الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبْحانَ المَلِكِ القُدُّوسِ ربّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ، جُلِّلتِ السمواتُ والأرْضُ بالعِزَّةِ والجَبَرُوتِ"، فقالها الرجل، فذهبت عنه الوحشة".
باب ما يقول من بلي بالوسوسة
قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36]،
ــ
إلا به، ودرمك رواه عن أبي إسحاق عن البراء اهـ. قوله:(رب الملائكةِ) بالجر على الاتباع كما هو المضبوط في الأصول المصححة ويجوز من حيث العربية رفعه ونصبه على القطع بتقدير مبتدأ في الأول وعامل ناصب في الأخير. قوله: (جُللتِ) هو بالجيم ثم اللام المشددة. قوله: (والجبرُوتِ) فعلوت من الجبر هو القهر فتاؤه زائدة وسبق الكلام على معظم ألفاظ الذكر في أذكار السجود.
باب ما يقول من بلي بالوسوسة
أي سواء كانت في الأمور الاعتقادية والأعمال البدنية وسواء كان منشأها من النفس أو من الشيطان وأصل الوسوسة الصوت الخفي وتطلق على حديث النفس والوسواس بمعناها كالزلزال والزلزلة وسمي به الشيطان في سورة الناس مبالغة كأنه نفسه وسوسة لشدة تمكنه من الآدمي ومقابلها الإلهام لأن ما يخطر بالقلب إن دعا لرذيلة فالوسوسة أو لطاعة فالإلهام فهو ما يقع من ذلك في القلب ويثلج له الصدر والأصح إنه ليس بحجة من غير المعصوم لأنه لا ثقة بخواطره ثم هي إما ضرورية وهو الخاطر الذي يقع في القلب من غير اختيار مع العجز عن دفعه وهذه معفو عنها في جميع الأمم بنص ({لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلا وُسْعَهَا] [البقرة: 233] وإما اختيارية وهي ضد ذلك فإن كان ذلك الخاطر في ضميره من غير ترجيح لجانب الفعل أو الترك مع قدرته على دفعه فهذه معفو عنها اتفاقًا لهذه الأمة خاصة وأولى منها بالعفو ما يسبقها الهاجس والواجس ومحل العفو عن ذلك حيث لم يقع عزم مصمم على العمل بمقتضى ذلك الخاطر وإلا ففيه خلاف فكثير من الفقهاء والمحدثين رأوا إنه عفو أيضًا بظاهر حديث إن الله يتجاوز لأمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم وقال الباقلاني يؤخذ به فيأثم على تصميمه ويحمل نحو قوله صلى الله عليه وسلم إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة على إن هذا فيمن هم ولم يصمم وقال القاضي عياض عامة السلف وأهل الفقهاء
فأحسن ما يقال ما أدبنا الله تعالى به وأمرنا بقوله.
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول االله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطَانُ أحَدَكمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حتى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فإذا بَلَغَ ذلكَ فَلْيَسْتعِذْ باللهِ وَلْيَنْتَهِ".
ــ
والمحدثين على هذا للأحاديث أي والآيات الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب وقد تظاهرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد واحتقار المسلم وإرادة المكروه وغير ذلك من أعمال القلوب وعزمها المستقر ومعنى المؤاخذة بالعزم المصمم أن نفس العزم سيئة يؤاخذ بها مطلقًا أما السيئة المعزوم عليها فإن عملت كتبت عليه وإن تركها إجلالا لله تعالى أو إجلالًا وخشية كتبت له حسنة إلّا في تركها بذلك غاية المجاهدة لنفسه الأمارة بالسوء وزعم أن تركها ولو حياء من الناس يكتب به حسنة رد بأنه لا وجه له كذا يؤخذ من فتح الإله قوله: (فأحسنُ
مَا يقالُ فيهِ الخ) أي التعوذ الذي أدبنا الله به وأمرنا بقوله في هذا المقام. تموله: (وَرَوَيَنَا في صحيحَي البخارِي ومسلم) قال في السلاح ورواه أبو داود والنسائي ولفظ مسلم والنسائي فليستعذ بالله ولينته اهـ، وظاهره أنَّ ذكر الجلالة من إفراد مسلم عن البخاري. قوله:(يأْتِي الشيطانُ) أي إبليس أو أحد أعوانه. قوله: (فيقولُ) أي في سر ذلك الموسوس له وضميره. شوله: (حتى تقول الخ) أي غاية قوله ينتهي إلى أن يقول له ما يريد أن يوقعه به في الكفر من قوله من خلق ربك. قوله: (فإِذَا بلغَ ذلك) أي فإذا بلغ الإنسان ذلك الخاطر القبيح هو قول من خلق ربك الضمير يعود للإنسان واسم الإشارة للقول المفهوم من يقول. قوله: (فليستعِذ بالله) أي من الشيطان الرجيم الذي أوقعه في قبح هذا المقال فيقول بلسانه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ملتجئًا إلى الله تعالى بسره إن يدفع عنه كيده وشره فإن كيد الشيطان مع اللحظ الإلهي لا أضعف منه قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]. قوله: (ولْينْته) هو من الانتهاء افتعال من النهي أي لينته عن الوقوف مع هذا الخاطر والتفكر فيه وإن الشيطان إنما أوقعه فيه رجاء أن يقف معه ويتمكن في نفسه فيحصل لها شك أو ريب في تنزيه الله عن كل سمة من سمات الحدثان وإن دقت وخفيت فمن تنبه وكف عن الاسترسال مع ذلك الخاطر
وفي رواية في الصحيح قال: "لا يزالُ النَّاسُ
ــ
ويشغل نفسه عنه فقد خلص ومن لا فقد ارتبك ويخشى عليه مزلة القدم والهوى إلى قعر جهنم قال ميرك فإن لم يزل التفكر بالاستعاذة فليقم وليشتغل بأمر آخر اهـ، وهو يومئ إلى أن الواو على بابها وإنه مأمور بكل من الأمرين قال الإمام أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي في كتاب الحجة في بيان المحجة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكف والانتهاء عن المحاججة والمناظرة في شأن الرب عزّ وخل بالعقول واجتناب ما يورث شبهة في القلوب والاستعاذة بالله ليعصمه فلا يتسلط الشيطان عليه فلا يضله اهـ. قال ابن حجر في شرح المشكاة وأمر بذينك دون الاحتجاج والتأمل لأمرين أحدهما إن العلم باستغناء الله عن المدبر والموجد بل عن أدنى افتقار لغيره أمر ضروري لا يقبل الله احتجاجا ولا مناظرة له ولا عليه إنما ذلك شيء يلقيه الشيطان إما ليحجك إن جادلته لأنه مسلط على القلوب بإلقاء الوساوس عليها ليختبر إيمانها، ووساوسه غير متناهية فمتى عارضته بمسلك وجد مسلكًا آخر إلى ما يريده من المغالطة والتشكيك وإما ليضيع وقتك ويكدر عيشك إن استرسلت معه وإن حججته فلا مخلص لك من الأعراض عنه جملة إلّا الالتجاء إلى الله تعالى بالاستعاذة منه كما قال عز قائلا:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200]، ثانيهما إن الغالب في موارد هذا الخاطر ونحوه إنه إنما ينشأ من ركون النفس وعدم اشتغالها بالمهمات المطلوبة منها فهذا لا يزيده فكره في ذلك إلّا الزيغ عن الحق فلا علاج له إلّا الالتجاء لحول الله وقوته والاعتصام من عدوه بمجاهدة نفسه ورياضتها واشتغالها بما لا يبقى فيها مسًّا لخطور غير الله ليزول بلادتها وتصفي عن قبائح كدوراتها قال الخطابي لو أذن صلى الله عليه وسلم في محاجته لكن الجواب سهلًا لكل موحد أي بإثبات البراهين القاطعة على أن لا خالق له تعالى
وإبطال التسلسل ونحوه كاستحضار إن جميع المخلوقات داخلة تحت اسم الخلق فلو جاز إن يقال من جميع الخالق لأدى إلى ما لا يتناهى وهو باطل. قوله: (وفي روايةٍ) هي في الصحيحين كما في المشكاة لكن في السلاح والحصن عزو فليقل آمنت بالله الخ لمسلم فقط وفي تخريج الحافظ ابن حجر بعد سوق سنده إلى هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة ما لفظه أخرجه مسلم
يَتَسَاءلُونَ حتى يُقال: هذا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذلِكَ شَيئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ باللهِ ورُسُلِهِ".
وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي الله عنها،
ــ
وابن ماجة والنسائي ولم يستخرجه البخاري من رواية هشام بن عروة لاختلاف وقع فيه عليه في صحابيه. قوله: (يتساءَلونَ) أي يسأل بعضهم بعضًا عن العلوم والموجودات قيل ويحتمل أن يقع التساؤل بين الشيطان والإنسان أو النفس وظاهر اللفظ يأبى ذلك التساؤل إن يقال هذا خلق الله الخلق الخ. فهذا مبتدأ خبره محذوف أي هذا كله معروف أو مقرر ومسلم وجملة خلق ومعمولاها بيان لما قبلها وهي مرتبة على ما قبلها كما أشرنا إليه ولحتمل أن يكون جملة خلق الله الخ. هي الخبر بتقدير إن الأصل هذا القول خلق الله فحذف القول وأقيم مقامه خلق الله ويجوز أن يكون هذا مفعول يقال وما بعده بيان له والتقدير حتى يقال هذا القول هذا خلق الله الخلق الخ، وهذا القول فيه ركة والأولى من الوجوه أولها أشار إليه في فتح الإله. قوله:(فَمنْ وجدَ مِنْ ذلِكَ القول شيئًا) أي بأن تكلم به أو خطر في ضميره. قوله: (فليقل) أي فورًا من حينه آمنت بالله ورسله متداركًا ذلك القول الذي هو كف ويستفاد منه مع ما قبله ومن خبر ابن السني الآتي بعده استحباب التعوذ والانتهاء عن التفكر وقول آمنت بالله ورسله ثلاثًا وعبر في الحسن بأو ومحل الواو فيما ذكر وظاهره إن المطلوب أحد ذلك وسبق ما فيه.
قوله: (وَرَوَيَنَا في كِتَابِ ابنِ السني الخ) قال الحافظ ابن حجر أخرجه من وجهين مختصرًا وهذا لفظه وهو من رواية عبيد بن واقد القيسي عن ليث وهو ابن أبي سليم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وليث والراوي عنه أضعف منه والمطول قال الحافظ بعد تخريجه عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السموات فيقول الله فيقول من خلق الأرض فيقول الله فيقول من خلق الله فإذا كان ذلك فليقل آمنت بالله وبرسله وزاد أحمد في روايته فإن ذلك يذهب عنه وأخرجه البزار وقال رواه غير واحد عن هشام فقالوا عن أبي هريرة بدل عائشة وكذا قال الدارقطني الصواب رواية من قال عن أبي هريرة قال الحافظ وصحح ابن حبان الطريقين فأخرجه من رواية مروان عن معاوية عن هشام بن عروة موافقا لرواية ابن الضحاك وأخرجه
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَجَدَ مِنْ هذا الوَسْوَاسِ شيئًا فَلْيَقُلْ: آمَنا باللهِ وبرُسُلِهِ ثلاثًا، فإن ذلِكَ يَذْهَبُ عَنه".
وروينا في "صحيح مسلم" عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذلك شَيطانٌ يُقالُ لهُ: خِنْزَب، فإذا أحْسَسْتهُ فَتَعَوَّذْ بالله مِنْهُ واتْفُلْ عَنْ يَسارِكَ ثَلاثًا" ففعلت ذلك فاذهبه الله عني.
قلت: خنزب بخاء معجمة ثم نون ساكنة، ثم زاي مفتوحة ثم باء موحدة، واختلف
ــ
ابن السني من طريق سفيان الثوري عن هشام وكذلك أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق مالك وابن أبي الزناد عن هشام وقيل فيه عن مالك من حديث عبد الله بن عمرو بدل عائشة وهو في الأوسط للطبراني وقيل فيه عروة عن خزيمة بن ثابت وهو عند أحمد من رواية أبي الأسود عن عروة والذي اتفقا عليه في الصحيحين أصح والله أعلم اهـ.
قوله: (وَرَوَيَنَا في صحيح مسلم الخ) ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وذكر الحافظ بعد تخريجه إنه خرجه أحمد أيضًا. قوله: (عنْ عثمانَ بن أَبِي العاص) هو الثقفي الطائفي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وقد ثقيف سنة تسع واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وعلى الطائف وكان أحدث القوم سنًّا وأقره عليها أبو بكر وعمر واستعمله عمر أيضًا على عمان والبحرين روي له فيما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر حديث أخرج مسلم عنه ثلاث أحاديث ولم يخرج عنه البخاري وخرج عنه الأربعة روى عنه ابن المسيب في آخرين نزل البصرة ومات بها في زمن معاوية سنة إحدى وخمسين. قوله: (قَدْ حال) بالحاء المهملة أي جعل بيني وبين كمال الصلاة والقراءة حاجزًا من وسوسته المانعة من تروح العبادة وسرها وهو الخشوع. قوله: (وقراءَتي) أي وحالت بيني وبين قراءتي أي في الصلاة أو مطلقًا. قوله: (ذاكَ) أي الذي يلبس على الناس بينك وبين عبادتك. قولهْ (وأتْفُل) بضم الفاء وتكسر والإشارة به إلى كراهة ما جاء به ونفرته منه رغمًا للشيطان وتبعيدًا له وإنما كان على جهة اليسار لأنه لا يأتي الشيطان إلَّا من جهتها المنسوب إليه المعاصي وكذا يدخل صاحبه في أصحاب الشمال وكان ثلاثًا مبالغة في التنفير والتبعيد والله أعلم. قوله: (ثم زاي مفتوحَةٍ) بدأ في الحرز بحكاية كسر الخاء المعجمة والزاي ثم
العلماء في ضبط الخاء منه، فمنهم من فتحها، ومنهم من كسرها، وهذان مشهوران، ومنهم من ضمها، حكاه ابن الأثير في "نهاية الغريب"، والمعروف: الفتح والكسر.
وروينا في "سنن أبي داود" بإسناد جيد، عن أبي زميل، قال: قلت لابن عباس: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، فقال لي: أشيء من شك؟ وضحك وقال: ما نجا منه أحد حتى أنزل الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا
ــ
قال وفي نسخة بفتح الزاي وفي القاموس الخنزوب بالضم والخنزاب بالكسر الجري على الفجور وخنزب بالفتح شيطان اهـ، والظاهر إن مراده بالفتح فتح الخاء والزاي اهـ، وقال ابن الجزري بكسر الخاء والزاي هذا هو المحفوظ وروي بالضم وهو لقب والخنزب في الأصل قطعة لحم منتنة اهـ. قوله:(منْ فتحها) أي مع فتح الزاي حكاه القاضي عياض وتقدم ظاهر كلام القاموس. قوله: (ومنهمْ مَنْ كَسَرهَا) يحتمل أن يكون مع كسر الزاي أيضًا وتقدم عن ابن الجزري إنه المحفوظ أي رواية ويحتمل أن يكون مع فتحها.
قوله: (وَرَوَيَنا في سُننِ أَبِي دَاوُدَ) قال الحافظ في أواخر كتاب الأدب وهو في آخر كتاب السنن وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير ورجاله موثقون أخرج لهم مسلم لكن في عكرمة مولى ابن عباس فيه مقال والنضر بن محمد الراوي للحديث عن عكرمة له غرائب وهذا المتن شاذ وقد ثبت عن ابن عباس من رواية سعيد بن جبير ومن رواية مجاهد وغيرهما عنه ما شك النبي صلى الله عليه وسلم ولا سأل أخرجه عبد ابن حميد والطبراني وابن أبي حاتم بأسانيد صحيحة وجاء من وجه آخر مرفوعًا من لفظه صلى الله عليه وسلم قال لا أشك ولا أسأل أخرجوه من رواية سعيد ومعمر وغيرهما عن قتادة قال ذكر لنا وفي لفظ بلغنا فذكره
وسنده صحيح اهـ. قوله: (بإسنادٍ جيد) وقال الزركشي في حواشي ابن الصلاح وقع في عبارة بعضهم كالترمذي في الطب من جامعه الجيد ومراده الصحيح اهـ. قوله: (عَنْ أَبِي زَميلَ) بضم الزاي مصغر آخره لام كما قال الحافظ اسمه سماك بن الوليد الحنفي احتج به مسلم كذا في السلاح قال الحافظ في التخريج سماك بكسر المهملة وتخفيف الميم آخره كاف. قوله: (فإنْ كنْتَ في شك الخ) في الكشاف إذا قيل كيف قال لرسول
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
…
} الآية [يونس: 94] فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئًا، فقل: هُوَ الأوَّلُ، والآخِرُ، والظاهِرُ والباطِنُ وَهُوَ بِكُل شَيْء عَلِيم.
وروينا بإسنادنا الصحيح، في رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله؛ عن أحمد بن عطاء الرُّوذَباري السيد الجليل رضي الله عنه، قال: كان لي استقصاء في أمر الطهارة، وضاق صدري ليلة لكثرة ما صببت من الماء ولم يسكن قلبي، فقلت: يا رب عفوك عفوك، فسمعت هاتفًا يقول: العفو في العلم، فزال عني ذلك.
وقال بعض العلماء: يستحب قول: "لا إله إلا اللهُ " لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء، أو في الصلاة أو شبههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكْر خنس، أي تأخر وبَعُدَ، و"لا إله إلا الله" رأس الذِّكْر ولذلك اختار السادة الأجِفَةُ من صفوة هذه الأمة أهلُ تربية السالكين، وتأديب المريدين، قول:"لا إله إلا الله"، لأهل الخلوة، وأمروهم بالمداومة عليها، وقالوا: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذِكْر الله تعالى والإكثار منه.
وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري -بفتح الراء وكسرها- شكوت إلى أبي سليمان الداراني الوسواس،
ــ
الله صلى الله عليه وسلم فإن كنت في شك الآية مع قوله في الكفرة: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [هود: 110] قلت فرق عظيم بين قوله: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [هود: 110] بإثبات الشك لهم على سبيل التأكيد والتحقيق وبين قوله فإن كنت في شك بمعنى الفرض والتمثيل كأنه قيل فإن وقع لك شك مثلًا وجعل الشيطان خيالًا منه تقديرًا أو الغرض وصف الإخبار بالرسوخ في العلم لصحة ما أنزل الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشك اهـ. قوله: (الرُّوذَباري) بضم الراء المهملة وفتح الذال المعجمة بينهما واو ساكنة وبعد الذال موحدة ثم راء مهملة بعد الألف. قوله: (عفوَكَ) أي اعف أو أسألك عفوك. قوله: (وهذَا مَا يُؤيدُ ما قاله بعض الأئمةِ الخ) وسبب ذلك أن الشيطان يقول لمن أيس من إغوائه فتكدر عليه بالوسوسة لعجزه من إغوائه أما من يقدر عليه فلا يقتصر بهم على الوسوسة بل يأتيهم من حيث شاء ويتلاعب بهم كيف أراد.