ الْيَهُودَ فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا أَنَّهُ حَرَّمَ الذَّبَائِحَ (وَيُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعِيسَوِيِّ (إنْ أَعَادَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ وَبِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَإِنْ أَعَادَهُ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ يُعْتَدُّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مَعَ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ إيهَامًا أَنَّ أَذَانَهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ إذَا أُعِيدَ
(وَإِنْ ارْتَدَّ) الْمُؤَذِّنُ (ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى) عَلَى أَذَانِهِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَمْنَعُ الْعِبَادَةَ فِي الْحَالِ وَلَا تُبْطِلُ مَا مَضَى إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهَا الْمَوْتُ أَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ (أَوْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ) أَيْ الْأَذَانِ (ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَقَامَ جَازَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُمَا) أَيْ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ (غَيْرُهُ) حَتَّى لَا يُصَلَّى بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ لِأَنَّ رِدَّتَهُ تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَالِهِ
(وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فِي النَّصْبِ لِذَلِكَ) أَيْ نَصْبِ الْمُؤَذِّنِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِ مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الرَّاتِبِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِالْأَمَارَةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ أَذَانِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ إذَا عَرَفَهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ كَغَيْرِ الرَّاتِبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا فَشَرْطُ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ رَاتِبًا أَوْ غَيْرِهِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِأَمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ رَاتِبًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا بِالْأَمَارَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَيَتَّبِعُ فِيهِ مَا وَرَدَ
(قَوْلُهُ وَكَلَامٍ) بَلْ يُكْرَهُ وَفِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ وَلَوْ خَافَ وُقُوعَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ فِي نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ يَلْدَغُهُ نَحْوُ حَيَّةٍ لَزِمَهُ إنْذَارُهُ (قَوْلُهُ وَإِغْمَاءٌ) أَوْ جُنُونٌ (قَوْلُهُ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا) بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ غَالِبًا ت (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) هُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلُ رَدَّ وَشَمَّتَ وَإِلَّا فَلَا
[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ]
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا) قَوْلُهُمْ أَذَانُ الْعِيسَوِيِّ لَا يَكُونُ إسْلَامًا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَخْصُوصٌ بِرِسَالَةِ الْعَرَبِ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَتَى اعْتَقَدَ نُبُوَّتَهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْكَذِبِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ ز (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ) هَذَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْعِيسَوِيِّ بَلْ بَعْضُ النَّصَارَى يَزْعُمُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَعَلَى هَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِيسَوِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْ التَّنْقِيحِ ز وَقَوْلُهُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَيْ إلَى الْعَرَبِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى) قَدْ قَالَا فِي الرِّدَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تُفْسِدُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ طَالَ زَمَنُهُمَا أَمْ قَصُرَ فَلَا يَبْنِي عَلَى الْأَصَحِّ إذَا أَسْلَمَ لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِيهِ فَكَانَتْ الرِّدَّةُ قَطْعًا لِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ فَيَبْطُلُ الْمَاضِي ز
(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ) حَيْثُ قَالَ وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْمَوَاقِيتِ هَكَذَا صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا فَمُؤَوَّلٌ قَالَ وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ فِي الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا) حَتَّى الْمُتَوَلِّي فِي تَتِمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِيهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا بِالْإِمَارَةِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ بِاشْتِغَالِهِ بِمَعْرِفَتِهَا. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ نَصْبِ الشَّخْصِ مُؤَذِّنًا مَعْرِفَتُهُ بِالْأَوْقَاتِ لَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَذَانِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ نَصْبُ غَيْرِ الْعَارِفِ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا لَيْسَ مَعَهُ عَارِفٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَأَمَّا نَصْبُ
نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
(وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ سَكْرَانَ) لِمَا مَرَّ (إلَّا فِي أَوَّلِ نَشْوَتِهِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فَيَصِحُّ أَذَانُهُ لِانْتِظَامِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ
(وَلَا) يَصِحُّ أَذَانُ (امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ) وَخَنَاثَى كَمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمَا لَهُمْ وَتَقَدَّمَ أَذَانُهُمَا لِغَيْرِ الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
(وَيُكْرَهُ أَذَانُ صَبِيٍّ) كَفَاسِقٍ (وَ) أَذَانُ (أَعْمَى وَحْدَهُ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ بَصِيرٌ يَعْرِفُ الْوَقْتَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَالتَّحَرِّي فِيهِ (وَ) أَذَانُ (فَاسِقٍ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ وَلَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ لَكِنْ يَحْصُلُ بِأَذَانِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْوَقْتِ (وَ) أَذَانُ (مُحْدِثٍ) وَلَوْ حَدَثًا أَصْغَرَ لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» أَوْ قَالَ «عَلَى طَهَارَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ مِنْ الْخُبْثِ أَيْضًا (وَالْكَرَاهَةُ فِي) الْأَذَانِ مِنْ (الْجُنُبِ) أَشَدُّ فِيهِ مِنْ الْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ (ثُمَّ) الْكَرَاهَةُ (فِي الْإِقَامَةِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَشَدُّ) مِنْهَا فِي الْأَذَانِ مِنْهُ لِذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهَا وَإِلَّا فَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَعْقُبُهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيَتَطَهَّرَ شَقَّ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كَرَاهَةَ إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَةِ أَذَانِ الْجُنُبِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ مُسَاوَاتُهُمَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ أَغْلَظُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مَعَهُمَا أَشَدَّ مِنْهَا مَعَهَا (وَيُجْزِئُ الْجُنُبَ) أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِجْزَاءِ ارْتِكَابُهُ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الْإِعْلَامِ وَقَدْ حَصَلَ وَالتَّحْرِيمُ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ
(فَإِنْ أَحْدَثَ) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ (فِي أَذَانِهِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ) وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّلَاعُبَ (فَإِنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَبْطُلْ) زَمَنُهُ (بَنَى) عَلَى أَذَانِهِ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ
(وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ (حُرًّا) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (عَدْلًا) لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِعُلْوٍ وَالْفَاسِقُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ كَمَا مَرَّ (صَيِّتًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا» أَيْ أَبْعَدُ لِزِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ (حَسَنَ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ وَلِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِيهِ فَيَكُونُ مَيْلُهُمْ إلَى الْإِجَابَةِ أَكْثَرَ (وَأَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى) شَيْءٍ (عَالٍ) كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا تُسَنُّ عَلَى عَالٍ إلَّا فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عُلْوٍ لِلْإِعْلَامِ بِهَا (وَأُصْبُعَاهُ فِي صِمَاخَيْهِ) لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي خَبَرِ أَبِي جُحَيْفَةَ «وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ» وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ (وَأَنْ يَكُونَ) الْمُؤَذِّنُ (مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدٍ الْقَرَظِ (وَ) مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي (أَصْحَابِهِ) بَعْدَ فَقْدِ وَلَدِ مُؤَذِّنَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
(وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ) أَيْ تَمْدِيدُهُ (وَالتَّغَنِّي) أَيْ التَّطْرِيبُ (لَهُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ (وَالرُّكُوبُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا فَلِكَوْنِهِ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَلِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ التَّكْلِيفُ وَالْأَمَانَةُ إذَا رَتَّبَهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ)
(فَرْعٌ) لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْوَافِي وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الِاعْتِدَادِ وَيُخَالِفُ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ وَنَظِيرَهُمَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ وَالْأَذَانُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ز
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ صِحَّةُ إقَامَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَكَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ مُسْلِمًا عَاقِلًا ذَكَرًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ
(قَوْلُهُ وَأَذَانُ فَاسِقٍ) أَمَّا نَصْبُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ مِنْ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نَصْبِ الصَّبِيِّ إمَامًا وَيَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ بِنَصْبِ الْفَاسِقِ مُؤَذِّنًا لِلْبَلَدِ وَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ وَاضِحٌ ت وَقَدْ يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الْحَاصِلَةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْمِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ لَهُ ش (قَوْلُهُ وَأَذَانُ مُحْدِثٍ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الْكَرَاهَةُ لِلْمُتَيَمِّمِ وَإِنْ أَبَاحَ تَيَمُّمُهُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَذَلِكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَالسَّلَسُ لَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ د وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ يُكْرَهُ أَذَانُ مُحْدِثٍ غَيْرِ مُتَيَمِّمٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ) وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُنُبُ لِيُمْكِنَهُ الصَّلَاةَ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُحْدِثُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يَكُونَ أَذَانُ الْمُحْدِثِ الْجُنُبِ أَشَدَّ مِنْ الْجُنُبِ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني الْكُرْهُ فِي أَذَانِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ وَمِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ فَهَذِهِ سِتٌّ
(قَوْلُهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ) فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ تُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ
فِيهِ لِمُقِيمٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْقِيَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ رَاكِبًا لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوبِ فِي السَّفَرِ (فَإِنْ أَذَّنَ مَاشِيًا أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ) عَنْ مَكَانِ ابْتِدَاءِ أَذَانِهِ (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ) وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ فِي الْحَالَيْنِ
(وَيَتَحَوَّلُ) نَدْبًا مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ (لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ
(وَيَفْصِلُ) الْمُؤَذِّنُ مَعَ الْإِمَامِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ) فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ (وَ) بِقَدْرِ (أَدَاءِ السُّنَّةِ) الَّتِي قَبْلَ الْفَرِيضَةِ إنْ كَانَ قَبْلَهَا سُنَّةٌ (وَ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا (فِي الْمَغْرِبِ بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَقُعُودٍ لَطِيفٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا عَادَةً وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ سُنَّةً قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ وَفِي أُخْرَى فَإِذَا (دَخَلَ) غَيْرُهُ الْمَسْجِدَ مَثَلًا (وَهُوَ يُقِيمُ) الصَّلَاةَ (فَهَلْ يَقْعُدُ لِيَقُومَ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ قَالَ وَقَوْلُ أَبِي عَاصِمٍ إنَّهُ يَقْعُدُ غَلَطٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَفْصِلُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ) السَّامِعُ (الْمُؤَذِّنَ) وَالْمُقِيمَ (وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) أَوْ حَائِضًا (بِمِثْلِ قَوْلِهِ عَقِيبَهُ) بِأَنْ يُجِيبَهُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ لِخَبَرِ «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِخَبَرِهِ الْآتِي (إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُحَوْلِقُ) بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَهُمَا فِي الْأَذَانِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَرْبَعًا وَفِي الْإِقَامَةِ مَرَّتَيْنِ أَيْ لَا حَوْلَ لِي عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى مَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ إلَّا بِك وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَوْلَقَةِ جَائِزٌ وَبِهِ عَبَّرَ الْجَوْهَرِيُّ بِتَرْكِيبِهِ مِنْ حَوْلِ وَقَافِ قُوَّةِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ بِالْحَوْقَلَةِ بِأَخْذِ الْحَاءِ وَالْوَاوِ مِنْ حَوْلَ وَالْقَافِ مِنْ قُوَّةَ وَاللَّامِ مِنْ اسْمِ اللَّهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ لِتَضَمُّنِهِ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ (وَفِي التَّثْوِيبِ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت) مَرَّتَيْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ
(وَيُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ) أَيْ الْأَذَانِ (فَيَقُولُ) أَيْ ثُمَّ يَقُولُ عَقِبَ ذَلِكَ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ «وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته» لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» (وَيَقُولُ فِي كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ أَقِمْهَا بِالْأَمْرِ إلَى آخِرِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ الْآتِي ذِكْرُهُ مَا يَقُولُهُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ
(فَإِنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ) فِي أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ حَتَّى فَرَغَ (تَدَارَكَ إنْ قَرُبَ) الْفَصْلُ وَفَارَقَ هَذَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ الْمَشْرُوعَ عَقِبَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَتَدَارَكُهُ النَّاسُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِوُجُودِ مَا دَلَّ عَلَى التَّعْقِيبِ وَهُوَ الْفَاءُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَلِجَمْعٍ يَمْشُونَ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ ت
(قَوْلُهُ وَيَفْصِلُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَامَةِ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الْفَصْلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا) وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» قَالَ وَالتَّوَسُّطُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُحْدِثِ لَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ وَقَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُقَالُ تُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَ الْحَيْضُ فِي مَعْنَاهَا لِمَا ذَكَرْت. اهـ. وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْكَرَاهَةُ لِلثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُهَا كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ ش وَقَوْلُهُ قَالَ وَالتَّوَسُّطُ إلَخْ ضَعِيفٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ السَّامِعُ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ يَحْتَمِلُ أَنْ نَعَمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُورِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْأَوَّلِ ز عِبَارَتُهُ وَإِذَا ثَنَّى الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ) إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَحَكَى الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ أَدِبَ الْكَاتِبِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ جَوَازَ الْفَتْحِ أَيْضًا ح
(قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» إلَخْ) الدَّعْوَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ دَعْوَةُ الْأَذَانِ سُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ نَقْصٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ أَيْ الَّتِي سَتَقُومُ وَقَوْلُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَهُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمُ مَنْزِلَتِهِ ح (قَوْلُهُ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ) أَنْكَرَ فِي الْإِقْلِيدِ زِيَادَةَ الدَّرَجَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي الْحَدِيثِ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهَا الْمِنْهَاجُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ)