الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّجَرِ مِنْ سَائِرِ النَّبَاتِ (فَلَا يَحْرُمُ الْيَابِسُ) أَيْ قَطْعُهُ، وَلَا قَلْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَابِتًا فِي الْحَرَمِ بَلْ مَغْرُوزٌ فِيهِ وَكَمَا لَوْ قَدَّ صَيْدًا مَيِّتًا (وَلَا ذُو الشَّوْكِ) كَعَوْسَجٍ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُرُورُ كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي وَفِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي نُكَتِهِ يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ «، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا» قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ الْمُؤْذِي أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِلْقَائِلِ بِالْمَذْهَبِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الشَّوْكَ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ التَّخْصِيصُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّوْكَ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ وَالْقَصْدُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُؤْذِي
(وَإِنْ غُرِسَتْ شَجَرَةٌ حَرَمِيَّةٌ فِي الْحِلِّ أَوْ حِلِّيَّةٌ فِي الْحَرَمِ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحُرْمَةُ عَنْهَا) فِي الْأُولَى (وَلَا إلَيْهَا) فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ إذْ لِلشَّجَرِ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَاعْتُبِرَ مَنْبَتُهُ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَاعْتُبِرَ مَكَانُهُ (وَلَا تُضْمَنُ الْحَرَمِيَّةُ) الْمَنْقُولَةُ مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْحِلِّ (إنْ نَبَتَتْ) فِيهِ (بَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَرَمِ إنْ نَقَلَهَا إلَى الْحِلِّ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا نَقَلَهَا إلَى الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ نَبَتَتْ مَا لَمْ يُعِدْهَا إلَى الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْإِيذَاءِ بِوَضْعِهَا فِي الْحِلِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَزَالَ امْتِنَاعَ الصَّيْدِ (وَمَنْ قَلَعَهَا) مِنْ الْحِلِّ (ضَمِنَهَا) إبْقَاءً لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا كَمَا فِي الْغَصْبِ أَمَّا إذَا لَمْ تَنْبُتْ فَيَضْمَنُهَا نَاقِلُهَا مُطْلَقًا (وَلَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ) إذَا قَطَعَهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَيَضْمَنُ صَيْدًا) قَتَلَهُ (فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ الْغُصْنِ نَظَرًا إلَى مَكَانِهِ (وَحُكْمُ عَكْسِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْغُصْنِ فِي الْحَرَمِ وَالْغُصْنُ فِي الْحِلِّ وَالصَّيْدُ فَوْقَهُ (عَكْسُ حُكْمِهِ) أَيْ يَضْمَنُ الْغُصْنَ كَمَا يَضْمَنُ الْأَصْلَ، وَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ قَالَ الْفُورَانِيُّ، وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ (وَتَحْرُمُ شَجَرَةٌ) أَيْ قَطْعُ شَجَرَةٍ (أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ (وَلَا ضَمَانَ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْمُؤْذِيَةِ) لِلنَّاسِ (فِي الطَّرِيقِ) كَمَا فِي قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (أَخَذَ غُصْنًا) مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ (فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا) كَالسِّوَاكِ (فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ (وَجَبَ) الضَّمَانُ وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ جَرْحِ الصَّيْدِ (ثُمَّ) بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ (إذَا أَخْلَفَ) مِثْلَهُ (لَمْ يَسْقُطْ) ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْغُصْنُ لَا يَخْلُفُ عَادَةً، وَإِلَّا فَهُوَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ أَشْبَهُ فَلَا ضَمَانَ قَالَ: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَشِيشِ (وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِهَا) أَيْ الْأَشْجَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ نَقْصًا (بِلَا خَبْطٍ كَيْ لَا يَضُرَّ بِهَا) وَخَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَنَقَلَ مَا يُؤَيِّدُهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ.
[فَرْعٌ فِي قَطْعِ أَوْ قَلَعَ الشَّجَرَةِ الْحَرَمِيَّةِ الْكَبِيرَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ]
(فَرْعٌ فِي) قَطْعِ أَوْ قَلَعَ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (- بَقَرَةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِتَوْقِيفٍ سَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا. قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ بَدَنَةً قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ، وَلَا عَنْ الشَّاةِ انْتَهَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ رَاعَوْا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصَّيْدِ بِخِلَافِهَا هُنَا (تَخْيِيرًا وَتَعْدِيلًا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَالتَّعْدِيلِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ (كَالصَّيْدِ وَفِي) الشَّجَرَةِ (الصَّغِيرَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ سُبُعِهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) تَخْيِيرًا وَتَعْدِيلًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي التَّضْحِيَةِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الدِّمَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّوْكَ يَتَنَاوَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَدْ يُقَالُ: الْمُبَاحُ قَطْعُ نَفْسِ الشَّوْكِ وَاَلَّذِي فِي الْحَدِيثِ قَطْعُ نَفْسِ الشَّجَرَةِ وَقَدْ قَالُوا يَجُوزُ قَطْعُ غُصْنِ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ انْتَشَرَ إلَى الطَّرِيقِ وَمَنَعَ الْمُرُورَ وَأَضَرَّ بِالْمَارَّةِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْفُورَانِيُّ، وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةً إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ قَالَ أَئِمَّتُنَا: إنَّ مَنْ أَدْخَلَ نَوَاةً الْحَرَمَ أَوْ قَضِيبًا حُلِيًّا فَغَرَسَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلِقَ وَبَسَقَ لَمْ يَصِرْ شَجَرَةً حَرَمِيَّةً قَالَ فِي الْبَيَانِ وَذَكَرَ الْمَسْعُودِيُّ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ شَجَرِ الْحَرَمِ أَوْ نَوَاةً فَغَرَسَهَا فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ لَهَا حُرْمَةُ الْأَصْلِ.
[فَرْعٌ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ وَهُوَ مُحْرِم]
(قَوْلُهُ فِي قَطْعٍ أَوْ قَلْعٍ إلَخْ) الْمَعْرُوفُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَطْعِهَا وَقَلْعِهَا (قَوْلُهُ الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ إلَخْ) الْكَبِيرَةُ فِيمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الَّتِي أَخَذَتْ حَدَّهَا فِي النُّمُوِّ وَالْكِبَرِ وَانْتِشَارِ الْعُرُوقِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الْمُرَادُ صَغِيرَةُ الْجِنْسِ وَكَبِيرَتُهُ وَإِنْ صَغُرَ جِرْمُهَا أَوْ كَبُرَ أَوْ الْمُرَادُ الْجِرْمُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بِالثَّانِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ ثَمَّ إلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الصُّورَةِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ مَعَهَا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الْبَقَرَةَ تُجْزِئُ فِي الشَّجَرَةِ الصَّغِيرَةِ فِيمَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ إنَّ الْبَقَرَةَ لَا بُدَّ مِنْ إجْزَائِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوا الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ وَالْبَقَرَةَ الْمُقَابَلَةِ بِسَبْعِ شِيَاهٍ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الْأُضْحِيَّةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ صَغِيرَةُ الْجِنْسِ وَكَبِيرَتُهُ وَإِنْ صَغُرَ جِرْمُهَا أَوْ كَبُرَ أَوْ الْمُرَادُ الْجِرْمُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بِالثَّانِي
وَمَا ذَكَره كَأَصْلِهِ فِي ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ فَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ.
ثُمَّ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (وَإِنْ نَقَصَتْ) عَنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمَضْمُونَةُ بِشَاةٍ مَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ (وَيَحْرُمُ قَطْعُ) وَقَلْعُ (حَشِيشِهِ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ (الْأَخْضَرِ وَقَلْعِ يَابِسِهِ) إنْ لَمْ يَمُتْ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ كَمَا فِي الشَّجَرَةِ، فَلَوْ قَلَعَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْلَعْهُ لَنَبَتَ ثَانِيًا (فَلَوْ أَخْلَفَ مَا قَطَعَهُ) مِنْ الْأَخْضَرِ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا الْإِخْلَافُ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْعُورِ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ (وَيَجُوزُ رَعْيُهُ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بِالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ فَوَجَدْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَدَخَلْت فِي الصَّفِّ وَأَرْسَلْت الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَمِنًى مِنْ الْحَرَمِ (وَكَذَا قَطْعُهُ لِلْبَهَائِمِ وَالتَّدَاوِي) كَالْحَنْظَلِ وَالتَّغَذِّي كَالرِّجْلَةِ وَالْبَقْلَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ، وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّعَامِ الَّذِي أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ قُيِّدَ بِوُجُودِهَا كَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ (وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ) أَخْذُهُ لِلتَّسْقِيفِ وَغَيْرِهِ لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِالشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ الزَّرْعُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِيهِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ: كَلَأٌ وَعُشْبٌ.
(فَرْعٌ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ) لِحُرْمَتِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْحَرَمِ (لَا مَاءُ زَمْزَمَ) فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى الْحِلِّ بَلْ، وَلَا يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاسْتِخْلَافِهِ «؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَهْدَاهُ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَعَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْقُلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ تَبَرُّكًا وَحَكَاهُ عَنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (وَعَكْسُهُ) ، وَهُوَ نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ (مَكْرُوهٌ) كَذَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْدُثَ لَهَا حُرْمَةٌ لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ: مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ.
(وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ وَ) أَخْذُ (سُتُرِهَا) وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمَا شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ (فَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ) بِهَا فِي طِيبٍ (مَسَحَهَا بِطِيبِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ فَرَّقَ الْإِمَامُ سُتْرَتَهَا جَازَ) تَفْرِيقُهَا (بِالْبَيْعِ وَالْعَطَاءِ وَيَصْرِفُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ قَالَ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهَا لُبْسَهَا، وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْوَقْفِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالًا أَحَدُهَا - أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِي مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا وُقِفَتْ فَلَا يَتَعَقَّلُ عَالِمٌ جَوَازَ صَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ غَيْرِ الْكَعْبَةِ ثَانِيهَا - أَنْ يُمَلِّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا إلَى مَصَالِحِهَا ثَالِثُهَا - أَنْ يُوقَفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ رِيعُهُ وَيُكْسَى بِهِ الْكَعْبَةُ كَمَا فِي عَصْرِنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِلَادًا قَالَ وَقَدْ تَلَخَّصَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْ النَّاظِرُ تِلْكَ الْكِسْوَةَ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْغَالِبُ عَدَمُ مُتَابَعَةِ النَّوَوِيِّ فِيمَا يَجْزِمُ بِهِ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَلَعَلَّهُ فَعَلَهُ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُعْلَفُ بِهِ) أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ بِالْإِجْمَاعِ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَبِيعَهُ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ رَدَّهُ الْوَالِدُ رضي الله عنه فِي فَتَاوِيهِ