الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكِفَايَةِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَالْجِعَالَةِ وَذَلِكَ بِأَنَّ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيك النَّفَقَةَ أَوْ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك وَاغْتُفِرَ فِيهِ جَهَالَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً، وَلَا جَعَالَةً وَإِنَّمَا هُوَ إرْزَاقٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرَبِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ذَاكَ بِالْعَمَلِ، وَهَذَا بِالرِّزْقِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْجِعَالَةِ (فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ (وَالِاسْتِئْجَارِ) فِيمَا ذَكَرَ (ضَرْبَانِ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ وَاسْتِئْجَارُ ذِمَّةٍ فَالْأَوَّلُ كاستأجرتك لِتَحُجَّ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ) ، وَلَوْ قَالَ لِتَحُجَّ بِنَفْسِك كَانَ تَأْكِيدًا (فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْقَابِلِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالسَّنَةِ الْأُولَى صَحَّ وَ (حُمِلَ عَلَى) السَّنَةِ (الْحَاضِرَةِ) فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِلتَّعْيِينِ وَالْحَمْلِ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِيهَا (فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ) فَأَكْثَرَ وَفِي نُسْخَةٍ لِسِنِينَ بِالْجَمْعِ (فَمِنْ الْأُولَى) يَعْنِي فَالْأُولَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِذَلِكَ.
(وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَنْ لَمْ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ (وَيُشْتَرَطُ) لَهَا (اتِّسَاعُ الْمُدَّةِ) لِلْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ إدْرَاكَ الْحَجِّ لِذَلِكَ (وَلَوْ انْتَظَرُوا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ) الَّتِي يَخْرُجُونَ مَعَهَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ حَالَ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ (لَمْ يَضُرَّ) لِضَرُورَةِ السَّفَرِ مَعَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بَعْدُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الِاسْتِئْجَارُ حَالَةَ الْخُرُوجِ (وَالْمَكِّيُّ) وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إذَا أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِهِ (يُسْتَأْجَرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا إذَا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى شَرْطِ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ (وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ حِجَّةٍ وَيَجُوزُ) الِاسْتِئْجَارُ فِي الذِّمَّةِ (عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ) مِنْ الْأَعْوَامِ كَسَائِرِ إجَارَاتِ الذِّمَّةِ (فَلَوْ عَجَّلَهُ) عَنْ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (زَادَ خَيْرًا) بِتَعْجِيلِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ.
(وَإِنْ أَطْلَقَ الِاسْتِئْجَارَ حُمِلَ عَلَى) السَّنَةِ (الْحَاضِرَةِ) كَمَا مَرَّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ) فَلَا يَقْدَحُ عَجْزُهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ (لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك لِتَحُجَّ بِنَفْسِك فَفِي الصِّحَّةِ) لِلْإِجَارَةِ (تَرَدُّدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الدِّينِيَّةَ مَعَ الرَّابِطِ بِمُعَيَّنٍ يَتَنَاقَضَانِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِي عَيْنِ مَنْ يُحَصِّلُهَا مُتَفَاوِتَةٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَأْجِرُ فَاسِقًا وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ شَرْعًا وَالسَّلَمُ إذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْجَيِّدِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ.
(فَرْعٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ) فَلَوْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ، وَأَعْمَالُهُ أَرْكَانُهُ وَوَاجِبَاتُهُ وَسُنَنُهُ فَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُحَطَّ التَّفَاوُتُ لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ مَا عَدَا السُّنَنَ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً كَمَا نَقُولُ فِي بَيْعِ الْحَامِلِ: الْوَلَدُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ الْعَقْدِ لِدُخُولِهِ تَبَعًا (وَلَا يَجِبُ) فِي الْعَقْدِ (ذِكْرُ الْمِيقَاتِ) الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ (فَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى) الْمِيقَاتِ (الشَّرْعِيِّ) لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ عَلَى حَجٍّ شَرْعِيٍّ، وَالْحَجُّ الشَّرْعِيُّ لَهُ مِيقَاتٌ مَعْهُودٌ شَرْعًا وَعُرْفًا فَانْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مِيقَاتٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى غَيْرِهِ جَازَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَطْوَلَ مِنْهُ (وَلْيُبَيِّنْ) وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ لِلنُّسُكِ (أَنَّهُ إفْرَادٌ أَوْ تَمَتُّعٌ أَوْ قِرَانٌ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْمَعْضُوبُ: مَنْ حَجَّ عَنِّي) أَوْ: أَوَّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنِّي (فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ) مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ (اسْتَحَقَّهَا) ؛ لِأَنَّهُ جِعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَالْجِعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أَوْلَى (فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ) مُرَتَّبًا (اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ) الْمِائَةَ (فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ (وَقَعَ) حَجُّهُمَا (عَنْهُمَا، وَلَا شَيْءَ لَهُمَا) عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ عَلِمَ سَبْقَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ نَسِيَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُحْتَمَلُ الْوَقْفُ حَتَّى يَتَذَكَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَمْ يَجُزْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ.
[فَرْعٌ طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ إنْ يَحُجَّ عَنْهُ]
(قَوْلُهُ كَانَ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا) قَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ عِوَضِهَا وَهِيَ غَيْرُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إذْ فِيهَا وَأُعْطِيك النَّفَقَةَ فَهُوَ وَعْدٌ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْزَاقِ فَخَرَجَ عَنْ الْإِجَارَةِ الْجِعَالَةُ (قَوْلُهُ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ) فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ مَنْ وَقَعَتْ إجَارَةُ الْعِلْمِ عَلَى عَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ) وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ يَجُوزُ عَقْدُهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِإِمْكَانِ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهُ إفْرَادٌ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ عَلَى الْإِبْهَامِ بَطَلَ وَوَقَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي فَإِنْ قَرَنْت أَوْ تَمَتَّعْت فَقَدْ أَحْسَنْت فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَقَعَا لِلْمُسْتَأْجِرِ.
(قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ الْوَقْفَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
تَكُونَ كَاللَّتَيْنِ قَبْلَهَا. انْتَهَى وَقِيَاسُ نَظَائِرِ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ: مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
(فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ) أَيْ تُوجَدَ (حَالَ الْخُرُوجِ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِعَمَلِ الْحَجِّ عَقِبَ الْعَقْدِ، وَالِاشْتِغَالُ بِشِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْخُرُوجِ (فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ) أَيْ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ (مِنْ عَامِهِ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فَلَوْ حَجَّ عَنْهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَالَ الْقَاضِي مَرَّةً لَا يَقَعُ عَنْهُ وَقَالَ أُخْرَى يَقَعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَقَدْ حَجَّ عَنْهُ أَيْ، وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ وَذَكَرَ نَحْوَ الثَّانِي الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالدَّارِمِيُّ (وَمَتَى أَخَّرَ أَجِيرٌ ذِمَّةٍ) الشُّرُوعَ فِي الْحَجِّ عَنْ الْعَامِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ (أَثِمَ) لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا وَالتَّصْرِيحُ بِالْإِثْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَثَبَتَ الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي (لِلْمَعْضُوبِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ الْمَيِّتِ) لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ فَإِنْ شَاءَا فَسَخَا الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَا أَخَّرَا لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَوْ غَيْرِهِ (أَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَ بِمَالِ الْمَيِّتِ) فَأَخَّرَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ عَنْ الْعَامِ (فَيَعْمَلُ فِي الْفَسْخِ) وَعَدَمِهِ (بِالْمَصْلَحَةِ) فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْفَسْخِ لِخَوْفِ إفْلَاسِ الْأَجِيرِ أَوْ هَرَبِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ) مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (وَمَاتَ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ وَاسْتُؤْجِرَ) عَنْهُ الرَّجُلُ (فِي الذِّمَّةِ فَأَخَّرَ) الْأَجِيرُ الْحَجَّ فِيهِمَا (عَنْ عَامِهِ لَمْ يُفْسَخْ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذْ لَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِي الْأُجْرَةِ فِي الْأُولَى وَبِهِ فَارَقَ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحِقَّةُ الصَّرْفِ إلَى الْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ أَجِيرُ الذِّمَّةَ يَأْثَمُ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْبَغَوِيّ قَائِلٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ فَقَالَ (نَعَمْ لَوْ أَطْلَقَ أَجِيرُ الذِّمَّةِ) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَامَ حَجِّهِ (وَقُلْنَا بِتَعَيُّنِ السَّنَةِ) الْأُولَى كَمَا مَرَّ (قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ) عَنْهَا لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ، وَلَوْ تَرَكَ هَذَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَكَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ.
(فَرْعٌ إذَا انْتَهَى الْأَجِيرُ) لِلْحَجِّ (إلَى الْمِيقَاتِ) الْمُتَعَيِّنِ (فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَتَمَّهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِالْحَجِّ (وَلَمْ يَعُدْ) إلَى الْمِيقَاتِ صَحَّ حَجُّهُ عَنْهُ لِلْإِذْنِ وَ (لَزِمَهُ دَمٌ) لِإِسَاءَتِهِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَلَا يَنْجَبِرُ) الْحَطُّ لِمَا فَوَّتَهُ (بِهِ) أَيْ بِالدَّمِ (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ حِجَّتَيْنِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ أَحْرَمَ بِأَحَدَيْهِمَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْأُخْرَى مِنْ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْحَطُّ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ فَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْحِجَّةِ الْأُولَى مِائَةً وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ حَطَّ عُشْرَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بِالْعُشْرِ وَمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إشْكَالٌ سَأَذْكُرُهُ مَعَ جَوَابِهِ بِمَا فِيهِ فِي فَرْعٍ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ (وَمَتَى عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَأَحْرَمَ مِنْهُ (لَمْ يُحَطَّ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْئًا) إذَا لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَأَدَائِهِ الْمَنَاسِكَ بَعْدَهُ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ مَسْأَلَةَ عَوْدِهِ مُحْرِمًا مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (جَاوَزَ) الْأَجِيرُ (الْمِيقَاتَ) الْمُتَعَيِّنَ غَيْرَ مُحْرِمٍ (ثُمَّ أَحْرَمَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَيُحَطُّ التَّفَاوُتُ كَمَا سَبَقَ) فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ كَمَا سَبَقَ أَيْضًا ثَمَّ (وَيُعْتَبَرُ) فِي قَدْرِ التَّفَاوُتِ مَعَ الْفَرَاسِخِ وَأَعْمَالِ النُّسُكِ الْمَعْلُومَيْنِ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أُنْشِئَتَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ (تَفَاوُتُ الْفَرَاسِخِ فِي الْحُزُونَةِ) أَيْ الْخُشُونَةِ (وَالسُّهُولَةِ) لِتَفَاوُتِ السَّيْرِ بِهِمَا فَالْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمِيعِ، وَلَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْفَرَاسِخِ صَرْفُ الْعَمَلِ فِيهَا لِغَرَضِهِ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِعُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ تَحْصِيلَ نُسُكِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ رِبْحَ عُمْرَةٍ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ (وَلَوْ عَدَلَ عَنْ) الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ (إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ) أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (جَازَ) فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَا حَطٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَالَ أُخْرَى يَقَعُ عَنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْعَامِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ) بِأَنْ عَيَّنَّاهُ فِي عَقْدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي مَنْ يَرْضَاهُ فُلَانٌ فَعَيَّنَ وَاحِدًا فَهُوَ كَمُعَيَّنِ الْمُوصِي أَوْ مَنْ يَشَاءُ زَيْدٌ فَشَاءَ زَيْدٌ وَاحِدًا فَامْتَنَعَ فَهَلْ لَهُ تَعْيِينُ آخَرَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ التَّعْيِينَ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا عَيَّنَّا فِيهَا ذَلِكَ الْعَامَّ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ فِيمَا إذَا أَطْلَقَا وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ فَلَا مُخَالَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجُّ عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا فَقَالَ الْأَجِيرُ حَجَجْت قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُمْكِنُ فَرَجَعَ إلَى الْأَجِيرِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ تَزَوَّجْت بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْتُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا فَلَوْ قَالَ لِلْأَجِيرِ قَدْ جَامَعْت فِي إحْرَامِك وَأَفْسَدْته لَمْ يَحْلِفْ أَيْضًا، وَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ جَامَعَهَا مُحْرِمًا فِي عَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ كُنْت نَاسِيًا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَصَحَّ حَجُّهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا فِي إحْرَامِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَلَوْ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْوَصَايَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْكُوفَةِ سُمِعَتْ وَعَتَقَ، وَلَوْ مَاتَ الْأَجِيرُ لِلْحَجِّ فَقَالَ وَارِثُهُ مَاتَ بَعْدَ أَنْ حَجَّ قُبِلَ قَوْلُهُ كَقَوْلِ الْأَجِيرِ، وَلَوْ قَالَ إنْ حَجَجْت عَنْ أَبِي هَذِهِ السَّنَةَ فَلَكَ كَذَا فَقَالَ بَعْدَهَا حَجَجْت لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَجَّ عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ السَّنَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْحَاجِّ الْحَجُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَزِمَنَا الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا أَنَّهُ رُوِيَ هُنَاكَ فِي مَوَاطِنِ النُّسُكِ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ إلَّا أَنَّهُ حَجَّ
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحه.
لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مَقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرِيِّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ (الْآفَاقِيَّ) مَنْسُوبٌ إلَى الْآفَاقِ وَهِيَ النَّوَاحِي وَيُقَالُ الْأُفُقِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ وَفَتْحِهِمَا، وَهُوَ مَنْ مَسْكَنُهُ فَوْقَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَيْ أَوْ فِيهِ (لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ) أَوْ مِنْ مَكَان أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ (لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ) بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ النُّسُكِ لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَتَخْصِيصُهُ الْأَجِيرَ بِالْآفَاقِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْمَكِّيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ آفَاقِيٌّ مَكِّيًّا لِلتَّمَتُّعِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْآتِي مَكِّيًّا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (لِيُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ أَوْ مَاشِيًا فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ) فِي الْأُولَى (أَوْ فِي) ذِي (الْحِجَّةِ) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ رَكِبَ) فِي إحْرَامِهِ مِنْهُ وَالْأَوْلَى أَوْ رَاكِبًا فِي الثَّالِثَةِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَ عَنْهُ بِنُسُكٍ فَأَتَى بِهِ لَكِنْ (تَرَكَ مَأْمُورًا يُوجِبُ دَمًا) كَتَرْكِ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ (لَزِمَهُ دَمٌ وَحَطُّ التَّفَاوُتِ) لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشْيِ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافَهُ، وَلَوْ تَرَكَ مَأْمُورًا لَا يُوجِبُ دَمًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ حُطَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَالْحِجَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (وَلَا يَحُطُّ) الْأَجِيرُ تَفَاوُتًا (إنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا) كَلُبُسٍ وَقَلْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ الْعَمَلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَلَوْ قَالَ لَهُ: حُجَّ عَنِّي وَتَطَيَّبْ وَالْبَسْ فَفَعَلَ فَالدَّمُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْإِجَارَةُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِيهَا فَسَدَتْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
(فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ) فَامْتَثَلَ (فَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَطَ الْقِرَانَ (فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ بَطَلَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةٍ وَبَيْعِ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ (وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ) لِلْقِرَانِ (مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ) الَّذِي هُوَ بَدَلُ الدَّمِ (عَلَى الْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ، وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ وَاَلَّذِي فِي الْحَجِّ مِنْهُمَا هُوَ الْأَجِيرُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي التَّتِمَّةِ هُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ وَالْهَدْيِ أَيْ فَيَبْقَى الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتِهِ (وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ) مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ (فَإِنْ خَالَفَ) مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ (فَأَفْرَدَ وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ) إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْعَمَلِ فِيهَا عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيُحَطُّ مَا يَخُصُّ الْعُمْرَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ (أَوْ) وَهِيَ (إجَارَةُ ذِمَّةٍ فَلَا) تُفْسَخُ فِي شَيْءٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرٍ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرِنْ (لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لِزْمَةُ دَمٌ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ وَإِنْ تَمَتَّعَ) بَدَلَ الْقِرَانِ (وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْحَجِّ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيُحَطُّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (وَلَوْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَعُدْ) لِلْحَجِّ (إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ) الْوَاجِبُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَأَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِتَضَمُّنِ أَمْرِهِ بِالْقِرَانِ الدَّمَ، نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَيُجَابُ عَنْ الِاسْتِبْعَادِ بِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الدَّمِ الثَّانِي غَيْرُ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَوَّلِ كَمَا عَرَفْت أَمَّا إذَا أَعَادَ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مِنْ انْفِسَاخِهَا فِي الْحَجِّ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إشَارَةِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْقِيَاسَ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا أَفْرَدَ انْقَضَى وَقْتُ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَتَّعَ فَإِنَّ وَقْتَ الْحَجِّ بَاقٍ وَإِنَّمَا مَضَى بَعْضُهُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِهِ وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الْعَمَلَيْنِ، لَكِنْ عَلَيْهِ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَمُ التَّمَتُّعِ بَدَلَ دَمِ الْقِرَانِ كَمَا لَوْ قَرَنَ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ.
(فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلتَّمَتُّعِ) فَامْتَثَلَ (فَالدَّمُ) الْوَاجِبُ بِالتَّمَتُّعِ (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لِمَا مَرَّ فِي اسْتِئْجَارِهِ لِلْقِرَانِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ (وَإِنْ أَفْرَدَ) بَدَلَ التَّمَتُّعِ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَارَةُ (إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ) لِفَوَاتِ وَقْتِهِمَا الْمُعَيَّنِ (أَوْ) وَهِيَ إجَارَةُ (ذِمَّةٍ فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، لَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْعُمْرَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ (وَإِنْ قَرَنَ وَعَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَكَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُحْرِمَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْآفَاقِيَّ إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَلِيُّ لِيُحْرِمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَعَ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ لِيُحْرِمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَوْ مِنْ شَوَّالٍ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَبَعْدَ شَوَّالٍ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ
بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ حُطَّ) التَّفَاوُتُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِنُقْصَانِ الْأَفْعَالِ وَقِيلَ لَا حَطَّ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَدُّدِ الْأَفْعَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْ الْقَارِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مَرْدُودٌ؛ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ بِعَوْدِ الْقَارِنِ خِلَافًا، وَالْمَذْهَبُ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَمَا هُنَا لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهِ عَنْ الْأَجِيرِ فَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجَرَ دَمٌ؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَهُ يَقْتَضِيهِ.
(فَرْعٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ، وَهِيَ إجَارَةُ عَيْنٍ وَقَعَا) أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (لَهُ) أَيْ لِلْأَجِيرِ (وَانْفَسَخَتْ فِيهِمَا) مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّ وُقُوعِهِمَا لِلْأَجِيرِ مَا إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَقَالُوا: لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ فَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا إذْنِ وَارِثٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ) يَقَعَانِ لِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ (وَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يُعَدِّدَ الْأَفْعَالَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا.
(وَإِنْ تَمَتَّعَ) بَدَلَ الْإِفْرَادِ (فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَقَدْ أُمِرَ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِيهِمَا) الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ وَغَيْرِهِ فِيهَا أَيْ الْعُمْرَةِ لِوُقُوعِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ، نَعَمْ أَنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا أَوْ عَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ أُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ وَ) لَكِنْ (إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَتَسَمَّحُوا فِي قَوْلِهِمْ وَأُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ فَلْيَؤُلْ أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ أَيْ لِيَكُونَ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ، وَتَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَتَصَوَّرَ لُزُومَ الدَّمِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا مَرَّ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ، وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجَرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَصِّلُ النُّسُكَ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَالْمُخْرَجُ مُخْتَلِفُ الْفَضَائِلِ فَلْيُرَاعِ غَرَضَهُ فِيهِ.
ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا لِغَيْرِ الْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحْصِيلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ عَاجِلًا بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الِانْتِفَاعَاتِ قَسِيمًا لِلِانْتِفَاعَاتِ الْعَاجِلَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: 27] وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْكُوفَةَ لِإِحْرَامِ الْأَجِيرِ فَجَاوَزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ دَمٌ إلْحَاقًا لِلْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ بِالْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ.
(فَرْعٌ جِمَاعُ الْأَجِيرِ) قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ (لَكِنْ يَنْقَلِبُ) فِيهِمَا الْحَجُّ (لِلْأَجِيرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِصِفَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهَا يَقَعُ لِلْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ (كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ) إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا قَضَاؤُهُ) أَيْ الْحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ لَهُ كَحَجِّهِ الْفَاسِدِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرَهُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ عَنْ حَجِّ الْمُسْتَأْجِرِ (وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ هَذَا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مِنْ مُتَطَوِّعٍ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ مَيِّتٍ (فَإِنْ كَانَتْ) مِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ إلَخْ) لَوْ أَحْرَمَ أَجِيرٌ مَوْقُوفًا ثُمَّ صَرَفَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ فَهَلْ يَقَعُ لَهُ أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا