الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَصْطَكَى فَلَا تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ (وَلَا مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ) .
وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ (كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ) وَالْإِذْخِرِ وَالْخُزَامِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طِيبًا، وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَ وَتُعُهِّدَ كَالْوَرْدِ (وَلَا بِالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ لَوْنُهُ (وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِي النِّرْجِسِ وَالرَّيْحَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (الْفَارِسِيِّ) ، وَهُوَ الضُّمَيْرَانِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنَّهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَعْرُوفُ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ الضَّوْمَرَانُ بِالْوَاوِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ نَبْتٌ بَرِّيٌّ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُرْسِينُ (وَالْبَنَفْسَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَالْبَانِ) وَاللِّينُوفَرِ؛ لِأَنَّهَا طِيبٌ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَنَفْسَجَ لَيْسَ بِطِيبٍ عَلَى الْمُرَبَّى بِالسَّكَرِ الَّذِي ذَهَبَ رِيحُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ أَنَّ الْبَانَ لَيْسَ طِيبًا عَلَى يَابِسٍ لَا يَظْهَرُ رِيحُهُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ مَعَ الْقَصْدِ الِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْفَارِسِيِّ الْعَرَبِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ احْتَاجَ الْمُحْرِمُ إلَى التَّدَاوِي بِطِيبٍ تَدَاوَى بِهِ وَافْتَدَى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
(فَرْعٌ دُهْنُ الْبَانِ) الْمَغْلِيُّ (وَدُهْنُ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ طِيبٌ) وَالْمُرَادُ بِدُهْنِ هَذَيْنِ دُهْنٌ طُرِحَا فِيهِ (لَا دُهْنٌ تُرُوِّحَ سِمْسِمُهُ بِهِمَا) بِأَنْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ سِمْسِمٍ تُرُوِّحَ بِوَضْعِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ رِيحَهُ رِيحُ مُجَاوَرَةٍ (وَفِي دُهْنِ الْأُتْرُجِّ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّهُ طِيبٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (فَرْعٌ وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ الطِّيبُ فِي الْمُخَالِطِ) لَهُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ رِيحٌ، وَلَا طَعْمٌ، وَلَا لَوْنٌ (أَوْ) الْأُولَى كَأَنْ (اُسْتُعْمِلَ فِي دَوَاءٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَأَكْلُهُ) ، وَلَا فِدْيَةَ (وَإِنْ بَقِيَ الرِّيحُ فِيمَا اُسْتُهْلِكَ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا) لِمُرُورِ الزَّمَانِ أَوْ لِغُبَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ (يَظْهَرُ بِرَشِّ الْمَاءِ) عَلَيْهِ (فَدَى) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ مِنْ الطِّيبِ الرِّيحُ (وَكَذَا) لَوْ بَقِيَ (الطَّعْمُ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ (لَا اللَّوْنِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ بِدَلِيلِ حِلِّ الْمُعَصْفَرِ.
(فَرْعٌ) فِي بَيَانِ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ (إنَّمَا تُؤَثِّرُ مُبَاشَرَتُهُ) إذَا كَانَ (صَالِحًا لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ) بِأَنْ يُلْصِقَهُ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَحَلٍّ لَا يُعْتَادُ التَّطَيُّبُ فِيهِ، وَلَفْظُ صَالِحًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا (فَإِذَا مَسَّ طِيبًا يَابِسًا) كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ (فَعَبِقَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ لَزِقَ (بِهِ رِيحُهُ لَا عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَ الْعُودَ أَوْ أَكَلَهُ لَمْ يَضُرَّ) فَلَا يَحْرُمُ، وَلَا يَجِبُ بِهِ فِدْيَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْمُجَاوَرَةِ بِلَا مَسٍّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَأَمَّا الْبَاقِي؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا وَالتَّقْيِيدُ بِالْيَابِسِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَإِنْ تَجَمَّرَ) أَيْ تَبَخَّرَ (بِهِ) أَيْ بِالْعُودِ (أَوْ حَمَلَ الْمِسْكَ وَنَحْوَهُ) كَالْعَنْبَرِ (فِي ثَوْبٍ) مَلْبُوسٍ لَهُ (أَوْ حَمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ) فِي (حَشْوِ حُلِيِّهَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَطَيُّبٌ بَلْ الْعُودُ لَا يُتَطَيَّبُ بِهِ إلَّا كَذَلِكَ.
(وَكَذَا) تَجِبُ الْفِدْيَةُ (لَوْ اسْتَعَطَ بِهِ) أَيْ بِالطِّيبِ (أَوْ احْتَقَنَ) أَوْ اكْتَحَلَ بِهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي إحْلِيلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِمَا قُلْنَا (لَا إنْ عَبِقَ بِهِ) رِيحُهُ لَا عَيْنُهُ (بِالْجُلُوسِ عِنْدَ عَطَّارٍ وَ) عِنْدَ (مُتَجَمَّرٍ) أَيْ مُتَبَخَّرٍ كَالْكَعْبَةِ أَوْ بَيْتٍ تَبَخَّرَ سَاكِنُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا (وَيُكْرَهُ) الْجُلُوسُ عِنْدَ ذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِهِ هَذَا (إنْ قَصَدَ الشَّمَّ) ، وَإِلَّا فَلَا وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلْمِبْخَرَةِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ مِبْخَرَةِ آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (وَالتَّطَيُّبُ بِالْوَرْدِ أَنْ يَشُمَّهُ) مَعَ اتِّصَالِهِ بِأَنْفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ (وَ) التَّطَيُّبُ (بِمَائِهِ أَنْ يَمَسَّهُ كَالْعَادَةِ) بِأَنْ يَصُبَّهُ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ فَلَا يَكْفِي شَمُّهُ (وَإِنْ حَمَلَ مِسْكًا وَنَحْوَهُ فِي خِرْقَةٍ مَشْدُودَةٍ أَوْ فَارَةٍ غَيْرِ مَشْقُوقَةٍ لَمْ يَضُرَّ) ، وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ لِوُجُودِ الْحَائِلِ (أَوْ مَشْقُوقَةٍ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ تَطَيُّبًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا (وَإِنْ جَلَسَ) مَثَلًا (عَلَى مَكَان مُطَيَّبٍ) مِنْ أَرْضٍ أَوْ فِرَاشٍ (أَوْ دَاسَ طِيبًا بِنَعْلِهِ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ تَطَيُّبٌ (إلَّا إنْ فَرَشَ عَلَيْهِ ثَوْبًا) أَوْ لَمْ يَفْرِشْ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ الطِّيبِ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَطَيُّبًا (وَ) لَكِنْ (إنْ كَانَ الثَّوْبُ رَقِيقًا) مَانِعًا لِلطِّيبِ مِنْ مَسَّ بَشَرَتِهِ (كُرِهَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَنْهُ رَائِحَةَ الطِّيبِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(فَرْعٌ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى) الْمُتَطَيِّبِ (النَّاسِي) لِلْإِحْرَامِ
(وَ) لَا عَلَى (الْمُكْرَهِ) عَلَى التَّطَيُّبِ (وَ) لَا عَلَى (الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَمْسُوسِ (طِيبًا أَوْ رُطَبًا) لِعُذْرِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (لَا) الْجَاهِلِ (بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ التَّحْرِيمِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَحَقُّهُ الِامْتِنَاعُ (فَإِنْ عَلِمَ) التَّحْرِيمَ بَعْدَ لُبْسِهِ جَاهِلًا بِهِ (وَأَخَّرَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ دُهْنُ الْبَانِ الْمَغْلِيُّ وَدُهْنُ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ لِلْمُحْرِمِ]
قَوْلُهُ وَقَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّهُ طِيبٌ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي دُهْنِ الْبَانِ
[فَرْعٌ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ]
(قَوْلُهُ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مُبَاشَرَتُهُ صَالِحًا لِلِاسْتِعْمَالِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجْرَى بَعْضُهُمْ فِي الطِّيبِ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ الْخِلَافُ فِي النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْمُحْرِمِ طِيبٌ، وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَلَمْ تُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَوَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِإِزَالَةِ الطِّيبِ أَوْ الْوُضُوءِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَجْمَعَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ الطِّيبَ لَزِمَهُ، وَإِلَّا أَزَالَ بِهِ الطِّيبَ، ثُمَّ تَيَمَّمَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَطِيبٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي لِإِزَالَةِ أَحَدِهِمَا غَسَلَ بِهِ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي شَمُّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِسْكٌ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ تَطَيَّبَ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي التَّطَيُّبِ بِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ أَوْ دَاسَ طَيِّبًا بِنَعْلِهِ فَدَى) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ شَرْطُهُ أَنْ يَعْلَقَ شَيْءٌ مِنْهُ كَذَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ
[فَرْعٌ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَطَيِّبِ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ]
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ وَأَخَّرَ
إزَالَتَهُ) مَعَ إمْكَانِهَا (فَدَى وَأَثِمَ) ، وَلَهُ إزَالَتُهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا بِتَرْكٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَحْرِيمٌ لَكِنَّ إزَالَتَهُ بِغَيْرِهِ أَيْ مِمَّنْ هُوَ حَلَالٌ أَوْلَى وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِثْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
النَّوْعُ (الثَّالِثُ الدَّهْنُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ التَّدَهُّنُ بِدُهْنٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ (فَيَحْرُمُ) التَّدَهُّنُ (فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ)، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ (بِالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ) وَالشَّحْمِ وَالشَّمْعِ الذَّائِبَيْنِ (وَالْمُعْتَصَرِ مِنْ الْحُبُوبِ) كَالزَّيْتِ (وَلَوْ كَانَ) كُلٌّ مِنْ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (حَلِيقًا) أَيْ مَحْلُوقًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ الْمُنَافِيَيْنِ لِخَبَرِ: الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ. أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اللَّبَنِ، وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ وَالتَّقْيِيدُ بِاللِّحْيَةِ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ فِي بَاقِي شُعُورِ الْوَجْهِ كَالْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ لَكِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَاللِّحْيَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ (لَا) فِي رَأْسِ (أَقْرَعَ) وَأَصْلَعَ، وَلَا فِي ذَقَنِ (أَمْرَدَ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِالْحُرْمَةِ وَلُزُومِ الْفِدْيَةِ لِلْأَخْشَمِ إذَا تَطَيَّبَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّطَيُّبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ أَخَشْمَ (وَلَهُ دَهْنُ بَدَنِهِ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَسَائِرِ شَعْرِهِ) بِذَلِكَ (وَأَكْلُهُ وَجَعْلُهُ فِي شَجَّةٍ فِي رَأْسِهِ) أَوْ غَيْرِهِ كَجَبْهَتِهِ لِمَا مَرَّ وَالْمُحْرِمُ مِمَّا ذَكَرَ وَمِمَّا يَأْتِي مِنْ نَظَائِرِهِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ (تَنْبِيهٌ)
لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ دُهْنُ الْحَلَالِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْحَلْقِ (فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ) أَوْ نَحْوِهِ فِي حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرِهِ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ فَإِنَّهُ لِلتَّنْمِيَةِ كَمَا مَرَّ
(وَ) لَهُ (الِاكْتِحَالُ لَا بِمُطَيِّبٍ) أَمَّا بِالْمُطَيِّبِ فَيَحْرُمُ (وَالْأَوْلَى تَرْكُهُمَا) أَيْ الْغُسْلِ وَالِاكْتِحَالِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقِيلَ: يُكْرَهَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا تَزْيِينًا قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الِاكْتِحَالِ وَتَوَسَّطَ قَوْمٌ فَقَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ كَالتُّوتْيَا لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ كَالْإِثْمِدِ كُرِهَ إلَّا لِحَاجَةِ رَمَدٍ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِأَوْلَوِيَّةِ التَّرْكِ فِي الِاكْتِحَالِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَهُ خَضْبُ لِحْيَتِهِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ (بِالْحِنَّاءِ) وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَمِّي الشَّعْرَ، وَلَيْسَ طِيبًا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَخْتَضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ، وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ» نَعَمْ إنْ كَانَ الْحِنَّاءُ ثَخِينًا وَالْمَحَلُّ يَحْرُمُ سَتْرُهُ حَرُمَ لَا لِلْخَضْبِ بَلْ لِسَتْرِ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) لَهُ (الِاحْتِجَامُ) وَالْفَصْدُ (مَا لَوْ يَقْطَعُ بِهِمَا شَعْرًا) فَإِنْ كَانَ يَقْطَعُهُ بِهِمَا حَرُمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَيْهِمَا.
(وَ) لَهُ (إنْشَادُ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ وَالنَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ، وَلَهُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ) كَالْحَلَالِ فِيهِمَا
النَّوْعُ (الرَّابِعُ الْحَلْقُ) لِشَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ (وَالْقَلْمُ) لِشَيْءٍ مِنْ ظُفُرِهِ (فَيَحْرُمُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (وَإِنْ قَلَّ) ذَلِكَ كَبَعْضِ شَعْرَةٍ أَوْ ظُفُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] أَيْ شَعْرَهَا وَقِيسَ بِشَعْرِهَا شَعْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَبِالْحَلْقِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِزَالَةُ وَبِإِزَالَةِ الشَّعْرِ إزَالَةُ الظُّفُرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ (وَيَجِبُ، وَلَوْ عَلَى نَاسٍ) لِلْإِحْرَامِ (وَجَاهِلٍ) بِحُرْمَةِ ذَلِكَ (بِإِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ دَفْعَةً) يَعْنِي فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ وَفِي مَكَان وَاحِدٍ لِمَا سَيَأْتِي (مِنْ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
إزَالَتَهُ فَدَى وَأَثِمَ) ، وَكَذَا حُكْمُ النَّاسِي إذَا تَذَكَّرَ وَالْمُكْرَهِ إذَا خُلِّيَ قَالَ فِي الْخَادِمِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِي الْوُضُوءَ وَالطِّيبَ غَسَلَ بِهِ الطِّيبَ؛ لِأَنَّ لِلْوُضُوءِ بَدَلًا، وَغَسْلُ الطِّيبِ لَا بَدَلَ لَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْوَافِي وَعِنْدِي الْأَوْلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّصِّ يُوَافِقُ قَوْلَ الْجُمْهُورِ فَفِي الْأُمِّ وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْمَاءُ غَسَلَهُ، وَلَوْ وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا إنْ غَسَلَهُ بِهِ لَمْ يَكْفِهِ لِوُضُوئِهِ غَسَلَهُ بِهِ وَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغَسْلِهِ، وَلَا رُخْصَةَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ، وَهَذَا مُرَخَّصٌ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَجْمَعَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ الطِّيبَ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِعْلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ إزَالَةِ الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى إزَالَةِ الْأَحْدَاثِ فِي الْمَاءِ الْمُوصَى بِهِ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَجُعِلَتْ اسْتِدَامَةً لِطِيبٍ هُنَا طِيبًا بِخِلَافِهَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا عَدَمُ التَّرَفُّهِ، وَهُنَاكَ صِدْقُ الِاسْمِ عُرْفًا، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ إزَالَتَهُ بِغَيْرِهِ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَأْخِيرٌ
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَاللِّحْيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ الْمَنْعُ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: التَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ فِيمَا اتَّصَلَ بِاللِّحْيَةِ كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ، وَأَمَّا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا عَلَى الْجَبْهَةِ فَفِيهِ بُعْدٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ دَهْنُ الْمُحْرِمِ شَعْرَ نَفْسِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ دَهْنُهُ شَعْرَ مُحْرِمٍ آخَرَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ فِعْلَ ذَلِكَ بِالْحَلَالِ كَمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ مِثْلَهُ فِي الْحَلْقِ (قَوْلُهُ، وَلَا فِي ذَقَنِ أَمْرَدَ) قَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ الْأَمْرَدِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى مَحْلُوقِ الرَّأْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَتَوَسَّطَ قَوْمٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَيْ شَعْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَا يُحْلَقُ وَالشُّعُورُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَأَوْجَبْنَا بِحَلْقِهَا الْفِدْيَةَ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ الْإِزَالَةُ) أَيْ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ نُورَةٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ، وَلَوْ عَلَى نَاسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّكْرَانَ الْعَاصِي بِسُكْرِهِ كَالصَّاحِي، وَكَذَا كُلُّ مَأْثُومٍ بِمَا يُزِيلُ عَقْلَهُ، وَهَلْ الْمُكْرَهُ عَلَى تَعَاطِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَالْمُخْتَارِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَهُوَ كَالْإِتْلَافَاتِ. اهـ. وَلَوْ زَالَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِ سَاقِ الرَّاكِبِ أَوْ فَخِذِهِ بِوَاسِطَةِ الْحَكِّ بِالرِّجْلِ النَّاشِئِ عَنْ ضَرُورَةِ الرُّكُوبِ غَالِبًا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالظَّاهِرُ بَلْ الْقَطْعُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَاقِعِينَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَحَدٍ إيجَابُ الْفِدْيَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ) لَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ مِنْ رَأْسِهِ الرُّكْنَ، وَلَمْ يَأْتِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شُعُورِ بَدَنِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ فَقَالَ ضَابِطٌ: لَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ إلَّا حَلْقُ شَعْرِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ حَلْقِ الرُّكْنِ أَوْ سُقُوطِهِ لِمَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ وَعَلَى هَذَا صَارَ لِلْحَجِّ ثَلَاثُ تَحَلُّلَاتٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ التَّقْلِيمِ حِينَئِذٍ كَالْحَلْقِ إذْ هُوَ شَبَهُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.