الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَبِ أَوْلَى مِنْ غَيْره؛ لِأَنَّ إمَامَةَ غَيْرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى (فَرْعٌ السَّاكِنُ بِحَقٍّ)
وَلَوْ مُسْتَعِيرًا (مُقَدَّمٌ عَلَى هَؤُلَاءِ) أَيْ الْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ (وَإِنْ كَانَ) السَّاكِنُ (عَبْدًا) ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي بَيْتِهِ وَلَا سُلْطَانِهِ» بِخِلَافِ السَّاكِنِ بِلَا حَقٍّ كَالْغَاصِبِ (وَالْمَالِكُ) لِلْمَنْفَعَةِ وَلَوْ بِدُونِ الرَّقَبَةِ (أَوْلَى مِنْ الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ، وَالرُّجُوعَ فِيهَا (لَا) الْمَالِكُ لِلرَّقَبَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ أَوْلَى (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى مِنْهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَمَا صَدَقَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ تَسَاوِيهِمَا غَيْرُ مُرَادٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَالْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَالْمُبَعَّضِ (لَا الْقِنِّ أَوْلَى مِنْ السَّيِّدِ فِيمَا سَكَنَهُ بِحَقٍّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَسَيِّدُهُ أَوْلَى مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ مَلَّكَهُ الْمَسْكَنَ لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكْنَى إلَيْهِ دُونَ الْقِنِّ (وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ) لِغَيْرِهِمَا فِي تَقَدُّمِهِ (وَ) مِنْ إذْنِ (أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ) فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ حَضَرَ الشَّرِيكَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَتَقَدَّمُ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ (وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ بِالْجَمِيعِ.
وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَيْنِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ، فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ (وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ) الرَّاتِبِ (أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ) ، وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ بِفَضِيلَةٍ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» (وَيُبْعَثُ لَهُ) نَدْبًا إذَا أَبْطَأَ لِيَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ فِي الْإِمَامَةِ (فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأُمِنَتْ الْفِتْنَةُ) بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ (أَمَّ غَيْرُهُ) بِالْقَوْمِ نَدْبًا لِيَحُوزُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ خِيفَ الْفِتْنَةُ (صَلَّوْا فُرَادَى وَنُدِبَ لَهُمْ إعَادَةٌ مَعَهُ) إنْ حَضَرَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ وَتَحْصِيلًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ إذَا خَافُوا الْفِتْنَةَ انْتَظَرُوهُ، فَإِنْ خَافُوا فَوْتَ الْوَقْتِ كُلِّهِ صَلَّوْا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَرَادُوا فَضِيلَتَهُ.
وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ كُلِّهِ وَلَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ، ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ جَمَاعَةً كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (وَالْوَالِي) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةٍ، أَوْ كَانَ مَالِكًا إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَقَوْلِي إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ هُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَعْبِيرِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ يُحْمَلُ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ إذْ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِلَا حَمْلٍ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةٌ لِلْمَاوَرْدِيِّ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ امْرَأَةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ إلَّا بِالنِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا اُسْتُؤْذِنَ وَلِيُّهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ جَمَعُوا وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى قَالَ الْقَمُولِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، أَوْ نَائِبُهُ.
أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ إذَا اجْتَمَعُوا تَفَاوُتَ الدَّرَجَةِ فَيُقَدَّمُ (الْأَعْلَى، فَالْأَعْلَى) مِنْهُمْ رِعَايَةً لِمَنْصِبِ الْوِلَايَةِ (وَمَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدَّمُ بِالْمَكَانِ) وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَهُوَ (أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لَهُ فَاخْتَصَّ بِالتَّقَدُّمِ، وَالتَّقْدِيمِ أَمَّا الْمُقَدَّمُ بِغَيْرِ الْمَكَانِ كَالْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ فَلَا يُقَدَّمُ مُقَدَّمُهُ
(فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ) سَبْعَةٌ
(الْأَوَّلُ لَا يَتَقَدَّمُ الْمَأْمُومُ) عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا (تَقَدَّمَ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ كَالتَّقَدُّمِ بِالتَّحَرُّمِ قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالِفِ فِي الْأَفْعَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَقَالَ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لَكِنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ انْتَهَى.
وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ وَقِيلَ: إنْ جَاءَ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ، أَوْ مِنْ قُدَّامِهِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَكَانَ يَصْلُحُ) أَيْ مَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدِّمُ إلَخْ.
[فَصْلٌ شُرُوط الِاقْتِدَاء فِي الصَّلَاة سَبْعَة]
[الشَّرْط الْأَوَّل لَا يَتَقَدَّم الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ]
(فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ) .
(قَوْلُهُ: أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأَفْعَالِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُرَادُ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَفْعَلُهَا الْإِمَامُ كَالتَّخَلُّفِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّقَدُّمِ بِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَمْ يَسْجُدْهَا الْإِمَامُ، وَالتَّخَلُّفِ عَنْهَا عِنْدَ سُجُودِ الْإِمَامِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَفْعَلْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اسْتَشْكَلَ بِمَا لَوْ صَلَّى وَشَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فِي التَّكْبِيرِ أَمْ لَا؟ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْمَوْقِفِ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ فَتَصِحُّ مَعَ التَّأَخُّرِ، وَالْمُسَاوَاةِ وَتَبْطُلُ مَعَ التَّقَدُّمِ خَاصَّةً، وَالصِّحَّةُ فِي التَّكْبِيرِ أَقَلُّ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَالتَّقَدُّمِ وَتَصِحُّ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ التَّأَخُّرُ
تَقَدُّمِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَهَذَا أَوْجَهُ وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ لَهُ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي التَّقَدُّمِ وَغَيْرِهِ لِلْقَائِمِ (بِالْعَقِبِ) ، وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ (لَا الْكَعْبِ) فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْعَقِبِ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْمَنْكِبِ، وَالْمُرَادُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ.
(وَ) الِاعْتِبَارُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ (بِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ، وَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ وَبِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ يَشْمَلُ الرَّاكِبَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الِاعْتِبَارُ بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَقَدُّمُ رَاكِبِهَا عَلَى رَاكِبِ الْأُخْرَى (وَنُدِبَ) لِلْجَمَاعَةِ (أَنْ يَسْتَدِيرُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ) إنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيَحْصُلَ الِاسْتِقْبَالُ لِلْجَمِيعِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ، فَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ لِكَثْرَةِ الْجَمْعِ كَأَيَّامِ الْحَجِيجِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَالْوُقُوفُ خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ (وَ) أَنْ (يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَرُبُوا) أَيْ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ (مِنْ الْكَعْبَةِ) بِأَنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْهُ (لَا مِنْ جِهَتِهِ جَازَ) إذْ لَا يَظْهَرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ؛ وَلِأَنَّ رِعَايَةَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ جِهَتِهِ فَلَوْ تَوَجَّهَ لِلرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ (وَلَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ (فِي الْكَعْبَةِ مُتَقَابِلَيْنِ، أَوْ مُتَدَابِرَيْنِ) أَوْ لَا، وَلَا كَأَنْ تَوَجَّهَا إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ إلَى سَقْفِ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْمُسْتَلْقِي (جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ) الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ مِنْ الْإِمَامِ إلَى مَا اسْتَقْبَلَهُ لِمَا مَرَّ (لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ) فَلَا يَجُوزُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي جِهَتِهِ وَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ بَعْضُهُ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ وَبَعْضُهُ إلَى غَيْرِهَا فَمَا الْمُغَلَّبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي الْإِبْطَالُ تَغْلِيبًا لِلْمُبْطِلِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ خَارِجًا) عَنْ الْكَعْبَةِ، وَالْمَأْمُومُ دَاخِلَهَا (لَا يُوَلِّيهِ ظَهْرَهُ) لِمَا مَرَّ (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهَا (اسْتَقْبَلَ مِنْهَا مَا شَاءَ) وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْضَحَ
(فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الذَّكَرُ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ (عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» (وَ) أَنْ (يَتَأَخَّرَ) عَنْهُ (قَلِيلًا) اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ وَإِظْهَارًا لِرُتْبَةِ الْإِمَامِ عَلَى رُتْبَةِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ سَاوَاهُ، أَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ خَلْفَهُ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ جَاءَ ذَكَرٌ آخَرُ أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ) نَدْبًا (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ حَالَةَ الْقِيَامِ) لَا حَالَةَ غَيْرِهِ كَالْقُعُودِ، وَالسُّجُودِ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ كَثِيرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكُوعَ كَالْقِيَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْدَبُ لِلْعَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الثَّانِي.
وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُنْفَرِدًا (وَهُمَا أَوْلَى) بِالتَّأَخُّرِ مِنْ الْإِمَامِ بِالتَّقَدُّمِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ مَكَانِهِ هَذَا (إنْ أَمْكَنَ) التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِ الْإِمَامِ مَا يَسَعُ الْجَائِي الثَّانِيَ يُحْرِمُ خَلْفَهُ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (وَ) أَنْ (يَصْطَفَّ الذَّكَرَانِ) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ أَتَأَخَّرَا عَنْهُ فِيمَا مَرَّ أَمْ حَضَرَا مَعَهُ ابْتِدَاءً (خَلْفَهُ) بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ،.
وَكَذَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ فَلَوْ وَقَفَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا خَلْفَهُ، وَالْآخَرُ بِجَنْبِهِ، أَوْ خَلْفَ الْأَوَّلِ كُرِهَ كَمَا فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ) وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقِبِ لَا الْمَنْكِبِ) لَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ بَلْ جَعَلَ تَحْتَ إبْطَيْهِ خَشَبَتَيْنِ أَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَنْكِبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِمَادِ لِهَذَا الشَّخْصِ كَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ مَعًا عَلَى الْأَرْضِ وَتَأَخَّرَ الْعَقِبُ وَتَقَدَّمَتْ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ صَحَّ أَوْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فَلَا وَقَوْلُهُ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَخْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَائِمًا بَلْ مَحْمُولًا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ شَخْصَانِ بِمَنْكِبَيْهِ وَوَقَفَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَصَلَّى مُنْتَصِبًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، لَكِنْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ وُقُوفُهُ عَلَى الْخَشَبَتَيْنِ، أَوْ تَدَلِّيهِ بِحَبْلٍ طَرِيقًا لِفِعْلِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى إلَخْ) فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَإِحْدَاهُمَا مُتَقَدِّمَةٌ، وَالْأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ شَيْخُنَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ لَا يُقَالُ اجْتَمَعَ مَانِعٌ وَمُقْتَضٍ فَيُقَدَّمُ الْمَانِعُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ اعْتِمَادَهُ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ إنَّمَا الْمَانِعُ تَقَدُّمُ إحْدَاهُمَا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ، وَالْجَنْبُ لِلْمُضْطَجِعِ) وَأَمَّا الْمُسْتَلْقِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ د.
وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَقِبِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ الْأَقْرَبُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ) فَهِيَ سِتَّةُ أَحْوَالٍ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَخَّرُ قَلِيلًا) وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ: كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ مُسَاوَاتِهِ لَمْ تُحَصِّلْ لَهُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ
الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَإِنْ صَلَّى بِامْرَأَةٍ) وَلَوْ مَحْرَمًا (وَقَفَتْ خَلْفَهُ) ، وَكَذَا النِّسَاءُ، أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ، أَوْ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَقَفَا خَلْفَهُ، وَهِيَ خَلْفَهُمَا.
صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى اصْطَفَّا) أَيْ هُوَ، وَالرَّجُلُ صَفًّا (وَتَخَلَّفَ) أَيْ الرَّجُلُ عَنْهُ (قَلِيلًا وَ) وَقَفَ (الْخُنْثَى خَلْفَهُمَا، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ) أَيْ الْخُنْثَى (فَإِنْ كَثُرُوا) بِأَنْ كَانَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جَمَاعَةٌ (فَالرِّجَالُ) يُقَدَّمُونَ لِفَضْلِهِمْ (ثُمَّ الصِّبْيَانُ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ، (ثُمَّ الْخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ (ثُمَّ النِّسَاءُ) ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ، وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلِيهِ فِي الصَّلَاةِ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ النِّسَاءُ» ، لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ وَقَوْلُهُ لِيَلِيَنِّي بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبِحَذْفِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ حِلْمٍ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ التَّأَنِّي فِي الْأَمْرِ، وَالنُّهَى جَمْعُ نُهْيَةٍ بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْعَقْلُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ النُّهَى الْعُقُولُ وَأُولُو الْأَحْلَامِ الْعُقَلَاءُ وَقِيلَ الْبَالِغُونَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى وَلِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ. اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ عَنْ الرِّجَالِ إذَا لَمْ يَسَعْهُمْ صَفُّ الرِّجَالِ، وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ (وَهَذَا) كُلُّهُ (مُسْتَحَبٌّ لَا شَرْطٌ) فَلَوْ خَالَفُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْعُرَاةِ الْبُصَرَاءِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا (وَلَا يُحَوَّلُ صِبْيَانٌ) حَضَرُوا أَوَّلًا (لِرِجَالٍ) حَضَرُوا ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ بِخِلَافِ الْخَنَاثَى، وَالنِّسَاءِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي (فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ) عَنْ الصَّفِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ «أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَبِي دَاوُد وَصَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ «فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إلَيْهِ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لِعَدَمِ أَمْرِهِ بِهَا وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ ضَعَّفَهُ وَكَانَ يَقُولُ فِي الْقَدِيمِ لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ، أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ وَجَدَ) فِي صَفٍّ (سَعَةً) وَلَوْ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَلَاءٌ بَلْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعَهُمْ (اخْتَرَقَ الصَّفَّ) الَّذِي يَلِيهِ فَمَا فَوْقَهُ (إلَيْهَا) لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (أَحْرَمَ، ثُمَّ جَرَّ) فِي الْقِيَامِ (وَاحِدًا) مِنْ الصَّفِّ (إلَيْهِ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا جَوَّزَ أَنْ يُوَافِقَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ (وَنُدِبَ) لِمَجْرُورِهِ (مُسَاعَدَتُهُ) بِمُوَافَقَتِهِ لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَالتَّقْوَى وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد «إنْ جَاءَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَخْتَلِجْ إلَيْهِ رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ الْمُخْتَلَجِ» وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا وَلِهَذَا كَانَ الْجَرُّ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرُّهُمَا مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ
الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ (بِمُشَاهَدَةِ بَعْضِ الصُّفُوفِ) لِمَنْ يَرَى (أَوْ سَمَاعِ صَوْتِهِ، أَوْ) صَوْتِ (الْمُبَلِّغِ لِمَنْ لَا يَرَى) وَلَوْ لِبُعْدِهِ عَنْ النَّاسِ، أَوْ لِظُلْمَةٍ (أَوْ) بِهِدَايَةِ (ثِقَةٍ بِجَنْبِ أَعْمَى أَصَمَّ) ، أَوْ بَصِيرٍ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ أَيْ أَعْمَى لَا يَسْمَعُ، أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَوَصْفُهُ الْأَخِيرَ بِالثِّقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ الْمُبَلِّغُ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ، فَالرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إنَّمَا تُقَدَّمُ الرِّجَالُ عَلَى الصِّبْيَانِ إذَا كَانُوا أَفْضَلَ، أَوْ تَسَاوَوْا، فَإِنْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ قُدِّمُوا وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا وَجْهٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَالرَّاجِحُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ ع (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَفَّ الرِّجَالِ تَامٌّ غَيْرَ أَنَّ الصِّبْيَانَ لَوْ دَخَلُوا فِيهِ وَسِعَهُمْ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ) أَيْ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّرُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي كِتَابِهِ نِهَايَةِ الْبَيَانِ وَلَا يَقِفُ مُنْفَرِدًا بَلْ إنْ وَجَدَ سَعَةً فِي أَيِّ صَفٍّ كَانَ دَخَلَ فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا أَطْلَقُوهُ بَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ التَّخَطِّي لِلْفُرْجَةِ بِصَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ، فَإِنْ انْتَهَى إلَى ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا، فَالْمَنْعُ بَاقٍ كَذَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي التَّهْذِيبِ لِأَبِي عَلِيٍّ الزُّجَاجِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ، وَالتَّعْلِيقِ لِأَبِي حَامِدٍ، وَالْفُرُوقِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَالْمُحَرَّرِ لِسُلَيْمٍ وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْحِلْيَةِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. اهـ.
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِصَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ وَهْمٌ حَصَلَ مِنْ الْتِبَاسِ مَسْأَلَةٍ بِمَسْأَلَةٍ، فَإِنَّ التَّخَطِّيَ هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ، وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِبَارَةُ النَّصِّ الَّذِي نَقَلَهُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَدْخَلِ رَجُلٍ زِحَامٌ وَأَمَامَهُ فُرْجَةٌ وَكَانَ بِتَخَطِّيهِ إلَى الْفُرْجَةِ بِرَاحِلَةٍ، أَوْ اثْنَيْنِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ التَّخَطِّي، فَإِنْ كَثُرَ كَرِهْت لَهُ (قَوْلُهُ: أَحْرَمَ، ثُمَّ جَرَّهُ) فَيُكْرَهُ لَهُ جَرُّهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ (قَوْلُهُ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ) لَوْ كَانَ الْمَجْرُورُ عَبْدًا فَأَبَقَ ضَمِنَهُ الْجَارُّ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ