الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال له المنصور: أتحرضهم علىّ يا سديف؟ قال: لا، ولكنى أؤنبهم يا أمير المؤمنين. وذكر ابن المعتز، أن العوفى حدثه عن أحمد بن إبراهيم الرياحى، قال: سلّم سديف ابن ميمون يوما على رجل من بنى عبد الدار، فقال له العبدرى: من أنت يا هذا؟ قال: أنا رجل من قومك، أنا سديف بن ميمون. فقال له: والله ما فى قومى سديف بن ميمون، قال: صدقت، لا والله، ما كان قط منهم ميمون ولا مبارك. انتهى.
1258 ـ سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك المدلجى الكنانى، يكنى أبا سفيان:
ذكره مسلم صاحب الصحيح فى الصحابة المكيين. وقال ابن عبد البر: كان ينزل قديدا، يعد فى أهل المدينة، ويقال إنه سكن مكة.
روى عنه من الصحابة: ابن عباس وجابر ـ رضى الله عنهما. روى عنه سعيد بن المسيب، وابنه محمد بن سراقة. انتهى. روى له الجماعة إلا مسلما.
وقال النووى: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر حديثا. روى البخارى أحدها (1).
1258 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 921، الإصابة ترجمة 3122، أسد الغابة ترجمة 1955، طبقات خليفة 34، تاريخه 157، علل أحمد 1/ 201، 227، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2523، المعرفة ليعقوب 1/ 240، 395، الجرح والتعديل الترجمة 1342، جمهرة ابن حزم 187، الجمع لابن القيسرانى 1/ 209، معجم البلدان 1/ 594، 2/ 298، الكامل فى التاريخ 2/ 105، 188، 3/ 18، 80، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 209، العبر 1/ 27، الكاشف الترجمة 1825، تهذيب ابن حجر 3/ 456، خلاصة الخزرجى الترجمة 2873، شذرات الذهب 1/ 35، تجريد أسماء الصحابة 1/ 210، الرياض المستطابة 117، الأنساب 7/ 116، تهذيب الكمال 2188).
(1)
فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم (3616) من طريق: يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة ابن الزبير أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر: أخرجنى قومى فأريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى. قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية فى أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق، فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا ـ
_________
ـ نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ فى غير داره ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبى بكر فقال: قد علمت الذى عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى ذمتى فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإنى أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عزوجل والنبى صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة. فقال النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إنى أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك فإنى أرجو أن يؤذن لى. فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبى أنت؟ قال: نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر. قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس فى بيت أبى بكر فى نحر الظهيرة قال قائل لأبى بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا فى ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر: فداء له أبى وأمى والله ما جاء به فى هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: أخرج من عندك فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبى أنت يا رسول الله قال: فإنى قد أذن لى فى الخروج فقال أبو بكر: الصحبة بأبى أنت يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم قال أبو بكر: فخذ بأبى أنت يا رسول الله إحدى راحلتى هاتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز وصنعنا لهما سفرة فى جراب فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار فى جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان فى رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر ابن فهيرة بغلس يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بنى الديل وهو من بنى عبد بن عدى هاديا خريتا، والخريت الماهر ـ
_________
ـ بالهداية، قد غمس حلفا فى آل العاص بن وائل السهمى وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل. قال ابن شهاب: وأخبرنى عبد الرحمن بن مالك المدلجى وهو ابن أخى سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر دية كل واحد منهما من قتله أو أسره فبينما أنا جالس فى مجلس من مجالس قومى بنى مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إنى قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت فى المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتى أن تخرج بفرسى وهى من وراء أكمة فتحبسها على وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسى فركبتها فرفعتها تقرب بى حتى دنوت منهم فعثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت يدى إلى كنانتى فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذى أكره فركبت فرسى وعصيت الأزلام تقرب بى حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسى فى الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع فى السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذى أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم ووقع فى نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآنى ولم يسألانى إلا أن قال: أخف عنا فسألته أن يكتب لى كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب فى رقعة من أديم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى الزبير فى ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشأم فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أو فى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودى أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدكم الذى تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم فى بنى عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيى أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فلبث رسول ـ
وقال: وجعشم، بضم الجيم والشين المعجمة، هذا قول الجمهور من الطوائف. وحكى الجوهرى، ضم الشين وفتحها. انتهى.
وكان إسلام سراقة بالجعرانة، بعد انصراف النبى صلى الله عليه وسلم من حنين والطائف، ولبس سراقة سوارى كسرى بن هرموز ملك الفرس، فى زمن عمر ـ رضى الله عنه ـ وكان ذلك معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال ذلك لسراقة لما أسلم، واتفق للنبى صلى الله عليه وسلم مع سراقة معجزة أخرى عظيمة، وهى أنه لحق بالنبى صلى الله عليه وسلم، حين هاجر من مكة ليردّه إليها، فدعا عليه النبى صلى الله عليه وسلم، فساخت قوائم فرسه إلى بطنها فى أرض صلدة، ثم نجا بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم.
وهذا خبر مشهور؛ لأنا روينا من حديث الصديق ـ رضى الله عنه ـ خبرا فى هجرته مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وفيه: وارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم، إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، فقال:«لا تحزن إن الله معنا» . حتى إذا دنا منّا، وكان بيننا وبينه قيد رمح أو رمحين أو ثلاثة، قلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، وبكيت. قال له:«لا تبك» قال: قلت: أما والله ما على نفسى أبكى، ولكنى أبكى عليك. قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اكفناه بما شئت، فساخت قوائم فرسه إلى بطنها فى أرض صلدة، ووثب عنها وقال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع الله عزوجل أن ينجينى مما أنا فيه، فو الله لأعمين على من ورائى من الطلب، وهذه كنانتى، خذ منها سهما، فإنك ستمر بإبلى وغنمى، فى موضع كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «لا حاجة لى فيها» ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلق ورجع إلى أصحابه. انتهى.
وهذا الذى ذكرناه من هذا الحديث، رويناه بهذا اللفظ فى مسند ابن حنبل،
ـ الله صلى الله عليه وسلم فى بنى عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذى أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب راحلته فسار يمشى معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يصلى فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين فى حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا: لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن: فى بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر. ويقول: اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة. فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لى. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا فى الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.
والحديث مخرج فى الكتب المشهورة: الصحيحان، والسيرة لابن إسحاق، وفيها زيادة فى خبر سراقة، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة.
قال: فحدثنى محمد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم، عن عمه سراقة ابن جعشم، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرا، جعلت فيه قريش مائة ناقة، لمن رده عليهم، وذكر حديث طلبه وما أصاب فرسه، وأنه سقط عنه ثلاث مرات، قال: فلما رأيت ذلك، علمت أنه ظاهر، فناديت: أنا سراقة بن مالك بن جعشم، أنظرونى أكلمكم، فو الله لا أريبكم ولا يأتيكم منى ما تكرهونه، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لأبى بكر ـ رضى الله عنه:«قل له ما تبتغى منا؟ » فقال لى أبو بكر، فقلت: تكتب لى كتابا يكون آية بينى وبينك، فكتب لى كتابا، فى عظم أو فى رقعة أو فى خرقة، فألقاه وأخذته فجعلته فى كنانتى، فرجعت ولم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا فتح الله على رسوله مكة، وفرغ من حنين والطائف، خرجت ومعى الكتاب لألقاه، فلقيته بالجعرانة، فدخلت فى كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعوننى بالرماح، ويقولون: إليك، ماذا تريد؟ حتى إذا دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، والله لكأنى أنظر إلى ساقه فى غرزه كأنها جمارة، فرفعت يدى بالكتاب، ثم قلت: يا رسول الله هذا كتابك، وأنا سراقة بن مالك بن جعشم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا يوم وفاء وبرّ، ادنه، فدنوت منه، فأسلمت. وذكر حديث سؤاله عن ضالة الإبل. انتهى.
وخبر لبس سراقة سوارى كسرى، وإخبار النبى صلى الله عليه وسلم بذلك، ذكره ابن عبد البر بزيادة فائدة، قال: وروى سفيان بن عيينة، عن أبى موسى، عن الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لسراقة بن مالك:«كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟ » فلما أتى عمر ـ رضى الله عنه ـ بسوارى كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة بن مالك ـ رضى الله عنه ـ فألبسه إياهما. وكان سراقة رجلا أزبّ، كثير شعر الساعدين. وقال له:«ارفع يديك» .
فقال: «الله أكبر، الحمد لله الذى سلبهما كسرى بن هرمز، الذى كان يقول: أنا ربّ الناس» . وكان سراقة بن مالك بن جعشم، شاعرا مجيدا، وهو القائل لأبى جهل (1) [من الطويل]:
أبا حكم والله لو كنت شاهدا
…
لأمر جوادى إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدا
…
رسول ببرهان فمن ذا يقاومه
عليك بكف القوم عنه فإننى
…
أرى أمره يوما ستبدو معالمه
بأمر يود الناس فيه بأسرهم
…
بأن جميع الناس طرّا تسالمه
(1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 921.