الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَهْوَهُ) فَإِنَّهُ يُوَافِقُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ سَهَا (فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا إنْ تَيَقَّنَ غَلَطَهُ فِي سُجُودِهِ كَمَنْ عَلِمَهُ سَجَدَ لِنُهُوضٍ قَلِيلٍ) مَثَلًا فَلَا يُوَافِقُهُ إذَا سَجَدَ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ كَمَا لَوْ فَعَلَ إمَامُهُ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَرَهُ هُوَ كَفِعْلِ الْجَهْرِ فِي مَحَلِّ السِّرِّ، أَوْ عَكْسُهُ لَا يَلْحَقُهُ ذَلِكَ نَعَمْ يَلْحَقُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا سَهْوُ إمَامِهِ بِسُجُودِهِ لِذَلِكَ فَيَسْجُدُ لَهُ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَإِنْ قَامَ) الْإِمَامُ (إلَى خَامِسَةٍ نَاسِيًا لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ (وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا) وَيُفَارِقُ وُجُوبَ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ سَهْوَهُ بِأَنَّ قِيَامَهُ لِخَامِسَةٍ لَمْ يُعْهَدْ بِخِلَافِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ وَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِينَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَحَقَّقُوا زِيَادَتَهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ الْوَحْيِ وَإِمْكَانِ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ وَلِهَذَا قَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ .
(فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ، أَوْ سَجَدَ) لَهُ (وَاحِدَةً سَجَدَ الْمَأْمُومُ) مُطْلَقًا (أَوْ تَمَّمَ) السُّجُودَ إنْ كَانَ مُوَافِقًا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ بِخِلَافِ تَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَسَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ خِلَالَ الصَّلَاةِ فَلَوْ انْفَرَدَ بِهِمَا لَخَالَفَ الْإِمَامَ (فَلَوْ تَخَلَّفَ) بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِيَسْجُدَ) لِلسَّهْوِ (فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ) سَوَاءٌ سَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْقُدْرَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى وَبِاسْتِمْرَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ (بَلْ يَسْجُدُ) فِيهَا (مُنْفَرِدًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ، فَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قِيَامَهُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ وَتَخَلُّفُهُ لِيَسْجُدَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، وَقَدْ اخْتَارَهُ فَانْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ نَاسِيًا فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَزِمَتْهُ مُوَافَقَتُهُ) فِيهِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي السَّلَامِ نَاسِيًا (فَإِنْ تَخَلَّفَ) عَنْهُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ نَاسِيًا، ثُمَّ عَادَ إلَى السُّجُودِ عَادَ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِنْ سَلَّمَ عَامِدًا) فَعَادَ الْإِمَامُ (لَمْ يُوَافِقْهُ) لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ لِسَلَامِهِ عَمْدًا وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ مُتَابَعَتُهُ (وَإِنْ قَامَ) الْإِمَامُ (لِخَامِسَةٍ) نَاسِيًا (فَفَارَقَهُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ لَا قَبْلَهُ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ كَالْإِمَامِ (وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ حَنَفِيًّا فَسَلَّمَ) قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ (سَجَدَ الْمَأْمُومُ) قَبْلَ سَلَامِهِ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ (وَلَا يَنْتَظِرُهُ لِيَسْجُدَ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ بِسَلَامِهِ.
(وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا فَسَهَا فِي رَكْعَةٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ يَقْصُرُ فَسَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ، ثُمَّ أَتَى) هُوَ (بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَسَهَا فِيهَا كَفَاهُ لِلْجَمِيعِ سَجْدَتَانِ) كَمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَهُمَا لِلْجَمِيعِ، أَوْ لِمَا نَوَاهُ) مِنْهُ وَيَكُونُ تَارِكًا لِسُجُودِ الْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ.
(فَصْلٌ، وَهُوَ)
أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (سَجْدَتَانِ مَحَلُّهُمَا قُبَيْلَ السَّلَامِ) بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا أَفَادَهُ تَصْغِيرُهُ قَبْلُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ؛ «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ، وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْجُدْهَا الْمَأْمُومُ بَلْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ، ثُمَّ يَسْجُدْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى سَجَدَ الْأُولَى وَرَفَعَ وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ كَفِعْلِ الْجَهْرِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ إلَخْ) وَأَحْسَنُ مِنْهُ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ فَاقْتَدَى بِهِ مُسْتَمِعٌ وَسَجَدَ مَعَهُ فَسَهَا الْإِمَامُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْمَأْمُومَ سَهْوُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ ع قَالَ الْغَزِّيِّ وَعِبَارَتُهُمْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَأَمَّا كَوْنُهُ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهَذَا وَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ إمَامَهُ غَالِطٌ فِيمَا أَتَى بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَلْ يُفَارِقُهُ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ انْتِظَارُهُ إذَا تَرَكَ فَرْضًا، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الِانْتِظَارِ هُنَا بِكَوْنِهِ لَا يُفْضِي إلَى تَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ سَجَدَ إمَامُهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ سَجْدَةً ثَالِثَةً، فَإِنْ سَجَدَهَا بَعْدَ مُضِيِّ مِقْدَارِ التَّشَهُّدِ وَجَبَ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى السَّهْوِ لَا عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَلَهُ انْتِظَارُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَخَلَّفَ لِيَسْجُدَ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيَسْجُدَ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ، أَوْ لِلسَّهْوِ عَنْ سَلَامِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُوَافَقَتُهُ فِي سُجُودِهِ وَلَوْ رَفَعَ الْمَأْمُومُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ رَفَعَ وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ فِيهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يُحْسَبْ لَهُ جُلُوسُهُ وَلَا سَجْدَتُهُ الثَّانِيَةُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُ عَامِدًا يَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْقُدْوَةِ فَقَامَ مَقَامَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَاكَ يَقْطَعُ الْقُدْوَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَلَّمَ قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ عَامِدًا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا فَبَقَاءُ الْقُدْوَةِ وَهْمِيٌّ لَا قَطْعِيٌّ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا قَامَ لِإِتْمَامِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَلَامُهُ مُتَضَمِّنًا لِقَطْعِ الْقُدْوَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا فَسَهَا فِي رَكْعَةٍ، ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ إلَخْ) يُتَصَوَّرُ أَنْ يَسْجُدَ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِسَبَبِ السَّهْوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً وَذَلِكَ فِيمَنْ اقْتَدَى فِي رُبَاعِيَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ اقْتَدَى بِالْأَوَّلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، ثُمَّ بِكُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ فِي رَكْعَتِهِ الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ وَحْدَهُ وَسَهَا كُلُّ إمَامٍ مِنْهُمْ فَيَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ سَهَا فِي رَكْعَتِهِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ فَهَذِهِ عَشْرُ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَيَسْجُدَ فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَجْدَةً.
[فَصْلٌ سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: وَهُوَ سَجْدَتَانِ مَحَلُّهُمَا قُبَيْلَ السَّلَامِ) يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ السَّجْدَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ سُجُودِ الصَّلَاةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ سَهَا فِي سُجُودِهِ لِلتِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَوْ سَهَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لَا يَكْمُلُ
سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَفِعْلُهُ قَبْلَ السَّلَامِ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْهَا وَأَجَابُوا عَنْ سُجُودِهِ بَعْدَهُ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ أَمْ نَقْصٍ أَمْ بِهِمَا وَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ سَجْدَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ، لَكِنْ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي فِيمَا إذَا هَوَى لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَتَرَكَ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ سَجْدَةً ابْتِدَاءً وَكَلَامُ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا بَعْدَ فِعْلِهَا بِقَرِينَةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَكَيْفِيَّتُهَا كَسَجْدَتَيْ الصَّلَاةِ (يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا بَيْنَهُمَا) كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَأْتِي بِذِكْرِ السُّجُودِ) لِلصَّلَاةِ (فِيهِمَا) وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمَا سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَائِقًا، اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ السُّجُودِ (يَتَوَرَّكُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ) بَعْدَ السُّجُودِ (فَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ السُّجُودِ (عَامِدًا) أَيْ ذَاكِرًا لِلسَّهْوِ (فَقَدْ فَوَّتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ الصَّلَاةَ بِالسَّلَامِ (أَوْ نَاسِيًا) لِذَلِكَ وَأَرَادَ السُّجُودَ (سَجَدَ) ، وَإِنْ فَارَقَ الْمَجْلِسَ وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ (إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ) عُرْفًا بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» (وَيَكُونُ بِسُجُودِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ) كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ رُكْنًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْهُوِيِّ بَلْ بِإِرَادَةِ السُّجُودِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٌ (فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَسَائِرُ مُفْسِدَاتِهَا كَالْحَدَثِ (وَلَوْ خَرَجَ فِيهِ وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَاتَتْ) وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا (وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ فِيهِ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ) ، لَكِنْ يَحْرُمُ الْعَوْدُ إلَيْهِ إنْ عَلِمَ ضِيقَ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِإِخْرَاجِهِ بَعْضَهَا عَنْ وَقْتِهَا كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ إلَى السُّجُودِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّلَاةِ لِاسْتِحَالَةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا، ثُمَّ الْعُودِ إلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِيهِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِ أَحْكَامُهَا بَلْ يَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلَامِ (فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ السُّجُودِ) فِيهِمَا (فَاتَ) السُّجُودُ فَلَا يَأْتِي بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى وَفِعْلِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِدُونِ سَبَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ) وَصَلَاتُهُ الْمَقْصُورَةُ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَظَاهِرٌ أَنَّ السُّجُودَ يَفُوتُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ عَقِبَ السَّلَامِ، أَوْ انْتَهَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ، أَوْ شُفِيَ دَائِمُ الْحَدَثِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ لَمْ يَطُلْ، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ فَلَا سُجُودَ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ وَتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِطُولِ الْفَصْلِ فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَ كَالْمُسَلِّمِ عَمْدًا فِي أَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّلَامِ، وَكَنِيَّةِ الْإِتْمَامِ، وَالْإِقَامَةِ فِيمَا ذُكِرَ وُصُولُ سَفِينَتِهِ دَارَ إقَامَتِهِ.
(وَمَنْ نَسِيَ مِنْ صَلَاةٍ رُكْنًا وَفَرَغَ مِنْهَا) بِأَنْ سَلَّمَ مِنْهَا (ثُمَّ أَحْرَمَ عَقِبَهَا بِأُخْرَى لَمْ تَنْعَقِدْ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْأُولَى (فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ (بَنَى عَلَى الْأُولَى) وَإِنْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ، أَوْ بَعْدَ طُولِهِ اسْتَأْنَفَهَا لِبُطْلَانِهَا بِطُولِ الْفَصْلِ مَعَ السَّلَامِ مِنْهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَقِبَهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِأُخْرَى بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ (لَا إنْ تَخَلَّلَ حَدَثٌ) هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فَلَا يَبْنِي هُنَا وَلَا يَعُودُ إلَى السُّجُودِ، ثُمَّ، وَإِنْ تَوَضَّأَ عَنْ قُرْبٍ.
(وَلَوْ تَشَهَّدَ) فِي رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ (شَاكًّا فِي كَوْنِهِ) التَّشَهُّدَ (الْأَوَّلَ، أَوْ الثَّانِيَ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ الْقِيَامِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ سَجَدَ لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَةِ هَذَا الْقِيَامِ) وَإِنْ تَبَيَّنَ، وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا سُجُودَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهِ سَجَدَ لِإِيقَاعِهِ إيَّاهُ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّجُودِ التَّرَدُّدُ فِيمَا يَفْعَلُهُ زَائِدًا بِاحْتِمَالٍ، وَهُوَ هُنَا جَازِمٌ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ لَيْسَ بِزَائِدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ، أَوْ سُنَّةٌ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ التَّشَهُّدِ لَتَرَدُّدِهِ بِمُجَرَّدِ الْقُعُودِ فِي وُجُوبِهِ.
(وَلَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَمِثَالُ الَّذِي يُزَادُ عَلَيْهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ سُجُودٌ وَقَعَ سَبَبُهُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ فِيهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِذِكْرِ السُّجُودِ فِيهِمَا) وَبِالذِّكْرِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَاسِيًا لِذَلِكَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ جَاهِلًا أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ)، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ جُبْرَانٌ لِلصَّلَاةِ وَمَا كَانَ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بِسُجُودِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُخْرِجُ سَلَامَهُ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ) لَفْظُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ. اهـ.
فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ سَلَامِهِ سَاهِيًا فِي تَرْكِ رُكْنٍ وَاسْتَمَرَّ شَكُّهُ إلَى أَنْ عَادَ إلَى السُّجُودِ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ وَعَلَيْهِ يُقَالُ شَخْصٌ خُوطِبَ بِسُنَّةٍ مَتَى فَعَلَهَا لَزِمَهُ فَرِيضَةٌ (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا، ثُمَّ الْعَوْدِ إلَيْهَا) بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَأَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ فِي الْحَالِ بِأَنْ كَانَ وَاقِعًا فِي مَاءٍ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقُّنِ التَّرْكِ) كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا عَلَى مَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ، وَالتَّحَرُّمِ بِالثَّانِيَةِ، فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَانْعَقَدَتْ الثَّانِيَةُ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ، وَالتَّحَرُّمِ بِالثَّانِيَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّمَ بِصَلَاةٍ فِي أَثْنَاءِ أُخْرَى لَا يَصِحُّ. اهـ.
لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ الْمُعْتَرِضِ عَلَيْهَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَى انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ.