الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَازَ حَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا» وَمَعَ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْعِشَاءِ عَتَمَةٌ مَكْرُوهٌ مِنْ غَيْرِهِ.
(وَسُنَنُهُ) أَيْ الطَّوَافِ (ثَمَانٍ: الْأُولَى النِّيَّةُ) فِي طَوَافِ النُّسُكِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا فِيهِ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (تَجِبُ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ شَمَلَتْهُ كَمَا تَشْمَلُ الْوُقُوفَ وَغَيْرَهُ (فَيَصِحُّ طَوَافُ) مُحْرِمٍ (نَائِمٍ مُمَكِّنِ) مَقْعَدَتِهِ مِنْ مَحَلِّهَا (اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْحَجِّ) أَوْ الْعُمْرَةِ (فَلَوْ صَرَفَهَا) الْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ صَرْفُهُ أَيْ الطَّوَافِ (لِغَيْرِهِ) كَطَلَبِ غَرِيمٍ (بَطَلَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طَائِفًا وَيُفَارِقُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْوُقُوفِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ بِرَأْسِهَا بِخِلَافِ الْوُقُوفِ (وَتَجِبُ) النِّيَّةُ (فِي) طَوَافِ (النَّفْلِ) الَّذِي لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ (كَطَوَافِ الْوَدَاعِ) عَلَى الْأَصْلِ فِي وُجُوبِهَا فِي الْعِبَادَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْأَوَّلِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ بِالثَّانِي، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَوْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَجْهَ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَكَطَوَافِ النَّفْلِ الطَّوَافُ الْمَنْذُورُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
(فَرْعٌ وَإِنْ حَمَلَ مُحْرِمًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ مُحْرِمَيْنِ) صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا صَغِيرًا وَالْآخَرَ كَبِيرًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ وَطَافَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَحْمُولٍ (وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ) بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ كَرَاكِبِ دَابَّةٍ إذْ لَا طَوَافَ عَلَى الْحَامِلِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْحَامِلُ نَفْسَهُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْمَحْمُولِ وَقَعَ لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَطُفْ) أَيْ الْمُحْرِمُ الْحَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ) لِعَدَمِ وُقُوعِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرَ عَدَمُ صَرْفِهِ الطَّوَافَ إلَى غَرَضٍ أَخَّرَ، وَقَدْ صَرَفَهُ عَنْهُ إلَيْهِ (فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا) أَيْ نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ (أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَقَعَ لِلْجَامِعِ فَقَطْ) ، وَإِنْ قَصَدَ مَحْمُولُهُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ الطَّائِفُ، وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَلَالًا وَنَوَيَا وَقَعَ لِلْحَامِلِ وَسَوَاءٌ فِي الصَّغِيرِ أَحَمَلَهُ وَلِيُّهُ وَاَلَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَمْ غَيْرُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي فِي حَمْلِ غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا طَافَ رَاكِبًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ بِأَنْ جَعَلَهُ فِي شَيْءٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْأَرْضِ وَجَذَبَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَوَافِ الْآخَرِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهُ وَنَظِيرِهِ مَا لَوْ كَانَ بِسَفِينَةٍ وَهُوَ يَجْذِبُهَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ كِلَيْهِمَا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى خِلَافِهِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ فِي وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ وَنَصَّ الْإِمْلَاءِ فِي وُقُوعِهِ لَهُمَا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَالنَّصَّانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ، وَنَصُّ الْأُمِّ أَقْوَى عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ هُنَا بِخُصُوصِهِ أَظْهَرُ مِنْ نَصَّيْ الْإِمْلَاءِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمْلَاءِ مِنْ وُقُوعِهِ لَهُمَا غَلَطٌ بَلْ الَّذِي فِيهِ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ دُونَ الْمَحْمُولِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ فَكَذَا رُكْنَهُ
(فَائِدَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَحْكَامِ الْمَحْمُولِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ فِيهِمَا يَعْنِي مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ السُّكُونُ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَا الْفِعْلُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا (وَلَوْ طَافَ) مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ (مُعْتَقِدًا أَنَّ إحْرَامَهُ عُمْرَةٌ فَبَانَ حَجًّا وَقَعَ عَنْهُ) كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ طَوَافٌ.
(الثَّانِيَةُ) مِنْ
سُنَنِ الطَّوَافِ
(الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الطَّوَّافَاتُ السَّبْعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَقَوْلُهُ (وَهِيَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ) إيضَاحٌ (فَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بِلَا عُذْرٍ) فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الطَّوَافُ، وَلَوْ فَرَّقَ كَثِيرًا قَالَ الْإِمَامُ وَالْكَثِيرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ فِي كَرَاهَةِ التَّفْرِيقِ فِي الْوُضُوءِ، وَتَقَدَّمَ ثَمَّ إنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُهَا، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ وَسِيلَةٌ فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى التَّفْرِيقِ فِي طَوَافِ الْفَرْقِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مَا تَفْرِيقُهُ بِعُذْرٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَلَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَإِقَامَةُ الْمَكْتُوبَةِ) وَعُرُوضُ حَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (عُذْرٌ) فِي قَطْعِهِ (وَيُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[سُنَن الطَّوَاف]
قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَ مُحْرِمًا صَغِيرًا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْلِ وَاحِدٍ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ الْمَحْمُولَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ) سَوَاءٌ أَنَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَمْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ عَدَمَ صَرْفِهِ الطَّوَافَ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا يَنْصَرِفُ سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ. اهـ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَامِلَ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةَ الْمَحْمُولَةِ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ، وَالْوَاقِعُ لَهُمَا طَوَافُهُمَا لَا طَوَافُهُ كَمَا فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ النَّاوِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) التَّقْيِيدُ بِالْوَلِيِّ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ بَلْ هُوَ وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْجُلُوسِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَلَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ كَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُهَا) قَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ رَدُّهُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ إلَخْ) وَكَذَا السَّعْيُ
لِجِنَازَةٍ أَوْ رَاتِبَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يُقْطَعُ لِنَافِلَةٍ وَلَا لِفَرْضِ كِفَايَةٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَذَا حُكْمُ السَّعْيِ.
(الثَّالِثَةُ الْمَشْيُ فِيهِ) وَلَوْ امْرَأَةٌ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ التَّوَاضُعَ وَالْأَدَبَ فَلَا يَرْكَبُ لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ وَيُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدِمَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طُوفِي وَرَاءَ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةً» وَفِيهِمَا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ رَاكِبًا فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيُسْتَفْتَى» فَلِمَنْ اُحْتِيجَ إلَى ظُهُورِهِ لِلْفَتْوَى أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ (لَكِنْ لَوْ رَكِبَ) بِلَا عُذْرٍ (لَمْ يُكْرَهْ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ شَيْءٌ فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الرُّكُوبِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَلِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِكَرَاهَتِهِ فِي شَرْحِ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ إدْخَالَ الصِّبْيَانِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ لَهُ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ. انْتَهَى وَيُرَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَدَمَ الْكَرَاهَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَرَاهَةَ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَبِأَنَّ إدْخَالَ الْبَهِيمَةِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِحَاجَةِ إقَامَةِ السُّنَّةِ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِهَذَا لَا يُكْرَهُ إدْخَالُ الصَّبِيَّانِ الْمُحْرِمِينَ الْمَسْجِدَ لِيَطُوفُوا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَحُكْمُ طَوَافِ الْمَحْمُولِ عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ كَالرَّاكِبِ فِيمَا ذَكَرَ وَإِذَا كَانَ مَعْذُورًا فَطَوَافُهُ مَحْمُولًا أَوْلَى مِنْهُ رَاكِبًا صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ مِنْ الدَّابَّةِ وَرُكُوبُ الْإِبِلِ أَيْسَرُ حَالًا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ لَوْ طَافَ زَحْفًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حَافِيًا فِي طَوَافِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ وَأُحِبُّ لَوْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَافِيًا أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمَشْيِ لِتَكْثُرَ خُطَاهُ رَجَاءَ كَثْرَةِ الْأَجْرِ لَهُ.
(الرَّابِعَةُ أَنْ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ (بِيَدِهِ) أَوَّلَ طَوَافِهِ (ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُقَبِّلُهُ (وَيَضَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ الشَّيْخَانِ وَفِي الثَّالِثِ الْبَيْهَقِيُّ (وَلِلزَّحْمَةِ) الْمَانِعَةِ مِنْ تَقْبِيلِهِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ (يَسْتَلِمُ) بِيَدِهِ (وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ بِهَا (فَبِعُودٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِ يَسْتَلِمُ (ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) أَيْ مَا اسْتَلَمَ بِهِ فِيهِمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ مَا تَرَكْته مُنْذُ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَعَ أَخْبَارٍ أُخَرَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا مَعَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ بِهِ وَصَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ لَكِنْ خَصَّهُ الشَّيْخَانِ وَمُخْتَصَرُ كَلَامِهِمَا يَتَعَذَّرُ تَقْبِيلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِالْيَدِ) .
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» (لَا بِالْفَمِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلَامَ وَالْإِشَارَةَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (ثُمَّ لَا يُقَبِّلُ) ، وَلَا يَتَسَلَّمُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْحَجَرِ لِذَلِكَ وَلِخُلُوِّهِ عَنْ الْحَجَرِ (نَعَمْ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا نِسْبَةً إلَى الْيَمَنِ وَالْأَلِفُ بَدَلٌ مِنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَزَائِدَةٌ عَلَى الثَّانِي (وَحْدَهُ) أَيْ لَا الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَسَائِرِ مَا عَدَا مَا مَرَّ (وَيُقَبِّلُ يَدَهُ) بَعْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ بِهَا قِيَاسًا عَلَى تَقْبِيلِهَا بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الرُّكْنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْأَسْوَدِ، وَدَلِيلُ اسْتِلَامِهِ دُونَ الشَّامِيَّيْنِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوَافِهِ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ الَّذِينَ يَلِيَانِ الْحَجَرَ، وَأَنَّهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم» كَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ أَيْضًا بِخِلَافِهِمَا فَلِلْأَسْوَدِ فَضِيلَتَانِ كَوْنُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَلِلْيَمَانِيِ الثَّانِيَةُ.
وَلَيْسَ لِلشَّامِيَّيْنِ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَلَا يُسَنُّ فِيهِمَا شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ قَبَّلَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْبَيْتِ أَوْ اسْتَلَمَ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ، وَلَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ هُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَأَيُّ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نَأْمُرُ بِالِاتِّبَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا النَّصُّ غَرِيبٌ مُشْكِلٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ، وَلَا لِفَرْضِ كِفَايَةٍ) ، وَهَذَا يَقْدَحُ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ
(قَوْلُهُ أَنَّ إدْخَالَ الصِّبْيَانِ إلَخْ) وَالْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ) فَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَحْرِيمَ الطَّوَافِ عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ غَلَبَةِ التَّنْجِيسِ وَكَرَاهَتَهُ عِنْدَ عَدَمِهَا فَإِنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِ الْبَهِيمَةِ أَنْ تَكُونَ كَالصِّبْيَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَحْرِيمَ الطَّوَافِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ) يُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْبِيلُ وَالسُّجُودُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ يَسْتَلِمُ بِيَدِهِ) أَيْ الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يُؤْذِ، وَلَمْ يُؤْذَ بِالزِّحَامِ وَيَدَعَ إذَا آذَى أَوْ أُوذِيَ بِالزِّحَامِ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِالْيَدِ) أَيْ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) ثُمَّ يَقْبَلُ مَا أَشَارَ بِهِ.
(وَهَكَذَا) يَفْعَلُ مَا ذُكِرَ (كُلَّ مَرَّةٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ السَّبْعِ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَيْهِ وَمَا عَبَّرَ لَهُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ عَلَى الْحَجَرِ إلَّا فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) فَعَلَ ذَلِكَ (فِي الْأَوْتَارِ) إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كُلَّ مَرَّةٍ (آكَدُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَأَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ، (وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ فِيهِ اسْتِلَامٌ، وَلَا تَقْبِيلٌ) ، وَلَا سُجُودٌ (إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِضَرَرِهِنَّ وَضَرَرِ الرِّجَالِ بِهِنَّ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى وَجَمِيعُ مَا تَقَرَّرَ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي هَذَا الْبَابِ يَأْتِي لِمَوْضِعِهِ لَوْ قُلِعَ مِنْهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
(الْخَامِسَةُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ قَالَ الْأَصْحَابُ فَيَقُولُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَالْأُولَى آكَدُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَقُبَالَةَ الْبَابِ: اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَانِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ أَيْ، وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِيَ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً، وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيَقْصِدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ.
وَهُوَ الْقَصْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ مَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ الطَّوَافُ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْخَيْرِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ، مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلَ (وَهُوَ) أَيْ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ (لَا غَيْرُهُ أَفْضَلُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ (مِنْ الْقِرَاءَةِ) لِلِاتِّبَاعِ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِ فَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ذِكْرٍ، وَالْقُرْآنُ أَفْضَلُهُ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ شَبَّهَ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ، وَالْقِرَاءَةُ أَخَصُّ بِهَا وَلِخَبَرِ «يَقُولُ الرَّبُّ سبحانه وتعالى مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَحَبُّ الْكَلَامِ إلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ اللَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهَا بَدَأْتَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَبُّهُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، أَوْ لِأَنَّ مُفْرَدَاتُهَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْمَأْثُورِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ: اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» .
وَمَا رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَالذُّلِّ وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ.
(السَّادِسَةُ الرَّمَلُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ (لِلذِّكْرِ) ، وَلَوْ صَبِيًّا بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى حَذَرًا مِنْ تَكَشُّفِهِمَا (وَيُسَمَّى) الرَّمَلُ (الْخَبَبُ، وَهُوَ خُطًا مُتَقَارِبَةٌ بِسُرْعَةٍ لَا عَدْوَ) فِيهِ (وَ) لَا (وَثْبَ) وَيَكُونُ (فِي) الْأَطْوَافِ (الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) مُسْتَوْعِبًا بِهِ الْبَيْتَ وَعَطَفَ عَلَى الرَّمَلِ قَوْلُهُ (وَالْمَشْيُ) أَيْ عَلَى الْهِينَةِ (فِي الْأَرْبَعَةِ) الْبَاقِيَةِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ «رَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعَةً» .
لَكِنَّهُ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى حُمَّى يَثْرِبَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى فَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا أَرْبَعًا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ) كَذَا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ يُشِيرُ بِهَذَا إلَى نَفْسِهِ أَيْ هَذَا مَقَامُ الْمُلْتَجِئِ الْمُسْتَعِيذِ بِك مِنْ النَّارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنَاسِكِهِ مَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ عَنْ بَعْضِ مُصَنِّفِي الْمَنَاسِكِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى) ، وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الرَّمَلُ الْخَبَبُ) وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ إلَخْ) فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَالْأَوَّلُ فِي حِجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ فَكَانَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْلَى لِتَأَخُّرِهِ وَإِنَّمَا شُرِعَ الرَّمَلُ مَعَ زَوَالِ سَبَبِهِ، وَهُوَ إظْهَارُ الْقُوَّةِ لِلْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحْضِرُ بِهِ سَبَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظُهُورُ أَمْرِهِمْ فَيَتَذَكَّرُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَاعِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ كَمَا مَرَّ.
وَآكَدُهُ فِي رَمَلِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَفِي مَشْيِهِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزَ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (وَإِنَّمَا يُسَنُّ) الرَّمَلُ (فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ) مَطْلُوبٌ (فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا) لِلِاتِّبَاعِ وَلِانْتِهَائِهِ فِيهِ إلَى تَوَاصُلِ الْحَرَكَاتِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِذَلِكَ (وَالرَّمَلُ لَا يُقْضَى) فَلَوْ تَرَكَهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لَا يَقْضِيهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا الْهِينَةُ فَلَا تُغَيَّرَ كَالْجَهْرِ لَا يُقْضَى فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ لَوْ تَرَكَهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَاَلَّذِي سَعَى بَعْدَهُ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ إذْ السَّعْيُ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ.
(فَرْعٌ الْقُرْبُ مِنْ الْبَيْتِ مُسْتَحَبٌّ) لِلطَّائِفِ تَبَرُّكًا بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ نَعَمْ إنْ تَأَذَّى بِالزِّحَامِ أَوْ آذَى غَيْرَهُ فَالْبُعْدُ أُولَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ أَخِرِهِ فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامَ، وَلَوْ بِالزِّحَامِ. انْتَهَى، وَقَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْأَخِيرِ التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءُ بِالزِّحَامِ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَلَطٌ قَبِيحٌ وَحَاصِلُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ يَتَوَقَّى التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءَ بِالزِّحَامِ مُطْلَقًا وَيَتَوَقَّى الزِّحَامَ الْخَالِي عَنْهُمَا إلَّا فِي الِابْتِدَاءِ وَالْأَخِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِي مَعَ الْقُرْبِ الِاحْتِيَاطَ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالِاحْتِيَاطُ الْإِبْعَادُ عَنْ الْبَيْتِ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ وَالْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ الطَّوَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ هَذَا كُلُّهُ لِلذَّكَرِ، أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَا فِي حَالِ طَوَافِ الذُّكُورِ بَلْ يَكُونَانِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ بِحَيْثُ لَا يُخَالِطَانِ الذُّكُورَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقُرْبِ (الرَّمَلُ) لِزَحْمَةٍ، وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً (تَبَاعَدَ) وَرَمَلَ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ شِعَارٌ مُسْتَقِلٌّ وَلِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكَانِهَا وَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى بِدَلِيلِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْبُعْدُ الْمُوجِبُ لِلطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَالْمَقَامُ مَكْرُوهٌ، وَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَخْشَ مُلَامَسَةَ النِّسَاءِ) مَعَ التَّبَاعُدِ (فَإِنْ خَشِيَهَا)(تَرَكَهُ) أَيْ التَّبَاعُدَ وَالرَّمَلَ فَالْقُرْبُ حِينَئِذٍ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى تَحَرُّزًا عَنْ مُلَامَسَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ، وَتَعَذَّرَ الرَّمَلُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ لِخَوْفِ الْمُلَامَسَةِ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، أَمَّا إذَا رَجَا فُرْجَةً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقِفَ لِيَرْمُلَ إنْ لَمْ يُؤْذِ بِوُقُوفِهِ أَحَدًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيَتَحَرَّكُ) نَدْبًا (فِي مَشْيِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّمَلِ وَالسَّعْيِ) الشَّدِيدِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ وَالسَّعْيُ رَمَلَ وَسَعَى تَشَبُّهًا بِمَنْ يَرْمُلُ وَيَسْعَى (وَيَرْمُلُ الْحَامِلُ) بِمَحْمُولِهِ نَدْبًا (وَيُحَرِّكُ الْمَحْمُولُ دَابَّتَهُ) كَذَلِكَ لِمَا قُلْنَا.
(السَّابِعَةُ الِاضْطِبَاعُ) مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الْعَضُدُ (وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَيَكْشِفَهُ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ (وَ) يَجْعَلَ (طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ لِلذَّكَرِ) لَا لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (سُنَّةٌ فِي طَوَافٍ فِيهِ رَمَلٌ وَفِي السَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (أَيْضًا)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدَيْتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقِيسَ بِالطَّوَافِ السَّعْيُ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرَارِهَا سَبْعًا وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الطَّوَافُ الَّذِي لَا رَمَلَ فِيهِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمُصَرَّحِ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ (لَا) فِي (رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ اضْطِبَاعٌ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِيهِ وَلِكَرَاهَةِ الِاضْطِبَاعِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهِمَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ
(الثَّامِنَةُ رَكْعَتَانِ عَقِبَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ إلَخْ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا وَمَشَوْا أَرْبَعًا» .
(قَوْلُهُ وَحَاصِلُ نَصِّ الْأُمِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ) وَالزَّعْفَرَانِيُّ