الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ) فَرَشَهُ (عَلَى ثَوْبٍ حَرِيرٍ) وَمَاسَّهُ (فَفِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَرْعٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ الزِّبْلِ (، وَالْمَجْزَرَةِ) بِفَتْحِ الزَّاي مَوْضِعُ جَزْرِ الْحَيَوَانِ أَيْ ذَبْحِهِ (وَالطَّرِيقِ) فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ (وَالْحَمَّامِ وَكَذَا مَسْلَخَةٌ) الْأَوْلَى وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ (وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُنَحَّى إلَيْهَا الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لِتَشْرَبَ هِيَ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُرَاحُهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَأْوَاهَا لَيْلًا (لَا مُرَاحُ الْغَنَمِ) فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ (وَ) تُكْرَهُ (فِي الْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا مُرَاحِ الْإِبِلِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ نَجَاسَتُهَا فِيمَا يُحَاذِي الْمُصَلِّيَ وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهَا وَقَطْعُ الْخُشُوعِ وَفِي الْحَمَّامِ أَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ اسْتِعْلَاؤُهُ عَلَيْهَا وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِهَا نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا مِنْ مِثْلِ عَطَنِ الْإِبِلِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي مُرَاحِهَا إذْ نِفَارُهَا عِنْدَ الصُّدُورِ مِنْ الْمَنْهَلِ أَقْرَبُ لِاجْتِمَاعِهَا وَازْدِحَامِهَا وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَقَابِرِ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا بَاطِلٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا النَّجَاسَةُ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ (ثُمَّ مَا كَانَ نَجِسًا مِنْ ذَلِكَ كَالْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) مَا لَمْ يَحُلْ طَاهِرٌ (وَإِذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي نَبْشِهَا، أَوْ فِي النَّجَسِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ.
(فَإِنْ بَسَطَ) شَيْئًا (عَلَى نَجَسٍ وَصَلَّى) عَلَيْهِ (كُرِهَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَقْبَرَةِ.
(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْكَنَائِسِ، وَالْبِيَعِ، وَالْحُشُوشِ) أَيْ الْأَخْلِيَةِ (وَمَوْضِعِ الْخَمْرِ) شُرْبًا وَغَيْرَهُ (وَالْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا مِنْ) مَوَاضِعِ (الْمَعَاصِي) كَالْقِمَارِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْحَمَّامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) وَمَنْ مَعَهُ (عَنْ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَالَ اُخْرُجُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيْطَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ فَوَاتَهَا بِلَا كَرَاهَةٍ.
(وَ) يُكْرَهُ (اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَيُسْتَثْنَى قَبْرُهُ صلى الله عليه وسلم فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي غَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ.
(فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ (وَلَوْ عَرِقَ) مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ، وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ، وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا (لَا إنْ لَاقَى) الْأَثَرُ (رَطْبًا آخَرَ) فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى مُلَاقَاتِهِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِرَطْبًا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَاءٍ.
(وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا، أَوْ مَا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ) أُخْرَى (مَعْفُوٌّ عَنْهَا) كَثَوْبٍ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ حَيَوَانًا مُتَنَجِّسَ الْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا (، لَكِنْ لَوْ دَخَلَ هَذَا الْحَيَوَانُ) أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ (مَاءً) قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا آخَرَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَخَرَجَ حَيًّا (عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ) فِي تَجَنُّبِهِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْع الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ]
(قَوْلُهُ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ إلَخْ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا وَأَنَّ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهَا ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: وَالْحَمَّامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ فَعَلَهَا فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ الْوُجُودُ وَيَطَّرِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُلِّ مَكَان تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَمُرَاحُهَا) أَيْ وَمَوَاضِعُهَا كُلُّهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ إلَخْ) وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْكِفَايَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ع الصَّوَابُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِفَايَةِ كَرَاهَتُهَا حَيْثُ وُجِدَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَمَّا فِي الشُّغْلِ وَحْدَهُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا وَأَمَّا فِي غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي طُرُقِ الْبَوَادِي النَّائِيَةِ الَّتِي يَنْدُرُ فِيهَا الْمُرُورُ لِفَقْدِ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ) ، وَالْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَعُرِضَ عَلَى وَالِدِهِ فَصَوَّبَهُ. اهـ
وَلَا يُشْكِلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ الْأَعَمِّ ش (قَوْلُهُ: قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَقْبَرَةُ الشُّهَدَاءِ
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا) أَيْ يَحْرُمُ التَّوَجُّهُ إلَى رَأْسِهِ.
[فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ فِي الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ: يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يُعْفَى حَالَ الصَّلَاةِ عَنْ نَجَاسَةِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا إلَخْ) وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ حَمَلَ مَاءً قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَقُلْنَا لَا تُنَجِّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ع (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ) فِي التَّقْيِيدِ بِمُتَنَجِّسٍ مَنْفَذُهُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ مَنَافِذَ الثَّلَاثَةِ نَجِسَةٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَعَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ نَجَسٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَفْوِ
حَمَلَ حَيَوَانًا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِي بَاطِنِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ «؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِهِ زَيْنَبَ فِي صَلَاتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتَبْطُلُ إنْ حَمَلَ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا وَإِنْ غَسَلَ) الدَّمَ عَنْ الْمَذْبَحِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالظَّاهِرَةِ (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا إنْ حَمَلَ (آدَمِيًّا) ، أَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا (مَيِّتًا وَبَيْضَةً) مَذِرَةً (وَعِنَبًا فِي بَاطِنِهِمَا دَمٌ وَخَمْرٌ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ (كَقَارُورَةٍ خُتِمَتْ عَلَى دَمٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ (وَلَوْ بِرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّ حَمْلَهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ ذَلِكَ عَارِضٌ.
(وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ طِينِ الشَّوَارِعِ النَّجَسِ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْكِلَابُ؛ لِأَنَّ الشَّوَارِعَ مَعْدِنُ النَّجَاسَاتِ (، وَالْقَلِيلُ مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ إلَى سَقْطَةٍ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (أَوْ كَبْوَةٍ) عَلَى وَجْهِهِ (أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ) وَهُوَ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ وَبِمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَخَرَجَ بِالنَّجَسِ غَيْرُهُ فَطَاهِرٌ، وَإِنْ ظُنَّ نَجَاسَتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.
(وَلَا يُجْزِئُ) فِي الطَّهَارَةِ (دَلْكُ خُفٍّ) ، أَوْ نَعْلٍ (تَنَجَّسَ بِأَرْضٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَالثَّوْبِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «إذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَذًى فَلْيَدْلُكْهُ فِي الْأَرْضِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَقْذَرِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِدَلْكِ خُفٍّ.
(وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَبَقٍّ وَقَمْلٍ (وَ) قَلِيلِ (وَنِيمُ الذُّبَابِ) أَيْ رَوْثِهِ (وَ) قَلِيلِ (بَوْلِ الْخُفَّاشِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ. (وَ) قَلِيلِ (دَمِ بَثَرَاتِ الْمَرْءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (وَإِنْ عَصَرَهَا وَ) دَمِ (دَمَامِلِهِ وَقَيْحِهَا وَصَدِيدَهَا) وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِمَا ذُكِرَ.
(وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ وَلَوْ بِعَرَقِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهَا بِغَالِبِهَا كَالتَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلِلْحَرَجِ فِي تَمْيِيزِ الْكَثِيرِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فِي مَلْبُوسِهِ) أَيْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَلَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ فِي كُمِّهِ، أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ لَبِسَهُ وَكَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَثِيرِ الْعَصْرُ قَصْدًا فَلَا يُعْفَى عَنْهُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ وَقَعَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي حُكِمَ بِتَنَجُّسِهِ قَالَ وَالْعَفْوُ جَارٍ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَافًّا فَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَبَدَنُهُ رَطْبٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَبِالْأَوَّلِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا كَانَتْ الرُّطُوبَةُ بِمَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْعَرَقِ (وَ) عَنْ (دَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) مِنْ نَفْسِهِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِيهِمَا وَفِي الدَّمَامِيلِ، وَالْجُرُوحِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ فَصَحَّحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى طُهْرِ التَّيَمُّمِ لِمَا مَرَّ فِيهِ (وَ) عَنْ (قَلِيلِ دَمِ) الْأَجْنَبِيِّ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا (وَ) عَنْ قَلِيلِ (قَيْحِهِ) ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْعَفْوُ فَيَقَعُ الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ (لَا) عَنْ (الْكَثِيرِ) مِنْهُ (فِي الْعُرْفِ) أَمَّا دَمُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِ حُكْمِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ الْكَائِنُ بِجُرْحِهِ (عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِ الزَّائِدِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَنْهَا وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِهَا (صَلَّى) فَرْضَهُ لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) وُجُوبًا (وَالْقَلِيلُ) فِيمَا ذُكِرَ (مَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ) بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَالرُّجُوعُ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ فِي الْكَثِيرِ، وَهَذَا فِي الْقَلِيلِ وَذَكَرُوا لِذَلِكَ تَقْرِيبًا فِي طِينِ الشَّارِعِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، وَالْبِلَادِ) وَنَحْوِهَا فَقَدْ يَكْثُرُ دَمُ الْبَرَاغِيثِ مَثَلًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَمَكَانٍ دُونَ مَكَان فَيَجْتَهِدُ الْمُصَلِّي فِيهِ (وَلِلْمَشْكُوكِ فِي كَثْرَتِهِ حُكْمُ الْقَلِيلِ) فَيُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ.
(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ مَعَ جُدَرِيٍّ وَلَوْ يَبِسَتْ عَلَى مِدَّتِهِ (جِلْدَتُهُ) بِكَسْرِ الْمِيم مَا يَجْتَمِعُ فِي الْجُرْحِ مِنْ الْقَيْحِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَإِذَا عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِنَجَاسَةٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ مَكَانِهِ (أَوْ خَرْقٍ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) بَعْدَهَا (فِي ثَوْبِهِ) السَّاتِرِ لِعَوْرَتِهِ (أَعَادَ صَلَاتَهُ) وُجُوبًا.
(وَمَاءُ الْقُرُوحِ طَاهِرٌ) كَالْعَرَقِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِعَدَمِ التَّغْيِيرِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ نَجَاسَةُ الشَّارِعِ كَلْبِيَّةً فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّدِيدُ مَاءٌ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ دَمٌ مُخْتَلِطٌ بِقَيْحٍ د (قَوْلُهُ فِي مَلْبُوسِهِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ نَامَ فِي ثِيَابِهِ وَكَثُرَ فِيهَا دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُ فِي ثِيَابِهِ مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي نَوْمِهِ فِي ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّعَرِّي عِنْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ: وَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجَسٍ فَقَالَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ) مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ مِنْ دَمِ الْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ وَالدَّمَامِيلِ، وَالْقُرُوحِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْقَلِيلُ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ) وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ د وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَدْرَكَهُ وَقَالَ إنَّهُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ جُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَهُ الْقَاضِي د.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرْقٌ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ)