الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِهَا قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ (تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَبَرِ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ (وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى) وَكَذَا مَنْ فِي ظُلْمَةٍ (الْمِحْرَابَ بِالْمَسِّ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى) كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ فَالْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ كَصَرِيحِ الْخَبَرِ فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
(وَلَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ إلَّا بَصِيرٌ عَارِفٌ بِالْأَدِلَّةِ) لَهَا (كَالنُّجُومِ وَالْقَمَرَيْنِ) تَثْنِيَةُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَغَلَّبَ الْقَمَرَ لِكَوْنِهِ مُذَكَّرًا (وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ) لِاخْتِلَافِهَا (وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشٍ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ وَفِي كَوْنِ الْقُطْبِ نَجْمًا كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَيْسَ لَهُ اعْتِمَادُ ظَنٍّ بِلَا عَلَامَةٍ) كَمَا فِي الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَاءِ (فَالْقَادِرُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يُقَلِّدُ) غَيْرَهُ (وَإِنْ حَصَلَ غَيْمٌ وَظُلْمَةٌ وَتَعَارُضُ أَدِلَّةٍ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَالْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ عَارِضَةٌ لَا تَطُولُ (بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الِاجْتِهَادِ (أَوْ قَلَّدَ غَيْرَهُ صَلَّى) كَيْفَ اتَّفَقَ فِي الْأُولَى (وَأَعَادَ) فِيهِمَا وُجُوبًا (وَالْأَعْمَى وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ وَيَعْجِزُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (عَنْ تَعَلُّمِهَا الْبَلَادَةَ يُقَلِّدُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَارِفًا ثِقَةً يَجْتَهِدُ لَهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وَلِعَجْزِهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مُعْظَمَ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْقَمَرَيْنِ وَالرِّيحُ ضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاقِدِ الْبَصَرِ (وَيُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي فِيمَنْ يُقَلِّدُ أَنَّهُ (عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَا صَبِيٌّ) وَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدِ لِلِاجْتِهَادِ (فَإِنْ قَالَ الْمُخْبِرُ رَأَيْت الْقُطْبَ أَوْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ) أَيْ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَالْمُرَادُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (يُصَلُّونَ هَكَذَا فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ) فَالْأَخْذُ بِهِ قَبُولُ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدٌ (فَلَوْ اخْتَلَفَ) عَلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ (اثْنَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (لَكِنْ الْأَكْمَلُ) أَيْ الْأَوْثَقُ وَالْأَعْلَمُ عِنْدَهُ (أَوْلَى) وَقِيلَ وَاجِبٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ حَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى التَّخْيِيرِ
(فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ) أَيْ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (عِنْدَ) إرَادَةِ (السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ) لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَهَا بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ وَأَطْلَقَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُونَ بِأَدِلَّتِهَا دُونَ مَا يَكْثُرُ فِيهِ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَهُوَ كَالْحَضَرِ. اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ السَّفَرَ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَالْحَضَرِ (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ) لَهَا وَقُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ (لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ) فَإِنْ قَلَّدَ قَضَى لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ كَالْأَعْمَى (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ التَّعَلُّمِ (فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُجْتَهِدٍ تَحَيَّرَ) فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ (وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (لِلْأُخْرَى) أَيْ لِلْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى (فِي الْقِبْلَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَقُوَّةِ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ (لَا) إعَادَتُهُ (لِلنَّافِلَةِ) وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَا يَتَّبِعُ بَصِيرٌ وَلَا ضَرِيرٌ دَلَالَةَ مُشْرِكٍ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ الْبَصِيرُ عَلَيْهَا فَيَجْتَهِدُ بِهَا لِنَفْسِهِ. اهـ. وَهَذَا مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) مُثَلَّثُ الْقَافِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ إلَخْ) وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ ش (قَوْلُهُ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ) وَبَحْرَانِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ قِبْلَتَهَا أَعْدَلُ الْقِبَلِ د (قَوْلُهُ بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ) لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ لَا يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ لِحَقِّ الْوَقْتِ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَمْرَ الطَّهَارَةِ أَقْوَى وَمُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ فَإِنَّهُ مَا مِنْ جِهَةٍ إلَّا وَهِيَ قِبْلَةُ قَوْمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي بِلَا طَهَارَةٍ وَمَنْ رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يُؤَخِّرُ فِي قَوْلٍ وَفِي الْقِبْلَةِ يَجْتَهِدُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الطَّهَارَةِ بِالْوُضُوءِ وَبِالِاجْتِهَادِ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي كَيْفَ كَانَ إذَا تَسَاوَتْ الْجِهَاتُ عِنْدَهُ فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَسَاوَى عِنْدَهُ جِهَتَانِ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُمَا فَيَتَخَيَّرُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ ت
[فَرْعٌ تَعَلُّمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ) الْمُرَادُ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ دُونَ دَقَائِقِ الْأَدِلَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ والأرغياني فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ بِالْمُسَافِرِ أَصْحَابُ الْخِيَامِ وَالنُّجْعَةِ إذَا قَلُّوا وَكَذَا مَنْ قَطَنَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ لِلْأُخْرَى) وَالْمَنْذُورَةِ وَالْفَرِيضَةِ الْمُعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا مَا سَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ ح وَقَوْلُهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَكَذَا الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ
التَّيَمُّمِ وَخَرَجَ بِالْقِبْلَةِ الثَّوْبُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيهِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْيَقِينِ وَمُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَمَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ يَلْزَمُ الْأَعْمَى إعَادَةُ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (فَإِنْ تَغَيَّرَ) اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ (عَمِلَ بِالثَّانِي) وُجُوبًا (إنْ تَرَجَّحَ وَلَوْ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَعَمِلَ بِالْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ وَفَرَّقَ بَيْنَ عَمَلِهِ بِالثَّانِي وَعَدَمِ عَمَلِهِ بِهِ فِي الْمِيَاهِ بِلُزُومِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَالصَّلَاةُ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَهُنَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا بِنَجَاسَةٍ وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْضُ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَلَمْ نُبْطِلْهُ بَلْ أَمَرْنَاهُ بِغُسْلِ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غُسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ.
(فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ) بَيْنَهُمَا (لَا) إنْ كَانَ (فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يَعْمَلُ بِالْأَوَّلِ وَالتَّفْصِيلُ فِيهَا بَيْنَ التَّسَاوِي وَعَدَمِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ. وَفَارَقَ حُكْمَ التَّسَاوِي قَبْلَهَا بِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِيهَا جِهَةً فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَّا بِأَرْجَحَ مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ فَاحْتِيطَ لَهَا (وَلَا يُنْقَضُ) الِاجْتِهَادُ (الْأَوَّلُ) بِالثَّانِي لِامْتِنَاعِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ (وَلَوْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَأَدَّى) ذَلِكَ (إلَى اسْتِقْبَالِ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثٍ قَدْ أَدَّى كُلًّا مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْخَطَأُ (وَهَذَا) أَيْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ (إذَا ظَنَّ الصَّوَابَ مُقَارِنًا) لِظُهُورِ الْخَطَأِ فَلَا تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا (بَطَلَتْ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ
(وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ شَكٌّ) فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجِهَاتِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (وَإِذَا عَلِمَ) الْمُجْتَهِدُ (خَطَأَهُ أَوْ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ الْأَعْمَى) أَيْ أَوْ عَلِمَ الْأَعْمَى وَلَوْ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ (بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إنْ تَعَيَّنَ الْخَطَأُ وَأَعَادَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الصَّوَابُ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِعِلْمِ الْخَطَأِ ظَنُّهُ وَبِتَعَيُّنِ الْخَطَأِ إبْهَامُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إلَى جِهَاتٍ بِاجْتِهَادَاتٍ فَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي
(وَإِنْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ) فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا (وَصَلَّى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ) إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ (وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَذَلِكَ) أَيْ تَغَيُّرُ اجْتِهَادِ أَحَدِهِمَا (عُذْرٌ) فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا) كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِلْمُقَلِّدِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَخْطَأَ بِك فُلَانٌ وَهُوَ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ الثَّانِي (أَعْرَفُ عِنْدَهُ) مِنْ الْأَوَّلِ (أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ (تَحَوَّلَ إنْ بَانَ) لَهُ (الصَّوَابُ مُقَارِنًا) لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ قَطَعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْنِ الصَّوَابُ مُقَارِنًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَإِنْ بَانَ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَهَا فَلَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ بَعْدَهَا صَرَّحَ بِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ إلَخْ) فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ الطَّهَارَةُ فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِاجْتِهَادٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْحُكْمِ لَا يُقَالُ يُنْتَقَضُ بِالْمَاءِ إذَا اشْتَبَهَ فَإِنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِصَلَاةٍ تَحْضُرُ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ صَالِحٌ لِأَدَاءِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مَا بَقِيَ فَإِنَّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوَّلًا صَالِحٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا بِخِلَافِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ أَوَّلًا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَجْتَهِدَ ق (قَوْلُهُ فَإِنْ تَغَيَّرَ عَمَلٌ بِالثَّانِي إلَخْ)
(فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعُمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ ش (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ) سَكَتَ عَنْ الْإِعَادَةِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَيِّرِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ شَاءَ وَيَقْضِي وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُنَا بِالْإِعَادَةِ لِتَرَدُّدِهِ حَالَةَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ وَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ د (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ ت وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَوْضَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ بِاقْتِرَانِ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ وَوُجُوبُ بَقَائِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ ش
(قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ) وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الشُّرُوطِ بِالنِّسْيَانِ لَا يَسْقُطُ بِالْخَطَأِ كَالطَّهَارَةِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْرَفُ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ) أَوْ أَكْثَرُ عَدَالَةً كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ