الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَعِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ (لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ
(فَرْعٌ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ) فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ (لَا يَضُرُّ، وَالْكَثِيرُ وَلَوْ فِي الْغُسْلِ بِلَا عُذْرٍ كَالنِّسْيَانِ مَكْرُوهٌ) فَلَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَلَا يُبْطِلُهَا الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ لَكِنَّهُ نُقِضَ بِالْأَذَانِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهَا عَلَى أَبْعَاضِهَا فَجَازَ فِيهَا التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ كَالزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ كَالنِّسْيَانِ مِثَالٌ لِلْعُذْرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ (لَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا (يُوجِبُ) التَّفْرِيقَ الْكَثِيرَ (تَجْدِيدُ النِّيَّةِ) عِنْدَ عُزُوبِهَا لِأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ (وَهُوَ) أَيْ التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ (مَا) أَيْ تَفْرِيقٌ (يَجِفُّ الْمَغْسُولُ) آخِرًا (فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (حَالَ الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ فَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا، وَسَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ جَوَازَ التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ مَحَلُّهُ فِي وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ
(فَصْلٌ)
، وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (مَنْ لَا كَعْبَ لَهُ وَلَا مِرْفَقَ يُقَدِّرُ قَدْرَهُ) مِنْ الْعُضْوِ (وَيُشْتَرَطُ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ) فِي غَسْلِهِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَمَسَّهُ الْمَاءُ بِلَا جَرَيَانٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا (فَيَجِبُ قَلْعُ، وَسَخِ ظُفْرٍ، وَشُقُوقٍ يَمْنَعُ) وُصُولَ الْمَاءِ (وَ) قَلْعُ (دُهْنٍ جَامِدٍ كَالشَّمْعِ) لَا قَلْعُ دُهْنٍ (جَارٍ) أَيْ مَانِعًا (وَلَا) قَلْعُ (لَوْنِ حِنَّاءٍ، وَلَوْ شَكَّ) فِي طَهَارَةِ (عُضْوٍ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ لَمْ يُؤَثِّرْ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهِ، وَبِمَا قَالَهُ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَأَلْزَمَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَالْتَزَمَهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي حَدَثِهِ، وَقِيلَ يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الطُّهْرَ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَالشَّكُّ فِي حَدَثِهِ، وُجِدَ فِيهِ يَقِينُ الطُّهْرِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ هَذَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْعَ كَثِيرًا مَا يُقِيمُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ مَقَامَ الْيَقِينِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ (وَيَرْتَفِعُ حَدَثُ الْعُضْوِ بِغَسْلِهِ) فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَرَاغِ الْأَعْضَاءِ
(وَنُدِبَ) لِمَنْ تَوَضَّأَ (أَنْ يُصَلِّيَ عَقِيبَ وُضُوئِهِ رَكْعَتَيْنِ) فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
(فَرْعٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ لَوْ (صَلَّى فَرِيضَتَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ) عَنْ حَدَثَيْنِ أَوْ كَانَ الثَّانِي مُجَدِّدًا، وَقَدْ (نَسِيَ الْمَسْحَ) لِلرَّأْسِ (فِي أَحَدِهِمَا، وَأَشْكَلَ) عَلَيْهِ الْحَالُ (مَسَحَ) رَأْسَهُ (وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ) فَقَطْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ (وَأَعَادَهُمَا) أَيْ الْفَرِيضَتَيْنِ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا بَاطِلَةٌ، وَقَدْ جَهِلَهَا فَهُوَ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ (وَلَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثٌ وَصَلَّى) فَرِيضَةً (ثُمَّ نَسِيَ) الْوُضُوءَ، وَالصَّلَاةَ (فَتَوَضَّأَ أَوْ أَعَادَ) هَا (ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَسْحَ فِي أَحَدِ وُضُوءَيْهِ، وَسَجْدَةً فِي إحْدَى صَلَاتَيْهِ) وَجَهِلَ مَحَلَّهُمَا (أَعَادَ الصَّلَاةَ) لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْمَسْحِ مِنْ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ وَالسَّجْدَةِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ (لَا الْوُضُوءِ لِصِحَّتِهِ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَذِكْرُ الْمَسْحِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَبَقِيَّةُ الْفُرُوضِ كَذَلِكَ (وَلَا يَصِحُّ وُضُوءُ مَنْ خَفِيَ) عَلَيْهِ (مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ إنْ لَمْ يَكْتَفِ بِغَسْلَةٍ) ، وَاحِدَةٍ لِلْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِمَحَلِّ وُضُوئِهِ فَإِنْ اكْتَفَى بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ وُضُوءُهُ
[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]
(بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ، وَآدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ، وَأَنْجَيْتهَا إذَا قَطَعْتهَا كَأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَذَى عَنْهُ، وَقِيلَ مِنْ النَّجْوَةِ، وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنْ النَّاسِ بِهَا، وَهُوَ وَالِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَارُ بِمَعْنَى إزَالَةِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْهُ لَكِنَّ الثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِالْحَجَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَإِلَّا قَوْلَانِ يَعُمَّانِ الْمَاءَ وَالْحَجَرَ
، وَقَدْ بَدَأَ بِالْآدَابِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَكِنَّهُ نُقِضَ بِالْأَذَانِ) هُوَ مَمْنُوعٌ إذْ الْأَذَانُ قُرْبَةٌ لَا عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ لِأَنَّهَا مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ فَالْقُرْبَةُ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْأَذَانِ وَالْوَقْفِ فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) خِلَافُ السُّنَّةِ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَهُوَ مُرَادُهُمْ هُنَا فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يُبْطِلُ الْوُضُوءُ وَقِيلَ إنَّهُ يُوجِبُ تَجْدِيدَ النِّيَّةِ وَيَجْرِي فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ
[فَصْلٌ مَنْ لَا كَعْبَ لَهُ وَلَا مِرْفَقَ فِي الْوُضُوء]
(قَوْلُهُ فَيَجِبُ قَلْعُ وَسَخِ ظُفْرٍ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْوَسَخُ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ الْعَرَقُ الَّذِي يَتَجَمَّدُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ. (قَوْلُهُ وَشُقُوقٌ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ) كَأَنْ جَعَلَ بِالشَّقِّ شَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَيَّدَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى اللَّحْمِ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْ إزَالَةُ مَا عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَحَسَّ شَيْئًا فِي بَدَنِهِ مِثْلَ الشَّوْكَةِ وَلَمْ يَرَهُ لِقِصَرِهِ وَخَفْيِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَيَكْفِي إجْرَاءُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَا تَجِبُ إزَالَةُ الْجِلْدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ عُضْوٍ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ لَمْ يُؤَثِّرْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَنْ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ هَلْ اسْتَوْعَبَهُ أَوْ اسْتَجْمَرَ وَصَلَّى وَشَكَّ هَلْ اسْتَعْمَلَ حَجَرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَعُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ النِّيَّةَ أَوْ فِي مُقَارَنَتِهَا لِلْوَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ وُضُوئِهِ رَكْعَتَيْنِ) يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 64] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 64]، وَفِي الثَّانِيَةِ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: 110] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 110] ش.
(قَوْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُمَا كَالْمُحْرِمِ يَخَافُ فَوْتَ الْوُقُوفِ أَوْ الْمُصَلِّي يَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لَوْ أَتَى بِهِمَا وَكَذَلِكَ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ وَالدَّفْعُ عَمَّا يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ الدَّفْعُ عَنْهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتُسْتَحَبُّ عَقِبَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَهَلْ يَجْرِي فِي الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِحْبَابُ
(بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ)
فَقَالَ (قَاضِي الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ مَنْ أَرَادَ قَضَاءَهَا (يَبْعُدُ) عَنْ النَّاسِ (فِي الصَّحْرَاءِ) إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ، وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ، وَذِكْرُ الصَّحْرَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَرْكُهَا أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَهَا مِمَّا لَمْ يُهَيَّأْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثْلُهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِبْعَادُ عَنْهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ.
(وَيَسْتَتِرُ) عَنْ أَعْيُنِهِمْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَسَنٌ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ (، وَلَوْ بِقَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ (وَيَدْنُو مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ هَذَا إنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ بِبِنَاءٍ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَأَنْ جَلَسَ فِي وَسَطِ مَكَان، وَاسِعٍ كَبُسْتَانٍ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَفَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ تَسَتَّرَ) فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ نَحْوِهَا (بِرَاحِلَتِهِ أَوْ بِوَهْدَةٍ أَوْ إرْخَاءِ ذَيْلِهِ) أَوْ نَحْوِهَا (كَفَى) ، وَلَوْ تَعَارَضَ التَّسَتُّرُ، وَالْإِبْعَادُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ (وَيُعَدُّ النُّبَلُ) بِضَمِّ النُّونِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا أَيْ أَحْجَارُ الِاسْتِنْجَاءِ إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا لِخَبَرِ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَحَذَرًا مِنْ الِانْتِشَارِ إذَا طَلَبَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ (أَوْ الْمَاءُ) إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (و) يُقَدِّمُ (رِجْلَهُ الْيُسْرَى دُخُولًا) لِمَحِلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (و) لَوْ (لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ) أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ كَمَا تَرَكَهُ فِيمَا يَأْتِي عَقِبَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ جَرَى كَغَيْرِهِ فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (وَيَعْتَمِدُهَا) ، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا سَوَاءٌ أَقَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا أَمْ قَاعِدًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَأَنْ يَعْتَمِدْ فِي جُلُوسِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى (و) يُقَدِّمَ (الْيُمْنَى خُرُوجًا) مِنْ الْمَحَلِّ (كَالْحَمَّامِ) فِي تَقْدِيمِ الْيُسْرَى دُخُولًا، وَالْيُمْنَى خُرُوجًا لِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى، وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَعْنَى الرِّجْلِ بَدَلُهَا فِي أَقْطَعْهَا (وَيَضُمُّ) كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (فَخْذَيْهِ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَهَذَا وَذِكْرُ الْحَمَّامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَدْخُلُ الْمَحِلَّ حَافِيًا وَلَا حَاسِرًا) أَيْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمَوْقُوفَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ (وَيَكْفِي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ حَاسِرٍ تَقَنُّعٌ بِكُمِّهِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكُمٍّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَيُكْرَهُ) عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ، وَاسْمٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَ) اسْمٍ (لِنَبِيٍّ) ، وَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ تَعْظِيمًا لِذَلِكَ «، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، وَضَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ «، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللَّهِ سَطْرٌ» ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ، وَبِنَبِيِّهِ مَثَلًا دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ كَعَزِيزٍ، وَكَرِيمٍ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ إذَا لَمْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ) وَيَتَوَارَى عَنْ الْعُيُونِ إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ» ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ الْبِرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» اش.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ الْعَادَةُ فِي أَمْثَالِهِ ع. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ عَدِّ السَّتْرِ مِنْ الْآدَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّوَسُّطِ وَالْخَادِمِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ اث قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا الضَّابِطُ لِلسَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ لِلْحَاجَةِ فِيمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فِي مُقَابَلَةِ شَخْصٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ بَلْ الصَّوَابُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الضَّابِطِ فِي السُّتْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهِ وَجَبَ السَّتْرُ عَنْهُ بِذَيْلِهِ وَنَحْوُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ أَوْ نَحْوِهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ انْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ فَصَارَ دَنِيًّا كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَحَدٌ فِيهِ حَاجَتَهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّلَاةِ فِي الصَّحْرَاءِ هَكَذَا أَيْضًا أَيْ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا يُقَدِّمُهَا فِي الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْبَوْلُ قَائِمًا فَإِنَّهُ يُفَرِّجُ رِجْلَيْهِ فَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ إذْ هُوَ أَحْرَى أَنْ لَا يَنْتَشِرَ الْبَوْلُ عَلَى الْفَخْذَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي جُلُوسِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا وَيَعْتَمِدُهُمَا (قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ) أَيْ وَمَكَانِ الظُّلْمِ وَالصَّاغَةِ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ إلَخْ) قُلْت الْوَجْهُ تَحْرِيمُ اسْتِصْحَابِ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ مَعَ الْحَدَثِ وَيُعَرِّضُهُ لِلْأَذَى وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ تَوْقِيرِ الْقُرْآنِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَمْلُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَاتَمِ وَمَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِحَمْلِهِ ت قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ إذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي حَمْلِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِذَاتِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ وَاسْمٌ لِنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ مَلِكٍ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ إلَخْ) وَكَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلِهَا لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ فَوْقَ الْجَمِيعِ د وَقِيلَ كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا (تَنْبِيهٌ)
هَلْ هَذِهِ الْآدَابُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ تَنْجِيَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولَهُ وَمِنْ قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك
يَكُنْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ، وَمِثْلُ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَهُ بِهِ (حَتَّى) حَمْلُ مَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ (فِي دِرْهَمٍ) أَوْ نَحْوِهِ لَا حَمْلُ تَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ، وَنَحْوِهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ حَمْلِ اسْمِ النَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِنَبِيٍّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم (فَإِنْ نَسِيَ) ذَلِكَ أَيْ تَرَكَهُ، وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى قَعَدَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ (ضَمَّ كَفَّهُ عَلَيْهِ) أَوْ، وَضَعَهُ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَا يَتَكَلَّمُ) بِذِكْرٍ، وَلَا غَيْرِهِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِخَبَرِ «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «أَنْ يَتَحَدَّثَا فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» .
وَمَعْنَى يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ يَأْتِيَانِهِ، وَالْمَقْتُ الْبُغْضُ وَقِيلَ أَشَدُّهُ وَالْمَقْتُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَبَعْضُ مُوجِبَاتِهِ مَكْرُوهٌ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّكَلُّمُ بَلْ قَدْ يَجِبُ (كَالْمُجَامِعِ) يُكْرَهُ لَهُ التَّكَلُّمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (فَإِنْ عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ الْجِمَاعِ (حَمِدَ) اللَّهَ (بِقَلْبِهِ) وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ
(وَلَا يَنْظُرُ) بِلَا حَاجَةٍ (إلَى الْفَرْجِ و) لَا إلَى (الْخَارِجِ) مِنْهُ (وَ) لَا إلَى (السَّمَاءِ، وَلَا يَعْبَثُ بِيَدِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا، وَشِمَالًا) ، (وَيُكْرَهُ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ (وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (بِبَوْلٍ وَغَائِطٍ) فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ إكْرَامًا لَهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَغَائِطٍ بِمَعْنَى أَوْ، وَتَسْوِيَتُهُ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْقَمَرَيْنِ، وَاسْتِدْبَارِهِمَا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي تَذْنِيبِهِ، وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ بِمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَنَقَلَهُ هُوَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ فِي نُكَتِهِ إنَّهُ الْمَذْهَبَ وَقَوْلَ الْجُمْهُورِ وَالصَّوَابُ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ عَنْهُ وَالرَّافِعِيُّ بَرِيءٌ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي كُتُبِهِ الْمَبْسُوطَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا فَقَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَكْثَرُونَ تَرْكَهُ فَالْمُخْتَارُ إبَاحَتُهُ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَحْوُهُ، وَفِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِلْكَرَاهَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ لَيْسَ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَهْمِهِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ اجْتِنَابِهِمَا عَلَى خِلَافِ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَكْثَرِ الْمُخْتَصَرَاتِ (و) يُكْرَهُ (طُولٌ) بِمَعْنَى إطَالَةِ (مُكْثٍ) فِي الْمَحَلِّ لِمَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ أَنَّهُ يُورِثُ وَجَعًا فِي الْكَبِدِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُكْثِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْقُعُودِ
(أَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا بِلَا حَائِلٍ قَرِيبٍ) مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ حَائِلٌ أَوْ يَكُونَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ بِأَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ قَرِيبٌ لَكِنَّهُ دُونَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ (أَوْ بِلَا بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بُنْيَانٌ أَوْ يَكُونَ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ (فَحَرَامٌ، وَمَعَهُ) أَيْ، وَمَعَ حَائِلٍ قَرِيبٍ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ (خِلَافَ الْأُولَى)«قَالَ صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ، وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» ، وَقَالَ جَابِرٌ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ فَرَأَيْته قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ فَحَمَلُوا الْخَبَرَ الْأَوَّلَ الْمُفِيدَ لِلْحُرْمَةِ عَلَى الْفَضَاءِ لِسُهُولَةِ اجْتِنَابِ الْمُحَاذَاةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَيَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكُهُ، وَقَدْ أَنَاخَ ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
مِنْ الْخَبَثِ وَالْخَبَائِثِ وَتَقْدِيمُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي الدُّخُولِ وَالْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَلُبْسِ الْحِذَاءِ وَتَرْكِ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَتَرْكِ التَّكَلُّمِ لِكُلِّ دَاخِلٍ الْخَلَاءَ وَلَوْ لِأَخْذِ شَيْءٍ أَمْ يَخْتَصُّ بِقَاضِي الْحَاجَةِ قَالَ بِالْأَوَّلِ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ الذَّهَبِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَبِالثَّانِي الْفَقِيهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النَّاشِرِيُّ. (قَوْلُهُ أَيْ تَرَكَهُ) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126] ش. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ شَمِلَ كَلَامُهُ جَوَازَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ كَجٍّ نَعَمْ تُكْرَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي يُسْرَاهُ بِمَا عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ الرَّسُولِ حَوَّلَهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ تَنْجِيسِهِ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِتَحْرِيمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى تَنْجِيسِهِ (قَوْلُهُ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ ضَرَبْت الْأَرْضَ إذَا أَتَيْت الْخَلَاءَ وَضَرَبْت فِي الْأَرْضِ إذَا سَافَرْت ش.
(قَوْلُهُ وَلَا إلَى الْخَارِجِ مِنْهُ) وَأَنْ لَا يَبْصُقَ عَلَى الْخَارِجِ مِنْهُ د (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ) ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَعَلَّ اسْتِقْبَالَ الْقَمَرِ لَا يُكْرَهُ إلَّا فِي وَقْتِ سَلْطَنَتِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ أَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَا ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يُكْرَهُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ فِي حَافِيَتِهِ مَلِكًا فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ قُلْنَا لَوْ نَظَرَ إلَى هَذَا لَكُرِهَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ مَعَهَا الْحَفَظَةُ (قَوْلُهُ وَاسْتِدْبَارُهَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَاسْتِدْبَارُهُ أَيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ أَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ عَيْنُ الْقِبْلَةِ أَوْ جِهَتُهَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «وَلَكِنْ شَرَّقُوا أَوْ غَرَّبُوا» فَسُنَّ (قَوْلُهُ مُرْتَفِعٌ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) لِأَنَّهُ يَسْتُرُ سُرَّتَهُ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ (تَنْبِيهٌ)
إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْقِبْلَةِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي وُجُوبِهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ، وَفِي جَوَازِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى بَيْتٍ مُهَيِّئٍ لِذَلِكَ، وَفِي التَّقْلِيدِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالتَّخَيُّرِ عِنْدَ التَّحَيُّرِ ج. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ) فَيَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِالْبُنْيَانِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ مَا سُقِّفَ أَوْ أَمْكَنَ تَسْقِيفُهُ
أَلَيْسَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ هَذَا قَالَ بَلَى إنَّمَا نَهَى عَنْهُ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَك، وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلِأَنَّ الْفَضَاءَ لَا يَخْلُوَ غَالِبًا مِنْ مُصَلٍّ إنْسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ يَرَى دُبُرَهُ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ قُبُلَهُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا.
وَفِي هَذَا كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ بِلَا بُنْيَانٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ أَوَّلَهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَآخِرُهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ قُرْبَ السَّاتِرِ، وَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنَاءً مُهَيَّأً لِذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السُّتْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ لَا يُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ، وَالْمُوقِعُ لَهُ فِي ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ اتِّحَادَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فَعَلَى الْمَنْقُولِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حَائِطِ هَذَا الْبِنَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَفَى فِي السَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ كَمَا مَرَّ لَا فِي السَّتْرِ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ التَّحَوُّلُ، وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَشِمَالِهَا جَازَ اسْتِقْبَالُهَا، وَاسْتِدْبَارُهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ، وَالِاسْتِدْبَارُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُرَاعَى الْقُبُلُ فِي السَّتْرِ، وَإِذَا لَمْ يَحْرُمَا فَقِيلَ يُكْرَهَانِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُهَا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ (وَلَا يُكْرَهُ) شَيْءٌ مِنْ اسْتِقْبَالِهَا، وَاسْتِدْبَارِهَا (حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْجِمَاعِ، وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ) إذْ النَّهْيُ عَنْ اسْتِقْبَالِهَا، وَاسْتِدْبَارِهَا مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الثَّلَاثَةِ، وَالْأُولَى، وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ.
(وَيُكْرَهُ) قَضَاءُ الْحَاجَةِ (فِي طَرِيقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» ، وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ، وَالْمَوَارِدُ طُرُقُ الْمَاءِ، وَالتَّخَلِّي التَّغَوُّطُ، وَكَذَا الْبِرَازُ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَقِيسَ بِالْغَائِطِ الْبَوْلُ وَصَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَتُهُ، وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلِإِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ حَرَامٌ وَأَقَرَّهُ وَفِي مَعْنَى الطَّرِيقِ بَقِيَّةُ الْمَلَاعِنِ وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَعْلَاهُ وَقِيلَ صَدْرُهُ، وَقِيلَ مَا بَرَزَ مِنْهُ (وَ) فِي (مُسْتَحَمٍّ) ، وَهُوَ الْمُغْتَسَلُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ» ، وَقَالَ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لِلْأَوَّلِ وَحَسَنٍ لِلثَّانِي، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْفَذٌ يَنْفُذُ فِيهِ الْبَوْلُ وَالْمَاءُ (و) فِي (مُتَحَدِّثٍ) لِلنَّاسِ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّخَلِّي فِي ظِلِّهِمْ كَمَا مَرَّ، وَأُلْحِقَ بِظِلِّهِمْ أَيْ صَيْفًا مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ شِتَاءً، وَشَمِلَهُمَا قَوْلُهُ مُتَحَدِّثٌ (وَعِنْدَ قَبْرٍ) مُحْتَرَمٍ احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجِبُ أَنْ يُحَرَّمَ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالشُّهَدَاءِ قَالَ، وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ (وَتَحْتَ شَجَرٍ يُثْمِرُ) ، وَلَوْ مُبَاحًا، وَفِي غَيْرِ وَقْتِ الثَّمَرَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ التَّلْوِيثِ عِنْدَ الْوُقُوعِ فَتَعَافُهَا الْأَنْفُسُ، وَلَمْ يُحَرِّمُوهُ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ النَّهْيُ فِي الْبَوْلِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْغَائِطِ لِأَنَّ لَوْنَ الْغَائِطِ يَظْهَرُ فَتَطْهُرُ الثَّمَرَةُ عَنْهُ أَوْ يُحْتَرَزُ عَنْهُ، وَالْبَوْلُ قَدْ يَجِفُّ، وَقَدْ يَخْفَى، وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ قَضَائِهَا فِي الْمُتَحَدِّثِ، وَتَحْتَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ، وَبِحُكْمِ الْمُسْتَحِمِّ مِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ ذَكَرْته فِي جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا اعْتَمَدَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّعْلِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَعَدَ قَرِيبًا مِنْ غَائِطٍ وَاسْتَقْبَلَهُ وَوَرَاءَهُ فَضَاءٌ وَاسِعٌ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ وَلَوْ صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ لَحَرُمَ هَذَا لِاسْتِدْبَارِهِ الْفَضَاءَ الَّذِي فِيهِ الْمُصَلِّي وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمَةٌ فَصِينَتْ فِي الْفَضَاءِ وَرُخِّصَ فِيهَا فِي الْبِنَاءُ لِلْمَشَقَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ مَا قَالَاهُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ سَتْرِ الدُّبُرِ فَمُسَلَّمٌ وَالتَّعْلِيلُ صَحِيحٌ أَوْ مَعَ كَشْفِهِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ لَمْ يُصَرِّحَا بِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمَا بَلْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِوُجُوبِ سَتْرِ الدُّبُرِ حِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِقْبَالُ بِدُونِهِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ لَا مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا الرُّويَانِيُّ فَاعْتَمَدَ التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا لَا الثَّانِي فَقَطْ وَكَذَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ هَذَا وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَعْنَى جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ مُنْتَفٍ بِقُرْبِهِ مِنْ الْحَائِطِ ش وَقَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا.
(قَوْلُهُ تَوَهُّمُهُ اتِّحَادُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ) تَبِعَ فِيهِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرْته فِي التَّقْرِيرِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ) تَسَبُّبًا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى احْذَرُوا نَسَبَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَصُرِّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ، وَفِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَةُ إلَخْ) فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. (قَوْلُهُ وَمُتَحَدِّثُ النَّاسِ) إلَّا أَمْكِنَةُ الْمَكْسِ فَإِنَّهَا أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْأَخْلِيَةِ د. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُحَرَّمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَوْلُ قَدْ يَجِفُّ وَقَدْ يَخْفَى) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْغَائِطُ أَشَدُّ لِأَنَّ الْبَوْلَ يَطْهُرُ بِالْمَاءِ وَبِجَفَافِهِ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَكَانه إلَّا بِالنَّقْلِ وَلَا يَطْهُرُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ
زِيَادَتِهِ (وَفِي مَاءٍ رَاكِدٍ) ، وَلَوْ كَثِيرًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ أَشَدُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِتَنْجِيسِهِ وَفِي جَارٍ قَلِيلٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِإِتْلَافِهِ، وَأُجِيبَ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ أَمَّا الْجَارِي الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى الْجِنِّ (وَكَذَا يُكْرَهُ) قَضَاؤُهَا (بِقُرْبِهِ) أَيْ الْمَاءِ الَّذِي يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَوْلُهُ، وَجَارٍ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) قَضَاؤُهَا فِيهِ (بِاللَّيْلِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَيَحْرُمُ تَنْجِيسُهُ) أَيْ الْمَاءِ بِأَنْ يَكُونَ قَلِيلًا (وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمَرٍ) فِيهِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ لَا يُجَامِعُ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ كَمَا قَدَّمْته لَكِنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (وَيَحْرُمُ قَضَاؤُهَا عَلَى قَبْرٍ) مُحْتَرَمٍ (وَبِمَسْجِدٍ، وَلَوْ فِي إنَاءٍ) تَنْزِيهًا لَهُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي فِيهَا ثَمَّ مَزِيدُ بَيَانٍ، وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى مَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ كَعَظْمٍ.
(وَيُرْفَعُ) نَدْبًا (لِلْقُعُودِ) لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (ثَوْبَهُ) عَنْ عَوْرَتِهِ (شَيْئًا فَشَيْئًا) نَعَمْ إنْ خَافَ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ رَفَعَ قَدْرَ حَاجَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسْبِلُهُ) نَدْبًا (كَذَلِكَ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (إنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ إذَا (قَامَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ) ، وَيَجُوزُ فَتْحُ هَمْزَةِ إنَّ لِتَكُونَ مَصْدَرِيَّةً (وَيَقُولُ) نَدْبًا (عِنْدَ) إرَادَةِ (الدُّخُولِ) لِذَلِكَ (بِسْمِ اللَّهِ) رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفَارَقَ تَأْخِيرُ التَّعَوُّذِ عَنْ الْبَسْمَلَةِ هُنَا تَعَوُّذُ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَدَّمُوهُ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ كَمَا يَحْمَدُ الْعَاطِسُ، وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ مَعَ ضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ خَبِيثِ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينَ وَإِنَاثِهِمْ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ، وَفِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ (وَ) يَقُولُ نَدْبًا (عِنْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ عَقِبَهُ (غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى، وَعَافَانِي) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ عَلَى غُفْرَانَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحُوهُ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُ وَيُكَرِّرُ غُفْرَانَك مَرَّتَيْنِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ثَلَاثًا قِيلَ، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ فَرَأَى شُكْرَهُ قَاصِرًا عَنْ بُلُوغِ حَقِّ هَذِهِ النِّعَمِ فَتَدَارَكَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ
(وَلَا يَبُولُ فِي) مَكَان (صَلْبٍ) لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ بِالْبَوْلِ، وَلِخَبَرِ «اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَقَّهُ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِذَلِكَ (وَ) لَا فِي (ثَقْبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهُوَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّمَ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا) لِإِتْلَافِهِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ عَجِيبٌ وَمُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالتَّعْلِيلُ مَدْفُوعٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْخِرْقَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَحْرِيمِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ غ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا فَحَرُمَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ نُظِرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي غَدِيرٍ وَنَحْوِهِ فَيَحْرُمُ أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَى غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَاءٌ يَبْلُغُ بِهِ قُلَّتَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْلِيفِ الْغَيْرِ ذَلِكَ وَلِاحْتِمَالِ تَلَفِ مَا يَكْمُلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَأَمْكَنَ التَّكْمِيلُ كُرِهَ وَإِلَّا فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا الْجَارِي الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الْجَارِي الْكَثِيرِ وَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ وَالْمُخْتَارُ تَحْرِيمُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّاكِدُ كَثِيرًا قَالَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيُتْلِفُ مَالِيَّتَهُ وَيُغْرِ غَيْرَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ بِاللَّيْلِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا أَبُو الْفَتْحِ الْعِجْلِيّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْوَسِيطِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمِرٍ فِيهِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْغِمَاسُ مَنْ لَمْ يَسْتَنْجِ فِي الْمَاءِ لِيَسْتَنْجِيَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا حَرُمَ لِمَا فِيهِ تَلَطُّخُهُ بِالنَّجَاسَةِ وَتَنْجِيسُ الْمَاءِ انْتَهَى جَعْلُ تَنْجِيسِ الْمَاءِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا كَالتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا مَعْنَى الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِانْغِمَاسِ مُسْتَجْمِرٍ مَا يُعْلَمُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ مِنْ حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ وَلَوْ بِجُزْءِ بَدَنِهِ وَمَا بَعْدُ لَوْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَلَمَّا كَانَ غُسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّ حَاجَةٍ لِرَفْعِ نَحْوِ جَنَابَةٍ رُبَّمَا تَوَهَّمَ الْعَفْوَ عَنْهُ بِدَلِيلِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْمُسْتَجْمَرِ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَنَاسَبَ الْإِتْيَانَ بِالْغَايَةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ تَضَمَّنَ تَنْجِيسُهُ تَنْجِيسَ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا فِي انْغِمَاسِ الْمُسْتَجْمِرِ أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَفِي الْوَقْتِ وَلَا مَاءَ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ كَالْبَوْلِ عَلَيْهِ إنْ مَاسَّتِهِ الْفَضْلَةُ ت
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ نَدْبًا لِلْقُعُودِ ثَوْبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَقَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْكَشْفِ انْتَهَى وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْكَشْفِ بَلْ حَاجَتُهُ فَوْقَ حَاجَةِ الْغُسْلِ عَارِيًّا فِي الْخَلْوَةِ مَعَ إمْكَانِ السَّتْرِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ السَّتْرُ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَرْكُ التَّكَشُّفِ إلَى أَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ اتِّفَاقًا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ وَيَقُولُ نَدْبًا عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ) أَيْ أَوْ قُرْبَ جُلُوسِهِ بِالصَّحْرَاءِ. (قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ) وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الْبَزْرِيِّ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَسِيَ) أَيْ تَرَكَ وَلَوْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ثَلَاثًا) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَرِّرَ هَذَا الذِّكْرَ أَيْ بِجُمْلَتِهِ ثَلَاثًا وَهُوَ غَرِيبٌ.