المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أذكار السعي: - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٤

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأذكار التي تقال في أوقات الشدة وعلى العاهات باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة

- ‌باب ما يقوله إذا راعه شي أو فزع

- ‌باب ما يقول إذا أصابه همّ أو حزن

- ‌باب ما يقوله إذا وقع في هلكة

- ‌باب ما يقول إذا خاف قومًا

- ‌باب ما يقول إذا خاف سلطانًا

- ‌فائدة

- ‌باب ما يقول إذا نظر إلي عدوه

- ‌باب ما يقول إذا عرض له شيطان أو خافه

- ‌باب ما يقول إذا غلبه أمر

- ‌باب ما يقول إذا استصعب عليه أمر

- ‌باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته

- ‌باب ما يقول لدفع الآفات

- ‌باب ما يقول إذا أصابته نكبة قليلة أو كثيرة

- ‌باب ما يقول إذا كان عليه دين عجز عنه

- ‌باب ما يقوله من بَلِيَ بالوحشة

- ‌باب ما يقول من بلي بالوسوسة

- ‌باب ما يقرأ على المعتوه والملدوغ

- ‌باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم

- ‌باب ما يقال على الخرّاج والبثرة ونحوهما

- ‌كتاب أذكار المرض والموت ومما يتعلق بهما

- ‌باب استحباب الإكثار من ذكر الموت

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه

- ‌باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذلك الوصية بمن قرب سبب موته بحدٍّ أو قصاص أو غيرهما

- ‌باب ما يقول من به صداع أو حمى أو غيرهما من الأوجاع

- ‌باب جواز قول المريض أنا شديد الوجع أو موعوك، أو أرى إساءةً ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيء من ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع

- ‌باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوازه إذا خاف فتنة في دينه

- ‌باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف

- ‌باب استحباب تطييب نفس المريض

- ‌باب استحباب دعاء الناس في البلد الشريف

- ‌تنبيه

- ‌باب الثناء على المريض بمحاسن أعمال ونحوها إذا رأى منه خوفه ليذهب خوفه ويحسن الظن ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى

- ‌باب ما جاء في تشهية المريض

- ‌باب طلب العوّاد الدعاء من المريض

- ‌باب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى عليه من التوبة وغيرها

- ‌باب ما يقول من أيس من حياته

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت

- ‌باب ما يقوله من مات له ميت

- ‌باب ما يقوله من بلغه موت صاحبه

- ‌باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام

- ‌باب تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية

- ‌باب التعزية

- ‌فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطواعين في الإسلام:

- ‌باب جوز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي

- ‌باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

- ‌باب أذكار الصلاة على الميت

- ‌باب ما يقوله الماشي مع الجنازة

- ‌باب ما يقوله من مرت به جنازة أو رآها

- ‌باب ما يقوله من يُدخل الميت قبره

- ‌باب ما يقال بعد الدفن

- ‌فصل:

- ‌باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه أو أن يدفن على صفة مخصوصة وفي موضع مخصوص وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل

- ‌باب ما ينفع الميت من قول غيره

- ‌باب النهي عن سب الأموات

- ‌باب ما يقوله زائر القبور

- ‌باب نهي الزائر من رآه يبكي جزعًا عند قبر وأمره إياه بالصبر ونهيه أيضًا عن غير ذلك مما نهى الشرع عنه

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك

- ‌كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة

- ‌باب الأذكار المستحبة يوم الجمعة وليلتها والدعاء

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار المشروعة في العيدين

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌باب الأذكار في العشر الأول من ذي الحجة

- ‌باب الأذكار المشروعة في الكسوف

- ‌فصل:

- ‌باب الأذكار في الاستسقاء

- ‌باب ما يقوله إذا هاجت الريح

- ‌باب ما يقول إذا انقض الكوكب

- ‌باب ترك الإشارة والنظر إلى الكوكب والبرق

- ‌باب ما يقول إذا سمع الرعد

- ‌باب ما يقوله إذا نزل المطر

- ‌باب ما يقوله بعد نزول المطر

- ‌باب ما يقوله إذا كثر المطر وخيف منه الضرر

- ‌باب أذكار صلاة التراويح

- ‌باب أذكار صلاة الحجة

- ‌باب الأذكار صلاة التسبيح

- ‌تنبيه

- ‌تتمة

- ‌باب الأذكار المتعلقة بالزكاة

- ‌فصل

- ‌كتاب أذكار الصيام

- ‌باب ما يقوله إذا رأى الهلال، وما يقول إذا رأى القمر

- ‌باب الأذكار المستحبة في الصوم

- ‌باب ما يقول عند الإفطار

- ‌باب ما يقول إذا أفطر عند قوم

- ‌باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر

- ‌باب الأذكار في الاعتكاف

- ‌كتاب أذكار الحج

- ‌فصل:

- ‌فائدة

- ‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل في أذكار الطواف:

- ‌فصل في الدعاء الملتزم

- ‌فصل في الدعاء في الحِجْر:

- ‌فصل في الدعاء في البيت:

- ‌فصل في أذكار السعي:

- ‌فصل في الأذكار التي يقولها عند خروجه من مكة إلى عرفات

الفصل: ‌فصل في أذكار السعي:

‌فصل في أذكار السعي:

قد تقدم أنه يستجاب الدعاء فيه، والسُّنَّة أن يطيل القيام على الصفا، ويستقبل الكعبة، فيكبِّر ويدعو فيقول: اللهُ أكْبَرُ، الله أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، وللهِ الحَمْدُ، اللهُ أكْبَرُ على ما هَدَانا، والحَمْدُ لِلهِ على ما أوْلانا، لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ، وهُوَ على كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا إلهَ إلَّا اللهُ،

ــ

فصل

قوله: (قدْ تقَدَّمَ أَنهُ يُستجابُ الدُّعاءُ فيهِ) أي في جميع أمكنته من الصفا والمروة وما بينها. قوله: (والسُّنةُ أَنْ يُطيلَ القيَامَ) أي مع رقي الذكر المحقق قدر قامته ولا يلزم من زوال سببه الذي هو رؤية البيت بذلك لعلو الأرض الآن ورؤيته من أسفله عدم استحباب الرقي للرؤية أيضًا كما لا يلزم من زوال سبب الرمل عدم استحبابه. قوله: (فيَستقبِلَ الكَعبةَ) أي لأنها أشرف الجهات وسبق حديث أفضل المجالس ما استقبل به الكعبة والكعبة مأخوذة من كعبته ربعته والكعبة كل بيت مربع كما في القاموس وفي كلامهم إن إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم في الكعبة مربعة ولا ينافيه اختلاف بعد ما بين أركانها لأنه قليل التربيع وهذا أعني أن سبب تسميتها كعبة تربيعها -أوضح من جعل سببها ارتفاعها كما سمي كعب الرجل بذلك لارتفاعها وأصوب من جعله استدارتها إلَّا أن يريد قائله بالاستدارة التربيع مجازًا ويكون أخذ الاستدارة في الكتب سببًا لتسميته لكنه مخالف لكلام أئمة اللغة كذا في التحفة لابن حجر الهيتمي. قوله: (فَقولَ الخ) هو تفسير وبيان لقوله قبله يكبر ويدعو. قوله: (الله أَكَبرُ) أي ثلاث مرات والرابعة الله أكبر على ما هدانا أي لهدايته إيانا وسبق الكلام على ذلك في حديث معاوية السابق أول الكتاب في قوله فيه نكبر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومناسبة التكبير للهداية الإيماء إلى تنزهه تعالى عن سمة كل نقص وغيب ومنه مخالفة وأولانا معناه أعطانا ومناسبة الحمد لذلك ظاهرة فقد وعد من شكر بازدياد الإحسان وأوعد من كفر بعذاب النيران. قوله: (لَا إلَه إلا الله)

ص: 396

أنجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ، لا إلهَ إلا اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إلا إياهُ،

ــ

زاد في الحصن وغيره وحده وعزاه كذلك إلى تخريج مسلم وغيره ممن سيأتي. قوله (أَنجزَ وعدَهُ) أي صدق وعده في إظهار الدين وكون العاقبة للمتقين وغير ذلك من وعده إن الله لا يخلف الميعاد. قوله: (ونصرَ عبدَه) أي الفرد الأكمل وهو الرسول الأفضل فهو من العام المراد به الخاص كقولة تعالى: (أَم يحسُدُونَ الَّناسَ). قوله: (وهزَم الأَحزابَ) أي غلبهم وكسرهم وفي قوله وحده إيماء إلى قوله تعالى: (وَمَا النّصَرُ إِلا من عِندِ اللهِ) ثم الأحزاب جمع حزب والمراد بهم القبائل الذين اجتمعوا على محاربته صلى الله عليه وسلم وتوجهوا إلى المدينة واجتمعوا حولها وتحزبوا يوم الخندق اثني عشر ألفًا سوى ما انضم إليهم من يهود قريظة والنضير فأرسل الله إليهم كما قال ريحًا وجنودًا لم تروها وبهذا يرتبط قوله صلى الله عليه وسلم صدق وعده بتكذيب قول المنافقين الذي حكاه تعالى عنهم بقوله {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلا غُرُورًا} وهذا هو المشهور إذ المراد بالأحزاب أحزاب يوم الخندق وقيل يحتمل أن يكون المراد أحزاب الكفر في جميع الأزمنة والله أعلم، وهذا الذكر

أخرجه الدارمي ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر قال الحافظ بعد تخريجه من طريق الدارمي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن حسين فذكر الحديث الطويل في حجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدًا بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلَّا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك فقال ذلك ثلاث مرات وفعل على المروة ما فعل على الصفا قلت وبنحو اللفظ المذكور خرجه مسلم في صحيحه إلَّا أن إسماعيل بن ابان شيخ الدرامي في الحديث زاد في روايته بعد قوله وله الحمد قوله يحيي

ص: 397

مُخْلِصِينَ لَهُ الذينَ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ، اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ: ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ، وإنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ، وإني أسألُكَ

ــ

ويميت. قوله: (مخْلِصينَ لهُ الدِّينَ) أي بالنية فلا يريد بعبادته أمرًا دنيويًّا من جاء أو إقبال الخلق عليه أو نحو ذلك من الأغراض التي هي من جملة الأعراض أو تخلص له عن الشركاء فلا شريك له في أداء العبودية لهو وفيه الرد على الكفار القائلين ما نعبدهم يعني الأصنام {إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وولعل هذا أنسب بالسياق وبقوله بعده ({وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} والله أعلم. قوله: (اللهُمَّ إِنكَ قلتَ) أي في كتابك الكريم. قوله: (ادْعوني) أي اسألوني وحذف المفعول للتعميم أي مهما شئتم وإن كان يسيرًا وقوله: (أَسْتجِبْ لكُمْ) أي أجب دعوتكم قال الكواشي في تفسيره الكبير ادعوني أي اعبدوني أستجب لكم اثبكم فعبر عن العبادة بالدعاء وعن الإثابة بالاستجابة وقيل المعنى سلوني أعطكم، بعضهم ادعوني على حد الاضطرار بحيث لا يكون لكم مرجع إلى سواي أستجب لكم، محمد بن علي من دعا الله ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والإنابة في أكل الحلال واتباع السنن ومراعاة السر كان دعاؤه مردودًا وأخشى أن يكون جوابه الطرد واللعن، يحيى بن معاذ أدعوني بصدق اللجأ أستجب لكم، سئل سهل عن قوله الدعاء أفضل الأعمال فقال لأن فيه الفقر والفاقة والالتجاء والتضرع وقيل المراد بالدعاء الذكر انتهى ملخصًا، وقال في قوله تعالى:(أجُيبُ دَعْوةَ الدَّاعَ إذَا دَعَان) قيل المعنى خاص وإن كان اللفظ عامًّا أي أجيب دعوة الداعي إن شئت كقوله تعالى: (فَيَكشِفُ مَا تَدعُونَ إليه إِن شَاءَ) وقيل هو عام ومعنى أجيب أسمع ليس في الآية أكثر من تلك الإجابة وقد يجيب السيد عبده ثم لا يعطيه سؤله وقيل إنه يجيب دعاءه فإن قدر له ما سأل أعطاه وإن لم يقدر له ما سأل أدخر له الثواب في الآخرة وكف عنه سوء الدنيا وقيل إن الله تعالى يجيب دعوة المؤمن ويؤخر إعطاءه مراده ليدعو فيسمع صوته ويجيب من لا يحب لأنه يبغض صوته وقيل إن للدعاء أسبابًا وشرائط

ص: 398

كما هَدَيْتَني للإسْلام أن لا تَنْزِعَهُ مِنِّي حتى تَتَوَفاني وأنا مُسْلِمٌ. ثم يدعو بخيرات الدنيا والآخرة، ويكرر هذا الذكْر والدعاء ثلاث مرَّات، ولا يلبي، وإذا وصل إلى المروة رقي عليها وقال الأذكار والدعوات التي قالها على الصفا.

ــ

وهي أسباب الإجابة فمن استكملها كان من أهل الإجابة ومن لا فلا اهـ. قوله: (كَما هدَيتَني للإسلام) أي أولًا. قوله: (فَلا تنْزِعَهُ) بكسر الزاي أي تخلعه. قوله: (مني) والقصد منه الدوام والثبات والكاف يصح أن تكون للتعليل ويكون التوسل إليه تعالى في سؤال فضله بسابق فضله نظير أحد الوجوه السابقة في اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم ويجوز أن يكون للتشبيه أي أسألك إنعامًا بالدوام على الإيمان كالإنعام بالابتداء به

والجامع إن الكل من محض الفضل والكرم والله كريم يستحي أن ينزع السر من أهله. قوله: (تتوَفَّاني) أي تقبض روحي. قوله: (وأَنا مُسِلمُ) أي والحال أني على دين الإسلام مستمر عليه مستقر وهذا الذكر قال في السلاح والحصن رواه مالك موقوفًا على ابن عمرو كذا قال الحافظ بعد تخريجه عن مصعب عن مالك فذكره. قوله: (ثُم يدْعُوَ) أي بعد أن يقدم عليه الصلاة والسلام على سيد الأنام عليه الصلاة والسلام وكأنهم سكتوا عنه للعلم به من استحبابه في الدعاء إذ من آداب الدعاء بدؤه بالثناء على الله سبحانه والصلاة السلام على رسوله صلى الله عليه وسلم وأخرج البيهقي وإسماعيل القاضي وأبو ذر الهروي عن عمر أنه خطب النّاس بمكة فقال إذا قدم الرجل منكم حاجًّا فليطف بالبيت سبعًا وليصلِّ عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسل لنفسك وعلى المروة مثل ذلك قال الحافظ بعد أن أخرجه عن البيهقي بنحو هذا اللفظ هذا موقوف صحيح ولم أر في شيء من الآثار الواردة في السعي التنصيص على الصلاة إلَّا في هذا قلت وقد ظفرت به في حديث عن ابن عمر أيضًا أورده القسطلاني في المسالك وابن حجر الهيتمي في الدر المنضود ولم يذكرا من أخرجه. قوله: (ثلاثَ مراتٍ) قيل لكل من الذكر والدعاء بعده وقيل يأتي بالذكر ثلاثًا والدعاء مرتين بينهما والصحيح الأول

ص: 399

وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول على الصفا: اللهُم اعْصِمْنا بِدِينِكَ وطَوَاعِيتِكَ وطواعِيةِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم، وجَنبْنا حُدُودَكَ، اللهم اجْعَلْنَا نُحِبُّكَ وَنُحِبُّ مَلائِكَتَكَ وأنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ، وَنُحِبُّ عِبَادَكَ الصالِحِينَ، اللهم

ــ

وقد ورد تكرار ذلك عند مسلم ومن ذكر معه في حديث جابر.

قوله: (وَرَوَيْنَا عنِ ابنِ عمَر الخ) أخرجه سعيد بن منصور في السنن عن ابن عمر إنه كان يقول يعني على الصفا لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلَّا الله ولا نعبد إلَّا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية نبيك اللهم جنبني حدودك اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وأنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى اللهم اجعلني من أئمة المتقين ومن ورثة جنات النعيم اللهم اغفر لي خطيئيتي يوم الدين اللهم لا تقدمني لتعذيب ولا تؤخرني لسيئ الفتن اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم إلى آخر الذكر السابق قال الحافظ بعد تخريجه هذا موقوف صحيح قلت قال الطبري في القري أخرج طرفًا منه مالك في الموطأ وأخرجه بكماله ابن المنذر. قوله: (اعْصِمنا بدِينِكَ) أي احفظنا باتباع الشريعة الواردة في كتابك وعلى لسان سيد أحبابك صلى الله عليه وسلم عن سائر المخالفات. قوله: (اجعلنا نُحبُكَ): أي نمتثل أوامرك ونجتنب نواهيك. قوله: (ورُسلَكَ) أتى به بعد الأنبياء الشامل لهم من عطف الخاص على العام لمزيد الاعتناء بشأنهم

والاهتمام ومحبة الرسل بتقديم ما جاؤوا به على ما تهواه النفس وتعظيم من أضيف إليهم من آل وصحب ووارث كالعلماء الاعلام. قوله: (ونُحِبُّ عبادَكَ الضَالحِينَ) أي أرباب الصلاح من المسلمين لوجه الله الكريم ليكون ذلك وسيلة إلى ثواب رب العالمين وما أحسن قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه:

أحب الصالحين ولست منهم

لعلي أن أنال بهم شفاعه

وأكره من بضاعته المعاصي

وإن كنا سواء في البضاعه

وفي الحديث أفضل الحب الحب في الله وأفضل البغض البغض في الله وفي فيهما للتعليل أي الحب الله لكون المحبوب من أرباب الصلاح والبغض لأجله لكون المبغوض بعيدا من

ص: 400

حَبِّبْنا إلَيْكَ وإلى مَلائِكَتِكَ وإلى أنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وإلى عِبادِكَ الصالِحِينَ، اللهم يَسِّرْنا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنا العُسْرَى، واغْفِرْ لنا في الآخِرَةِ والأولى، واجْعَلْنا مِنْ أئمَّةِ المُتَّقِينَ. ويقول في ذهابه ورجوعه بين الصفا والمروة: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عمَّا تَعْلَمْ إنَّكَ أنْتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ، اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذَابَ النَّارِ.

ــ

أسباب الفلاح قوله: (حَببنا إِليَكَ) محبة الله للعبد قيل هي إرادته الخير به وهدايته وإنعامه عليه ورحمته وقيل تيسر ذلك له فعلى الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة فعل وتقدم بسط الكلام فيه أول الكتاب في الخطبة، وحب الملائكة يحتمل أن يكون استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم ويحتمل أن يكون على ظاهره المعروف من المخلوقين وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه أشار إليه المصنف في شرح مسلم كأنه أومأ بهذا الذكر إلى الحديث الصحيح في مسلم إذا أحب الله عبدًا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. قوله:(يسِّرْنا لليُسْرى) هي الحالة الحسنة أي في الدنيا والآخرة قال الكواشي في التبصرة سميت باليسرى لأنها تؤدي إلى اليسر ورحمة الله تعالى وقيل المراد للطريقة اليسرى وهي العمل بطاعة الله تعالى بأن يعينه عليها. قوله: (وجَنبنا الْعُسرَى) قيل هي النار وقيل الشر وعبر في النهر بقوله هي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة قال الكواشي وسميت العسرى لأنها تؤدي إلى العسر وغضب الله. قوله: (من أَئمةِ المُتقِينَ) أي ممن يقتدى به أرباب التقوى وفيه وإيماء إلى قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} قال الكواشي زعم بعضهم أن في هذه الآية دليلًا على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها اهـ. قوله: (ويَقول في ذَهابهِ ورُجوعِه) أسند الحافظ من طرق بعضها عن الطبراني في كتاب الدعاء بسنده إلى ابن مسعود إنه نزل من الصفا فمشى إلى الوادي فسعى فجعل يقول رب اغفر وارحم انك أنت الأعز الأكرم قال وفي رواية للأعمش عن ابن مسعود أيضًا إذا أتيت بطن المسيل فقل فذكر مثله ثم قال الحافظ هذا موقوف صحيح الإسناد وقد جاء مرفوعًا من وجه آخر عن ابن مسعود ثم أخرجه من طريق الطبراني عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله

ص: 401

ومن الأدعية المختارة في السعي وفي كل مكان: "اللهُم يا مُقَلِّبَ

ــ

صلى الله عليه وسلم كان إذا سعى قال في بطن المسيل اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم وقال بعد تخريجه هذا حديث غريب وسنده ضعيف لضعف ليث يعني ابن أبي سليم وتدليسه وعدم سماع شيخه أبي إسحاق عن علقمة وقد خالفه سفيان الثوري وقال عن أبي إسحاق عن ابن عمر موقوفًا قال الحافظ وهذا أولى أخرجه عبد الرزاق عن الثوري وأخرجه أيضًا من طريق مجاهد عن ابن عمر وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة عن طريق العلاء بن المسيب عن أبيه قال كان عمر رضي الله عنه إذا مر بالوادي بين الصفا والمروة يسعى حتى يجاوزه ويقول رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم اهـ، وفي

القري للمحب الطبري رفع هذا الذكر من حديث أم سلمة ولفظها كان صلى الله عليه وسلم يقول في سعيه رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم ومن حديث امرأة من بني نوفل كان صلى الله عليه وسلم يقول بين الصفا والمروة رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم وقال أخرجهما الملا في سيرته وعزا ابن حجر الهيتمي الخبر المرفوع إلى تخريج الطبراني والبيهقي وغيرهما وعزا تخريج حديث عبد الله بن مسعود الموقوف عليه من طريقين إلى تخريج سعيد بن منصور اهـ. قال الحافظ لم أر في شيء من هذه الطرق الزيادة التي ذكرها الشيخ ولا الأئمة اهـ، والظاهر أن مراده بالزيادة قوله "وتجاوز عما تعلم إنك" فإن الوارد وأنت الأعز الأكرم على أن وتجاوز عما تعلم قد ورد لكن في أذكار الطواف كما سبق بيانه ثم رأيت الحافظ صرح بالمراد وإنه وجد ذلك أي "وتجاوز عما تعلم" في كلام الشافعي في أذكار الطواف وساق سنده إليه ثم قال فكأن الشيخ نقلها من هنا لما ورد أكثرها فيما بين الصفا والمروة والعلم عند الله اهـ، وهو ما أشرت إليه فلله الحمد وقد ذكر في مختصر التفقيه أن ذلك قد جاء عن عبد الله بن السائب مرفوعًا ولعل وجه إيراد الشيخ للآية أنها دعاء جامع وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن في خصوص هذا المكان فكان الدعاء بها لكونها مأثورة عنه صلى الله عليه وسلم أولى وقد ورد أن أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا الخ. رواه مسلم وكان أنس يدعو بها ثم يدعو بعد بما شاء رواه مسلم والله أعلم. قوله:(ومنَ الأَدعِيةِ المخْتارَةِ) أي لكونها واردة عنه صلى الله عليه وسلم وهي من جوامع الكلم ففيها جوالخ الخير. قوله: (يا مُقلِّبَ

ص: 402

القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبي على دِينِكَ".

"اللهم إني أسألُكَ مُوجِباتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ والسلامَةَ مِنْ كُل إثمٍ، والفَوْزَ بالجَنةِ، والنجاةَ مِنَ النَّارِ".

"اللهُم إني أسألُكَ الهُدَى والتُّقى والعَفَافَ والغِنَى".

ــ

القلُوب) أي إلى ما سبق به قدره من السعادة والشقاوة وفي الحديث الصحيح قلب المؤمن بين أصبعين من أصَابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وما أحسن قول بعضهم:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه

ولا القلب إلَّا أنه يتقلب

قوله: (ثَبِّتْ قَلبي عَلَى دِينِكَ) هذا منه صلى الله عليه وسلم إما تواضعًا وأداءً لمقام العبودية حقها أو تشريعا لأمته وهذا الذكر رواه الترمذي عن أم سلمة وقال حديث حسن رواه النسائي عن عائشة والحاكم عن جابر وأحمد عن أم سلمة أيضًا وأبو يعلى عن جابر أيضًا وفي رواية في الصحيحِ كان يقول يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك. قوله: (اللهم إِني أَسألُكَ مُوجِبَاتِ رَحمتِك الخ) سبق الكلام عليه في جملة حديث في باب صلاة الحاجة. قوله: (اللَّهم إِني أَسألُكَ -إلى قوله- والغِنى) رواه مسلم والترمذي وابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعًا كما في الجامع الصغير قال الدميري قال الطيبي معنى.

قوله: (الهُدَى) الهداية إلى الصراط المستقيم وهو (صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم). قوله: (والتُّقى) يعني به الخوف من الله تعالى والحذر من مخالفته ويعني (بالعَفاف) الصيانة من مطامع الدنيا (وبالغِنَى) غنى النفس وقال الثوري العفاف والعفة التنزه عما لا يباح والكف عنه قلت يقال عف عن الحرام عفافًا وهو حينئذ تخصيص بعد تعميم والغنى هنا غنى النفس والاستغناء عن النّاس وعما في أيديهم اهـ، وقال الطيبي أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكل ما يجب أن يتقي منه من الشرك والمعاصي ورذائل الأخلاق وطلب العفاف والغنى تخصيص بعد تعميم ونقل عن أبي الفتوح النيسابوري أنه قال العفاف إصلاح النفس والقلب فهو تخصيص بعد تعميم أيضًا اهـ. قال في الحرز والأظهر أن يراد بالعفاف التعفف عن السؤال وعدم التكفف بلسان الحال كما أشار إليه بقوله تعالى:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أي أصلًا لا بلسان الحال ولا ببيان المقال وقال زين العرب الهدى هو الرشاد والدلالة والعفاف هنا قيل الكفاف والغنى غنى النفس.

ص: 403

" اللَّهُمَّ أعِني على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ".

"اللهم إني أسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لَمْ أعْلَمْ، وأعُوذُ بكَ مِنَ الشَر كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لَمْ أعْلَمْ، وأسألُكَ الجَنَّةَ وما قَرَّبَ إلَيْها مِنْ قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وما قرَّبَ إلَيْها مِنْ قَولٍ أوْ عَمَلٍ".

ولو قرأ القرآن كان أفضل. وينبغي أن يجمع بين هذه الأذكار والدعوات والقرآن، فإن

أراد الاقتصار أتى بالمهم.

ــ

قوله: (اللهم أَعِنِّي عَلَى ذِكرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادَتِكَ) سبق الكلام على سنده وما يتعلق به في باب الأذكار بعد الصلاة في حديث معاذ رضي الله عنه. قوله: (اللهم إِني أَسأَلُكَ منَ الخَيرِ كلِّهِ الخ) هو جملة حديث عند الإِمام أحمد والترمذي وغيرهما مما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في باب جامع الدعاء. قوله: (منَ الخَيرِ كلِّهِ) بالجر على أنه تأكيد للخير وبالنصب على أنه مفعول ثاني لأسألك قال في الحرز والأظهر أنه تأكيد لموضع الجار والمجرور لا سيما ومن زائدة لإرادة الاستغراق وإلَّا فيصير التقدير أسألك كل الخير من الخير اهـ، وما ذكره من كون من زائدة يأباه مذهب الجمهور فقد شرط لزيادتها أن يتقدم نفي أو شبهه عليها وتأخر نكرة عنها فالأوجه أنها تبعيضية وأن النصب للاتباع للجار والمجرور باعتبار محله إذ هو في موضع المفعول والله أعلم. فكأن التقدير أسألك كل الخير لأن المبدل منه في حكم المطروح والمتروك. قوله:(قَرّبَ) بتشديد الراء أي قربني إليها. قوله: (منْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ) أو فيه للتنويع وسواء كان العمل بالظاهر أو كان بالقلب والسرائر. قوله: (ولوْ قرأَ القرآنَ كانَ أَفضَلَ) أي من غير الذكر ألوارد فيه نظير ما قدمه في الطواف ومنه ما قدمه رب اغفر وارحم الخ. لأن الطبراني والبيهقي وغيرهما أخرجوه لكن بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سعى بين الميل قال اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر موقوفًا عليه باللفظ الذي ذكره المصنف إلى قوله الأعز الأكرم أما الذكر الوارد فهل هو أفضل من القراءة أو مساوٍ لها قضية التشبيه بالطواف الأول وقضية كلام المجموع الثاني

ص: 404