الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: «سَكَبْت الْوُضُوءَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْتَهَيْت إلَى رِجْلَيْهِ أَهْوَيْت لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ (كَامِلَةٍ بِحَيْثُ لَا يُقِرُّ قَدَمَهُ فِي قَدَمِ الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى) لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا لِشَيْءٍ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِكَامِلَةِ مَا لَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ وَمَا لَوْ أَدْخَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَهُمَا فِيهِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ مَا يَخْرُجُ بِهِ يَخْرُجُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِ الْوَجِيزِ
(وَإِنْ قَرَّتْ) قَدَمُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى (وَنَزَعَهَا وَحْدَهَا) وَلَوْ (بَعْدَ لُبْسِهِمَا) جَمِيعًا (وَأَعَادَهَا) إلَى الْخُفِّ (أَجْزَأَهُ) لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْزِعْهَا (وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيهِ) أَيْ الْخُفِّ (لَمْ يَجُزْ) وَإِنْ تَمَّ وُضُوءُهُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ (إلَّا) إذَا غَسَلَهُمَا فِيهِ (قَبْلَ قَرَارِهِمَا) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَقَرِّ كَمَا عَرَفَ فَإِنْ قُلْت هَلَّا اكْتَفَى بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ لِأَنَّهَا كَالِابْتِدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ قُلْنَا: إنَّمَا تَكُونُ كَالِابْتِدَاءِ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ صَحِيحًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَيْضًا الْحُكْمُ هُنَا إنَّمَا هُوَ مَنُوطٌ بِالِابْتِدَاءِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ «إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ» وَفِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» حَيْثُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِإِدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ وَنَظِيرُهُ مِنْ الْأَيْمَان أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ الدُّخُولِ
(وَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ اللُّبْسِ) مُتَطَهِّرًا (وَقَبْلَ قَرَارِهِمَا) فِي الْخُفِّ (لَمْ يَمْسَحْ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ إدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ (وَلَوْ أَخْرَجَهُمَا بَعْدَ اللُّبْسِ مِنْ مَقَرِّهِمَا وَمَحِلُّ الْفَرْضِ مَسْتُورٌ وَالْخُفُّ مُعْتَدِلٌ لَمْ يَضُرَّ) وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَبِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ دُونَ دَوَامِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مُعْتَدِلٌ مَا لَوْ جَاوَزَ طُولُ الْخُفِّ الْعَادَةَ وَبَلَغَتْ رِجْلُهُ حَدًّا لَوْ كَانَ الْخُفُّ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ
(وَإِنْ أَحْدَثَ دَائِمُ الْحَدَثِ) كَمُسْتَحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ (غَيْرِ حَدَثِهِ) جَازَ لَهُ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اللُّبْسِ وَالِاتِّفَاق بِهِ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ الصَّلَاةَ بِطَهَارَتِهِ فَيَسْتَفِيدُ الْمَسْحَ أَيْضًا ثُمَّ إنْ أَحْدَثَ (قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا مَسَحَ لِفَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ وَإِنْ أَحْدَثَ وَقَدْ صَلَّى بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِلنَّفْلِ) لِأَنَّ مَسْحَهُ مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ أَرَادَ فَرِيضَةً أُخْرَى وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرِ الْكَامِلِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ فَكَأَنَّهُ لَبِسَ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَدَثِهِ حَدَثُهُ فَلَا يَضُرُّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى اسْتِئْنَافِ طُهْرٍ إلَّا إذَا أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطُّهْرِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا وَحَدَثُهُ يَجْرِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ حَدَثِهِ
(وَكَذَا لَابِسُهُ) مُتَلَبِّسًا (بِوُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ لِجِرَاحَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْسَحُ لِفَرِيضَةٍ وَنَوَافِلَ أَوْ لِنَوَافِلَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا لَوْ لَبِسَهُ لِمَحْضِ التَّيَمُّمِ لِمَرَضٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لَا لِفَقْدِ مَاءٍ فَأَحْدَثَ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْسَحُ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ جَوَابٌ لِمَا يُقَالُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمَسْحُ فِي التَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِعُذْرِهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ وَأَحْدَثَ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ كَدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا شُفِيَ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ فَلَا مَسْحَ لِأَنَّهُ يَمْحَضُ التَّيَمُّمَ كَمَا كَانَ يَمْحَضُهُ قَبْلَ اللُّبْسِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ لَكِنَّهُ تَكَلَّفَ الْغُسْلَ وَأَرَادَ الْمَسْحَ غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ أَوْ لَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَمَّا لُبْسُهُ بِمَحْضِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا مَسْحَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ، وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا
(فَإِنْ شُفِيَ) دَائِمُ الْحَدَثِ أَوْ الْمُتَيَمِّمُ لَا لِفَقْدِ الْمَاءِ (فَلَا مَسْحَ) لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ الْمُرَتَّبِ هُوَ عَلَيْهَا الشَّرْطُ
[الشَّرْط الثَّانِي صَلَاحِيَّة الْخَفّ لِلْمَسْحِ]
(الثَّانِي صَلَاحِيَّتُهُ) أَيْ الْخُفِّ لِلْمَسْحِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ (بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ) وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ فَلَا يَكْفِي مَا لَا يَسْتُرُهُ وَلَوْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَقَوْلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا إيضَاحٌ وَالْمُرَادُ بِالسَّاتِرِ الْحَائِلُ لَا مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَيَكْفِي الشَّفَّافُ عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا عَدَمُ نُفُوذِ الْمَاءِ وَثَمَّ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ
(وَلَوْ مَشْقُوقًا وَقَالَ إنْ شُدَّ) فِي أَزْرَارِهِ (شَرَجُهُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ عُرَاهُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِحُصُولِ السِّتْرِ وَسُهُولَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَرْطَانِ] [
الشَّرْط الْأَوَّل لُبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ]
قَوْلُهُ: وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ش
(قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا) وَهُوَ فِي الْأُولَى عَدَمُ الْمَسْحِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا بِاللُّبْسِ التَّامِّ وَإِذَا مَسَحَ فَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْجَوَازِ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِالنَّزْعِ التَّامِّ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ دَائِمُ الْحَدَثِ. إلَخْ) اسْتَشْكَلَ مَسْحُ دَائِمِ الْحَدَثِ مِنْ جِهَةِ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَقِبَ الطُّهْرِ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ بِمَنْعِ الْمُبَادَرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ زَمَنَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ زَمَنٌ يَسِيرٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يُعَدُّ تَأْخِيرُ الْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ عَنْ الْإِيجَابِ بِقَدْرِهِ مُبْطِلًا لَهُ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي زَمَنِ الِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ كَتَأْخِيرِهَا إلَى فَرَاغِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَانْتِظَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمُسْتَحَاضَةٍ) أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَمْسَحَ لِأَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ اغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ فَهِيَ كَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَابِسَةً قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ تَمْسَحْ غ د وَقَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ. إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَابِسُهُ بِوُضُوءٍ وَتَيَمَّمَ لِجِرَاحَةٍ إلَخْ) لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِلْإِعْوَازِ لَكِنَّ كَلَامَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ أَوْ لَا) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ خَشِيَ مَحْذُورًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَانَ حَرَامًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) هُوَ مَسْبُوقٌ مِنْ الْبَارِزِيِّ بِهَذَا التَّصْوِيرِ
(قَوْلُهُ: سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ) الْمُرَادُ بِالسَّتْرِ هُنَا الْحَيْلُولَةُ وَفِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ مَنْعُ إدْرَاكِ الْبَشَرَةِ فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ مِنْ زُجَاجٍ إنْ أَمْكَنَتْ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْخُفِّ عُسْرُ غَسْلِ الرِّجْلِ وَقَدْ حَصَلَ، وَالْمَقْصُودُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ سَتْرُهَا مِنْ الْعُيُونِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ وَهِيَ.
الِارْتِفَاقِ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِقِطْعَةِ أَدَمٍ لَفَّهَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ فَإِنْ لَمْ يَشُدَّ شَرَجَهُ لَمْ يَكْفِ لِظُهُورِ مَحِلِّ الْفَرْضِ إذَا مَشَى وَفِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرَجَ هُوَ الْأَزْرَارُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا يَصْلُحُ لَهُ أَيْضًا وَكَالْمَشْقُوقِ الزَّرْيُونُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرٌ
(وَ) لَوْ (مُحَرَّمًا كَمَغْصُوبٍ و) مُتَّخَذٍ (مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ) كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَلِأَنَّ اللُّبْسَ مُسْتَوْفَى بِهِ مَا شَرَعَ لِلَّابِسِ لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لِلرُّخْصَةِ قَالَ: وَبِهِ فَارَقَ مَنْعَ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إذَا الْمُجَوِّزُ لَهُ السَّفَرَ وَمَا قَالَهُ قَدْ يُقَالُ يُشْكِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْمُحْتَرَمِ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْآلَةِ بِخِلَافِهَا هُنَا
(لَا مَخْرَقًا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) بِأَنْ يَظْهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ فَلَا يَكْفِي لِظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: سَاتِرًا مَحَلَّ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالصَّحِيحِ كَمَا فِي فِدْيَةِ الْمُحْرِمِ لِأَنَّ الْمَسْحَ نِيطَ بِالسِّتْرِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْمَخْرَقِ وَالْفِدْيَةِ بِالتِّرْفَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِهِ (وَلَا لَفَائِفَ) لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهَا مَعَ سُهُولَةِ نَزْعِهَا وَلُبْسِهَا (وَ) لَا (جِلْدًا) لَفَّهُ عَلَى رِجْلِهِ وَشَدَّهُ لِأَنَّهُ (لَا يُسَمَّى خُفًّا) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ (وَ) لَا (جَوْرَبُ صُوفِيَّةٍ) وَهُوَ الَّذِي يُلْبَسُ مَعَ الْمُكَعَّبِ وَمِنْهُ خِفَافُ الْفُقَهَاءِ وَالْقُضَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّرَدُّدُ فِيهَا لِلْحَوَائِجِ الْآتِي بَيَانُهَا أَوْ لَمْ يَمْنَعْ نُفُوذَ الْمَاءِ وَهَذِهِ وَاللَّتَانِ قَبْلَهَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ ثُمَّ وَهُوَ الْأَنْسَبُ
(فَإِنْ تَخَرَّقَتْ ظِهَارَةُ الْخُفِّ أَوْ بِطَانَتُهُ أَوْ هُمَا وَلَمْ يَتَحَاذَيَا) بِخَرْقَيْهِمَا (وَالْبَاقِي) فِي الثَّلَاثَةِ (صَفِيقٌ) أَيْ مَتِينٌ (أَجْزَأَهُ) وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي صَفِيقًا أَوْ تَحَاذَى الْخَرْقَانِ فِي الثَّالِثَةِ (فَلَا يُجْزِئُهُ) وَلَوْ تَخَرَّقَ وَتَحْتَهُ جَوْرَبٌ يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ لَمْ يَكْفِ بِخِلَافِ الْبِطَانَةِ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْخُفِّ وَلِهَذَا تَتَبَّعَهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ (وَبِأَنْ) يَكُونَ قَوِيًّا بِأَنْ (يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ) لَا فَرْسَخًا وَلَا مَرْحَلَةً بَلْ قَدْرُ مَا يَحْتَاجُهُ الْمُسَافِرُ مِنْ ذَلِكَ (لِلْحَوَائِجِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتِّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعَدًا وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَسَفَرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَقُوَّتُهُ تُعْتَبَرُ بِأَنْ يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِذَلِكَ (وَ) بِأَنْ (يَمْنَعَ نُفُوذَ الْمَاءِ وَالْمَطَرِ) إلَى الرِّجْلِ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ
(وَإِنْ كَانَ مَنْسُوجًا فَلَوْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِيهِ لِضِيقٍ أَوْ سَعَةٍ أَوْ ثِقَلٍ) أَوْ لِضَعْفٍ كَلَفَائِفَ وَجَوْرَبِ صُوفِيَّةٍ بِشَرْطٍ قَدَّمْته (لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهَا خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَاءِ مَاءُ الْغُسْلِ لَا مَاءُ الْمَسْحِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَبِتَقْدِيرِ نُفُوذِهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا مَعًا لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ فَقَطْ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى اعْتِبَارُ مَاءِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاءِ الْمَسْحِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمَطَرُ إشَارَةٌ إلَيْهِ
(وَإِنْ تَأَتَّى الْمَشْيُ فِي خُفٍّ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ زُجَاجٍ) أَوْ نَحْوِهَا (جَازَ) كَسَائِرِ الْخِفَافِ (وَبِأَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا نَجِسًا) لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفَائِدَةُ الْمَسْحِ وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا فَالْقَصْدُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ وَهِيَ لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا فَكَيْفَ يَمْسَحُ عَلَى الْبَدَلِ وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ (فَإِنْ تَنَجَّسَ) الْخُفُّ (وَمَسَحَ جُزْءًا مِنْهُ طَاهِرًا جَازَ وَاسْتَفَادَ) بِهِ (مَسَّ الْمُصْحَفِ قَبْلَ غُسْلِهِ) وَالصَّلَاةَ بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ كَصَاحِبَيْ الِاسْتِقْصَاءِ وَالذَّخَائِرِ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ كَالنَّجَسِ ثُمَّ قَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَا تَكْفِي لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْيُ الْغَرَرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ لِأَنَّ الشَّيْءَ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ يُرَى غَالِبًا عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا كَمَغْصُوبٍ. إلَخْ) وَأَمَّا لُبْسُ الْمُحْرِمِ الْخُفَّ فَفِي الْخَادِمِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِحُكْمِ مَسْحِهِ وَفِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَهُمْ الْمَنْعُ قَالَ: وَأَغْرَبَ شَارِحُ الْهَادِي فَصَرَّحَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ انْتَهَى.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ الْوَجْهَيْنِ ظَاهِرٌ إذْ الْمُحْرِمُ مَنْهِيٌّ عَنْ اللُّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ وَالنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَعَدٍّ بِاسْتِعْمَالِ مَالِ الْغَيْرِ وَعَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِخُصُوصِهِمَا وَفِي نُكَتِ النَّاشِرِيِّ الْجَزْمَ بَعْدَ صِحَّةِ مَسْحِ الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ قَطَعَ بِالْمَنْعِ فِي الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُخَالِفًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الْمَغْصُوبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِ الْخُفِّ فَصَارَ كَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ انْتَهَى.
أت وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ. إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ) إذْ الْمَعْصِيَةُ فِي الْغَصْبِ وَاللُّبْسِ لَا فِي الْمَسْحِ وَلَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِاللُّبْسِ وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَ لُبْسَهُ لَمْ تَزُلْ الْمَعْصِيَةُ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. إلَخْ) دُونَ الْمُكَعَّبِ أَوْ أَلْصَقَ بِالْمُكَعَّبِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ التَّرَدُّدُ فِيهِ) الْمُرَادُ الْمَشْيُ بِلَا نَعْلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَأَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ: فَقُوَّتُهُ تُعْتَبَرُ بِأَنْ يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِذَلِكَ) وَضَبَطَهُ أَبُو حَامِد فِي الرَّوْنَقِ وَالْمَحَامِلِيُّ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَصَاعِدًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَضَبَطَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي التَّبْصِرَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَسَافَةِ السَّفَرِ الَّذِي يُعْتَبَرُ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَاجَاتِهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَسَافَةِ التَّرَدُّدِ لِحَاجَاتِهِ وَيَرُدُّ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ اعْتِبَارَهُمْ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعِدًا فَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ
(قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَمْنَعَ نُفُوذَ الْمَاءِ وَالْمَطَرِ إلَخْ) لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ كَالْغَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِيهِ لِضِيقِ. إلَخْ) إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ بِالْمَشْيِ فِيهِ عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ. إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا قَائِلًا بِأَنَّ مَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ يَكْفِي وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ فِي مَاءِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ مَجْزُومٌ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي
(قَوْلُهُ: أَوْ زُجَاجٌ) يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَقْطَعَ خُفًّا مِنْ فَوْقِ الْكَعْبَيْنِ وَيُرَكِّبَ عَلَى قَدَمِهِ