الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا اللهُ الحَي الَّذِي لا يَمُوتُ، فيستحبُّ أن يدعوَ لها ويثني عليها بالخير إن كانت أهلًا للثناء ولا يجازف في ثنائه.
باب ما يقوله من يُدخل الميت قبره
روينا في سنن أبي داود، والترمذي، والبيهقي،
ــ
البندنيجي وفي شرح الروض أسند الطبراني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى جنازة فقال الله أكبر صدق الله ورسوله اللهم زدنا إيمانًا وتسليما كتب له عشرون حسنة وروى الطبراني أيضًا إن ابن عمر كان إذا رأى جنازة قال هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا إيمانا الخ. قوله: (ويثني عَليهَا بالخَيرِ إِنْ كَانَتْ أَهْلا لِلثنَاءِ) أي ولم يترتب على ذلك محذور وإلّا فلا وقد سبق تفصيل ذلك. قوله: (ولا يُجازِفُ) بالجيم ثم الزاي بعد الألف من المجازفة وهي في الأصل مجهول القدر من مكيل ونحوه واستعير في الكلام المجاوز في الثناء والذم.
باب ما يقوله من يريد أن يدخل الميت في قبره
قوله: (رَوَيَنَا في سنَنِ أَبِي دَاوُدَ والترمذِي) قال المصنف في الخلاصة بأسانيد حسنة أو صحيحة وقال الترمذي حديث حسن قال البيهقي تفرد برفعه همام بن يحيى ووقفه غيره لكن همام ثقة حافظ فزيادته مقبولة وفي رواية الترمذي باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ بعد تخريجه الحديث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال همام كذا عندي قوله إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا باسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حديث صحيح أخرجه أحمد عن وكيع وقال بدل قوله في رواية همام كذا عندي في كتابي وفي روايته وعلى ملة رسول الله وقال الدارقطني وغيره تفرد برفعه همام ورواه هشام وشعبة مرفوعًا ثم أخرجه الحافظ موقوفًا من طريقهما عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر قلت وهذا سند المرفوع أيضًا قال الحافظ ولفظ هشام أن ابن عمر كان إذا وضع الميت قال بسم الله وعلى ملة رسول الله ولفظ شعبة إذا وضعتم الميت في القبر نحو رواية همام وكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة موقوفًا وأخرجه ابن حبان في القسم الثاني من صحيحه من رواية أبي داود عن شعبة به
وغيرها، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا وضع الميت في القبر قال:
ــ
مرفوعًا وما أظنه إلَّا وهمًا وأبو داود ما عرفت هل هو الطيالسي أو الحفري والأول أقرب لكن ما وجدته في مسنده وقد وقع لنا اللفظ الذي اقتصر عليه الشيخ من وجه آخر عن ابن عمر قال كان رسول الله إذا وضع الميت في قبره قال بسم الله وعلى ملة رسول الله وقال بعض رواته وعلى
سنة رسول الله وزاد بعض رواته وفي سبيل الله قال الحافظ بعد تخريجه من طرق وأخرجه الترمذي ورواية ليث أي أحد الطرف التي خرج عنها الحافظ عند ابن ماجة قال الحافظ وليث بن أبي سليم وحجاج بن أرطأة ضعيفان من جهة سوء الحفظ ووصفا بالتدليس قال الترمذي روي عن ابن عمر من غير وجه ورواه أبو الصديق عنه مرفوعًا وموقوفًا قال الحافظ يشير به إلى ما تقدم وإلى ما روي عن سعيد بن المسيب قال حضرت ابن عمر صلى على جنازة فلما وضعها في اللحد قال بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله لما أخذ في تسوية اللبن قال اللهم اجرها من الشيطان ومن عذاب القبر اللهم جافي القبر عن جنبيها وصعد روحها ولقها منها رضوانًا قلت شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء قلته برأيك قال اني إذا لجريء على القول بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني وزاد فلما سوى اللبن قام إلى جانب القبر ثم قال اللهم جاف الأرض الخ. وحماد بن عبد الرحمن ضعيف وقد تفرد به قال الحافظ ولم يذكر الترمذي من الباب غير حديث ابن عمر وفيه عن علي بن أبي طالب مرفوعًا عند البزار وموقوفًا عند ابن أبي شيبة وعن أبي أمامة عند أحمد وعن سمرة بن جندب عند الحارث بن أبي أسامة وعن واثلة بن الأسقع عند الطبراني وعن البياضي صحابي لم يسم عند الحاكم في المستدرك وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن خيثمة أحد كبار التابعين قال كانوا يستحبون فذكره اهـ. قوله: (وغيرِها) فرواه النسائي عن همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر مرفوعًا وابن حبان وقد علمت ما فيه في كلام الحافظ ولفظ الحديث في الكتاب لأبي داود وفي حديث الترمذي قال أبو خالد مرة بسم الله وعلى ملة رسول الله ومرة بسم الله وعلى سنة رسول الله وقال حسن غريب من هذا الوجه وفي رواية ابن حبان وإحدى روايات النسائي إذا وضعتم موتاكم
"بِسْمِ الله، وعلى سُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم". قال الترمذي: حديث حسن. قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: يستحبُّ أن يدعوَ للميت مع هذا.
ومن أحسن الدعاء، ما نصَّ عليه الشافعي رحمه الله في مختصر المزني قال: يقول الذين يُدخلونه القبر: اللهم أَسْلَمَهُ إلَيْكَ الأشِحَّاء مِنْ أهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَقَرَابَتِهِ وإخوَانِهِ، وَفارَقَ مَنْ كانَ
يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيا والحَيَاةِ إلى ظُلْمَةِ القَبْرِ وضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، إنْ عاقَبْتَهُ فَبذنْبٍ، وإنْ عَفَوْتَ عَنْهُ فَأنْتَ أهْلُ العَفْو، أنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابهِ،
ــ
في القبر فقولوا ورواه الحاكم في المستدرك من طريق آخر أي غير طريق ابن عمر ولفظه الميت إذا وضع في قبره فليقل الذين يضعونه بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا في السلاح. قوله: (باسمِ الله) أي وضعته أو أدخلته أو دفنته. قوله: (وعَلَى ملّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم) سبق في خطبة الكتاب أن الملة والدين والشريعة والإسلام ألفاظ متحدة بالذات أي وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود لما فيه نفعهم دنيا وأخرى، مختلفة بالاعتبار فتسمى ملة من حيث أنها تملى وتكتب ودينا من حيث أنها تدان وشريعة من حيث الاجتماع عليها وإسلاما من حيث الاستسلام والانقياد لها والله أعلم.
قوله: (وَيَقولُ الذِينَ يدْخِلُونهُ القبْرَ) أي كل واحد منهم لأن المقام للسؤال وطلب الرحمة والإفضال فناسب التكرار باعتبار القائلين في الحديث إن الله يحب الملحين في الدعاء وفي الإتيان بالموصول الموضوع للجمع تنبيه على استحباب كونهم عددًا ويستحب كونهم وترًا ويجزئ من
يدعى ولو واحدًا. قوله: (الأَشِحاءُ) بفتح الهمزة وكسر الشين المعجمة وتشديد الحاء المهملة جمع شحيح وحذف صلته أي الأشحاء بإسلامه وقوله من ولده الخ. بيان للأشحاء في موضع الحال والصفة لأن أل فيما قبله للجنس. قوله: (وفارَق) أي وفارقه ليناسب ما قبله من قوله أسلمه إليك الأشحاء. قوله: (إِنْ عاقَبتَه فَبذَنب) وفي نسخة فبذنبه أي فذلك العقاب على سبيل العدل لكونه بسبب ذنبه لأجور فيه بوجه. قولَه: (فأَنتَ أَهْلُ العفْو) أي الكريم الذي يعفو عن العباد بمحض الفضل والإحسان. قوله: (أَنتَ غَنيٌّ عَنْ عذَابهِ) جملة مستأنفة كالتعليل