الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه، إلا أن يتكلم بكلام آخر. قال أصحابنا: ويستحبُّ أن يكون الملقِّن غير مُتَّهَم، لئلا يُحْرِجَ الميتَ ويتَّهمَه.
واعلم أن جماعة من أصحابنا قالوا: نلقن ونقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". واقتصر الجمهور على قول: "لا إله إلا الله"، وقد بسطتُ ذلك بدلائله وبيان قائليه في "كتاب الجنائز" من "شرح المهذَّب".
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
روينا في "صحيح مسلم" عن أمِّ سلمة -واسمها هند رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي سلمة، وقد شَقَّ بَصَرُهُ، فأغمضه ثم قال: "إن الرُّوح إذا
ــ
ذكره الحافظ قال ولحديث أبي هريرة طرق تشتمل على زيادات ثم ساقه من خمسة طرق وتقدم تلخيصها في آخر الكلام على حديث معاذ. قوله: (إلَّا أنْ يتكلم الخ) أي بكلام دنيوي وكذا بذكر غيرها على خلاف فيه. قوله: (ولْيَكن غير متهم) وفي نسخة وارث متهم أي إن حضر غيره فإذا حضر وارث منهم بنحو إرث أو عداوة فالوارث أولى لقولهم لو حضر وارثه قدم أشفقهم. قوله: (لئلا يُحرجَ) بإسكان الحاء أي يوقعه في الحرج وذلك إنه قد يمتنع من ذلك لاتهام ملقنه فيفوت عليه هذا الخير. قوله: (واعْلم أَن جمَاعة من أصْحَابِنَا الخ) وعللوا ذلك بأن القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلمًا إلَّا بها ورد بأنه مسلم وإنما القصد ختم كلامه بلا إله إلَّا الله ليحمل له ذلك الثواب ويلزم من قول لا إله إلَّا الله الاعتراف بالشهادة الأخرى فينبغي الاقتصار على لا إله إلَّا الله لظاهر الخبر أما الكافر فيلقنهما قطعًا مع لفظ أشهد لوجوبه عليه إذ لا يصير مسلمًا إلَّا بذلك بشرطه السابق.
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
قوله: (وَرَوَيْنَا في صَحيحِ مُسلم الخ) قال فيِ السلاح ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة زاد في الجامع الصغير وأحمد في مسنده. قوله: (عَلَى أبِي سلمَةَ) تقدم بيان عام وفاته وسبب مماته في ترجمة أم المؤمنين أم سلمة في باب ما يقول حال خروجه من بيته وهو من السابقين الأولين أسلم بعد عشرة أنفس وهاجر الهجرتين وسيأتي بسط لذكر فضائله إن شاء الله تعالى. قوله: (إِنَّ الرّوحَ) هي مؤنثة وقد تذكر، والمختار الوقوف عن التكلم في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حقيقتها إلَّا أن وصفها أن الحياة تذهب بذهابها قال المصنف وهي أجسام متخللة في البدن وليست أعراضًا ومعنى قوله إن الروح إذا قبض تبعه البصر
معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظرًا أين يذهب قال الجلال السيوطي في فهم هذا دقة فإنه يقال إن البصر إنما يبصر ما دام الروح في البدن فإذا فارقه تعطل الإبصار كما تعطل الإحساس قال والذي ظهر لي فيه بعد النظر بثلاثين سنة أن يجاب بأحد أمرين أحدهما إن ذلك بعد خروج الروح من أكثر البدن وهي باقية في الرأس والعينين فإذا خرج من الفم أكثرها ولم يخرج باقيها نظر البصر إلى القدر الذي خرج وقد ورد أن الروح على مثال البدن وقدر أعضائه فإذا خرج بقيتها من الرأس والعين فيكون المراد إذا قبض إذا شرع في قبضه ولم ينته قبضه، الثاني أن يحمل ما ذكره كثير من العلماء إن الروح لها اتصال بالبدن وإن كانت خارجة فترى وتسمع وترد السلام ويكون هذا الحديث من أقوى الأدلة على ذلك والله أعلم. بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم اهـ، وفي كلا الجوابين بعد أما الأول فإنه مجاز والأصل عدمه وأما الثاني فإنما فيه بقاء إدراك الروح بعد مفارقة الجسد لإبقاء إدراك البصر بعد مفارقة الروح الذي الكلام فيه والله أعلم. قال في المرقاة إن الروح إذا قبض تبعه البصر أي في الذهاب فهو علة الإغماض أي لم يبق لانفتاح بصره فائدة لذهاب البصر وقيل إن جملة الروح الخ. علة للشق أي إن المحتضر يتمثل له الملك المتوفى روحه فينظر إليه شزرًا ولا يرتد طرفه حتى تفارقه الروح وتضمحل بقايا قوى البصر ويبقى البصر على هيئته نقله عن الطيبي ثم قال ويعضده ما روى أبو هريرة إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تروا إن الإنسان إذا مات شخص بصره قالوا بلى قال فذلك حين يتبع بصره نفسه أخرجه مسلم وغير مستنكر من قدرة الله سبحانه أن يكشف له عن الغطاء ساعتئذٍ حتى يبصر ما لم يكن يبصر قلت ويؤيده فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد اهـ، وحاصله إنه لا منافاة بين زوال إدراك البصر بالموت وما ورد في الخبر فمن الجائز الإدراك لذلك فقط ومستند هذا الاحتمال الخبر المذكور والله أعلم، وفي التحفة لابن حجر الهيتمي يحتمل أن المراد من قوله تبعه البصر إن القوة الباصرة تذهب عقب خروج الروح فحينئذٍ تجمد العين ويقبح منظرها ويحتمل إنه يبقى فيه عقب خروجها
قُبِضَ تَبَعَهُ البَصَرُ"، فَضجَّ ناس من أهله، فقال: "لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَير، فإن المَلائِكَةَ
يُؤَمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ"، ثم قال: "اللهُم اغْفِرْ لأبي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في
عَقِبِهِ في الغابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنا وَلَه يا رَبَّ العالمِينَ، وَافْسَحْ لهُ في قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ".
قلت: قولها: "شقَّ" هو بفتح الشين، و"بصره" برفع الراء فاعل شقَّ، هكذا الرواية فيه باتفاق الحفاظ وأهل الضبط. قال صاحب الأفعال:
ــ
شيء من بخارها الغريزي فيشخص به ناظرًا أي يذهب بها ولا بعد في هذا لأن حركته حينئذٍ قريبة من حركة المذبوح ويحكم على الإنسان مع وجودها بسائر أحكام الموتى اهـ. قوله: (فَضجّ) بالضاد المعجمة والجيم المشددة أي رفع الصوت بالبكاء وصاح. قوله: (لَا تدْعُوا عَلَى أَنفسِكم إلا بخير) قال المظهري أي لا تقولوا شرًّا ولا ويلًا أو الويل لي وما أشبه ذلك وهذا أولى مما قيل معناه لا تتكلموا في حق الميت بما لا يرضاه الله فيرجع تبعته عليكم فكأنهم دعوا على أنفسهم بدليل إنه قال بعده فإن الملائكة يؤمنون أي يقولون على دعائكم آمين ومعناه استجب فينبغي أن لا يكون الدعاء إلَّا بخير. قوله: (في المهدِيِّين) بتشديد الياء الأولى الذين هداهم الله للإسلام سابقًا والهجرة إلى خير الأنام عليه الصلاة والسلام لاحقًا وفي النهاية وقد استعمل من الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة. قوله: (وَأَخلفهُ) بهمزة الوصل وضم اللام من خلف يخلف إذا قام مقام غيره بعده في رعاية أمره وحفظ مصالحه أي كن خلفًا وخليفة له في عقبه بكسر القاف قال الطيبي أي في أولاده قيل والأظهر من يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره فلذا أبدل منه قوله في الغابرين حال من عقبه أي أوقع خلافتك في عقبه كائنين في جملة الباقين من النّاس.
قوله: (لنَا) يصح أن يكون النون لتعظيم ذاته الشريفة أوله ولغيره من الصحابة والأمة. قوله: (وافسحْ له في قبرِه) أي وسع له فيه دعاء بعدم الضغطة. قوله: (ونَوِّر له) أي في قبره أراد به رفع الظلمة. قوله: (شَقّ بصره الخ) قال السيد الشريف في حواشي المشكاة نقلًا عن الطيبي يقال شق بصره إذا نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه. قوله: (بفتح الشينِ) قال المصنف والشين مفتوحة بلا خلاف قال الطيبي وضم الشين منه غير مختار. قوله: (وبصره برفع الراءِ الخ) قال المصنف وضبطه بعضهم بفتح الراء وهو صحيح أيضًا أي من حيث المعنى وإلا