الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستحبُ أن يقرؤوا عنده شيئًا من القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسنًا.
وروينا في "سنن البيهقي" بإسناد حسن، أن ابن عمر استحبَّ أن يُقرأ على القبر بعد الدفن أوَّل سورة البقرة وخاتمتها.
فصل:
وأما تلقين الميت بعد الدفن، فقد قال جماعة كثيرون من
ــ
كذا في التهذيب للمصنف. قوله: (يُستَحبُّ أَن يَقْرؤُوا عِندَهُ شَيْئًا منَ الْقرْآنِ) أي ليصيبه من الرحمات الهاطلة على المجتمعين للقراءة والدعاء بينهم وينال بركة القرآن ويبعد عند سماع ذلك الشيطان قال تعالى {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]، والقصد إبعاد الشيطان خصوصًا في ذلك الزمان والمكان والله الموفق. قوله:(وَرَوَيْنَا في سنَن البيهقي) قال الحافظ بعد تخريجه بسنده إلى البيهقي قال حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبوَ العباس بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر فقال حدثني مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال لبنيه إذا أنا مت فضعوني في قبري وقولوا بسم الله وعلى سنة رسول الله وسنوا علي التراب سنا ثم اقرأوا وعند رأسي أو سورة البقرة وخاتمتها فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك قال الحافظ بعد تخرجيه هذا موقوف حسن أخرجه أبو بكر الخلال وأخرجه من رواية علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال صلينا مع أحمد على جنازة فلما فرغ من دفنه حبس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجنا قال له محمد بن قدامة يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر بن إسماعيل قال ثقة قال كتبت عنه شيئًا قال نعم قال إنه حدثني عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرؤوا عند قبره فاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك قال فقال أحمد ارجع فقل للرجل فليقرأ اهـ. قوله: (أَن ابْن عُمَر استَحبَّ الخ) ظاهر إيراده أنه موقوف على ابن عمر وقضية إيراد الحصن إنه نبّه عليه في الحرز والصواب إنه موقوف على ابن عمر رواه عند البيهقي وغيره.
فصل
قوله: (وأَمَا تلْقين الميِّتِ الخ) ووجه الاستحباب إن فيه تذكيرًا للميت قال تعالى
أصحابنا باستحبابه، وممن نصَّ على استحبابه: القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه "التتمة"، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب. وأما لفظه: فقال الشيخ نصر: إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان، اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدُه ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريبَ فيها، وأن الله يبعث من في القبور، قل: رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وبالكعبة قبلةً، وبالقرآن إمامًا، وبالمسلمين إخوانًا، ربي الله، لا إله إلا هو، وهو ربُ العرش العظيم، هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه "التهذيب"، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقص عنه، ثم منهم من يقول: يا عبد الله ابن أمة الله، ومنهم من يقول: يا عبد الله ابن حواء، ومنهم من يقول: يا فلان -باسمه- ابن أمة الله، أو يا فلان ابن حواء، وكله بمعنًى.
وسئل الشيخ الإِمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله عن هذا التلقين، فقال في فتاويه: التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين قال:
وقد روينا فيه حديثًا من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده"، ولكن اعتضد بشواهد، وبعمل أهل الشام به قديمًا. قال: وأما تلقين الطفل الرضيع، فما له مستند
ــ
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذا الحال قال العلماء ولا يعارض التلقين قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وقوله تعالى {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] نادى أهل القليب وأسمعهم وقال ما أنتم بأسمع منهم لكنهم لا يستطيعون جوابًا وقال في الميت إنه يسمع قرع نعالهم وأنكر بعض المالكية سماع الموتى ورد. قوله: (يا عَبدَ الله ابْن أَمَةِ الله) قال في شرح الروض وأنكر بعضهم
يعتمَد، ولا نراه، والله أعلم. قلت: الصواب: أنه لا يلقن الصغير مطلقًا، سواء كان رضيعا أو أكبر منه ما لم يبلغ ويصير مكلفا، والله أعلم.
ــ
يا ابن أمة الله لأن المشهور أن النّاس يدعون يوم القيامة بآبائهم كما نبه عليه البخاري في صحيحه ورد بأن هذا لا مجال للقياس فيه وقد ورد الندب هنا بالأم فليتبع على أنه في المجموع خبر فقال يقال يا فلان ابن فلان أو يا عبد الله ابن أمة الله ومحل الكلام في غير ولد الزنا والمنفي بلعانه وعند الطبراني في الكبير وفي الدعاء من حديث أبي أمامة إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يستوى قاعدًا ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله فليقل أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلَّا الله وإن محمدًا عبده ورسوله {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] قال فإن منكرًا ونكيرا عند ذلك يأخذ كل منهما بيد صاحبه ويقول قم ما نصنع عند رجل قد لقن حجته فيكون الله تعالى حجيجه دونهما فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال فلينسبه إلى أمه حواء بيا فلان ابن حواء قال المصنف وهو ضعيف لكن أحاديث الفضائل يسامح فيها عند أهل العلم وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة كحديث اسألوا الله له
التثبيت ووصية ابن عمر والسابقين قلت وقال الحافظ بعد تخريج حديث أبي أمامة هذا حديث غريب وسند الحديث من الطريقين ضعيف جدًّا اهـ. قال بعضهم وقوله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم الخ. دليل عليه لأن حقيقة الميت من مات أما قبل الموت وهو ما جرى عليه الأصحاب فمجاز وقد سبق ما في ذلك وقد ألف الحافظ السخاوي جزءًا في التلقين نقل فيه عن أئمة من أئمة المذاهب الأربعة استحبابه وأطال في ذلك وتكلم فيه على حديث الباب وشواهده وبلغ فيه بضعة عشر شاهدا. قوله: (الصوابُ أنهُ لَا يلقنُ الصغِيرُ مُطلقًا سواءُ كانَ رضِيعًا أَوْ مُراهقًا الخ) وما نقل من أنه صلى الله عليه وسلم لقن ولده إبراهيم بعد دفنه فلم يثبت وروده وإن ذكره جمع تبعًا للتتمة وقد قال المتقي السبكي عقب عزوه له إليها في شرح المنهاج إنه غريب قال السخاوي والظاهر إنه لم يرد الغرابة المصطلح عليها ومثل الصبي في عدم التلقين مجنون لم يسبق له تكليف.