الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الر حمن الرحيم
أبواب الأذكار التي تقال في أوقات الشدة وعلى العاهات باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم " عن ابن عباس رضي الله عنهما،
ــ
قوله: (أَبوابُ الأذكارِ التي تقال في أَوقاتِ الشِّدةِ وعَلَى العاهَاتِ بابُ دعاءِ الكْرب) في المصباح كربه الأمر كربًا شق عليه حتى ملأ صدره غيظًا ورجل مكروب مهموم والكربة اسم منه وَالجمع الكرب مثل غرفة وغرف نقله العلقمي وفي الصحاح الكربة الغم الذي يأخذ بالنفس ونقل الواحدي إنه أشد الغم وقال الحافظ العسقلاني الكرب بفتح الكاف وسكون الراء بعدها موحدة هو ما يدهوه من الأمر مما يأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه نقله ميرك وسيأتي ما فيه. قوله: (والدُّعاءِ عند الأمور المُهِمَّةِ) قال في الصحاح الهم الحزن والجمع الهموم وأهمك الأمر أقلقك وأحزنك يقال همك ما أهمك والمهم الأمر الشديد اهـ. قوله (رَوَيْنا في صحيحَي البُخَاري ومُسلم) أي وكذا رواه من أصحاب السنن من عدا أبا داود وفي بعض روايات البخاري لا إله إلَّا الله العليم الحليم لا إله إلَّا هو رب العرش العظيم لا إله إلّا هو رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ورواه أبو عوانة في صحيحه وزاد ثم يدعوا كذا في السلاح قال الحافظ وجاء عن ابن عباس أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلمات الفرج لا إله إلَّا الله الحليم العظيم لا إله إلَّا هو الحليم الكريم لا إله إلَّا هو رب السموات السبع ورب العرش الكريم أخرجه ابن خزيمة وهو عند أبي نعيم في المستخرج من طريق ابن خزيمة لكن لم يسق لفظه، وجاء عن ابن عباس من وجه آخر مثل اللفظ الذي أورده في الكتاب وزاد في آخره اللهم اصرف عني شره أخرجه البخاري في الأدب المفرد وسنده حسن وللزيادة شاهد من وجه كذا مسند أيوب السختياني قال كتب إلي أبو قلابة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا اللهُ
ــ
أن أتعلم هذه الكلمات وأعلمهن ابنه لا إله إلا الله العظيم الحليم فذكر مثل رواية الكتاب وزاد سبحانك يا رحمن ما شئت أن يكون كان وما لم يشأ لم يكن لا حول ولا قوة إلّا بالله أعوذ بالله الذي يمسك السموات السبع ومن فيهن أن يقعن علي الأرض إلَّا بإذنه ومن الشر كله في الدنيا والآخرة قال الحافظ بعد تخريجه هذا موقوف على أبي قلابة صحيِح الإسناد واسمه عبد الله بن يزيد الجرمي من فقهاء التابعين ولعله أخذه عن ابن عباس اهـ. قوله: (أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الخ. قال الطبري كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب فإن قيل كيف يسمى هذا دعاء وليس فيه من معنى الدعاء شيء وإنما هو تعظيم لله تعالى وثناه عليه فالجواب أن هذا يسمى دعاء
لوجهين أحدهما إنه يستفتح به الدعاء ومن بعده يدعو بما شاء قلت وقد جاء هذا مصرحًا به في بعض الطرق أخرجه أبو عوانة وثانيهما قول ابن عيينة وقد سئل عن هذا فقال أما علمت إن الله تعالى يقول من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين وقد قال أمية بن أبي الصلت:
إذا أثني عليك المرء يومًا
…
كفاه من تعرضه الثناء
قال القرطبي المفهم بعد نقله وهذا كلام حسن تتميمه إن ذلك لنكتتين إحداهما كرم المثنى عليه فإنه اكتفى بالثناء عن السؤال لسهولة البذل عليه وللمبالغة في كرم الخلق وثانيتهما إن المثني لما آثر الثناء الذي هو حق المثنى عليه على حق نفسه الذي هو حاجته بودر إلى قضاء حاجته من غير احواج إلى من له السؤال مجازاة له على ذلك الإيثار والله أعلم اهـ، والفرق بين النكتتين إنه على الأول متعرض للسؤال وعلى الثاني مفوض وليس متعرضًا ولا شك إن الثاني حال أكمل وفي القيام بما يجب للربوبية أجمل كما قال من قال:
وكلت إلى المحبوب أمري كله
…
فإن شاء أحياني وإن شاء أتلفا
قوله: (عِنْدَ الكربِ) قال ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة الظاهر إن المراد به هنا الحال التي تقلق النفس وتوجب كبير همها وضيقها لأمر دنيوي وكذا ديني
العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إله إلا اللهُ رَب العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ رَب السموَاتِ وَرَبُّ الأرض رَب العَرْشِ الكَرِيمِ".
وفي رواية لمسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حَزَبَه أمرٌ قال ذلك" قوله "حزبه أمر" أي نزل به أمر مهم، أو أصابه غم.
وروينا في كتاب الترمذي، عن أنس رضي الله عنه، عن
ــ
كخوف مزعج يخشى منه الناس وطمع يخشى معه أمن المكر وغيرهما مما يخشى أن يؤدي إلى مذموم اهـ. قوله: (العظيمُ) أي ذاتا وصفة فلا يتعاظمه مسؤول وإن عظم ومنه إزالة الكرب الذي لا يزيله غيره. قوله: (الحَليمُ) أي على من قصر في خدمته فلا يعاجله بعقوبته بل يكشف السوء بمنه ورحمته. قوله: (العرشِ العظيمِ) بالجر ويجوز رفعه وسيأتي وجههما ومن وسعت ربوبيته العرش الذي وسع المخلوقات بأسرهم جدير بأن يزيل الكروب ويرفع اللغوب. قوله: (رب العرشِ الْكريمِ) وفي بعض نسخ الحصين ورب بزيادة واو العطف ثم الكريم بالجر أو الرفع قال الحافظ العسقلاني نقل ابن التين عن الداودي أنه رواه برفع العظيم وكذا برفع الكريم على أنهما نعتان للرب والذي ثبت في رواية الجمهور الجر على أنهما نعتان للعرش وكذا قرأه الجمهور في قوله تعالى: (رَبُّ العَرشِ العظِيم)[التوبة: 129] ورب العرش الكريم بالجر وقرأ ابن محيض بالرفع فيهما وجاء ذلك عن ابن كثير وأبي جعفر المديني أيضًا وأعرب بوجهين أحدهما ما تقدم، الثاني أن يكون نعتًا لعرش ورفعه على القطع على إضمار مبتدأ محذوف للمدح ورجح بحصول توافق الروايتين ورجح أبو بكر الأصم الأول لأن وصف الرب بالعظيم أولى من وصف العرش به وفيه نظر لأن وصف ما يضاف للعظيم أقوى في تعظيم العظيم وقد نعت الهدهد عرش بلقيس بأنه عرش عظيم ولم ينكر عليه سليمان عليه السلام.
قوله: (وفي رِواية لمسلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا حزَبَهُ أَمرٌ قَال ذَلِكَ) قال الحافظ بعد تخريجه: فذكره مثل رواية الصحيحين لكن قدم الكريم على العظيم وزاد في آخره ثم يدعو، وقال: أخرجه
مسلم وأبو عوانة والنسائي. وقوله: (حَزَبهُ) قال القرطبي هو بالحاء المهملة والزاي والباء الموحدة أي المفتوحات وكذا في شرح المصنف على مسلم قال أي نابه وألم به أمر شديد.
قوله: (وَرَوَينَا في كِتاب الترمذِيُّ الخ) أورد في الحصين من حديث
النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا كربه أمر قال:"يا حَيُّ يا قَيومُ، بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ" قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
وروينا فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه،
ــ
ابن مسعود، وقال: أخرجه النسائي والحاكم في المستدرَك وفي السلاح بعد إيراده من حديث ابن مسعود أيضًا رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ورواه الترمذي من حديث أنس والنسائي من حديث ربيعة بن عامر وكذا اقتصر في الجامع الصغير على عزو تخريج حديث أنس للترمذي فقط وبه يعلم ما في قول المصنف الآتي قال الحاكم الخ. كما سيأتي ما فيه عن الحافظ وما في الحصين المهم الموهم أن حديث أنس عند النسائي أيضًا وقال الحافظ بعد تخريج الحديث الكتاب عن طريق الرقاشي عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث قال وبإسناده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الظوابيا ذا الجلال والإكرام، قال أبو عيسى هذا حديث غريب.
قلت إن كان الرقاشي هو يزيد فضعيف لسوء حفظه وإن كان أبان فهو متروك متهم بالكذب، قال الحافظ وقد وقع لنا بعضه من حديث يزيد الرقاشي ثم أخرجه الحافظ من طريق الطبراني في كتاب الدعاء عن يزيد الرقاشي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألظوا بياذا الجلال والإكرام وكذا أخرجه أبو أحمد في الكامل فقوي إنه يزيد وبه جزم المزي، قال الحافظ: وقد وقع لنا حديث أنس من وجه آخر أقوى من هذا لكنه مختصر ثم أخرجه من طريقين عن معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن أنس رضي الله عنه قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حي يا قيوم وقال بعد حديث صحيح أخرجه ابن خزيمة وله شاهد حسن من حديث علي رضي الله عنه.
قلت وسيأتي ذكره آخر باب ما يقال في المساء والصباح أخرجه البزار عن محمد بن المثنى وقال لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد وأخرجه أبو يعلى والحاكم اهـ. كلام الحافظ. قوله: (برحمتكَ أَستغِيثُ الخ) قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد، قال الحافظ هذا يوهم أن الحاكم صحح الحديث من رواية الرقاشي عن أنس وليس كذلك إنما قال الحاكم ذلك في حديث لأنس غير هذا، وفي حديث لابن مسعود مثل هذا،
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمَّه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: "سُبْحانَ اللهِ العَظِيمِ، وإذا اجتهد في الدعاء قال: يا حَيُّ يا قَيُّومُ".
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن
ــ
أما حديث أنس الذي فيه كلامه فتقدم الكلام أواخر باب ما يقال عند الصباح والمساء وفيه إن النبي صلى الله عليه وسلم علم ابنته فاطمة رضي الله عنها إن تقول ذلك وزيادة عليه ونسبه الشيخ هناك لابن السني ولم يذكر الحاكم وقد استوفينا الكلام عليه ثمة وذكرنا إن الحديث عند النسائي وغيره، وحديث ابن مسعود فلفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به هم أو غم يقول يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث قال الحافظ هذا حديث غريب أخرجه أبو علي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة وأخرجه الحاكم من رواية الوضاح بن يحيى عن النضر بن إسماعيل البجلي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يعني عن أبيه عن جده عبد الله وتعقبه الذهبي لأن الوضاح وشيخه وشيخ شيخه ليس بعمدة قلت لم ينفرد به الوضاح وأما شيخه النضر فضعيف وكذا شيخ النضر عبد الرحمن بن إسحاق وهو الواسطي وليس هو المدني ذاك صدوق وهما
في طبقة واحدة اهـ. كلام الحافظ. قوله: (أي في كِتَابِ الترمذِي الخ) أخرج الحافظ عن أبي هريرة قال فذكر أحاديث فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم قال وشد المذكور قبله إلى أبي هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر نظر إلى السماء وقال سبحان الله العظيم وأخرجه الحافظ من طريق أخرى وذكر الحديثين مثله سواء وقال حديث غريب أخرجه الترمذي وجمعهما في سياق واحد واستغربه ورجاله ثقات إلَّا إبراهيم بن الفضل مولي بني مخزوم فإنهم اتفقوا على ضعفه وقال البخاري منكر الحديث وقد قال من قلت فيه منكرًا لحديث لا تحل الرواية عنه اهـ. قوله: (قالَ الحافظ بعْدَ تخريجه) ورواه البخاري من رواية عبد الوارث بدون الزيادة الموقوفة على أنس وأخرجه مسلم والنسائي في الكبري بتلك الزيادة المذكورة عن أنس بأتم مما ذكره المصنف فأخرج عن ثابت البناني أنهم قالوا لأنس بن مالك ادع لنا بدعاء فقال اللهم {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فقالوا له زدنا فأعادها
أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُم آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ" زاد مسلم في روايته قال: وكان أنس إذا أراد أن يدعوَ بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعوَ بدعاءِ دعا بها فيه.
وروينا في سنن النسائي، وكتاب ابن السني،
ــ
فقال ما تريدون سألت الله لكم خير الدنيا والآخرة قال أنس وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو بها أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان قال الحافظ ووقع لنا بعلو في مسند أبي داود الطيالسي ثم أخرجه من طريق عن أنس قال كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول اللهم {آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، قال شعبة فذكرته لقتادة فقال كان أنس يدعو بها أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما ولم يذكر مسلم أثر قتادة اهـ. قوله:(في الدنيا حسنةً) أي طاعة وقناعة وفي الآخرة حسنة أي مغفرة ورحمة وشفاعة وفوزًا ونجاة وجنة عالية وقد يراد بالنكرة العموم لكونها في سياق الدعاء على أن النكرة قد يراد بها العموم وإن لم يتقدم له مقتض نحو علمت نفس ما أحضرت. قوله: (وقِنَا عذَابَ النار) أي احفظنا واسترنا منه ومما يقرب إليه ونقل على الإسناد لأبي الحسن البكري أن في الآية للمفسرين نحو ثلاثمائة قول في تعيين المراد بالحسنتين وأحسنها {فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201]، أي اتباع الأولى {وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201] أي الرفيق الأعلى {وَقنا عَذَابَ النار} [البقرة 201] أي حجاب المولى اهـ، ولجمع هذه الدعوة للخيرات كانت أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم ثم قوله في الدنيا متعلق بآتنا أو بمحذوف على أنه حال من حسنة لأنه كان في الأصل صفة لها فلما قدم عليها انتصب حالًا والواو في قوله {وَفِي الآخرة حسنةً} [البقرة: 201] عاطفة شيئين على شيئين متقدمين ففي الآخرة عطف على في الدنيا بإعادة العامل وحسنة على حسنة والواو تعطف شيئين فأكثر على شيئين فأكثر تقول اعلم زيد بكرًا فاضلًا وبكرا خالدًا صالحًا وسيأتي زيادة بسط بنقله بعض الأقوال في المراد من الحسنتين في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَرَوينا في سنن النسائي وكتَاب ابنِ السني الخ) قال الحافظ بعد تخريجه حديث صحيح أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان وابن السني عن النسائي وللنسائي فيه
عن عبد الله بن جعفر، عن علي رضي الله عنهم قال: لَقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدّة أن أقولها:"لا إلهَ إلّا اللهُ الكَريمُ العَظِيمُ، سُبحانَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَرْش العَظِيم، الحَمْدُ للهِ رَب العالمينَ" وكان عبد الله بن جعفر يلقنها وينفث بها على الموعوك، ويعلمها المغتربة من بناته. قلت: الموعوك: المحموم، وقيل: هو الذي أصابه مغث الحمى. والمغتربة من النساء: التي تُزوَّج إلى غير أقاربها.
وروينا في "سنن أبي داود"
ــ
طرق أخرى لم يذكرها ابن السني وزاد الطبراني من طريق عبد الله بن الحسن عن عبد الله بن جعفر اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم تجاوز عني وأخبرني عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني هؤلاء الكلمات وأخرجه النسائي قال الحافظ وكان الأنسب أن يذكر حديث على عقب حديث ابن عباس الذي في أول الباب لأنه يلائمه لكن الأمر فيه سهل. قوله: (عن عبدِ الله جعفر) بن أبي طالب هو أبو جعفر القرشي الهاشمي يكنى أبا جعفر أمه أسماء بنت عميس ولدته بأرض الحبشة وهو أول مولود من المسلمين ولد بها توفي بالمدينة سنة ثمانين عن سبعين سنة وكان عبد الله كريمًا جوادًا ظريفًا حليمًا عفيفًا سخيًّا سمي بحر الوجود ويقال إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه وعوتب في ذلك فقال إن الله عودني عادة وعودت الناس عادة وأخاف إن قطعتها قطعت عني وأخباره في الجود شهيرة وفضائله كثيرة روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا اتفقا منهما على اثنين كذا في المبهم.
قوله: (وَروَينَا في سُنن أبي دَاودَ الخ) وكذا رواه ابن حبان والطبراني وابن أبي شيبة عن أبي بكرة الثقفي زاد من عدا الطبراني لا إله إلّا أنت وهي عند ابن السني عنه أيضًا وقال الحافظ بعد تخريجه عنه لكن بلفظ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء المضطر اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلَّا أنت هذا حديث حسن أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي في اليوم والليلة
عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دعَواتُ المَكْرُوب: اللهُم رَحمَتَكَ أرجُو فلا تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَين، وأصْلِح لي شأني كُلَّهُ، لا إلهَ إلا أنْت".
وروينا في سنن أبي داود، وابن ماجه، عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: قال لي
ــ
وابن حبان في صحيحه اهـ. قوله: (فصل) بالنصب أي الرحمات الخاصة والتقديم للقصر أي لا أرجو سوى رحمتك. قوله: (تكلني) أي تدعني وتتركني إلى نفسي أي اختيارها فضلًا عن غيرها. قوله (طرْفَة عينٍ) أي قدر ذلك هو أقل ما كان وزاد في رواية ولا أقل من ذلك وذلك لأنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعوزة وذنب وخطيئة. قول: (شأني) بسكون الهمزة ويجوز إبدالها ألفًا أي أمري (كله) أي جمغ جزئياته قال ابن الجزري الشأن الأمر والحال والخطب.
قوله. (ورَوَينا في سنَن أَبِي دَاوُدَ) وكذا رواه النسائي وابن أبي شيبة والطبراني كلهم عن أسماء
ورواه في كتاب الدعاء من غير تكرار الجلالة وفيه أن ذلك مكرر ثلاثًا وزاد في كتاب الدعاء له وكان ذلك آخر كلام عمر بن عبد العزيز عند الموت وقال الحافظ بعد تخريج الحديث حديث حسن أخرجه أحمد وأبو داود الخ. قوله: (عَنْ أَسماءَ بنتِ عُمَيس رضي الله عنها أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث الكنانية وهي أخت أم المؤمنين ميمونة وأخَت أم الفضل امرأة العباس وأخت اخواتها لأمهن وكن تسع أخوات لأم وقيل عشر أخوات أسلمت قديمًا وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له بها عبد الله ومحمدًا وعوفًا ثم هاجرت إلى المدينة فلما قتل عنها جعفر تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فولدت له محمدًا ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى لا خلاف في ذلك وقال الكلبي إن عون بن علي منها ولم يقله غيره وقيل أسماء تزوجها حمزة ابن عبد المطلب فولدت له بنتًا ثم تزوجها بعده شداد بن الهادي ثم تزوجها جعفر وهذا ليس بشيء إنما التي تزوجها حمزة سلمى بنت عميس أخت أسماء وكانت أسماء من أكرم الناس أصهارًا فمن أصهارها النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة والعباس رضي الله عنهما وغيرهم وروي عن أسماء عمر بن الخطاب وابن عباس وابنها عبد الله والقاسم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولِهن عِنْدَ الكَرْب -أو في الكرب- اللهُ الله ربي لا أُشْرِكُ بهِ شَيئًا".
وروينا في كتاب ابن السني، عن قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قرأ آيَة الكُرسيِّ وخَواتِيمَ سورَةِ البقَرَةِ عِنْدَ الكَرْبِ، أغاثَهُ اللهُ عز وجل".
وروينا فيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إلا فُرِّجَ عنهُ: كَلِمَةُ أخي يونُسَ صلى الله عليه وسلم، {فَنَادَي في
الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
ــ
بن محمد وعبد الله بن شداد بن الهاد وهو ابن اختها روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قيل ستون حديثًا خرج عنها الأربعة. قوله: (الله الله) بالرفع فيهما على أن الأول مبتدأ والثاني تأكيد وخبر الأول قوله ربي وقيل الخبر قوله لا أشرك به وربي عطف بيان على الاسم ووقع في النسخ الأصلية من الحصين بالسكون فيهما على الوقف أو على سبيل التعداد واعترض في الحرز الوجه الأخير بأن التعداد لطلب المغايرة حقيقة كزيد عمرو أو مقدرة كقولهم باب باب والذي في كثير من الأصول المعتمدة أنه بالرفع فيهما وبه يعلم أن قول الحنفي الرواية فيه بالسكون وقع من غير تحرير. قوله: (لَا أُشركُ بهِ شيئًا) أي بعبادته ويحتمل أن يراد ولا أشرك بسؤاله واحدًا غيره كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20]. قوله: (وَرَوَينَا في كِتَابِ ابنِ السني) قال الحافظ أخرجه من رواية زياد بن علاقة بكسر المهملة وتخفيف اللام وبالقاف عن أبي قتادة وما أظنه سمع منه وفي السند من لا يعرف اهـ.
قوله: (وَرَوَينَا فيه الخ) قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب أخرجه ابن السني عن أبي يعلى ورجاله رجال الصحيح إلّا عمرو بن الحصين فإنه ضعيف جدًّا قال أبو حاتم الرازي ذاهب الحديث جدًّا كتبت عنه ثم تركته وقال ابن عدي مظلم الأمر في الحديث روي عن الثقات ما ليس من حديثهم اهـ، ولم أر هذا الحديث في مسند أبي يعلى فكأنه أعرض عنه عمدًا اهـ. قوله:(لا أعلمُ كلِمَةً) المراد بها معناها اللغوي من الجمل المفيدة. قوله: {أَن لا إِلَهَ إلَّا أَنت} [الأنبياء: 87] أن
فيه مفسرة لما تضمنه النداء وكلمة التوحيد مكنسة الأغيار مشرقة للقلب
الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، ورواه الترمذي عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَعْوَةُ ذِي النونِ إذْ دَعا رَبّهُ وهوَ في بَطْنِ الحُوتِ: لا إلهَ إلا أنتَ سُبْحانَكَ إني كنْتُ مِنَ الظالِمِينَ، لَمْ يَدْعُ بها رَجُل مُسْلِمٌ في شَيءٍ قَطُّ إلا اسْتَجَابَ لَهُ".
ــ
بأنواع الأنوار وإذا استنار القلب زال عنه الكرب. قوله: (سُبحانَكَ)[الأنبياء: 87] أي أنزهك عن أن يعجزك شيء. قوله {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] أي لنفسي فمن المبادرة إلى التقصير ونقل القرطبي في التفسير إنه قيل إن هذه الكلمة هي الاسم الأعظم. قوله: (وروى الترمذِي) قال في السلاح اللفظ له ورواه النسائي والحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد كلهم من حديث سعيد وزاد فيه من طريق آخر فقال رجل يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة فقال صلى الله عليه وسلم ألا تسمع إلى قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: 88] قال القرطبي شرط الله لمن دعاه أنْ يجيبه كما أجابه وينجيه كما نجاه وهو قوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: 88] اهـ، وزاد في الجامع الصغير فعزا تخريج حديث سعيد إلى أحمد والبيهقي في شعب الإيمان والضياء وقال الحافظ بعد تخريج الحديث إنه حديث حسن إلى أن قال وقال الترمذي أن بعضهم أرسله قال الحافظ وقد وجدت له عن سعد طريقين آخرين أحدهما مختصرًا أخرجه أبو يعلى وابن أبي عاصم والثاني مطول أحْرجه الحاكم وفي الحصين رواه أحمد والبزار وأبو يعلى عن عثمان بن عفان. قوله:(دعوةُ ذِي النُّونِ) قال القرطبي في التفسير ليس هذا صريح دعاء إنما هو مضمون قوله: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، فاعرف بالظلم فكان تلويحًا اهـ، وسبقه إلى ذلك شيخه في المفهم فائدة في شرح الأنوار السنية روي إنه من قال أربعًا آمن من أربع من قال لا حول ولا قوة إلَّا بالله آمن مِن الآفات، ومن قال:{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] آمن من الغم انتهى. قوله: (إلا استجابَ لَهُ) وفي رواية ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلَّا استجيب له قال في الحرز وهو مستنبط من قوله تعالى ليونس: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] وكذلك ننجي المؤمنين اهـ، وقد سبق نحوه في رواية للحاكم والله أعلم.