الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» وَقِيسَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ، وَالِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ (فَإِذَا شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) هَدْيٌ عَمَلًا بِشَرْطِهِ (وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَالظَّاهِرُ خَبَرُ ضُبَاعَةَ فَالتَّحَلُّلُ فِيهِمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ فَإِنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت فَأَنَا حَلَالٌ فَمَرِضَ صَارَ حَلَالًا بِالْمَرَضِ) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» .
(وَإِنْ شَرَطَ قَلْبَهُ) أَيْ حَجِّهِ (عُمْرَةً بِالْمَرَضِ) أَوْ نَحْوِهِ (جَازَ) كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ بَلْ أَوْلَى لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أُمَيَّةَ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ حُجَّ وَاشْتَرِطْ وَقُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت، وَلَهُ عَمَدْت فَإِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ: هَلْ تُسْتَثْنَى إذَا حَجَجْت؟ فَقَالَ: مَاذَا أَقُولُ قَالَتْ: قُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ، وَلَهُ عَمَدْتُ فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهُوَ عُمْرَةٌ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَلَهُ فِي ذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعُذْرَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَنْقَلِبَ حَجُّهُ عُمْرَةً عِنْدَ الْعُذْرِ فَوُجِدَ الْعُذْرُ انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عُمْرَةً وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُ عُمْرَةٍ.
[فَصْلٌ أَرَادَ التَّحَلُّلَ مِنْ النُّسُكِ لِلْإِحْصَارِ]
(فَصْلٌ مَنْ تَحَلَّلَ) أَيْ أَرَادَ التَّحَلُّلَ أَيْ الْخُرُوجَ مِنْ النُّسُكِ (لِلْإِحْصَارِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ) أَيْ شَرْطِهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ إذَا أُحْصِرَ، وَلَوْ شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ فِيمَا يَظْهَرُ (لَزِمَهُ دَمٌ يَذْبَحُهُ) لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ فِي إسْقَاطِ الدَّمِ كَمَا أَثَّرَ فِيهِ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ فَشَرْطُهُ لَاغٍ (نَاوِيًا) عِنْدَ ذَبْحِهِ (لِلتَّحَلُّلِ) كَمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّوْمِ لِعُذْرٍ وَلِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ (ثُمَّ) بَعْدَ الذَّبْحِ (يَحْلِقُ) بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَبُلُوغُهُ مَحِلَّهُ نَحْرُهُ وَاعْتِبَارُ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا اعْتَبَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (فَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ) بَعْدَهُ (مَعَ النِّيَّةِ) إنْ وَجَدَ دَمًا (أَوْ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْحَلْقِ إنْ لَمْ يَجِدْ دَمًا، وَلَا طَعَامًا) لِإِعْسَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ عَدِمَ الدَّمَ فَبَدَلُهُ الْإِطْعَامُ) بِقِيمَةِ الدَّمِ.
(ثُمَّ الصَّوْمُ) بِأَنْ يَصُومَ (لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ وَقُدِّمَ الْإِطْعَامُ عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِ مِنْهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَالِيَّةِ (فَيُذْبَحُ) الدَّمُ (وَيُفَرَّقُ) لَحْمُهُ (وَيُطْعِمُ) الطَّعَامَ إنْ لَمْ يَجِدْ الدَّمَ (حَيْثُ أُحْصِرَ) فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ فِي الْحِلِّ (مَعَ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدِّمَاءِ) بِنَذْرٍ أَوْ بِسَبَبِ مَحْظُورٍ ارْتَكَبَهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ (وَلَوْ أَمْكَنَهُ) وَقَدْ أُحْصِرَ بِالْحِلِّ (وُصُولُ طَرَفِ الْحَرَمِ) فَإِنَّهُ يَذْبَحُ وَيُفَرِّقُ وَيُطْعِمُ حَيْثُ أُحْصِرَ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْثُ ذَلِكَ إلَى الْحَرَمِ «فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ» نَعَمْ الْأَوْلَى بَعْثُهُ، وَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرَ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِحْصَارِ صَارَ فِي حَقِّهِ كَنَفْسِ الْحَرَمِ أَمَّا مَنْ أُحْصِرَ فِي أَطْرَافِ الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحِلِّ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الذَّبْحِ فِي الْحِلِّ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ إنَّ مُقَابِلَهُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَاهُ عَنْ جَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ وَأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ حَكَاهُ فِي جَامِعِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ نَصًّا وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْأُمِّ نَصًّا صَرِيحًا فَهُوَ الرَّاجِحُ. اهـ.
، ثُمَّ حَكَى النَّصَّ الْمَحْكِيَّ، وَعِبَارَتَهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِمَكَّةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ذَبَحَ حَيْثُ يَقْدِرُ، وَلَيْسَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ مُطْلَقُ الْحَرَمِ، وَإِنَّمَا فِيهِ بِمَكَّةَ خَاصَّةً وَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا لَزِمَ الدُّخُولُ إلَيْهَا وَالتَّحَلُّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ (وَيَصُومُ حَيْثُ شَاءَ) لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الدِّمَاءِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ ثَمَّ، فَفِي ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا وَثَمَّ تَكْرَارٌ (، وَيَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْإِطْعَامِ) كَتَوَقُّفِهِ عَلَى الذَّبْحِ (لَا) عَلَى (الصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يَطُولُ زَمَنُهُ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ فِي تَحَلُّلِ الْعَبْدِ.
الْمَانِعُ (الثَّانِي الْحَصْرُ الْخَاصُّ فَإِذَا حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ) بِهِ (تَحَلَّلَ) جَوَازًا كَمَا فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا وَأَنْ لَا يَتَحَمَّلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ وَيَمْضِيَ فِي نُسُكِهِ، فَلَوْ تَحَلَّلَ لَمْ يَصِحَّ تَحَلُّلُهُ (فَإِنْ فَاتَهُ) الْحَجُّ فِي الْحَبْسِ (لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِالْعُمْرَةِ) أَيْ بِعَمَلِهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ مَكَّةَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِلَا إحْصَارٍ
الْمَانِعُ (الثَّالِثُ - الرِّقُّ فَإِذَا أَحْرَمَ عَبْدُهُ) وَفِي مَعْنَاهُ أَمَتُهُ (بِإِذْنِهِ لَمْ يُحَلِّلْهُ) ، وَإِنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ عَقَدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَمْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ إلَخْ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ) وَيُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلذَّبْحِ وَالْحَلْقِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ الدَّمَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا) كَأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ وَجَدَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِحْصَارِ صَارَ فِي حَقِّهِ إلَخْ) ، وَهُوَ نَظِيرُ مَنْعِ الْمُتَنَفِّلِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى
(قَوْلُهُ فَإِذَا حُبِسَ ظُلْمًا إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّهُ إنْ حُبِسَ تَعَدِّيًا لَمْ يَسْتَفِدْ بِالتَّحَلُّلِ الْخَلَاصَ مِمَّا هُوَ فِيهِ كَالْمَرِيضِ، وَلُحُوقُ الْمَشَقَّةِ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ غَيْرُ مُفِيدٍ إذْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَرِيضِ بَلْ هُوَ حَالَ الْمَرَضِ آكَدُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحَلُّلِ بِالْحَبْسِ. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا أَحْرَمَ عَبْدُهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُضِيِّ فِيهِ، وَلَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ لَزِمَ السَّيِّدَ تَخْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَجَعَلَ ابْنُ كَجٍّ مَحَلُّهُمَا فِي سَيِّدٍ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ
يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ مِنْهُ كَالنِّكَاحِ، وَلَا لِمُشْتَرِيهِ ذَلِكَ (وَ) لَكِنْ (لِمُشْتَرِيهِ الْفَسْخُ) لِلْبَيْعِ (إنْ جَهِلَ) إحْرَامَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ (أَوْ) أَحْرَمَ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ (وَلِمُشْتَرِيهِ تَحْلِيلُهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُرِيدَانِ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ وَإِصْلَاحِ الطِّيبِ وَقُرْبَانِ الْأَمَةِ وَفِي مَنْعِهِمَا مِنْ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِمَا لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي إتْمَامِ نُسُكِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي السَّيِّدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ غَنِمْنَاهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا تَحْلِيلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَالِغِ وَأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا إحْرَامَ الصَّغِيرِ الْحُرِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (وَلِنَفْسِهِ) أَيْ الْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّلَ قِيلَ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الزَّوْجَةِ قُلْت: قِيَاسُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا وُجِّهَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ سَيِّدُهُ بَلْ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْقَمُولِيِّ، وَحَيْثُ جَازَ لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ وَيَجِبُ إذَا أَمَرَهُ بِهِ. اهـ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَكَذَا لِسَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُحَلِّلَهُ (إنْ احْتَاجَ) فِي تَأْدِيَةِ نُسُكِهِ (إلَى سَفَرٍ) هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (وَرَجَعَ) عَنْ إذْنِهِ (قَبْلَ إحْرَامِهِ حَلَّلَهُ) جَوَازًا إذَا أَحْرَمَ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِرُجُوعِهِ) كَمَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَحَجَّ) أَيْ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ (حَلَّلَهُ) جَوَازًا؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهَا (لَا عَكْسَهُ) بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ (فَإِنْ قَرَنَ) بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْإِفْرَادِ (لَمْ يُحَلِّلْهُ) ؛ لِأَنَّ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُسَاوٍ لِلْقِرَانِ أَوْ فَوْقَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي صُورَةِ التَّمَتُّعِ تَابَعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ شَيْخُهُ الْقَاضِي وَابْنُ كَجٍّ أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهُ قَالَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ أَوَّلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ أَوَّلًا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ غَرَضِي مِنْ التَّمَتُّعِ أَنِّي كُنْت أَمْنَعُك مِنْ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ اهـ.
وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَ الْعَبْدِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ (أَوْ) أَذِنَ لَهُ (بِالْإِحْرَامِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَأَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ حَلَّلَهُ) جَوَازًا (مَا لَمْ يَدْخُلْ ذُو الْقِعْدَةِ فَإِنْ أَفْسَدَهُ) الْعَبْدُ بِالْجِمَاعِ (لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الْإِذْنُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْإِفْسَادِ (وَمَا لَزِمَهُ مِنْ دَمٍ) بِفِعْلِ مَحْظُورٍ كَاللِّبَاسِ أَوْ بِالْفَوَاتِ (لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ) ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ (بَلْ لَا يُجْزِئُهُ إذَا ذَبَحَ عَنْهُ) إذْ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَإِنْ مَلَكَهُ سَيِّدُهُ (وَوَاجِبُهُ الصَّوْمُ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ) إنْ كَانَ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْخِدْمَةِ أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي مُوجِبِهِ (لَا إنْ وَجَبَ) الصَّوْمُ (بِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ إنْ أَذِنَ) لَهُ (فِيهِ) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ لِإِذْنِهِ فِي مُوجِبِهِ (وَإِنْ ذَبَحَ عَنْهُ السَّيِّدُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي جَهْلَهُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَخْ) يَصْدُقُ السَّيِّدُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي تَقْدِيمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ تَرَدُّدٌ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي إحْرَامٍ مُطْلَقٍ فَفَعَلَ وَأَرَادَ صَرْفَهُ لِنُسُكٍ وَالسَّيِّدُ لِغَيْرِهِ فَمَنْ يُجَابُ؟ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا فِي الْأَوْلَى قَوْلُ الْعَبْدِ لَا السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ وَيَأْتِي فِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ نَظِيرِهِ وَأَوْجَهُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ إجَابَةُ السَّيِّدِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ كَانَ لَهُ تَحْلِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ اُعْتُبِرَ إذْنُ النَّاظِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمُؤَجَّرُ عَيْنُهُ فِي إحْرَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا إذْنُ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَلِمُشْتَرِيهِ تَحْلِيلُهُ) وَإِنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ، ثُمَّ عَلِمَهُ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُؤَجَّرًا أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ فَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِأَنَّ الْحُكْمَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ مَالِكِ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَحَّحْنَا إحْرَامَ الصَّغِيرِ الْحُرِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) قَالَ شَيْخُنَا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ صِحَّةِ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِذَا لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ إذَا جَازَ لِلسَّيِّدِ التَّحْلِيلُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحْلِيلُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ سَيِّدُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ الْجَوَازُ عِنْدَ أَمْرِ السَّيِّدِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِمِثْلِهِ فِي الزَّوْجَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا هُنَا تَعْلِيلًا يُرْشِدُ إلَى الْمَقْصُودِ فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُوهِمَةِ: إنَّ الْمُحْصَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَالْمُحْصَرُ بِحَقٍّ أَوْلَى فَحَذَفَ النَّوَوِيُّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ زِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قِيلَ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِهِ قَوْلَانِ كَمَنْعِهِ سَفَرَ التِّجَارَةِ وَقِيلَ: لَهُ تَحْلِيلُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْفَعَةً فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ انْتَهَى قَالَ الْفَتِيُّ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ مَنْفَعَتُهُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَفَرُهُ غَيْرَ تِجَارَةٍ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ بِسَفَرِ غَيْرِ التِّجَارَةِ هَذَا مَأْخَذُ الْمُصَنِّفِ فَالْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِلرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يُرَجِّحْ فِي الْمَسْأَلَةِ شَيْئًا بَلْ أَطْلَقَ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جَوَازَ تَحْلِيلِهِ، الثَّانِي فِي مُخَالَفَتِهِ أَنَّهُ مَعَ تَرْجِيحِهِ قَيَّدَهُ بِالسَّفَرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْقِنِّ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَ الْعَبْدِ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ذُو الْقِعْدَةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان فَأَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ.
(
بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ تَكْفِيرِهِ وَالتَّمْلِيكُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ مَيِّتٍ جَازَ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا» .
(وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ) قَبْلَ صَوْمِهِ (وَقَدَرَ) عَلَى الدَّمِ (لَزِمَهُ الدَّمُ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمُبَعَّضٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ أَوْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَأَحْرَمَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ (كَالرَّقِيقِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فَإِنْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَوَسِعَتْ النُّسُكَ فَكَالْحُرِّ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسَهُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ يُكَفِّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ، وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ (فَرْعٌ وَتَحْلِيلُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحَلُّلِ) لَا أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيَمْنَعَهُ الْمُضِيَّ، وَيَأْمُرَهُ بِفِعْلِ الْمَحْظُورَاتِ أَوْ يَفْعَلَهَا بِهِ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْإِحْرَامُ بِشَيْءٍ وَمِنْ ذَلِكَ (فَمَتَى نَوَى) أَيْ الْعَبْدُ التَّحَلُّلَ (وَحَلَقَ تَحَلَّلَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ) تَحَلُّلُهُ (عَلَى الصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ (وَلَوْ نَذَرَ الْحَجَّ) ، وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ انْعَقَدَ) نَذْرُهُ (وَأَجْزَأَهُ) فِعْلُهُ (فِي) حَالِ (الرِّقِّ) .
الْمَانِعُ (الرَّابِعُ - الزَّوْجِيَّةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِامْرَأَتِهِ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ لَا تُحْرِمَ) بِنُسُكِهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لِلْحُرَّةِ فَتَعَارَضَ فِي حَقِّهَا وَاجِبَانِ الْحَجُّ وَطَاعَةُ الزَّوْجِ فَجَازَ لَهَا الْإِحْرَامُ وَنُدِبَ الِاسْتِئْذَانُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الشُّرُوعُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إحْرَامُهَا بِالنَّفْلِ (فَإِنْ فَعَلَتْ) أَيْ أَحْرَمَتْ (بِلَا إذْنٍ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالنُّسُكَ عَلَى التَّرَاخِي، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ لِطُولِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُزَوَّجَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِنَّ حَقٌّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَمْنَعُوهُنَّ مَسَاجِدَ الْبَلَدِ لِلصَّلَوَاتِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْخَبَرِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ وَأَحْرَمَتْ بِحَيْثُ لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعًا بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا كَمَا أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُ عَبْدَهُ مِنْ صَوْمِ تَطَوُّعٍ، وَلَمْ يُفَوِّتْ بِهِ عَلَيْهِ أَمْرَ الْخِدْمَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
قَالَ وَهَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِهِ وَيُسْتَثْنَى النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَالْحَابِسَةُ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أَحْرَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَحَيْثُ حَلَّلَهَا فَلْيُحَلِّلْهَا (كَالْعَبْدِ) بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ) بِأَمْرِ زَوْجِهَا (كَالْمُحْصَرِ) أَيْ كَتَحَلُّلِهِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ كَرِهَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَحَلُّلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنْهُ (فَلَهُ وَطْؤُهَا) وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) لَا عَلَيْهِ كَمَا فِي الْحَائِضِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ تَغْسِيلُهَا وَوَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ حَدَثِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا (وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي جَوَازِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَةَ مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمُرْتَدَّةِ فَيُحْتَمَلُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الزَّوْجِ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ.
(فَرْعٌ لَهُ حَبْسُ الْمُعْتَدَّةِ) عَنْ الْخُرُوجِ إذَا أَحْرَمَتْ، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ، وَإِنْ خَشِيَتْ الْفَوَاتَ أَوْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ لِسَبْقِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَتَعْبِيرُهُ بِلَهُ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْمَجْمُوعِ بِهِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِعَلَيْهِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِالْإِسْكَانِ بِمَسْكَنِهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَلَا يُحَلِّلُهَا إلَّا إنْ رَاجَعَهَا) فَلَهُ تَحْلِيلُهَا إنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا مَضَتْ فِي الْحَجِّ فَإِنْ أَدْرَكَتْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهَا حُكْمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِإِذْنِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ
(قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الرَّقِيقِ جِوَارُ تَحَلُّلِهَا بِلَا إذْنٍ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَتْ بِلَا إذْنٍ فَلَهُ تَحْلِيلُهَا) اسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ مَا إذَا خَرَجَ مَكِّيٌّ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَيْهَا بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا، ثُمَّ يَعُودُ لِمَكَّةَ قَالَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا سِيَّمَا مِنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُحَلِّلُهَا لَوْ أَحْرَمَتْ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي بِالْأَرْكَانِ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَهُوَ مَشْغُولٌ عَنْهَا بِالْحَجِّ وَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، وَهَذَا أَوْلَى، وَلَا يُقَالُ هَذَا فِيهِ مُفَارَقَةُ الْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَرَادَ أَخْذَهَا مَعَهُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَا مَعْنَى لِمَنْعِهِ إيَّاهَا مِنْ الِاعْتِمَارِ مَعَهُ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ التَّنْعِيمِ، وَلَا سِيَّمَا الْفَرْضُ وَالنَّذْرُ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. قَالَ بَعْضُهُمْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا فَقَدْ لَا تَأْتِي بِهَا فِي بَعْضِ الْيَوْمِ بَلْ يَطُولُ تَأْخِيرُهَا، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُ الزَّوْجِ قَضَاءَ نُسُكِهِ بِسُرْعَةٍ نَهَارًا وَالِاسْتِمْتَاعَ عَقِبَ ذَلِكَ، وَلَا يَسْمَحُ بِأَنْ تَتَعَاطَى قَضَاءَ النُّسُكِ نَهَارًا غَيْرَةً عَلَيْهَا؛ وَلِذَا أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْمَنْعَ وَالتَّحْلِيلَ حَلَالًا كَانَ أَوْ مُحْرِمًا وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَعَلَّهُ أَرَادَ الْآفَاقِيَّ لَا هَذِهِ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ مَمْنُوعٌ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ أَنَّ مُدَّتَهُ طَوِيلَةٌ بِخِلَافِهَا انْتَهَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ دَلِيلَ التَّحْلِيلِ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ تَحْلِيلِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ إذَا أَحْرَمَتْ بِتَطَوُّعٍ، وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إذَا سَافَرَتْ مَعَ الزَّوْجِ فَأَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ وَقْتَ إحْرَامِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَوَجْهُ النَّظَرِ مَا سَبَقَ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ) اخْتِلَافُهُمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا مَرَّ حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَتْ، ثُمَّ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ أَحْرَمَتْ مُعْتَدَّةً يَأْتِي هُنَاكَ (قَوْلُهُ يُسْتَثْنَى النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ) إذَا أَحْرَمَتْ بِالْقَضَاءِ الْفَوْرِيِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْوَاطِئُ أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ لِلزَّوْجَةِ: إنْ لَمْ تَحُجَّ الْعَامَ عَضِبَتْ صَارَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَلَا التَّحْلِيلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَحْرَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا)