المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقوله زائر القبور - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٤

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأذكار التي تقال في أوقات الشدة وعلى العاهات باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة

- ‌باب ما يقوله إذا راعه شي أو فزع

- ‌باب ما يقول إذا أصابه همّ أو حزن

- ‌باب ما يقوله إذا وقع في هلكة

- ‌باب ما يقول إذا خاف قومًا

- ‌باب ما يقول إذا خاف سلطانًا

- ‌فائدة

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلي عدوه

- ‌باب ما يقول إذا عرض له شيطان أو خافه

- ‌باب ما يقول إذا غلبه أمر

- ‌باب ما يقول إذا استصعب عليه أمر

- ‌باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته

- ‌باب ما يقول لدفع الآفات

- ‌باب ما يقول إذا أصابته نكبة قليلة أو كثيرة

- ‌باب ما يقول إذا كان عليه دين عجز عنه

- ‌باب ما يقوله من بَلِيَ بالوحشة

- ‌باب ما يقول من بلي بالوسوسة

- ‌باب ما يقرأ على المعتوه والملدوغ

- ‌باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم

- ‌باب ما يقال على الخرّاج والبثرة ونحوهما

- ‌كتاب أذكار المرض والموت ومما يتعلق بهما

- ‌باب استحباب الإكثار من ذكر الموت

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه

- ‌باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذلك الوصية بمن قرب سبب موته بحدٍّ أو قصاص أو غيرهما

- ‌باب ما يقول من به صداع أو حمى أو غيرهما من الأوجاع

- ‌باب جواز قول المريض أنا شديد الوجع أو موعوك، أو أرى إساءةً ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيء من ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع

- ‌باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوازه إذا خاف فتنة في دينه

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف

- ‌باب استحباب تطييب نفس المريض

- ‌باب استحباب دعاء الناس في البلد الشريف

- ‌تنبيه

- ‌باب الثناء على المريض بمحاسن أعمال ونحوها إذا رأى منه خوفه ليذهب خوفه ويحسن الظن ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى

- ‌باب ما جاء في تشهية المريض

- ‌باب طلب العوّاد الدعاء من المريض

- ‌باب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى عليه من التوبة وغيرها

- ‌باب ما يقول من أيس من حياته

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت

- ‌باب ما يقوله من مات له ميت

- ‌باب ما يقوله من بلغه موت صاحبه

- ‌باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام

- ‌باب تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية

- ‌باب التعزية

- ‌فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطواعين في الإسلام:

- ‌باب جوز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي

- ‌باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

- ‌باب أذكار الصلاة على الميت

- ‌باب ما يقوله الماشي مع الجنازة

- ‌باب ما يقوله من مرت به جنازة أو رآها

- ‌باب ما يقوله من يُدخل الميت قبره

- ‌باب ما يقال بعد الدفن

- ‌فصل:

- ‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

- ‌باب ما ينفع الميت من قول غيره

- ‌باب النهي عن سب الأموات

- ‌باب ما يقوله زائر القبور

- ‌باب نهي الزائر من رآه يبكي جزعًا عند قبر وأمره إياه بالصبر ونهيه أيضًا عن غير ذلك مما نهى الشرع عنه

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة

- ‌باب الأذكار المستحبة يوم الجمعة وليلتها والدعاء

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار المشروعة في العيدين

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌باب الأذكار في العشر الأول من ذي الحجة

- ‌باب الأذكار المشروعة في الكسوف

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار في الاستسقاء

- ‌باب ما يقوله إذا هاجت الريح

- ‌باب ما يقول إذا انقض الكوكب

- ‌باب ترك الإشارة والنظر إلى الكوكب والبرق

- ‌باب ما يقول إذا سمع الرعد

- ‌باب ما يقوله إذا نزل المطر

- ‌باب ما يقوله بعد نزول المطر

- ‌باب ما يقوله إذا كثر المطر وخيف منه الضرر

- ‌باب أذكار صلاة التراويح

- ‌باب أذكار صلاة الحجة

- ‌باب الأذكار صلاة التسبيح

- ‌تنبيه

- ‌تتمة

- ‌باب الأذكار المتعلقة بالزكاة

- ‌فصل

- ‌كتاب أذكار الصيام

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الهلال، وما يقول إذا رأى القمر

- ‌باب الأذكار المستحبة في الصوم

- ‌باب ما يقول عند الإفطار

- ‌باب ما يقول إذا أفطر عند قوم

- ‌باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر

- ‌باب الأذكار في الاعتكاف

- ‌كتاب أذكار الحج

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل في أذكار الطواف:

- ‌فصل في الدعاء الملتزم

- ‌فصل في الدعاء في الحِجْر:

- ‌فصل في الدعاء في البيت:

- ‌فصل في أذكار السعي:

- ‌فصل في الأذكار التي يقولها عند خروجه من مكة إلى عرفات

الفصل: ‌باب ما يقوله زائر القبور

وقد أجمع العلماء على جرح المجروح من الرواة، والله أعلم.

‌باب ما يقوله زائر القبور

روينا في "صحيح مسلم" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّما كان ليلتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: "السلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قوم مُؤمنِينَ،

ــ

فإن ذكر

ذلك ينفع الميت إذا علم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه. قوله: (وقَد أَجمَعَ العُلمَاءُ عَلَى جَرحِ المْجرُوح الخ) أي سواء كانوا أحياءً أو أمواتًا وبه يندفع الجمع بأن النهي يحمل على ما بعد الدفن والجواز على ما قبله يسقط به من يسمعه وكذا يندفع الجمع يكون النهي العام متأخرا فيكون نامي.

باب ما يقوله زائر القبور

جمع قبر والمقابر جمع مقبرة بفتح الباء وضمها ولم يأت في القرآن ذكر المقابر إلَّا في قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر 1: 2]، قوله:(وَرَوَيْنَا في صَحيحِ مُسلم) قال في السلاح ورواه النسائي زاد الحافظ وأخرجه أبو عوانة. قوله: (إلى البقيع) بالباء الموحَدة بلا خلاف وهو مدفن أهل المدينة أي بقيع الغرقد وسبق أن البقيع من الأَرض المكَان المتسع بشرط أن يكون فيه شجر أو أصوله. قوله: (السلامُ عَليْكُمْ) أخذ من هذه الرواية أن تعريفه أفضل من تنكيره وإن ورد في رواية عند أحمد وفيه أيضًا رد على من قال من أئمتنا وغيرهم الأولى أن يقال عليكم السلام لأنهم ليسوا أهلًا للخطاب ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن قال له ذلك إن عليك السلام تحية الموتى ولا دليل فيما قالوه أما الخطاب فلا فرق بين تقدم عليك وتأخيرها على أن الصواب أن الميت أهل للخطاب مطلقًا لأن روحه وإن كانت في أعلى عليين لها مزيد تعلق بالقبر فيعرف من يأتي ومن لا كما دل عليه الخبر الصحيح ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلّا عرفه ورد عليه السلام وأما الخبر فإخبار عن عادتهم لا بعلم لهم أو المراد بالموتى كفار الجاهلية أي تحية موتى القلوب فلا تفعلوه. قوله: (دَارَ قَوْم) يصح فيه الجر على أنه بدل من الكاف والنصب على النداء أي يا أهل الدار فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قيل وهو أولى لأنه من رواية يا أهل الديار فكان ذلك قرينة

ص: 217

وَأتاكُمْ ما تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤجَّلُونَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكُمْ لاحقون، اللَّهُم اغْفِرْ لأهلِ بَقِيع الغَرْقَدِ".

وروينا في "صحيح مسلم" عن عائشة أيضًا، أنها قالت: كيف أقول يا رسول الله؟ -تعني في زيارة القبور- قال: قولي: "السَّلامُ على أهْلِ الدِّيارِ

ــ

أنه مراد عند حذفه وإن كان الاختصاص أفصح وقيل منصوب على الاختصاص قال في فتح الإله وهو الأفصح. قوله: (وأَتَاكُمْ) هو بالقصر أي جاء ما توعدون غدا أي من الثواب أو العقاب وضبطه الحنفي في شرح الحصن بمد الهمزة من الإيتاء بمعنى الإعطاء ورده في الحرز بأنه مخالف للرواية. قوله: (مُؤجَّلُونَ) بتشديد الجيم المفتوحة خبر مبتدأ محذوف أي أنتم مؤجلون باعتبار أجوركم. قوله: (إِنْ شَاءَ الله) أتى به للتبرك أو امتثالًا للآية ومن ثم قيل استثنى الله تعالى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ [الفتح: 27]، لكن استثناء الخلق فيما يعلمون أو التعليق بالنظر للحوق بهم في هذا المكان بعينه أو للموت على الإسلام فإنه مشكوك فيه وعلى هذا فيكون خاصا

بالأمة وأتى به صلى الله عليه وسلم تعليمًا لهم أو إن فيه بمعنى إذ كما في {وَخَافُونِ إِن كنُتم مُؤمِنِينَ} [آل عمران: 175]. قوله: (وَرَوَيْنا في صَحيحِ مِسلِم) قال في السلاح ورواه النسائي وزاد فيه أنتم لنا فرط وانَّا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم وَلا تفتنا بعدهم وزاد فيه وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن سعيد بن مسلم بتشديد اللام عن حجاج بحاء مهملة فجيمين بينهما ألف وهو ابن محمد المصيصي قال عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن أبي مليكة وأخرجه مسلم أيضًا والنسائي وأبو عوانة من رواية ابن وهب عن ابن جريج فقال عن عبد الله بن كثير بن المطلب بدل ابن أبي مليكة قال النسائي حجاج في ابن حجر أثبت عندنا من ابن وهب ونقل أبو عوانة عن أحمد أنه قال في ابن وهب عن ابن جريج سيئ اهـ. قوله: (عَلَى أَهل الديارِ) قال ابن عبد السلام أهل الديار في عرف النّاس من سكن الديار أو كان بفنائها وقد أمر بالاستعاذة من عذاب القبر فهذا يدل على أن الأرواح في القبور دون أفنيتها وهو المختار اهـ، وقال ابن الجزري يريد بالديار المقابر وهو جائز لغة قال إنه يقع على الربع العامر أو المسكون والخراب وأنشد على ذلك قول النابغة:

يا دار مية بالعلياء فالسند

أقوت وطال عليها سالف الأمد

ص: 218

مِنَ المُؤْمنينَ والمُسْلمينَ، وَبرْحَمُ اللهُ المُسْتقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَمِنَّا وَالمُسْتأخِرينَ، وَإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ".

ورَوينا

ــ

اهـ. كلام ومية امرأة والعلياء أرض مرتفعة وهي والسند موضعها وأقوت الديار خلت وفي إطلاق الأهل على ساكني المكان من حي وميت وكأن حكمة ترك الخطاب في هذه الرواية أنه سألت عن زيارة عامة فلا ينافي ما ورد من الخطاب بالسلام مع الاستقبال بالوجه لأنه في زيارة قبر خاص وحينئذٍ فيؤخذ من ذلك أن من قصد زيارة مطلق القبور الأولى له أن يأتي بهذا الدعاء ومن قصد زيارة قبر مخصوص فالأولى الإتيان بما مر من قوله السلام عليكم الخ، ويحتمل وهو الأقرب أن ذلك لبيان أن الأمر واسع وأن زائر القبور مخير بين الخطاب وتركه قوله:(منَ المؤْمِنينَ والمسلِمينَ) عطف مساو لما تقرر من الإيمان والإسلام وإن اختلفا مفهومًا فهما متحدان في الماصدق. قوله: (ويَرْحَمُ الله المُستقدِمِينَ مِنًا) أي بالموت والمستأخرين أي منّا بالحياة بعد والقصد منها الإحاطة بالأحياء والأموات من المؤمنين والمؤمنات مع ما فيه من الإيماء إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} [الحجر: 24] أي من استقدم ولادة ووفاة ومن استأخر أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد. قوله: (لِلاحقُون) بلامبن على أن الأولى للتأكيد في خبر إن وفي نسخة لاحقون بحذف اللام الأولى ويؤخذ من هذا الحديث جواز زيارة النساء للقبور وفيها خلاف للعلماء وعندنا ثلاثة أوجه لأصحابنا الحرمة الكراهة الإباحة والأصح الكراهة. قوله: (وَرَوَينَا بالأسَانيدِ الضحِيحةِ الخ) أورد صاحب السلاح والحصن هذا الحديث من حديث أبي هريرة واقتصر كل منهما على عزوه لتخريج أبي داود فقط والله أعلم ثم راجعت باب الجنائز من سنن

أبي داود ولم أجده فيها ثم رأيت الحافظ قال وأخرجه ابن ماجة في باب الحوض من كتاب الزهري قال الحافظ وأخرج مسلم أيضًا من جملة حديث طويل قال وعجب للشيخ كيف أغفل نسبته لمسلم قال وأظن السبب أنه لم يخرجه في الجنائز لأبي داود بل أخرجه في الطهارة لكن

ص: 219

بالأسانيد الصحيحه في سنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خرج إلى المقبرة، فقال:"السلامُ عَلَيكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ الله بِكُمْ لاحِقُونَ".

وروينا في كتاب الترمذي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال:"السلامُ عَلَيكُمْ يا أهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنا وَلَكُمْ، أنْتُمْ سَلَفُنا وَنَحْنُ بالأثَرِ". قال الترمذي: حديث حسن.

وروينا في "صحيح مسلم" عن بريدة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: "السلامُ عَلَيكُمْ

ــ

النسائي أخرجه أيضًا في الطهارة. قوله: (بالأَسَانيدِ الصحِيحةِ) قال الحافظ في هذا ما يوهم أن للحديث طرقًا إلى أبي هريرة وليس كذلك إنما هو إفراد العلاء عن أبيه هو عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة وكلهم مدارهم على العلاء بن عبد الرحمن نعم له طريق أخرى عند ابن السني من رواية الأعرج عن أبي هريرة ولفظه كان إذا مر بالمقابر قال السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والصالحين والصالحات وأنا بكم إن شاء الله لاحقون وسنده ضعيف اهـ.

قوله: (وَرَوَينَا في كِتَاب الترْمِذِيِّ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث حسن ورجاله رجال الصحيح غير قابوس فمختلف فيه وقابوس هذا يعني به ابن ظبياء وهو بالمعجمة المشالة فسكون الموحدة فتحتية واسمه حصين بن جندب. قوله: (يَغفرُ الله لنَا) أي معشر الأحياء ولكم أي الأموات. قوله: (سلفَنَا) بفتح السين المهملة واللام بعدها قيل سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وأقربائه وإخوانه وأقرانه وبه سمي الصدر الأول بالسلف الصالح وقيل هو من السلف كأنه أسلفه وجعله ثمنا للأجر والثواب الذي يجازى عليه بالصبر والحاصل أنهم مقدمون علينا في هذا السفر. قوله: (ونَحنُ بالأَثرِ) أي عقبكم وهو بفتح أوليه ويجوز فيه كسر الأول وإسكان ثانيه الثاء المثلثة وهو كذلك في نسخة من الحصن.

قوله: (وَرَوَيَنَا في صحيح مُسلِم الخ) ورواه النسائي وابن ماجة كلهم عن بريدة زاد النسائي أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع

ص: 220

أهْلَ الديارِ مِنَ المُؤمِنِينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ، أسألُ الله لَنا ولَكُمُ العَافِيَةَ".

وروينا في كتاب النسائي، وابن ماجه هكذا، وزاد بعد قوله: للاحقون: "أنتمْ لَنا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكمْ تَبَعٌ".

وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة

ــ

ووقع في الحرز وزاد ابن ماجة في رواية أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم وهو وهم منه لأن ذلك عنده في حديث عائشة كما سبق نفلي عن السلاح والله أعلم وزاد الحافظ وخرجه أبو عوانة. قوله: (أَسأَلُ الله لنَا ولكُنم العَافِيةَ الخ) أي أسأل العافية من العقوبة في الدنيا والآخرة وفي كشف المشكل لابن الجوزي قيل إنما نسأله العافية للحي فما معنى سؤالهما للميت فالجواب أنه يتعين الإيمان بعذاب القبر وبنعيمه فنسأل للمعذبين منهم العافية

من بلاء العذاب اهـ. قوله: (وَزَادَ بعْدَ قوْلهِ لَلاحِقُونَ أَنتُمْ لنَا فَرَطٌ الخ) صريح عبارته أن الذي زاد ذلك ابن ماجة وسبق عن السلاح أن الذي زاد النسائي وعبارة الدميري في الديباجة بعدما أورده ابن ماجة باللفظ الذي أورده مسلم وأورده المصنف مالفظه رواه مسلم وأبو داود والنسائي وزاد فيه بعد للاحقون أنتم لنا فرط الخ. اهـ، وهو مطابق لما في السلاح من أن الزيادة للنسائي أي دون بن ماجة والله أعلم، وحينئذٍ فيمكن حمل عبارة المصنف هنا على ذلك بأن يعاد الضمير من قوله وزاد أي النسائي وإن كان خلاف أصل عود الضمير إلى أقرب مذكور للقرينة المذكورة المعينة لذلك والله أعلم. ثم رأيت الحافظ قال لم يذكر هذه الزيادة ابن ماجة ولا يرد على الشيخ لأنه قال وزاد بالإفراد فكأنه عنى النسائي والنسائي أخرج الحديث وفيه هذه الزيادة وأوله عنده كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى على المقابر قال فذكره اهـ.

قوله: (وَرَوينَا في كِتَابِ ابْنِ السُّنيِّ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث حسن أخرجه أحمد وابن ماجة أي في طرق من الحديث السابق قبله فكان عزوه إليه أولى وبالله التوفيق لكن ابن ماجة في آخره نسأل الله لنا ولكم العافية بدل قوله اللهم لا تحرمنا أجره الخ، وبه يتبين وجه اقتصار الشيخ على العزو لابن السني قال الحافظ قال الترمذي بعد تخريجه حديث ابن عباس وفي الباب عن بريدة وعائشة زاد شيخنا في شرحه وفيه أيضًا عن أبي هريرة وابن مويهبة قلت وفيه أيضًا عن أبي رافع ومجمع بن جارية وعبد الله بن عمر وبشير ابن الخصاصية وقد تقدمت

ص: 221

رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البقيع فقال:"السَّلام عَلَيكُمْ دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ، وإنا بِكُمْ لاحِقُونَ، اللهم لَا تَحْرِمْنا أجْرَهُمْ، ولا تُضِلنا بَعْدَهُمْ".

ويستحبُّ للزائر الإكثار من قراءة القرآن والذكر، والدعاء لأهل تلك المقبرة وسائر الموتى والمسلمين أجمعين.

ــ

أحاديث عائشة وبريدة وابن عباس وأبي هريرة وحديث مجمع بن جارية بالجيم والراء وتحتية أخرجه الطبراني في الأوسط عن يعقوب بن مجمع عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في جنازة رجل من بني عمرو بن عوف حتى انتهى إلى المقبرة فقال السلام على أهل الديار من كل موتى ومسلم أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع عافاني الله وإياكم، ثم قال لا يروى عن مجمع إلَّا بهذا السند وفيه عبد العزيز بن عبيد الله قال الحافظ وهو ضعيف وحديث ابن عمر أخرجه البزار في مسنده عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البقيع فقال السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا بكم لاحقون وفي سنده غالب بن عبيد الله ضعيف وحديث بشير واسم أبيه معبد وابن الخصاصية أخرجه أبو نعيم في الحلية ولفظه كحديث ابن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم البقيع وزاد وإنا إليه راجعون لقد أصبتم خيرًا نجيلًا وسقتم سيرًا طويلًا الحديث وقوله نجيلًا بفتح الموحدة وكسر الجيم وزن عظيم ومعناه أخرجه الطبراني في الكبير من غير الطرق التي أخرجها به أبو نعيم وحديث أبي مويهبة بالموحدة بعد الهاء مصغر ويقال أبو موهبة بلا تصغير لا يعرف اسمه وهو مولى رسول الله قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف عليهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه الحديث وفيه أنه لما رجع بدأ به وجعه الذي مات فيه قال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن أخرجه أحمد وأخرجه الحاكم وذكر له الحافظ طرقًا وحديث أبي رافع أخرجه ابن سعد من طريق عائشة قالت قال رسول الله

إني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فخرج ومعه أبو رافع مولاه فكان أبو رافع يحدث فذكر نحو حديث أبي مويهبة وسنده ضعيف ويجمع بالتعدد فإن رواية يعلى بن عطاء عند أحمد ما يدل عليه اهـ. قوله: (لنَا فَرطٌ) بفتح الفاء والراء وبالطاء المهملتين

ص: 222

ويستحبُّ الإكثار من الزيارة، وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل.

ــ

وسبق الكلام عليه في باب أذكار الصلاة على الميت وفي أحاديث الباب دليل على استحباب زيارة القبور والسلام على أهلها والدعاء لهم والترحم عليهم قال العلماء وزيارة القبور من أعظم الدواء للقلب القاسي لأنها تذكره الموت والدار الآخرة وذلك يحمل على قصر الأمل والزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها ولا شيء أنفع للقلوب القاسية من زيارة القبور أي المصحوبة بالتفكر في ذلك والاعتبار بمن سلك من الأهل والإقران في تلك وكيف انقطع عنهم الأهل والأحباب وذهبت آمالهم ولم تنفعهم أموالهم فمن تأمل ذلك كان سببًا لإقباله على مولاه ورقة قلبه وخشوعه. قوله: (ويُسْتحبُّ الإكثَارُ منَ الزيارَةِ) قال الدميري في الديباجة قال العلماء ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين فهذه ثلاثة أمور تنبغي لمن قسي قلبه أن يستعين بها على دوائه فإن النفع بالإكثار من ذلك ولأن قلبه بذاك شاهد المحتضرين والأموات وزار القبور فليس الخبر كالمعاينة وينبغي لزائر القبور أن يتأدب بآداب الزيارة فيدنو من القبر بقدر ما كان يدنو منه لو كان حيًّا وزاره واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يسن للرجل زيارة القبور وهو قول العلماء كافة لا يختلفون في ذلك وكانت زيارتها منهيًا عنها أولًا ثم نسخ بحديث بريدة كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها ولا تقولوا هجرًا والهجر الكلام الباطل فلما استقرت قواعد الإسلام وتمهدت قواعد الأحكام أبيح لهم الزيارة واحتاط صلى الله عليه وسلم بقوله ولا تقولوا هجرًا اهـ، ويوجد في بعض الأصول إلحاق زيادة في هذا الباب متعلقة بباب الزائر والمقصود من الزيارة للميت النفع أي بقراءة القرآن والدعاء له وللحي بالتدبر والاعتبار بحال من مضي من الأموات وأنه سيلحق بهم عن قريب.

ص: 223