الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَيَخْتَارُ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ (وَأَنْ يَقُولَ فِي) حَالَةِ نُزُولِ (الْمَطَرِ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَفِي رِوَايَةٍ) لِابْنِ مَاجَهْ (سَيْبًا) بِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ أَيْ عَطَاءً (نَافِعًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَيُسْتَحَبُّ) الْأَوْلَى مَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ فَيُسْتَحَبُّ (الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ صَيِّبًا هَنِيئًا فَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ نِسْبَةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إلَى الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَتْ فِيهِ
(وَيُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى خَيْرَهَا وَيَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّهَا كَمَا وَرَدَ) فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ رَحْمَتِهِ أَيْ رَحْمَتِهِ لِعِبَادِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ الْمَطَرِ (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ حَقِيقَةً (بَلْ) يَقُولُ مُطِرْنَا (بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ) حَقِيقَةً (فَمُرْتَدٌّ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ عَلَى أَثَرِ سَحَابٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَدْ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» وَأَفَادَ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ
(وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي) حَالِ (الْمَطَرِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ) تَعَالَى (بَعْدَهُ) رَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ اُطْلُبُوا اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ الْتِقَاءُ الصُّفُوفِ وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَعِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ.
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ، وَهِيَ مِنْ جَنَزَهُ يَجْنِزُهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا (يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ) الْمُسْتَلْزِمِ ذَلِكَ لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى إلَى الطَّاعَةِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالُوا إنَّا نَسْتَحِيُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ خَبَرَ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ زَادَ ابْنُ حِبَّانَ «فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إلَّا وَسِعَهُ وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إلَّا ضَيَّقَهَا» وَهَاذِمٌ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعٌ، وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ حَدِيثِ «اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ الْمَوْتِ فِي بَابِ الْغُسْلِ (وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اسْتِحْبَابُهُمَا بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِلْقَمُولِيِّ وَالْمَعْرُوفُ وُجُوبُهُمَا وَكَلَامُ أَصْلِهِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصَرَّحَ كَأَصْلِهِ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ مَعَ دُخُولِهِ فِي التَّوْبَةِ لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَلِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَ) مَا ذَكَرَ (لِلْمَرِيضِ آكَدُ) مِنْهُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَعِدَّ لِمَرَضِهِ (بِالصَّبْرِ) عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْبَاءَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى وَأَوْفَقَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ أَيْ بِتَرْكِ الضَّجَرِ مِنْهُ (وَتَرْكِ الشَّكْوَى) فِيهِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ بِنَوْءِ كَذَا) النَّوْءُ سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وَطُلُوعُ رَقِيبِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ مُقَابِلُهُ مِنْ سَاعَتِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهَكَذَا كُلُّ نَجْمٍ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ مَا خَلَا الْجَبْهَةَ فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا
(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)(قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ) لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَوْتُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَفِي الصَّوْمِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي لَا كَالْإِحْرَامِ «؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِعُثْمَانَ أَنْتَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ) الْمُرَادُ ذِكْرُ الْقَلْبِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ لَا يَفْنَى أَبَدًا (قَوْلُهُ «فِي ضِيقٍ إلَّا وَسَّعَهُ» إلَخْ) وَالنَّسَائِيُّ «فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْرُوفُ وُجُوبُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ رَدَّ الْعَيْنِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْهُ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ التَّعَازِيرِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْهُمَا ح
وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الصَّبْرِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَذَكَرَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الشَّكْوَى كَمَا ذَكَرَهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَانَ أَوْلَى وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فَلَوْ سَأَلَهُ طَبِيبٌ أَوْ قَرِيبٌ لَهُ أَوْ صَدِيقٌ أَوْ نَحْوُهُ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالشِّدَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ (وَ) تَرْكُ (الْأَنِينِ) مِنْهُ جَهْدُهُ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ وَارَأْسَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» لَكِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (التَّدَاوِي) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّ الْأَعْرَابَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى فَقَالَ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.
فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِي تَوَكُّلًا فَفَضِيلَةٌ وَيُفَارِقُ اسْتِحْبَابَهُ وُجُوبُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ بِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك (وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْرَهَ) الْمَرِيضُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّدَاوِي أَيْ تَنَاوُلِهِ الدَّوَاءَ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الطَّعَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَدِيثُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ضَعِيفٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعَبَّرْ فِيهِ بِكَرَاهَةٍ بَلْ بِاسْتِحْبَابِ تَرْكِهِ قَالَ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَعَهُّدُ نَفْسِهِ بِتَقْلِيمِ الظُّفْرِ وَأَخْذِ شَعْرِ الشَّارِبِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا الِاسْتِيَاكُ وَالِاغْتِسَالُ وَالتَّطَيُّبُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ الطَّاهِرَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُكَلَّفِ (عِيَادَةُ) مَرِيضٍ (مُسْلِمٍ وَكَذَا ذِمِّيٍّ قَرِيبٍ) لِلْعَائِدِ (أَوْ جَارٍ) لَهُ وَفَاءً بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَحَقِّ الْجِوَارِ وَالْأَصْلُ فِي اسْتِحْبَابِهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْبَانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» وَأَرَادَ بِالْمُخْرِقَةِ الْبُسْتَانَ يَعْنِي يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ وَمَخَارِقَهَا وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» .
(وَ) تُفْعَلُ الْعِيَادَةُ (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ بِنَوْعَيْهِ (جَوَازًا) وَفِي عِبَارَتِهِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ قُصُورٌ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِ عِيَادَتُهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَهُ قَرَابَةٌ أَوْ جِوَارٌ أَوْ نَحْوُهُمَا أَيْ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ اُسْتُحِبَّتْ وَإِلَّا جَازَتْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَسَوَاءٌ الرَّمَدُ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الصَّدِيقُ وَالْعَدُوُّ وَمَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ وَالْمُسْتَأْمِنَ كَالذِّمِّيِّ قَالَ وَفِي اسْتِحْبَابِ عِيَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَأَهْلِ الْفُجُورِ وَالْمُكُوسِ إذَا لَمْ تَكُنْ قَرَابَةٌ وَلَا جِوَارٌ وَلَا رَجَاءُ تَوْبَةٍ نَظَرٌ فَإِنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ
(وَلْتَكُنْ) الْعِيَادَةُ (غَبًّا) فَلَا يُوَاصِلُهَا كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَتَأَنَّسُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يَتَبَرَّكُ بِهِ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيُوَاصِلُونَهَا مَا لَمْ يُنْهَوْا أَوْ يَعْلَمُوا كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ مَرَضِهِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثٍ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ رُدَّ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ (وَيَدْعُو لَهُ) وَيَنْصَرِفُ وَيُسْتَحَبُّ فِي دُعَائِهِ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك سَبْعَ مَرَّاتٍ لِخَبَرِ «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَيُخَفِّفُ الْمُكْثَ) عِنْدَهُ بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْجَارِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ نَعَمْ إنْ فَهِمَ عَنْهُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُطَيِّبُ) عَائِدُهُ (نَفْسَهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ) الْمَوْتَ (رَغْبَةً فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ) مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ (وَتُكْرَهُ) عِيَادَتُهُ (إنْ شَقَّتْ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِهِ وَخَادِمِهِ الرِّفْقُ وَاحْتِمَالُهُ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ بِسَبَبِ حَدٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُوصِيَهُمْ بِذَلِكَ وَأَنْ يُحَسِّنَ الْمَرِيضُ خُلُقَهُ وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ كَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَغِلْمَانِهِ وَجِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَأَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَبِتَرْكِ النَّوْحِ عَلَيْهِ وَإِكْثَارِ الْبُكَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبِدَعِ فِي الْجَنَائِزِ وَيُسْتَحَبُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ الرَّمَدُ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَادَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ مِنْ رَمَدٍ» (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ) قَالَ الذَّهَبِيُّ: فِي الْمِيزَانِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَاوِيُّ: تُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْمَرِيضِ فِي الشِّتَاءِ لَيْلًا وَفِي الصَّيْفِ بَاكِرًا وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّيْلَ يَطُولُ فِي الشِّتَاءِ وَفِي زِيَارَتِهِ تَخْفِيفٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ