المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقال بعد الدفن - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٤

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأذكار التي تقال في أوقات الشدة وعلى العاهات باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة

- ‌باب ما يقوله إذا راعه شي أو فزع

- ‌باب ما يقول إذا أصابه همّ أو حزن

- ‌باب ما يقوله إذا وقع في هلكة

- ‌باب ما يقول إذا خاف قومًا

- ‌باب ما يقول إذا خاف سلطانًا

- ‌فائدة

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلي عدوه

- ‌باب ما يقول إذا عرض له شيطان أو خافه

- ‌باب ما يقول إذا غلبه أمر

- ‌باب ما يقول إذا استصعب عليه أمر

- ‌باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته

- ‌باب ما يقول لدفع الآفات

- ‌باب ما يقول إذا أصابته نكبة قليلة أو كثيرة

- ‌باب ما يقول إذا كان عليه دين عجز عنه

- ‌باب ما يقوله من بَلِيَ بالوحشة

- ‌باب ما يقول من بلي بالوسوسة

- ‌باب ما يقرأ على المعتوه والملدوغ

- ‌باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم

- ‌باب ما يقال على الخرّاج والبثرة ونحوهما

- ‌كتاب أذكار المرض والموت ومما يتعلق بهما

- ‌باب استحباب الإكثار من ذكر الموت

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه

- ‌باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذلك الوصية بمن قرب سبب موته بحدٍّ أو قصاص أو غيرهما

- ‌باب ما يقول من به صداع أو حمى أو غيرهما من الأوجاع

- ‌باب جواز قول المريض أنا شديد الوجع أو موعوك، أو أرى إساءةً ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيء من ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع

- ‌باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوازه إذا خاف فتنة في دينه

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف

- ‌باب استحباب تطييب نفس المريض

- ‌باب استحباب دعاء الناس في البلد الشريف

- ‌تنبيه

- ‌باب الثناء على المريض بمحاسن أعمال ونحوها إذا رأى منه خوفه ليذهب خوفه ويحسن الظن ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى

- ‌باب ما جاء في تشهية المريض

- ‌باب طلب العوّاد الدعاء من المريض

- ‌باب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى عليه من التوبة وغيرها

- ‌باب ما يقول من أيس من حياته

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت

- ‌باب ما يقوله من مات له ميت

- ‌باب ما يقوله من بلغه موت صاحبه

- ‌باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام

- ‌باب تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية

- ‌باب التعزية

- ‌فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطواعين في الإسلام:

- ‌باب جوز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي

- ‌باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

- ‌باب أذكار الصلاة على الميت

- ‌باب ما يقوله الماشي مع الجنازة

- ‌باب ما يقوله من مرت به جنازة أو رآها

- ‌باب ما يقوله من يُدخل الميت قبره

- ‌باب ما يقال بعد الدفن

- ‌فصل:

- ‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

- ‌باب ما ينفع الميت من قول غيره

- ‌باب النهي عن سب الأموات

- ‌باب ما يقوله زائر القبور

- ‌باب نهي الزائر من رآه يبكي جزعًا عند قبر وأمره إياه بالصبر ونهيه أيضًا عن غير ذلك مما نهى الشرع عنه

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة

- ‌باب الأذكار المستحبة يوم الجمعة وليلتها والدعاء

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار المشروعة في العيدين

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌باب الأذكار في العشر الأول من ذي الحجة

- ‌باب الأذكار المشروعة في الكسوف

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار في الاستسقاء

- ‌باب ما يقوله إذا هاجت الريح

- ‌باب ما يقول إذا انقض الكوكب

- ‌باب ترك الإشارة والنظر إلى الكوكب والبرق

- ‌باب ما يقول إذا سمع الرعد

- ‌باب ما يقوله إذا نزل المطر

- ‌باب ما يقوله بعد نزول المطر

- ‌باب ما يقوله إذا كثر المطر وخيف منه الضرر

- ‌باب أذكار صلاة التراويح

- ‌باب أذكار صلاة الحجة

- ‌باب الأذكار صلاة التسبيح

- ‌تنبيه

- ‌تتمة

- ‌باب الأذكار المتعلقة بالزكاة

- ‌فصل

- ‌كتاب أذكار الصيام

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الهلال، وما يقول إذا رأى القمر

- ‌باب الأذكار المستحبة في الصوم

- ‌باب ما يقول عند الإفطار

- ‌باب ما يقول إذا أفطر عند قوم

- ‌باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر

- ‌باب الأذكار في الاعتكاف

- ‌كتاب أذكار الحج

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل في أذكار الطواف:

- ‌فصل في الدعاء الملتزم

- ‌فصل في الدعاء في الحِجْر:

- ‌فصل في الدعاء في البيت:

- ‌فصل في أذكار السعي:

- ‌فصل في الأذكار التي يقولها عند خروجه من مكة إلى عرفات

الفصل: ‌باب ما يقال بعد الدفن

وَهُوَ فَقِيرٌ إلى رَحْمَتِكَ، اللهم اشْكُرْ حَسَنَتَهُ، وَاغْفِرْ سَيئَتَهُ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَاب القَبْرِ، واجْمَعْ لَهُ بِرَحْمَتِكَ الأمْنَ مِنْ عَذَابِكَ، وَاكْفِهِ كُل هَوْلِ دُونَ الجَنّةِ، اللهُم اخْلُفْهُ في تَركَتِهِ في الغابِرِينَ، وَارْفَعْهُ في عِلِّيِّينِ، وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ".

‌باب ما يقال بعد الدفن

السُّنَّةُ لمن كان على القبر أن يحثيَ في القبر ثلاث حَثَيَاتٍ بيديه جميعًا من

ــ

لقوله فأنت أهل العفو. قوله: (أشكُرْ حَسنتَهُ) أي أثبت عليها أو اثنتين عليه لها في عالم الملكوت ولذكر الله أكبر وفي آخر الخبر القدسي ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه. قوله: (وأعِذهُ منْ عَذابِ القبْر) أي ومن سببه أي فتنة القبر كما يوميئ إلى ذلك عموم قوله بعده واجمع له برحمتك الأمن من جميع عذابك أي في قبره وفي معاده وقوله واكفه كل هول الخ. قوله: (في تَرِكَتِهِ) أي فيمن تركه من اللهل والولد. قوله: (وارْفعهُ) أي ارفع مقامه في مقام عليين أي أعلى درجات الجنة وهو في الأصح جمع واحده على مشتق من العلو للمبالغة. قوله: (وعُدْ) بضم العين من عاد يعود بمعنى تفضل ومنه قولهم عاد الله عليك بإحسانه وقال الشاعر:

مرضت لله قوم

ما منهم من جفاني

عادوا وعادوا وعادوا

على اختلاف المعاني

باب ما يقول بعد الدفن

قوله: (السنةُ لمَنْ كانَ عَلَى القبر) أي على شفير القبر كما عبر به في الأم وذلك للاتباع رواه ابن ماجة بسند جيد كما قاله البيهقي وقيده به جماعة واختار في التفقيه استحباب ذلك لمن حضر الدفن وإن لم يكن على شفير القبر ولما فيه من المشاركة في هذا الغرض كذا في شرح الروض وفي التفقيه ويستدل له بما روي أن المؤمن إذا مات غفر له ولمن غسله وكفنه

ص: 188

قبل رأسه. قال

جماعة من أصحابنا: يستحبُّ أن يقول في الحثْية الأولى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} وفي الثانية {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} وفي الثالثة {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]،

ــ

وصلى عليه ودفنه، وحثو التراب عليه من الدفن وأخرج الحافظ عن أبي أمامة الباهلي قال توفي رجل فلم تصب له حسنة إلّا ثلاث حثيات حثاها في قبر فغفر له أخرجه ابن المنذر في الكتاب الأوسط والبيهقي في الكبير وقال هذا موقوف حسن الإسناد وأخرج عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فأكثر عليها أربعًا

فحثى عليه من قبل رأسه قال الحافظ قال الطبراني لم يروه عن الأوزاعي إلَّا سلمة بن كلثوم تفرد به يحيى بن صالح قال الحافظ وهما ثقتان وكذا بقية رجاله وذكر ابن أبي حاتم أن أباه أعله ولم يذكر موضع العلة فيه ولا أعرف فيه إلَّا عنعنة ابن أبي كثير عن شيخه أبي سلمة والأوزاعي عن يحيى المذكور أخرجه ابن ماجة وأخرجه الحافظ عن أبي المنذر إن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن فلانا هلك فصل عليه فقال عمر يا رسول الله إنه رجل فاجر فلا تصل عليه فقال الرجل يا رسول الله ألم ترَ الليلة التي صحت فيها في الحرس فإنه كان فيهم فقام رسول الله حتى صلَّى عليه ثم تبعه حتى إذا جاء قبره قعد حتى إذا فرغ من دفنه حتى ثلاث حثيات الحديث هذا حديث غريب أخرجه أبو داود في المراسيل خارج السنن وأبو نعيم في المعرفة من وجه آخر وأبو المنذر لا يعرف اسمه ولا نسبه، ذكره في الصحابة مطين والطبراني وأبو نعيم وأخرج حديثه أحمد بن منيع في مسنده وأبو داود له في المراسيل تقتضي إنه لا صحبة له وقد أغفله أبو أحمد الحاكم في الكنى ومن تبعه كابن عبد البر والراوي عنه لا أعرف حاله وقد اختلف في اسمه فوقع عند أبي داود زياد وعند الباقين يزيد وفي الباب عن عامر بن ربيعة قال رأيت رسول الله حين دفن عثمان بن مظعون وصلى عليه فكبّر أربعًا وحثى في القبر ثلاث حثيات من تراب وهو قائم، الحديث قال البيهقي إسناده ضعيف وله شاهد من مرسل جعفر بن محمد عن أبيه أخرجه الشافعي من روايته في شأن إبراهيم ابن النبي وفيه وحثى بيديه جميعًا وفي مراسيل أبي داود من طريق عبد الله بن محمد عن أبيه نحوه لكن قال حثى بيده اهـ. قوله:(قَال جمَاعة منْ أصْحابِنَا) أي كالقاضي حسين والمتولي في آخرين وفي شرح

ص: 189

ويستحبُّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعةً قدر ما تنحرُ جزورٌ ويقسم لحمها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأخبار الصالحين.

روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن علي رضي الله عنه، قال: "كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول صلى الله عليه وسلم، فقعد

ــ

الروض بعد إيراده كذلك رواه الإِمام أحمد قال الحافظ حديث غريب ورواه البيهقي عن أبي أمامة قال لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله في القبر قال صلى الله عليه وسلم منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ثم قال بسم الله وفي سبيل الله الحديث وقال البيهقي سنده ضعيف وورد فيه موقوف عند سعيد بن منصور بسند صحيح عن عبد الله بن عمر إنه كان يحثي في القبر ثلاث حثيات يقول في الأولى بسم الله وفي الثانية الله أكبر وفي الثالثة الحمد لله رب العالمين اهـ. قال المحب الطبري ويستحب أن يقول في الأولى اللهم لقنه عند المسألة حجته وفي الثانية اللهم افتح أبواب السماء لروحه وفي الثالثة اللهم جاف الأرض عن جنبيه اهـ، وفي مختصر التفقيه ذلك عن الطويري والشيباني إلَّا إنه جعل ما ذكره المحب في الثانية، في الأولى وما ذكره في الأولى في الثانية. قوله:(ويُستَحبُّ أَنْ يَقعُدَ عِنْدَهُ) أي يستحب ذلك لمن حضر الدفن أو عقبه فقد روى أبو داود وغيره بإسناد جيد كما في المجموع عن عثمان بن عفان إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الرجل يقف عليه ويقول استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل. قوله: (والدُّعاءِ للْميّتِ) أي بغفر الذنوب ورفع الدرجات ونيل المطلوب.

قوله: (وَرَوَيْنَا في صَحِيحيَ البُخَارِي ومُسْلم) قال الحافظ ورواه أحمد وأخرجه الأئمة الخمسة من طرق. قوله: (بقَيع الغَرْقَدِ) البقيع بالموحدة ثم القاف ثم التحتية ثم العين المهملة والبقيع من الأرض المكان المتسع ولا يسمى بقيعا إلَّا وفيه شجر أو أصولها والغرقد بالغين المعجمة ثم الراء ثم القاف آخره دال مهملة كبار العوسج كان ثابتًا بذلك المكان فقطع واتخذ مقبرة قال عمرو بن النعمان البياضي يرثي قومه، ونسب لرجل من خثعم:

خلت الديار فصرت مسود

ومن العناء تفردي بالسؤدد

أين الذين عهدتهم في غبطة

بين العقيق إلى بقيع الغرقد

ص: 190

وقعدنا حوله ومعه مخصرة"، فنكس، وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما مِنكُمْ مِنْ أحَدٍ إلا قد كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ومَقْعَدُهُ مِنَ الجنَّةِ، فقالوا: يا رسول الله أفلا نَتَّكِلُ على كتابنا؟ فقال: اعْمَلوا فَكُل مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ

" وذكر تمام الحديث.

وروينا في "صحيح مسلم" عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر

ــ

بقيع الغرقد كان به شجر الغرقد قال الهروي هي من العضاة وقال ابن فارس العضاة من شجر السواك كالطاغ والعوسج اهـ. قوله: (ومعَهُ مِخصرَةٌ) هو بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح الصاد والراء المهملتين وهو كما في النهاية ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب وقد يتكئ عليه. قوله: (ينكثُ) وفي نسخة ينكث في الأرض في الصحاح ينكت في الأرض بقضيب أي يضرب ليؤثر فيها وفي النهاية ينكت الأرض بقضيب هو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهموم اهـ. قوله: (منْ أَحَدٍ) وفي رواية من نفس. قوله: (مقعدُه) وفي رواية منزله. قوله: (فكل مُيَسَّر لمَا خلِقَ لهُ) قال شارح الأنوار السنية قال ابن الجوزي الميسر للشيء المهيأ له المصرف فيه والتيسير التسهيل للفعل وإنما أراد أن يكونوا في عملهم الظاهر خائفين مما سبق به القضاء فيحسن السير بين العمل وقائد الخوف وقال القاضي يعني إذا سبق القضاء لمكان كل نفس من الدارين وما سبق به القضاء لا بد من وقوعه فأي فائدة في العمل فيدعه قال المازري هذا الذي انقدح في نفس الرجل من عدم فائدة العمل هو الذي لاحظه المعتزلة في التشنيع علينا في مسألة خلق الأعمال. قالوا إذا كانت المعصية من قبل الله وقضائه فكيف يعذب العبد عليها وإذا كانت الطاعة بفعله تعالى فكيف تطلب من العبد وأي فائدة في التكليف بفعل الغير والإنسان عندنا مكتسب بفعله غير مجبور عليه وقال القرطبي الذي انقدح في نفس هذا الرجل هو شبه النافين للقدر وأجابه صلى الله عليه وسلم بما لم يبق معه إشكال وتقرير جوابه عليه الصلاة والسلام إن الله تعالى غيب عنا المقادير وجعل الأعمال دلت على ما سبقت به مشيئته من ذلك العمل فأمرنا بالعمل فلا بد من امتثال أمره تعالى

ص: 191

جزوز، ويقسمُ لحمها حتى أستأنس بكم، وأنظرَ ماذا أراجع به رسل ربي.

وروينا في "سنن أبي داود" والبيهقي بإسناد حسن،

ــ

وقال النووي الله تعالى مالك والمالك لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وأيضًا فإن أفعاله تعالى غير معللة قال السمعاني سبيل معرفة هذا الباب التوقيف لا القياس والنظر ومن عدل فيه عن التوقيف ضل وحار ولم يصل إلى ما تطمئن به القلوب فإن القدر سر من أسرار الله تعالى ضربت دونه الحجب واختص

سبحانه بعلمه وحجب قلوب الخلق عنه فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب فالواجب أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه قال ابن خلف يعني الآبي الجواب أن يقال هب أن القضاء سبق بمكان كل من الدارين لكن استحقاق ذلك ليس لذاته بل موقوف على سبب هو العمل وإذا كان موقوفًا على سبب فقال صلى الله عليه وسلم اعلموا فكل ميسر ففعله سبب ما يكون له من جنة أوتار وقد بين ذلك بقوله أما أهل السعادة فييسرون إلى آخر الخبر وما يلي من الآيات وفي روضة التحقيق في قصة الصديق قال الشاعر:

علمي بقبح المعاصي حين أوردها

يقضي بأني محمول على القدر

لو كنت أملك نفسي أو أدبرها

ما كنت أطرحها في لجة الغرر

كلفت نفسي أشياء ما قويت بها

وكنت أمضي أفعالا بلا قدر

وجاز في عدل ربي إن يعذبني

فلم أشاركه في نفع ولا ضرر

إن شاء نعمني أو شاء عذبني

أو شاء صورني في أحسن الصور

يا رب عفوك عن ذنب قضيت به

عدلا عليّ فهب لي صفح مقتدر

اهـ. كلام شرح الأنوار السنية قوله: (جزُورٌ) بفتح الجيم في النهاية والجزور البعير ذكرًا كان أو أنثى إلَّا إن اللفظة مؤنثة لقوله هذه الجزور إن أردت ذكرًا والجمع جزر ككتب وجزائر اهـ. قوله: (وَرَوَيْنَا في سننِ أَبِي دَاوُدَ الخ) ورواه الحاكم في المستدرك والبزار وأخرجه الحافظ وزاد بسنده ذلك إلى عثمان إنه كان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا فقال إن رسول الله قال إن القبر أول منازل الآخرة فإن تنج منه فما بعده أيسر منه وإن لم تنج منه فما بعده أشد منه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت منظرا إلَّا والقبر أفظع منه قال الحافظ بعد

ص: 192

عن عثمان رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه فقال:"استغفروا لأخِيكُمْ، واسألوا الله لهُ التَّثْبِيتَ فإتَهُ الآنَ يُسألُ".

قال الشافعي والأصحاب:

ــ

تخريجه هذا حديث حسن فرقه الرواة ثلاثة أحاديث وأخرج أبو داود الأول منه أي الحديث المذكور في الكتاب الذي اقتصر عليه الشيخ وأخرجه البيهقي بتمامه وأخرج الترمذي الحديثين الآخرين وأخرجهما الحاكم وتكلم على ما يتعلق بهما ثم أخرج الحافظ عن ابن أبي مليكة قال رأيت ابن عباس لما فرغ من دفن عبد الله بن السائب وقام النّاس قام فوقف عند القبر فدعا له ثم انصرف وقال الحافظ بعد تخريجه هذا موقوف صحيح. قوله: (عَنْ عُثمَانَ) أي ابن عفان رضي الله عنه. قوله: (وقَف عَليهِ) أي على قبره. قوله: (اسْتغفروا لأَخِيكُمْ) أي اطلبوا المغفرة لذنوب أخيكم المؤمن. قوله: (التَّثبيتَ) أي إن يجعله الله ثابتًا

على التوحيد في جواب مسألة الملكين وقال الطيبي اطلبوا له من الله أن يثبته على جواب الملكين وضمن سلوا الدعاء كما في قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1] أي ادعوا له بدعاء التثبيت أي قولوا ثبته الله بالقول الثابت اهـ، وفي الحديث كما قال ابن الجزري دليل على إن الروح تعود إلى الجسد عقب الدفن للسؤال كما هو مذهب أهل السنة. قوله:(فإنه الآنَ) أي الزمان الذي نحن فيه أو قريب منه قال الواحدي الآن الوقت الذي أنت فيه وهو حدَ الزمانين حد الماضي من آخره والمستقبل من أوله قال وذكر الفراء في أصله قولين أحدهما أن أصله أو إن حذفت منه الألف وغيرت واوه إلى الألف ثم أدخلت عليه الألف واللام وهي ملازمة له غير مفارقة والثاني أصله آن ماضي يئين بني اسمًا لحاضر الوقت ألحق به أل وترك على بنائه وقال الفارسي الآن مبني لما فيه من مضارعة الحرف أي تضمنه معناه وهو مضمن معنى حرف التعريف قال والألف اللازم زائدتان ولا توحش من قولنا فقد قال بزيادته في نحو مررت بهم الجماء الغفير فنصب الجماء على الحال على نية إلقاء أل، سيبويه والخليل وأجاز الأخفش مررت بالرجل خير منك بناءً على أن أل زائدة قال أبو علي والقولان اللذان قالهما الفراء لا يجوز واحد منهما

ص: 193