الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى بني حارثة ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه، وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئًا، فذكرتَ ذلك لأبي، فقال: لو
شعَرت أنك تَلْقَى هذا لم أُرْسِلْكَ، ولكن إذا سمعت صوتًا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الشيْطانَ إذا نُودِيَ بالصلاةِ أدْبَرَ".
باب ما يقول إذا غلبه أمر
روينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المُؤمِنُ القَويُّ خَيْرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ تعالى منَ المُؤمِنِ الضعِيفِ، وفي كُل
ــ
وكذا هو في السلاح وهو الصواب وفي بعضها بالتكبير وهو تابعي اسمه ذكوان صدوق تغير حفظه بآخره روي له البخاري مقرونًا وتعليقًا مات في خلافة المنصور كذا في التقريب للحافظ ابن حجر. قوله: (إِلى بَنِي حارِثةَ) هو بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة وهو حارثة بن حارث الخزرج بطن من الأنصار. قوله: (الحَائِطِ) هو البستان من النخل إذا كان عليه حائط أي جدار وجمعه حوائط كذا في النهاية.
قوله: (لوْ شعَرْتُ) بفتح العين من باب نصر أي لو وقع ذلك في إداركي وبالي. قوله: (فَنادِ بالصلاةِ) أي فأت بالألفاظ المشروعة للنداء بها وهي كلمات الأذان وسبق في باب فضيلة الأذان الحكمة في إدبار الشيطان عند سماع الأذان.
باب ما يقول إذا غلبه أمر
قوله: (رَوَيْنَا في صَحيحِ مُسلِم) ورواه النسائي وابن ماجة كما في السلاح وابن السني كما في الحصين كلهم من حديث أبي هريرة وزاد الحافظ فيمن خرجه فذكر ابن أبي شيبة وأبا عوانة وأخرجه الحافظ من طريق آخر قال وفيه خير وأفضل وأحب وليس عنده واستعذ بالله وقال في روايته فإن غلبك أمر وقال فيها وما شاء صنع واللو فإن اللو والباقي سواء ثم قال الحافظ بعد تخريجه أخرجه أحمد والنسائي في الكبري وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى. قوله: (المُؤمنِ القَويُّ) أي المؤمن الكامل الإيمان أي القوي البدن
خَيْر، احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بالله ولا تَعْجِزَنَّ، وإنْ أصابَكَ شَيء فَلا تَقُلْ: لو أني فَعَلْتُ كانَ كذَا وكذَا،
ــ
والنفس الماضي للعزيمة الذي يصلح للقيام بوظائف العبادات من الصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما يصيبه في ذلك وغير ذلك مما يقوم به الدين وينتهض به كلمة المسلمين (خير وأَحَب) أي فهذا هو الأفضل الأكمل أما من لم يكن كذلك من المؤمنين ففيه خير من حيث كونه مؤمنًا قائمًا بالصلاة مكثرًا لسواد المؤمنين ولذا قال صلى الله عليه وسلم وفي كل خير أي في كل من القوي والضعيف خير لكن فات الأخير من المقام الأفخر حظ كبير. قوله: (أحرصْ عَلَى مَا يَنفعُكَ الخ) احرص بكسر الراء ويعجز بكسر الجيم وحكي فتحها والمراد استعمل الحرص والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به من أمر دنياك وصيانة عيالك ومكارم أخلاقك ولا تفرط في طلب ذلك ولا تتأخر عنه متكلًا على القدر فتنسب للتقصير وتلام على التفريط شرعًا وعادة ومع أنها الاجتهاد نهايته وإبلاغ الحرص غايته فلا بد من الاستعانة بالله والتوكل عليه والالتجاء في سائر الأمور إليه فمن سلك هذين الطريقين حصل على خير الدنيا والآخرة كذا في المفهم للقرطبي ثم هو في نسخ الأذكار بنون التوكيد المشددة من قوله ولا يعجزن وفي نسخة المصنف في شرحه بحذفها وكذا هو في المفهم. قوله: (وإنْ أَصَاببكَ شَيْءٌ فلا تقُلْ لوْ أَنِّي فعلْتُ كذَا كانَ كذَا وكذَا) يعني إن الذي يتعين بعد وقوع المقدور التسليم لأمر الله تعالى والرضا بما قدره والأعراض عن الالتفات لما مضى وفات فإن افتكر فيما فاته من ذلك قال لو أني فعلت كذا جاءته الوساوس من الشيطان ولا يزال به حتى يفضي به إلى الحيران لتعارض توهم التدبير سابق المقادير وهذا هو عمل الشيطان الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم وقال فإن لو تفتح عمل
الشيطان قال القاضي عياض قال بعض العلماء هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا وإنه لو فعل ذلك لم يفقه قطعًا فأما من أسند ذلك إلى مشيئة الله تعالى وأنه لن يصيبه إلّا ما شاء الله تعالى فليس من هذا واستدل بقول الصديق في الغار لو إن أحدهم رفع رأسه لرآنا قال القاضي وهذا لا حجة فيه لأنه إنما أخبر عن مستقبل وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه كذا جميع ما ذكره البخاري في باب ما يجوز من اللو فكله مستقبل لا اعتراض فيه على أحد فلا كراهة فيه
ولَكِنْ قُلْ: قدرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ فإنَّ "لَوْ" تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ".
وروينا في سنن أبي داود، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضى عليه لما أدبر:
ــ
لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع وعما هو في قدرته فأما ما ذهب فليس في قدرته قال القاضي والذي عندي في هذا الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه لكن نهى تنزيه لما يدل عليه قوله فإن لو تفتح عمل الشيطان أي يلقى في القلب معارضة القدر ويوسوس به الشيطان وقال المصنف في شرح مسلم الظاهر أن النهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم وأما من قال تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى وما هو متعذر عليه من نحو ذلك فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث اهـ. وفيه باب الاستثناء في اليمين كل ما يكون من لو ولولا مما يخبر به الإنسان عن قلة امتناعه من فعله مما يكون فعله في قدرته فلا كراهة فيه لأنه أخبار حقيقة عن شيء بسبب شيء أو حصول شيء لامتناع شيء وتأتي لولا غالبًا لبيان السبب الموجب أو المنافي فلا كراهة في كل ما كان من هذا إلّا أن يكون كاذبا في ذلك كقول المنافقين: ({قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ)} [آل عمران: 167]، والله أعلم. قوله:(ولكِنْ قُلْ قدَّرَ الله) ضبط بالإضافة إلى الله على إنه جملة اسمية أي هذا قدر الله، ويؤيده إنه روي بقدر الله وضبط برفع الجلالة على إن الجملة فعلية. قال في الحرز وهو الأصح الملائم لقوله وما شاء فعل والقدر بفتح الدال عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور. قوله:(وَرَوَيَنَا في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ الخ) كذا اقتصر على عزوه إلى أبي داود في الجامع الصغير قال في السلاح رواه أبو داود والنسائي زاد في الحصين وابن السني كلهم عن عوف، وقال الحافظ بعد تخريجه عن سيف الشامي عن عوف بن مالك قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين فقال المقضى عليه: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [آل عمران: 173]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم علي بالرجل يعني نجا فقال إن الله يحمد على الكيس ويلوم على العجز فإن غلبك الشيء أو قال الأمر فقل: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ]، ثم قال بعد تخريجه هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي وفي سنده سيف الشامي وثقه العجلي وما