الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَضْعًا) لِيَنْتَقِلَ الْبَلَّةُ (وَفِي) الْمَوْضِعِ (الثَّالِثِ مَسْحًا بِيَسَارِهِ) ، وَيُحَرِّكُهَا، وَحْدَهَا فَإِنْ حَرَّكَ الْيُمْنَى أَوْ حَرَّكَهُمَا جَمِيعًا كَانَ مُسْتَنْجِيًا بِالْيَمِينِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ فِي يَسَارِهِ، وَالذَّكَرَ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ بِهَا مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ الْحُرْمَةَ، وَالْفَسَادَ فِي الْيَمِينِ كَمَا اقْتَضَاهُمَا فِي الْعَظْمِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ هُنَا بِغَيْرِ الْيَمِينِ، وَثَمَّ بِالْعَظْمِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِمَعْنًى فِي الْفَاعِلِ فَلَمْ يَقْتَضِ الْفَسَادَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ، وَثَمَّ لِمَعْنًى فِي الْعَظْمِ فَاقْتَضَاهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِالنَّجِسِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الذَّكَرِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ بَلْ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ يَمْسَحُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ (وَشَرَطَ الْقَاضِي) حُسَيْنٌ (أَنْ لَا يَمْسَحَهُ فِي الْجِدَارِ صُعُودًا) ، وَجَوَّزَ مَسْحَهُ فِيهِ نُزُولًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ، وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرٌ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا تَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهَا، وَتَمْسَحُهُ ثَلَاثًا (وَالْأَفْضَلُ إتْبَاعُهُ) أَيْ الْحَجَرَ (بِالْمَاءِ) أَيْ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْعَيْنَ تَزُولُ بِالْحَجَرِ، وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُخَامَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ.
وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَجَرِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ، وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي الْمَعْنَى، وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلَّانِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ الْقَفَّالُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغَائِطِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) عَلَى أَحَدِهِمَا (فَالْمَاءُ أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ، وَالْأَثَرَ، (وَيَكْفِي الْمَرْأَةَ) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فِي اسْتِنْجَائِهَا بِالْمَاءِ (غَسْلُ مَا يَظْهَرُ) مِنْهَا (بِجُلُوسٍ عَلَى الْقَدَمَيْنِ) ، وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (وَصَحَّ وُضُوءٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ (لَا تَيَمُّمٌ) لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَارْتِفَاعُهُ يَحْصُلُ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ وَالتَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُهُ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ، وَلَا اسْتِبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ صِحَّةِ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ لِكَوْنِهِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ التُّرَابِ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ أَصْلًا.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا تَعَرَّضُوا الْوُجُوبَ تَقْدِيمُ غَسْلِ فَرْجٍ دَائِمِ الْحَدَثِ عَلَى الْوُضُوءِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ، (وَسُنَّ لِلْمُسْتَنْجِي بِمَاءٍ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ) بِالْأَرْضِ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ يَغْسِلَهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (و) أَنْ (يَنْضَحَ) بَعْدَهُ أَيْضًا (فَرْجَهُ، وَإِزَارَهُ) مِنْ دَاخِلِهِ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ، وَلَوْ أَخَّرَ كَالرَّوْضَةِ بَعْدَهُ عَنْ نَضْحِ مَا ذُكِرَ كَانَ أَوْلَى (وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي الْغَسْلِ) لِلدُّبُرِ (عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى) لِأَنَّهُ أَمْكَنُ (وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ) فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ، وَكُلُّ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ فَبَاطِنٌ (فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (كَفَى) ذَلِكَ فِي إزَالَتِهَا (وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحٍ) لَهَا (بِيَدِهِ) فَلَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْمَحَلِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ جَوَانِبُهُ فَلَا تَنْجُسُ بِالشَّكِّ أَوْ بِأَنَّ الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخَفَّفَ فِيهِ هُنَا فَاكْتَفَى بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ، وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ
(بَابُ الْأَحْدَاثِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ، وَفِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ مِنْ الْأَعْلَى لَا تَنْتَقِلُ النَّجَاسَةُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ق ع (قَوْلُهُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي إلَخْ) لَا تَحْصُلُ الْأَفْضَلِيَّةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ النَّجِسِ لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً شَرْعِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَخْفِيفِ النَّجَاسَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا الْأَحْجَارُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي يَبْدَأُ بِالْأَحْجَارِ الثَّلَاثِ حَتَّى تَزُولَ بِهَا الْعَيْنُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا يَسْتَعْمِلُ الْأَحْجَارَ لِتَقِلَّ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ لِتَطْهِيرِ الْمَحِلِّ طَهَارَةً كَامِلَةً انْتَهَى.
ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْحَجَرُ مُجْزِيًا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ جَمْعُهُمَا لِأَجْلِ الِاسْتِنْجَاءِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ وَاضِحٌ غ.
(قَوْلُهُ إنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ الْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ سُرَاقَةَ ش (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالرِّيمِيُّ) وَخَالَفَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ تَقْلِيلُ النَّجَاسَةِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَالْمَاءُ أَفْضَلُ إلَخْ) قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا شَكَّ فِي جَوَازِ الْحَجَرِ أَوْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ لَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي لِلِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الْوُضُوءِ فَيَظْهَرُ تَعَيَّنَ الْوُضُوءُ بِهِ وَيَسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ وَظَنِّي أَنَّهُ مَنْقُولٌ كَذَلِكَ ق. (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَوْله مُقْتَضَاهُ عَدَمُ صِحَّةِ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَقْدِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ) قَالَ شَيْخُنَا يُقَالُ عَلَيْهِ بَلْ تَعَرَّضُوا لَهُ فَقَدْ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي قَوْلِهِ فُرُوضُ الْوُضُوءِ سِتَّةٌ يُزَادُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْمُوَالَاةُ فِي حَقِّ دَائِمٍ الْحَدَثِ، ثَانِيهُمَا تَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي الْغَسْلِ لِلدُّبُرِ عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى) وَيُدَلِّكَ دُبُرَهُ بِيَدِهِ مَعَ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرٌ يُدْرِكُهُ الْكَفُّ بِالْمَسِّ ش (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحٍ) أَيْ تَسْهُلُ إزَالَتُهُ. (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ إلَخْ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْيَدِ الْإِزَالَةُ وَالْوَاجِبُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ التَّخْفِيفُ. (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ
[بَابُ الْأَحْدَاثِ]
(بَابُ الْأَحْدَاثِ) قَدَّمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ هَذَا الْبَابَ عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا قَدَّمَ مُوجِبَ الْغُسْلِ عَلَى الْغُسْلِ وَهُوَ تَرْتِيبٌ طَبِيعِيٌّ فَإِنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَعَكْسَيْهِ
جَمْعُ حَدَثٍ، وَيُطْلَقُ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَعَلَى مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَيُقَالُ: حَدَثٌ أَصْغَرُ وَحَدَثٌ أَكْبَرُ، وَإِذَا أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَصْغَرُ غَالِبًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ) يَعْنِي مَا يَنْتَهِي بِهِ الْوُضُوءُ (أَرْبَعَةٌ) ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْآتِيَةِ وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسُ بِهَا، وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ وَقَدْ ذَكَرُوهُ فِي بَابِهِ وَنَزْعُ الْخُفِّ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي (الْأَوَّلُ الْخَارِجُ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ خُرُوجُ الْخَارِجِ (مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ) الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ (وَلَوْ رِيحًا مِنْ قُبُلٍ) قَالَ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ تَقْدِيرُهَا {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] مِنْ النَّوْمِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلَى قَوْلِهِ {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] فَيُقَالُ عَقِبَهُ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43] قَالَ وَزَيْدٌ مِنْ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَرَّرَهَا تَوْقِيفًا مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى.
وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْمَذْيِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» وَفِيهِمَا «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهِ لَا سَمْعِهِ وَلَا شَمِّهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرُ النَّاقِضِ فِي الصَّوْتِ وَالرِّيحِ بَلْ نَفْيُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، وَيُقَاسُ بِمَا فِي الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ كُلُّ خَارِجٍ مِمَّا ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ الطَّبِيعَةُ كَعُودٍ أُخْرِجَ مِنْ الْفَرْجِ بَعْدَ أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ وَخَرَجَ بِالسَّبِيلَيْنِ غَيْرُهُمَا فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا نَقْضَ حَتَّى يَثْبُتَ بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَثْبُتْ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ هُنَا لِأَنَّ عِلَّةَ النَّقْضِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ كَمَا مَرَّ نَعَمْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْمُنْفَتِحَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ الْآتِيَ بَيَانُهُ (أَوْ الْمَنِيَّ) أَيْ مَنِيَّهُ كَانَ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ احْتِلَامٍ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ لَمَّا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْحَدَّيْنِ لِكَوْنِهِ زِنَا الْمُحْصَنِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ وَفِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ
(وَ) الْخَارِجُ (مِنْ قَبْلِي الْمُشْكِلِ) فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ (أَمَّا) الْخَارِجُ (مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَمُنْفَتِحٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَهُوَ) أَيْ الْمُنْفَتِحُ تَحْتَهَا (لَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْفَرْجِ) لَا (بِمَسٍّ وَلَا إيلَاجٍ وَ) لَا (غَيْرُهُ) كَالْخَارِجِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَلِخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيَّ (إلَّا أَنْ خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ وَالْمُعْتَادُ مُنْسَدٌّ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ) إذْ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَخْرَجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ فَإِذَا انْسَدَّ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ أُقِيمَ هَذَا مَقَامَهُ (فَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّ الْمُعْتَادُ أَوْ انْسَدَّ وَانْفَتَحَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ عَلَيْهَا) أَوْ بِجَنْبِهَا (لَمْ يَنْقُضْ) إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَالْخَارِجُ مِنْهُ بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ إذْ مَا تُحِيلُهُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا وَلَا يُولَدُ جُنُبًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ فَنَادِرٌ) لَك أَنْ تُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَدَثَ لَمْ يَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ عَادَ قَبْلَ الشِّفَاءِ وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا الصَّلَاةَ لِلضَّرُورَةِ ح.
(قَوْلُهُ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَوْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ الْحَالِيَّةِ لِيُوَافِقَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ لَيْسَا حَدَثَيْنِ ش (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَيُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَنْ يُقَدِّرَ " جُنُبًا " فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ش (قَوْلُهُ: أَيْ مَنِيُّهُ) فَلَوْ خَرَجَ مَنِيُّ غَيْرِهِ مِنْ قُبُلِ نَفْسِهِ أَوْ دُبُرِهِ انْتَقَضَ جَزْمًا د (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ) وَنَقَلَ الْجِيلِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي: أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ صَلَّى بِهَذَا التَّيَمُّمِ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَيَمُّمُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ ش (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا لِكَوْنِهِ زِنًا) وَكَمُوجِبِ الْحَدِّ لَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُمَا وَلِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ وَالْمَنِيُّ طَاهِرٌ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُمَا نَقْضًا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَقِيَامِ الْفَارِقِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ فِي التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَحُكْمُهُمَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْمَنِيِّ فِي التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُمَا نَقْضًا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْعِلَّةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: لَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَنِيِّ بَلْ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَذَلِكَ كَخُرُوجِ الْوَلَدِ وَإِلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الشَّيْخِ نَصْرٍ فِي التَّهْذِيبِ: أَنَّ خُرُوجَ الْخَارِجِ مُوجِبٌ لِلْوُضُوءِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ، وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: وَلَوْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ جَافًّا فَإِنْ لَمْ نُوجِبْ الْغُسْلَ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَكَالْمَنِيِّ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَادُ مُنْسَدٌّ مِنْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ) وَمَا قَرَّرْته مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِانْسِدَادِ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِاشْتِرَاطِ انْسِدَادِهِمَا وَأَنَّهُ لَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي انْسِدَادُ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ مُنَاسِبًا كَأَنْ انْسَدَّ الْقُبُلُ فَخَرَجَ مِنْهَا بَوْلٌ أَوْ انْسَدَّ الدُّبُرُ فَخَرَجَ مِنْهَا غَائِطٌ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ لَيْسَ مُعْتَادَ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا كَالْقَيْحِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ النَّقْضُ بِهِ أَيْضًا كَمَا عُرِفَ ش وَقَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ لِلْبَاقِي لَا غَيْرُ وَلِهَذَا صَوَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا انْسَدَّ السَّبِيلَانِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ غَيْرُ هَذَا
وَالْإِيلَاجِ فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ انْتَهَى.
وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُنْسَدُّ إلَى آخِرِهِ الْمُنْسَدُّ بِالِالْتِحَامِ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لِلْمُنْفَتِحِ مُطْلَقًا حَتَّى يَجِبَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ وَبِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ بِكَسْرِهِمَا وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ فِيهِمَا (وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الصَّدْرِ) كَمَا قَالَهُ الْأَطِبَّاءُ وَالْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الرَّوْضَةِ وَمُرَادُهُمْ بِتَحْتِ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِفَوْقِهَا السُّرَّةُ وَمُحَاذِيهَا وَمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِمُرَادِهِمْ بِهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَتُهَا مَا ذَكَرَ
(وَلَوْ أَخْرَجَتْ دُودَةٌ رَأْسَهَا انْتَقَضَ) الْوُضُوءُ (وَإِنْ رَجَعَتْ) لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الْفَرْجِ (وَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ) بِقَيْدٍ ذَكَرَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ (يَبُولَانِ) فَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَالْآخَرُ زَائِدٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنُوطٌ بِالْأَصَالَةِ لَا بِالْبَوْلِ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا نَقَضَ الْأَصْلِيُّ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَنْقُضَ بِالْبَوْلِ مِنْهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ الْتَبَسَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا، وَلَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَبَالَتْ وَحَاضَتْ بِهِمَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ بَالَتْ وَحَاضَتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ وَلَوْ بَالَتْ بِأَحَدِهِمَا وَحَاضَتْ بِالْآخَرِ فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا
(وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِقَهْقَهَةِ مُصَلٍّ) إذْ لَوْ انْتَقَضَ بِهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِالصَّلَاةِ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهَا تَنْقُضُ ضَعِيفٌ (وَ) لَا (أَكْلٍ مُطْلَقًا) وَلَوْ لِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» فَمَنْسُوخٌ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» ، وَفِي الْقَدِيمِ يَنْقُضُ لَحْمُ الْجَزُورِ وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُ رُجْحَانَهُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إنْ شِئْت فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَتَوَضَّأْ قَالَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» وَعَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ» قَالَ وَجَوَابُ الْأَصْحَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ حَدِيثَ «تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» عَامٌّ وَحَدِيثَ «الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ» خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُسَتَرْوَحُ إلَيْهِ أَيْ فِيمَا رَجَّحُوهُ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ
(الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) وَهُوَ غَرِيزَةٌ مَنْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ سَوَاءٌ أَزَالَ بِجُنُونٍ وَهُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ حَرَكَةِ الْأَعْضَاءِ وَقُوَّتِهَا أَمْ بِإِغْمَاءٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ فُتُورِهَا أَمْ بِسُكْرٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ طَرَبٍ وَاخْتِلَاطِ نُطْقٍ أَمْ بِنَوْمٍ وَهُوَ زَوَالُهُ مِنْهُ مَعَ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِخَبَرِ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ.
وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذَكَرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْخَبَرُ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ وَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْضِ بِزَوَالِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ كَوْنَ الْأَصْلِ عَدَمَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا لَا غَيْرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ خَاصَّةً حَالَ السَّلَامَةِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَعِيدٌ ن (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ انْتَهَى) وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالِانْسِدَادِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَزَارِيّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَفْتَى الشَّارِحُ بِخِلَافِهِ
(قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ يَبُولَانِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ يَبُولُ مِنْهُمَا فَمَسَّ أَحَدَهُمَا انْتَقَضَ وَإِيلَاجُهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا بَلَلٌ نَقَضَ وَلَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَالْآخَرُ زَائِدٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضٌ وَفِي الذَّخَائِرِ إذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْأَصْلِيُّ وَالثَّانِي خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ ت (قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ يَبُولَانِ) وَكَذَا لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا إلَخْ) الْأَصَحُّ أَنَّ أَصَالَةَ الذَّكَرِ مَنُوطَةٌ بِالْبَوْلِ مِنْهُ لَا بِالْوَطْءِ فَالْأَصْلِيُّ فِي الْأُولَى هُوَ الَّذِي يَبُولُ بِهِ وَالثَّانِي زَائِدٌ وَفِي الثَّانِيَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلِيٌّ
(قَوْلُهُ فِي أَبِي دَاوُد) وَالنَّسَائِيُّ وَابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ إلَخْ) لَيْسَ الْحَدِيثَانِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَمُوا بِكَوْنِ خَبَرِ جَابِرٍ نَاسِخًا أَخْذًا مِنْ مَدْلُولِهِ فَجَوَابُ الْأَصْحَابِ صَحِيحٌ وَالِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ وَمِمَّا يُضَعِّفُ النَّقْضَ بِهِ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ لَا يُعَدِّيهِ إلَى شَحْمِهِ وَسَنَامِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُفَرِّقُ الْمُخَالِفُ الْقَائِلُ بِذَلِكَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى لَحْمًا وَالنَّقْضُ مَنُوطٌ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُسَتَرْوَحُ إلَيْهِ إلَخْ) جَمَعَ الْخَطَّابِيِّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ
(قَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ) اخْتَلَفُوا فِي النَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا هَلْ هِيَ مُزِيلَةٌ لَهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الْجُنُونُ يُزِيلُهُ وَالْإِغْمَاءُ يَغْمُرُهُ وَالنَّوْمُ يَسْتُرُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَرِيزَةٌ إلَخْ) مَحِلُّهُ الْقَلْبُ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي التَّشَهُّدِ مُتَمَكِّنًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفُتُوحِ الْعِجْلِيّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَامَ فِي الصَّلَاةِ مُمَكِّنَ الْمَقْعَدَةِ فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ قَصَرَ زَمَنُ النَّوْمِ فَإِنْ طَالَ وَكَانَ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ بَطَلَتْ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بِتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ أَوْ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ كَالتَّشَهُّدِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ هَذَا مُقْتَضَى
خُرُوجِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ أُقِيمَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ (لَا بِنَوْمِ مُمَكِّنِ مَقْعَدَهُ) مِنْ مَقَرِّهِ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ (وَلَوْ) مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَوْ زَالَ لَسَقَطَ، أَوْ (مُحْتَبِيًا) بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ مُحْتَوِيًا عَلَيْهِمَا بِيَدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤُنَّ وَحُمِلَ عَلَى نَوْمِ الْمُمَكِّنِ مَقْعَدَهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَلَا مِنْهُ حِينَئِذٍ خُرُوجُ الْخَارِجِ.
وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ لِنُدْرَتِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ مُحْتَبِيًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحِيفِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ النَّحِيفَ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ وَخَرَجَ بِزَوَالِ الْعَقْلِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ الشُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا وَيُقَالُ لِلنُّعَاسِ سِنَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوْمِ أَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ وَسُقُوطُ الْحَوَاسِّ وَالنُّعَاسُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ فُتُورُ الْحَوَاسِّ لِأَنَّهُ رِيحٌ لَطِيفٌ يَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ يُغَطِّي الْعَيْنَ وَلَا يَصِلُ إلَى الْقَلْبِ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ كَانَ نَوْمًا وَمِنْ عَلَامَتِهِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَمِنْ عَلَامَةِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا لِمَقْعَدِهِ بِمَقَرِّهِ وَلَوْ مُسْتَثْفِرًا (وَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ) أَيْ النَّائِمِ الْمُمَكِّنِ (قَبْلَ انْتِبَاهِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَثْفِرًا نَقَضَ) وُضُوءَهُ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ يَدُهُ عَلَى الْأَرْضِ لِمُضِيِّ لَحْظَةٍ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرُ مُمَكِّنٍ (أَوْ) زَالَتْ (مَعَ انْتِبَاهِهِ) أَوْ بَعْدَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ مَعَ انْتِبَاهِهِ مَعَهُ (أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّ زَوَالَهَا قَبْلَ انْتِبَاهِهِ أَوْ لَا (أَوْ فِي أَنَّهُ مُمَكِّنٌ) مَقْعَدَهُ أَوْ لَا (أَوْ) فِي أَنَّهُ (نَامَ أَوْ نَعَسَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَلَا نَقْضَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ نَعَمْ لَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ أَنَامَ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنَوْمٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ كَانَ مُمَكِّنًا أَوْ لَا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ قَالَ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ تَيَقَّنَ رُؤْيَا وَلَا تَذَكَّرَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْمِ مُتَمَكِّنًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ مُؤَوَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ انْتَهَى.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّصِّ أَنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اعْتَضَدَتْ بِأَحَدِ طَرَفَيْ الشَّكِّ الْمُوَافِقِ لَهَا بِخِلَافِهَا فِي هَذِهِ أَوْ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ التَّذَكُّرِ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ نَامَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا؟ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَحَقُّقِ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ النَّوْمِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ عَلَامَتِهِ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَلَامَةَ الشَّيْءِ ظَنِّيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ وَلَوْ سُلِّمَ اسْتِلْزَامُهَا لَهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ الْعِلْمُ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ النَّوْمِ مُمَكِّنًا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَلْيَتَيْهِ لُغَةٌ غَيْرُ فَصَيْحَةٍ وَالْفَصِيحَةُ أَلْيَيْهِ بِلَا تَاءٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: الْأَلْيَةُ بِالْفَتْحِ وَلَا تَقُلْ إلْيَةٌ وَلَا لِيَّةٌ فَإِذَا ثُنِّيَتْ قُلْت أَلْيَانِ فَلَا تَلْحَقُهُ التَّاءُ
(الثَّالِثُ الْتِقَاءُ بَشَرَتِهِ) أَيْ الذَّكَرِ (وَبَشَرَتِهَا) أَيْ الْأُنْثَى (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (مَمْسُوحًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ لَا جَامَعْتُمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَبِغَيْرِهَا أَوْ بِالْيَدِ فَقَطْ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ وَأُلْحِقَ بِالْيَدِ غَيْرُهَا وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ (لَا) إنْ كَانَ (مُحَرَّمًا لَهَا) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَلَا يَنْقُضُ الِالْتِقَاءُ (وَلَا بِشَهْوَةٍ) لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا بَيْنَهُمَا
(وَ) لَا أَنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْقَوَاعِدِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: لَا بِنَوْمٍ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ) لَمْ يَلْحَقْ الْإِغْمَاءُ وَنَحْوُهُ مَعَ تَمْكِينِ الْمَقْعَدَةِ بِالنَّوْمِ لِأَنَّ عَدَمَ الشُّعُورِ مَعَهَا أَبْلَغُ كَمَا مَرَّ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ النَّقْضَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُطْلِقُوا بَلْ قَيَّدُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنَّهُ يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِهِ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، وَشَرَحَهُ الْمَجْمُوعُ وَعِبَارَةُ شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا فَرْقَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَيْنَ الْقَاعِدِ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أب (قَوْلُهُ: مِنْ مَقَرِّهِ) وَلَوْ دَابَّةً سَائِرَةً.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحِيفِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ نِحَافٌ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّحِيفَ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ نِحَافٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فِيهِ فُتُورُ الْحَوَاسِّ) لِأَنَّهُ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ تُغَطِّي الْعَيْنَ وَلَا تَصِلُ إلَى الْقَلْبِ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ كَانَ نَوْمًا (قَوْلُهُ: إنَّ الرُّؤْيَا فِي تِلْكَ اُعْتُضِدَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتِهِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْمُرَادُ بِالْبَشَرَةِ هُنَا غَيْرُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ انْتَهَى. وَلَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ عَلَى الْبَشَرَةِ مِنْ الْعَرَقِ فَإِنَّ لَمْسَهُ يَنْقُضُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غُبَارٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَحْرَمًا إلَخْ) الْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَخَرَجَ بِالتَّأْبِيدِ: الْمُرْتَدَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَأُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَنَحْوُهَا حَلَالٌ نَظَرًا إلَيْهَا بِخُصُوصِهَا وَإِنَّمَا الْحَرَامُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَبِقَوْلِهِ: بِسَبَبٍ مُبَاحٍ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَنَحْوُهَا إذْ السَّبَبُ إمَّا حَرَامٌ إنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ شُبْهَةَ مَحَلٍّ كَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ شُبْهَةَ طَرِيقٍ كَالْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدَيْنِ أَوْ لَا يُوصَفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تَحْرِيمَ إنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ شُبْهَةَ فَاعِلٍ كَوَطْءِ مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِعْلَ مُكَلَّفٍ لِكَوْنِهِ غَافِلًا، وَبِقَوْلِهِ لِحُرْمَتِهَا الْمُلَاعَنَةُ فَإِنَّ تَأْبِيدَ تَحْرِيمِهَا لَا لِحُرْمَتِهَا بَلْ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهَا وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَنْ وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا إذْ الْمُتَّجَهُ الْحُكْمُ عَلَى أُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَلَمْ يَشْمَلْهُنَّ التَّعْرِيفُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ كَانَ قَبْلَ السَّبَبِ الْمُبَاحِ وَيَسْتَحِيلُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَبِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ التَّعْرِيفَ يَشْمَلُهُنَّ وَلَسْنَ بِمَحَارِمَ وَبِالْمَوْطُوءَةِ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِمَا وَبِالْمَعْقُودِ عَلَى أُمِّهَا عَقْدًا حَرَامًا كَأَنْ وَقَعَ بَعْدَ الْخِطْبَةِ.
وَأَجَابَ الْقَايَاتِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ ثَبَتَتْ بِالسَّبَبِ الْمُبَاحِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُعَرَّفَاتٌ فَحَصَلَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ الْحُرْمَةُ
كَانَتْ الْأُنْثَى (صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى) عُرْفًا فَلَا تَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلًّا لِلشَّهْوَةِ وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ الصَّغِيرُ كَمَا فُهِمَ مِنْهَا بِالْأَوْلَى
(وَتَنْقُضُ) أُنْثَى (مَيِّتَةٌ) وَذَكَرٌ مَيِّتٌ (وَعَجُوزٌ) وَهَرَمٌ (وَعُضْوٌ أَشَلُّ) أَوْ زَائِدٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِقَبُولِ الْمَحِلِّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ (وَلَوْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (مَلْمُوسًا) فَإِنَّ وُضُوءَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَنْتَقِضُ بِالِالْتِقَاءِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الِالْتِقَاءُ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِشَهْوَةٍ أَمْ بِدُونِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ اللَّمْسِ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ.
(لَا) عُضْوٌ (مَقْطُوعٌ وَشَعْرٌ وَسِنٌّ وَظُفْرٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ إسْكَانِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَبِكَسْرِهِ مَعَ إسْكَانِهَا وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ فِيهِ أُظْفُورٌ فَلَا نَقْضَ بِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْهَا لِانْتِفَاءِ الْمَظِنَّةِ إذْ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهَا بَلْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلِأَنَّ لَامِسَهَا لَمْ يَلْمِسْ امْرَأَةً وَلَا رَجُلًا
(وَلَا) يَنْقُضُ (أَمْرَدُ) وُضُوءَ الذَّكَرِ وَلَوْ حَسَنَ الصُّورَةِ أَوْ كَانَ الِالْتِقَاءُ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْآيَةِ وَهَذَا فُهِمَ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، كَمَا فُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ النَّقْضِ بِالْتِقَاءِ بَشَرَتَيْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ خُنْثَى وَذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بِحَائِلٍ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا وَلِاحْتِمَالِ التَّوَافُقِ فِي صُوَرِ الْخُنْثَى (وَلَا إنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّةِ الْمَلْمُوسِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الِالْتِقَاءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْقُضُ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا جَازَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَلَا بِالظَّنِّ كَمَا سَيَأْتِي وَالنِّكَاحُ لَوْ مُنِعَ مِنْهُ الشَّاكُّ فِيمَا ذَكَرَ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي
(وَاللِّسَانُ وَلَحْمُ الْأَسْنَانِ كَالْبَشَرَةِ) فِيمَا ذَكَرَ (الرَّابِعُ مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ) قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاضِحًا كَانَ الْمَاسُّ أَوْ خُنْثَى عَلَى مَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ وَالْمُرَادُ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرِ مَسُّ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّ غَيْرِهِ وَغَيْرِ الذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ وَبَاطِنِ الْأَلْيَيْنِ وَالْعَانَةِ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّ مَسَّ شَعْرِ الْفَرْجِ يَنْقُضُ جَرَى فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ مِنْ أَنَّ لَمْسَ الشَّعْرِ يَنْقُضُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (لَا) فَرْجُ (بَهِيمَةٍ) فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهِ كَمَا لَا يَجِبُ سِتْرُهُ وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِتَانٌ وَلَا اسْتِنْجَاءٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى لَمْسِهَا
(وَلَوْ) كَانَ الْآدَمِيُّ (مَيِّتًا وَصَغِيرًا وَ) الْمَمْسُوسُ (ذَكَرًا مَقْطُوعًا) أَوْ أَشَلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَحِلَّهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ وَلِشُمُولِ الِاسْمِ فِي غَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرَ وَمَسُّ بَعْضِهِ الْمَقْطُوعِ كَذَلِكَ إلَّا مَا قُطِعَ فِي الْخِتَانِ إذْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ وَالدُّبُرُ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُهُمَا بَعْدَ قَطْعِهِمَا نَقَضَ مَسُّهُمَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالِاسْمِ كَمَا أَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَسِّ (بِبَطْنِ كَفٍّ وَلَوْ) كَانَتْ (شَلَّاءَ) لِأَنَّ التَّلَذُّذَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ وَلِخَبَرِ الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ السَّابِقِ إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْإِخْبَارِ، وَاعْتَرَضَ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسَّ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّهُ هُنَا عَامٌّ لِأَنَّهُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ الْعَامِّ وَإِفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ، وَالْأَقْرَبُ ادِّعَاءُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ خَبَرِ الْإِفْضَاءِ، وَقَوْلُهُ (وَهُوَ) أَيْ بَطْنُ الْكَفِّ (مَا انْطَبَقَ عَلَيْهِ الْكَفَّانِ بِتَحَامُلٍ يَسِيرٍ) فِيهِ قُصُورٌ بِالنَّظَرِ إلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُنْحَرِفُ الَّذِي يَلِي الْكَفَّ (لَا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَ) لَا (مَا بَيْنَهَا وَلَا حَرْفُ الْكَفِّ) فَلَا يَنْقُضُ الْمَسُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ سَمْتِ الْكَفِّ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَجْرُورَةٌ عَطْفًا عَلَى بَطْنِ كَفٍّ أَوْ مَرْفُوعَةٌ عَطْفًا عَلَى مَا انْطَبَقَ وَشَمَلَ حَرْفُ الْكَفِّ بِحَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ تَفْسِيرُ بَاطِنِهَا السَّابِقِ حَرْفَ الْأَصَابِعِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ وَأُلْحِقَ الْحَرْفُ هُنَا بِالظَّاهِرِ وَفِي الْخُفِّ بِالْبَاطِنِ رُجُوعًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا
(وَمَنْ لَهُ كَفَّانِ نَقَضَتَا) بِالْمَسِّ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتَا عَامِلَتَيْنِ أَمْ غَيْرَ عَامِلَتَيْنِ فَقَوْلُهُ مَنْ زِيَادَتُهُ مُطْلَقًا تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ بِالْعَامِلَتَيْنِ (لَا زَائِدَةٌ مَعَ عَامِلَةٍ) فَلَا تَنْقُضُ بَلْ الْحُكْمُ لِلْعَامِلَةِ فَقَطْ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ النَّقْضَ بِالزَّائِدَةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِإِطْلَاقِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمُؤَبَّدَةُ لَا عَلَى جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَبِالسَّبَبِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ عَلَى جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَلِلْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ جِهَتَانِ وَاعْتِبَارَانِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرْمَةِ الْحُرْمَةُ الْأَوَّلِيَّةُ وَالِاحْتِرَامُ الْأَوَّلِيُّ فِي زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالثَّانِي لَهُنَّ رضي الله عنهن وَعَنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إبَاحَةُ السَّبَبِ نَظَرًا لِذَاتِهِ وَهُوَ فِي الْمَذْكُورَاتِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا حَرُمَ فِيهِنَّ نَظَرًا لِعَارِضِهِ
(قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى عُرْفًا) وَقِيلَ بِسَبْعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ لَمَسَهَا بَعْدَ تَزَوُّجِهِ بِهَا وَبِهِ أَفْتَيْت
(قَوْلُهُ: وَاللِّسَانُ وَلَحْمُ الْأَسْنَانِ كَالْبَشَرَةِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا كَدَاخِلِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ. إلَخْ) الْمُرَادُ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ الشُّفْرَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْ أَوَّلِهِمَا إلَى آخِرِهِمَا لَا مَا هُوَ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْهُمَا فَقَطْ كَمَا وَهَمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يَنْقُضُ مَسُّ مَوْضِعِ خِتَانِهَا ع
(قَوْلُهُ: وَالْمَمْسُوسُ ذَكَرًا مَقْطُوعًا. إلَخْ) دُونَ مُبَان قُبُلِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحَدَثِ مِنْهُ قَبْلَ الْإِبَانَةِ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ الْإِبَانَةِ فَرْجًا وَمَا أَفَادَهُ الْمَفْهُومُ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَثَ بِمَسِّ قُبُلِ الْمَرْأَةِ الْمُبَانِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ أَرَ الْجَزْمَ بِهِ لِغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَوَجْهُهُ بِمَا سَبَقَ وَالدُّبُرُ الْمُبَانُ يَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَمَسُّ بَعْضِهِ الْمَقْطُوعِ كَذَلِكَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ
الْجُمْهُورِ ثُمَّ نُقِلَ الْأَوَّلُ عَنْ الْبَغَوِيّ فَقَطْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ أَحَدُهُمَا عَامِلٌ فَمَسَّ الْآخَرَ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْغُسْلِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي غَيْرِهَا وَجَمَعَ ابْنُ الْعِمَادِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَالَ: كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَفَّانِ عَلَى مِعْصَمَيْنِ وَكَلَامُ التَّحْقِيقِ فِيمَا إذَا كَانَتَا عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ فَتَنْقُضُ الزَّائِدَةُ سَوَاءٌ أَعَمِلَتْ أَمْ لَا كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ كَنَظِيرَةِ فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحِلُّ عَدَمِ النَّقْضِ بِمَسِّ غَيْرِ الْعَامِلِ مِنْ الذَّكَرَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَامِتًا لِلْعَامِلِ وَإِلَّا فَهُوَ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ مُسَامِتَةٍ لِلْبَقِيَّةِ فَيَنْقُضُ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ
(وَلَا يَنْتَقِضُ مَمْسُوسُ فَرْجٍ) بِخِلَافِ الْمَلْمُوسِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْمَسِّ وَالْمَمْسُوسُ لَمْ يُمَسَّ وَوَرَدَ بِالْمُلَامَسَةِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ (وَكَالْأَصَابِعِ) فِي النَّقْضِ بِهَا أُصْبُعٌ (زَائِدَةٌ سَامَتَتْهَا) بِأَنْ تَكُونَ عَلَى سُنَنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسَامِتَةِ لَهَا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ إطْلَاقِ النَّقْضِ بِالزَّائِدَةِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ
(وَإِنْ مَسَّ مُشْكِلٌ فَرْجَيْ مُشْكِلٍ أَوْ) فَرْجَيْ (مُشْكِلَيْنِ) أَيْ آلَةَ الرِّجَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَآلَةَ النِّسَاءِ مِنْ الْآخَرِ (أَوْ) فَرْجَيْنِ (مِنْ نَفْسِهِ انْتَقَضَ) وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مَسَّ فِي غَيْرِ الثَّانِيَةِ وَمَسَّ أَوْ لَمَسَ فِي الثَّانِيَةِ الصَّادِقَةِ بِمُشْكِلَيْنِ غَيْرِهِ وَبِنَفْسِهِ وَمُشْكِلٍ آخَرَ فَعِبَارَتُهُ فِيهَا كَالرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الرَّوْضَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَمُشْكِلٍ آخَرَ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ النَّقْضِ مَانِعٌ مِنْ مَحْرَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ (لَا بِمَسِّ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا وَصَلَّى) صَلَاةً كَصُبْحٍ (ثُمَّ) مَسَّ (الْآخَرَ ثُمَّ صَلَّى) صَلَاةً أُخْرَى كَظُهْرٍ (أَعَادَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهَا قَطْعًا بِخِلَافِ الصُّبْحِ إذْ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ وُجُوبُ إعَادَتِهِمَا مَعًا كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءَيْنِ عَنْ حَدَثَيْنِ ثُمَّ تَيَقَّنَ نِسْيَانَ عُضْوٍ فِي أَحَدِهِمَا رُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ هُنَاكَ الْحَدَثُ فِي إحْدَاهُمَا عَيْنًا بَلْ الشَّكُّ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَوَجَبَ إعَادَتُهُمَا مَعًا، وَأَمَّا هُنَا فَالصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ حَصَلَ تَيَقُّنُ الْحَدَثِ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ مَسِّ الْفَرْجَيْنِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأُولَى، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَدَّ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يَتَيَقَّنْ رَفْعَ حَدَثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ تَيَقَّنَ رَفْعَهُ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ بَيْنَهُمَا فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْحَدَثِ قَطْعًا لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مُفْرَدَةٌ بِحُكْمِهَا وَقَدْ بَنَى كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى ظَنٍّ صَحِيحٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ لِجِهَتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ أَوْ عَنْ الْمَسِّ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ
(وَإِنْ مَسَّ رَجُلٌ ذَكَرَ خُنْثَى أَوْ) مَسَّتْ (امْرَأَةٌ فَرْجَهُ لَا عَكْسُهُ انْتَقَضَ الْمَاسُّ) أَيْ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ فَقَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِالْمَسِّ وَإِلَّا فَبِاللَّمْسِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَ الْخُنْثَى، وَالْمَرْأَةُ ذَكَرَهُ لَا نَقْضَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ وَمَحِلُّ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يَمْنَعُ النَّقْضَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا
(وَلَوْ مَسَّ أَحَدُ مُشْكِلَيْنِ ذَكَرَ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ فَرْجَهُ أَوْ فَرْجَ نَفْسِهِ انْتَقَضَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَجُلَيْنِ فَقَدْ انْتَقَضَ لِمَاسِّ الذَّكَرِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلِمَاسِّ الْفَرْجِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلِكِلَيْهِمَا بِاللَّمْسِ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَدَثُ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ فَرْجَ نَفْسِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ) وَفَائِدَةُ الِانْتِقَاضِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فِي صَلَاةٍ لَا تَقْتَدِي بِالْآخَرِ (وَلَا يَرْتَفِعُ تَعَيُّنُ حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ بِظَنٍّ) لِضِدِّهِ وَلَا بِالشَّكِّ فِيهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى فَيَأْخُذُ بِالْيَقِينِ اسْتِصْحَابًا لَهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّسَاوِي وَالرُّجْحَانِ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ: الشَّكُّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هُوَ التَّرَدُّدُ سَوَاءٌ الْمُسْتَوِي وَالرَّاجِحُ انْتَهَى.
وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقِيلَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ مَثَلًا يَرْفَعُ يَقِينَ الْحَدَثِ
(وَإِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
تَعَذُّرُ الْبَعْضِ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْحَشَفَةِ كَالْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا فَرْقَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سُنَنِهَا) أَيْ عَلَى وَفْقِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ لَمْ يَنْقُضْ الْمَسُّ بِبَطْنِهَا م
(قَوْلُهُ: أَيْ بَيْنَ الْمَسَّيْنِ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هُوَ التَّرَدُّدُ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ: مُعْظَمُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا بَابُ الْإِيلَاءِ وَحَيَاةُ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ وَالْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ وَفِي وُجُوبِ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ وَفِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَأَمَّا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَظَنَّ الْحَدَثَ أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَظَنَّ الطَّهَارَةَ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ الرُّجُوعُ إلَى الْيَقِينِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي إجْرَاءُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ فِي النَّجَاسَاتِ هَاهُنَا فَإِنَّ الْحَدَثَ لَهُ أَمَارَاتٌ انْتَهَى.
وَفِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ طَهَارَةً أَوْ حَدَثًا لَا يَعْمَلُ بِهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الرَّافِعِيُّ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ فِي تَرْكِ عُضْوٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَصَحِّ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ هَذَا إعْمَالٌ لِظَنِّ الطَّهَارَةِ بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اغْتَسَلَتْ مِنْ جِمَاعٍ فِي قُبُلِهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا الْمَنِيُّ فَتَغْتَسِلُ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ. وَمَا لَوْ رَأَى ظَبْيَةً تَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِي سَبَبِ تَغَيُّرِهِ فَيَنْجُسُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ (تَنْبِيهٌ)
قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: لَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي انْقِضَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا أَوْ فِيهَا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَمِنْهَا إذَا شَكَّ فِي أَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَمِنْهَا إذَا شَكَّ فِي أَنَّهُ بَلَغَ وَطَنَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا يُوجِبُ