الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى سلخ جمادى الأولى سنة أربع عشرة وخمسمائة. وذكر بعض العصريين، أنه إنما توفى سنة أربع وعشرين.
والبرانى: بباء موحدة وراء مهملة مشددة، ونون نسبة إلى قرية بوران ببخارى. وقد تشتبه هذه النسبة بالبزانى، بباء موحدة وزاى ونون.
1359 ـ سهل بن وهب بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن فهر القرشى الفهرى، ويقال له سهل بن بيضاء نسبة إلى أمه، وهى دعد بنت جحدم بن عمرو بن عابد الفهرية:
ذكر ابن عبد البر، أنه ممن أظهر إسلامه بمكة، ومشى إلى النفر الذين قاموا فى نقض الصحيفة، التى كتبها المشركون، على بنى هاشم وبنى المطلب، ثم قال: أسلم سهل بن بيضاء بمكة، وكتم إسلامه، فأخرجته قريش معهم إلى بدر، فأسر يومئذ مع المشركين، فشهد له عبد الله بن مسعود، أنه رآه بمكة يصلى، فخلى عنه. لا أعلم له رواية.
ومات بالمدينة، وبها مات أخوه سهيل، فصلى عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسجد. ثم قال: وقد قيل إن سهل بن بيضاء، مات بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وذكر غير ابن عبد البر، أنه توفى فى مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من تبوك. وقيل: مات سنة ثمان وثمانين. والأول أصح.
* * *
من اسمه سهيل
1360 ـ سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤىّ بن غالب بن فهر القرشى العامرى المكى، أو يزيد:
أحد أشراف قريش وخطبائها، ذكر الزبير: أن أمه حبّى بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو بن خزاعة، وأنه شهد بدرا مع المشركين،
1359 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1085، الإصابة ترجمة 3533، أسد الغابة ترجمة 2283، الجرح والتعديل 4/ 835، علوم الحديث لابن الصلاح 335، دائرة معارف الأعلمى 19/ 294، التاريخ الكبير 4/ 103، التاريخ الصغير 1/ 25، 104).
1360 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1111، الإصابة ترجمة 2586، أسد الغابة ترجمة 2326، طبقات ابن سعد 3/ 310، 6/ 9، 7/ 484، 8/ 206، نسب قريش 417، 419، طبقات خليفة 26، 300، تاريخ خليفة 82، 90، التاريخ الكبير 4/ 103، 104، المعارف 284، الجرح والتعديل 4/ 245، مشاهير علماء الأمصار 180، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 239، تاريخ الإسلام 2/ 26، شذرات الذهب 1/ 30).
وحرض الناس بمكة للخروج إليها؛ لأن أبا سفيان، لما استنفر قريشا لعيرها التى معه، تخوفا عليها من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حين همّوا بها، قام سهيل بن عمرو فقال: يا أهل غالب، أتاركون أنتم محمدا والصّباة من أهل يثرب، يأخذون عيراتكم وأموالكم؟ من أراد مالا فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة، فقال فى ذلك أمية بن أبى الصلت (1) [من الكامل]:
أبا يزيد رأيت سيبك واسعا
…
وسجال كفك تستهل وتمطر (2)
بسطت يداك بفضل عرفك والذى
…
يعطى يسارع فى العلاء ويظفر
فوصلت قومك واتخذت صنيعة
…
فيهم تعدو وذو الصنيعة يشكر
ونمى ببيتك فى المكارم والعلا
…
يابن الكرام فروع مجد يزخر
وجحاجح بيض الوجوه أعزة
…
غر كأنهم نجوم تزهر
إن التكرم والندى من عامر
…
أخواك ما سلكت لحج عزور
فأسر سهيل يوم بدر، أسره مالك بن الدّخشم. وقال فى ذلك مالك بن الدّخشم (3) [من المتقارب]:
أسرت سهيلا فلن أبتغى
…
أسيرا به من جميع الأمم
وخندف تعلم أن الفتى
…
سهيلا فتاها إذا تصطلم
ضربت بذى الشفر حتى انثنى
…
وأكرهت نفسى على ذى العلم
قال: فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامرى، ثم المعيطىّ، فقاطعهم على فدائه، وقال لهم، اجعلوا رجلى فى القيد مكان رجليه، حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به. وفى ذلك يقول مكرز:
فديت بأذواد كرام سبا فتى
…
ينال الصميم غرمها لا المواليا
وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به
…
لأبنائها حتى يديروا الأمانيا
وكان عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهيل أسير: دعنى أنزع ثنيته حتى يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا. وكان سهيل، أعلم، مشقوق الشفة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لعله يقوم مقاما تحمده» . وكان الأمر على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتى بيانه.
وعلى يد سهيل بن عمرو، انبرم الصلح بين النبى صلى الله عليه وسلم، وبين قريش يوم الحديبية، وقال
(1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1111.
(2)
فى الاستيعاب: «يستعمل ويمطر» .
(3)
انظر الاستيعاب ترجمة 1111.
النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا إليه: «سهل أمركم» . قال الزبير: فأسلم سهيل فى الفتح. وكان بعد إسلامه كثير الصلاة والصوم والصدقة. انتهى بالمعنى.
وقال النووى: قال سعيد بن مسلم: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا يوم الفتح، أكثر صلاة وصوما وصدقة واشتغالا بما ينفعه فى آخرته، من سهيل بن عمرو، حتى شحب لونه وتغير، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، كان يختلف إلى معاذ بن جبل، يقرئه القرآن ويبكى، حتى خرج معاذ من مكة، فقيل له: تختلف إلى هذا الخزرجى؟ لو كان اختلافك إلى رجل من قومك؟ قال: هذا الذى صنع بنا ما صنع، حتى سبقنا كل السّبق، لعمرى أختلف، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله بالإسلام قوما كانوا فى الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وإنى لأذكر ما قسم الله لى، فى تقدم أهل بيتى من الرجال والنساء، فأسر به، وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله تعالى نفعنى بدعائهم، أن لا أكون مت على ما مات عليه نظرائى، فقد شهدت مواطن، أنا فيها معاند للحق.
وذكر ابن الزبير: أنه لما مات النبى صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب، ماج أهل مكة وكادوا يرتدون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة، كأنه يسمعها، فسكن الناس وقبلوا منه، وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد. انتهى.
وذكر ابن عبد البر: أن سهيلا قال فى خطبته: والله إنى لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس فى طلوعها إلى غروبها، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم ـ يعنى أبا سفيان ـ فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم، ولكنه قد جثم على صدره حسد بنى هاشم.
وأتى فى خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة.
وذكر النووى أنه قال فى خطبته: يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم، وأول من ارتد، والله ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر. فى خطبة طويلة.
ومقام سهيل هذا، هو الذى أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله لعمر ـ رضى الله عنه ـ حين سأله أن ينزع ثنيّة سهيل، لا يقوم خطيبا على النبى صلى الله عليه وسلم:«إنه يقوم مقاما تحمده» .
قال ابن عبد البر: روى ابن المبارك، قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: حضر الناس باب عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وفيهم سهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، وأولئك الشيوخ من قريش، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر: لصهيب وبلال، وأهل بدر، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال سهيل بن
عمرو: قال الحسن ـ ويا له من رجل ما كان أعقله: ـ أيها القوم، إنى والله قد رأيت الذى فى وجوهكم، فإن كنتم غضبى فاغضبوا على أنفسكم، دعى القوم ودعيتم، فاسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل، أشد عليكم فوتا من بابكم هذا، الذى تنافسون عليه، ثم قال: أيها القوم، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون، ولا سبيل إلى ما سبقوكم به، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله أن يزرقكم شهادة. ثم نفض ثوبه، وقام ولحق بالشام. قال الحسن: فصدق. والله لا يجعل الله عبدا له، أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.
وذكر الزبير عن عمه مصعب، عن نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فجلسا وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأولون، يأتون عمر ـ رضى الله عنه ـ فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، فينحيهما عنه، فجعل الأنصار يأتون فينحيهما عنه كذلك، حتى صارا فى آخر الناس، فلما خرجا من عند عمر بن الخطاب، قال الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: ألم تر ما صنع بنا؟ فقال سهيل: أيها الرجل، لا لوم عليه، ينبغى أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعى القوم فأسرعوا، ودعينا فأبطأنا. فلم قام الناس من عند عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أتياه فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعل بنا القوم، وعلمنا أن أتينا من قبل أنفسنا. فهل من شيء نستدرك به ما فاتنا من الفضل؟ فقال: لا أعلم إلا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها.
قالوا: وكان سهيل بن عمرو، بعد أن أسلم، كثير الصلاة والصوم والصدقة، وخرج بجماعة أهله إلا ابنته هندا إلى الشام مجاهدا حتى ماتوا كلهم هناك، فلم يبق من ولده أحد إلا ابنته هند، وفاختة بنت عقبة بن سهيل، فقدم بها على عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ومعها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكان الحارث قد خرج مع سهيل، فلم يرجع ممن خرج معهما إلا عبد الرحمن، وفاختة، فقال: زوجوا الشّريد الشّريدة، ففعلوا، فنشر الله منهما خلقا كثيرا.
قال المدائنى: قتل سهيل بن عمرو باليرموك، وقيل: بل مات فى طاعون عمواس. قال النووى، استشهد باليرموك، وقيل بمرج الصفّر، وذكر القول بوفاته فى طاعون عمواس.