الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» أَيْ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ وَلِيَكُونَ إعْلَامُهُ بِالتَّوْحِيدِ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ إلَى الدُّنْيَا كَمَا يُلَقَّنُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ طَرْدِ الشَّيْطَانِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ وَفِي مُسْنَدِ أَبِي رَزِينٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ» وَالْمُرَادُ أُذُنُهُ الْيُمْنَى (وَ) أَنْ (يَقُولَ) فِي أُذُنِهِ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ أُعِيذُهَا بِك وَذُرِّيَّتَهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا عَلَى سَبِيلِ التِّلَاوَةِ أَوْ التَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْآيَةِ بِتَأْوِيلِ إرَادَةِ التَّسْمِيَةِ (وَأَنْ يُحَنَّكَ) الْوَلَدُ (بِتَمْرٍ يُمْضَغُ) وَيُدَلَّكَ بِهِ حَنَكُهُ وَيُفْتَحَ فَمُهُ حَتَّى يَدْخُلَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمْرٌ (فَبِحُلْوٍ) يُحَنِّكُهُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِابْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِين وُلِدَ وَتَمَرَاتٍ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ الرُّطَبُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَنِّكُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فَامْرَأَةٌ صَالِحَةٌ (وَ) أَنْ (يُهَنَّأَ بِهِ الْوَالِدُ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي الْمَوْهُوبِ لَك وَشَكَرْت الْوَاهِبَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْت بِرَّهُ وَأَنْ يَرُدَّ هُوَ عَلَى الْمُهَنِّئِ فَيَقُولُ: بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك أَوْ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ رَزَقَك اللَّهُ مِثْلَهُ أَوْ أَجْزَلَ اللَّهُ ثَوَابَك وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَ) أَنْ (تُعْطَى الْقَابِلَةُ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُعْطَاهُ نِيئًا.
(وَلَا يُكْرَهُ الْفَرَعُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَهُوَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدٍ لِلْبَهِيمَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَهِيَ تَخْصِيصُ أَوَّلِ عَشْرٍ مِنْ رَجَبٍ بِالذَّبْحِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ» وَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بِمَا قَالَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ، وَإِلَّا فَفِي الْأَصْلِ الْفَرَعُ أَوَّلُ نِتَاجِ الْبَهِيمَةِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ، وَلَا يَمْلِكُونَهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الْأُمِّ وَكَثْرَةِ نَسْلِهَا، وَالْعَتِيرَةُ ذَبِيحَةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ وَيُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الذَّبْحِ لِآلِهَتِهِمْ أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْوُجُوبِ أَوْ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَوْ فِي ثَوَابِ إرَاقَةِ الدَّمِ فَأَمَّا تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَصَدَقَةٌ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا.
[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا وَأَنْ يَكْتَحِلَ وِتْرًا]
(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا) بِكَسْرِ الْغَيْنِ أَيْ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ بِحَيْثُ يَجِفُّ الْأَوَّلُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي سُنَنِهِ الصِّحَاحِ وَقَدْ «نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ الِادِّهَانِ إلَّا غِبًّا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَ) أَنْ (يَكْتَحِلَ وِتْرًا لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةٌ) كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ خَبَرَ «مَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ» (وَ) أَنْ (يُقَلِّمَ الظُّفْرَ وَيَنْتِفَ الْإِبْطَ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ (وَيَحْلِقَ الْعَانَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مِنْ الْفِطْرَةِ خَمْسٌ: الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ» ؛ وَلِأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْلِيمِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِسْبَحَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهَا الْأَشْرَفُ إذْ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ فِي التَّشَهُّدِ، ثُمَّ بِالْوُسْطَى لِكَوْنِهَا عَلَى يَمِينِ الْمِسْبَحَةِ إذَا تُرِكَتْ الْيَدُ عَلَى جِبِلَّتِهَا مَبْسُوطَةَ الْكَفِّ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ، ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ، ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى، ثُمَّ بِبِنْصِرِهَا، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ السَّبَّابَةِ، ثُمَّ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ إبْهَامِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ فِي حُكْمِ حَلْقَةٍ فَيَقْضِي تَرْتِيبُ الدُّورِ الذَّهَابَ عَلَى مَا ذُكِرَ، ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا إلَى أَنْ يَخْتِمَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى كَمَا فِي تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِمَا فِي الْوُضُوءِ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا فِي تَأْخِيرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّمَهَا بَعْدَ خِنْصَرِ الْيُمْنَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْيُسْرَى.
(وَيَجُوزُ الْعَكْسُ) أَيْ حَلْقُ الْإِبْطِ وَنَتْفُ الْعَانَةِ وَيَكُونُ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَالْعَانَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ الْفَرْجِ وَقِيلَ: حَوْلَ الدُّبُرِ وَالْأَوْلَى حَلْقُهُمَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَالسُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ حَلْقُهَا، وَفِي الْمَرْأَةِ نَتْفُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى مِثْلُهَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ نَتْفُ الْأَنْفِ وَعَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَصُّهُ وَيُكْرَهُ نَتْفُهُ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ (وَ) أَنْ (يَقُصَّ الشَّارِبَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ (عِنْدَ الْحَاجَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ حَدَّ الشَّفَةِ) بَيَانًا ظَاهِرًا (وَيُكْرَهُ الْإِحْفَاءُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِلَفْظِ، وَلَا يُحْفِيهِ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْأَمْرِ بِحَفِّ الشَّوَارِبِ مَحْمُولٌ عَلَى حَفِّهَا مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ. اهـ.
وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالصَّيْمَرِيِّ اسْتِحْبَابَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ إنَّ السُّنَّةَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْحَلْقُ، وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصًّا وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَبِحُلْوٍ يُحَنِّكُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ التَّحْنِيكَ مُخْتَصٌّ بِالصِّبْيَانِ فَلَمْ يَجِئْ فِي السُّنَّةِ تَحْنِيكُ الْإِنَاثِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ يُفْهِمُ تَخْصِيصَ التَّحْنِيكِ بِالصِّبْيَانِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ خَصَّصَهُ بِهِمْ. اهـ. إنَّمَا كَانُوا يَحْمِلُونَ الصِّبْيَانَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِاعْتِنَائِهِمْ بِهِمْ دُونَ الْإِنَاثِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَنِّكُونَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الذُّكُورِ غ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ، ثُمَّ قَالَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
وَالرَّبِيعِ كَانَا يَحْفَيَانِ شَوَارِبَهُمَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ عَنْهُ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَزَعَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ قَيْدٌ فِي الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ خِلَافَهُ (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (عَنْهَا) أَيْ الْحَاجَةِ (وَ) تَأْخِيرُهَا (إلَى بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَشَدُّ) كَرَاهَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ أَنَسًا قَالَ وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ «وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بَدَلَ لَيْلَةً» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنَّهُمْ لَا يُؤَخِّرُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَإِنْ أَخَّرُوهَا فَلَا يُؤَخِّرُونَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى الْأَرْبَعِينَ.
(وَ) أَنْ (يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيمِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ، وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَالِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ وَالْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ» (وَ) أَنْ يَغْسِلَ (مَعَاطِفَ الْآذَانِ وَصِمَاخَهَا) فَيُزِيلَ مَا فِيهِ مِنْ الْوَسَخِ بِالْمَسْحِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُزِيلُهُ بِالْغَسْلِ (وَكَذَلِكَ الْأَنْفُ) فَيَغْسِلُ دَاخِلَهُ تَنْظِيفًا لَهُ كَالْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ (تَيَامُنًا فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْمَذْكُورَاتِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا.
(وَأَنْ يُخَضِّبَ الشَّيْبَ) أَيْ الشَّعْرَ الشَّائِبَ (بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ فَعَلَهُ تَشَبُّهًا بِالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَمُتَّبِعِي السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ صَحِيحَةٍ كُرِهَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَهُوَ) أَيْ خِضَابُ الشَّيْبِ (بِالسَّوَادِ حَرَامٌ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ رضي الله عنه يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ وَالثَّغَامَةَ» بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ لَهُ ثَمَرٌ أَبْيَضُ وَعَبَّرَ مَعَ هَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْغَزَالِيِّ بِالْكَرَاهَةِ، وَكَذَا عَبَّرَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ قَالَ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (إلَّا لِلْمُجَاهِدِ) فِي الْكُفَّارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ بِإِظْهَارِ الشَّبَابِ وَالْقُوَّةِ.
(وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ) وَنَحْوِهِ (لِلرَّجُلِ حَرَامٌ) لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي بَابَيْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ احْتِيَاطًا
(وَيُسْتَحَبُّ فَرْقُ الشَّعْرِ) أَيْ شَعْرِ الرَّأْسِ (وَتَرْجِيلُهُ) أَيْ تَمْشِيطُهُ بِمَاءٍ أَوْ دُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُلَيِّنُهُ وَيُرْسِلُ ثَائِرَهُ وَيَمُدُّ مُنْقَبِضَهُ (وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ» .
(وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي أَبِي دَاوُد أَنَّهُ زِيُّ الْيَهُودِ، وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: حَلْقُ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَأَمَّا حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَنْ أَرَادَ التَّنْظِيفَ، وَلَا بِتَرْكِهِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْهُنَهُ وَيُرَجِّلَهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ فِيهِ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْقَزَعِ وَقَالَ لِيَحْلِقْهُ كُلَّهُ أَوْ لِيَدَعْهُ كُلَّهُ» قَالَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُكْرَهُ لَهَا حَلْقُ رَأْسِهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ.
(وَ) يُكْرَهُ (نَتْفُهَا) أَيْ اللِّحْيَةِ أَوَّلَ طُلُوعِهَا إيثَارًا لِلْمُرُودَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ (وَنَتْفُ الشَّيْبِ) لِمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَاسْتِعْجَالُهُ) أَيْ الشَّيْبِ (بِالْكِبْرِيتِ) أَوْ غَيْرِهِ طَلَبًا لِلشَّيْخُوخَةِ وَإِظْهَارًا لِعُلُوِّ السِّنِّ لِأَجْلٍ الرِّيَاسَةِ (وَنَتْفُ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَ) جَانِبَيْ (شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَتَشْعِيثُهَا) إظْهَارًا لِلزُّهْدِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِنَفْسِهِ (وَتَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ) لِلتَّزَيُّنِ وَالتَّصَنُّعِ (وَالنَّظَرُ فِي سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إعْجَابًا) وَافْتِخَارًا (وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِذَارَيْنِ مِنْ الصُّدْغِ وَالنَّقْصُ مِنْهَا) لِئَلَّا يُغَيِّرَ شَعْرَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا طَالَ مِنْ اللِّحْيَةِ فَقِيلَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبِضَ عَلَيْهَا وَيَقُصَّ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَلِخَبَرِ: أَعْفُوا اللِّحَى قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى تَقْصِيصِهَا وَتَدْوِيرِهَا مِنْ الْجَوَانِبِ فَإِنَّ الطُّولَ الْمُفْرِطَ قَدْ يُشَوَّهُ الْخِلْقَةَ (، وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ سِبَالَيْهِ) ، وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا يَرُدُّ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «قُصُّوا سَبَالَاتِكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» .
(وَيُسْتَحَبُّ لِوَلَدِهِ وَتِلْمِيذِهِ وَغُلَامِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ) رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) قَالَ شَيْخُنَا ذِكْرُ الْوَالِدِ فِي شَرْحِهِ لِلزَّيْدِ جَوَازُهُ لِلْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ نَتْفُهَا) أَيْ اللِّحْيَةِ إلَخْ وَمِثْلُهُ حَلْقُهَا فَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَتَهُ، وَلَا حَاجِبَيْهِ ضَعِيفٌ