الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ، وَفِي مَعْنَى الْإِنَاءِ فِيمَا ذُكِرَ الْبَابُ، وَالْخِلَالُ، وَنَحْوُهُمَا، وَاسْتَشْكَلَ حُرْمَةُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فِيمَا ذُكِرَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا الْآتِي فِي بَابِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ ثُمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا فِيمَا هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ (وَسَمْرُ الدَّرَاهِمِ) فِي الْإِنَاءِ (لَا طَرْحُهَا فِيهِ كَالتَّضْبِيبِ) فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بِخِلَافِ طَرْحِهَا فِيهِ لَا يَحْرُمُ بِهِ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ، وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ أَوْ فِي فَمِهِ دَرَاهِمُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ وَفِيهَا دَرَاهِمُ (فَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْإِنَاءِ (حَلْقَةً) مِنْ فِضَّةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (أَوْ سِلْسِلَةً فِضَّةً أَوْ رَأْسًا) مِنْهَا (جَازَ) لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يُسْتَعْمَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَك مَنْعُهُ بِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِحَسَبِهِ، وَإِنْ سَلِمَ فَلْيَكُنْ فِيهِ خِلَافُ الِاتِّخَاذِ، وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ.
(بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ)
أَيْ كَيْفِيَّتُهُ، وَهُوَ مِنْ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ، وَفِي الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِفَتْحِهَا مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ، وَلَهُ فُرُوضٌ، وَسُنَنٌ، وَشُرُوطٌ فَشُرُوطُهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَإِسْلَامٌ، وَتَمْيِيزٌ، وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ، وَالْعِلْمُ بِدُخُولِهِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَمَسِّ ذَكَرٍ، وَعَدَمُ الصَّارِفِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ لَوْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ احْتَاجَ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ إلَى نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ (، وَفُرُوضُهُ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ النِّيَّةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي، وَتَمْيِيزُهُ، وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ، وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ كَأَنْ يَنْوِيَ هُنَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ التَّطَهُّرَ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي (، وَتَجِبُ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) قِيلَ تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَهِيَ أَصَحُّ لِإِيهَامِ تِلْكَ اشْتِرَاطُ غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ أَوْ جَوَازِ خُلُوِّ غَسْلِ آخِرِهِ عَنْ النِّيَّةِ إنْ غَسَلَ آخِرَهُ أَوَّلًا، وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ الْوَجْهِ لَا عَلَى التَّعْبِيرِ بِغَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ لِمُسَاوَاتِهِ فِي الْمَعْنَى لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْعِبْرَةُ بِأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَهُ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولَاتِ وُجُوبًا عَنْهَا، وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ كَفَتْ، وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا (وَتُجْزِئُ) عِنْدَ غَسْلِ ذَلِكَ (وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) ، وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهَا عَلَى غَسْلٍ لِوَجْهٍ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ فَالنِّيَّةُ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهِ بِمَضْمَضَةٍ حَقِيقِيَّةٍ.
(وَلَا تَصِحُّ نِيَّةٌ مِنْ كَافِرٍ) ، وَلَوْ أَصْلِيًّا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا فَلَا يَصِحُّ تَطَهُّرُهُ (فَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ (وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ) ، وَلَوْ بِغُسْلِ حَلِيلِهِنَّ لَهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ مِنْهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا (يُبِيحُهُنَّ لِلزَّوْجِ) ، وَلِلسَّيِّدِ لِضَرُورَةِ حَقِّهِمَا (فَعَلَيْهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْأَوَّلِيَّيْنِ (الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) بِالْإِسْلَامِ، وَالْإِفَاقَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ مِنْ الْحَيْضِ عَنْ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُكْرَهَةِ كَانَ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ) فَإِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِأَحْجَارِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَوَانِي وَلَا فِي اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهَا بَلْ الْخُيَلَاءُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَوْ مَسَحَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ بِسَبِيكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ رَأْسٌ مِنْهَا جَازَ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الصَّفْحَةُ مِنْ الْفِضَّةِ فَلَوْ كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ قَطْعًا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالضَّبَّةِ أَوْ يَبْنِي عَلَى الِاتِّخَاذِ ع قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ يَلْحَقُ بِجَوَازِ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ بِفِضَّةٍ جَوَازُ تَغْطِيَةِ الْعِمَامَةِ بِحَرِيرٍ بِجَامِعِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّا نَقُولُ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ
[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ]
قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ش وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ» إلَخْ) وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْآذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَحْضَةِ الْعِدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَنَحْوُهُمَا ش وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجِبِهَا فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ وَبِهِ خَرَجَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَتُهَا لُغَةً إلَخْ) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ حَقِيقَةُ حُكْمٍ مَحَلٌّ وَزَمَنٌ كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنٌ
(قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ كُلُّ عِبَادَةٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهَا إلَّا الصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ انْتَهَى أَيْ وَالْأُضْحِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ مَضْمَضَةٍ) أَيْ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا فِي الثَّانِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْكَمَالِ) وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ حِلِّ وَطْئِهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا قَبْلَ إعَادَتِهَا الْغُسْلَ ضَعِيفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَتْ بِالتَّبَعِيَّةِ
تَنْوِيَ الذِّمِّيَّةُ، وَمَنْ يَغْسِلُ الْمَجْنُونَةَ، وَالْمُمْتَنِعَةَ اسْتِبَاحَةَ التَّمَتُّعِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِيهِ مَعَ مَجْمُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَمَا فِي تَحْقِيقِهِ فِي الذِّمِّيَّةِ مَحِلَّهُ فِي الْمُطَاوِعَةِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا لِأَنَّهُ فِي الْمُمْتَنِعَةِ الْمُغْتَسِلَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ اغْتِسَالَ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ لِلضَّرُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِيهِمَا، وَكَلَامُ أَصْلِهِ ثُمَّ فِي الْأُولَى، وَذَكَرَ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي غَسَلَهَا زَوْجُهَا مَعَ ذِكْرِ الْمُسْلِمَةِ الْمُكْرَهَةِ، وَالْإِعَادَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَدْ أَعَادَ إبَاحَةَ الذِّمِّيَّةِ، وَتَالِيَتَيْهَا فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ.
(وَيَبْطُلُ بِرِدَّةٍ تَيَمُّمُ وَوُضُوءُ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ) لِأَنَّهُمَا لِإِبَاحَةِ مَا امْتَنَعَ بِالْحَدَثِ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الرِّدَّةِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهَا بَحْثَ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْأُولَى بِمَا ذُكِرَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ التُّرَابِ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ أَصْلًا، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ (وَ) يَبْطُلُ بِهَا (نِيَّةُ وُضُوءٍ) ، وَغُسْلٍ فَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَائِهِمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الرِّدَّةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (لَا وُضُوءَ، وَغُسْلَ) فَلَا يَبْطُلَانِ بِهَا حَتَّى لَا تَجِبَ إعَادَتُهُمَا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ كَالصَّوْمِ، وَغَيْرِهِ (وَهَلْ يَقْطَعُ النِّيَّةَ نَوْمُ مُمَكِّنٍ) مَقْعَدَتَهُ (وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَرَّقَ تَفْرِيقًا كَثِيرًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ الْيَسِيرِ، وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ قَطْعِهَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَنَّ الْكَثِيرَ يَقْطَعُهَا (وَلَوْ تَيَمَّمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ صَلَّى بِهِ) مَعَ النَّفْلِ (الْفَرْضَ) كَالْوُضُوءِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْحِيحِ صَاحِبَيْ التَّهْذِيبِ وَالْعُدَّةِ ثُمَّ نُقِلَ فِيهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ (، وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَحِلُّ كُلُّ الْبَدَنِ) بَلْ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ خَاصَّةً كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْغَسْلِ مُخْتَصٌّ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَاسِّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا، وَلَا تَكْفِيهِ طَهَارَةُ مَحَلِّ الْمَسِّ، وَحْدَهُ، وَلِهَذَا لَوْ غَسَلَ، وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَسُّهُ بِهِمَا مَعَ قَوْلِنَا بِالْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ الْعُضْوِ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَقْطَعُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ وُضُوءُ رَفَاهِيَةٍ، وَوُضُوءُ ضَرُورَةٍ، وَهُوَ وُضُوءُ دَائِمٌ الْحَدَثِ فَقَالَ (وَلْيَنْوِ الْمُتَوَضِّئُ) غَيْرُ دَائِمِ الْحَدَثِ (أَحَدَ) أُمُورٍ (ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ رَفْعُ الْحَدَثِ) أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ، وَلَوْ لِمَاسِحِ الْخُفِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ الْمَانِعِ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ (أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ) أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ (لَا مُطْلَقًا) بِأَنْ نَوَى الطَّهَارَةَ فَقَطْ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ، وَعَنْ خَبَثٍ فَاعْتُبِرَ التَّمْيِيزُ، وَقِيلَ تَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ نِيَّةَ الطَّهَارَةِ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ لَا يَكُونُ عَنْ خَبَثٍ قَالَ، وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ لَكِنْ حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى إرَادَةِ نِيَّةِ الْحَدَثِ (فَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَائِهِ) كَأَنْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ، وَهَكَذَا جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (أَوْ نَوَى غَيْرَ حَدَثِهِ) كَأَنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْمَسِّ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدَثُ الْبَوْلِ (غَالَطَا) جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ الصَّادِقُ بِمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِسَبَبِ الْحَدَثِ لَا يَجِبُ فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ لِتَلَاعُبِهِ (أَوْ) نَوَى (بَعْضَ أَحْدَاثِهِ) الَّتِي عَلَيْهِ (جَازَ، وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ) لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ، وَعُورِضَ بِمِثْلِهِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا، وَهُوَ، وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فَيَلْغُو ذِكْرُهَا.
(الثَّانِي اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ) إذْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ إنَّمَا تُطْلَبُ لِذَلِكَ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ (فَإِنْ عَيَّنَ) بِنِيَّتِهِ (صَلَاةً جَازَ) أَيْ صَحَّ الْوُضُوءُ لَهَا، وَلِغَيْرِهَا (وَلَوْ نَفَى غَيْرَهَا) كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ، وَنَفَى غَيْرَهَا لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ كَمَا مَرَّ، وَالتَّعَرُّضُ لِمَا عَيَّنَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ، وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ فِي حَقِّ صَلَاةٍ، وَاحِدَةٍ لَا فِي حَقِّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَهِيَ مَجْنُونَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ الْغُسْلِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ مِنْ ضَرُورَةٍ إلَى ضَرُورَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مُسْلِمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِلصِّحَّةِ بَلْ الْخَلِيَّةُ إذْ نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ صَحَّ فِي حَقِّ مَا يَطْرَأُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهَا بَحْثَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ) الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجَوَابُ لَا يُجْدِي شَيْئًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ الْيَسِيرِ) جَرَى فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَطْعِهَا بِالْكَثِيرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَمَّمَ صَبِيٌّ فَبَلَغَ صَلَّى بِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يُصَلِّ بِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ
(قَوْلُهُ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَخْ) أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى غَيْرَ حَدَثِهِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَأَنْ نَوَى الرَّجُلُ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ جَدِّهِ لَوْ أَجْنَبَتْ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ فَنَوَتْ بِغُسْلِهَا رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلِطَتْ، فَإِنْ تَعَمَّدَتْ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ. (قَوْلُهُ غَالِطًا جَازَ) وَضَابِطُ مَا يَضُرُّ فِيهِ الْخَطَأُ وَمَا لَا يَضُرُّ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ هُنَا، وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُومِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ لِلصَّلَاةِ وَعَكْسُهُ وَكَالْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ وَالْكَفَّارَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فِي وُقُوعِهَا مَعًا أَوْ غَيْرَ الْأَوَّلِ فِي التَّرْتِيبِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلْحَدَثِ بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ مُنْفَرِدَةً ثَبَتَ الْحَدَثُ بِهَا لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ حَدَثُ الْبَوْلِ مَثَلًا حَنِثَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَلْغُو ذِكْرُ السَّبَبِ فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مِنْهُ حَدَثًا وَاحِدًا فَقَالَ نَوَيْت رَفْعَ بَعْضِ الْحَدَثِ أَنْ إلَّا يَصِحَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا ز. وَقَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّعَرُّضُ لِمَا عَيَّنَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ) فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا مَا لَوْ نَفَى نَفْسَ الْمَنْوِيِّ كَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ رَفْعَ حَدَثٍ
غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا، وَاحِدًا لِأَنَّ ارْتِفَاعَ حَدَثِهِ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ مَرْدُودًا مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِيهَا (وَكَذَا كُلٌّ) أَيْ اسْتِبَاحَةُ كُلٍّ (مَا لِوُضُوءٍ شَرْطٌ لَا مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَحَدِيثٍ، وَرِوَايَتِهِ، وَدَرْسِ عِلْمٍ، وَدُخُولِ مَسْجِدٍ، وَأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ بِلَا وُضُوءٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ مُضِرٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ بِهَا فَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً لَا يُدْرِكُهَا بِأَنْ تَوَضَّأَ فِي رَجَبٍ، وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْعِيدَ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ.
(الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ) الْمُتَوَضِّئُ (صَبِيًّا، وَكَذَا الْوُضُوءُ فَقَطْ) لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ كَوْنِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْقُرْبَةِ، وَإِلَّا لَمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا قَالَهُ نِيَّةُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ قَالَ أَعْنِي الرَّافِعِيَّ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا لُزُومُ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ بَلْ الْمُرَادُ فِعْلُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ، وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا (وَلَوْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا.
(وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ) بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي حَدَثِهِ (احْتِيَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا لَمْ يُجْزِهِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةَ الظُّهْرِ مَثَلًا شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبِنْ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلضَّرُورَةِ (أَوْ) تَوَضَّأَ الشَّاكُّ (وُجُوبًا) بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ حَدَثِهِ فِي وُضُوئِهِ فَتَوَضَّأَ (أَجْزَأَهُ) ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ، وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا، وَإِنْ تَذَكَّرَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ (وَدَائِمُ الْحَدَثِ تُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) ، وَنِيَّةُ أَدَاءِ الْوُضُوءِ، وَنَحْوُهُمَا، وَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (لَا) نِيَّةَ (رَفْعِ الْحَدَثِ) لِبَقَائِهِ عَلَيْهِ (كَالْمُتَيَمِّمِ) فِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ لِذَلِكَ بَلْ، وَفِي أَنَّهُ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتِبَاحَةً، وَإِلَّا فَلَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِ، وَتَنْظِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُتَيَمِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَنُدِبَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ، وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْأَحَقِّ فَإِنْ قُلْت نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، وَنَحْوِهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْفَرْضُ يَحْصُلُ بِهَا، وَحْدَهَا قُلْت لَا إذْ الْغَرَضِ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا، وَذَلِكَ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَجْدِيدًا.
(فَرْعٌ)(لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُسْتَحْضِرًا) عِنْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ (نِيَّةَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (كَمُصَلٍّ نَوَاهَا) أَيْ نَوَى الصَّلَاةَ (وَدَفَعَ غَرِيمٌ) فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْضِرًا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ نِيَّتَهُ (تَبَعَّضَ الْوُضُوءُ) فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا قَبْلَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَمِثْلُهَا نِيَّةُ التَّنْظِيفِ.
(فَرْعٌ)(لَوْ نَسِيَ لُمْعَةً)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
النَّوْمِ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً وَأَنْ لَا يُصَلِّيَهَا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ وَتَنَاقُضِهِ وَشَرْطُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ بِوُضُوئِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَهُوَ تَلَاعُبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بَقِيَ بَعْضُ حَدَثِهِ الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ وَهُنَاكَ الْبَاقِي غَيْرُ الْحَدَثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ غ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) الْفَاءُ لِلصِّفَةِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ وَإِبْقَاءً لِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةٍ إلَخْ) هُوَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ نَوْعًا وَأَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى أَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ إلَخْ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا عِنْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا ح.
(قَوْلُهُ أَوْ فَرْضُ الْوُضُوءِ) وَكَذَا أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ كَمَا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ ج (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَمَّا الْمُجَدِّدُ إلَخْ) مِثْلُهُ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَبِهَذَا أَفْتَيْت (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) سُئِلَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ هَلْ تَكُونُ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ حَتَّى إذَا نَوَاهَا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَكَانَ غَافِلًا لَمْ يَصِحَّ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّبَرُّدِ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَأَمَّا نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ فَلَيْسَ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَنْوِي الِاغْتِرَافَ لِيَمْنَعَ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ فَهَذَا وَلَا بُدَّ ذَاكِرٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمُصَلٍّ نَوَاهَا وَدَفَعَ غَرِيمٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كُلِّ مَا شَرَكَ فِيهِ بَيْنَ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارَ الْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ قَصْدَ الدِّينِيِّ فَلَهُ أَجْرٌ بِقَدْرِهِ أَوْ الدُّنْيَوِيِّ فَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا ش قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ
بِضَمِّ اللَّامِ فِي وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ (فَانْغَسَلَتْ فِي تَثْلِيثٍ) يَعْنِي فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ التَّنَقُّلِ (أَوْ) فِي (إعَادَةِ وُضُوءٍ) أَوْ غُسْلٍ (لِنِسْيَانٍ) لَهُ (لَا تَجْدِيدَ و) لَا (احْتِيَاطَ أَجْزَأَهُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ نِيَّتِهِ الْأُولَى كَمَالُ الْغَسْلَةِ الْأُولَى قَبْلَ غَيْرِهَا، وَتَوَهُّمُهُ الْغُسْلَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ عَنْهَا كَمَا لَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ظَانًّا أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَكْفِي، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ بِنِيَّةِ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا عَدَمُ إجْزَائِهِ فِي التَّجْدِيدِ فَلِأَنَّهُ طُهْرٌ مُسْتَقِلٌّ بِنِيَّةٍ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا، وَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَلِمَا مَرَّ فِيهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى) الطُّهْرَ (بِسَقْطَةٍ) حَصَلَتْ (فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ، وَنِيَّتُهُ) فِيهِمَا (عَازِبَةٌ لَمْ يُجْزِهِ) لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ فَقَوْلُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ.
وَعَلَّلَ الرُّويَانِيُّ الثَّانِيَةَ بِأَنَّ النِّيَّةَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ لَا فِعْلَ غَيْرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ، وَفِي بَعْضِ مَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِمَّا أَرَادَهُ بِالنَّظَرِ (أَوْ) غَسَلَهَا (مِنْ أَمْرِهِ) هُوَ بِغُسْلِهَا (جَازَ، وَإِنْ كَرِهَهُ لِشِدَّةِ بَرْدٍ) مَثَلًا كَمَا لَوْ غَسَلَهَا هُوَ (لَا إنْ نَهَاهُ) فَغَسَلَهَا فَلَا يُجْزِئُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ، وَكَذَا فِي أَثْنَائِهِ لَكِنْ (انْقَطَعَتْ النِّيَّةُ فَيُعِيدَهَا لِلْبَاقِي أَوْ) نَوَى (أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَلَا يُصَلِّيَ) بِهِ (لَغَتْ) نِيَّتُهُ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِتَلَاعُبِهِ، وَتَنَاقُضِهِ، وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ بِمَكَانٍ نَجِسٍ يَنْبَغِي الْمَنْعُ، وَإِذَا بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُثَابَ عَلَى الْمَاضِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُقَالَ إنْ بَطَلَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا أَوْ بِغَيْرِهِ فَنَعَمْ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا ثَوَابَ لَهُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ الْفَرْضِ.
(الثَّانِي غَسْلُ الْوَجْهِ) قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، وَالْمُرَادُ انْغِسَالُهُ عَلَى مَا مَرَّ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَجْهُ طُولًا ظَاهِرٌ (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ غَالِبًا، وَأَسْفَلِ) طَرَفِ (الْمُقْبِلِ مِنْ الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْقَافِ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) مِنْ (اللَّحْيَيْنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعَظَمَتَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَ) عَرْضًا ظَاهِرُ (مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ (شَعْرًا، وَبَشَرًا كَظَاهِرِ حُمْرَةِ شَفَتَيْهِ، وَمَا ظَهَرَ) مِنْ الْوَجْهِ (بِقَطْعٍ، وَمَوْضِعِ غَمَمٍ) ، وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ لِأَنَّهُ فِي تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِ الشَّعْرِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) مَوْضِعَ (صَلَعٍ) ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدِّمِ الرَّأْسِ.
وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ تَصْرِيحٌ بِمَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَعِ مَنْبِتُ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَإِنْ انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ بِسَبَبٍ، وَالْجَبْهَةُ لَيْسَتْ مَنْبِتُهُ، وَإِنْ نَبَتَ الشَّعْرُ عَلَيْهَا، وَحَدُّ الْأَصْلِ الْوَجْهُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ مِنْ مُبْتَدَأِ تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ طُولًا، وَمِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا، وَبَيْنَ عَقِبِهِ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فِي حَدِّ الطُّولِ، وَلَا تَدْخُلَانِ فِي الْعَرْضِ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا عُرِفَ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ مُبْتَدَأِ التَّسْطِيحِ وَلِيُفِيدَ بِذِكْرِ اللَّحْيَيْنِ شُمُولَ حَدِّ الْوَجْهِ لِجَوَانِبِهَا (وَلَا بَاطِنُ لِحْيَةِ رَجُلٍ كَثَّةٍ) أَيْ كَثِيفَةٍ بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ مَعَ الْكَثَافَةِ الْغَيْرِ النَّادِرَةِ (فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا) ، وَكَثُفَ بَعْضُهَا (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) بِتَفْصِيلٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ (إنْ تَمَيَّزَ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْخَفِيفِ (غَسَلَ الْكُلَّ) وُجُوبًا، وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ إفْرَادَ الْكَثِيفِ بِالْغَسْلِ يَشُقُّ، وَإِمْرَارُ الْمَاءَ عَلَى الْخَفِيفِ لَا يُجْزِئُ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ دَلَالَةٌ اهـ.
(وَالْكَثَّةُ مَا سَتَرَتْ الْبَشَرَةَ عَنْ الْمُخَاطَبِ) بِخِلَافِ الْخَفِيفَةِ (وَلَيْسَ النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا، وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ (وَمَوْضِعُ التَّحْذِيفِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعَذَارِ، وَالنَّزَعَةِ، وَرُبَّمَا يُقَالُ بَيْنَ الصُّدْغِ، وَالنَّزَعَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّ الصُّدْغَ، وَالْعَذَارَ مُتَلَاصِقَانِ (وَالصُّدْغَانِ) ، وَهُمَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ (مِنْ الْوَجْهِ) أَمَّا مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ فَلِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاعْتِيَادِ النِّسَاءِ إزَالَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَلِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ، وَيُسَنُّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ غَسْلُ الثَّلَاثَةِ، وَمَوْضِعِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَإِنْ تَوَهَّمَهُ الْأَوَّلُ) وَكَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَاسِيًا فَإِنَّهَا تَتِمُّ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَوَهَّمَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَقُمْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ أَوْ السَّهْوِ مَقَامَ سَجْدَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا. (قَوْلُهُ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ إلَخْ) ، وَفِيهِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ فَفِي الْبَحْرِ تَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ كَمَا لَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالزَّكَاةَ مَالِيَّةٌ وَالْبَدَنِيَّةُ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِخِلَافِ الْمَالِيَّةِ ش وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي الْمَنْعُ) أَيْ وَبِهِ أَفْتَيْت وَإِنْ قَالَ فِي الْعُبَابِ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا ثَوَابَ لَهُ) وَيَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْبُطْلَانَ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا ثَوَابَ فِي الْمَقِيسِ وَلَا الْمَقِيسِ عَلَيْهِ ش مَا تَفَقَّهَهُ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَيْت
(قَوْلُهُ وَلَا بَاطِنُ لِحْيَةِ رَجُلٍ كَثَّةٍ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَشَرَةٍ لِلِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ غَسَلَ بَشَرَةَ الْوَجْهِ وَتَرَكَ الشَّعْرَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَجْهِ لِمَا يُوَاجِهُ بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ وَذَلِكَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ ج. (قَوْلُهُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ مَعَ الْكَثَافَةِ إلَخْ) وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَصَالَةً لَا بَدَلًا عَنْ الْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَالصُّدْغَانِ) الصُّدْغُ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ
الصَّلَعِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي النَّزَعَتَيْنِ (وَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْعِذَارَيْنِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَإِنْ كَثُفَا، وَهُمَا حِذَاءُ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ مُحَاذِيَانِ لَهُمَا بَيْنَ الصُّدْغِ، وَالْعَارِضِ، وَقِيلَ هُمَا الْعَظَمَتَانِ النَّاتِئَانِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ (وَ) يَجِبُ غَسْلُ (بَاطِنِ سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (شُعُورِ الْوَجْهِ) الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِأَنَّ كَثَافَتَهَا نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ (لَا الْعَارِضَيْنِ الْكَثِيفَيْنِ) ، وَهُمَا الْمُنْحَطَّانِ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِمَا لِمَا مَرَّ فِي اللِّحْيَةِ، وَلَوْ ذَكَرَهُمَا مَعَهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَنْسَبَ.
وَإِنَّمَا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ بَاطِنِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى) مُشْكِلٍ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِنُدْرَتِهَا، وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ إزَالَتُهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي حَقِّهَا، وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ سِلْعَةٍ، وَظَاهِرِ شَعْرٍ مِنْ الْوَجْهِ) كَلِحْيَةٍ، وَعَذَارٍ، وَسِبَالٍ إذَا كَانَا (خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) تَبَعًا لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا أَيْضًا، وَأَطْلَقَ كَالْأَصْلِ الِاكْتِفَاءَ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ كَثِيفًا، وَإِلَّا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِهِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ قَالَ، وَكَلَامُ الْمُطْلِقِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ.
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْحُكْمَ فِي السِّلْعَةِ، وَالشَّعْرِ بِالْخَارِجَيْنِ لِأَنَّ الدَّاخِلَيْنِ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ و) سَائِرِ (الْجَوَانِبِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْوَجْهِ احْتِيَاطًا) لِيَتَحَقَّقَ اسْتِيعَابُهُ (، وَمَنْ لَهُ، وَجْهَانِ غَسَلَهُمَا) وُجُوبًا كَالْيَدَيْنِ عَلَى عَضُدٍ، وَاحِدٍ أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا، وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسَنُّ غَرْفُ مَاءِ الْوَجْهِ بِالْكَفَّيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ إلَى السُّنَنِ كَانَ أَنْسَبَ الْفَرْضِ.
(الثَّالِثُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَعَكْسِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهَا الْآيَةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنُ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْآيَةِ أَنْ تُجْعَلَ الْيَدُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ عَلَى الْأَصَحِّ مَجَازًا إلَى الْمِرْفَقِ مَعَ جَعْلِ إلَى لِلْغَايَةِ الدَّاخِلَةِ هُنَا فِي الْمُغَيَّا بِمَا يَأْتِي أَوْ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] أَوْ تُجْعَلَ بَاقِيَةً عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَى الْمَنْكِبِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ أَوْ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ، وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ، وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا إلَى الْمَرَافِقِ، وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ.
وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ، وَاتْرُكُوا مِنْهَا إلَى الْمَرَافِقِ (فَإِنْ قُطِعَتْ) يَدُهُ (مِنْ الْمِرْفَقِ) بِأَنْ سُلَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ، وَبَقِيَ الْعَظْمَتَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (وَجَبَ غَسْلُ رَأْسِ الْعَضُدِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْمُوعُ الْعَظْمَاتِ، وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا لَا الْإِبْرَةُ، وَحْدَهَا (وَنُدِبَ غَسْلُ بَاقِيهِ) أَيْ الْعَضُدِ فَلَوْ قُطِعَتْ مِنْ تَحْتِ الْمِرْفَقِ، وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَنُدِبَ غَسْلُ الْعَضُدِ كَمَا فُهِمَا مَعًا بِالْأَوْلَى مِنْ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، وَالتَّصْرِيحُ يُنْدَبُ غَسْلُ الْبَاقِي فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (كَأَنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُ بَاقِي عَضُدِهِ لِئَلَّا يَخْلُو الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ، وَلِتَطْوِيلِ التَّحْجِيلِ كَالسَّلِيمِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ أَيَّامَ الْجُنُونِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْمَتْبُوعِ ثَمَّ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ أَوْلَى بِهِ، وَسُقُوطُهُ هُنَا لَيْسَ رُخْصَةً بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فَحُسْنُ الْإِتْيَانِ بِالتَّابِعِ مُحَافَظَةٌ عَلَى الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَإِمْرَارِ الْمُحْرِمِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ، وَلِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ شُرِعَ تَكْمِلَةً لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ كَلِحْيَةٍ وَعَذَارٍ وَسِبَالٍ إلَخْ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى.
(قَوْلُهُ خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الْوَافِي وَقَالَ أَرَى كُلَّ لِحْيَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا وَعَرْضًا طَالَتْ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ قَالَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَدَلَّى وَانْعَطَفَ وَخَرَجَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالنُّزُولِ فَإِنَّ أَوَّلَ خُرُوجِ الشَّعْرِ يَخْرُجُ مُنْتَصِبًا فَهُوَ عَلَى حَدِّ الْوَجْهِ وَمَا زَادَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّهِ، وَفِي الذَّخَائِرِ الْمُسْتَرْسِلُ هُوَ الشَّعْرُ الَّذِي يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ وَيَنْتَشِرُ مِنْ مَنْبِتِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ عَرْضَ الْوَجْهِ فِي اسْتِدَارَةِ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْوَجْهِ وَالِاعْتِبَارُ بِعَرْضِ الْوَجْهِ وَإِلَّا فَأَيُّ شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى الذَّقَنِ وَلَوْ قَدْرَ نِصْفِ شَعْرَةٍ فَهُوَ زَائِدٌ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا فَيُعْتَبَرُ الشَّعْرُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنْ يَكُونَ طُولُهُ قَدْرَ مِسَاحَةِ مَا بَيْنَ الْعِذَارَيْنِ وَالْعَارِضَيْنِ مَعَهُمَا وَأَصْلِ الْأُذُنِ لِأَنَّ أَصْلَ الْأُذُنِ آخِرُ الْوَجْهِ عَرْضًا، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَهُوَ الْمُسْتَرْسِلُ. (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ ش (قَوْلُهُ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ) ذَكَرَ الْمَرَافِقَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ وَلِكُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ وَلَوْ قِيلَ إلَى الْكِعَابِ لَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ رِجْلٍ كَعْبٌ وَاحِدٌ فَذَكَرَ الْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ قُلْنَا صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ) أَيْ لَا لِكَوْنِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا تَدْخُلُ كَمَا قِيلَ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى آخِرِهِ وَقَدْ لَا تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا ش. (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ إلَخْ)، وَلِلِاسْتِدْلَالِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُتَوَلِّي وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ {وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] لَوَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا قَالَ {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] أَخْرَجَ الْبَعْضَ عَنْ الْوُجُوبِ فَمَا تَحَقَّقْنَا خُرُوجَهُ تَرَكْنَاهُ وَمَا شَكَكْنَا فِيهِ أَوْجَبْنَاهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ) أَنَّثَهَا لِأَنَّ مَا ثُنِّيَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ بِخِلَافِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ وَنَحْوِهِمَا.
مَتْبُوعٌ فَلَا تَكْمِلَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ تَكْمِلَةً لِلْمَتْبُوعِ لِأَنَّهُ كَامِلٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ.
(وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا (وَإِنْ كَثُفَ) لِنُدْرَتِهِ (وَ) غَسْلُ (ظُفْرٍ، وَإِنْ طَالَ و) غَسْلُ (يَدٍ زَائِدَةٍ إنْ نَبَتَتْ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ) ، وَلَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ، وَسِلْعَةٍ سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ الْأَصْلِيَّةَ أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ نَبَتَتْ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (غَسَلَ) وُجُوبًا (مَا حَاذَى) مِنْهَا (مَحَلَّهُ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِ مَعَ مُحَاذَاتِهِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُحَاذِهِ إلَّا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الزَّائِدَةُ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَ) تَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا (فِي الرِّجْلَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ كَجَرَيَانِهَا فِي الْيَدَيْنِ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَمَّا يَأْتِي مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا الْيَدَانِ، وَالرِّجْلَانِ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ النَّاقِصَةُ) يَعْنِي الزَّائِدَةَ عَنْ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا زَائِدَةٌ، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ (بِفُحْشِ قِصَرٍ، وَنَقْصِ أَصَابِعَ، وَضَعْفِ بَطْشٍ، وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ كُلٍّ مِنْهَا (غَسَلَهُمَا) وُجُوبًا سَوَاءٌ أَخَرَجَتَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِيَتَحَقَّقَ إتْيَانُهُ بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ بِقَطْعِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْحَدُّ عَلَى الدَّرْءِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ (وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا) أَيْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لَا الْمُحَاذِي، وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْيَدِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا مَعَ خُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ (أَوْ) تَقَلَّصَتْ (جِلْدَةُ الذِّرَاعِ مِنْهُ، وَجَبَ) غَسْلُهَا لِأَنَّهَا مِنْهُ (أَوْ) تَدَلَّتْ (جِلْدَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ) بِأَنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الْآخَرِ ثُمَّ تَدَلَّتْ مِنْهُ (فَالِاعْتِبَارُ بِمَا تَدَلَّتْ مِنْهُ) أَيْ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ تَقَلُّعُهَا لَا بِمَأْمَنِهِ تَقَلُّعَهَا فَيَجِبُ غَسْلُهَا فِيمَا إذَا بَلَغَ تَقَلُّعُهَا مِنْ الْعَضُدِ إلَى الذِّرَاعِ دُونَ مَا إذَا بَلَغَ مِنْ الذِّرَاعِ إلَى الْعَضُدِ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَإِنْ الْتَصَقَتْ) بَعْدَ تَقَلُّعِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا (بِالْآخَرِ، وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي الْفَرْضِ) مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ تَجَافَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا أَيْضًا لِنُدْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ كَثِيفِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ سَتَرَتْهُ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ فَتْقُهَا فَلَوْ غَسَلَهُ ثُمَّ زَالَتْ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا طَهُرَ مِنْ تَحْتِهَا لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إذَا حُلِقَتْ لِأَنَّ غَسْلَ بَاطِنِهَا كَانَ مُمْكِنًا، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ غَسْلُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ إلَخْ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ. (وَإِنْ تَوَضَّأَ فَقُطِعَتْ) يَدُهُ (أَوْ تَثَقَّبَتْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَمَّا تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ (إلَّا لِحَدَثٍ) فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كَالظَّاهِرِ أَصَالَةً، وَخَرَجَ بِمَا ظَهَرَ مَا لَوْ كَانَ لِلثَّقْبِ غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ فَلَا يَلْزَمهُ غَسْلُ بَاطِنِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ إلَّا غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بِالِاقْتِضَاضِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ (، وَالْعَاجِزُ) عَنْ الْوُضُوءِ لِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ (يَسْتَأْجِرُ) وُجُوبًا (مُوَضِّئًا) أَيْ مِنْ يُوَضِّئُهُ (بِأُجْرَةِ مِثْلٍ) فَاضِلَةٍ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَكِفَايَتِهِ، وَكِفَايَةِ مُؤْنَةِ يَوْمِهِ، وَلَيْلَتِهِ كَمَا يَلْزَمُ فَاقِدِ الْمَاءِ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ مَنْ يُوَضِّئُهُ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ كَمَا ذُكِرَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ (تَيَمَّمَ) لِعَجْزِهِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (وَأَعَادَ) مَا صَلَّاهُ بِهِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ الْفَرْضِ
(الرَّابِعُ مَسْحُ الرَّأْسِ) قَالَ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى عِمَامَتِهِ» (وَيُجْزِئُهُ) الْمَسْحُ (وَلَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ) ، وَاحِدَةٍ، وَلَوْ (بِعُودٍ لَا مَا خَرَجَ) مِنْ الشَّعْرِ، وَلَوْ (بِالْمَدِّ) إلَى جِهَةِ سُفْلِهِ (عَنْ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي تَقْصِيرُهُ فِي الْحَجِّ لِتَعَلُّقِ فَرْضِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْخَارِجِ، وَفَرْضُ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ، وَهُوَ مَا تَرَأَّسَ، وَعَلَا، وَالْخَارِجُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا (أَوْ قَدْرُهُ) أَيْ قَدْرُ بَعْضِ شَعْرِهِ (مِنْ الْبَشَرَةِ، وَلَوْ مِنْ ذِي رَأْسَيْنِ) فَيَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْبَعْضِ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَسْحِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ) لَوْ امْتَنَعَ غَسْلُ الْوَجْهِ لِعِلَّةٍ بِهِ، وَمَا جَاوَرَهُ صَحِيحٌ لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُهُ لِلْغُرَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَسْلِ الْوَجْهِ فَسَقَطَ لِسُقُوطِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ بِأَنَّ فَرْضَ الرَّأْسِ الْمَسْحُ وَهُوَ بَاقٍ عِنْدَ تَعَذُّرِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَاسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْعُنُقِ وَالْأُذُنَيْنِ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ الْمَحَلُّ الْمَطْلُوبُ عَنْ الطَّهَارَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْيَدِ. اهـ. وَيَأْتِي مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ لِعِلَّةٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ سُقُوطَ وُجُوبِ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ رُخْصَةٌ فَسَقَطَ تَابِعُهُ مِثْلُ مَا مَرَّ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ السُّقُوطِ فِيهِمَا (فَرْعٌ)
فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ دَخَلَتْ أُصْبُعَهُ شَوْكَةٌ يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّ مَا حَوَالَيْهَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا سَتَرَتْهُ الشَّوْكَةُ بَاطِنٌ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ نَزَعَ الشَّوْكَةَ تَبْقَى ثُقْبَةٌ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ حَتَّى يَنْزِعَهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) مُرَكَّبَةٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ الْمَحْذُوفِ مَدْخُولُهُمَا وَلَيْسَتْ حَرْفَ اسْتِثْنَاءٍ كَمَا قِيلَ وَإِلَّا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْفَاءِ بَعْدَهَا مَسَاغٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ مُحَاذَاتِهِ لِمَحِلِّ الْفَرْضِ) لَوْ أُبِينَ سَاعِدُ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ فَوْقِهِ فَظَاهِرٌ وُجُوبُ غَسْلِ الْمُحَاذِي لِمَحِلِّ الْفَرْضِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ مِنْ الزَّائِدَةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ ك (قَوْلُهُ مِنْ يُوَضِّئُهُ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّيَّةُ تَكُونُ مِنْ الْآذِنِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي التَّيَمُّمِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّرْغِيبِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَبِّدُ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِنِيَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ ح
(قَوْلُهُ إلَى جِهَةِ سُفْلِهِ) أَيْ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَالْوَجْهِ، وَهِيَ جِهَةُ النُّزُولِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّعْرَ الْكَائِنَ فِي حَدِّ الرَّأْسِ الَّذِي لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ عَنْ حَدِّهِ إنَّمَا لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ إذَا كَانَ فِي جِهَةِ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْكِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي مُقَدِّمِ الرَّأْسِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ عَنْ الرَّأْسِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِهَةَ لَيْسَتْ مَحِلًّا لِاسْتِرْسَالِ الشَّعْرِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ضَعِيفٌ
بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ، وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزْعَتَيْنِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبْعِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا دُونَهُ، وَالْبَاءُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: 29] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ.
وَإِنَّمَا، وَجَبَ التَّعْمِيمُ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ آيَاتِهِ كَالْآيَةِ هُنَا لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ فَاعْتُبِرَ مُبْدَلُهُ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِهِ فِي الْخُفِّ فَلِلْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ التَّعْمِيمَ يُفْسِدُهُ مَعَ أَنَّ مَسْحَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغُسْلِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ (وَلَوْ قَطَّرَ الْمَاءَ) عَلَى رَأْسِهِ (أَوْ، وَضَعَ يَدَهُ) الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ (أَوْ تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ نَاوِيًا) الْمَسْحَ (وَلَمْ يَمْسَحْ) بِالْمَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاعْتِبَارُهُ النِّيَّةَ فِيهَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ، وَغَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ (وَلَوْ غَسَلَهُ لَمْ يُكْرَهْ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ إذْ بِهِ تَحْصُلُ النَّظَافَةُ (وَلَمْ يُسْتَحَبَّ) لِأَنَّهُ تَرْكُ مَا يُشْبِهُ الرُّخْصَةَ بِخِلَافِ الْخُفِّ يُكْرَهُ غَسْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْغَسْلَ كَافٍ لِأَنَّهُ مَسْحٌ، وَزِيَادَةٌ فَالْوَاجِبُ مَسْحُهُ أَوْ غَسْلُهُ عَلَى نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، (وَيُجْزِئُ مَسْحٌ بِبَرَدٍ، وَثَلْجٍ لَا يَذُوبَانِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَ) يُجْزِئُ (غَسْلٌ) بِهِمَا (إنْ ذَابَا، وَجَرَيَا عَلَى الْعُضْوِ) لِذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ حَلَقَ) رَأْسَهُ بَعْدَ مَسْحِهِ (لِمَ بَعْدَهُ) أَيْ الْمَسْحُ لِمَا مَرَّ فِي قَطْعِ يَدِهِ
(الْفَرْضُ الْخَامِسُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، وَهُمَا الْعَظْمَتَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ، وَالْقَدَمِ قَالَ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ بِالنَّصْبِ، وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ، وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ، وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ مَا دَلَّ عَلَى دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ، وَعَلَى أَنَّهُمَا الْعَظْمَتَانِ الْمَذْكُورُ أَنَّ قَوْلَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِقَامَةِ الصُّفُوفِ فَرَأَيْت الرَّجُلَ يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ أَخِيهِ، وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ عَيْنًا فِي حَقِّ لَابِسِ الْخُفِّ بَلْ إمَّا هُوَ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِأَصَالَتِهِ، وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَالِبًا (أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ
(السَّادِسُ التَّرْتِيبُ) فِي أَفْعَالِهِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنِ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَمْسُوحًا بَيْنَ مَغْسُولَاتٍ وَتَفْرِيقُ الْمُتَجَانِسِ لَا تَرْتَكِبُهُ الْعَرَبُ إلَّا لِفَائِدَةِ، وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْوَاجِبِ، وَقَدَّمَ الْوَجْهَ لِشَرَفِهِ ثُمَّ الْيَدَانِ لِأَنَّهُمَا بَارِزَتَانِ، وَيَعْمَلُ بِهِمَا غَالِبًا بِخِلَافِ الرَّأْسِ، وَالرِّجْلَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسُ لِشَرَفِهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ (فَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ تَرَكَهُ، وَلَوْ (سَاهِيًا أَوْ، وَضَّأَهُ أَرْبَعَةً بِأَمْرِهِ دَفْعَةً حَصَلَ الْوَجْهُ) أَيْ غَسْلُهُ (فَقَطْ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ نَوَى عِنْدَهُ) فَلَا يَحْصُلُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَهُ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، وَلَا يُعْذَرُ بِالسَّهْوِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَقَوْلُهُ بِأَمْرِهِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِإِذْنِهِ قَيْدٌ مُضِرٌّ فَإِنْ غَسَلَ الْوَجْهَ يَحْصُلُ إذَا نَوَى عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ، وَلَمْ يَأْذَنْ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ فِيمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ غُسْلِ الْفُضُولِيِّ (وَلَوْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ فِي مَرَّةٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ بِنِيَّةِ) رَفْعِ (الْحَدَثِ) أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ مُتَعَمِّدًا (أَوْ) بِنِيَّةِ رَفْعِ (الْجَنَابَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (غَالَطَا، وَرَتَّبَ) فِيهِمَا (أَوْ انْغَمَسَ) بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ مُبْتَدِئًا بِأَسَافِلِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ) نَقَلَ ابْنُ هِشَامٍ التَّبْعِيضَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَالْقُتَيْبِيِّ وَابْنُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6](قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُهَا إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْغَسَلَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى بِسَقْطَةٍ فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ لَمْ يَجْزِهِ.
(قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ إلَخْ) وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى الرُّءُوسِ وَبِحَمْلِ الْمَسْحِ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْأَرْجُلِ طَلَبًا لِلِاقْتِصَارِ وَلِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ لِغَسْلِهَا بِالصَّبِّ عَلَيْهَا وَتُجْعَلُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى هَذَا لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الظَّاهِرَةِ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ) يَجِبُ مَسْحُ الْخُفِّ إذَا كَانَ لَابِسًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ، الْأُولَى وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ إنْ غَسَلَ وَيَكْفِيهِ إنْ مَسَحَ، الثَّانِيَةُ انْصَبَّ مَاؤُهُ عِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَوَجَدَ بَرْدًا لَا يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ، الثَّالِثَةُ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْغُسْلِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ الرَّابِعَةُ خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ غَسَلَ الْخَامِسَةُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَلَ السَّادِسَةُ خَشِيَ فَوَاتَ وُقُوفِ عَرَفَةَ لَوْ غَسَلَ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ) قَالَ شَيْخُنَا وَأَيْضًا فَعَادَةُ الْعَرَبِ ذِكْرُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَاللَّائِقُ بِعَادَتِهِمْ ذِكْرُ الرَّأْسِ بَعْدَ الْوَجْهِ لِقُرْبِهِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ فَتَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرَّأْسِ إشَارَةٌ لِلتَّرْتِيبِ، (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْآيَةَ إلَخْ)«وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ مُرَتِّبًا هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» أَيْ بِمِثْلِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ تَرْجِعُ فِي حَالِ الْعُذْرِ إلَى نِصْفِهَا فَوَجَبَ فِيهَا التَّرْتِيبُ كَالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ قَيْدٌ مُضِرٌّ) لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ عَدَمَ حُصُولِ مَا عَدَا الْوَجْهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَطْ وَيَقُولُ أَصْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا الْوَجْهُ عِنْدَ عَدَمِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْقَائِلِ بِحُصُولِ الْجَمِيعِ ك
(قَوْلُهُ وَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ بِغُسْلِهِ لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً ش قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرٌ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ إنْ قِيلَ بِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ انْغَمَسَ بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَكُتِبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَإِلَّا