الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِكَرَاهَتِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ دَعْوَاهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلدَّلِيلِ، وَلِنَصِّ الْأُمِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مَمْنُوعَةٌ، وَأَثَرُ عُمَرَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَلَى أَنَّ الْحَصْرَ فِي قَوْلِهِ إلَّا الشَّافِعِيُّ فَوَثَّقَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ، وَثَّقَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا يُرَدُّ بِهَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَيَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ إخْبَارُ السَّيِّدِ عُمَرَ رضي الله عنه الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ بِالطِّبِّ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَمَسُّكُهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَبَرٌ لَا تَقْلِيدٌ، وَضَابِطُ الْمُشَمَّسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَنْتَقِلَ بِالشَّمْسِ عَنْ حَالَتِهِ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى حَتَّى لَوْ كَانَ شَدِيدَ الْبُرُودَةِ فَخَفَّ بَرْدُهُ بِالشَّمْسِ فَمُتَشَمَّسٌ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا تَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِي مِيَاهِ الْأَوَانِي تَارَةً تَكُونُ بِالْحُمَّى، وَتَارَةً بِزَوَالِ بَرْدِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ بَعْدَ نَقْلِهِمْ ذَلِكَ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ مَنْ اشْتَرَطَ الْآنِيَةَ الْمُنْطَبِعَةَ، وَالْبِلَادَ الْحَارَّةَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِمَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِيهِ فَإِنَّهَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآنِيَةِ تَفْصِلُ أَجْزَاءَ سُمِّيَّةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ ظُهُورِ السُّخُونَةِ، وَمَا قَالُوهُ أَوْجَهُ.
(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (شَدِيدُ حَرَارَةِ و) شَدِيدُ (بُرُودَةِ) لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهَا الْإِسْبَاغَ نَعَمْ إنْ فَقَدَ غَيْرَهُ، وَضَاقَ الْوَقْتُ، وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا حَرُمَ، وَهُوَ، وَاضِحٌ (وَ) تُكْرَهُ (مِيَاهُ ثَمُودَ) ، وَكُلُّ مَاءٍ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِ كَمَاءِ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَاءِ دِيَارِ بَابِلَ (لَا) مَاءِ (بِئْرِ النَّاقَةِ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ النَّازِلِينَ عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ بِأَنْ يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا، وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَنْ يَسْتَقُوا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَوْلُهُ، وَمِيَاهُ ثَمُودَ لَا بِئْرُ النَّاقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ (وَلَا يُكْرَهُ) مَاءُ (بَحْرٍ) لِأَخْبَارٍ كَخَبَرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَخَبَرُ «مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ مَاءُ الْبَحْرِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ فَأَشْبَهَ غَيْرَهُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارٌ، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرٌ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً، وَسَبْعَةً» ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ.
وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَا يُكْرَهُ كَانَ أَنْسَبَ، وَأَخْصَرَ (وَ) لَا (مَاءُ زَمْزَمَ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ نَعَمْ تُكْرَهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ (فَائِدَةٌ)
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مُخْتَصَرِ تَارِيخِ مَكَّةَ مَاءُ زَمْزَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْكَوْثَرِ لِأَنَّ بِهِ غُسِلَ صَدْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يُغْسَلُ إلَّا بِأَفْضَلِ الْمِيَاهِ (وَلَا مُتَغَيِّرَ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) كَمُتَغَيِّرٍ بِمَا فِي مَقَرِّهِ، وَمَمَرِّهِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَ) لَا (مُتَسَخِّنٍ) بِالنَّارِ (وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ، وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْغِلْظَةِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ.
(بَابُ بَيَانِ النَّجَاسَةِ، وَالْمَاءِ النَّجِسِ)
عَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِكُلِّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ تَمْيِيزِهَا، وَإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا لَا لِحُرْمَتِهَا، وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا، وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ فَاحْتَرَزَ بِمُطْلَقًا عَمَّا يُبَاحُ قَلِيلُهُ كَبَعْضِ النَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ، الِاخْتِيَارِ عَنْ حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَيُبَاحُ فِيهَا تَنَاوُلُ النَّجَاسَةِ بِسُهُولَةِ تَمْيِيزِهَا عَنْ دُودِ الْفَاكِهَةِ، وَنَحْوِهَا فَيُبَاحُ تَنَاوُلُهُ مَعَهَا، وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ، وَبِإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا عَنْ الْأَشْيَاءِ الصُّلْبَةِ كَالْحَجَرِ، وَبِالْبَقِيَّةِ عَنْ الْآدَمِيِّ، وَعَنْ الْمُخَاطِ، وَنَحْوِهِ، وَعَنْ الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ، وَالسُّمِّ الَّذِي يَضُرُّ قَلِيلُهُ، وَكَثِيرُهُ، وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرَّمْ تَنَاوُلُهَا لِنَجَاسَتِهَا بَلْ لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ، وَاسْتِقْذَارِ الْمُخَاطِ، وَنَحْوِهِ، وَضَرَرِ الْبَقِيَّةِ، وَعَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِالْعَدِّ فَقَالَ مُبْتَدِئًا بِتَقْسِيمِ مَا يَشْمَلُهَا، وَغَيْرَهَا (الْأَعْيَانُ جَمَادٌ، وَحَيَوَانٌ فَالْجَمَادُ طَاهِرٌ) عَلَى الْأَصْلِ فِيهَا إذْ الْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] .
وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ (لَا خَمْرٌ) ، وَهِيَ الْمُشْتَدُّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ (وَلَوْ مُحْتَرَمَةً، وَبِبَاطِنِ) حَبَّاتِ (عُنْقُودٍ) فَنَجِسَةٌ تَغْلِيظًا، وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ، وَلِأَنَّهَا رِجْسٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالرِّجْسُ النَّجِسُ، وَالْمُحْتَرَمَةُ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْغَصْبِ هِيَ مَا عُصِرَ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَفِي الرَّهْنِ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ بِالطِّبِّ مِنْ غَيْرِهِ) وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّفِيسِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى الطِّبِّ كَوْنُهُ يُورِثُ الْبَرَصَ ثُمَّ بَيَّنَهُ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي ذَلِكَ أَنَّ (قَوْلَهُ فَخَفَّ بَرْدُهُ بِالشَّمْسِ فَمُتَشَمِّسٌ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَهُوَ غَرِيبٌ. (قَوْلُهُ وَمَا قَالُوهُ أَوْجَهُ) فَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ
(قَوْلُهُ وَمَاءُ دِيَارِ بَابِلَ) وَمَاءُ بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ الَّتِي وُضِعَ فِيهَا السِّحْرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «شَرُّ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بَرَهُوتُ» ش وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمِيَاهُ الْمَكْرُوهَةُ ثَمَانِيَةً. (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ) ، وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّ غَيْرَ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ الْمَاءِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ ثُمَّ قَالَ إنَّ مَاءَ زَمْزَمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ ج
[بَابُ بَيَانِ النَّجَاسَةِ وَالْمَاءِ النَّجِسِ]
(قَوْلُهُ وَبِإِمْكَانِ تَنَاوُلِهَا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ ع وَأَيْضًا يَبْقَى الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ عَظْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ تَنَاوُلُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا الْقَيْدُ مُضِرٌّ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ غَالِبَ النَّجَاسَاتِ مِنْ الْعَذِرَةِ وَالْبَوْلِ وَالْقَيْحِ وَالْقَيْءِ فَإِنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَحُرِّمَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا وَكُلُّهَا نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ وَضَرَرُ الْبَقِيَّةِ) فَعَلَى هَذَا لَا يَحْرُمُ أَكْلُ قَلِيلِ الْحَشِيشِ وَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ وَجَوْزُ الطِّيبِ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِ أَكْلِ قَلِيلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِجَوَازِ أَكْلِ قَلِيلِ الْحَشِيشِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي ت (قَوْلُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةً فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَلَا مِنْ الْأَمْرِ بِالِاجْتِنَابِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ جَارِيَةٌ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالرِّجْسُ فِيهِ هُوَ النَّجَسُ ش
مَجْمُوعِهِ هُنَا وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ، وَأَوْجَهُ (وَ) لَا (نَبِيذٌ مُسْكِرٌ) ، وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ نَحْوِهِ فَنَجِسٌ كَالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْجَامِدِ الْمُسْكِرِ كَالْحَشِيشَةِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَسْكَرَ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْخَمْرُ (مُثَلَّثًا) ، وَهُوَ الْمَغْلِيُّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى صَارَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَجَرَى فِيهِ عَلَى لُغَةِ تَذْكِيرِ الْخَمْرِ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَمْرِ، وَالنَّبِيذِ مُثَلَّثًا فَيَكُونُ قَدْ غَلَبَ.
(، وَالْحَيَوَانُ طَاهِرٌ) لِمَا مَرَّ (لَا كَلْبٌ) ، وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الطَّهَارَةَ إمَّا لِحَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَوْ تَكْرُمَةٍ، وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ، وَلَا تَكْرُمَةً فَتَعَيَّنَتْ طَهَارَةُ الْخَبَثِ فَثَبَتَ نَجَاسَةُ فَمِهِ، وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى (وَ) لَا (خِنْزِيرٌ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى قَالَ النَّوَوِيُّ، وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ، وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ (وَ) لَا (فَرْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ تَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ، وَلِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا، وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ، وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَأَشْرَفُهُمَا فِي الدِّينِ، وَإِيجَابِ الْبَدَلِ، وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ، وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ، وَتَحْرِيمَ الذَّبِيحَةِ، وَالْمُنَاكَحَةِ (وَ) لَا (مَيْتَةٌ)، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ، وَلَا بِمُسْتَقْذَرٍ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَالْمَيْتَةُ مَازَالَ حَيَاتُهُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَ) لَا (شَعْرُهَا) ، وَعَظْمُهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ لِأَنَّهُ يَنْمُو، وَالْعَظْمُ يُحِسُّ، وَيَأْلَمُ، وَفِي مَعْنَاهُ الصُّوفُ، وَالْوَبَرُ، وَالرِّيشُ، وَالشَّعَرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا (غَيْرُ) مَيْتَةِ (آدَمِيٍّ، وَسَمَكٍ، وَجَرَادٍ، وَصَيْدٍ لَمْ تُدْرَكُ ذَكَاتُهُ) ، وَإِنْ مَاتَ بِالضَّغْطَةِ (وَجَنِينُ مُذَكَّاةٍ) لِحِلِّ تَنَاوُلِهَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَا مَيْتَةً بَلْ جَعَلَ الشَّارِعُ هَذَا ذَكَاتَهُمَا، وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي خَبَرِ الْجَنِينَ بِأَنَّهُ مُذَكًّى، وَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ السِّكِّينُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] ، وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ، وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابِهِمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا، وَلَا مَيِّتًا» فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَيْتَةَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ نَجِسَةٌ (فَمَيْتَةُ دُودِ نَحْوِ خَلٍّ، وَتُفَّاحٍ نَجِسَةٌ لَكِنْ لَا تُنَجِّسُهُ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا، وَأَكْلُهُ مَعَ مَا لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ (، وَلَا يَنْجُسُ مَاءٌ و) لَا (مَائِعٌ) غَيْرُهُ (بِمَيْتَةٍ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ) بِفَتْحِهَا، وَنَصْبِهَا، وَرَفْعِهَا بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ لَا دَمَ لَهَا يَسِيلُ عِنْدَ شَقِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا (وَإِنْ طُرِحَتْ) فِيهِ (كَزُنْبُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَعَقْرَبٍ) ، وَوَزَغٍ، وَذُبَابٍ، وَنَحْلٍ، وَقَمْلٍ، وَبُرْغُوثٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» زَادَ أَبُو دَاوُد «، وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» ، وَقَدْ يُفْضِي غَمْسُهُ إلَى مَوْتِهِ فَلَوْ نَجُسَ لَمَا أَمَرَ بِهِ.
وَقِيسَ بِالذُّبَابِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ مَيِّتَةٍ لَا يَسِيلُ دَمُهَا، وَالْأَصْلُ مَثَّلَ بِالذُّبَابِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ (لَا) نَحْوُ (حَيَّةٍ) ، وَفَأْرَةٍ، وَسُلَحْفَاةٍ (وَضُفْدُع) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَثَالِثِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ فَيَتَنَجَّسُ بِهَا مَا ذُكِرَ لِسَيَلَانِ دَمِهَا بِخِلَافِ تِلْكَ لَا يَتَنَجَّسُ بِهَا (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ) بِهَا فَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا لِكَثْرَتِهَا تَنَجَّسَ لِتَغَيُّرِهِ بِنَجَاسَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ وَأَوْجَهُ) لِأَنَّ الْعِنَبَ كَانَ مُحْتَرَمًا قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَمْ يُوجَدُ مِنْ مَالِكِهِ قَصْدٌ فَاسِدٌ يَخْرُجُهُ عَنْ الِاحْتِرَامِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْخَمْرُ الَّتِي فِي بَاطِنِ الْعُنْقُودِ مُحْتَرَمَةً. (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ) وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَةَ مُسْكِرَانِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَشِيشَةَ مُسْكِرَةٌ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ عِنْدَنَا فَالصَّوَابُ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعَارِفُونَ بِالنَّبَاتِ وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ فِيهَا كَمَا رُجِعَ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِهَا
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ» إلَخْ) ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دُعِيَ إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَجَابَ ثُمَّ دُعِيَ إلَى دَارٍ أُخْرَى فَلَمْ يُجِبْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ فِي دَارِ فُلَانٍ كَلْبًا قِيلَ وَإِنَّ فِي دَارِ فُلَانٍ هِرَّةً فَقَالَ الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ.» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى) وَلَا يُنْتَقَضُ بِالْحَشَرَاتِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاعَ وَالِاقْتِنَاءَ. (قَوْلُهُ وَلِتَوَلُّدِهِ مِنْهَا فَكَانَ مِثْلَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا يُنْتَقَضُ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخْلَقُ مِنْ نَفْسِ الْخَلِّ بَلْ يَتَوَلَّدُ فِيهِ قَالَ وَلَوْ ارْتَضَعَ جَدْيٌ كَلْبَةً أَوْ خِنْزِيرَةً فَنَبَتَ لَحْمُهُ عَلَى لَبَنِهَا لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَصَحِّ ش. (قَوْلُهُ وَلَا شَعْرُهَا) شَمِلَ الشَّعْرَ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ حَالَ حَيَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَسَمَكٌ) أَيْ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ عُرْفًا سَمَكًا. (قَوْلُهُ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ) أَوْ أَنَّهُمْ لَا يَتَطَهَّرُونَ أَوْ لَا يَجْتَنِبُونَ النَّجَاسَاتِ فَهُمْ مُلَابِسُونَ لَهَا غَالِبًا. (قَوْلُهُ فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ) وَلِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ لَكَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عُهِدَ غَسْلُ الطَّاهِرِ بِدَلِيلِ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ بِخِلَافِ نَجِسِ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَا تُنَجِّسُهُ) إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ) قَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ حِلَّ أَكْلِهِ مَعَهُ بِأَنْ لَا يَنْقُلَهُ أَوْ يُنَحِّيهِ مِنْ الطَّعَامِ إلَى آخَرَ فَإِنْ فَعَلَ فَكَالْمُنْفَرِدِ فَتَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ. اهـ. (قَوْلُهُ بِمَيْتَةٍ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً) هَهُنَا تَنْبِيهٌ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَتِهِ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ إذَا اغْتَذَى بِالدَّمِ كَالْحَلَمِ الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ فَإِنْ مَكَثَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْشَقَّ جَوْفُهُ وَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ يَنْجُسُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْ الْحَيَوَانِ دُونَ الدَّمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا كَمَا يُعْفَى عَمَّا فِي بَطْنِهِ مِنْ الرَّوْثِ إذَا ذَابَ وَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُغَيَّرْ وَكَذَلِكَ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ ت وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ