الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَجْزَأَهُ) عَنْ الْوُضُوءِ (وَلَوْ لَمْ يَمْكُثْ) فِي الِانْغِمَاسِ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى، وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ مَكَثَ، وَلَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ قَطَعَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ أَجْزَأَهُ، وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ، وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّ الْمَنْوِيَّ طُهْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِطًا مَا لَوْ تَعَمَّدَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِتَلَاعُبِهِ بِاعْتِبَارِهِ التَّرْتِيبَ أَوْ الِانْغِمَاسَ مَا لَوْ غَسَلَ الْأَسَافِلَ قَبْلَ الْأَعَالِي فَلَا يُجْزِئُهُ (وَلَوْ أَحْدَثَ، وَأَجْنَبَ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ عَنْهُمَا) لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْأَكْبَرِ لِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا ثُمَّ أُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَلِأَنَّ وَضْعَ الطَّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ فِعْلًا وَنِيَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَحْدَاثٌ كَفَى فِعْلٌ وَاحِدٌ وَنِيَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا رِجْلَيْهِ أَوْ إلَّا يَدَيْهِ) مَثَلًا (ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَهُمَا) عَنْ الْجَنَابَةِ (تَوَضَّأَ، وَلَمْ يَجِبْ إعَادَةُ غَسْلِهِمَا) لِارْتِفَاعِ حَدَثِهِمَا بِغُسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ، وَهَذَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ، وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ، وَعَنْ التَّرْتِيبِ وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْهُ بَلْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ، وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبَهَا
(فَصْلٌ) فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ
(وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ) ، وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ، وَآلَتُهُ، وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأُشْنَانٍ فِي الْأَسْنَانِ، وَمَا حَوْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَأَحْسَنُ بِزِيَادَتِهِ مِنْ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ (وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا) لِخَبَرِ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَالْمَطْهَرَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ فَشُبِّهَ السِّوَاكُ بِهِ لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَطْهَرَةُ، وَالْمِطْهَرَةُ الْإِدَاوَةُ، وَالْفَتْحُ أَعْلَى، وَيُقَالُ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ اهـ.
قَالَ أَبُو الْخَيْرِ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِ خَصَائِصِ السِّوَاكِ، وَيَجِبُ السِّوَاكُ عَلَى مَنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ لِإِزَالَةِ الدُّسُومَةِ النَّجِسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَتُهَا بِسِوَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ السِّوَاكُ عَيْنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا يُكْرَهُ) السِّوَاكُ (إلَّا لِصَائِمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ، وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ، وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَكُرِهَتْ إزَالَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ لَا تُكْرَهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا، وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَصُحِّحَ فِيهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ بِالْغُرُوبِ، وَالْمَعْنَى فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ إنْ تَغَيَّرَ الْفَمُ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَالَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَكَانَ بِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ عَنْ وَجْهِهِ مُسْتَعْمِلًا لِكُلِّهِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ غَالِطًا إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَوَى الْمُحْدِثُ غَسْلَ أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ غَالَطَا ظَانًّا أَنَّهُ جُنُبٌ صَحَّ وُضُوءُهُ. (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الْغُسْلِ أَكْمَلَ مِنْ الْوُضُوءِ
[فَصْلٌ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ]
(فَصْلٌ) .
(قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ هِيَ نَحْوُ خَمْسِينَ (فَائِدَةٌ)
السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مُبَيِّضٌ لِلْأَسْنَانِ مُطَيِّبٌ لِلنَّكْهَةِ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُصَفِّي الْحَلْقَ وَيُفْصِحُ وَيُفَطِّنُ وَيَقْطَعُ الرُّطُوبَةَ وَيَحُدُّ الْبَصَرَ وَيُبْطِئُ بِالشَّيْبِ وَيُسَوِّي الظَّهْرَ وَيُرْهِبُ الْعَدُوَّ وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ وَيُغَذِّي الْجَائِعَ وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ وَيُرْضِي الرَّبَّ وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ وَيُنَمِّي الْأَمْوَالَ وَيُخَفِّفُ الصُّدَاعَ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَالْمَعِدَةَ وَعَصَبَ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِلصَّائِمِ إلَخْ) إنَّمَا كُرِهَ إزَالَةُ الْخُلُوفِ وَجَزَمَ إزَالَةَ دَمِ الشَّهِيدِ لِأَنَّ فِيهَا تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَيْهِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا فَلَيْسَ هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا، وَإِنَّمَا نَظِيرُ إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ أَنْ يُسَوَّكَ إنْسَانٌ صَائِمًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ السِّوَاكِ فِي الشَّهِيدِ أَنْ يُزِيلَ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَرَضٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتَ فِيهِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ فَتَفْوِيتُ الْمُكَلَّفِ الْفَضِيلَةَ عَنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ وَتَفْوِيتُ غَيْرِهِ لَهَا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ فِي دَمِ الشَّهِيدِ شَيْءٌ عَارَضَهُ فِي الصَّوْمِ تَأَذِّيه هُوَ وَغَيْرُهُ بِرَائِحَتِهِ فَلَهُ إزَالَتُهُ لِمُعَارَضَةِ هَذَا الْمَعْنَى وَيُكْرَهُ السِّوَاكُ أَيْضًا لِمَنْ يَخْشَى مِنْهُ أَنْ يُدْمِيَ لِثَتَهُ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لِلصَّائِمِ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا كَانَ يُدْمِي فَمَه لِمَرَضٍ فِي لِثَتِهِ وَيَخْشَى لِفَاطِرٍ مِنْهُ وَلِغَيْرِهِ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ فَمَه بَلْ لَا يَجُوزُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ.
(فَائِدَةٌ)
وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ وَالشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَنَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ لِلْخُلُوفِ هَلْ هِيَ فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ أَمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصَنَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْأَوَّلِ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِالثَّانِي لِحَدِيثِ السَّمْعَانِيِّ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ» رَوَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَيَخْلُفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ ج، وَفِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الْفِطْرُ فَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ السِّوَاكُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْأَوَّلِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَكُونُ ثَوَابُ رِيحِ الْخُلُوفِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ رِيحِ دَمِ الشَّهَادَةِ أَمَّا نَفْسُ زَهُوقِ الرُّوحِ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ عِبَادَةٍ يَبْعُدُ فِيهَا الرِّيَاءُ بِخِلَافِ الْقِتَالِ فَيَشُوبُهُ أُمُورٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَخْ) التَّقْيِيدُ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ السَّمْعَانِيِّ وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ إذْ ذَاكَ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ يَكُونُ بِسَبَبِ الصِّيَامِ فَهُوَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالطِّيبِ هَكَذَا
الرَّافِعِيُّ
(وَيَتَأَكَّدُ) السِّوَاكُ (لِكُلِّ وُضُوءٍ) ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ لِخَبَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ (وَ) لِكُلِّ (صَلَاةٍ) ، وَلَوْ نَفْلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِلَا سِوَاكٍ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ فَإِنْ قُلْت حَاصِلُهُ أَنَّ صَلَاةً بِهِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِدُونِهِ، وَقَضِيَّتُهُ مَعَ خَبَرِ «صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا خَمْسًا، وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَهَا فَتَكُونُ السُّنَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَرْضِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ قُلْت هَذَا الْخَبَرُ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ سَلِمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ السِّوَاكَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ آثَارِهِ، وَمِنْهَا تَعَدِّي نَفْعِهِ مِنْ طِيبِ الرَّائِحَةِ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَفْعِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَفْضُلُ السُّنَّةُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مَعَ رَدِّهِ، وَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ إلَى الْيَسَارِ أَوْ يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا، وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ.
وَالْخَبَرُ الْآخَرُ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ، وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ (و) لِكُلِّ (طَوَافٍ، وَسُجُودِ شُكْرٍ) أَوْ تِلَاوَةٍ كَالصَّلَاةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الْأَصْحَابَ أَدْرَجُوا الِاسْتِيَاكَ لِذَلِكَ فِي الِاسْتِيَاكِ لِلصَّلَاةِ تَسْمِيَةَ الشَّارِعِ لِلطَّوَافِ صَلَاةً، وَلِصِدْقِ ضَابِطِ الصَّلَاةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّهَا أَفْعَالٌ، وَأَقْوَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمَا فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ مَا قِيلَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ يَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ الْقَارِئِ الَّذِي اسْتَاكَ لِقِرَاءَتِهِ أَمَّا فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِي بِاسْتِيَاكِهِ لِلْقِرَاءَةِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَعَ الْغُسْلِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فَلْيُسْتَحَبَّ لِقِرَاءَتِهِ أَيْضًا بَعْدَ السُّجُودِ (، وَقِرَاءَةٍ) لِقُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ بَلْ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ تَعْظِيمًا لَهُ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (وَصُفْرَةِ أَسْنَانٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْفَمُ، وَلَوْ قَالَ وَتَغَيُّرِ أَسْنَانٍ كَانَ أَعَمَّ
(وَتَغَيُّرُ فَمٍ) بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَعِنْدَ يَقِظَةٍ) مِنْ نَوْمٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ أَيْ يُدَلِّكُهُ بِهِ» ، وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّغَيُّرِ (وَ) عِنْدَ (دُخُولِ مَنْزِلٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَعِنْدَ الْأَكْلِ، وَعِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَعْدَ الْوِتْرِ، وَفِي السَّحَرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلِلصَّائِمِ قَبْلَ أَوَانِ الْخُلُوفِ كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ، وَيُقَالُ إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ. اهـ. وَيُسَنُّ لَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَاكَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِلَ سِوَاكَهُ إنْ حَصَلَ عَلَيْهِ، وَسَخٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلْيَنْوِ بِهِ) أَيْ بِالسِّوَاكِ (السُّنَّةَ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» نَعَمْ الِاسْتِيَاكُ لِلْوُضُوءِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِشُمُولِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَهُ كَسَائِرِ سُنَنِهِ (وَيُعَوِّدَهُ) نَدْبًا (الصَّبِيَّ) لِيَأْلَفَهُ
(وَيَحْصُلُ) السِّوَاكُ (بِكُلِّ مُزِيلٍ) لِلْوَسَخِ (كَخِرْقَةٍ، وَأُصْبُعٍ خَشِنَيْنِ لَا أُصْبُعِهِ) الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، وَلَوْ خَشِنَةً قَالُوا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ، وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخَشِنَةَ تَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِأُصْبُعٍ فَإِنْ انْفَصَلَتْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا اتَّجَهَ الْإِجْزَاءُ، وَإِنْ كَانَ دَفْنُهَا، وَاجِبًا فَوْرًا، وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا فَفِي الْإِجْزَاءِ نَظَرٌ يَجْرِي فِي كُلِّ آلَةٍ نَجِسَةٍ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِجْزَاءُ، وَوُجُوبُ غَسْلِ الْفَمِ لِلنَّجَاسَةِ، وَإِنْ عَصَى بِاسْتِعْمَالِهَا، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا كَمَا لَا تُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لَا تُجْزِئُ هُنَا بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ يَتَسَحَّرُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ وَبَيْنَ مَنْ يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ شَيْئًا وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لَوْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَنَوْمٍ أَوْ وُصُولِ شَيْءٍ كَرِيهِ الرِّيحِ إلَى فَمِهِ فَاسْتَاكَ لِذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ ج
(قَوْلُهُ وَلِكُلِّ صَلَاةٍ) لَا فَرْقَ فِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ أَوْ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِلَا طَهَارَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً ذَاتَ تَسْلِيمَاتٍ كَالضُّحَى وَالتَّرَاوِيحِ وَالتَّهَجُّدِ وَنَحْوِهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَاكَ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِحَمْلِ خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) مَعْنَى قَوْلِ شَيْخِنَا بِحَمْلِ خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ أَنَّ صَلَاةً الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا حَيْثُ اتَّفَقَتَا فِي وُجُودِ السِّوَاكِ فِيهِمَا أَوْ انْتِفَائِهِ فِيهِمَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ إلَخْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ فِي جَمَاعَةٍ فُضِّلَتَا عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِلَا جَمَاعَةٍ وَلَا سِوَاكٍ فَلَلْجَمَاعَة مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِلسِّوَاكِ عَشْرَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِلَا سِوَاكٍ بِعَشْرٍ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ فِي مُقَابَلَةِ السِّوَاكِ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ الْجَمَاعَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ هِيَ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي لِلْجَمَاعَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ عَشَرَ مِنْهَا لِلسِّوَاكِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَائِدَةٌ.
(قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فَلْيُسْتَحَبَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِقِرَاءَةٍ) أَوْ حَدِيثٍ أَوْ ذِكْرٍ (قَوْلُهُ وَلْيَنْوِ بِهِ السُّنَّةَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَ قَبْلَ السِّوَاكِ إذَا بَدَأَ بِهِ وَحَسُنَ أَنْ يُسَمِّيَ ثَانِيًا عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ ع. (قَوْلُهُ بِكُلِّ مُزِيلٍ) أَيْ طَاهِرٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِيَدِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْيَدِ جَازَ وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لَا عَلَى يَدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ لَا تُجْزِئُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ)
الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِيَاكِ فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إزَالَةُ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ.
وَالْأُصْبُعُ تُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ الْأُصْبُوعُ (وَعُودٍ و) كَوْنِهِ (مِنْ أَرَاكٍ، وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبٌ (وَيَابِسٍ مُنَدَّى بِمَاءٍ أَوْلَى) فَالْعُودُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْأَرَاكُ، وَنَحْوُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعِيدَانِ، وَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ الرَّطْبِ، وَمِنْ الْيَابِسِ الَّذِي لَمْ يُنَدَّ، وَمِنْ الْيَابِسِ الْمُنَدَّى بِغَيْرِ الْمَاءِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالرِّيقِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْأَرَاكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَرَاكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «كُنْت أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ أَوْلَاهُ الْعُودُ وَأَوْلَاهُ ذُو الرِّيحِ وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ اتِّبَاعًا ثُمَّ بَعْدَهُ النَّخْلُ فَالنَّخْلُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْأَرَاكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ
(وَيُسْتَحَبُّ) الِاسْتِيَاكُ (عَرْضًا) لِخَبَرِ «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ، وَالْمُرَادُ عَرْضُ الْأَسْنَانِ ظَاهِرُهَا، وَبَاطِنُهَا (وَيُجْزِئُ طُولًا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ قَدْ يُدْمِي اللِّثَةَ، وَيُفْسِدُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَ الْكَرَاهَةَ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَاتٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِجْزَاءِ مَزِيدٌ عَلَيْهَا أَمَّا اللِّسَانُ فَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَاكَ فِيهِ طُولًا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد (وَيَتَيَامَنُ) بِهِ نَدْبًا فِي الْيَدِ، وَالْفَمِ لِشَرَفِ الْأَيْمَنِ، «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طَهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ، وَسِوَاكِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَذِكْرُ التَّيَامُنِ فِي الْيَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ (وَيُمِرُّهُ عَلَى) كَرَاسِيَّ (أَضْرَاسِهِ) ، وَأَطْرَافِ أَسْنَانِهِ لِيَجْلُوَهَا مِنْ التَّغَيُّرِ بِصُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَ) عَلَى (سَقْفِ حَلْقِهِ بِلُطْفٍ) لِيُزِيلَ الْخُلُوفَ عَنْهُ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا جَلَاءُ أَسْنَانِهِ، وَبَرْدِهَا بِالْمِبْرَدِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يُذِيبُ الْأَسْنَانَ، وَيُفْضِي إلَى تَكْسِيرِهَا، وَلِأَنَّهَا تَخْشُنُ فَتَتَرَاكَمُ الصُّفْرَةُ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ «لَعَنَ صلى الله عليه وسلم الْوَاشِرَةَ، وَالْمُسْتَوْشِرَة» ، وَالْوَاشِرَةُ هِيَ الَّتِي تَبْرُدُ أَسْنَانَهَا بِالْمِبْرَدِ، وَالْمُسْتَوْشِرَة هِيَ الَّتِي تَسْأَلُ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ (وَبِسِوَاكِ غَيْرٍ) بِإِذْنٍ (كُرِهَ) الِاسْتِيَاكُ، وَهَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَغَيْرُهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَاكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ بَلْ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَالْكَرَاهَةُ لَا أَصْلَ لَهَا (وَبِلَا إذْنٍ حَرُمَ) الِاسْتِيَاكُ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَيَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِيَاكِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي، وَشُدَّ بِهِ لِثَاتِي، وَثَبِّتْ بِهِ لَهَاتِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ
(وَ) مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا نَحْوُ سَبْعِينَ رَجُلًا» ، وَقَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لِوَاجِبَاتِهِ، «وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَلَيْسَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ تَسْمِيَةٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ زَادَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَهَا فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَعُوذُ بِك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ، وَحَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّعَوُّذَ قَبْلَهَا (وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ) أَيْ حَالَ يَهْتَمُّ بِهِ مِنْ عِبَادَةٍ، وَغَيْرِهَا حَتَّى الْجِمَاعَ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَلِعُمُومِ خَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَال» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا» (فَإِنْ تَرَكَهَا أَوَّلَ طَعَامٍ أَوْ وُضُوءٍ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (تَدَارَكَهَا) فِي الْأَثْنَاءِ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ لِخَبَرِ «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَيُقَاسُ بِالْأَكْلِ الْوُضُوءُ، وَبِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ، وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَرَكَ السِّوَاكَ فِي أَوَّلِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ كَالتَّسْمِيَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالِاسْتِيَاكُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا فَلِأَنَّهَا تُنَجِّسُ الْفَمَ وَتَعَاطِي تَنَجُّسِ الْبَدَنِ لَا لِضَرُورَةٍ حَرَامٌ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَهَذَا مُنَجِّسَةٌ لِلْفَمِ (قَوْلُهُ بَلْ الْأَرَاكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) أَيْ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَعَدَّهَا مَعَ مَا يُفْعَلُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ ج. (قَوْلُهُ وَالْوَاشِرَةُ إلَخْ) قَالَهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. (قَوْلُهُ وَبِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ كُرِهَ وَبِلَا إذْنٍ حَرُمَ) وَيُجْزِئُهُ فِي الْحَالَيْنِ
(قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ التَّسْمِيَةُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَاصِيًا بِالْفِعْلِ كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ التَّسْمِيَةُ وَرَأَيْت عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَكْلِ الْحَرَامِ أَوْ شُرْبِهِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ كَلَامًا وَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ مُحَرَّمٍ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْعُبَابِ وَتُكْرَهُ لِمُحْرِمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى تَوَضَّأَ نَحْوُ سَبْعِينَ رَجُلًا) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ نَفْسِ أَصَابِعِهِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْقَبَسِ وَنَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم خَصِيصَةٌ لَهُ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ انْتَهَى وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْكَوْثَرِ
وَأَوْلَى.
(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (غَسْلُ الْكَعْبَيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ) ، وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) لَكِنْ (كُرِهَ لِقَائِمٍ مِنْ نَوْمٍ) إنْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ (وَشَاكٍّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ نَوْمٍ (غَمَسَهَا فِي) مَاءٍ (قَلِيلٍ) ، وَفِي سَائِرِ الْمَائِعَاتِ، وَإِنْ كَثُرَتْ (قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا) لِخَبَرِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» السَّابِقِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ فِيهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ كَأَنْ تَقَعَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ التَّرَدُّدُ، وَيَلْحَقُ بِالتَّرَدُّدِ بِالنَّوْمِ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ هِيَ الثَّلَاثُ الْمَنْدُوبَةُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ لَكِنْ نُدِبَ تَقْدِيمُهَا عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى غَمْسِ يَدِهِ، وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ إلَّا بِغَسْلِهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلْخَبَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيعَابِهَا فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِوَاحِدَةٍ لِتَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا كَمَا لَا كَرَاهَةَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهَا ابْتِدَاءً.
وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدَ الْيَقِينِ غَسَلَهَا ثَلَاثًا فَلَوْ غَسَلَهَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقِّنَةٍ أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا لِسَلَامَتِهِ مِنْ تَنَاوُلِهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا، وَهُوَ تَيَقُّنُ النَّجَاسَةِ لَكِنَّهُ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِقَائِمٍ مِنْ نَوْمٍ، وَقَالَ لِشَاكٍّ إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَلِيلٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصُبَّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ الَّتِي شَكَّ فِي طَهَارَتِهَا (وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِفُ بِهِ) الْمَاءَ لِيَغْسِلَهَا بِهِ (فَبِثَوْبِهِ أَوْ فِيهِ) يَغْرِفُ أَوْ يَسْتَعِينُ بِغَيْرِهِ (وَلَا يُكْرَهُ لِمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرَ يَدِهِ) غَمْسُهَا بَلْ، وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهَا قَبْلَهُ فَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِغَسْلِهَا فِي الْإِنَاءِ، وَخَارِجِهِ.
(و) مِنْ سُنَنِهِ (مَضْمَضَةٌ ثُمَّ اسْتِنْشَاقٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُمَضْمِضُ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِمَا مَرَّ فِي التَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ «تَمَضْمَضُوا، وَاسْتَنْشِقُوا» فَضَعِيفٌ (وَحَصَلَا بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْفَمِ، وَالْأَنْفِ إنْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ) عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ (وَلَوْ ابْتَلَعَهُ) أَيْ الْمَاءَ أَوْ لَمْ يُدِرْهُ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا أَوْ أَتَى بِهِ فَقَطْ لَمْ يُحْسَبْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ كَتَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ، وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ فَوَّتَهُ فَفَائِدَةُ ذِكْرِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ عَكْسَ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْيَدَيْنِ مَثَلًا عُضْوَانِ مُتَّفِقَانِ اسْمًا، وَصُورَةً بِخِلَافِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَالْيَدِ، وَالْوَجْهِ (وَكَذَا مَا تَرَتَّبَ) عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ (مِنْ السُّنَنِ) أَيْ مِنْ سَائِرِهَا كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَا وَقَعَ مُرَتَّبًا، وَهَذَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ ابْتَلَعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ يُحْسَبُ، وَهُوَ الْوَجْهُ كَنَظَائِرِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءِ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ مَعْكُوسٌ، وَصَوَابُهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ تُحْسَبْ الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا غَسْلُ الْكَفِّ فَيُحْسَبُ لِفِعْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهِمَا كَالِابْتِدَاءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَيُحْسَبَانِ دُونَ الْكَفِّ لِأَنَّ تَقَدُّمَهُ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ بِحُسْبَانِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ التَّرْتِيبَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ، وَلِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَشَاكٌّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ شَاكٌّ فِي طَهَارَةِ يَدِهِ مَنْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُمَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ غَمْسُهُمَا قَبْلَ غَسْلِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ حُصُولُ تَنَجُّسِ مَا كَانَ طَاهِرًا مِنْ يَدَيْهِ بِإِدْخَالِهِمَا الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا) وَهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَزُولُ كَرَاهَةُ الْغَمْسِ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا بِالتُّرَابِ قَبْلَ إدْخَالِهَا الْإِنَاءَ وَالْحَدِيثُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خَرَجَ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ ت (قَوْلُهُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي زَوَالُ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِيمَا ذُكِرَ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَبِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ تَكُونُ عَيْنِيَّةً فَأَرْشَدَ الشَّارِعُ إلَى التَّثْلِيثِ احْتِيَاطًا فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهَا ابْتِدَاءً) الْمَذْكُورُ هُنَا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا تَزُولُ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ الثَّابِتَةُ إلَّا بِالْغَسْلِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَهِيَ التَّثْلِيثُ غ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ مَضْمَضَةٌ ثُمَّ اسْتِنْشَاقٌ) قَالَ أَصْحَابُنَا شَرَعَ تَقْدِيمَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِيَعْرِفَ طَعْمَ الْمَاءِ وَرَائِحَتَهُ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِيهِ طَعْمَ بَوْلٍ أَوْ رَائِحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقُرْبِهِ جِيفَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ فَالْأَصْلُ طَهَارَتُهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَوَجَدَ فِيهِ طَعْمَ بَوْلٍ أَوْ رَوْثٍ أَوْ رَائِحَةً لَا تَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ فَهُوَ نَجِسٌ (قَوْلُهُ كَنَظَائِرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فِي تَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ الْكَفَّانِ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ مَحِلُّهُمَا بِالشُّرُوعِ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الْوَجْهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً ثُمَّ أَعَادَ الْوُضُوءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا هَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ إنْ قُلْنَا نَعَمْ لَمْ يَفُتْ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ وَإِلَّا فَيَفُوتُ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ يَفُوتُ غَسْلُهُ بِالشُّرُوعِ فِي آخَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْوَجْهَانِ فِي غَسْلِ الْكَفَّيْنِ هُمَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُغَلِّطَ هُوَ الْغَالِطُ انْتَهَى قَالَ فِي التَّعَقُّبَاتِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الرَّوْضَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ التَّرْتِيبَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ إلَخْ) اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ
الِابْتِدَاءَ بِمَا ذُكِرَ كَالِابْتِدَاءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ (وَجَمَعَهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ (بِثَلَاثٍ) يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ (أَفْضَلُ) مِنْ الْفَصْلِ بِسِتِّ غَرْفَاتٍ أَوْ بِغَرْفَتَيْنِ يَتَمَضْمَضُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ الْأُخْرَى ثَلَاثًا، وَمِنْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةٌ، وَثَالِثَةٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِالْجَمِيعِ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ، وَبِثَلَاثٍ بِالْوَاوِ لَأَفَادَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ كَذَلِكَ
(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا لِمُفْطِرٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ صَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهَا «إذَا تَوَضَّأْتَ فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بَلْ تُكْرَهُ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْفَسَادِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ الْحَلْقِ، وَمَجُّ الْمَاءِ، وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ لِأَنَّهُ مَاءٌ دَافِقٌ، وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقُبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ.
وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ، وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ، وَاللِّثَاتِ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصْعَدَ الْمَاءُ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ قَوْلِهِ (فَيُمِرُّ أُصْبُعَهُ) أَيْ الْيُسْرَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْيُمْنَى يَكُونُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْمَاءِ إذَا جُمِعَ (عَلَى وَجْهَيْ أَسْنَانِهِ، وَيُوصِلُ الْمَاءَ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَ) إلَى (خَيْشُومِ الْأَنْفِ) أَيْ أَقْصَاهُ، وَلَوْ أَخَّرَ الْجُمْلَةَ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ كَانَ أَوْلَى (وَيُخْرِجُ أَذَاهَا) الْأَوْلَى أَذَاهُ أَيْ الْأَنْفِ (بِإِصْبَعِ الْيُسْرَى) أَيْ الْخِنْصَرِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ، وَهَذَا يُسَمَّى الِاسْتِنْثَارُ، وَدَلِيلُهُ خَبَرُ مُسْلِمٌ السَّابِقِ، وَيُسَنُّ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وَمَجُّهُ، وَإِذَا بَالَغَ غَيْرُ الصَّائِمِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَسْتَقْصِي فَيَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
(و) مِنْ سُنَنِهِ (تَثْلِيثُ مَغْسُولٍ، وَمَمْسُوحٍ) مَفْرُوضٍ، وَمَسْنُونٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ التَّثْلِيثَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّخْلِيلَ، وَالْقَوْلُ كَالتَّسْمِيَةِ، وَالتَّشَهُّدُ آخِرَهُ، وَتَثْلِيثُ التَّخْلِيلِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَتَثْلِيثُ الْقَوْلِ فِي التَّشَهُّدِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ (وَيَقْتَصِرُ) وُجُوبًا (عَلَى الْفَرْضِ لِضِيقِ وَقْتٍ) عَنْ إدْرَاكِ الصَّلَاةِ (وَقِلَّةِ مَاءٍ) بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَاضِلِ عَنْهُ لِعَطَشٍ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْجِيلِيُّ إلَّا حَالَةَ كَوْنِ الْمَاءِ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ فَأَلْحَقَهَا بِغَيْرِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَسَيَأْتِي فِي مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرِيرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ.
وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ الْجَبِيرَةِ، وَالْعِمَامَةِ إذَا كَمُلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بِالْخُفِّ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ) ، وَالنَّقْصُ عَنْهَا «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ، وَظَلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْمَعْنَى فَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَظَلَمَ فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَقِيلَ أَسَاءَ فِي النَّقْصِ وَظَلَمَ فِي الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ النَّقْصُ عَنْ الثَّلَاثِ إسَاءَةً وَظُلْمًا وَمَكْرُوهًا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ فَإِنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ قُلْنَا ذَلِكَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْبَيَانَ، وَاجِبٌ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
سَوَاءٌ جَمَعَ أَوْ فَصَلَ بِغَرْفَةٍ أَوْ غَرْفَاتٍ، وَفِي هَذَا التَّقْدِيمِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَوَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ شَرْطٌ وَلَا يُحْسَبُ الِاسْتِنْشَاقُ إلَّا بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ فَاشْتُرِطَ فِيهِمَا التَّرْتِيبُ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْصُلُ الِاسْتِنْشَاقُ وَإِنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ كَتَقْدِيمِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ م وَكَتَبَ أَيْضًا قُدِّمَتْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لِعِظَمِ مَنَافِعِ الْفَمِ عَلَى مَنَافِعِ الْأَنْفِ فَإِنَّهُ مَدْخَلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ اللَّذَيْنِ هُمَا قِوَامُ الْحَيَاةِ وَمَحَلُّ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ
(قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي الْقِبْلَةِ إفْسَادٌ لِعِبَادَةِ اثْنَيْنِ) وَبِأَنَّ قَلِيلَ الْقُبْلَةِ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا بِخِلَافِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ
(قَوْلُهُ وَمِنْ سُنَنِهِ تَثْلِيثُ مَغْسُولٍ إلَخْ) فَلَوْ غَسَلَ يَدَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهَا حَصَلَ التَّثْلِيثُ عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِمُخَالَفَتِهِمَا رِعَايَةً لِصُورَةِ الْعَدَدِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْمَحَلِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَحْصُلُ الْعَدَدُ بِهِ د وَقَوْلُهُ وَأَفْتَ الشَّيْخِ أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ وَالدَّارَقُطْنِيّ ج. (قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ وُجُوبًا عَلَى الْفَرْضِ لِضِيقِ الْوَقْتِ) يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاجِبِ الْوُضُوءِ لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ.
(قَوْلُهُ فَأَلْحَقَهَا بِغَيْرِهَا) قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ ثَلَّثَ أَوْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ لَمْ يَكْفِهِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ ت وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ تَكْرَارُهُ فِي الْخُفِّ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِمَامَةُ وَالْجَبِيرَةُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ الْجَبِيرَةِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ مَنْ لَمْ يَرَ سُنِّيَّةَ تَكْرَارَ مَسْحِ الرَّأْسِ بِأَنَّهُ مَسْحٌ وَاجِبٌ فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَالتَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ وَأَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَسْحِ الْجَبِيرَةِ فَإِنَّهُ مَسْحٌ وَاجِبٌ وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ مَا إذَا تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَالدَّارِسِ وَالرَّبْطِ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ظَاهِرٌ مُتَعَيِّنٌ
(وَلَوْ شَكَّ) فِي الْعَدَدِ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) عَمَلًا بِالْيَقِينِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا يَزِيدُ رَابِعَةً، وَهِيَ بِدْعَةٌ، وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَسْهَلُ مِنْ اقْتِحَامِ بِدْعَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (وَلَا يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ عُضْوٍ) فَلَا تُحْسَبُ الْغَسْلَةُ مَرَّةً إلَّا إذَا اسْتَوْعَبَتْهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَلَا) يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ (بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ) فَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَانِيًا، وَثَالِثًا كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ الْوَجْهَ، وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا الْفَمُ، وَالْأَنْفُ فَكَعُضْوٍ فَجَازَ تَطْهِيرُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ لَكِنْ خَالَفَ الرُّويَانِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا بِحُصُولِ ذَلِكَ.
(و) مِنْ سُنَنِهِ (التَّخْلِيلُ لِمَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ بِالْأَصَابِعِ مِنْ أَسْفَلِهِ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» أَمَّا مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ذَلِكَ كَالْخَفِيفِ، وَالْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ غَيْرِ الرَّجُلِ فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى ظَاهِرِهِ، وَبَاطِنِهِ، وَمَنَابِتِهِ بِتَخْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَسْفَلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ (لَا) إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ (لِمُحْرِمٍ) فَلَا يُسَنُّ تَخْلِيلُهُ لِئَلَّا يَتَسَاقَطَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحْرِمَ كَغَيْرِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ بَلْ السُّنَّةُ تَخْلِيلُهَا أَيْ اللِّحْيَةِ بِرِفْقٍ كَمَا قَالُوهُ فِي تَخْلِيلِ شَعْرِ الْمَيِّتِ، وَكَالْمَضْمَضَةِ لِلصَّائِمِ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ مَعَ خَوْفِ الْمُفْسِدِ، وَلِهَذَا لَا يُبَالِغُ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ، وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْغُسْلِ بِرِفْقٍ حَتَّى لَا يُنْتَتَفَ شَعْرُهُ
(وَ) مِنْهَا (تَقْدِيمُ الْيُمْنَى) عَلَى الْيَسَارِ لِخَبَرِ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ، وَحِبَّانُ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ أَيْ تَسْرِيحِ شَعْرِهِ، وَطَهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ كَاكْتِحَالٍ، وَنَتْفِ إبِطٍ، وَحَلْقِ رَأْسٍ، وَالْأَيْسَرُ لِضِدِّ ذَلِكَ كَامْتِخَاطٍ، وَدُخُولِ خَلَاءٍ، وَنَزْعِ مَلْبُوسٍ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ، وَطَعَامِهِ، وَالْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» (لَا) الْيَمِينُ (مِنْ الْأُذُنَيْنِ، وَالْخَدَّيْنِ، وَالْكَفَّيْنِ) فَلَا يُسَنُّ تَقْدِيمُهَا بَلْ يُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعًا (إلَّا لِأَقْطَعَ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا ذَلِكَ فَيُسَنُّ لَهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ (وَلَوْ عَكَسَ) فَقَدَّمَ الْيَسَارَ فِيمَا سُنَّ فِيهِ تَأْخِيرُهَا (كُرِهَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَهَا فِي كُلِّ مَا فِيهِ تَكْرِيمٌ وَتَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي ضِدِّهِ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْخَدَّيْنِ أَوْ الْكَفَّيْنِ لِغَيْرِ أَقْطَعَ بِحَمْلِ الْعَكْسِ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إذْ عَكَسَ الْمَعِيَّةَ التَّرْتِيبُ
(وَ) مِنْهَا (تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ بِغَسْلِ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ) مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ (و) تَطْوِيلُ (التَّحْجِيلِ) بِغَسْلِ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ، وَتَحْجِيلَهُ» ، وَمَعْنَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ بِيضَ الْوُجُوهِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ كَالْفَرَسِ الْأَغَرِّ وَهُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ، وَالْمُحَجَّلِ، وَهُوَ الَّذِي قَوَائِمُهُ بِيضٌ (وَغَايَتُهُ) أَيْ تَطْوِيلِ التَّحْجِيلِ (الْمَنْكِبُ، وَالرُّكْبَةُ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خَبَرٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(وَ) مِنْهَا (اسْتِيعَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَخُرُوجًا مِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْيَقِينِ) فِي الْمَفْرُوضِ وُجُوبًا، وَفِي الْمَنْدُوبِ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» قَالَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَفْعَالًا مُخْتَلِفَةً فِي أَحْوَالٍ شَتَّى هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى طَرِيقِ التَّعْلِيمِ لِأَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ فَإِنَّ مَنْ تَوَضَّأَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوئِهِ صَلَاةً.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْغُسْلِ بِرِفْقٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِهِ وَاجِبٌ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمَضْمَضَةِ وَاضِحٌ إذْ الِانْتِتَافُ بِالتَّخْلِيلِ أَقْرَبُ مِنْ سَبْقِ الْمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ بِلَا مُبَالَغَةٍ
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنْ كَانَا فِي حُكْمِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَمْ يَجِبْ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْحُكْمِ أَنَّ مَاسِحَ الْخُفِّ لَوْ نَزَعَ أَحَدَهُمَا بَطَلَتْ طَهَارَةُ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا وَصَارَ كَأَنَّهُ نَزَعَهُمَا وَلَوْ غَسَلَ إحْدَاهُمَا وَمَسَحَ عَلَى خُفِّ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ لَهُ تَبْعِيضُهُمَا كَمَا لَا يُبَعِّضُ الْقَدَمَ الْوَاحِدَ. (قَوْلُهُ وَحَلْقُ رَأْسٍ) أَيْ وَقَصُّ شَارِبٍ وَلُبْسٌ وَأَخْذٌ وَعَطَاءٌ ش (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَهَا فِي كُلِّ مَا فِيهِ تَكْرِيمٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ وَتَطْوِيلُ التَّحْجِيلِ) وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إيصَالُهُمَا بِالْوَاجِبِ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ قَدَّمَهُمَا وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَهُ ح. (قَوْلُهُ بِغُسْلٍ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ) قَالَ الْإِمَامُ لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ الْوَجْهِ لِعِلَّةٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ مَا جَاوَرَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَصَفْحَةِ الْعُنُقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْجِيلِ حَيْثُ تَعَذَّرَ غَسْلُهُمَا إلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ (قَوْلُهُ بِيضُ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ) وَغَايَةُ الْغُرَّةِ أَنْ يَغْسِلَ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا اسْتِيعَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ) قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَإِذَا مَسَحَهُ فَالْفَرْضُ أَقَلُّ جُزْءٍ وَقِيلَ كُلُّهُ وَقِيلَ إنْ تَعَاقَبَ فَالْأَقَلُّ وَمِثْلُهُ تَطْوِيلُ قِيَامٍ
خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ فَرْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَ) أَنْ يَبْدَأَ فِي مَسْحِهِ (مِنْ مُقَدِّمِهِ فَلْيُلْصِقْ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ) أَيْ طَرَفَيْهِمَا (وَإِبْهَامَاهُ فِي صُدْغَيْهِ) لَوْ قَالَ كَالرَّوْضَةِ، وَإِبْهَامَيْهِ كَانَتْ إفَادَتُهُ لِسُنِّيَّتِهِ إلْصَاقَهُمَا بِالصُّدْغِ أَظْهَرُ (ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا) أَيْ بِسَبَّابَتَيْهِ (إلَى قَفَاهُ، وَذُو الْوَفْرَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْقَلِبُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهِيَ الشَّعْرُ إلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ (بِرَدِّهِمَا) أَيْ السَّبَّابَتَيْنِ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيَصِلُ الْمَاءُ بِالذَّهَابِ إلَى بَاطِنِ الْقَدَمِ، وَظَاهِرِ الْمُؤَخَّرِ، وَبِالرَّدِّ إلَى عَكْسِ ذَلِكَ (وَلَا يُحْسَبُ الرَّدُّ مَرَّةً) لِعَدَمِ تَمَامِ الْمَرَّةِ الْأُولَى (فَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ) شَعْرُهُ (لِظُفْرِهِ أَوْ طُولِهِ) أَوْ قِصَرِهِ أَوْ عَدَمِهِ كَمَا فُهِمَا بِالْأَوْلَى (لَمْ يَرُدَّ) هُمَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَإِنْ رَدَّهُمَا لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا.
وَالضَّفْرُ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَوَاضِعَ كَمَا هُنَا (وَيَمْسَحُ) نَدْبًا (النَّاصِيَةَ) ، وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزْعَتَيْنِ (وَيُتَمِّمُ عَلَى الْعِمَامَةِ) أَوْ نَحْوِهَا، وَإِنْ لَبِسَهَا عَلَى حَدَثٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى عِمَامَتِهِ» سَوَاءٌ عَسُرَ عَلَيْهِ تَنْحِيَتُهَا أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَالشَّرْحَيْنِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْعُسْرِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ، وَيُتَمِّمُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ
(وَ) مِنْهَا (مَسْحُ، وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِرَأْسِهِ، وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا، وَبَاطِنَهُمَا، وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ (لَا) مَسْحُ (الرَّقَبَةِ) فَلَا يُسَنُّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ قَالَ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» فَمَوْضُوعٌ، وَأَثَرُ ابْنِ عُمَرَ مَنْ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ (بِمَاءٍ) أَيْ، وَمَسْحُ وَجْهَيْ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ (جَدِيدٍ) أَيْ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَوْ أَخَذَ بِأَصَابِعِهِ مَاءً لِرَأْسِهِ فَلَمْ يَمْسَحْهُ بِمَاءِ بَعْضِهَا بَلْ مَسَحَ بِهِ الْأُذُنَيْنِ كَفَى لِأَنَّهُ مَاءٌ جَدِيدٌ (وَغَسْلُهُمَا أَيْضًا مَعَ الْوَجْهِ، وَمَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ حَسَنٌ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَقَدْ قِيلَ إنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَقِيلَ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمَشْهُورُ لَا، وَلَا.
وَأَمَّا خَبَرُ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» فَضَعِيفٌ، وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِعْلُهُ هَذَا حَسَنٌ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ غَلَّطَهُ فِيهِ زَاعِمًا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَدَلِيلُ ابْنِ سُرَيْجٍ نَصَّ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ النَّزَعَتَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ مَعَ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ فِي الرَّأْسِ أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ (ثُمَّ يَأْخُذُ) الْأَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا، وَيَأْخُذُ (لِصِمَاخَيْهِ) ، وَهُمَا خَرْقَا الْأُذُنَيْنِ (مَاءً) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ (جَدِيدًا) أَيْ غَيْرَ مَاءِ الرَّأْسِ، وَالْأُذُنَيْنِ لِظَاهِرِ خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْأُذُنَيْنِ كَالْفَمِ، وَالْأَنْفِ مِنْ الْوَجْهِ (ثَلَاثًا) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَتَثْلِيثُ مَغْسُولٍ، وَمَمْسُوحٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْأَحَبُّ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِهِمَا مَعَ الْأُذُنَيْنِ أَنْ يُدْخِلَ مِسْبَحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ، وَيُدِيرَهُمَا عَلَى الْمَعَاطِفِ، وَيُمِرَّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا ثُمَّ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا، وَنَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَاتٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنْ يَمْسَحَ بِالْإِبْهَامَيْنِ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِالْمُسْبَحَتَيْنِ بَاطِنَهُمَا، وَيُمِرَّ رَأْسَ الْأُصْبُعِ فِي الْمَعَاطِفِ، وَيُدْخِلَ الْخِنْصَرَ فِي صِمَاخَيْهِ، وَكَلَامُهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي اخْتِيَارَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ.
وَالْمُرَادُ مِنْ الْأُولَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِ مُسَبِّحَتَيْهِ صِمَاخَيْهِ، وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ، وَمَعَاطِفَهُمَا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّهَا لَا تُنَاسِبُ سُنِّيَّةَ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ امْتِنَاعَ مَسْحِهِمَا بِبَلَلِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ، وَبِبَلَلِ الرَّأْسِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ طَهُورٌ ثُمَّ قَالَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ لَا أَصْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ
(وَمِنْهَا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ) لِخَبَرِ لَقِيطٍ السَّابِقِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» فَيُخَلِّلُهَا (مِنْ أَسْفَلَ بِخِنْصِرِ يَدِهِ الْيُسْرَى) بِكَسْرِ الصَّادِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (يَبْدَأُ بِخِنْصِرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَيَخْتِمُ بِخِنْصِرِ) الرِّجْلِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعِيرٌ عَنْ خَمْسٍ وَبَدَنَةٌ عَنْ دَمِ شَاةٍ وَفَائِدَتُهُ فِي الثَّوَابِ وَرُجُوعُ مُعَجَّلِ زَكَاةٍ وَأَكْلِ نَاذِرٍ شَاةٍ انْتَهَى صُحِّحَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمِيعَ فَرْضٌ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سَبْعُهَا وَصُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ، وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ اهـ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ لِأَنَّهُ تَافِهٌ فَلَيْسَ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ انْغَمَسَ ذُو الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ وَيُتَمِّمُ عَلَى الْعِمَامَةِ) سُنِّيَّةُ التَّتْمِيمِ بِالْعِمَامَةِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ الْمُتَعَدِّي بِلُبْسِهَا أَمَّا هُوَ فَعَاصٍ فَلَا يُتَمِّمُ بِهَا إذْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبْنٍ فِي نُكَتِهِ وَذَكَرَهُ النَّاشِرِيُّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ أت عُلِمَ مِنْهُ حُكْمُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَسْرُوقَةِ بِالْأَوْلَى قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُحْرِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ اللُّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ وَلَا كَذَلِكَ لِغَاصِبٍ وَالسَّارِقُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْعُسْرِ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مِثَالٌ فَقَطْ
(قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ) ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ
(الْيُسْرَى) هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ، وَخَالَفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَحَكَى فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا، وَالثَّانِي بِخِنْصِرِ الْيَدِ الْيُمْنَى، وَالثَّالِثُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ (وَإِيصَالُ الْمَاءِ) إلَى مَا بَيْنَهُمَا (وَاجِبٌ) إذَا كَانَتْ مُلْتَفَّةً لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُلْتَحِمَةً لَمْ يَجُزْ فَتْقُهَا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ) بَيْنَهَا لِخَبَرِ لَقِيطٍ
(وَمِنْهَا تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ، وَتَكَبُّرٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى حَيْثُ لَا عُذْرَ، وَإِنَّمَا لَمْ تُكْرَهْ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَبَّ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْمُغِيرَةُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ» (لَا تَرْكُ) الِاسْتِعَانَةِ فِي (إحْضَارِهِ) أَيْ الْمَاءِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلَا تَكُونُ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِثُبُوتِهَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا، وَكُرِهَ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِعَانَةِ (فِي غَسْلِ الْعُضْوِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ زَائِدٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ تُكْرَهْ بَلْ قَدْ تَجِبُ، وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعِينُ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ، وَنَحْوُهُ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِلَفْظِ الِاسْتِعَانَةِ الْمُقْتَضِي طَلَبَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ سَاكِتًا لَمْ يَحْنَثْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِهَا، وَعَدَمِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ (، وَيَضَعُ) نَدْبًا الْمُتَوَضِّئُ (الْمَاءَ عَنْ يَمِينِهِ) إنْ كَانَ يَغْتَرِفُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ إنْ كَانَ يَصُبُّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ كَإِبْرِيقٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ فِيمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ مَا إذَا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ، وَيَمِينِهِ فَيُحَوِّلُ الْإِنَاءَ إلَى يَمِينِهِ، وَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي غَسْلِ الْيَدَانِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى كَفِّهِ فَيَغْسِلُهَا ثُمَّ يَغْسِلُ سَاعِدَهُ ثُمَّ مِرْفَقَهُ قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ هَذَا التَّحْوِيلَ (وَيَقِفُ الْمُعِينُ) لَهُ (بِالصَّبِّ عَلَى يَسَارِهِ) لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَأَمْكَنُ، وَأَحْسَنُ أَدَبًا، وَقَوْلُهُ وَيَضَعُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ
(وَ) مِنْهَا (تَرْكُ التَّنْشِيفِ) مِنْ بَلَلِ مَاءِ الْوُضُوءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ اغْتِسَالِهِ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ، وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» ، وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَحْتَجَّ إلَيْهِ لِخَوْفِ بَرْدٍ، وَالْتِصَاقِ نَجَاسَةٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ سُنَّةً إذَا خَرَجَ عَقِبَ الْوُضُوءِ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَاتِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ، وَكَذَا لَوْ آلَمَهُ شِدَّةُ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ يَتَيَمَّمُ أَثَرَهُ أَوْ نَحْوَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْمِلُ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَنَشَّفُ بِهِ، وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ انْتَهَى، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُعِينِ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ، وَإِذَا تَنَشَّفَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ، وَطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَنَحْوِهِمَا (وَأَمَّا النَّفْضُ لِلْمَاءِ فَمُبَاحٌ) تَرْكُهُ، وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ لَا مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ شَيْءٌ وَثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ كَمَا مَرَّ.
وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» فَضَعِيفٌ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ، وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ، وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ فِي شَرْحَيْ مُسْلِمٍ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ
(وَمِنْهَا مَنْدُوبَاتٌ أُخَرُ) ، وَهِيَ (أَنْ يَقُولَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) ، وَهِيَ أَوَّلُ السُّنَنِ غَيْرُ النِّيَّةِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا) لِمُنَاسَبَتِهِ الْمَقَامَ لَكِنَّهُ جَعَلَ فِي الْأَذْكَارِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ (وَاسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ) فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ذِكْرًا كَالصَّلَاةِ، وَلِئَلَّا يَخْلُوَ عَمَلُهُ عَنْهَا حَقِيقَةً أَمَّا اسْتِصْحَابُهَا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (وَالتَّلَفُّظُ بِهَا) لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (سِرًّا) مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَقْدِيمُهَا مَعَ أَوَّلِ السُّنَنِ) عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ (لِتَحْصُلَ) أَيْ السُّنَنُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ وَشَرْحِ التَّنْبِيهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) يُسْتَحَبُّ التَّنْشِيفُ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَهِيَ غُسْلُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) وَالتَّنْشِيفُ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَبَّانِيُّ ش. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا بَلْ قَدْ يَصِلُ لِلْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ) أَيْ وَنُكَتِ التَّنْبِيهِ ح (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ مَذْهَبًا وَبِهِ جَزَمَ خَلَائِقُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَيْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْهُ فِي وُضُوئِهِ وَفَعَلَهُ فِي غُسْلِهِ قَلِيلًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ نَفْضَ الْيَدِ عِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنِ، وَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُهُمَا لَا نَفْضُهُمَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ش
(قَوْلُهُ أَيْ السُّنَنُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ ثَوَابُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الْمَنْوِيَّةُ انْتَهَى، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إذَا تَعَرَّضَ فِي نِيَّتِهِ لَهَا، وَفِي مَعْنَاهُ مَا يَشْمَلُ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَنَفْلَهُ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ أَمَّا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَا غَيْرَ فَفِي حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَنِ نَظَرًا لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَشْمَلْهَا وَلَا تُرَدُّ السُّنَنُ الْمُتَأَخِّرَةُ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي الْحُصُولِ مُطْلَقًا وَلَكِنْ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْته وَلَفْظُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ نَظَرٌ إنْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى ابْتِدَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ صَحَّ الْوُضُوءُ وَثَوَابُ السُّنَنِ الْمَنْوِيَّةِ قَبْلَهُ
الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ أَيْ ثَوَابِهَا فَيَنْوِيَ مَعَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ بِأَنْ يَقْرِنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يَقْرِنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ قَرْنَهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يُعْقَلْ التَّلَفُّظُ مَعَهُ بِالتَّسْمِيَةِ.
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَحِلُّ النِّيَّةِ الْمَسْنُونَةِ لَكِنْ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ جَعَلَ مَحِلَّهَا بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَجَعَلَ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ مَحِلَّ السِّوَاكِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فَعَلَى قَوْلِهِ يَلْزَمُ خُلُوُّهُ عَنْهَا، وَتَحْتَاجُ الثَّلَاثَةُ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ خُلُوُّهَا عَنْ النِّيَّةِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ بَنَيْت كَلَامِي أَوَّلًا وَخَالَفَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي نُكَتِهِ فَقَالَ مَحِلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ أَوْ مَعَهَا أَمَّا إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ أَوَّلًا فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِخِلَافِ نَاوِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ضَحْوَةً لِأَنَّ الصَّوْمَ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا صَحَّ بَعْضُهَا صَحَّ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ (وَتَعَهُّدِ الْغُضُونِ) أَيْ مَكَاسِرِ الْجِلْدِ احْتِيَاطًا (وَكَذَا الْمُوقُ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ، وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ يَتَعَهَّدُهُ (بِالسَّبَّابَةِ) الْأَيْمَنُ بِالْيُمْنَى، وَالْأَيْسَرُ بِالْيُسْرَى، وَمِثْلُهُ اللِّحَاظُ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَمَحِلُّ سَنِّ غَسْلِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا رَمْصٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَحِلِّهِ، وَإِلَّا فَغَسْلُهُمَا، وَاجِبٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (لَا غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ) فَلَا يَجِبُ، وَلَا يُسَنُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم
(وَمِنْهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْضَاءِ) بَعْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا اسْتِظْهَارًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَكَرَّرَ مِنْهَا لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ قَبْلَهَا (وَتَحْرِيكُ الْخَاتَمِ) إلَّا إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ إلَّا بِهِ فَيَجِبُ (وَالْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى، وَجْهِهِ) لِأَنَّهُ أَشْرَفُ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ السُّجُودِ (وَبِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ) إنْ صَبَّ عَلَى نَفْسِهِ (فَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ فَبِالْمِرْفَقِ، وَالْكَعْبِ) تَبِعَ كَالْأَصْلِ فِي هَذَا الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالْأَصَابِعِ مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاخْتَارَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْرِي الْمَاءَ عَلَى يَدِهِ، وَيُدِيرُ كَفَّهُ الْأُخْرَى عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى مِرْفَقِهِ، وَيُجْرِيهِ عَلَى رِجْلِهِ، وَيُدِيرُ كَفَّهُ عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى كَعْبِهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِجَرَيَانِهِ بِطَبْعِهِ (و) أَنْ (يَقْتَصِدَ فِي الْمَاءِ) فَلَا يُسْرِفُ فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (و) أَنْ (لَا يَنْقُصَ) الْمَاءُ (فِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ، وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُمَا ثُمَّ أَيْضًا مَعَ زِيَادَةٍ، وَذِكْرُ حُكْمِ الصَّاعِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ (وَ) أَنْ (يَسْتَقْبِلَ) الْقِبْلَةَ فِي وُضُوئِهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) أَنْ (لَا يَلْطِمَ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ) فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَ) أَنْ (يَتَوَقَّى الرَّشَاشَ) فَلَا يَتَوَضَّأُ فِي مَوْضِعٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ رَشَاشُ الْمَاءِ
(وَ) أَنْ (يَقُولَ بَعْدَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) زَادَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك، وَأَتُوبُ إلَيْك) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ، وَصَحَّحَهُ «مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِك إلَى آخِرِهِ كُتِبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَكَسْرِهَا الْخَاتَمُ، وَمَعْنَى لَمْ يُكْسَرْ لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ إبْطَالٌ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَدُعَاءُ الْأَعْضَاءِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ اللَّهُمَّ احْفَظْ يَدِي مِنْ مَعَاصِيك كُلِّهَا، وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك، وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ اعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُسْرَى اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ، وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ كَالْمَاوَرْدِيِّ) وَالْقَفَّالِ وَالْعِمْرَانِيُّ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الْحَدِيثُ وَالنَّصُّ. (قَوْلُهُ فَقَالَ مَحَلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الْأَيْمَنُ بِالْيُمْنَى وَالْأَيْسَرُ بِالْيُسْرَى) لِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ فِيهِمَا كُحْلٌ أَوْ رَمْصٌ فَيَزُولَ بِذَلِكَ وَيَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِمَا
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، وَقَالَ أَنَّهُ الصَّوَابُ ش، وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ الْمُسَمَّى بِالتُّحْفَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ ش.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهَا وَمِنْ كَلَامِ مَنْ أَخَذَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَوَّلِ مَرَّةٍ وَلَوْ كَرَّرَهُ فَحَسَنٌ