الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ وَأَسْلَمُ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى.
(وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ) أَيْ لِمَنْ قَصَدَ دُخُولَ أَحَدِهِمَا لَا لِنُسُكٍ (أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ) مِنْ حَجَّ أَوْ عُمْرَةٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ أَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ وَتَاجِرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَذِكْرُ اسْتِحْبَابِهِ لِمَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.
(فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ)
بِأَنْوَاعِهِ (خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ) طَهَارَتَا الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَطَافِهِ (وَالسِّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي» (فَلَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَنَجَّسَ) بَدَنُهُ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ مَطَافُهُ بِنَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (أَوْ عَرِيَ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (تَطَهَّرَ وَسَتَرَ) عَوْرَتَهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ) الطَّوَافَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَطَافِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا الْعَفْوَ عَنْهَا قَالَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا يُشَقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي دَمِ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَقِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ وَكَمَا فِي كَثْرَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ، وَكَمَا فِي طِينِ الشَّارِعِ الْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتَهُ. اهـ. أَمَّا الْعَارِي الْعَاجِزُ عَنْ عَنْ السَّتْرِ فَيَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُتَنَجِّسِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَتْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَالطَّوَافِ لَا آخَرَ لِوَقْتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ الْوَاجِبَةِ.
(الثَّانِي التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا (يَعْتَدُّ بِمَا بَدَأَ بِهِ قَبْلَهُ) وَلَوْ سَهْوًا فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ (وَأَنْ يُحَاذِ بِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ) بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ لَمْ يُحَاذِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِأَنْ جَاوَزَهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ لَمْ تُحْسَبْ طَوْفَتُهُ وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَاكْتُفِيَ بِمُحَاذَاتِهِ بَعْضِ الْحَجَرِ كَمَا يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ، وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ، ثُمَّ يَنْوِي الطَّوَافَ، ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلًا الْحَجَرَ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحَجَرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُرُورِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا خِلَافَ فِيهِ وَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.
وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِدُعَاءٍ أَوْ زَحْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ الْمُرُورِ فِي الطَّوَافِ، وَلَوْ أَدْنَى جُزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (وَيَطُوفُ) بِالْبَيْتِ أَمَامَهُ (جَاعِلًا لَهُ عَنْ يَسَارِهِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) ، وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم دَخَلَهَا وَمَعَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَأَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِهِ لَأَحْرَمُوا، وَلَوْ أَحْرَمُوا لَنُقِلَ.
[فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ]
(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ وَالسَّتْرُ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَلَكِنْ إذَا طَافَ الْوَلِيُّ بِالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِالْمَجْنُونِ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ، وَلَا يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَحِينَئِذٍ هَذَا الشَّرْطُ يُسْتَثْنَى مِنْ طَوَافِ الْوَلِيِّ بِالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» ) سَمَّاهُ صَلَاةً، وَهُوَ لَا يَضَعُ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ وَإِنَّمَا يُكْسِبُهَا أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً وَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ صَلَاةٌ لَمْ يَجُزْ بِدُونِ السَّتْرِ وَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الطَّوَافُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ حَتَّى الْوُقُوفُ لِشَبَهِهِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْإِغْمَاءِ يَسْتَأْنِفُ وَفِي الْجُنُونِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ التَّيَمُّمِ إلَخْ) ثُمَّ حَكَى عَنْ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ طَافَ بِالتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْجَوَازِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَبِتَقْدِيرِ جَوَازِهِ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ قَضَائِهِ قُلْت قَدْ يُقَالُ يُفْعَلُ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ ع قَوْلُهُ قَدْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُحَاذِيهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ الْوَاجِبَةَ تَتَعَلَّقُ بِالرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لَا بِالْحَجَرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ نُحِّيَ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - عَنْ مَكَانِهِ وَجَبَتْ مُحَاذَاةُ الرُّكْنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ صِحَّةُ طَوَافِ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ وَيَطُوفُ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَتَنَاوَلُ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ كَوْنُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ وَمَفْهُومُهُ مَنْعُ كَوْنِهِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَعَلَى الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَمْشِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَقَدْ يَمْشِي الْقَهْقَرَى فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ عَلَى الْيَسَارِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْمُعْتَادِ وَالْقَهْقَرَى فَقَدْ يَكُونُ مُنْتَصِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنَكِّسًا أَيْ رَأْسَهُ إلَى أَسْفَلَ وَرِجْلَاهُ إلَى فَوْقَ، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَمَكْبُوبًا عَلَى وَجْهِهِ فَحَصَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ، وَمَشَى أَمَامَهُ (لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَهُ) أَوْ اسْتَدْبَرَهُ (وَطَافَ مُعْتَرِضًا أَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَمَشَى الْقَهْقَرَى) لِمُنَابَذَتِهِ لِمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ.
الْوَاجِبُ (الثَّالِثُ خُرُوجُ جَمِيعِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَيْتِ) قَالَ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَإِنَّمَا يَكُونُ طَائِفًا بِهِ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ طَائِفٌ فِيهِ (وَكَذَا عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ الْمُحَوَّطِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا طَافَ خَارِجَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجَدْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «عَنْ الْحِجْرِ أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا بَالُهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ إنَّ قَوْمَك قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قُلْت فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُك لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُ عَهْدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ لَفَعَلْت» وَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الْحِجْرَ جَمِيعَهُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي هُوَ مِنْ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ وَقِيلَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَلَفْظُ الْمُخْتَصَرِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الطَّوَافُ خَارِجَهُ لِمَا مَرَّ.
(فَلَوْ كَانَ يَطُوفُ وَيَمَسُّ بِيَدِهِ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ الشَّاذَرْوَانُ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَارِجُ عَنْ عَرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ أَوْ يُدْخِلُ يَدَهُ بِأَعْلَى الشَّاذَرْوَانِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْجِدَارَ أَوْ يَدْخُلُ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ يَخْلُفُ مِنْهُ قَدْرَ الَّذِي مِنْ الْبَيْتِ وَيَقْتَحِمُ الْجِدَارَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَى السَّمْتِ (لَمْ يَصِحَّ) طَوَافُهُ لِمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِمُوَازَاتِهِ مَا لَوْ مَسَّ الْجِدَارَ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ فَلَا يَضُرُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَالشَّاذَرْوَانُ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ عِنْدَهُ شَاذَرْوَانُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لِدَقِيقَةٍ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدَ فَرَأْسُهُ فِي حَالِ التَّقْبِيلِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْبَيْتِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ قَدَمَيْهِ فِي مَحَلِّهِمَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّقْبِيلِ وَيَعْتَدِلَ قَائِمًا.
الْوَاجِبُ (الرَّابِعُ كَوْنُهُ) أَيْ الطَّوَافِ (فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ وَسِعَ وَحَالَ حَائِلٌ) بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي (وَ) طَافَ (عَلَى سَطْحِهِ) أَيْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ (الْمُنْخَفِضِ عَنْ الْبَيْتِ) كَمَا هُوَ الْيَوْمَ، نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَوْ طَافَ خَارِجَهُ، وَلَوْ بِالْحَرَمِ فَلَا يَصِحُّ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَطُفْ إلَّا دَاخِلَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ ارْتَفَعَ) السَّطْحُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْبَيْتِ (جَازَ) الطَّوَافُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ مَعَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الْبَيْتِ، وَلَوْ قَالَ وَعَلَى سَطْحِهِ، وَلَوْ مُرْتَفِعًا عَنْ الْبَيْتِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ.
(فَائِدَةٌ) الْمَسْجِدُ فِي زَمَنِنَا أَوْسَعُ مِمَّا كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم بِزِيَادَاتٍ زِيدَتْ فِيهِ فَأَوَّلُ مَنْ وَسَّعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اشْتَرَى دُورًا فَزَادَهَا فِيهِ وَاِتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ لَهُ الْجِدَارَ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عُثْمَانُ وَاِتَّخَذَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَهَا، ثُمَّ وَسَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ الْمَنْصُورُ، ثُمَّ الْمَهْدِيُّ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ بِنَاؤُهُ إلَى وَقْتِنَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.
الْوَاجِبُ (الْخَامِسُ أَنْ يَطُوفَ سَبْعًا) ، وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتَّةٍ أَوْ تَرَكَ مِنْ السَّبْعِ خُطْوَةً أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ فِي اشْتِرَاطِ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ تَسْمِيَةَ الطَّوَّافَةِ شَوْطًا وَدُورًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَمَّاهَا بِالطَّوَافِ لَا بِهِمَا أَيْ وَلِأَنَّ الشَّوْطَ الْهَلَاكُ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
سِتَّةَ عَشَرَ حَالَةً وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا مَعَ الْمُعْتَادِ وَالْقَهْقَرَى فَقَدْ يَكُونُ مُنْتَصِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنَكِّسًا، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشْرَ حَالَةً أَيْضًا وَمَجْمُوعُهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَيَغْلِبُ وُقُوعُهَا فِي الْمَحْمُولِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَخُصُوصًا الْأَطْفَالُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُكْمِ التَّنْكِيسِ وَالِاسْتِلْقَاءِ وَكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ جَوَازُهَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ عَلَى يَسَارِهِ سَوَاءٌ مَشَى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَوْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ مُنَابِذٌ لِلشَّرْعِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مُنْتَصِبًا مَاشِيًا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي فَقَالَ: وَهُوَ تِلْقَاءُ وَجْهِهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّتُهُ مَعَ الْعُذْرِ فَإِنَّ الْمَرِيضَ الْمَحْمُولَ قَدْ لَا يَتَأَتَّى حَمْلُهُ إلَّا كَذَلِكَ بَلْ قَدْ لَا يَتَأَتَّى حَمْلَهُ إلَّا وَوَجْهُهُ أَوْ ظَهْرُهُ إلَى الْبَيْتِ لِتَعَذُّرِ اضْطِجَاعِهِ إلَّا كَذَلِكَ (فَائِدَةٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي أَنَّ رَبَّنَا سبحانه وتعالى يُنَزِّلُ عَلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَحْمَةً مِنْ ذَلِكَ لِلطَّائِفُونَ سِتُّونَ وَلِلْمُصَلِّينَ أَرْبَعُونَ وَلِلنَّاظِرِينَ عِشْرُونَ فَأَجَابَ: الطَّائِفُونَ يَجْمَعُونَ بَيْنَ ثَلَاثٍ: طَوَافٌ وَصَلَاةٌ وَنَظَرٌ فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ سِتُّونَ وَالْمُصَلُّونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ أَرْبَعُونَ وَالنَّاظِرُونَ فَاتَهُمْ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ عِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا رَفْعَهُ لِتَهْوِينَ الِاسْتِلَامِ.
(قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) وَكَالطَّوَافِ بِالْعَرْصَةِ عِنْدَ ذَهَابِ بِنَائِهَا - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا) وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُ زَادَ فِيهِ الْمَأْمُونُ وَأَتْقَنَ فِي بُنْيَانِهِ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً سَنَةَ اثْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَى الْآنَ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ