الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ الْقَفَّالِ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَصَحَّحَ فِيهِ الْمَنْعَ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَذْبَحْ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ قَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ) نَقْلِ (الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِنَقْلِ الْبَاقِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) لَزِمَهُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ فِيهِ) عَلَى مَسَاكِينِهِ لَكِنْ لَوْ نَوَى صَرْفَهُ إلَى تَطْيِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ جَعَلَ الثَّوْبَ سِتْرًا لَهَا أَوْ قُرْبَةً أُخْرَى هُنَاكَ صَرَفَهُ إلَى مَا نَوَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَلَوْ ذَبَحَهُ) أَوْ فَرَّقَهُ (فِي غَيْرِهِ) أَوْ فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَسَاكِينِهِ (لَمْ يُجْزِهِ)
(وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَالًا مُعَيَّنًا) لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ نَذَرَ ثَوْبًا (أَوْ ظَبْيًا) أَوْ طَائِرًا أَوْ جَمَادًا أَوْ نَحْوَهُمَا (أَوْ شَاةً) مَثَلًا (غَيْرَ سَلِيمَةٍ وَجَبَ إيصَالُهُ الْحَرَمَ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ (وَلَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ) لَوْ قَالَ بِعَيْنِهِ كَانَ أَخْصَرَ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ، وَتَفْرِقَةُ ثَمَنِهِ وَيَنْزِلُ تَعْيِينُهُ مَنْزِلَهُ الْأُضْحِيَّةِ وَالشَّاةِ فِي الزَّكَاةِ (وَ) لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ (بِالْحَيَوَانِ حَيًّا، وَلَوْ ذَبَحَهُ لَمْ يَجُزْ) إذْ لَا قُرْبَةَ فِي ذَبْحِهِ لِعَدَمِ إجْزَائِهِ أُضْحِيَّةً (وَغَرِمَ الْأَرْشَ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالذَّبْحِ وَتَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ.
(وَمَا تَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِمَّا أَهْدَاهُ (كَالدَّارِ أَوْ تَعَسَّرَ كَحَجَرِ الرَّحَى فَلَهُ بَيْعُهُ وَنَقْلُ ثَمَنِهِ) الْمُوَافِقُ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَيَنْتَقِلُ ثَمَنُهُ إلَى الْحَرَمِ (بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ حَاكِمٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِهِ، وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ لَا، فَقَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَمِثْلُ حَجَرِ الرَّحَى فِي بَيْعِهِ مَا لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَعْمِيمُ بُقَعِ الْحَرَمِ إذَا فَرَّقَهُ عَلَى مَسَاكِينِهِ كَاللُّؤْلُؤِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمُرَادُهُ حَيْثُ وَجَبَ التَّعْمِيمُ لَكِنْ هَلْ يُبَاعُ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَوْ فِي مَحَلِّ النَّذْرِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْمَحَلَّيْنِ سَوَاءً. تَخَيَّرَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ تَعَيَّنَ.
(فَرْعٌ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ) شَاةً مَثَلًا (وَنَوَى ذَاتَ عَيْبٍ أَوْ سَخْلَةً) أَوْ جَدْيًا أَوْ رَضِيعًا (أَجْزَأَهُ) إهْدَاءُ الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزَمُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ حَيًّا، وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ ذَبَحَهُ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ جَعَلَهُ) أَيْ أَخْرَجَ بَدَلَهُ (سَلِيمًا فَهُوَ أَفْضَلُ) لَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ سَلِيمًا بِتَامًّا كَانَ أَوْلَى
(وَإِنْ قَالَ أَنَا أُهْدِي هَذِهِ) الشَّاةَ مَثَلًا (نَذْرًا لَزِمَهُ) أَنْ يُهْدِيَهَا (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِقْبَالَ) أَيْ نَوَى أَنَّهُ سَيُحْدِثُ نَذْرَهَا أَوْ سَيُهْدِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إهْدَاؤُهَا وَكَذَكَرَ نَذْرًا نِيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ إهْدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ أَهْدَى لِلِاسْتِقْبَالِ أَوْ وَلِلْحَالِ بِلَا إنْشَاءٍ أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَقْرِنْهُ بِمَا يَقْتَضِي الِالْتِزَامَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أُطَلِّقُ، وَلَمْ تُرِدْ بِهِ الْإِنْشَاءَ
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي النَّذْر]
(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مِنْهَا فِي الْأَصْلِ لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ فِي بَلَدٍ، وَلَوْ مَكَّةَ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ.
(وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ) ، وَلَوْ (بِالْحَرِيرِ أَوْ تَطِيبَهَا أَوْ صَرْفَ مَالٍ فِيهِ) أَيْ فِي سَتْرِهَا أَوْ تَطْيِيبِهَا (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّ النَّاسَ اعْتَادُوهَا عَلَى مَمَرِّ الْأَعْصَارِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ (فَإِنْ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ) لِذَلِكَ (بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ بَعْثُهُ) إلَى الْقَيِّمِ لِيَصْرِفَهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِلُزُومِ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ إذَا نَوَاهَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَفِي) جَوَازِ نَذْرِ (تَطْيِيبِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الْمَسَاجِدِ (تَرَدُّدٌ) لِلْإِمَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَالَ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ تَطْيِيبَهَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ وَخَرَجَ بِالْمَسَاجِدِ الْبُيُوتُ وَنَحْوُهَا كَمَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ
(وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ عَنْ وَلَدِهِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ عَنْ وَلَدِي (لَزِمَهُ) الذَّبْحُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ عَنْ الْأَوْلَادِ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ (أَوْ) نَذَرَ (تَعْجِيلَ زَكَاةَ مَالِهِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعَجِّلَ زَكَاةَ مَالِي (أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ وَلَدِي فَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَشَاةٌ مَكَانَهُ أَوْ نَذَرَ) كَافِرٌ (صَوْمًا) مَثَلًا (قَبْلَ إسْلَامِهِ فَلَا) يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ أَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ «وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ فِي نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْفِ بِنَذْرِك» مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَأَمَّا فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا؛ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَعَمْ حَيْثُ قُلْنَا يُنْدَبُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ كَأَنْ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا أَوْ الْتَمَسُوهَا مِنْ الْمُزَكِّي أَوْ قَدِمَ السَّاعِي قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ.
(فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلصَّدَقَةِ بِدِرْهَمٍ خُبْزًا لَزِمَهُ الْخُبْزُ) أَيْ التَّصَدُّقُ بِخُبْزِ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ (لَا شِرَاؤُهُ) فَلَا يَلْزَمُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ وَلِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا هِيَ التَّصَدُّقُ لَا الشِّرَاءُ
(وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَى رِجْلِي الْحَجُّ مَاشِيًا لَزِمَهُ إلَّا إنْ أَرَادَ إلْزَامَ رِجْلَيْهِ) خَاصَّةً (وَإِنْ أَلْزَمَ رَقَبَتَهُ أَوْ نَفْسَهُ) ذَلِكَ (لَزِمَهُ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا كِنَايَتَانِ عَنْ الذَّاتِ، وَإِنْ قَصَدَ إلْزَامَهَا
(وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ إلَخْ) يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ إلَخْ) سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَوْ جَعَلْتُهُ هَدْيًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَعَلَيْهِ أَيْضًا عَلَفُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ مَالًا إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَالًا الدُّهْنُ النَّجَسُ وَالْجِلْدُ قَبْلَ الدِّبَاغِ
(قَوْلُهُ، وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً مَثَلًا وَنَوَى ذَاتَ عَيْبٍ أَوْ سَخْلَةً أَوْ جَدْيًا أَوْ رَضِيعًا]
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ) هَلْ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِمُجَرَّدِ السَّتْرِ، وَلَوْ بِالْمُتَّصِفِ وَالْجُلُودِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الدِّيبَاجِ وَالْعَتَّابِيِّ؟ احْتِمَالَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِمُجَرَّدِ السَّتْرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَطْيِيبَهَا) لَا بُدَّ مِنْ تَطْيِيبِ مَا يُعْتَادُ
(قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
إنْ (لَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَهُ) كَمَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ.
(وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ) صَحَّ نَذْرُهُ وَ (تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ) مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ.
(أَوْ) نَذَرَ التَّصَدُّقَ (بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَغَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِاللَّفْظِ، وَلَا بِالنِّيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْ مَسَاكِينَ، وَلَا دَرَاهِمَ، وَلَا تَصَدُّقٍ، وَلَا غَيْرِهَا.
(وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَحَدًا لَمْ يَصِحَّ) النَّذْرُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْوُقُوفَ فِي الشَّمْسِ وَدَلِيلُهُ خَبَرُ أَبِي إسْرَائِيلَ السَّابِقُ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ
(وَلَوْ نَذَرَ مَنْ يَمُوتُ أَوْلَادُهُ عِتْقًا) لِرَقِيقٍ (إنْ عَاشَ لَهُ وَلَدٌ فَعَاشَ) لَهُ وَلَدٌ (أَكْثَرَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَوْتَى، وَلَوْ (قَلِيلًا لَزِمَهُ) الْعِتْقُ
(وَإِنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ.
(وَإِنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت بِدِينَارٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ (فَشُفِيَ) مَرِيضُهُ (وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ) فَإِنْ كَانَ (لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ) مَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ.
(وَإِنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى وَلَدِهِ) أَوْ عَلَى زَيْدٍ (الْغَنِيِّ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَقُرْبَةٌ
(وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِهِ لِشِفَاءِ مَرِيضٍ، ثُمَّ) نَذَرَ عِتْقَهُ (لِقُدُومِ زَيْدٍ انْعَقَدَ) النَّذْرَانِ (فَإِنْ حَصَلَا) أَيْ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ (مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَالْعَبْدُ مُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَاتَ انْعَقَدَ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ عَنْهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.
(وَمَنْ نَذَرَ زَيْتًا أَوْ شَمْعًا) لِإِسْرَاجِ مَا يَأْتِي (أَوْ وَقَفَ مَا يُشْتَرَيَانِ) أَيْ الزَّيْتُ وَالشَّمْعُ (بِهِ) يَعْنِي بِشَيْءٍ (مِنْ غَلَّتِهِ لِإِسْرَاجِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ (إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ (مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ) مِنْ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَفِي إيقَادِ الشُّمُوعِ لَيْلًا عَلَى الدَّوَامِ وَالْمَصَابِيحِ الْكَثِيرَةِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُشَاهَدُ الَّذِي يُثْبَتُ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ بِذَلِكَ التَّنْوِيرَ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْبُقْعَةَ أَوْ يَرِدُ إلَيْهَا فَهُوَ نَوْعُ قُرْبَةٍ وَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْ الصِّحَّةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِيقَادَ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّنْوِيرِ فَلَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ، وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمَ الْبُقْعَةِ أَوْ الْقَبْرِ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَى مَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوْ نُسِبَتْ إلَيْهِ فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ قَالَ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ كَالنَّذْرِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (وَالنَّذْرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّصْوِيرُ أَنْ يَتَّحِدَانِ فِي الْمَعْنَى قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنْ إلَّا بَعْدَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ وَيُوَجِّهُ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي مُسَاوَاةِ التَّصْوِيرِ إذْ أَصْلُهُ عَبَّرَ بِعَلَيَّ أَلْفٌ، وَهُوَ يَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَيَّ أَنْ أُقَدِّمَ بِأَلْفٍ وَعَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ فَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ وَيَحْتَمِلَ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَغَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلُّزُومِ الْأَلْفِ، وَيَحْتَمِلُ الْوَعْدَ وَالصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ) إذْ لَيْسَ فِي الذَّبْحِ إلَّا تَلْوِيثُ الْمَكَانِ وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً بِعَيْنِهَا، ثُمَّ قَالَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَثَانِينَ هَذِهِ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ الثَّانِي أَجَابَ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُسْتَحَقٌّ بِالنَّذْرِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَقَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ هَلْ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ أَجَابَ يَنْعَقِدُ كِلَاهُمَا، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي قُلْت عِنْدِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ فَالثَّانِي مَوْقُوفٌ إلَخْ فَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ إلَخْ) ، وَلَوْ عَلَى نُذُورٍ نَجُزَ الْفَرَاغُ مِنْ تَجْرِيدِ حَوَاشِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ خَطِّ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا شَيْخِ الشُّيُوخِ وَخَاتِمَةِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا وَلَدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَعَادَ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِمَا عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ وَغُفْرَانِهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ الْأَزْهَرِيِّ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عُيُوبَهُ وَغَفَرَ ذُنُوبَهُ وَخَتَمَ لَهُ بِالْحُسْنَى وَرَفَعَهُ فِي الْآخِرَةِ الْمَقَامَ الْأَسْنَى وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَإِخْوَانِهِ وَأَقَارِبِهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ بِتَارِيخِ يَوْمِ السَّبْتِ الْمُبَارَكِ سَادِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ الْمُكَرِّمِ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ