الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ فَرَغَ هُوَ أَوْ لَا فَارَقَهُ وَسَلَّمَ، أَوْ انْتَظَرَهُ (فِي التَّشَهُّدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ.
(فَرْعٌ تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ) لِلْإِمَامِ
، وَإِنْ قَصَّرَ الْمَأْمُومُ فَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ السَّابِقِ فِي فَصْلِ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ مَعَهُ إلَّا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا (وَلَوْ) الْأَوْلَى فَلَوْ (أَدْرَكَهُ فِيهِ، وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ، أَوْ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ) قَامَ إلَيْهَا (سَهْوًا) ، أَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ ظَانًّا جَوَازَهُ فَأَدْرَكَهُ فِيهِ (لَمْ يُجْزِهِ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْإِمَامِ لِتَحَمُّلِ الْقِيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ (فَإِنْ أَتَى مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَنْ لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ (بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً) بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ (أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا (لَا إنْ عَلِمَ بِحَدَثِهِ، أَوْ سَهْوِهِ وَنَسِيَ) فَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ هَوَى الْمَسْبُوقُ لِلرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ وَلَاقَاهُ فِي حَدِّ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) ، وَهُوَ بُلُوغُ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ (مُطْمَئِنًّا) أَيْ الْمَسْبُوقُ (أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ شَكَّ فِي الِاكْتِفَاءِ) أَيْ فِي إدْرَاكِ الْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ (لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا) لِلرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إدْرَاكِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَيْضًا بَقَاءُ الْإِمَامِ فِيهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِهِ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّا لَا نَشْتَرِطُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ التَّيَقُّنَ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي طَهَارَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ قَالَ الْفَارِقِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْإِمَامَ، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ (كَمَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ فِي الْفِعْلِ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِيهِ) ، وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَيُوَافِقُهُ فِي جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ مَعَ زِيَادَةٍ.
(فَرْعٌ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ) الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا (أَوْ التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ، أَوْ الْأَخِيرِ (لَمْ يُكَبِّرْ لِلْهُوِيِّ) إلَيْهِ؛
لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ وَلَا هُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ بِخِلَافِ انْتِقَالِهِ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ وَبِخِلَافِ الرُّكُوعِ كَمَا يُعْلَمُ الثَّانِي مِمَّا مَرَّ، وَالْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ مُعْتَدِلًا فَهَوَى مَعَهُ كَبَّرَ) لِلْهُوِيِّ وَلِلِانْتِقَالِ بَعْدَهُ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ (وَيُسْتَحَبُّ مُوَافَقَتُهُ فِي قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ، وَالتَّسْبِيحَاتِ) لِلْمُتَابَعَةِ (وَتَنْتَهِي الْقُدْوَةُ) الْكَامِلَةُ (بِالسَّلَامِ) الثَّانِي مِنْ الْإِمَامِ لِزَوَالِ الرَّابِطَةِ (فَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ الْمُبَادَرَةُ بِالْقِيَامِ) إذَا لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَوْضِعَ تَشَهُّدِهِ وَأَكَّدَ لُزُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ مُكْثُهُ) فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَيْهِ.
(وَلَا يُكَبِّرُ) لِقِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَكْبِيرِهِ وَلَا مُتَابَعَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) جُلُوسُهُ مَعَهُ (مَوْضِعَ تَشَهُّدٍ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ، أَوْ ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ (كَبَّرَ وَمَكَثَ إنْ شَاءَ) كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَسْبُوقِ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ:" لَهُ "؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْبُوقِ (انْتِظَارُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ) فَإِنَّهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا وَلِهَذَا لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهَا الْحَدَثَ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يُنَافِي مَا وَقَعَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى (فَإِنْ قَامَ) بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ (عَامِدًا) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) وَمَا يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ (وَمَا يَأْتِي بِهِ) بَعْدَهُ (فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ يُعِيدُ فِيهِ الْقُنُوتَ) وَسُجُودَا السَّهْوِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ لِلْإِمَامِ]
قَوْلُهُ: تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ فَلَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ نَوَى مُفَارَقَتَهُ جَازَ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ فَقَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَرَكَعَ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ الْحَنَفِيَّ رَاكِعًا وَشَكَّ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ، أَوْ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ قِرَاءَتَهَا كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ إلَخْ) لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَجَوَّزْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْسَبَ لَهُ الرُّكُوعُ، وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ رُكُوعٌ مَحْسُوبٌ لِلْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ) ، أَوْ نَسِيَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنٍّ لَا يُجَامِعُهُ شَكٌّ إذْ الظَّنُّ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ بِالْقُوَّةِ، أَوْ تَرَدُّدٍ بِالْفِعْلِ، وَالْمَحْذُورُ هُنَا الثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرُ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ جَزْمُ الْمُصَنِّفِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ) أَشَارَ إلَيْهِ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ جِلْسَةٍ يَسِيرَةٍ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا (قَوْلُهُ:، فَإِنْ قَامَ عَامِدًا قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَصِيرِهِ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَإِنَّ بِهِ تَبْطُلُ الْقُدْوَةُ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ فَإِنَّ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ تَامٍّ مُبْطِلٌ عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ تَامٍّ غَيْرُ مُبْطِلٍ عِنْدَهُمْ. اهـ.
، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ قَطَعَ بِمَا فَعَلَهُ الْقُدْوَةَ بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ فَفَعَلَ حَرَامَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّقَدُّمُ بِرُكْنٍ، وَالثَّانِي قَطْعُ الْقُدْوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَفِي تِلْكَ لَمْ يَقْطَعْهَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ رُكْنًا يَفْعَلُهُ إمَامُهُ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَقِيمُ عَلَى اخْتِيَارِ الْجُمْهُورِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مِنْ التَّقَدُّمِ بِرُكْنٍ بَلْ مِنْ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ عَمْدًا حَالَ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُبْطِلٌ قَطْعًا، وَالتَّقَدُّمُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِأَنْ يَأْتِيَ الْمَأْمُومُ بِفِعْلٍ قَبْلَ إتْيَانِ الْإِمَامِ بِهِ وَهَاهُنَا لَا يَقُومُ الْإِمَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ) ؛ وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا مَعَ الْخَصْمِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ أَتَى بِأُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ
يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ.
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «صَلِّ مَا أَدْرَكْت وَاقْضِ مَا سَبَقَك» ، فَالْقَضَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَأَيْضًا رُوَاةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ حَتَّى قَالَ أَبُو دَاوُد إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ (وَلَوْ أَدْرَكَ) مَعَهُ (رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، ثُمَّ قَامَ لِلرَّكْعَتَيْنِ) الْأَخِيرَتَيْنِ (قَرَأَ السُّورَةَ فِيهِمَا لِئَلَّا تَخْلُوَ مِنْهَا صَلَاتُهُ) ؛ وَلِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَقْرَأْهَا فِيهِمَا وَفَاتَهُ فَضْلُهَا فَيَتَدَارَكُهَا فِي الْبَاقِيَتَيْنِ كَسُورَةِ الْجُمُعَةِ الْمَتْرُوكَةِ فِي أُولَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ سُنِّيَّةِ الْجَهْرِ فِيهِمَا بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِمَا الْإِسْرَارُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ لَا نَقُولُ أَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُهَا بَلْ لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَهُ أَيْضًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهُوَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِيهَا فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ خَمْسًا وَإِذَا قَامَ لِثَانِيَتِهِ كَبَّرَ خَمْسًا أَيْضًا، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ فِي أُولَيَيْهِ فَإِنْ قَرَأَهَا فِيهِمَا لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَبُطْءِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْآخِرَتَيْنِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي أُولَيَيْهِ لَا يَقْرَأْهَا فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا فِي ثَالِثَتِهِ قَرَأَهَا فِيهَا، ثُمَّ لَا يَقْرَؤُهَا فِي رَابِعَتِهِ قَالَ وَلَوْ فَرَّطَ إمَامُهُ فَلَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ، فَإِنْ قَرَأَهَا هُوَ حَصَلَ لَهُ فَضْلُهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا وَوَدَّ لَوْ كَانَ مُتَمَكِّنًا لَقَرَأَهَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَهُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهَا (وَالْجَمَاعَةُ فِي الصُّبْحِ) أَيْ صُبْحِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ صُبْحِ غَيْرِهَا (ثُمَّ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الْعَصْرِ أَفْضَلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ، وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ» ، لَكِنْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «مَا مِنْ صَلَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَمَا أَحْسَبُ مَنْ شَهِدَهَا مِنْكُمْ إلَّا مَغْفُورًا لَهُ» وَفِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ خَبَرُ «إنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الصُّبْحُ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا الْعَصْرُ، وَهُوَ الْحَقُّ فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا لِتَأَكُّدِهَا وَعِظَمِ خَطَرِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي الظُّهْرِ، وَالْمَغْرِبِ فَيُحْتَمَلُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا اُخْتُصَّتْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَبِالْإِبْرَادِ وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُخَفِّفْ فِيهَا بِالْقَصْرِ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ تُقَامَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامِهِ) الرَّاتِبِ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ مَعَهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ (إلَّا إنْ كَانَ) الْمَسْجِدُ (مَطْرُوقًا) فَلَا تُكْرَهُ إقَامَتُهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَطْرُوقًا، وَلَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، أَوْ لَهُ رَاتِبٌ وَأَذِنَ فِي إقَامَتِهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَضَاقَ الْمَسْجِدُ عَنْ الْجَمِيعِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يُخَفْ فَوْتُ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي فَرْعِ السَّاكِنُ بِحَقٍّ مُقَدَّمٌ (وَإِنْ كَرِهَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْقَوْمِ لِخُلُقٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لِأَمْرٍ (مَذْمُومٍ شَرْعًا) كَوَالٍ ظَالِمٍ وَكَمُتَغَلِّبٍ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْ يَمْحُو هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً، أَوْ يُعَاشِرُ الْفَسَقَةَ، أَوْ نَحْوَهُمْ (كُرِهَتْ لَهُ الْإِمَامَةُ) .
وَإِنْ نَصَبَهُ لَهَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرْفَعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ» وَالْأَكْثَرُ فِي حُكْمِ الْكُلِّ (لَا الِاقْتِدَاءُ) مِنْهُمْ (بِهِ) فَلَا يُكْرَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا إذَا كَرِهَهُ دُونَ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْأَكْثَرُ لَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْإِمَامَةُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَرَاهَةِ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ بِصِفَةِ الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِمَعْنًى يُفَسَّقُ بِهِ كَزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ كُرِهَ لَهُ الْإِمَامَةُ وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ التَّرْكِ فِتْنَةً، أَوْ ضَرَرًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ اقْتِدَاءُ السَّلَفِ بِالْحَجَّاجِ وَأَمْثَالِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ عَلَى قَوْمٍ رَجُلًا يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ (فَإِنْ كَرِهُوا حُضُورَهُ الْمَسْجِدَ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ إلَخْ) فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ)، وَكَذَا إنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَفْضُولَةَ إذَا زَادَتْ مَشَقَّتُهَا عَلَى مَشَقَّةِ الْفَاضِلَةِ كَانَ ثَوَابُهَا أَكْثَرَ وَلَيْسَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْعَصْرِ كَالْمَشَقَّةِ فِي الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَفْضِيلُ الْمَغْرِبِ إلَخْ) الظَّاهِرُ مِنْ احْتِمَالَاتِهِ ثَانِيهَا.
(قَوْلُهُ كَرِهْت لَهُ الْإِمَامَةَ) وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَهُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ وَالْإِسْنَوِيُّ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ س