الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكره الحافظ أبو سعد السمعانى، فى ذيله على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى، فقال: طاف البلاد، ثم جاور مكة، وصار شيخ الحرم، وكان حافظا متقنا ثقة ورعا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات.
وكان إذا خرج إلى الحرم، يخلو الطواف، فيقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود.
سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول ذلك. وسئل عنه أيضا إسماعيل فقال: إمام كبير عارف بالسّنّة. وقال ابن طاهر مثله، وقال: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن فى الدنيا مثل سعد بن على الزّنجانىّ فى الفضل. انتهى.
قال الذهبى: ولد سعد فى حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلهما، وتوفى فى آخر سنة إحدى وسبعين، أو فى آخر سنة سبعين وأربعمائة بمكة.
ولسعد الزنجانى قصيدة مشهورة فى السنة.
1267 ـ سعد بن قيس العنزى، وقيل القرشى:
سماه النبى صلى الله عليه وسلم: سعد الخير. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكر شيئا من روايته، وعزاه لابن مندة وأبى نعيم، وقال: قال أبو نعيم: العنسىّ، عوض العنزىّ. انتهى. وذكره الذهبى مختصرا.
1268 ـ سعد بن أبى وقاص، واسم أبى وقاص مالك بن أهيب، وقيل وهيب، ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، أبو إسحاق:
أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وأحد الستة
1267 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 289، الإصابة 2/ 32).
1268 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 321، 334، 2/ 4، 31، 114، 3/ 38، 88، 101، 271، 321، 4/ 264، 6/ 92، 98، 7/ 3، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 193، نسب قريش 94، 251، 263، 269، 393، 421، طبقات خليفة 15، 126، تاريخ خليفة 223، فضائل الصحابة 2/ 748، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1908، وتاريخه الصغير 1/ 26، 51، 69، 72، 83، 91، 100 ـ 101، 104، 108، 114، المعارف 550، الكنى للدولابى 1/ 63، الجرح والتعديل الترجمة 405، مشاهيره الترجمة 10، حلية الأولياء 1/ 92، جمهرة ابن حزم، 79، 129، 167، 273، 365، الاستيعاب ترجمة 968، تاريخ بغداد 1/ 144، الجمع لابن القيسرانى 1/ 157، تلقيح ابن الجوزى 48، 118، التبيين 127، 158، 182، 202، 223، 253 ـ 254، 269 ـ 270، 283، 348، 397، 452، 459، أسد الغابة 2/ 290، تهذيب الأسما واللغات 1/ 213، تاريخ الإسلام 2/ 281، العبر 1/ 60، الكاشف الترجمة 1864 ـ التجريد الترجمة 2272، تذكرة الحفاظ 1/ 22، سير أعلام النبلاء 1/ 92، نكت الهميان 155، غاية النهاية 1/ 304، تهذيب ابن حجر 3/ 483، الإصابة 3222، خلاصة الخزرجى الترجمة 2403، تهذيب الكمال 2229).
الذين جعل عمر ـ رضى الله عنه ـ الخلافة فيهم شورى، وأحد الأربعة من الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة بعد عثمان بن عفان ـ رضى الله عنهم ـ وأحد الرجلين اللذين جمع لهما النبى صلى الله عليه وسلم بين أبويه، لرميهما بين يديه، وأحد الفرسان الشجعان من قريش، الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفره.
أسلم بعد ستة، فكان سبع الإسلام، ذكره ابن عبد البر وغيره، وقيل: بعد أربعة.
ذكره ابن الأثير، وقال: روت عنه ابنته عائشة أنه قال: رأيت فى المنام قبل أن أسلم، كأنى فى ظلمة لا أبصر شيئا، إذ أضاء لى قمر، فاتبعته، فكأنى أنظر إلى من سبقنى إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علىّ بن أبى طالب، وإلى أبى بكر ـ رضى الله عنهم ـ وكأنى أسائلهم: متى انتهيتم إلى هاهنا؟ قالوا: الساعة. وبلغنى أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الإسلام مستخفيا، فلقيته فى شعب أجياد، قد صلى العصر فأسلمت، فما تقدمنى أحدا إلا هم. انتهى.
وقال ابن المسيب، عن سعد: ما أسلم أحد إلا فى اليوم الذى أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإنى لثالث الإسلام. انتهى. نقله الحافظ ابن حجر وهو يدل على أنه أسلم بعد اثنين، والله أعلم.
وكان عمره لما أسلم، سبع عشرة سنة، كذا ذكره غير واحد من المتأخرين، منهم: ابن الأثير والنووى، وجزم بأنه أسلم بعد أربعة.
ونقل ابن عبد البر، عن الواقدى، عن سلمة، عن عائشة بنت سعد، عن سعد قال: أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة، كذا وجدته فى الاستيعاب، التاء مقدمة على السين وفوقها نقطتان، ولعل ذلك تصحيف من الناسخ، فإنى رأيته فى تذهيب الكمال بتقديم السين، ورأيته فى نسخة من مختصره للذهبى، بتقديم التاء. والله أعلم.
قال ابن عبد البر: وروى عنه أنه قال: أسلمت قبل أن تفرض الصلوات. ثم قال: وهو أول من رمى بسهم فى سبيل الله عزوجل، وذلك فى سرية عبيدة بن الحارث، وذكر له شعرا فى ذلك، منه [من الوافر]:
فما يعتدّ رام من معد
…
بسهم مع رسول الله قبلى
انتهى. وهو أول من أراق دما فى سبيل الله تعالى؛ لأن ابن إسحاق قال فى رواية يونس بن بكير: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلوا ذهبوا إلى الشّعاب، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ فى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى شعب من شعاب مكة، ظهر عليهم نفر من المشركين، فناكروهم
وعابوا عليهم دينهم، حتى قاتلوهم فاقتتلوا، فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجّه، فكان أول دم أهريق فى الإسلام. انتهى.
وهو آخر المهاجرين موتا على ما قال ابنه عامر، فيما نقله عن ابن الأثير. وهو آخر العشرة ـ رضى الله عنهم ـ موتا. وهو الذى كوّف الكوفة، وهذان الأمران مشهوران من خبره.
وروى عن علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ قال: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أباه وأمه لأحد، إلا لسعد بن أبى وقاص، قال له يوم أحد: ارم فداك أبى وأمى، ارم أيها الغلام الحزور. وهذا فى الترمذى بهذا اللفظ (1).
وفى الصحيحين بمعناه (2)، وقد شارك سعدا فى هذه الفضيلة الزبير بن العوام ـ رضى الله عنه.
فإن النبى صلى الله عليه وسلم، جمع له بين أبويه، يوم بنى قريظة وهذا فى الصحيحين أيضا (3)، من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه، قال الزهرى: رمى سعد يوم أحد ألف سهم. انتهى.
وكان سعد رضى الله عنه، مسدّدا فى رميه، مجابا فى دعائه؛ لأنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اللهم أجب دعوته وسدد رميته» .
رواه ابن عيينة، عن إسماعيل بن خالد، عن قيس بن أبى حازم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد، فذكره.
وفى الترمذى (4) عن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم استجب لسعد إذا دعاك» انتهى.
ولسعد ـ رضى الله عنه ـ أخبار مشهورة فى إجابة دعائه.
(1) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم 2755، 2756، وفى المناقب، حديث رقم 3686، 3688.
(2)
أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (2690)، وفى المغازى، حديث رقم (3749، 3753)، وفى الأدب، حديث رقم (5716)، ومسلم فى فضائل الصحابة، حديث رقم (4429، 4431).
(3)
أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3442، 3446)، وفى المغازى، حديث (3750، 3751، 3752، 3753)، ومسلم فى صحيحه، كتاب فضائل الصحابة (4429، 4430، 4431، 4437).
(4)
فى سننه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3684).
وفى الترمذى (5) عن جابر ـ رضى الله عنه ـ قال: أقبل سعد، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:«هذا خالى فليرينى امرؤ خاله» انتهى.
قال ابن الأثير: وإنما قال هذا؛ لأن سعدا زهرى، وأم النبى صلى الله عليه وسلم زهريّة، وهو ابن عمها، فإنها آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، يجتمعان فى عبد مناف بن زهرة، وأهل الأم الأخوال. انتهى.
ولسعد ـ رضى الله عنه ـ أحاديث كثيرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر النووى عددها فقال: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتان وسبعون حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة عشر، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بثمانية عشر. روى له الجماعة. وقال النووى: وهو من المهاجرين الأولين، هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكان يقال له فارس الإسلام. انتهى.
شهد سعد ـ رضى الله عنه ـ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وسائر المشاهد، وأمره النبى صلى الله عليه وسلم على سرية الخرار، وأمره عمر ـ رضى الله عنه ـ على الجيوش التى أنفذها لقتال الفرس، ففتح القادسية، وجلولاء، ومدائن كسرى. وكان بعضهم يسمى جلولاء فتح الفتوح، وسميت جلولاء، لما تجللها من الشر، وبلغت الغنائم عشر ألف ألف، وقيل ثلاثين ألف ألف. وكلام ابن الأثير يقتضى أنه ولى العراق لعمر ـ رضى الله عنه ـ وفيما ذكره إيضاح لما ذكرناه من خبره وغير ذلك. فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، قال: واستعمل عمر بن الخطاب سعدا على الجيوش الذين سيرهم لقتال الفرس، وهو كان أمير الجيش، الذين هزموا الفرس بالقادسية، وبجلولاء. أرسل بعض الذين عنده فقاتلوا الفرس بجلولاء وهزموهم، هو الذى فتح المدائن ـ مدائن كسرى ـ بالعراق. وهو الذى بنى الكوفة وولى العراق، ثم عزله. ولما حضرت عمر ـ رضى الله عنه ـ الوفاة، جعله أحد أصحاب الشورى، وقال: إن ولى سعد الإمارة فذاك، وإلا فأوصى الخليفة بعدى أن يستعمله، فإنى لم أعزله من عجز ولا خيانة. فولاه عثمان ـ رضى الله عنه ـ الكوفة ثم عزله، واستعمل الوليد بن عقبة بن أبى معيط. انتهى.
ولم يذكر ابن عبد البر لسعد بن أبى وقاص ولاية إلا الكوفة. ولم يذكر أن عمرا أوصى باستعماله، وإنما ذكر وصيته بالاستعانة به. وفيما ذكره نكت من خبره يحسن
(5) فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3685، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد وكان سعد بن أبى وقاص من بنى زهرة وكانت أم النبى صلى الله عليه وسلم من بنى زهرة فلذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: هذا خالى.
ذكرها، لتأييدها لما سبق، وبعضها لم يسبق، قال: وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش، الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مغازيه، وهو الذى كوّف الكوفة، ونفى الأعاجم، وتولى قتال فارس، أمره على ذلك عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ففتح الله على يديه أكثر فارس. وله كان فتح القادسية وغيرها. وكان أميرا على الكوفة، فشكاه أهلها، ورموه بالباطل، فدعا على الذى واجهه بالكذب، دعوة ظهرت عليه إجابتها. والخبر بذلك مشهور، تركت ذكره لشهرته.
وعزله عمر ـ رضى الله عنه ـ وذلك فى سنة إحدى وعشرين، حين شكاه أهل الكوفة، وولى عمار بن ياسر الصلاة، وعبد الله بن مسعود بيت المال، وعثمان بن حنيف مساحة الأرض، ثم عزل عمارا، وأعاد سعدا على الكوفة ثانية، ثم عزله وولى جبير بن مطعم، ثم عزله قبل أن يخرج إليها، وولى المغيرة بن شعبة، فلم يزل عليها، حتى قتل عمر ـ رضى الله عنه ـ فأقره عثمان يسيرا، ثم عزله وولى سعدا، ثم عزله وولى الوليد بن عقبة. وقد قيل: إن عمر ـ رضى الله عنه ـ لما أراد أن يعيد سعدا على الكوفة، أبى عليه، وقال: أتأمرنى أن أعود إلى قوم يزعمون أنهم يحسنون، وإننى لا أحسن أصلى، فتركه، فلما طعن عمر ـ رضى الله عنه ـ وجعله أحد الشورى، قال: إن وليها سعد فذاك، وإلا فليستعن به الوالى، فإنى لم أعزله عن عجز ولا خيانة. ورامه عمر بن سعد ـ ابنه ـ أن يدعو إلى نفسه بعد قتل عثمان ـ رضى الله عنه ـ فأبى، وكذلك رامه ابن أخيه أيضا هاشم بن عتبة، فلما أبى عليه، صار هاشم إلى علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وكان سعد ممن قعد ولزم بيته فى زمن الفتنة، وأمر أهله ألا يخبروه بشيء من أخبار الناس، حتى تجتمع الأمة على إمام، فطمع معاوية فيه، وفى عبد الله بن عمر، وفى محمد بن مسلمة، فكتب إليهم يدعوهم إلى عونه على الطلب بدم عثمان ـ رضى الله عنه، يقول لهم: إنهم لا يكفرون ما أتوه من قتله وخذلانه إلا بذلك، ويقول: إن قاتله وخاذله سواء، فى نظم ونثر كتب به إليهم، تركت ذكره، فأجابه كل واحد منهم، يرد عليه ما جاء به من ذلك، وينكر عليه مقالته، ويعرفه أنه ليس بأهل لما يطلبه. وكان فى جواب سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه [من الوافر]:
معاوى داؤك الداء العياء
…
وليس لما تجئ به دواء
أيدعونى أبو حسن على
…
فلم أردد عليه ما يشاء
وقلت له اعطنى سيفا قصيرا
…
تميز به العداوة والولاء
فإن الشر أصغره كبير
…
وإن الظهر تثقله الدماء
أتطمع فى الذى أعيى عليّا
…
على ما قد طمعت به العفاء
ليوم منه خير منك حيّا
…
وميتا أنت للمرء الفداء
فأما أمر عثمان فدعه
…
فإن الرأى أذهبه البلاء
قال أبو عمر: سئل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، عن الذين تعذروا عن بيعته والقيام معه. فقال: أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل. انتهى.
وقال ابن الأثير: قال أبو المنهال: سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معدى كرب، عن خبر سعد بن أبى وقاص، فقال: متواضع فى خبائه، عربى فى نمرته، أسد فى تامورته، يعدل فى القضية، ويقسم بالسوية، ويبعد فى السرية، ويعطف علينا عطف الأم البرة، وينقل إلينا حقنا نقل الذرة. انتهى.
قال ابن الأثير: التامور: عرين الأسد، وهو بيته الذى يأوى إليه. انتهى.
ومن أخبار سعد رضى الله عنه فى إجابة دعائه، أن بعض أهل الكوفة شكوه إلى عمر رضى الله عنه، وقالوا: لا يحسن يصلى، فبعث عمر رضى الله عنه رجالا يسألون عنه فى مجالس الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلسا إلا أثنوا خيرا، وقالوا معروفا، حتى أتوا مسجدا من مساجدهم، فقام رجل يقال له أبو سعدة فقال: اللهم إذ سألتمونا، فإنه كان لا يعدل فى القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية. فقال سعد رضى الله عنه: اللهم إن كان كاذبا، فأعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك ـ وهو ابن عمير راوى هذا الحديث ـ عن جابر بن سمرة: فأنا رأيته يتعرض للإماء فى السكك، فإذا قيل له: كيف أنت يا أبا سعدة؟ قال: كبير فقير مفتون، أصابتنى دعوة سعد. انتهى.
واسم أبى سعدة: أسامة بن قتادة، فيما قال الخطيب. وهذا الحديث فى الصحيحين وغيرهما.
ومنها أن امرأة كانت تطلع على سعد، فنهاها فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها فى قفاها.
ومنها أنه نهى ابنة له عن الخروج مع زوجها إلى الشام، فلم تنته، فقال سعد: اللهم لا تبلغها ما تريد، فأدركها الموت فى الطريق.
ومنها أنه نهى رجلا عن نيله من علىّ، رضى الله عنه، فلم ينته، وخوفه بالدعاء عليه، فلم ينته، فدعا عليه، فما برح حتى جاء بعير نادّ أو ناقة نادة، فخبطته حتى مات.
ومنها أن ابنه عمر، ضرب غلاما لأبيه سعد، حتى سال دمه على عقبه، فقال سعد: اللهم اقتل عمر وأسل دمه على عقبه، فقتل المختار عمر بن سعد. وهذه الأخبار رويناها
فى «مجابى الدعوة» لابن أبى الدنيا، وذكرنا أكثرها بالمعنى والاختصار.
قال ابن عبد البر: وروى الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، أن سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ لما حضره الموت، دعا بخلق، جبّة له من صوف، فقال: كفنونى فيها، فإنى كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهى علىّ. وإنما كنت أخبؤها لهذا اليوم، فكفن فيها.
وقال ابن عبد البر: ومات سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ فى قصره بالعقيق، على عشرة أميال من المدينة، وحمل إلى المدينة على رقاب الرجال، ودفن بالبقيع، وصلى عليه مروان بن الحكم. انتهى.
وقد اختلف فى تاريخ موته، فقيل سنة خمس وخمسين، نقله ابن عبد البر وابن الأثير عن الواقدى. ونقله صاحبنا الحافظ ابن حجر، عن إبراهيم بن المنذر، وابن سعد، وأبى بكر بن حفص بن عمر بن سعد.
وقيل سنة أربع وخمسين، نقله ابن عبد البر، عن الزبير والحسن بن عثمان وعمرو بن على الفلّاس. وقيل سنة ثمان وخمسين، نقله ابن عبد البر، عن أبى سعد، على ستة أقوال. ونقله ابن الأثير عن أبى نعيم الفضل بن دكين. وقيل توفى سنة إحدى وخمسين. وقيل سنة سبع وخمسين. حكى هذه الأقوال الثلاثة المزى فى التهذيب ولم يعزها. وذكر أن القول بوفاته سنة خمس وخمسين هو المشهور، ولم يذكر فى وفاته القول بأنها فى سنة أربع وخمسين.
واختلف فى سنّة على أربعة أقوال، فقيل توفى وهو ابن أربع وسبعين، قاله الفلاس. وقيل توفى وهو ابن ثلاث وثمانين، ذكره أبو زرعة، عن أحمد بن حنبل. نقل هذين القولين، ابن عبد البر والمزى، إلا أن المزى لم يعز واحدا منهما. وقيل توفى وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. نقله المزى ولم يعزه. وقيل توفى وهو ابن ثلاث وسبعين، نقله الحافظ ابن حجر، وكلامه يوهم أن المزى ذكره. ولم أره فى كتابه، وإنما فيه بعد الأقوال فى تاريخ وفاته: وهو ابن بضع وسبعين، وقيل أربع وسبعين. انتهى.
والبضع لا يلتزم الثلاث وإن صدق عليها، والله أعلم.
واختلف فى صفته، فقال ابن الأثير: قال إسماعيل بن محمد: كان سعد آدم طوالا أفطس. وقيل: كان قصيرا دحداحا غليظا، ذا هامة، شثن الأصابع، قالته ابنته عائشة. انتهى.
ونقل القول الأخير فى صفته، الحافظ ابن حجر عن إبراهيم بن المنذر، وزاد فى