الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ أَيُسَمِّي أَحَدُنَا حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَقَالَ: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا فِي قُلُوبِكُمْ إنَّمَا هِيَ نِيَّةُ أَحَدِكُمْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ هَذَا فِي غَيْرِ التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَمَّا الْأُولَى فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ قَطْعًا وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَمَجْمُوعِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ لَكِنْ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِي الْأُولَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ بَلْ يُسْمِعُهَا نَفْسَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهَا وَخَرَجَ بِالتَّلْبِيَةِ النِّيَّةُ فَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مَا أَحْرَمَ بِهِ فِيهَا كَمَا مَرَّ.
(فَصْلٌ)(وَإِنْ أَحْرَمَ عَمْرٌو بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا أَوْ بَانَ مَوْتُهُ لِجَزْمِهِ بِالْإِحْرَامِ، وَلِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: بِمَ أَهْلَلْت؟ فَقُلْت لَبَّيْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (وَكَانَ مِثْلَهُ) فِي أَوَّلِ إحْرَامِهِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، إنْ حَاجًّا فَحَاجٌّ وَإِنْ مُعْتَمِرًا فَمُعْتَمِرٌ وَإِنْ قَارِنًا فَقَارِنٌ وَإِنْ مُطْلِقًا فَمُطْلِقٌ (فَلَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ مُطْلَقًا وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ، ثُمَّ أَحْرَمَ عَمْرُو) كَإِحْرَامِهِ (انْعَقَدَ لَهُ مُطْلَقًا) نَظَرًا إلَى أَوَّلِ الْإِحْرَامِ (وَالْخِيرَةُ إلَيْهِ) فِيمَا يَصْرِفُهُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِمَا صَرَفَهُ لَهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ كَانَ عَمْرٌو مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَتُّعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ) عَلَيْهَا (الْحَجَّ انْعَقَدَ لِعَمْرٍو عُمْرَةً لَا قِرَانًا) فَلَا يَلْزَمُهُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي الْحَالِ) فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ فِي الْأُولَى حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ قَارِنًا، وَلَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ إدْخَالِهِ الْحَجَّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ وَالْآتِي فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَازِمٌ فِي الْحَالِ أَوْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْكَيْفِيَّةِ لَا فِي الْأَصْلِ.
(فَإِنْ أَخْبَرَهُ) زَيْدٌ (أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ عَمِلَ بِهِ وَلَوْ ظَنَّ خِلَافَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (فَإِنْ بَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فَإِحْرَامُ عَمْرٍو بِحَجٍّ) تَبَعًا لَهُ (فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الْحَجِّ (تَحَلَّلَ) مِنْ إحْرَامِهِ لِلْفَوَاتِ (وَأَرَاقَ دَمًا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى زَيْدٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِتَغْرِيرِ زَيْدٍ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنُسُكٍ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ لَمْ يُحْرِمْ أَوْ أَحْرَمَ بِفَاسِدٍ) كَمَا سَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ فِي الْفَرْعِ الْآتِي (أَوْ كَافِرًا) بِأَنْ أَتَى بِصُورَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ مُفَصَّلًا (انْعَقَدَ لِعَمْرٍو) إحْرَامُهُ (مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ) حَالَ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ اثْنَانِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا فَأَحْرَمَ عَنْهُمَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَأَحْرَمَ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ لَغَتْ الْإِضَافَتَانِ وَوَقَعَ الْإِحْرَامُ لَهُ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ أَصْلَ إحْرَامِهِ مَجْزُومٌ وَبِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا كَمَا سَيَأْتِي.
(وَمَتَى تَعَذَّرَ سُؤَالُ زَيْدٍ) عَنْ كَيْفِيَّةِ إحْرَامِهِ (بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا كَغَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ (لَمْ يَتَحَرَّ، وَكَذَا لَوْ نَسِيَ الْمُحْرِمُ مَا أَحْرَمَ بِهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَتَحَرَّى، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ مَحْظُورٍ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ يَسْتَعْمِلَ نَجِسًا فَلِذَلِكَ جَازَ التَّحَرِّي وَهُنَا يَحْصُلُ الْأَدَاءُ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ مَحْظُورٍ (بَلْ إنْ عَرَضَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعَذُّرِ وَالنِّسْيَانِ (قَبْلَ) الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ (الْعَمَلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ (فَتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ الْحَجِّ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ بِهِ أَوْ مُدْخِلٌ لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ (وَلَا تَبْرَأُ) ذِمَّتُهُ (مِنْ الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) إذَا الْحَاصِلُ بِهِ الْحَجُّ فَقَطْ وَاحْتِمَالُ حُصُولِ الْعُمْرَةِ لَا يُوجِبُهُ إذَا لَا وُجُوبَ بِالشَّكِّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَيَكُونُ قَارِنًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي.
(وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ) ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ (أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَجِّ) فَقَطْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (أَيْضًا) فَالْوَاجِبُ لِتَحْصِيلِ الْحَجِّ نِيَّتُهُ أَوْ نِيَّةُ الْقِرَانِ وَهُوَ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيمَا مَرَّ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعُمْرَةِ أَيْضًا عَلَى وَجْهٍ (أَوْ) اقْتَصَرَ (عَلَى أَعْمَالِهِ) أَيْ الْحَجِّ (مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْعُمْرَةِ) وَغَيْرِهَا (حَصَلَ التَّحَلُّلُ لَا الْبَرَاءَةُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا) لِشَكِّهِ فِيمَا أَتَى بِهِ (أَوْ) اقْتَصَرَ (عَلَى) عَمَلِ (الْعُمْرَةِ لَمْ يَحْصُلْ التَّحَلُّلُ أَيْضًا) وَإِنْ نَوَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ (وَإِنْ عَرَضَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ) الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ (الْعَمَلِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصَلِّ أَحْرَمَ عَمْرٌو بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ]
(قَوْلُهُ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُعْمَلْ بِخَبَرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَذَّرَ سُؤَالُ زَيْدٍ إلَخْ) عَبَّرَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ كَالْوَجِيزِ بِالْعُسْرِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالتَّعَذُّرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَفَادُ بِمُرَاجَعَتِهِ، وَإِنْ قَرَنَ بَيَانَ حُكْمِ الدَّمِ الْمَشْكُوكِ فِي وُجُوبِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَيَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَيْضًا شَرْطُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَبَّرَ فِي الْحَاوِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الْوُقُوفِ (بَاقِيًا فَقَرَنَ وَوَقَفَ) ثَانِيًا وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ (أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَجِّ) لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ أَوْ مُدْخِلٌ لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ (لَا) عَنْ (الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَقَرَنَ، وَلَمْ يَقِفْ أَوْ وَقَفَ، وَلَمْ يَقْرِنْ (فَلَا يُجْزِئُهُ) ذَلِكَ عَنْ الْحَجِّ كَمَا لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ عَنْ الْحَجِّ، وَكَالْقِرَانِ نِيَّةُ الْحَجِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(أَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوَقْفِ) فَنَوَى الْحَجَّ أَوْ قَرَنَ وَوَقَفَ (وَلَمْ يُجْزِهِ) ذَلِكَ (عَنْ الْحَجِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ الطَّوَافِ (وَلَا عَنْ الْعُمْرَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أَتَمَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ) مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ (وَأَحْرَمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِالْحَجِّ) أَوْ بِهِمَا، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ (أَجْزَأَهُ الْحَجُّ) لِأَنَّهُ حَاجٌّ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَلَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ لِمَا مَرَّ (لَكِنْ لَا نُفْتِيهِ بِفِعْلِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فَيَقَعُ الْحَلْقُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، وَهَذَا كَمَا لَا نُفْتِي صَاحِبَ جَوْهَرَةٍ ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ غَيْرِهِ بِذَبْحِهَا، وَلَا صَاحِبَ دَابَّةٍ تَقَابَلَتْ هِيَ وَدَابَّةُ آخَرَ عَلَى شَاهِقٍ، وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا بِإِتْلَافِ دَابَّةِ الْآخَرِ لَكِنَّهُمَا إنْ فَعَلَا ذَلِكَ لَزِمَ الْأَوَّلُ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْ الدَّجَاجَةِ حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً وَالثَّانِي قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَاخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ أَنَّا نُفْتِيهِ بِذَلِكَ تَرْخِيصًا؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ أَكْثَرُ إذْ يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَمَّنْ ذَكَرَ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَآخَرِينَ، ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّا نَقُولُ لَهُ: إنْ فَعَلْت كَذَا لَزِمَك كَذَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَانَ الْأَمْرُ فِي حَقِّك كَذَا أَخْذًا مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَكَانَ الْمُولِي مُحْرِمًا نَقُولُ لَهُ: إنْ وَطِئْت فَسَدَ إحْرَامُك وَإِنْ لَمْ تَطَأْ فَطَلِّقْ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْك قَالَ، وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَلْقِ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى التَّحَلُّلِ.
وَلَوْ جَامَعَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ لِجَوَازِ كَوْنِ إحْرَامِهِ السَّابِقِ حَجًّا، وَقَدْ جَامَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهُ وَمَا أَتَى بِهِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ، وَلَا نُسَلِّمُ لِابْنِ الْحَدَّادِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْحَلْقِ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّقْصِيرُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ بِهِ تَزُولُ الضَّرُورَةِ (فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا لَزِمَهُ دَمٌ إمَّا لِلتَّمَتُّعِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعَمْرَةٍ (أَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِمَّا (لِلْحَلْقِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فَوَقَعَ الْحَلْقُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ (فَلَا يُعَيِّنُهُ) عَنْ جِهَةٍ بَلْ يُرِيقُهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ فَنَوَى بِالْعِتْقِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْكَفَّارَاتِ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) بِالدَّمِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ) ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ كَمَا مَرَّ لِلِاحْتِيَاطِ فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَجْزَأَتْهُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ لِلْحَلْقِ وَالْبَاقِي نَفْلٌ (وَلَا يُعَيِّنُ الثَّلَاثَةَ مِنْهَا) لِجِهَةٍ (احْتِيَاطًا) وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي السَّبْعَةِ (وَإِنْ أَطْعَمَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) صَوْمِ (ثَلَاثَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ (فَفِي الْبَرَاءَةِ تَرَدُّدٌ) فَقِيلَ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ بِالدَّمِ مَعْلُومٌ فَلَا بُدَّ مِنْ يَقِينِ الْبَرَاءَةِ، وَقِيلَ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالشَّغْلُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ قَالَ الْإِمَامُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْرَأَ وَعَبَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ عَنْهُمَا بِوَجْهَيْنِ. انْتَهَتْ.
وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَأَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بَرِئَ لِأَنَّهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ خَلْقٍ فَذَاكَ أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعَ، وَهِيَ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ قَرِيبًا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ، وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ.
(وَالْمَكِّيُّ) وَنَحْوُهُ (لَا دَمَ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَمِ الْحَلْقِ (وَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ جَوَازُ الْآفَاقِيِّ (أَنْ يَكُونَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ (لَزِمَهُ الدَّمُ الْمَذْكُورُ فَقَطْ) أَيْ لَا دَمَ آخَرَ لِلشَّكِّ فِي لُزُومِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ) الْحَاصِلُ بِالتَّعَذُّرِ أَوْ النِّسْيَانِ (بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ) لِجَوَازِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَلَا يَنْفَعُهُ الْوُقُوفُ (وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَرَنَ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَأَحْرَمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِالْحَجِّ كَمَا سَبَقَ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ (أَجْزَأَهُ) مَا أَحْرَمَ بِهِ آخِرًا أَوْ يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا سَبَقَ مَحَلُّهُ بَعْدَ أَجْزَأَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (أَتَمَّ الْمُتَمَتِّعُ حَجَّهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَافَ لِلْعُمْرَةِ مُحْدِثًا بَانَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّةِ طَوَافِهِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ دَمَانِ) دَمٌ (لِلْقِرَانِ وَ) دَمٌ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ، وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَقِّ إلَخْ) ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ.
لِأَجْلِ (الْحَلْقِ) قَبْلَ أَوَانِهِ (وَإِنْ تَذَكَّرَهُ) أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا (فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ) أَيْ طَوَافِ الْحَجِّ (أَعَادَ) وُجُوبًا - بَعْدَ تَطَهُّرِهِ - (الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا دَمُ التَّمَتُّعِ بِشَرْطِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ) عَلَيْهِ فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ حَدَثُهُ لَزِمَهُ أَعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَبَرِئَ مِنْ النُّسُكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ صَارَ قَارِنًا فَيُجْزِئُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ الْمُعَادَانِ عَنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ فِي طَوَافِ الْحَجِّ فَعُمْرَتُهُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا عَمَلُ الْحَجِّ سِوَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَدْ أَعَادَهُمَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ قَارِنٌ أَوْ مُتَمَتِّعٌ وَيُرِيقُهُ عَنْ وَاجِبِهِ وَلَا يُعَيِّنُ جِهَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَكِنَّ الدَّمَ هُنَا لَا يَنْوِي تَعْيِينَهُ، وَلَا تَعْيِينَ بَدَلِهِ)، وَهُوَ الصَّوْمُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُرِيقَ دَمًا آخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَلَقَ قَبْلَ الْوَقْتِ.
(وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ) عَمَلِ (الْعُمْرَةِ) ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ (وَذَكَرَ أَنَّ حَدَثَهُ) كَانَ (فِي طَوَافِهَا فَهُوَ كَجِمَاعِ النَّاسِي) عَلَى وَجْهٍ حَتَّى (لَا يُفْسِدَهَا فَيَصِيرَ قَارِنًا) بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ (وَيَلْزَمُهُ دَمَانِ) دَمٌ (لِلْقِرَانِ وَ) دَمٌ لِأَجْلِ (الْحَلْقِ) قَبْلَ أَوَانِهِ (وَإِنْ تَذَكَّرَهُ) أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا (فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ) فَقَطْ (وَإِعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ) وَبَرِئَ مِنْ النُّسُكَيْنِ (كَمَا سَبَقَ وَإِنْ أَشْكَلَ) عَلَيْهِ فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ حَدَثُهُ (احْتَاطَ) بِأَنْ يَأْخُذَ فِي كُلِّ حُكْمٍ بِالْيَقِينِ (وَلَمْ يَتَحَلَّلْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَا يَتَحَلَّلُ (حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى) الِاحْتِمَالُ أَنَّ حَدَثَهُ كَانَ فِي طَوَافِ الزِّيَادَةِ (وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) إنْ كَانَا وَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَتَأْثِيرِ الْجِمَاعِ فِي إفْسَادِ النُّسُكَيْنِ فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِالشَّكِّ، وَهَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْجِمَاعَ الْمَذْكُورَ كَجِمَاعِ النَّاسِي وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مُقَابِلَهُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَامَعَ ظَانًّا بَقَاءَ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا فَسَادَ (وَيَلْزَمُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (دَمُ تَمَتُّعٍ) أَوْ حَلْقٍ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ دَمٌ إمَّا لِلتَّمَتُّعِ إنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي طَوَافِ الْحَجِّ وَإِمَّا لِلْحَلْقِ إنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ (وَالِاحْتِيَاطُ بَدَنَةٌ) أَيْ ذَبْحُهَا لِاحْتِمَالِ الْفَسَادِ وَذَبْحُ شَاةٍ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ الْقِرَانِ بِإِدْخَالِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْبَدَنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ الْعُمْرَةَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.
(وَمَنْ جَامَعَ مُعْتَمِرًا، ثُمَّ قَرَنَ) بِأَنْ نَوَى الْحَجَّ (انْعَقَدَ حَجُّهُ) لِإِحْرَامِهِ بِهِ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَةَ لَكِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا لِإِدْخَالِهِ عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَكَانَ مُحْرِمًا بِفَاسِدٍ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَدَّى بِهِ نُسُكٌ صَحِيحٌ وَنُسُكٌ فَاسِدٌ (وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) لِلْإِفْسَادِ (وَدَمُ قِرَانٍ) بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ إذَا) أَوْ نَحْوَهَا كَمَتَى أَوْ إنْ (أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُعَلَّقُ بِالْأَخْطَارِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ تَعْلِيقِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْغَيْرِ تَجْوِيزُ هَذَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ وَذَاكَ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْ الْعُقُودِ يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ لَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ غَدًا أَوْ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ يَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَكَمَا إذَا قَالَ أَنَا صَائِمٌ غَدًا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ) زَيْدٌ (مُحْرِمًا انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ (وَإِلَّا فَلَا) تَبَعًا لَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وَالدَّارِمِيُّ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَالصَّوْمِ (وَإِنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو صَارَ مِثْلَهُمَا) فِي إحْرَامِهِمَا (إنْ اتَّفَقَا) فِيمَا أَحْرَمَا بِهِ (وَإِلَّا صَارَ قَارِنًا) لِيَأْتِيَ بِمَا يَأْتِيَانِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إحْرَامُهُمَا فَاسِدًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فِي الصَّحِيحِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ.
(فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَمْ بِعُمْرَةٍ أَمْ بِهِمَا أَمْ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ الْأُولَى -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا قَدَّمَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مُقَابِلِهِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَشْكَلَ فَكَأَنْ لَمْ يُجَامِعْ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ، وَالصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلُ الْإِحْرَامِ انْعَقَدَ وَإِنَّمَا عَلَّقَ صِفَتَهُ عَلَى شَرْطٍ يُوجَدُ فِي بَاقِي الْحَالِ فَلَمْ يَضُرَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ جَزْمُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا بِانْعِقَادِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقُ صِفَةِ إحْرَامِهِ بِصِفَةِ إحْرَامِ زَيْدٍ لَا تَعْلِيقَ أَصْلِ إحْرَامِهِ بِإِحْرَامِهِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْعِبَادَاتِ مُمْتَنِعٌ لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْحَاضِرِ فَجَوَّزَ فِيهِ وَبَقِيَ التَّعْلِيقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَنْعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَعَبُّدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَقَدْ أَحْرَمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا وَنَحْوُهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.