الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيد على أبيه هذا المدة، حتى لا يقدم فى فدائه إلا بعد الإسلام، والله أعلم.
وقوله فى الخبر الذى ذكره ابن عبد البر، عن الزبير وعمه وابن الكلبى، أن النبىصلى الله عليه وسلم، أكبر من زيد بعشر سنين، يقتضى أن زيدا مات وهو ابن خمسين سنة ونحو ثلاثة أشهر؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم، تأخر بعده نحو ثلاث سنين، وعاش قبله عشرا.
ونقل المزى عن بعضهم ولم يسمّه، أن زيدا مات وهو ابن خمس وخمسين سنة.
وقال ابن الأثير فى ترجمته: وكان زيد أبيض أحمر. انتهى. وقال ابن السكن: كان قصيرا شديد الأدمة، فى أنفه فطس. انتهى.
نقل ذلك الحافظ ابن حجر عن ابن السكن. والمعروف أن ما ذكره من الصفة، صفة لأسامة لا لأبيه، والله أعلم.
قال النووى، رحمه الله بعد أن ذكر حديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ فى سرور النبىصلى الله عليه وسلم بما قاله القائف فى أسامة بن زيد وأبيه، من: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
قال العلماء: سبب سروره صلى الله عليه وسلم أن أسامة، كان لونه أسود، وكان طويلا، خرج إلى أمه، وكان أبوه زيد قصيرا أبيض، وقيل بين البياض والسواد، وكان بعض الناس قصد الاختلاف.
1223 ـ زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى:
يكنى أبا عبد الرحمن، أخو عمر بن الخطاب لأبيه، كان أسن من عمر، وأسلم قبل عمر، وكان من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وأحدا والخندق وما بعدها من المشاهد، وشهد بيعة الرضوان بالحديبية، ثم قتل باليمامة شهيدا سنة اثنتى عشرة، وحزن عليه عمر حزنا شديدا. ويروى عن ابن جابر قال: قال عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه: ما هبت الصبا إلا وأنا أجد منها ريح زيد. انتهى.
1223 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 851، الإصابة ترجمة 8904، أسد الغابة ترجمة 1834، طبقات ابن سعد 3/ 73، 131، 4/ 81، 89، 90، طبقات خليفة 12، تاريخه 108، 112، نسب قريش 347 ـ 348، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1274، تاريخه الصغير 1/ 34، تاريخ الطبرى 3/ 290، 293، الجرح والتعديل الترجمة 2539، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 27، حلية الأولياء 1/ 367، جمهرة ابن حزم 151، 311، الجمع لابن القيسرانى 1/ 145، التبيين فى أنساب القرشيين 374، الكامل فى التاريخ 2/ 360، 363، 366، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 203، تاريخ الإسلام 1/ 367، سير أعلام النبلاء 1/ 297، الكاشف الترجمة 1752، العبر 1/ 14، تهذيب ابن حجر 3/ 411، خلاصة الخزرجى الترجمة 2256، تهذيب الكمال 2105).
ولما قتل زيد بن الخطاب، ونعى إلى أخيه عمر قال: رحم الله أخى، سبقنى إلى الحسنيين، أسلم قبلى واستشهد قبلى.
وقال عمر ـ رضى الله عنه ـ لمتمم بن نويرة، حين أنشده مراثيه فى أخيه: لو كنت أحسن الشعر، لقلت فى أخى زيد مثل ما قلت فى أخيك، فقال متمم: لو أن أخى ذهب على ما ذهب عليه أخوك، ما حزنت عليه. فقال عمر ـ رضى الله عنه: ما عزانى أحد أحسن مما عزيتنى به.
وذكر محمد بن عمر الواقدى، قال: حدثنى الجحاف بن عبد الرحمن، من ولد زيد ابن الخطاب، عن أبيه قال: كان زيد بن الخطاب يحمل راية المسلمين يوم اليمامة، وقد انكشف المسلمون حتى غلبت حنيفة على الرجال، فجعل زيد يقول: أما الرجال فلا رجال، وأما الرجال فلا رجال، ثم جعل يصيح بأعلى صوته: اللهم إنى أعتذر إليك من فرار أصحابى، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة، ومحكم بن الطفيل، وجعل يشير بالراية، يتقدم بها فى نحر العدو، ثم ضارب بسيفه حتى قتل، ووقعت الراية. ثم قال: وزيد بن الخطاب، هو الذى قتل الرّحّال بن عنفوة، وقيل عنقوة، واسمه نهار بن عنقوه، وكان قد هاجر وقرأ القرآن، ثم سار إلى مسيلمة مرتدّا، وأخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يشركه فى الرسالة، فكان أعظم فتنة على بنى حنيفة.
وذكر خليفة بن خياط، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى، قتل زيد بن الخطاب يوم اليمامة، وقال أبو مريم لعمر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى أكرم زيدا بيدى، ولم يهنى بيده. قال: وأخبرنا علىّ بن محمد، قال: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى، قتل زيد بن الخطاب، قال: وأخبرنا على بن محمد أبو الحسن، عن ابن خزيمة الحنفى، عن قيس بن طلق قال: قتله سلمة بن صبيح، ابن عم أبى مريم.
قال ابن عبد البر، رحمه الله: النفس أميل إلى هذا؛ لأن أبا مريم لو كان قاتل زيد، ما استقضاه عمر، رضى الله عنه. والله أعلم. قال: وكان زيد بن الخطاب، طويلا بائن الطول أسمر. انتهى.
ذكر هذا كله من حال زيد بن الخطاب، ابن عبد البر، وهذا لفظه إلا قليلا جدا فبالمعنى، وقدمنا فى ذلك وأخرنا لمناسبة الكلام، وليس فيما ذكره ابن عبد البر، من أن وقعة اليمامة فى سنة اثنتى عشرة، بيان وقتها من هذه السنة، وذلك فى شهر ربيع الأول سنة اثنتى عشرة، ذكر ذلك غير واحد، منهم: ابن الأثير والنووى والذهبى فى العنبر.
وقيل: إن اليمامة كانت فى سنة إحدى عشرة، حكاه النووى فى ترجمة زيد بن الخطاب.
وقال صاحبنا الحافظ ابن حجر فى ترجمته: «قلت: وهذا لم يذكره ابن عبد البر، وذكر العسكرى، أن أبا مريم الحنفى قاتل زيد بن الخطاب، غير أبى مريم الحنفى الذى ولاه عمر القضاء، وزعم أن اسم هذا إياس بن صبيح، وأن اسم القاتل صبيح بن مخرش، وحكى فى اسم قاتله غير ذلك. وقال الهيثم بن عدى: أسلم قاتله، فقال له عمر، رضى الله عنه ـ فى خلافته: لا تساكّنى» . انتهى.
وكلام المزى فى التهذيب، يقتضى أن الذى قتل زيدا، الرحال بن عنفوة؛ لأنه قال: وقتله الرحال بن عنفوة. انتهى.
وليس الأمر كذلك؛ لأن زيدا قتل الرحال، كما قال ابن عبد البر، وقد استدرك ذلك على المزى، صاحبنا الحافظ ابن حجر، ونبّه عليه، وذكر كلام أبى عمر.
ولزيد بن الخطاب، حديث واحد، فى النهى عن قتل ذوات البيوت، من حديث الزهرى، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن أبى لبابة، وزيد بن الخطاب، أن النبى صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك. وقال سفيان بن عيينة عن الزهرى: فقال أبو لبابة، أو زيد بن الخطاب، على الشك.
ذكره البخارى تعليقا من الوجه الأول (1). ورواه مسلم من الوجهين جميعا (2). ورواه أبو داود من الوجه الثانى (3)، ذكر هذا كله بالمعنى المزى.
وذكره الزبير بن بكار فقال: وقد شهد بدرا وأحدا. وقال له عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه: خذ درعى فالبسها، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ يحبه حبّا شديدا، فقال: زيد يا أخى، أنا أريد من الشهادة مثل ما تريد. وقتل زيد بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ باليمامة شهيدا، فحزن عليه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ حزنا شديدا، وقال لمتمم بن نويرة حين أنشده مراثى أخيه مالك بن نويرة: لو كنت أحسن الشعر. فذكر ما سبق.
وذكر قول عمر ـ رضى الله عنه: ما هبت الصبا. وذكر قوله: رحم الله أخى زيدا، فإنه سبقنى إلى الحسنيين، بالمعنى فى الثلاثة الأخبار، وكثير منهما باللفظ.
(1) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى بدء الخلق، حديث رقم (3054).
(2)
أخرجه مسلم فى صحيحه، فى السلام، حديث رقم (4140، 4141).
(3)
أخرجه أبو داود فى سننه، فى الأدب، حديث رقم (4572).