الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَيْرِهِ.
وَالْمُشَارَكَةُ أَوْلَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ) قُنُوتَ إمَامِهِ (قَنَتَ) مَعَهُ سِرًّا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا (وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِيهِ) وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِيهِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُمَا لِلسَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَعَكْسَهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ (دُونَ مَسْحِ الْوَجْهِ) بِالْيَدَيْنِ (بَعْدَهُ) فَلَا يُسْتَحَبُّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَرُوِيَ فِيهِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَبِاسْتِحْبَابِهِ خَارِجَهَا جُزِمَ فِي التَّحْقِيقِ وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِ الْوَجْهِ كَالصَّدْرِ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُسْتَحَبُّ قَطْعًا بَلْ نَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ (وَيُجْزِئُهُ) لِلْقُنُوتِ (آيَةٌ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ) كَآخِرِ الْبَقَرَةِ (إنْ قَصَدَهُ بِهَا) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ كَآيَةِ الدَّيْنِ، وَ {تَبَّتْ} [المسد: 1] أَوْ فِيهَا مَعْنَاهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقُنُوتَ لَمْ تُجْزِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مَكْرُوهَةٌ.
(وَلَوْ قَنَتَ شَافِعِيٌّ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُجْزِهِ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَيُعِيدُهُ) بَعْدَهُ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) قَالَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ عَمَلٌ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عَمِلَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أُوجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بِنِيَّةِ الْقُنُوتِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدْ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَخَرَجَ بِالشَّافِعِيِّ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَرَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَالْمَالِكِيِّ فَيُجْزِئُهُ عِنْدَهُ.
الرُّكْنُ (التَّاسِعُ، وَالْعَاشِرُ السُّجُودُ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (وَطُمَأْنِينَتُهُ)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَلِخَبَرِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» (وَأَقَلُّهُ وَضْعُ شَيْءٍ مَكْشُوفٍ مِنْ الْجَبْهَةِ) لِخَبَرِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا تَنْقُرُ نَقْرًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ «خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا وَلَا يَضُرُّ نَسْخُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ. وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ كَشْفُ الْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سَتْرِهَا وَاعْتُبِرَ كَشْفُهَا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا دُونَ الْبَقِيَّةِ وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ بِكَشْفِهَا (لَا) وَضْعُ (الْجَبِينِ) ، وَالْأَنْفِ فَلَا يَكْفِي وَلَا يَجِبُ لِمَا سَيَأْتِي وَاكْتُفِيَ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَيَضَعُهُ (عَلَى الْمَوْضِعِ) الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ (بِتَحَامُلٍ) عَلَيْهِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ بِحَيْثُ لَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ، أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ قَالَ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى هَيْئَةِ التَّوَاضُعِ مِنْ تَكَلُّفِ التَّحَامُلِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَوْضِعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَرْضِ (وَتَنْكِيسٍ بِارْتِفَاعِ أَسَافِلِهِ) أَيْ عَجِيزَتِهِ وَمَا حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَا يَكْتَفِي بِرَفْعِ أَعَالِيهِ عَلَى أَسَافِلِهِ وَلَا بِتَسَاوِيهِمَا لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ كَمَا لَوْ أَكَبَّ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ.
(فَلَوْ أَمْكَنَ الْعَاجِزَ) عَنْ وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ (السُّجُودُ عَلَى وِسَادَةٍ بِلَا تَنْكِيسٍ لَمْ يَلْزَمْهُ) السُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِفَوَاتِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بَلْ يَكْفِيهِ الِانْحِنَاءُ الْمُمْكِنُ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الِانْتِصَابُ إلَّا بِاعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ أَتَى بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ وَهُنَا إذَا وَضَعَ الْوِسَادَةَ لَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْوَضْعِ (أَوْ بِتَنْكِيسٍ لَزِمَهُ) ذَلِكَ قَطْعًا لِحُصُولِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بِذَلِكَ (وَيَجِبُ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ (وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَمِنْ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ) سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ، وَالرَّاحَةُ (وَ) مِنْ بَاطِنِ (أَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ) عَلَى مُصَلَّاهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ وَتَقْرِيبُهَا مِنْ الْأَرْضِ كَالْجَبْهَةِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ السُّجُودِ وَغَايَةَ الْخُضُوعِ بِالْجَبْهَةِ دُونَهَا وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجَبْهَةِ (وَلَوْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا) قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ دُعَاءٌ لِحَدِيثِ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قُنُوتَ إمَامِهِ) ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يَفْهَمُهُ.
(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ) وَالْمُعَافَى الْمَوْصِلِيُّ.
[الرُّكْنُ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَطُمَأْنِينَتُهُ]
(قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) عَدَّ الشَّيْخَانِ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَهُوَ وَجْهٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثَّانِيَةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ وَالْخِلَافَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ الْمَأْمُومُ بِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ لَوْ أُعِينَ لَأَمْكَنَهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي إعَانَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا، وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ (قَوْلُهُ يَتَحَامَلُ عَلَيْهِ بِثِقْلِ رَأْسِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ إذَا أَوْجَبْنَا وَضْعَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَامُلُ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا بَعْدُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فِي وَضْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنَّ تَوْجِيهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَحَكَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ أَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ عَلَيْهَا انْتَهَى، وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ بِنَدْبِ التَّحَامُلِ فِي الْكَفَّيْنِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِنَدْبِهِ فِي الْقَدَمَيْنِ وَقَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَامُلُ فِي رُكْبَتَيْهِ وَبَطْنِ كَفَّيْهِ وَقَدَمَيْهِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ إنَّهُ لَا يَجِبُ قَطْعًا
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ إلَخْ) فَلَا يَكْفِي وَضْعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ، أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ، أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَزَعَمَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّ فِي الْبَحْرِ، وَالذَّخَائِرِ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ ت (قَوْلُهُ: عَلَى مُصَلَّاهُ) بِحَيْثُ تَكُونُ رُءُوسُهَا إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ نَدْبِ التَّحَامُلِ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا فِي الْجَبْهَةِ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ وَضْعِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ بِهَا كَالْجَبْهَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا، ثُمَّ رَفَعَهَا، ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ، أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ
مَسْتُورًا) فَلَا يَجِبُ كَشْفُهُ بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ أَخْذًا بِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فِي مَجْمُوعِ الْجَبْهَةِ، وَالْكَفَّيْنِ وَأُيِّدَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُلَفَّعٌ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ الْحَصَى» ، ثُمَّ مَحَلُّ وُجُوبِ الْوَضْعِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا فَيَسْقُطُ الْفَرْضُ فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ لِفَوْتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ.
(وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ) بِحَرَكَتِهِ (لِقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ) لِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيكِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ، أَوْ عَلَى مُتَّصِلٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ كَطَرْفِ كُمِّهِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَلْبُوسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَفَرَّقَ بَيْنَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيمَا إذَا سَجَدَ عَلَى طَرْفِ مَلْبُوسِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا فِيمَا إذَا كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْقَرَارُ بِالْحَرَكَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] ، وَالطَّرْفُ الْمَذْكُورُ مِنْ ثِيَابِهِ وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَإِذَا سَجَدَ عَلَى عِصَابَةِ جُرْحٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ (بِجَبْهَتِهِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِلضَّرُورَةِ) بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا (لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ الْإِيمَاءِ لِلْعُذْرِ فَهُنَا أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى جَبْهَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِثْلُ بَشَرَتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ نَزْعُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ثُمَّ قَالَ وَأَوْجَهُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اسْتَوْعَبَ الْجَبْهَةَ كَفَى وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ) بِأَنْ يَهْوِيَ لَهُ، أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ (فَلَوْ سَقَطَ) عَلَى جَبْهَتِهِ (مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَيْهِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهُوِيِّ فِي السُّقُوطِ (لَا) إنْ سَقَطَ (مِنْ الْهُوِيِّ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ سُجُودًا (نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ الِاعْتِمَادَ) عَلَيْهَا (أَعَادَ السُّجُودَ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ (وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْهُوِيٍّ لِجَنْبِهِ) أَيْ عَلَيْهِ (فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ، أَوْ بِلَا نِيَّةٍ) أَصْلًا (أَوْ بِنِيَّتِهِ وَ) نِيَّةِ (الِاسْتِقَامَةِ) وَسَجَدَ (أَجْزَأَهُ) ، وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ.
وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيهِ (لَا بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ) فَلَا يُجْزِئُهُ السُّجُودُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (بَلْ يَجْلِسُ) وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْكَفَّيْنِ أَيْضًا وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى بَعْضِ الْجَبْهَةِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ يَكْفِيهِ فِي الْوُضُوءِ مَسْحُ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ غَسْلَ بَعْضِ الْوَجْهِ لَا يَكْفِي بِخِلَافِ الرَّأْسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خُلِقَ لَهُ كَفَّانِ قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ زَائِدًا، أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِلَّا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ وُجُوبِهِ أَنَّهُ لَا يُكْشَفُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِي حَالِ السُّجُودِ كَالْقَدَمِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ إلَخْ) لَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَوَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ خِرْقَةً، أَوْ وَرَقًا مُسْتَوْعِبًا قَدْ سَجَدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَلِمَ الْتِصَاقَهَا فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَيَقَّنَ عَدَمَهَا حَالَةَ الشُّرُوعِ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَتْ لَهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْذًا بِأَنَّهَا الْتَصَقَتْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا الْتَصَقَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَ لَهُ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ بِاعْتِدَالِهِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَةً وَيَطُولَ الْفَصْلُ بَنَى وَيَكُونُ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي التَّشَهُّدِ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ رَأَى لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ ز قَالَ شَيْخُنَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا هَلْ يُجْزِئُهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا فَأَجَابَ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ سُجُودُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ) قَالَ شَيْخُنَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سُجُودًا عُرْفًا، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا» فَاعْتُبِرَ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى) أَوْ مِنْدِيلٍ ر وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلْت عَمَّا لَوْ أَلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ مِنْدِيلًا وَنَحْوَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ ع (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ) حَيْثُ لَا نَجَاسَةَ تَحْتَ الْعِصَابَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَعَادَ د (قَوْلُهُ: فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ لَا وَجْهَ لَهُ وَتَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعُضْوِ لَيْسَ بَدَلًا بَلْ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكْفِيَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَسْحِ الْبَشَرَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعَوْرَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى يَجِبَ سَتْرُهُ وَيَحْرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَوْ كُشِفَ وَغَطَّى بَشَرَةَ الْعَوْرَةِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ عَوْرَةٌ فَكَذَا لَا يُعَدُّ حَائِلًا فِي الْجَبْهَةِ وَيَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ) تَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ هَذَا الْمُحَرَّرَ، وَالْمِنْهَاجَ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهُوِيِّهِ غَيْرَ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ السُّقُوطُ لَا يَخْرُجُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ) أَيْ سَقَطَ قَبْلَ قَصْدِهِ الْهُوِيَّ إلَى السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيه) فَإِنَّهُ قَالَ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلتَّبَرُّدِ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ
ححا (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ حَالَةُ الِاشْتِبَاهِ وَفِي شَرْحِهِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
كَاتِبُهُ
قَامَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (ثُمَّ يَسْجُدُ، وَإِنْ نَوَى) مَعَ ذَلِكَ (صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا (وَإِلَّا كَمَّلَ) فِي السُّجُودِ (أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ (، ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ، وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْأَصْلِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ هُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالُوا وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا (مُكَبِّرًا) أَيْ مُبْتَدِئًا بِالتَّكْبِيرِ (مِنْ) ابْتِدَاءِ (الْهُوِيِّ كَمَا سَبَقَ) فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَمُدَّهُ إلَى انْتِهَاءِ الْهُوِيِّ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهُوِيِّ، أَوْ كَبَّرَ مُعْتَدِلًا، أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَرْفَعُ الْيَدَ) مَعَ التَّكْبِيرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْهُوِيِّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَ) أَنْ (يَقُولَ الْإِمَامُ) وَغَيْرُهُ فِي سُجُودِهِ (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ بِغَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ وَبِهِ أَبُو دَاوُد وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ وَبِحَمْدِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ (وَ) أَنْ (يَزِيدَ الْمُنْفَرِدُ، وَالْإِمَامُ) لِقَوْمٍ (إنْ رَضُوا) بِالتَّطْوِيلِ (اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَالَ فِيهَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ، وَالرُّوحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك (وَ) أَنْ (يُكْثِرَ) كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ (الدُّعَاءَ فِيهِ) وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدِّعَاءَ» .
وَذِكْرُ هَذَا فِي الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) أَنْ (يُفَرِّقَ) الْمُصَلِّي (بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ) وَفَخِذَيْهِ بِقَدْرِ شِبْرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْقَدَمَيْنِ (وَ) أَنْ (يُجَافِيَ الرَّجُلُ بَطْنَهُ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَجَنْبَيْهِ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ لِمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ وَذِكْرُ الْخُنْثَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ (وَ) أَنْ (يَضَعَ كُلَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَرْضِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (رَافِعًا ذِرَاعَيْهِ) عَنْ الْأَرْضِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ (وَيُكْرَه بَسْطُهُمَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ طَوَّلَ الْمُنْفَرِدُ السُّجُودَ فَلَحِقَهُ مَشَقَّةٌ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ) أَيْ يَضُمُّهَا وَلَا يُفَرِّقُهَا (وَيَنْشُرُهَا قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الضَّمِّ وَالنَّشْرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَاقِي الْبَيْهَقِيُّ (وَفِي الْجِلْسَاتِ) قِيَاسًا عَلَى السُّجُودِ (وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا) أَيْ وَسَطًا (فِي بَاقِي الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ فِيهِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُفَرِّجُهَا حَالَةَ الْقِيَامِ، وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُسْتَثْنَيَانِ مِنْ ذَلِكَ (وَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ وَيَنْصِبُهُمَا مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ ذَيْلِهِ مَكْشُوفَيْنِ حَيْثُ لَا خُفَّ) وَيُحَصَّلُ تَوْجِيهُ أَصَابِعِهِمَا الْقِبْلَةَ بِأَنْ يَكُونَ (مُعْتَمِدًا عَلَى بُطُونِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ بُطُونِهِمَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَرْفَعُ ظَهْرَهُ وَلَا يَحْدَوْدِبُ.
(وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ وَثِيَابِهِ) فِي سُجُودِهِ، أَوْ غَيْرِهِ (لِغَيْرِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا) يُجَابُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذْ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةِ أَعْظُمٍ (قَوْلُهُ: سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ) خَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ فَقَدْ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ د وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ الدُّعَاءَ فِيهِ إلَخْ) ، وَكَذَا الْمَأْمُومُ إذَا أَطَالَ الْإِمَامُ سُجُودَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَخْصِيصَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ وَرَأَيْت فِي تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ بَعْدَ ذِكْرِ أَدْنَى الْكَمَالِ فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ لَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ت (قَوْلُهُ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً آمِنَةً مِنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا إنَّ الْأَفْضَلَ لَهَا التَّخْوِيَةُ كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي التَّوَاضُعِ إلَّا أَنْ يَرِدَ تَوْقِيفٌ أَنَّهُ الْمَشْرُوعُ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالرِّجَالِ ت، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ر قُلْت وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْعُرَاةِ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ خَالِيًا ت (قَوْلُهُ: وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا عَدَلَ بِالْإِبْهَامِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ حَالَةِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ بِبُطُونِهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي تَفْرِيقِهَا عُدُولٌ بِبُطُونِهَا عَنْ الْقِبْلَةِ ر (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا فِي بَاقِي الصَّلَاةِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي حَالِ وَضْعِهِ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ حَالَةَ الْقِيَامِ يُفَرِّجُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ التَّفْرِيجَ الْمُقْتَصِدَ وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّمِّ، أَوْ لَا يَتَكَلَّفُ ضَمَّا وَلَا غَيْرَهُ ت.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ س