الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1497 ـ عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى، أبو جعفر الجواد:
ولد بالحبشة، وهو أول من ولد بها من المسلمين باتفاق العلماء، على ما قال النووى وهاجر به أبوه إلى المدينة، مع المهاجرين وغيرهم ممن دخل فى الإسلام، فوصلوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر قد فتحها.
وروى لعبد الله بن جعفر عن النبى صلى الله عليه وسلم، خمسة وعشرون حديثا، على ما قال النووى؛ وذكر أن البخارى ومسلما، اتفقا منها على حديثين.
روى عنه بنوه: إسماعيل وإسحاق ومعاوية، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وابن أبى مليكة، والشعبى، وجماعة. روى له الجماعة.
قال ابن عبد البر: وكان كريما جوادا ظريفا حليما عفيفا، سمى بحر الجود، يقال إنه لم يكن فى الإسلام أسخى منه، ثم قال: ويقولون: إن أجواد العرب فى الإسلام عشرة، فأجود أهل الحجاز: عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وسعيد ابن العاص، وأجود أهل الكوفة: عتّاب بن ورقاء، أحد بنى رباح بن يربوع، وأسماء بن خارجة بن حصن الفزارى، وعكرمة بن ربعى الفياض، أحد بنى تيم الله بن ثعلبة.
وأجود أهل البصرة: عمر بن عبد الله بن معمر، وطلحة بن خلف الخزاعى، ثم أحد بنى مليح، وهو طلحة الطلحات، وعبيد الله بن أبى بكرة.
وأجود أهل الشام: خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية. وليس فى هؤلاء كلهم، أجود من عبد الله بن جعفر، ولم يكن مسلم يبلغ مبلغه فى
1497 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1506، الإصابة ترجمة 4609، أسد الغابة ترجمة 2864، الأخبار الموفقيات 80، السير والمغازى 48، المغازى للواقدى 766، سيرة ابن هشام 1/ 187، المحبر 55، تاريخ الثقات 251، المعرفة والتاريخ 1/ 223، تاريخ أبى زرعة 1/ 71، الثقات لابن حبان 3/ 207، الشعر والشعراء 1/ 287، الأخبار الطوال 184، الكنى والأسماء للدولابى 1/ 66، مشاهير علماء الأمصار رقم 15، المعارف 205، تاريخ اليعقوبى 2/ 65، أنساب الأشراف 3/ 292، تاريخ الطبرى 10/ 305، المنتخب من ذيل المذيل 547، الأسامى والكنى للحاكم 1/ 99، الولاة والقضاة 21، ربيع الأبرار 1/ 832، ثمار القلوب 88، مروج الذهب 1515، نسب قريش 81 ـ 82، تاريخ خليفة 184، 194، طبقات خليفة 126، 189، مسند أحمد 1/ 203، علل أحمد 119، 395، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 11، تاريخه الصغير 1/ 2، 102، 143، 197، الكنى لمسلم الورقة 17، 58، المعرفة ليعقوب 1/ 223، 242، 360، 646492، 3/ 315، الجرح والتعديل الترجمة 96، الكندى 21، 23، المستدرك 3/ 566، جمهرة ابن حزم 38، 68، سير أعلام النبلاء 33/ 456، تهذيب الكمال 14/ 367).
الجود، وعوتب فى ذلك، فقال: إن الله عودنى عادة، وعودت الناس عادة وأنا أخاف إن قطعتها، قطعت عنى.
ومدحه نصيب فأعطاه إبلا وثيابا وخيلا ودنانير ودراهم، فقيل له: أتعطى لهذا الأسود مثل هذا؟ فقال: إن كان أسود فشعره أبيض، ولقد استحق بما قال أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا ما يبلى وأعطانا مدحا يروى، وثناء يبقى، وقد قيل إن هذا الخبر، إنما جرى لعبد الله بن جعفر، مع عبيد الله بن قيس الرقيات، وأخباره فى الجود كثيرة. انتهى.
ومن أخباره رضى الله عنه فى الجود، ما رويناه عنه، أنه أقرض الزبير بن العوام ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير، قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر: وجدت فى كتب أبى أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر، إنى وهمت، المال لك على أبى، قال: لا أريد ذلك. قال: فإن شئت فهو لك، وإن كرهت ذلك، فلك منه شطره أو ما شئت. انتهى. ذكر ذلك النووى فى التهذيب.
وقال الزبير بن بكار: وكان عبد الله بن جعفر جوادا ممدحا، وله يقول عبيد الله بن قيس الرقيات [من الطويل]:
تعدت بى الشهباء نحو ابن جعفر (1)
…
سواء عليها ليلها ونهارها
تزور أمرأ قد يعلم الله أنه (2)
…
تجود له كف قليل غرارها
فو الله لولا أن تزور ابن جعفر
…
لكان قليلا فى دمشق قرارها
أتيتك أثنى بالذى أنت أهله (3)
…
عليك كما أثنى على الروض جارها
ذكرتك إذ فاض الفرات بأرضنا
…
وجلل أعلى الرقمتين بحارها (4)
فإن مت لم يوصل صديق ولم تقم
…
طريق من المعروف أنت منارها
(1) فى الديوان 82:
تقدت بى الشبهاء نحو ابن جعفر
(2)
فى الديوان 82:
تزور فتى قد يعلم الله أنه
(3)
فى الديوان 82:
أتيناك نثنى بالذى أنت أمله
(4)
فى الديوان 82:
وجاش بأعلى الرقتين بحارها
وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: قال عبد الملك بن مروان: يا ابن قيس، أما اتقيت الله حين تقول فى ابن جعفر: أنت رجل قد يعلم الله أنه تجود له كف قليل غرارها، ألا قلت: يعلم الناس، ولم تقل: قد يعلم الله، فقال له ابن قيس: قد والله علمه الله، وعلمته وعلمه الناس.
وقال الزبير: حدثنى فليح بن إسماعيل بن إسماعيل قال: طلب عبد الله بن جعفر لابن أزاد مرد حاجة إلى على بن أبى طالب، فقضاها. فقال: هذه أربعون ألف درهم، فإن لك مؤونة، قال: إنا أهل بيت لا نأخذ على المعروف ثمنا. انتهى.
وقال ابن عبد البر: وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا. روى أن عبد الله بن جعفر، كان إذا قدم على معاوية أنزله داره، وأظهر له من بره وإكرامه ما يستحقه، فكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، زوجة معاوية، فسمعت ليلة غناء عند عبد الله بن جعفر، فأتت إلى معاوية فقالت له: هلم فاسمع ما فى منزل هذا الرجل، الذى جعلته بين لحمك ودمك، فجاء معاوية فسمع وانصرف، فلما كان فى آخر الليل، سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر، فجاء فأنبه فاختة فقال: اسمعى مكان ما أسمعتنى. انتهى.
وكان حاضر الجواب، لأن صاحب العقد قال: قال عبد الله بن صفوان ـ وكان أميّا ـ لعبد الله بن جعفر بن أبى طالب: يا أبا جعفر، لقد صرت حجة لفتياننا علينا، إذا نهيناهم عن الملاهى قالوا: هذا ابن جعفر سيد بنى هاشم يحضرها ويتخذها، قال له: وأنت أبا صفوان، صرت حجة لصبياننا علينا، إذا لمناهم فى ترك المكتب قالوا: هذا أبو صفوان سيد بنى جمح، لا يقرأ آية ولا يحفظها. انتهى.
واختلف فى وفاة عبد الله بن جعفر، فقيل: سنة ثمانين من الهجرة، وبه جزم الزبير ابن بكار، ورجحه ابن عبد البر، قال: وهو ابن تسعين سنة. وذكر النووى؛ أنه الصحيح، وذكر المزى: أنه الأصح. وقيل سنة تسعين، حكاه النووى عن جماعة ولم يسمهم، والمزى أيضا.
وقيل سنة أربع أو خمس وثمانين، حكاه ابن عبد البر قال: وهو ابن ثمانين سنة. وما ذكره ابن عبد البر فى مبلغ سنه على القول الأول، بأنه توفى سنة تسعين، لأن النووى ذكر أن لعبد الله بن جعفر عشر سنين حين توفى النبى صلى الله عليه وسلم، واتفقوا على أنه توفى بالمدينة، وأن أبان بن عثمان والى المدينة صلى عليه.
وذكر النووى: أنه حضر غسله وكفنه وحمله أبان مع الناس بين العمودين، ولم يفارقه حتى وضع بالبقيع، ودموع أبان تسيل على خده، ويقول: كنت والله خيرا لا