الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ»
سَوَاءٌ أَخَرَجَ (مِنْ) الْمَخْرَجِ (الْمُعْتَادِ) مُطْلَقًا (أَوْ) مِنْ (تَحْتِ الصُّلْبِ) مُسْتَحْكِمًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْخَارِجَ مِنْ الدُّبُرِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْأَصْلِ أَوْ ثُقْبَةٍ فِي الصُّلْبِ أَوْ الْخُصْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِمَا ضَعَّفَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ لِلْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ حُكْمَ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَحْتَ الصُّلْبِ لَعَلَّهُ لِاخْتِيَارِهِ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ: مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ (وَيُعْرَفُ) الْمَنِيُّ (بِتَدَفُّقٍ) بِأَنْ يَخْرُجَ بِدَفَعَاتٍ قَالَ تَعَالَى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6](أَوْ تَلَذُّذٍ) بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ عَقِبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِلْزَامِ التَّلَذُّذِ لَهُ (أَوْ رِيحٍ طَلَعَ أَوْ عَجِينٍ رَطْبًا وَ) رِيحِ (بَيَاضِ بَيْضٍ يَابِسًا) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهِ كَالْخَارِجِ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَإِنْ فُقِدَتْ هَذِهِ الْخَوَاصُّ فَلَا غُسْلَ وَرَطْبًا وَيَابِسًا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ، وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ (وَلَا أَثَرَ لِثَخَانَةٍ وَلَوْنٍ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ فَالثَّخَانَةُ وَالْبَيَاضُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالرِّقَّةُ وَالِاصْفِرَارُ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ الطَّبْعِ فَعَدَمُهَا لَا يَنْفِيهِ وَوُجُودُهَا لَا يَقْتَضِيهِ
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مَنِيُّهُ) أَيْ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ (وَقَدْ قَضَتْ وَطَرَهَا) أَيْ شَهْوَتَهَا بِهِ (اغْتَسَلَتْ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ قَضَتْ وَطَرَهَا بِمَنِيٍّ اسْتَدْخَلَتْهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ لَكِنَّ تَصْوِيرَهُمْ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ كَمَا صَوَّرَتْهُ بِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا فِي ذَلِكَ عَلَى الْغَالِبِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْضِ وَطَرَهَا كَصَغِيرَةٍ وَنَائِمَةٍ وَمُكْرَهَةٍ (فَلَا) غُسْلَ عَلَيْهَا (كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ) أَيْ الْمَنِيَّ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا فَإِنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِاسْتِدْخَالَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ
(وَلَا يَجِبُ) الْغُسْلُ (بِغُسْلِ مَيِّتٍ و) لَا بِسَبَبِ (جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) وَغَيْرِهَا مِمَّا سِوَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْخَمْسَةِ بِتَنَجُّسِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ كَشْطُ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ
(وَإِنْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) مَنِيًّا وَلَوْ بِظَاهِرِهِ (لَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ لَا يُحْتَمَلُ خُلُوُّهَا عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ) الْغُسْلُ وَ (إعَادَةُ مَا) أَيْ صَلَاةٍ (اُحْتُمِلَ) خُلُوُّهَا عَنْهُ (كَمَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ) نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ مَثَلًا (فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْغُسْلُ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِعَادَةُ وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجُنُبِ]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ (يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَشَيْئَانِ أَحَدُهُمَا الْقِرَاءَةُ) لِلْقُرْآنِ (بِقَصْدِهَا وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ) كَحَرْفٍ لِلْإِخْلَالِ بِالتَّعْظِيمِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا (فَلَا يَضُرُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ. . . إلَخْ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ) وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دَمًا عَبِيطًا وَجَبَ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ ق (قَوْلُهُ: وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَالتُّحْفَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هُوَ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ. . . إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ لَا يَنْقُضُ كَمَا لَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَنَفْسُ الصُّلْبِ هُنَا كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ هُنَاكَ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ الثَّانِي خُرُوجُ مَنِيِّهِ وَمَنِيِّهَا مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْمُنْفَتِحِ. اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ عِبَارَةٌ مُحَرَّرَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ) جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا ع (قَوْلُهُ: بِدُفُعَاتٍ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ دُفْعَةٍ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَسْمِيَةَ مَنِيِّهَا بِالْمَاءِ الدَّافِقِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا يَتَدَفَّقُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ) وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ التَّدَفُّقَ فِي مَنِيِّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ ش
(قَوْلُهُ: بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ) أَيْ فِي قُبُلِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا) وَالشَّارِعُ قَدْ يُقِيمُ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ الَّذِي بَالَتْ فِيهِ الظَّبْيَةُ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّاهِرِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ وُجُوبِ اغْتِسَالِهَا بِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يُدْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ الْأَحْدَاثِ
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ كَحَرْفٍ) صُورَةُ النُّطْقِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ فَيَأْثَمَ وَإِنْ اقْتَصَرَ لِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً وَشَرَعَ فِيهَا فَالتَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ هَذِهِ الْجِهَةُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَمَّى قَارِئًا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ ر (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا) لِخَبَرِ
قِرَاءَةٌ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ) أَيْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَوْعِظَةٍ وَحِكْمَةٍ (كَ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] . الْآيَةَ لِلرُّكُوبِ و) لَا (مَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ بِلَا قَصْدٍ) لِشَيْءٍ مِنْ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ لَكِنَّ أَمْثِلَتَهُمْ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدِ لَهُ وَإِنَّ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ يُمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ وَالْإِمَامُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ (وَكَفَاقِدٍ) لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ وَالْمَعْنَى وَفَاقِدُ (الطَّهُورَيْنِ يَقْرَأُ) أَيْ وُجُوبًا (الْفَاتِحَةَ فَقَطْ لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَتُهَا كَغَيْرِهَا وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَلَا وَطْءُ الْحَائِضِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ
(وَلَهُ) أَيْ الْجُنُبِ (إجْرَاؤُهُ) أَيْ الْقُرْآنِ (عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرٌ فِي الْمُصْحَفِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَقِرَاءَةُ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَتَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَهَمْسُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ بِخِلَافِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ (وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ) فِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ (كَالْجُنُبِ) ، وَكَذَا فِي الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَخَّرَهُ إلَى كِتَابِ الْحَيْضِ
(الثَّانِي الْمُكْثُ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْمَسْجِدِ) لَا عُبُورُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَيْ لَا تَقْرَبُوا مَوْضِعَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ بَلْ فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: 40](وَيُعْذَرُ) فِيهِمَا لِلضَّرُورَةِ (مَنْ) ذَكَرَ أَنْ (أُغْلِقَ عَلَيْهِ) بَابُ الْمَسْجِدِ (أَوْ خَافَ) مِنْ خُرُوجِهِ (وَلَوْ عَلَى مَالٍ) أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ آخَرُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ (فَيَتَيَمَّمُ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَسَنٌ (إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابَهُ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ بِهِ صَحَّ
(وَيُكْرَهُ) لَهُ (عُبُورٌ فِيهِ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (لَا) إنْ كَانَ الْعُبُورُ (لِغَرَضٍ كَقُرْبِ طَرِيقٍ) فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَخَالَفَ الْمُكْثَ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَفِي الْمُكْثِ قُرْبَةُ الِاعْتِكَافِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ مَحِلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَكِنْ لِقِرَاءَتِهِ شَرْطٌ قَدَّمْته وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ وَلَوْ غَيْرَ جُنُبٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ كَإِسْلَامٍ وَسَمَاعِ قُرْآنٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي دُخُولِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ وَقَدْ قَعَدَ الْحَاكِمُ فِيهِ لِلْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ
(وَلَا بَأْسَ بِنَوْمٍ فِيهِ) وَلَوْ لِغَيْرِ أَعْزَبَ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ فِيهِ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ إنْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ حَرُمَ النَّوْمُ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَلَا يَحْرُمُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» .
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
«لَا يَقْرَأْ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي تَخْرِيجِهِ لِأَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ لَهُ مُتَابَعَاتٌ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قَوِيَ الْحَدِيثُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُتَابَعَاتِ، وَارْتَفَعَ عَنْ التَّضْعِيفِ
(فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ هَلْ يُصَلُّونَ وَيَقْرَؤُنَّ الْقُرْآنَ لِيُغَرَّ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ يَنْفِي قِرَاءَتَهُمْ الْقُرْآنَ وُقُوعًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْفَاتِحَةَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضِيلَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ لِذَلِكَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا الْإِنْسَ غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُوجَدُ. . . إلَخْ) كَأَنْ كَرَّرَ فَقِيهٌ آيَةً لِلِاسْتِدْلَالِ أَوْ أَقَلَّ كَكَلِمَةٍ أَوْ أَشَارَ بِهَا أَخْرَسُ قَالَهُ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ) زَادَهَا تَبَعًا لِرَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ لِلنَّوَوِيِّ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ الْمَاءَ تَيَمَّمَا وَجَازَ لَهُمَا الْقِرَاءَةُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ صَلَّى بِهِ وَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَامَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَلَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ وَصَلَّى وَقَرَأَ ثُمَّ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لِحَدَثٍ أَوْ فَرِيضَةٍ أُخْرَى أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْتَهَى وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَفْهُومِ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَمُنِعَ نَفْلُ قِرَاءَةِ آيَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ يَوْمًا كَامِلًا فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ) أَمَّا إذَا وَجَدَهُ كَأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَأَمْكَنَ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا أَوْ النُّزُولُ إلَيْهَا لِلْغُسْلِ وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ) وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الْفِقْهُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ نَائِبٌ عَنْ الْغُسْلِ وَالْغُسْلَ وَاجِبٌ فَيَكُونُ النَّائِبُ عَنْهُ وَاجِبًا لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا يَنُوبُ عَنْ الْوَاجِبِ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَنَّهُ يَتَوَسَّعُ فِي الْقِرَاءَةِ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِدَلِيلِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُحْدِثِ بِخِلَافِ مَسِّ